إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الناطق الرسمي لحركة "فتح" ماهر نمورة لـ"الصباح": لا للجنة مستقلة لإدارة قطاع غزة في "اليوم التالي"

-على جميع الفصائل الانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية

-تعيين متطرف رئيسا لـ"الشباك" يعتبر حربا جديدة على الشعب الفلسطيني

-التحول في مواقف الدول الأوروبية يعتبر إيجابيا ويخدم القضية فلسطينية

-اختيار نائب للرئيس قرار فلسطيني سببه غياب المجلس التشريعي 

قال الناطق الرسمي لحركة «فتح» ماهر نمورة أن الحركة ترفض أن تقوم لجنة مستقلة عن الفصائل الفلسطينية بإدارة قطاع غزة بعد انتهاء العدوان ووقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن «جميع الفصائل يجب أن تنضوي تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي لكل الشعب الفلسطيني»، حسب تعبيره. وأضاف نمورة في حوار لـ«الصباح» أن ما حصل في 7 أكتوبر كان مغامرة دفع ثمنها الشعب الفلسطيني، وفي ما يلي نص الحوار.  

*نلاحظ اليوم تغير موقف الدول الأوروبية من القضية الفلسطينية تجاه ما يقوم به العدو الصهيوني من مجازر في قطاع غزة وكذلك العدوان على مخيمات الضفة الغربية.. كيف تقرؤون تغيير هذا الموقف؟ ، وهل تعتبرونه موقفا تكتيكيا أم استراتيجيا من قبل دول الاتحاد الأوروبي؟

نحن في حركة «فتح» نرحب بالموقف الأوروبي والتحول الإيجابي الذي حصل في الفترة الأخيرة والذي يعد داعما للوضع الفلسطيني ويدين الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني.

 وهذا يعود إلى الدعم الشعبي الذي يناله الشعب الفلسطيني على مستوى كل أنحاء العالم ولاسيما في دول الاتحاد الأوروبي، التي لا زالت عواصمها تشهد خروج مسيرات مليونية بمئات الآلاف وفي كل دول العالم والتي تطالب قادتها وحكامها بنبذ هذه الجرائم، وبوقف الحرب والعدوان على شعبنا الفلسطيني.

 نحن في حركة فتح لاحظنا أنه منذ أن زار الرئيس الفرنسي القاهرة وعقد القمة الثلاثية مع الرئيس المصري والعاهل الأردني، كان هناك تحول إيجابي، حيث اطلع الرئيس الفرنسي على مخرجات القمة العربية وخطاب الرئيس أبو مازن، والذي تحدث عن خارطة طريق تتعلق بالشأن الفلسطيني وما يتعرض له شعبنا الفلسطيني والخطة المستقبلية لإعادة الإعمار وتحشيد الدعم الدولي من أجل إعادة الاعمار وإنقاذ شعبنا الفلسطيني.

وقد أعطى الرئيس الفرنسي الدعم والمساندة لهذا الموقف ووعد أن يسوق هذه الخطة لتصبح خطة دولية.

وبالتالي كانت هناك تحولات كبيرة في الاتحاد الأوروبي والتي كان آخرها التهديد والتلويح بوقف كافة الاتفاقيات ما بين كندا وبريطانيا وفرنسا، ولا تتعلق فقط بالاتفاقيات الاقتصادية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل وقف الدعم العسكري الذي تقدمه بريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، لذلك نحن نرى بأن هناك تحولا إيجابيا وهذا التحول يخدم القضية فلسطينية.

 وأيضا يعبر أمام العالم أجمع بأن أوروبا أصبحت تنظر بنوع من الإيجابية للشعب الفلسطيني وأيضا، بنوع من الانتقاد للاحتلال الإسرائيلي بل وذهبت لإدانة الاحتلال والمطالبة بوقف الحرب والعدوان على شعبنا الفلسطيني.

 لذلك نحن نشجع كل دول العالم التي تقف إلى جانب شعبنا وهنا لا بد أن نشير إلى أن العديد أيضا، من دول الاتحاد الأوروبي، تعترف بدولة فلسطين، واليوم يوجد في العالم 149 دولة تعترف بدولة فلسطين وهذا يعود للجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية والتي استطاعت أن تصل إلى هذا العدد من دول العالم.

 يأتي ذلك بالإضافة لنجاح القيادة الفلسطينية في إقناع 124 دولة بالتصويت لصالح المشروع الفلسطيني وجلب قادة دولة الاحتلال وجيشه إلى محكمة الجنايات الدولية وتقديمهم للمحاكم كمجرمي حرب وهذا أيضا، يعني 124 دولة تقف إلى جانبك وهذا في حد ذاته يعتبر انتصارا دبلوماسيا كبيرا، وأيضا موقفا عالميا يقدم لنا الدعم الدولي المساند للقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني. 

*تحدثت عن الخطة العربية لاعمار غزة، وهي خطة تأتي بعد خطة أخرى أُقرت بالقمة العربية سنة 2002 (قمة بيروت والتي أقرت المبادرة السعودية في ذلك الوقت)، ولكن مع تطور الأحداث، ما مدى نجاح هذه الخطة بالنسبة إليكم في ظل عدم وجود جبهة فلسطينية موحدة على الرغم من الاختلاف الأيديولوجي؟ 

وهل أن هذه الخطة العربية التي تم الاتفاق عليها في قمة القاهرة العربية الخارقة للعادة، ثم إعادة اقرارها في قمة بغداد، ستنجح إذا لم تكن هناك تفاهمات على مستوى الداخل الفلسطيني؟

-دعني أوضح أولا بأن القمة العربية التي انعقدت عام 2002 في بيروت والتي طرحت المبادرة السعودية، وأصبحت المبادرة مبادرة السلام العربية والتي كانت تريد من دولة الاحتلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 4 جوان والوصول إلى سلام مع الدول العربية. وكانت مبادرة من الملك السعودي، في حينه ولكن للأسف الشديد كان رد (رئيس وزراء الاحتلال السابق ارييل) شارون أن اجتاح كل المدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقام بقصف المقرات الأمنية وتدمير كل المقار الأمنية والسيادية للسلطة الوطنية الفلسطينية حينها، وهذا كان ردا على المبادرة العربية وتعبيرا عن الرفض للوصول أو لسلك طريق السلام، ويؤكد كذلك على العنجهية الإسرائيلية في عهد شارون.

 ولكن الآن الوضع يختلف تماما، نحن اليوم نتعامل مع حكومة يمين متطرف من الدرجة الأولى يقودها بنيامين نتنياهو وبتحالف الائتلاف الحكومي المتطرف من غلاة المستوطنين الذين أصبحوا أعضاء بالكنيست ووزراء، وأصبحوا من المقررين في الكبينت المصغر (المجلس الأمني المصغر) الذي يقرر الحرب أو السلم أو العدوان على شعبنا. 

ثانيا، الاستمرار بحرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني واستمرار العدوان بمزيد من الجرائم بحق شعبنا سواء كانوا أطفالا أو نساء أو شيوخا أو تدمير الممتلكات وتدمير المزارع وقتل الروح المعنوية الفلسطينية، وهذا أصبح واضحا تماما أمام العالم أجمع ونتنياهو لا يستجيب لدعوات وقف إطلاق النار، حتى يبقى في الحكم، لأنه في اللحظة التي يهدد فيها بن غفير، أو سموتريش بالانسحاب من الحكومة ستنهار الحكومة وبالتالي سيسقط نتنياهو، وسيحدد موعد الانتخابات، وآنذاك سيقاد نتنياهو إلى المحاكم الإسرائيلية والسجن نتيجة الضغط الشعبي الذي يتعرض له من معارضيه السياسيين على خياراته سواء في الحرب على غزة أو في السياسة المنفردة التي يمارسها كزعيم لدولة الاحتلال، كما أن إقالته لرئيس «الشاباك»، والذي ليس من صلاحيته، زاد من معارضيه الأمر الذي ترك ضغطا في الشارع الإسرائيلي، خصوصا وأنه عين مستوطنا ومتطرفا كرئيس جديد لهذا الجهاز وهو يعد من غلاة المستوطنين وهذا يعتبر شن حرب جديدة على الشعب الفلسطيني من خلال «الشباك» الذي يعطي الموقف الآخر والرؤية السياسية.

 وبالتالي هو يريد أن تكتمل الصورة بتعيين رئيس متطرف لـ«الشاباك»، يعني أكثر تطرفا وأيضا يضمن استمرار بقائه على كرسي الحكم نتيجة إرضاء بن غفير وسموتريتش والأحزاب اليمنية المتطرفة، لذلك نحن نقول بأن هذا التحالف ينعكس سلبا على الشعب الفلسطيني.

من جهة أخرى عندما نتحدث أيضا عن المصالحة الوطنية الفلسطينية أو عن الخطة العربية وهنا أذكر خطاب الرئيس (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) في القمة العربية في القاهرة والذي تم اعتماده كخطة عربية، وهناك أيضا حديث على أن تصبح خطة دولية، وهناك مساع لذلك، وهذا التمشي يمثل أولوية في القيادة الفلسطينية في حركة «فتح» منذ إعلان حرب الإبادة الجماعية على شعبنا.

 أولا علينا وقف الحرب ووقف العدوان على شعبنا الفلسطيني تحت أي ظرف لأنه عندما يتم وقف الحرب ويتوقف شلال الدم الفلسطيني عن النزيف ويقف القصف والعدوان وكذلك منع التهجير.

هذا المخطط الذي كان من أهم أولويات نتنياهو في هذه الحرب وهو تهجير شعبنا في قطاع غزة إلى مصر وأيضا في الضفة الغربية إلى الأردن، ولكن كان هناك موقف واضح وصريح مسؤول من القيادة المصرية والرئيس المصري بمنع التهجير.

وما يجري الآن من تهديد ووعيد في عملية الاحتلال التي بدأها في غزة والتي سماها «مركبات جدعون» هو تهجير بطريقة أخرى ومسح لمنطقة بشكل كامل وتسويتها بالأرض ويصبح لا مفر أمام الفلسطيني إلا أن يطلب اللجوء أو الهروب.

 وقد يقوم الاحتلال بالتهجير الممنهج والمنظم من خلال جلب ناقلات تقوم بنقل المواطنين إلى مطار ريمون وتهجيرهم إلى خارج قطاع غزة وهذا أمر مرفوض من الشعب الفلسطيني وأيضا من القيادة الفلسطينية، وهو بالتأكيد سيفشل كما فشلت كل المخططات الإسرائيلية.

 أما فيما يتعلق بموضوع ما بعد الحرب، أو فيما يمسى بـ»اليوم التالي» نحن في حركة فتح قلناها، ولا زلنا نقولها «نحن نريد أن تعود الوحدة الوطنية إلى شعبنا الفلسطيني».

 وقد نادينا منذ عام 2007 منذ الانقلاب الذي قادته حركة «حماس» في قطاع غزة أننا نريد أن نذهب إلى وحدة وطنية حقيقية وقد استجابت القيادة الفلسطينية لكل الحوارات واللقاءات سواء في القاهرة أو في قطر أو في الأردن أو في السعودية أو في الصين، فلم تكن المشكلة لدى حركة «فتح» بل كانت الكرة في ساحة حركة «حماس» وهي التي كانت ترفض هذه الحوارات التي تؤدي إلى الوصول إلى مصالح حقيقية نتيجة تدخلات أجندات خارجية كانت تسيطر على حركة «حماس».

 ولكن أمام ما يجري الآن وأمام هذه الجرائم على حركة «حماس» أن تعيد النظر وتعود خطوة إلى الخلف، وتنظر إلى مستقبل الشعب الفلسطيني وحياة الإنسان الفلسطيني.

 ونحن في حركة «فتح» نقول سواء كان الأمر يتعلق بنا أو بحركة «حماس» أو كل الفصائل الفلسطينية فعليها أن تنضوي جميعا تحت المظلة التي تمثل الكل الفلسطيني وهي منظمة التحرير الفلسطينية والتي تمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، وأن تكون هناك دولة فلسطينية وقانون فلسطيني واحد يطبق على الكل الفلسطيني وسلاح شرعي واحد وجيش وطني واحد، وأن تنضوي كل هذه الفصائل الفلسطينية المقاومة تحت الجيش الفلسطيني والذي مرجعيته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، ويتم حكم قطاع غزة والضفة الغربية تحت نظام واحد، ولا يعقل أن تكون السلطة الوطنية في الضفة الغربية وحركة «حماس» في قطاع غزة، وأن يظل القطاع منذ عام 2007 من حرب إلى حرب.

والحروب مستمرة والعدوان الإسرائيلي على شعبنا مستمر في قطاع غزة والذي طال البشر والشجر والحجر، وشعبنا وشبابنا يذبح من الوريد إلى الوريد.

 نحن في حركة «فتح» نقول أولوياتنا الإنسان الفلسطيني أغلى ما نملك وبالتالي يجب أن نحميه وأن نحافظ على مقدرات شعبنا الفلسطيني في ظل استمرار العدوان، وبالتوازي مع ذلك فإن محافظات شمال الضفة الغربية مخيم جنين وطول كرم ومخيم الشمس وكافة المخيمات الفلسطينية تتعرض بدورها لعدوان مباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهناك خطة بإغلاق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، والتي أنشئت سنة 1949 بقرار أممي لتقديم الخدمات الطبية والإنسانية والاجتماعية.

كما قام الاحتلال بإغلاق 6 مدارس داخل القدس الشرقية وهي مدارس خاصة باللاجئين الفلسطينيين لعام 1948 والمقيمين بمخيم شعفاط وقد تم حرمان التلاميذ من مقاعد الدراسة، وهذا أمر خطير جدا ويتنافى مع الأنظمة والقوانين الدولية، ويعد تحديا سافرا للمنظمة الدولية.

*اليوم سمح الاحتلال بامتلاك المستوطنين في منطقة «ج» من الضفة الغربية وهذا يعد خرقا لاتفاق أوسلو؟ 

بالتأكيد، هنا أود أن أوضح أن هناك حربا موازية أيضا، تتمثل في توسيع نطاق المستوطنات في الضفة الغربية ومصادرة آلاف «الدنومات»، ومصادرة جبال وتلال تطل وتشرف على الطرق الالتفافية والمحاذية للمستوطنات وخلق واقع استيطاني جديد يحول دون تواصل المدن الفلسطينية ببعضها البعض أو بالبلدات والقرى الفلسطينية وكل ذلك يتم بمساندة و تحت حماية جيش الاحتلال،  وذلك بإطلاق العنان للمستوطنين للقيام بترويع المواطنين الفلسطينيين وحرق المباني والبيوت والمنشآت الزراعية والصناعية والممتلكات، وكذلك سرقة الأغنام والمواشي والأبقار بقوة السلاح، ويحصل كل هذا أمام مرأى ومسمع جيش الاحتلال وتحت حمايته.

 وأستطيع القول بأن الضفة الغربية الآن تتعرض لحرب حقيقية من قبل المستوطنين بمساندة من جيش الاحتلال الإسرائيلي ولا يستطيع أي إنسان فلسطيني أن يوقف هذا الزحف الاستيطاني ونحن نتصدى بمقاومة شعبية لمنع ذلك، ولكن نواجه بالقتل وبإطلاق الرصاص المباشر وقد لاحظتم عندما جاء الوفد الدبلوماسي والمكون من القناصل والسفراء الأجانب والعرب إلى مخيم جنين كيف أطلقت عليهم النيران بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال الذي كان يعلم بأن هؤلاء دبلوماسيين أجانب وعرب وأوروبيين جاؤوا للإطلاع على وضع مخيم جنين، وأطلقت النار في البث المباشر.

وأعتقد أيضا، أن ما حصل كان له دور في تهييج الرأي الأوروبي والعالمي ضد هذا الاحتلال الغاشم، وضد الممارسات التي يقوم بها. 

* لو نعود بك إلى المفاوضات التي تمت في القاهرة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين حركة «فتح» وحركة «حماس» حول اللجنة التي من المزمع تشكيلها لإدارة قطاع غزة ضمن اقتراح يتم التفاهم حوله خلال المرحلة الثالثة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فما هي عناصر الاختلاف بين «فتح» و»حماس» حول هذا الملف؟ 

-ليكن واضحا للجميع بأننا في حركة «فتح» نريد بشكل واضح أن تعود السلطة الوطنية الفلسطينية -وليدة منظمة التحرير- لبسط السيادة الأمنية والإدارية والقانونية وتقديم الخدمات في قطاع غزة سيما وأن 60% من الميزانية في الضفة الغربية تذهب إلى أهلنا في قطاع غزة، سواء رواتب موظفين أو مستشفيات أو خدمات.

 ولم تكن السلطة تجني لو «شيكل» واحد من الضرائب في قطاع غزة، والجميع يدرك بأن هناك متنفذين في حركة «حماس» يقومون بأخذ الضرائب وما إلى ذلك لأمور غير شرعية وغير قانونية للأسف الشديد، ولكن رغم ذلك كانت تقدم كل الخدمات بتمويل من الضفة الغربية ومن الحكومة في رام الله. 

وحتى في هذه اللحظات، أستطيع القول بأن الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء محمد مصطفى شكلت غرفة عمليات مشتركة في رام الله بتنسيق مباشر مع أكثر من 10 منظمات دولية تعمل في قطاع غزة لتقديم الخدمات من خلال إقامة 10 مراكز إيواء من أكبر مراكز اللواء في قطاع غزة، والتي تحول لها المبالغ بشكل مباشر وتقدم لها كافة المساعدات ويقوم أبناء حركة «فتح» والمنظمات العاملة في قطاع غزة كغطاء لهذا العمل بتقديم هذه الخدمات، ولكن الاحتلال للأسف الشديد عندما أغلق الحدود ومنع إدخال المساعدات الغذائية أصبح هناك جوع حقيقي ومورست سياسة حرب التجويع على شعبنا الفلسطيني في غزة منذ أن أعلن عن استئناف الحرب.

 وبالتالي أنا أقول إن ما يتعلق بإدارة قطاع غزة «لا يصح إلا الصحيح:.. ولا يجوز أن نتحدث عن لجان هنا أو هناك فالاحتلال الإسرائيلي يريد أن يشكل لجنة لإدارة غزة وهذا واضح بمرجعيات احتلالية أو من خلال استخدام العشائر أو شركات أمريكية تحدد حسب الهوية من يستطيع الحصول على طعام ومن لا يستطيع الحصول عليه، وكل هذه مخططات فشلت وستفشل.

 لا يمكن أن يكون هناك أي مخطط إلا من خلال بسط السيادة والسيطرة الفلسطينية بشكل مباشر بتوافق وطني مع كل الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، وأن نبدأ بمرحلة جديدة وأن يكون السلاح الشرعي هو فقط سلاح السلطة الفلسطينية.. والجميع يجب أن يلتزم وعلى رأسهم حركة «فتح» وحركة «حماس» بهذا النظام وبهذا القانون والذي سيطبق على الجميع.

 وعندها سنذهب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية عامة، ومن يستطيع أن يصل إلى الحكم سنقول له ألف مبروك سواء كان من حركة «حماس» أو حركة «فتح».

 وتذكر عام 2006 عندما أعلن الرئيس أبو مازن عن انتخابات التشريعية فازت حركة «حماس» وكلف إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة وشكلت الحكومة وتسلموا كافة زمام الأمور وكافة الوزارات، لكن للأسف الشديد جرى الانقلاب الدموي في قطاع غزة، والذي أدى إلى استشهاد المئات وتقطيع الأطراف وانقسام الشعب الفلسطيني ومعاناة كل شعبنا الفلسطيني نتيجة هذا الانقسام، والذي حصل كان نتيجة الديمقراطية التي شرعتها القيادة الفلسطينية والتي أتاحت لحركة «حماس» أن تدخل هذه الانتخابات والتي من أهم شروطها الالتزام بالشرعية الدولية والقرارات الدولية، من القرار 194 وعودة اللاجئين والتعويض والقرار 242 والالتزام بالاتفاقيات الموقعة ما بين دولة الاحتلال والسلطة الوطنية الفلسطينية. 

*هي بين منظمة التحرير الفلسطينية في ذاك الوقت والمجتمع الدولي، كما  نعلم أن «حماس» لا تعترف بمنظمة التحرير؟

ولكن «حماس» دخلت الانتخابات التشريعية وفق شروط، ويجب ألا ننسى ذلك، خاصة وأن الانتخابات التشريعية جرت وفق شروط اتفاقية أوسلو.

فحركة «حماس» في عهدة خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي آنذاك) وكل قياداتها كانوا جاهزين للاعتراف بحدود 4 جوان وإقامة دولة فلسطينية، وهذا الكلام كانت «حماس» تقول عنه سابقا هذا خيانة وتفريط بالحق الفلسطيني ولكنها دخلت الانتخابات وفازت. 

*حسب متابعتنا لكواليس مفاوضات القاهرة فإن حركة «فتح» ليست راضية عن تكليف لجنة مستقلة عن الفصائل بإدارة قطاع غزة بعد الحرب؟ 

-كل ذلك سيبوء بالفشل..الحل في أن تعود السلطة الفلسطينية ممثلة لكل الشعب الفلسطيني وتبسط السيادة القانونية والإدارية والأمنية تحت مظلة علم واحد وسلاح واحد وجيش واحد ونظام وقانون واحد.. يطبق على ابن «فتح» وابن «حماس» وابن «الشعبية» وابن كل الجبهات، وكل الحركات ضمن إطار واحد.

نحن في السلطة الفلسطينية أدركنا تماما أن ما حصل في 7 أكتوبر كان مغامرة دفع ثمنها الشعب الفلسطيني وهذا ما اعترفت به كل قيادات «حماس».. اعترفوا بأنهم أخطأوا  التقدير وأنهم لم يعلموا أن تكون هذه النتيجة..

القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق صرح بذلك في حوار لصحيفة «نيويورك تايمز» وعدته الحركة خروجا عن التوافق «الحمساوي»..

 نعم اعترف أننا أمام عدو لا يرحم، ولكن بعض قيادات «حماس» تتحدث عن خسائر تكتيكية.. وهل هذه  خسائر تكتيكية؟ نحن نتحدث عن 200 ألف ما بين شهيد وجريح ومفقود وأسير وجوعى لا يملكون زجاجة مياه ولا خبز.

 «إحنا شعبنا الفلسطيني غالي علينا وأرواح أطفالنا غالية علينا».

 بالأمس الطبيبة النجار التي كانت تقوم بواجبها الإنساني والوطني في المستشفى تودع 9 أطفال من أبنائها شهداء وزوجها في وضع الخطر، وهي ليست الوحيدة..هناك مئات العائلات مسحت من السجل المدني لم يبق لها في السجن ولم يبق لها وريث مسحت بشكل كامل نتيجة الإجرام الإسرائيلي والعدوان الإسرائيلي هناك 40 ألف يتيم اليوم في القطاع، وهناك أكثر من 17 ألف طفل شهيد.

 هناك أطفال ونساء وشيوخ استشهدوا في قصف الطيران الحربي الإسرائيلي وبسلاح أمريكي الصنع وبقذائف أمريكية ذكية لا تفرق بين مقاتل أو مقاوم وما بين مواطن ولاجئ عندما يتم قصف المساجد والكنائس والمستشفيات وأماكن الإيواء ومدارس «الأونروا».

هذا أمر تجاوز كل الخطوط الحمراء، ولذا يجب أن يقاد كل هؤلاء المجرمين إلى محكمة الجنايات الدولية ليحاكموا على هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الإنسانية. 

* في المؤتمر الوطني الفلسطيني الأخير تم إحداث منصب جديد وهو منصب نائب الرئيس الفلسطيني..  فهل أن استحداث هذا المنصب هو إعداد خليفة للرئيس عباس، كما يقول بعض المراقبين، أم أن ضرورة الموقف أو السياق السياسي الذي تمر به القضية الفلسطينية طرح هذه الفكرة على الحركة «فتح» أو لنقل على منظمة التحرير الفلسطينية؟ 

-أعلن الرئيس في خطابه في القمة العربية عن استحداث منصب نائب الرئيس، وهذا يتطلب أن ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني والذي هو يمثل المرجعية الرسمية للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وما يصدر عنه من القرارات هي ملزمة.

 وتم التوافق واستحداث هذا المنصب كنائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي نائب الرئيس وأحيل الموضوع إلى اللجنة التنفيذية لتقرر ذلك.

 وتم اجتماع اللجنة التنفيذية برئاسة الرئيس أبو مازن وتم تسمية الأخ حسين الشيخ وهو أمين سر اللجنة التنفيذية سابقا وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ليتبوء هذا الموقع والذي هو نائب رئيس اللجنة التنفيذية ونائب رئيس دولة فلسطين ليشغل هذا الموقع ليقوم بدوره، وواجبه الوطني تجاه شعبنا وأيضا، يقدم ما يستطيع من خدمات لشعبنا الفلسطيني وأيضا يساعد ويساند الرئيس في العمل السياسي والوطني على الصعيد الداخلي والخارجي. 

حاوره: نزار مقني

الناطق الرسمي لحركة "فتح" ماهر نمورة لـ"الصباح":   لا للجنة مستقلة لإدارة قطاع غزة في "اليوم التالي"

-على جميع الفصائل الانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية

-تعيين متطرف رئيسا لـ"الشباك" يعتبر حربا جديدة على الشعب الفلسطيني

-التحول في مواقف الدول الأوروبية يعتبر إيجابيا ويخدم القضية فلسطينية

-اختيار نائب للرئيس قرار فلسطيني سببه غياب المجلس التشريعي 

قال الناطق الرسمي لحركة «فتح» ماهر نمورة أن الحركة ترفض أن تقوم لجنة مستقلة عن الفصائل الفلسطينية بإدارة قطاع غزة بعد انتهاء العدوان ووقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن «جميع الفصائل يجب أن تنضوي تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي لكل الشعب الفلسطيني»، حسب تعبيره. وأضاف نمورة في حوار لـ«الصباح» أن ما حصل في 7 أكتوبر كان مغامرة دفع ثمنها الشعب الفلسطيني، وفي ما يلي نص الحوار.  

*نلاحظ اليوم تغير موقف الدول الأوروبية من القضية الفلسطينية تجاه ما يقوم به العدو الصهيوني من مجازر في قطاع غزة وكذلك العدوان على مخيمات الضفة الغربية.. كيف تقرؤون تغيير هذا الموقف؟ ، وهل تعتبرونه موقفا تكتيكيا أم استراتيجيا من قبل دول الاتحاد الأوروبي؟

نحن في حركة «فتح» نرحب بالموقف الأوروبي والتحول الإيجابي الذي حصل في الفترة الأخيرة والذي يعد داعما للوضع الفلسطيني ويدين الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني.

 وهذا يعود إلى الدعم الشعبي الذي يناله الشعب الفلسطيني على مستوى كل أنحاء العالم ولاسيما في دول الاتحاد الأوروبي، التي لا زالت عواصمها تشهد خروج مسيرات مليونية بمئات الآلاف وفي كل دول العالم والتي تطالب قادتها وحكامها بنبذ هذه الجرائم، وبوقف الحرب والعدوان على شعبنا الفلسطيني.

 نحن في حركة فتح لاحظنا أنه منذ أن زار الرئيس الفرنسي القاهرة وعقد القمة الثلاثية مع الرئيس المصري والعاهل الأردني، كان هناك تحول إيجابي، حيث اطلع الرئيس الفرنسي على مخرجات القمة العربية وخطاب الرئيس أبو مازن، والذي تحدث عن خارطة طريق تتعلق بالشأن الفلسطيني وما يتعرض له شعبنا الفلسطيني والخطة المستقبلية لإعادة الإعمار وتحشيد الدعم الدولي من أجل إعادة الاعمار وإنقاذ شعبنا الفلسطيني.

وقد أعطى الرئيس الفرنسي الدعم والمساندة لهذا الموقف ووعد أن يسوق هذه الخطة لتصبح خطة دولية.

وبالتالي كانت هناك تحولات كبيرة في الاتحاد الأوروبي والتي كان آخرها التهديد والتلويح بوقف كافة الاتفاقيات ما بين كندا وبريطانيا وفرنسا، ولا تتعلق فقط بالاتفاقيات الاقتصادية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل وقف الدعم العسكري الذي تقدمه بريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، لذلك نحن نرى بأن هناك تحولا إيجابيا وهذا التحول يخدم القضية فلسطينية.

 وأيضا يعبر أمام العالم أجمع بأن أوروبا أصبحت تنظر بنوع من الإيجابية للشعب الفلسطيني وأيضا، بنوع من الانتقاد للاحتلال الإسرائيلي بل وذهبت لإدانة الاحتلال والمطالبة بوقف الحرب والعدوان على شعبنا الفلسطيني.

 لذلك نحن نشجع كل دول العالم التي تقف إلى جانب شعبنا وهنا لا بد أن نشير إلى أن العديد أيضا، من دول الاتحاد الأوروبي، تعترف بدولة فلسطين، واليوم يوجد في العالم 149 دولة تعترف بدولة فلسطين وهذا يعود للجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية والتي استطاعت أن تصل إلى هذا العدد من دول العالم.

 يأتي ذلك بالإضافة لنجاح القيادة الفلسطينية في إقناع 124 دولة بالتصويت لصالح المشروع الفلسطيني وجلب قادة دولة الاحتلال وجيشه إلى محكمة الجنايات الدولية وتقديمهم للمحاكم كمجرمي حرب وهذا أيضا، يعني 124 دولة تقف إلى جانبك وهذا في حد ذاته يعتبر انتصارا دبلوماسيا كبيرا، وأيضا موقفا عالميا يقدم لنا الدعم الدولي المساند للقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني. 

*تحدثت عن الخطة العربية لاعمار غزة، وهي خطة تأتي بعد خطة أخرى أُقرت بالقمة العربية سنة 2002 (قمة بيروت والتي أقرت المبادرة السعودية في ذلك الوقت)، ولكن مع تطور الأحداث، ما مدى نجاح هذه الخطة بالنسبة إليكم في ظل عدم وجود جبهة فلسطينية موحدة على الرغم من الاختلاف الأيديولوجي؟ 

وهل أن هذه الخطة العربية التي تم الاتفاق عليها في قمة القاهرة العربية الخارقة للعادة، ثم إعادة اقرارها في قمة بغداد، ستنجح إذا لم تكن هناك تفاهمات على مستوى الداخل الفلسطيني؟

-دعني أوضح أولا بأن القمة العربية التي انعقدت عام 2002 في بيروت والتي طرحت المبادرة السعودية، وأصبحت المبادرة مبادرة السلام العربية والتي كانت تريد من دولة الاحتلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 4 جوان والوصول إلى سلام مع الدول العربية. وكانت مبادرة من الملك السعودي، في حينه ولكن للأسف الشديد كان رد (رئيس وزراء الاحتلال السابق ارييل) شارون أن اجتاح كل المدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقام بقصف المقرات الأمنية وتدمير كل المقار الأمنية والسيادية للسلطة الوطنية الفلسطينية حينها، وهذا كان ردا على المبادرة العربية وتعبيرا عن الرفض للوصول أو لسلك طريق السلام، ويؤكد كذلك على العنجهية الإسرائيلية في عهد شارون.

 ولكن الآن الوضع يختلف تماما، نحن اليوم نتعامل مع حكومة يمين متطرف من الدرجة الأولى يقودها بنيامين نتنياهو وبتحالف الائتلاف الحكومي المتطرف من غلاة المستوطنين الذين أصبحوا أعضاء بالكنيست ووزراء، وأصبحوا من المقررين في الكبينت المصغر (المجلس الأمني المصغر) الذي يقرر الحرب أو السلم أو العدوان على شعبنا. 

ثانيا، الاستمرار بحرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني واستمرار العدوان بمزيد من الجرائم بحق شعبنا سواء كانوا أطفالا أو نساء أو شيوخا أو تدمير الممتلكات وتدمير المزارع وقتل الروح المعنوية الفلسطينية، وهذا أصبح واضحا تماما أمام العالم أجمع ونتنياهو لا يستجيب لدعوات وقف إطلاق النار، حتى يبقى في الحكم، لأنه في اللحظة التي يهدد فيها بن غفير، أو سموتريش بالانسحاب من الحكومة ستنهار الحكومة وبالتالي سيسقط نتنياهو، وسيحدد موعد الانتخابات، وآنذاك سيقاد نتنياهو إلى المحاكم الإسرائيلية والسجن نتيجة الضغط الشعبي الذي يتعرض له من معارضيه السياسيين على خياراته سواء في الحرب على غزة أو في السياسة المنفردة التي يمارسها كزعيم لدولة الاحتلال، كما أن إقالته لرئيس «الشاباك»، والذي ليس من صلاحيته، زاد من معارضيه الأمر الذي ترك ضغطا في الشارع الإسرائيلي، خصوصا وأنه عين مستوطنا ومتطرفا كرئيس جديد لهذا الجهاز وهو يعد من غلاة المستوطنين وهذا يعتبر شن حرب جديدة على الشعب الفلسطيني من خلال «الشباك» الذي يعطي الموقف الآخر والرؤية السياسية.

 وبالتالي هو يريد أن تكتمل الصورة بتعيين رئيس متطرف لـ«الشاباك»، يعني أكثر تطرفا وأيضا يضمن استمرار بقائه على كرسي الحكم نتيجة إرضاء بن غفير وسموتريتش والأحزاب اليمنية المتطرفة، لذلك نحن نقول بأن هذا التحالف ينعكس سلبا على الشعب الفلسطيني.

من جهة أخرى عندما نتحدث أيضا عن المصالحة الوطنية الفلسطينية أو عن الخطة العربية وهنا أذكر خطاب الرئيس (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) في القمة العربية في القاهرة والذي تم اعتماده كخطة عربية، وهناك أيضا حديث على أن تصبح خطة دولية، وهناك مساع لذلك، وهذا التمشي يمثل أولوية في القيادة الفلسطينية في حركة «فتح» منذ إعلان حرب الإبادة الجماعية على شعبنا.

 أولا علينا وقف الحرب ووقف العدوان على شعبنا الفلسطيني تحت أي ظرف لأنه عندما يتم وقف الحرب ويتوقف شلال الدم الفلسطيني عن النزيف ويقف القصف والعدوان وكذلك منع التهجير.

هذا المخطط الذي كان من أهم أولويات نتنياهو في هذه الحرب وهو تهجير شعبنا في قطاع غزة إلى مصر وأيضا في الضفة الغربية إلى الأردن، ولكن كان هناك موقف واضح وصريح مسؤول من القيادة المصرية والرئيس المصري بمنع التهجير.

وما يجري الآن من تهديد ووعيد في عملية الاحتلال التي بدأها في غزة والتي سماها «مركبات جدعون» هو تهجير بطريقة أخرى ومسح لمنطقة بشكل كامل وتسويتها بالأرض ويصبح لا مفر أمام الفلسطيني إلا أن يطلب اللجوء أو الهروب.

 وقد يقوم الاحتلال بالتهجير الممنهج والمنظم من خلال جلب ناقلات تقوم بنقل المواطنين إلى مطار ريمون وتهجيرهم إلى خارج قطاع غزة وهذا أمر مرفوض من الشعب الفلسطيني وأيضا من القيادة الفلسطينية، وهو بالتأكيد سيفشل كما فشلت كل المخططات الإسرائيلية.

 أما فيما يتعلق بموضوع ما بعد الحرب، أو فيما يمسى بـ»اليوم التالي» نحن في حركة فتح قلناها، ولا زلنا نقولها «نحن نريد أن تعود الوحدة الوطنية إلى شعبنا الفلسطيني».

 وقد نادينا منذ عام 2007 منذ الانقلاب الذي قادته حركة «حماس» في قطاع غزة أننا نريد أن نذهب إلى وحدة وطنية حقيقية وقد استجابت القيادة الفلسطينية لكل الحوارات واللقاءات سواء في القاهرة أو في قطر أو في الأردن أو في السعودية أو في الصين، فلم تكن المشكلة لدى حركة «فتح» بل كانت الكرة في ساحة حركة «حماس» وهي التي كانت ترفض هذه الحوارات التي تؤدي إلى الوصول إلى مصالح حقيقية نتيجة تدخلات أجندات خارجية كانت تسيطر على حركة «حماس».

 ولكن أمام ما يجري الآن وأمام هذه الجرائم على حركة «حماس» أن تعيد النظر وتعود خطوة إلى الخلف، وتنظر إلى مستقبل الشعب الفلسطيني وحياة الإنسان الفلسطيني.

 ونحن في حركة «فتح» نقول سواء كان الأمر يتعلق بنا أو بحركة «حماس» أو كل الفصائل الفلسطينية فعليها أن تنضوي جميعا تحت المظلة التي تمثل الكل الفلسطيني وهي منظمة التحرير الفلسطينية والتي تمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، وأن تكون هناك دولة فلسطينية وقانون فلسطيني واحد يطبق على الكل الفلسطيني وسلاح شرعي واحد وجيش وطني واحد، وأن تنضوي كل هذه الفصائل الفلسطينية المقاومة تحت الجيش الفلسطيني والذي مرجعيته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، ويتم حكم قطاع غزة والضفة الغربية تحت نظام واحد، ولا يعقل أن تكون السلطة الوطنية في الضفة الغربية وحركة «حماس» في قطاع غزة، وأن يظل القطاع منذ عام 2007 من حرب إلى حرب.

والحروب مستمرة والعدوان الإسرائيلي على شعبنا مستمر في قطاع غزة والذي طال البشر والشجر والحجر، وشعبنا وشبابنا يذبح من الوريد إلى الوريد.

 نحن في حركة «فتح» نقول أولوياتنا الإنسان الفلسطيني أغلى ما نملك وبالتالي يجب أن نحميه وأن نحافظ على مقدرات شعبنا الفلسطيني في ظل استمرار العدوان، وبالتوازي مع ذلك فإن محافظات شمال الضفة الغربية مخيم جنين وطول كرم ومخيم الشمس وكافة المخيمات الفلسطينية تتعرض بدورها لعدوان مباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهناك خطة بإغلاق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، والتي أنشئت سنة 1949 بقرار أممي لتقديم الخدمات الطبية والإنسانية والاجتماعية.

كما قام الاحتلال بإغلاق 6 مدارس داخل القدس الشرقية وهي مدارس خاصة باللاجئين الفلسطينيين لعام 1948 والمقيمين بمخيم شعفاط وقد تم حرمان التلاميذ من مقاعد الدراسة، وهذا أمر خطير جدا ويتنافى مع الأنظمة والقوانين الدولية، ويعد تحديا سافرا للمنظمة الدولية.

*اليوم سمح الاحتلال بامتلاك المستوطنين في منطقة «ج» من الضفة الغربية وهذا يعد خرقا لاتفاق أوسلو؟ 

بالتأكيد، هنا أود أن أوضح أن هناك حربا موازية أيضا، تتمثل في توسيع نطاق المستوطنات في الضفة الغربية ومصادرة آلاف «الدنومات»، ومصادرة جبال وتلال تطل وتشرف على الطرق الالتفافية والمحاذية للمستوطنات وخلق واقع استيطاني جديد يحول دون تواصل المدن الفلسطينية ببعضها البعض أو بالبلدات والقرى الفلسطينية وكل ذلك يتم بمساندة و تحت حماية جيش الاحتلال،  وذلك بإطلاق العنان للمستوطنين للقيام بترويع المواطنين الفلسطينيين وحرق المباني والبيوت والمنشآت الزراعية والصناعية والممتلكات، وكذلك سرقة الأغنام والمواشي والأبقار بقوة السلاح، ويحصل كل هذا أمام مرأى ومسمع جيش الاحتلال وتحت حمايته.

 وأستطيع القول بأن الضفة الغربية الآن تتعرض لحرب حقيقية من قبل المستوطنين بمساندة من جيش الاحتلال الإسرائيلي ولا يستطيع أي إنسان فلسطيني أن يوقف هذا الزحف الاستيطاني ونحن نتصدى بمقاومة شعبية لمنع ذلك، ولكن نواجه بالقتل وبإطلاق الرصاص المباشر وقد لاحظتم عندما جاء الوفد الدبلوماسي والمكون من القناصل والسفراء الأجانب والعرب إلى مخيم جنين كيف أطلقت عليهم النيران بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال الذي كان يعلم بأن هؤلاء دبلوماسيين أجانب وعرب وأوروبيين جاؤوا للإطلاع على وضع مخيم جنين، وأطلقت النار في البث المباشر.

وأعتقد أيضا، أن ما حصل كان له دور في تهييج الرأي الأوروبي والعالمي ضد هذا الاحتلال الغاشم، وضد الممارسات التي يقوم بها. 

* لو نعود بك إلى المفاوضات التي تمت في القاهرة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين حركة «فتح» وحركة «حماس» حول اللجنة التي من المزمع تشكيلها لإدارة قطاع غزة ضمن اقتراح يتم التفاهم حوله خلال المرحلة الثالثة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فما هي عناصر الاختلاف بين «فتح» و»حماس» حول هذا الملف؟ 

-ليكن واضحا للجميع بأننا في حركة «فتح» نريد بشكل واضح أن تعود السلطة الوطنية الفلسطينية -وليدة منظمة التحرير- لبسط السيادة الأمنية والإدارية والقانونية وتقديم الخدمات في قطاع غزة سيما وأن 60% من الميزانية في الضفة الغربية تذهب إلى أهلنا في قطاع غزة، سواء رواتب موظفين أو مستشفيات أو خدمات.

 ولم تكن السلطة تجني لو «شيكل» واحد من الضرائب في قطاع غزة، والجميع يدرك بأن هناك متنفذين في حركة «حماس» يقومون بأخذ الضرائب وما إلى ذلك لأمور غير شرعية وغير قانونية للأسف الشديد، ولكن رغم ذلك كانت تقدم كل الخدمات بتمويل من الضفة الغربية ومن الحكومة في رام الله. 

وحتى في هذه اللحظات، أستطيع القول بأن الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء محمد مصطفى شكلت غرفة عمليات مشتركة في رام الله بتنسيق مباشر مع أكثر من 10 منظمات دولية تعمل في قطاع غزة لتقديم الخدمات من خلال إقامة 10 مراكز إيواء من أكبر مراكز اللواء في قطاع غزة، والتي تحول لها المبالغ بشكل مباشر وتقدم لها كافة المساعدات ويقوم أبناء حركة «فتح» والمنظمات العاملة في قطاع غزة كغطاء لهذا العمل بتقديم هذه الخدمات، ولكن الاحتلال للأسف الشديد عندما أغلق الحدود ومنع إدخال المساعدات الغذائية أصبح هناك جوع حقيقي ومورست سياسة حرب التجويع على شعبنا الفلسطيني في غزة منذ أن أعلن عن استئناف الحرب.

 وبالتالي أنا أقول إن ما يتعلق بإدارة قطاع غزة «لا يصح إلا الصحيح:.. ولا يجوز أن نتحدث عن لجان هنا أو هناك فالاحتلال الإسرائيلي يريد أن يشكل لجنة لإدارة غزة وهذا واضح بمرجعيات احتلالية أو من خلال استخدام العشائر أو شركات أمريكية تحدد حسب الهوية من يستطيع الحصول على طعام ومن لا يستطيع الحصول عليه، وكل هذه مخططات فشلت وستفشل.

 لا يمكن أن يكون هناك أي مخطط إلا من خلال بسط السيادة والسيطرة الفلسطينية بشكل مباشر بتوافق وطني مع كل الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، وأن نبدأ بمرحلة جديدة وأن يكون السلاح الشرعي هو فقط سلاح السلطة الفلسطينية.. والجميع يجب أن يلتزم وعلى رأسهم حركة «فتح» وحركة «حماس» بهذا النظام وبهذا القانون والذي سيطبق على الجميع.

 وعندها سنذهب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية عامة، ومن يستطيع أن يصل إلى الحكم سنقول له ألف مبروك سواء كان من حركة «حماس» أو حركة «فتح».

 وتذكر عام 2006 عندما أعلن الرئيس أبو مازن عن انتخابات التشريعية فازت حركة «حماس» وكلف إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة وشكلت الحكومة وتسلموا كافة زمام الأمور وكافة الوزارات، لكن للأسف الشديد جرى الانقلاب الدموي في قطاع غزة، والذي أدى إلى استشهاد المئات وتقطيع الأطراف وانقسام الشعب الفلسطيني ومعاناة كل شعبنا الفلسطيني نتيجة هذا الانقسام، والذي حصل كان نتيجة الديمقراطية التي شرعتها القيادة الفلسطينية والتي أتاحت لحركة «حماس» أن تدخل هذه الانتخابات والتي من أهم شروطها الالتزام بالشرعية الدولية والقرارات الدولية، من القرار 194 وعودة اللاجئين والتعويض والقرار 242 والالتزام بالاتفاقيات الموقعة ما بين دولة الاحتلال والسلطة الوطنية الفلسطينية. 

*هي بين منظمة التحرير الفلسطينية في ذاك الوقت والمجتمع الدولي، كما  نعلم أن «حماس» لا تعترف بمنظمة التحرير؟

ولكن «حماس» دخلت الانتخابات التشريعية وفق شروط، ويجب ألا ننسى ذلك، خاصة وأن الانتخابات التشريعية جرت وفق شروط اتفاقية أوسلو.

فحركة «حماس» في عهدة خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي آنذاك) وكل قياداتها كانوا جاهزين للاعتراف بحدود 4 جوان وإقامة دولة فلسطينية، وهذا الكلام كانت «حماس» تقول عنه سابقا هذا خيانة وتفريط بالحق الفلسطيني ولكنها دخلت الانتخابات وفازت. 

*حسب متابعتنا لكواليس مفاوضات القاهرة فإن حركة «فتح» ليست راضية عن تكليف لجنة مستقلة عن الفصائل بإدارة قطاع غزة بعد الحرب؟ 

-كل ذلك سيبوء بالفشل..الحل في أن تعود السلطة الفلسطينية ممثلة لكل الشعب الفلسطيني وتبسط السيادة القانونية والإدارية والأمنية تحت مظلة علم واحد وسلاح واحد وجيش واحد ونظام وقانون واحد.. يطبق على ابن «فتح» وابن «حماس» وابن «الشعبية» وابن كل الجبهات، وكل الحركات ضمن إطار واحد.

نحن في السلطة الفلسطينية أدركنا تماما أن ما حصل في 7 أكتوبر كان مغامرة دفع ثمنها الشعب الفلسطيني وهذا ما اعترفت به كل قيادات «حماس».. اعترفوا بأنهم أخطأوا  التقدير وأنهم لم يعلموا أن تكون هذه النتيجة..

القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق صرح بذلك في حوار لصحيفة «نيويورك تايمز» وعدته الحركة خروجا عن التوافق «الحمساوي»..

 نعم اعترف أننا أمام عدو لا يرحم، ولكن بعض قيادات «حماس» تتحدث عن خسائر تكتيكية.. وهل هذه  خسائر تكتيكية؟ نحن نتحدث عن 200 ألف ما بين شهيد وجريح ومفقود وأسير وجوعى لا يملكون زجاجة مياه ولا خبز.

 «إحنا شعبنا الفلسطيني غالي علينا وأرواح أطفالنا غالية علينا».

 بالأمس الطبيبة النجار التي كانت تقوم بواجبها الإنساني والوطني في المستشفى تودع 9 أطفال من أبنائها شهداء وزوجها في وضع الخطر، وهي ليست الوحيدة..هناك مئات العائلات مسحت من السجل المدني لم يبق لها في السجن ولم يبق لها وريث مسحت بشكل كامل نتيجة الإجرام الإسرائيلي والعدوان الإسرائيلي هناك 40 ألف يتيم اليوم في القطاع، وهناك أكثر من 17 ألف طفل شهيد.

 هناك أطفال ونساء وشيوخ استشهدوا في قصف الطيران الحربي الإسرائيلي وبسلاح أمريكي الصنع وبقذائف أمريكية ذكية لا تفرق بين مقاتل أو مقاوم وما بين مواطن ولاجئ عندما يتم قصف المساجد والكنائس والمستشفيات وأماكن الإيواء ومدارس «الأونروا».

هذا أمر تجاوز كل الخطوط الحمراء، ولذا يجب أن يقاد كل هؤلاء المجرمين إلى محكمة الجنايات الدولية ليحاكموا على هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الإنسانية. 

* في المؤتمر الوطني الفلسطيني الأخير تم إحداث منصب جديد وهو منصب نائب الرئيس الفلسطيني..  فهل أن استحداث هذا المنصب هو إعداد خليفة للرئيس عباس، كما يقول بعض المراقبين، أم أن ضرورة الموقف أو السياق السياسي الذي تمر به القضية الفلسطينية طرح هذه الفكرة على الحركة «فتح» أو لنقل على منظمة التحرير الفلسطينية؟ 

-أعلن الرئيس في خطابه في القمة العربية عن استحداث منصب نائب الرئيس، وهذا يتطلب أن ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني والذي هو يمثل المرجعية الرسمية للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وما يصدر عنه من القرارات هي ملزمة.

 وتم التوافق واستحداث هذا المنصب كنائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي نائب الرئيس وأحيل الموضوع إلى اللجنة التنفيذية لتقرر ذلك.

 وتم اجتماع اللجنة التنفيذية برئاسة الرئيس أبو مازن وتم تسمية الأخ حسين الشيخ وهو أمين سر اللجنة التنفيذية سابقا وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ليتبوء هذا الموقع والذي هو نائب رئيس اللجنة التنفيذية ونائب رئيس دولة فلسطين ليشغل هذا الموقع ليقوم بدوره، وواجبه الوطني تجاه شعبنا وأيضا، يقدم ما يستطيع من خدمات لشعبنا الفلسطيني وأيضا يساعد ويساند الرئيس في العمل السياسي والوطني على الصعيد الداخلي والخارجي. 

حاوره: نزار مقني