- نقائص عديدة تشوب مرسوم الأحزاب ومبادرة تشريعية لمراجعته
- هناك تعطيل للثورة التشريعية
- إعداد مقترح قانون جديد لإصلاح الإدارة
قالت النائبة بلجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، فاطمة المسدي، إنها أعدت مبادرة تشريعية تتعلق بتنقيح المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، وأضافت في تصريح لـ«الصباح» أن هذا المرسوم في حاجة إلى المراجعة مثله مثل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات.
وبينت أنه يوجد أمام لجنتها مقترح قانون يتعلق بتنظيم الجمعيات تم إيداعه منذ سنة 2023 وتمت مناقشته طويلا، ولكن لم يقع المرور للتصويت عليه بما يتيح عرضه على جلسة عامة، وذلك لأن هناك من النواب من يريد انتظار رئاسة الجمهورية لكي تقدم مشروع قانون في الغرض، وهناك من يرغب في توسيع مجال التشاور والاستماع إلى منظمات المجتمع المدني. وأضافت أنه على ما يبدو هناك لوبيات جمعيات داخل المجلس النيابي تسعى إلى تعطيل تمرير المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم الجمعيات إلى الجلسة العامة. وذكرت المسدي أنه أمام تعطيل تمرير مقترح القانون المذكور رأت أنه من الأفضل عدم إيداع مقترح القانون المتعلق بمراجعة مرسوم الأحزاب الذي انتهت من إعداده في الوقت الراهن وذلك إلى حين استكمال النظر في مقترح القانون المتعلق بالجمعيات.
وقالت النائبة بلجنة الحقوق والحريات فاطمة المسدي يوجد داخل المجلس النيابي تعطيل لمبادرات النواب، إذ تمت إحالة أغلب مقترحات القوانين للجنة وحيدة وهي لجنة التشريع العام وبهذه الكيفية تم إغراقها وهو ما سيحول دون القيام بثورة تشريعية حقيقية، ونفس الشيء بالنسبة إلى الحكومة فإنها عندما لا تقدم مشاريع قوانين ينتظرها نواب الشعب فلا يمكن بهذه الكيفية تحقيق الثورة التشريعية. وخلصت إلى أنه يوجد تعطيل للثورة التشريعية.
وفسرت المسدي أن الحكومة على سبيل الذكر تعلم جيدا أن مرسوم الأحزاب يشكو من العديد من النقائص وهو ما أشارت إليه رئيسة الحكومة نفسها في الإجابة عن سؤال كتابي، وأضافت أن السؤال المطروح هو لماذا لم تبادر الحكومة بتقديم مشروع قانون جديد يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية حتى يتم من خلاله تلافي الثغرات الموجودة في المرسوم الصادر سنة 2011؟ ولماذا تنتظر الحكومة من النواب أن يقدموا مقترح قانون في الغرض والحال أن المبادرات التي يتم تقديمها من قبل النواب يقع تعطيل تمريرها.
مبادرات معطلة
وعن رأيها في ما جاء في إجابة رئيسة الحكومة عن سؤالها الكتابي حول طلب تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزب حركة النهضة وحزب التحرير، قالت النائبة فاطمة المسدي إن الإجابة كانت عامة جدا ولم تقع الإشارة فيها بشكل صريح لتورط حزب حركة النهضة في الإرهاب والتسفير ولجرائم حزب التحرير، كما تعرضت رئيسة الحكومة إلى النقائص العديدة التي يشكو منها مرسوم الأحزاب كما لو أنها تريد من خلال ذلك توجيه دعوة بشكل غير مباشر لنواب الشعب لكي يبادروا بتقديم مبادرة تشريعية لتنقيح هذا المرسوم والحال أن أغلب مبادرات النواب معطلة.
ويذكر في هذا السياق أن رئيسة الحكومة سارة الزعفراني بينت في ردها على سؤال النائبة فاطمة المسدي الكتابي حول تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزبي حركة النهضة والتحرير أنه جدير بالإشارة في سياق هذا السؤال، أن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، أفرز على المستوى العملي عديد النقائص من أهمها ضعف مستوى الإفصاح المالي لدى الجهات الرقابية من ذلك عدم إلزام الأحزاب بإرفاق التقارير السنوية المقدمة لمحكمة المحاسبات بقوائمها المالية، وكيفية تعهد اللجنة المكلفة بفحص تقارير مراجع الحسابات والمصادقة على القوائم المالية، ومحدودية الإجراءات المتعلقة بنشر القوائم المالية وتقارير الحسابات، وعدم إلزام الأحزاب بإعلام الجهات المعنية بعقد مؤتمراتها الانتخابية وهوية أعضاء هياكلها المسيرة.
وأضافت رئيسة الحكومة أن طول الإجراءات العقابية وتطبيق نظامها التدريجي بداية بالتنبيه، ثم الإذن بتعليق النشاط، وأخيرا حل الحزب يقتضي صدور حكم قضائي بخصوص جميع المخالفات المرتكبة دون تمييز بين طبيعتها ومدى خطورتها وهو ما نتج عنه الحد من تطبيق مبدأ الشفافية المالية وإنفاذ القانون قصد التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب..
ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها كشف الثغرات الموجودة على مستوى مرسوم الأحزاب، فقد سبق أن تمت إثارة هذا الموضوع صلب لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، واعتبرت هذه اللجنة منذ اجتماعها الأول المنعقد بتاريخ 7 جوان 2023 برئاسة النائبة هالة جاب الله أن مراجعة مرسوم الأحزاب ستكون في صدارة أولوياتها التشريعية، ونفس الشيء بالنسبة إلى مرسوم الجمعيات، وفي هذا السياق تولت اللجنة لاحقا وتحديدا بداية من يوم 28 فيفري 2024 النظر في مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات تضمن 26 فصلا وتم تقديمه يوم 10 أكتوبر 2023 من قبل النواب فاطمة المسدي ومحمد زياد الماهر وبسمة الهمامي وعبد الحليم بوسمة ومنير الكموني وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وأيمن المرعوي ومحمد بين حسين إضافة إلى النائب الراحل سامي السيد.
واستمعت لجنة الحقوق والحريات في بداية الأمر إلى جهة المبادرة ثم قطعت بعدها شوطا كبيرا في دراسة مقترح القانون المعروض على أنظارها، وعقدت جلسات استماع إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية وممثلين عن وزارة المالية وممثلين عن المجلس البنكي والمالي وممثلين عن هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية وممثلين عن البنك المركزي التونسي ولجنة التحاليل المالية وممثلين عن محكمة المحاسبات إضافة إلى استماعها إلى خبير في القانون الدستوري، ويذكر أن هذا المقترح مازال أمام أنظارها إلى اليوم. فبعد تجديد تركيبة لجنة الحقوق والحريات في بداية الدورة النيابية الحالية وانتخاب النائب محمد علي رئيسا لها، قررت اللجنة توسيع دائرة التشاور بشأن مقترح القانون المذكور، أما بالنسبة إلى مرسوم الأحزاب فلم يرد عليها إلى حد الآن أي مشروع قانون في الغرض أو مبادرة تشريعية لمراجعته رغم وقوف الوظيفتين التنفيذية والتشريعية على حد السواء على نقائصه خاصة في علاقة بشفافية التمويل.
اللجوء إلى القضاء
وتعقيبا على نفس السؤال الذي طرحته النائبة فاطمة المسدي حول الأفعال المنسوبة لحزبي حركة النهضة والتحرير ومنها ما يشكل جرائم ذات صبغة إرهابية على غرار تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والارتباط بتنظيمات إرهابية دولية وأفعال أخرى تتعلق بمخالفة مبادئ الدولة المدنية من خلال الرفض العلني لقيم الجمهورية والديمقراطية وعلوية الدستور وعدم احترام الشفافية المالية، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني إلى أنه في علاقة بالأفعال التي قد تشكل جرائم إرهابية والجرائم المرتبطة بها، فإن الجهات المعنية تقوم برصد هذه الجرائم ومعاينتها وإثارة الدعوى بشأنها وتتبع مرتكبيها سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو ذوات معنوية وذلك وفق القانون عدد 26 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وخاصة الفصول 38 و41 و107 و115 و125 و129 منه، وذكرت أن هذا القانون أوكل للقاضي المتعهد بالنظر في هذه الجرائم إمكانية حل الذات المعنوية كما تم تعريفها بالفصلين 3 و99 في الصور المنصوص عليها بالفصلين 7 و144 مكرر من ذات القانون.
مدنية الدولة
أما بخصوص الأفعال المتعلقة بعدم احترام الالتزامات المحمولة على الأحزاب السياسية مثلما تم ضبطها بالدستور والمرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وخاصة الفصلين الثالث والرابع منه، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني، إلى أنه بالنسبة إلى ضرورة احترام الأحزاب لمبادئ الجمهورية وعلوية القانون والديمقراطية، فقد بادرت المصالح المعنية برئاسة الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد حزب التحرير في تونس وذلك لارتكابه عديد المخالفات على معنى المرسوم سالف الذكر، ومنها خاصة عدم احترامه لعلوية القانون وعدم اعترافه بالنظام الجمهوري وبمدنية الدولة ودعواته المتكررة لإقامة دولة الخلافة وغيرها، حيث تم على أساس الفصل 28 من المرسوم التنبيه عليه بضرورة إزالة المخالفات المنسوبة له، كما تم خلال سنتي 2016 و2017 استصدار إذنين قضائيين بتعليق نشاطه عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة. وقام هذا الحزب حسب قولها بالطعن في هذين الإذنين القضائيين وقد تم قبول طعنه على مستوى محكمة التعقيب التي أصدرت خلال سنة 2019 حكمين يقضيان بالنقض والإحالة. وبينت الزعفراني أنه تم نشر القضيتين المذكورتين مجددا أمام محكمة الاستئناف بتونس وهما حاليا في طور المرافعة. وأضافت أن مصالح رئاسة الحكومة تنتظر صدور حكم بات بتعليق النشاط في إحدى القضيتين المرفوعتين في الوقت الحالي للشروع في إجراءات حل حزب التحرير وذلك عملا بأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 28 من المرسوم التي تقتضي أن يتم الحل بحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من رئيس الحكومة وذلك عند تمادي الحزب في ارتكاب المخالفة رغم التنبيه عليه وتعليق نشاطه واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق..
حل أحزاب
وفي ما يتعلق بواجب احترام الشفافية من قبل الأحزاب السياسية، أشارت رئيسة الحكومة في نفس المراسلة التي وجهتها إلى مجلس نواب الشعب للإجابة على سؤال النائبة فاطمة المسدي إلى أنه بالنسبة إلى واجب احترام الشفافية المالية، فإن الإدارة العامة للعلاقة مع المجتمع المدني تتولى متابعة احترام الأحزاب السياسية لهذا الواجب خاصة من خلال أحكام الفصلين 26 و27 من المرسوم والمتعلقين بضرورة رفع تقارير مراقبة حساباتها السنوية إلى رئاسة الحكومة وتقرير سنوي يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويل الحزب ونفقاته إلى محكمة المحاسبات وتقوم لهذا الغرض بجملة من الإجراءات.
وتتمثل هذه الإجراءات حسب قولها، في التنبيه على جميع الأحزاب التي خالفت هذا الواجب بضرورة تقديم جميع التقارير المالية المستوجبة، كما تقوم بالتنسيق مع مصالح المكلف العام بنزاعات الدولة لطلب تعليق نشاط الأحزاب التي لم تلتزم بذلك رغم التنبيه عليها ثم حلها في صورة تماديها في المخالفة عملا بأحكام الفصل 28 من نفس المرسوم. وأفادت رئيسة الحكومة أنه تم إلى حد الآن استصدار 154 إذنا بتعليق نشاط و50 حكما ابتدائيا بحل أحزاب سياسية.
كما تتمثل بقية الإجراءات في التنسيق مع محكمة المحاسبات بخصوص الأحزاب التي قامت بإيداع تقاريرها السنوية لدى هذه المحكمة، والتثبت في استيفاء تقارير مراجعة الحسابات المقدمة للشروط القانونية شكلا ومضمونا من حيث إعداد التقارير من قبل مراقب الحسابات مرسم بجدول هيئة الخبراء المحاسبين أو بجدول مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية، والتثبت من احتواء التقارير على الرأي الصريح لمراجع الحسابات بخصوص القوائم المالية واعتماد معايير المحاسبة المتعلق بالجمعيات والأحزاب المنصوص عليه بقرار وزير المالية المؤرخ في 13 فيفري 2018.
مصادر التمويل
وفي ما يخص متابعة مقتضيات المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية ذات الصلة بمصادر تمويل الأحزاب، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني إلى أن الإدارة تلقت ما يفيد فتح أبحاث أمنية حول شبهة حصول حزب حركة النهضة على تمويلات محجرة على معنى الفصلين 19 و20 من هذا المرسوم، وهي بصدد التنسيق مع المصالح المعنية بوزارة العدل للحصول على أحكام قضائية باتة في هذا الشأن صادرة على معنى الفصلين 29 و30 من نفس المرسوم وهما فصلان يقرّان عقوبات جزائية بخصوص الأشخاص والأحزاب والمتورطة في هذه المخالفات وذلك حتى تتمكن مصالح رئاسة الحكومة من الشروع في تطبيق الإجراءات العقابية التي يقتضيها الفصل 28 سالف الذكر.
تطبيق القانون بحزم
وكانت النائبة فاطمة المسدي قد توجهت منذ 30 أفريل 2025 إلى رئيسة الحكومة بطلب تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزب حركة النهضة وحزب التحرير. وجاء في سؤالها الكتابي أنه عملا بأحكام الفصلين 3 و35 من الدستور وبالرجوع إلى القانون عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية فإنها تطلب فتح إجراءات قانونية وإدارية تهدف إلى حل حزب حركة النهضة وحزب التحرير وذلك استنادا إلى ما يلي: تورط حركة النهضة في المساس بالأمن القومي، وجود ملفات منشورة أمام القضاء تتعلق بشبهات التورط في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والارتباط بتنظيمات إرهابية دولية، استغلال الغطاء الحزبي لتخريب أجهزة الدولة والتغلغل داخل مفاصل الإدارة خدمة لأجندات غير وطنية، عدم احترام قواعد الشفافية والتمويل في الحياة الحزبية، مخالفة حزب التحرير لمبادئ الدولة المدنية، رفض حزب التحرير العلني لقيم الجمهورية والديمقراطية وعلوية الدستور ودعوته إلى إقامة الخلافة وإلغاء النظام الجمهوري، خطاب تحريضي يتناقض مع أحكام الفصل الأول من الدستور ويهدد وحدة الدولة والمصلحة العليا للبلاد.
وأضافت المسدي أن الوطن يمر بمرحلة دقيقة تستوجب الحزم في تطبيق القانون وحماية النظام العام من كل المشاريع الهدامة أو المعادية لمؤسسات الدولة، وبينت أنه نظرا لما يتيحه الإطار القانوني من إمكانية تقديم طلب حل الأحزاب المخالفة ويتم تقديم الطلب عبر رئاسة الحكومة إلى المحكمة المختصة، فهي تتوجه بالسؤال إلى رئيسة الحكومة لماذا لم يقع فتح ملفات المتابعة القانونية والإدارية ضد حزبي حركة النهضة والتحرير؟ ولماذا لم تقع مراسلة المكلف العام بنزاعات الدولة لإثارة الدعوى أمام المحكمة المختصة؟ ولماذا لم يقع تفعيل الرقابة على مصادر التمويل والتحركات السياسية غير القانونية لهذين الحزبين؟
مبادرة لإصلاح الإدارة
وفي انتظار إيداع مقترح القانون المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية الذي تولت إعداده لتلافي الثغرات الموجودة في المرسوم المنظم للأحزاب الصادر منذ سنة 2011، قالت النائبة فاطمة المسدي إنها ستقدم في غضون الأيام القادمة مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بإصلاح الإدارة، ولم تخف المسدي انزعاجها من تعطل تمرير المبادرات التشريعية التي يتم اقتراحها من قبل أعضاء مجلس نواب الشعب.
سعيدة بوهلال
- نقائص عديدة تشوب مرسوم الأحزاب ومبادرة تشريعية لمراجعته
- هناك تعطيل للثورة التشريعية
- إعداد مقترح قانون جديد لإصلاح الإدارة
قالت النائبة بلجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، فاطمة المسدي، إنها أعدت مبادرة تشريعية تتعلق بتنقيح المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، وأضافت في تصريح لـ«الصباح» أن هذا المرسوم في حاجة إلى المراجعة مثله مثل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات.
وبينت أنه يوجد أمام لجنتها مقترح قانون يتعلق بتنظيم الجمعيات تم إيداعه منذ سنة 2023 وتمت مناقشته طويلا، ولكن لم يقع المرور للتصويت عليه بما يتيح عرضه على جلسة عامة، وذلك لأن هناك من النواب من يريد انتظار رئاسة الجمهورية لكي تقدم مشروع قانون في الغرض، وهناك من يرغب في توسيع مجال التشاور والاستماع إلى منظمات المجتمع المدني. وأضافت أنه على ما يبدو هناك لوبيات جمعيات داخل المجلس النيابي تسعى إلى تعطيل تمرير المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم الجمعيات إلى الجلسة العامة. وذكرت المسدي أنه أمام تعطيل تمرير مقترح القانون المذكور رأت أنه من الأفضل عدم إيداع مقترح القانون المتعلق بمراجعة مرسوم الأحزاب الذي انتهت من إعداده في الوقت الراهن وذلك إلى حين استكمال النظر في مقترح القانون المتعلق بالجمعيات.
وقالت النائبة بلجنة الحقوق والحريات فاطمة المسدي يوجد داخل المجلس النيابي تعطيل لمبادرات النواب، إذ تمت إحالة أغلب مقترحات القوانين للجنة وحيدة وهي لجنة التشريع العام وبهذه الكيفية تم إغراقها وهو ما سيحول دون القيام بثورة تشريعية حقيقية، ونفس الشيء بالنسبة إلى الحكومة فإنها عندما لا تقدم مشاريع قوانين ينتظرها نواب الشعب فلا يمكن بهذه الكيفية تحقيق الثورة التشريعية. وخلصت إلى أنه يوجد تعطيل للثورة التشريعية.
وفسرت المسدي أن الحكومة على سبيل الذكر تعلم جيدا أن مرسوم الأحزاب يشكو من العديد من النقائص وهو ما أشارت إليه رئيسة الحكومة نفسها في الإجابة عن سؤال كتابي، وأضافت أن السؤال المطروح هو لماذا لم تبادر الحكومة بتقديم مشروع قانون جديد يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية حتى يتم من خلاله تلافي الثغرات الموجودة في المرسوم الصادر سنة 2011؟ ولماذا تنتظر الحكومة من النواب أن يقدموا مقترح قانون في الغرض والحال أن المبادرات التي يتم تقديمها من قبل النواب يقع تعطيل تمريرها.
مبادرات معطلة
وعن رأيها في ما جاء في إجابة رئيسة الحكومة عن سؤالها الكتابي حول طلب تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزب حركة النهضة وحزب التحرير، قالت النائبة فاطمة المسدي إن الإجابة كانت عامة جدا ولم تقع الإشارة فيها بشكل صريح لتورط حزب حركة النهضة في الإرهاب والتسفير ولجرائم حزب التحرير، كما تعرضت رئيسة الحكومة إلى النقائص العديدة التي يشكو منها مرسوم الأحزاب كما لو أنها تريد من خلال ذلك توجيه دعوة بشكل غير مباشر لنواب الشعب لكي يبادروا بتقديم مبادرة تشريعية لتنقيح هذا المرسوم والحال أن أغلب مبادرات النواب معطلة.
ويذكر في هذا السياق أن رئيسة الحكومة سارة الزعفراني بينت في ردها على سؤال النائبة فاطمة المسدي الكتابي حول تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزبي حركة النهضة والتحرير أنه جدير بالإشارة في سياق هذا السؤال، أن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، أفرز على المستوى العملي عديد النقائص من أهمها ضعف مستوى الإفصاح المالي لدى الجهات الرقابية من ذلك عدم إلزام الأحزاب بإرفاق التقارير السنوية المقدمة لمحكمة المحاسبات بقوائمها المالية، وكيفية تعهد اللجنة المكلفة بفحص تقارير مراجع الحسابات والمصادقة على القوائم المالية، ومحدودية الإجراءات المتعلقة بنشر القوائم المالية وتقارير الحسابات، وعدم إلزام الأحزاب بإعلام الجهات المعنية بعقد مؤتمراتها الانتخابية وهوية أعضاء هياكلها المسيرة.
وأضافت رئيسة الحكومة أن طول الإجراءات العقابية وتطبيق نظامها التدريجي بداية بالتنبيه، ثم الإذن بتعليق النشاط، وأخيرا حل الحزب يقتضي صدور حكم قضائي بخصوص جميع المخالفات المرتكبة دون تمييز بين طبيعتها ومدى خطورتها وهو ما نتج عنه الحد من تطبيق مبدأ الشفافية المالية وإنفاذ القانون قصد التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب..
ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها كشف الثغرات الموجودة على مستوى مرسوم الأحزاب، فقد سبق أن تمت إثارة هذا الموضوع صلب لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، واعتبرت هذه اللجنة منذ اجتماعها الأول المنعقد بتاريخ 7 جوان 2023 برئاسة النائبة هالة جاب الله أن مراجعة مرسوم الأحزاب ستكون في صدارة أولوياتها التشريعية، ونفس الشيء بالنسبة إلى مرسوم الجمعيات، وفي هذا السياق تولت اللجنة لاحقا وتحديدا بداية من يوم 28 فيفري 2024 النظر في مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات تضمن 26 فصلا وتم تقديمه يوم 10 أكتوبر 2023 من قبل النواب فاطمة المسدي ومحمد زياد الماهر وبسمة الهمامي وعبد الحليم بوسمة ومنير الكموني وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وأيمن المرعوي ومحمد بين حسين إضافة إلى النائب الراحل سامي السيد.
واستمعت لجنة الحقوق والحريات في بداية الأمر إلى جهة المبادرة ثم قطعت بعدها شوطا كبيرا في دراسة مقترح القانون المعروض على أنظارها، وعقدت جلسات استماع إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية وممثلين عن وزارة المالية وممثلين عن المجلس البنكي والمالي وممثلين عن هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية وممثلين عن البنك المركزي التونسي ولجنة التحاليل المالية وممثلين عن محكمة المحاسبات إضافة إلى استماعها إلى خبير في القانون الدستوري، ويذكر أن هذا المقترح مازال أمام أنظارها إلى اليوم. فبعد تجديد تركيبة لجنة الحقوق والحريات في بداية الدورة النيابية الحالية وانتخاب النائب محمد علي رئيسا لها، قررت اللجنة توسيع دائرة التشاور بشأن مقترح القانون المذكور، أما بالنسبة إلى مرسوم الأحزاب فلم يرد عليها إلى حد الآن أي مشروع قانون في الغرض أو مبادرة تشريعية لمراجعته رغم وقوف الوظيفتين التنفيذية والتشريعية على حد السواء على نقائصه خاصة في علاقة بشفافية التمويل.
اللجوء إلى القضاء
وتعقيبا على نفس السؤال الذي طرحته النائبة فاطمة المسدي حول الأفعال المنسوبة لحزبي حركة النهضة والتحرير ومنها ما يشكل جرائم ذات صبغة إرهابية على غرار تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والارتباط بتنظيمات إرهابية دولية وأفعال أخرى تتعلق بمخالفة مبادئ الدولة المدنية من خلال الرفض العلني لقيم الجمهورية والديمقراطية وعلوية الدستور وعدم احترام الشفافية المالية، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني إلى أنه في علاقة بالأفعال التي قد تشكل جرائم إرهابية والجرائم المرتبطة بها، فإن الجهات المعنية تقوم برصد هذه الجرائم ومعاينتها وإثارة الدعوى بشأنها وتتبع مرتكبيها سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو ذوات معنوية وذلك وفق القانون عدد 26 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وخاصة الفصول 38 و41 و107 و115 و125 و129 منه، وذكرت أن هذا القانون أوكل للقاضي المتعهد بالنظر في هذه الجرائم إمكانية حل الذات المعنوية كما تم تعريفها بالفصلين 3 و99 في الصور المنصوص عليها بالفصلين 7 و144 مكرر من ذات القانون.
مدنية الدولة
أما بخصوص الأفعال المتعلقة بعدم احترام الالتزامات المحمولة على الأحزاب السياسية مثلما تم ضبطها بالدستور والمرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وخاصة الفصلين الثالث والرابع منه، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني، إلى أنه بالنسبة إلى ضرورة احترام الأحزاب لمبادئ الجمهورية وعلوية القانون والديمقراطية، فقد بادرت المصالح المعنية برئاسة الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد حزب التحرير في تونس وذلك لارتكابه عديد المخالفات على معنى المرسوم سالف الذكر، ومنها خاصة عدم احترامه لعلوية القانون وعدم اعترافه بالنظام الجمهوري وبمدنية الدولة ودعواته المتكررة لإقامة دولة الخلافة وغيرها، حيث تم على أساس الفصل 28 من المرسوم التنبيه عليه بضرورة إزالة المخالفات المنسوبة له، كما تم خلال سنتي 2016 و2017 استصدار إذنين قضائيين بتعليق نشاطه عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة. وقام هذا الحزب حسب قولها بالطعن في هذين الإذنين القضائيين وقد تم قبول طعنه على مستوى محكمة التعقيب التي أصدرت خلال سنة 2019 حكمين يقضيان بالنقض والإحالة. وبينت الزعفراني أنه تم نشر القضيتين المذكورتين مجددا أمام محكمة الاستئناف بتونس وهما حاليا في طور المرافعة. وأضافت أن مصالح رئاسة الحكومة تنتظر صدور حكم بات بتعليق النشاط في إحدى القضيتين المرفوعتين في الوقت الحالي للشروع في إجراءات حل حزب التحرير وذلك عملا بأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 28 من المرسوم التي تقتضي أن يتم الحل بحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من رئيس الحكومة وذلك عند تمادي الحزب في ارتكاب المخالفة رغم التنبيه عليه وتعليق نشاطه واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق..
حل أحزاب
وفي ما يتعلق بواجب احترام الشفافية من قبل الأحزاب السياسية، أشارت رئيسة الحكومة في نفس المراسلة التي وجهتها إلى مجلس نواب الشعب للإجابة على سؤال النائبة فاطمة المسدي إلى أنه بالنسبة إلى واجب احترام الشفافية المالية، فإن الإدارة العامة للعلاقة مع المجتمع المدني تتولى متابعة احترام الأحزاب السياسية لهذا الواجب خاصة من خلال أحكام الفصلين 26 و27 من المرسوم والمتعلقين بضرورة رفع تقارير مراقبة حساباتها السنوية إلى رئاسة الحكومة وتقرير سنوي يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويل الحزب ونفقاته إلى محكمة المحاسبات وتقوم لهذا الغرض بجملة من الإجراءات.
وتتمثل هذه الإجراءات حسب قولها، في التنبيه على جميع الأحزاب التي خالفت هذا الواجب بضرورة تقديم جميع التقارير المالية المستوجبة، كما تقوم بالتنسيق مع مصالح المكلف العام بنزاعات الدولة لطلب تعليق نشاط الأحزاب التي لم تلتزم بذلك رغم التنبيه عليها ثم حلها في صورة تماديها في المخالفة عملا بأحكام الفصل 28 من نفس المرسوم. وأفادت رئيسة الحكومة أنه تم إلى حد الآن استصدار 154 إذنا بتعليق نشاط و50 حكما ابتدائيا بحل أحزاب سياسية.
كما تتمثل بقية الإجراءات في التنسيق مع محكمة المحاسبات بخصوص الأحزاب التي قامت بإيداع تقاريرها السنوية لدى هذه المحكمة، والتثبت في استيفاء تقارير مراجعة الحسابات المقدمة للشروط القانونية شكلا ومضمونا من حيث إعداد التقارير من قبل مراقب الحسابات مرسم بجدول هيئة الخبراء المحاسبين أو بجدول مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية، والتثبت من احتواء التقارير على الرأي الصريح لمراجع الحسابات بخصوص القوائم المالية واعتماد معايير المحاسبة المتعلق بالجمعيات والأحزاب المنصوص عليه بقرار وزير المالية المؤرخ في 13 فيفري 2018.
مصادر التمويل
وفي ما يخص متابعة مقتضيات المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية ذات الصلة بمصادر تمويل الأحزاب، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني إلى أن الإدارة تلقت ما يفيد فتح أبحاث أمنية حول شبهة حصول حزب حركة النهضة على تمويلات محجرة على معنى الفصلين 19 و20 من هذا المرسوم، وهي بصدد التنسيق مع المصالح المعنية بوزارة العدل للحصول على أحكام قضائية باتة في هذا الشأن صادرة على معنى الفصلين 29 و30 من نفس المرسوم وهما فصلان يقرّان عقوبات جزائية بخصوص الأشخاص والأحزاب والمتورطة في هذه المخالفات وذلك حتى تتمكن مصالح رئاسة الحكومة من الشروع في تطبيق الإجراءات العقابية التي يقتضيها الفصل 28 سالف الذكر.
تطبيق القانون بحزم
وكانت النائبة فاطمة المسدي قد توجهت منذ 30 أفريل 2025 إلى رئيسة الحكومة بطلب تفعيل الإجراءات القانونية لحل حزب حركة النهضة وحزب التحرير. وجاء في سؤالها الكتابي أنه عملا بأحكام الفصلين 3 و35 من الدستور وبالرجوع إلى القانون عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية فإنها تطلب فتح إجراءات قانونية وإدارية تهدف إلى حل حزب حركة النهضة وحزب التحرير وذلك استنادا إلى ما يلي: تورط حركة النهضة في المساس بالأمن القومي، وجود ملفات منشورة أمام القضاء تتعلق بشبهات التورط في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والارتباط بتنظيمات إرهابية دولية، استغلال الغطاء الحزبي لتخريب أجهزة الدولة والتغلغل داخل مفاصل الإدارة خدمة لأجندات غير وطنية، عدم احترام قواعد الشفافية والتمويل في الحياة الحزبية، مخالفة حزب التحرير لمبادئ الدولة المدنية، رفض حزب التحرير العلني لقيم الجمهورية والديمقراطية وعلوية الدستور ودعوته إلى إقامة الخلافة وإلغاء النظام الجمهوري، خطاب تحريضي يتناقض مع أحكام الفصل الأول من الدستور ويهدد وحدة الدولة والمصلحة العليا للبلاد.
وأضافت المسدي أن الوطن يمر بمرحلة دقيقة تستوجب الحزم في تطبيق القانون وحماية النظام العام من كل المشاريع الهدامة أو المعادية لمؤسسات الدولة، وبينت أنه نظرا لما يتيحه الإطار القانوني من إمكانية تقديم طلب حل الأحزاب المخالفة ويتم تقديم الطلب عبر رئاسة الحكومة إلى المحكمة المختصة، فهي تتوجه بالسؤال إلى رئيسة الحكومة لماذا لم يقع فتح ملفات المتابعة القانونية والإدارية ضد حزبي حركة النهضة والتحرير؟ ولماذا لم تقع مراسلة المكلف العام بنزاعات الدولة لإثارة الدعوى أمام المحكمة المختصة؟ ولماذا لم يقع تفعيل الرقابة على مصادر التمويل والتحركات السياسية غير القانونية لهذين الحزبين؟
مبادرة لإصلاح الإدارة
وفي انتظار إيداع مقترح القانون المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية الذي تولت إعداده لتلافي الثغرات الموجودة في المرسوم المنظم للأحزاب الصادر منذ سنة 2011، قالت النائبة فاطمة المسدي إنها ستقدم في غضون الأيام القادمة مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بإصلاح الإدارة، ولم تخف المسدي انزعاجها من تعطل تمرير المبادرات التشريعية التي يتم اقتراحها من قبل أعضاء مجلس نواب الشعب.