إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نسب الأمية تحتم المراجعة والتقييم.. استراتيجية جديدة منتظرة لبرامج محو الأمية

 

ما كشفه تعداد السكان والسكنى 2024، حول نسبة الأمية في تونس التي قُدّرت بـ17.3 بالمائة لدى الأفراد الذين يبلغ سنهم 10 سنوات فما فوق، فاجأ جزءا من الرأي العام حيث تداول رواد التواصل الاجتماعي الكثير من التعليقات والانتقادات والتساؤلات حول جملة من المفارقات في علاقة بنسب الأمية المرتفعة.

يكشف أيضا التعمق في تفاصيل نسب الأمية المعلن عنها مؤخرا ضمن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والسكني، عمق التحديات التي تواجه البلاد لا سيما الترابط الوطيد بين الفوارق الجهوية ومسألة الأمية والتمدرس ونسب النجاح في المناظرات الوطنية حيث تصدّرت ولاية جندوبة القائمة بنسبة أمية بلغت 28.5 %، تليها القيروان بنسبة 27.9 %، ثم سيدي بوزيد بـ26.2 %، فالقصرين بـ25.8 %، وسليانة بـ25.4 %

تطرح أيضا تساؤلات حارقة بشأن الترابط بين الانقطاع والتسرب المدرسي وارتداد التلاميذ إلى مربع الأمية كما تطرح استفسارات حول مدى نجاعة السياسات العمومية في مجال التعليم ومحو الأمية وبرامج تعليم الكبار.

تحديات

ومن المفارقات أنه في زمن الذكاء الاصطناعي والحديث عن ضرورة مواكبة العصر بهذا الاتجاه نجد أننا اليوم أمام تحدي مواجهة الأمية.

«تعلمون ما يحصل في عدد من الولايات، تلاميذ لا يجدون حافلات لنقلهم، حتى أن بعضهم يضطر للانقطاع عن الدراسة لعدم توفر النقل، ثم يتحدثون عن ارتفاع نسبة الأمية.. عار على تونس أن يكون عدد الأميين فيها مليونين» بهذه الكلمات انتقد سابقا رئيس الجمهورية قيس سعيد واقع المنظومة التعليمية. وسيكون مستقبلا  المجلس الأعلى للتربية والتعليم أمام  تحدي مواجهة الأمية بالتوازي مع تطوير وتعصير مناهج التعليم وإصلاحها.

تصنف منظمة اليونسكو الأمية إلى نوعين «الأمية العامة أو الأمية الأبجدية وهي عدم قدرة الشخص على قراءة وكتابة جملة قصيرة وبسيطة تمسّ حياته اليومية وعدم القدرة على الحساب ممّا يعيقه عن التواصل الاجتماعي البنّاء. أمّا القرائية فهي مبحث من مباحث محو الأمية وتستهدف من يعرف القراءة والكتابة لكن يعجز عن توظيفهما أو لا يتحكم في استعمالهما. وفي سنة 1962 أصبحت اليونسكو تتحدّث عن الأمية الوظيفية وتعرّفها بعــدم التمكّـــن مـــن الكفايات الضرورية لممارسة كلّ الأنشطة الضرورية لكي يلعب الفرد دورا فعّالا في المجتمع باستعمال ما اكتسبه من قدرات في القراءة والكتابة والحساب ممّا يسمح له بمواصلة القيام بذلك الدور والمساهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بصورة كاملة».

أصناف أخرى من الأمية

وقد توجهت تونس إلى اعتماد مقاربة جديدة في مكافحة الأمية من خلال مدارس التعلم مدى الحياة التي عوضت برنامج تعليم الكبار، الذي تم اعتماده منذ سنة 2002 .

وبهذا الصدد صرح سابقا المدير العام للمركز الوطني لتعليم الكبار هشام بن عبدة أنه «رغم التقلص النسبي في الأمية الأبجدية، فإنّ ذلك لا ينفي أن هناك تحديات جديدة وأنّ هناك أمية من أصناف أخرى كبيرة جدًا ومنتشرة في المجتمع التونسي منها الأمية اللغوية والرقمية والتكنولوجية».

من جهته يعتبر وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر أنّ «مفهوم محو الأمية قد تغيّر ليشمل مضامين وظيفية مهارية لها علاقة بالإنتاج والدورة الاقتصادية وأخرى حضارية وثقافية لها صلة بأنماط الحياة وتطوّر التكنولوجيات لتبرز مفاهيم جديدة لمحو الأمية الرقمية واللغوية والتكنولوجية.»

استراتيجية جديدة

وصرح  الوزير على هامش ندوة وطنية انتظمت بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية بأن معالجة هذه الإشكالية «هو إرادة مجتمعية ومجهود وطني مشترك واعتبارا لتقادم منهج محو الأمية المعتمد حاليا أصبح من الضروري التجديد في المناهج..»

وفي سياق ما كشفته نسب الأمية المرتفعة من قصور في البرامج المعتمدة حاليا والحاجة لتطويرها مع تشريك بقية الأطراف المعنية أكد هشام بن عبده، المدير العام للمركز الوطني لتعليم الكبار، أن «مشكلة الأمية في تونس تُعد قضية وطنية بامتياز، ولا يمكن حصرها فقط في مسؤولية وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية، مشددًا على ضرورة مقاربة شاملة تُشرك مختلف الأطراف الفاعلة».

مضيفا في تصريح إذاعي أن «استراتيجية وطنية جديدة لمحو الأمية والتعلم مدى الحياة بصدد المراجعة والتحيين على مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية، وستكون مبنية على مقاربة تشاركية تشمل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ضمن حملة منظمة وبرنامج دقيق قابل للتقييم الداخلي والخارجي».

◗ م.ي

نسب الأمية تحتم المراجعة والتقييم..   استراتيجية جديدة منتظرة لبرامج محو الأمية

 

ما كشفه تعداد السكان والسكنى 2024، حول نسبة الأمية في تونس التي قُدّرت بـ17.3 بالمائة لدى الأفراد الذين يبلغ سنهم 10 سنوات فما فوق، فاجأ جزءا من الرأي العام حيث تداول رواد التواصل الاجتماعي الكثير من التعليقات والانتقادات والتساؤلات حول جملة من المفارقات في علاقة بنسب الأمية المرتفعة.

يكشف أيضا التعمق في تفاصيل نسب الأمية المعلن عنها مؤخرا ضمن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والسكني، عمق التحديات التي تواجه البلاد لا سيما الترابط الوطيد بين الفوارق الجهوية ومسألة الأمية والتمدرس ونسب النجاح في المناظرات الوطنية حيث تصدّرت ولاية جندوبة القائمة بنسبة أمية بلغت 28.5 %، تليها القيروان بنسبة 27.9 %، ثم سيدي بوزيد بـ26.2 %، فالقصرين بـ25.8 %، وسليانة بـ25.4 %

تطرح أيضا تساؤلات حارقة بشأن الترابط بين الانقطاع والتسرب المدرسي وارتداد التلاميذ إلى مربع الأمية كما تطرح استفسارات حول مدى نجاعة السياسات العمومية في مجال التعليم ومحو الأمية وبرامج تعليم الكبار.

تحديات

ومن المفارقات أنه في زمن الذكاء الاصطناعي والحديث عن ضرورة مواكبة العصر بهذا الاتجاه نجد أننا اليوم أمام تحدي مواجهة الأمية.

«تعلمون ما يحصل في عدد من الولايات، تلاميذ لا يجدون حافلات لنقلهم، حتى أن بعضهم يضطر للانقطاع عن الدراسة لعدم توفر النقل، ثم يتحدثون عن ارتفاع نسبة الأمية.. عار على تونس أن يكون عدد الأميين فيها مليونين» بهذه الكلمات انتقد سابقا رئيس الجمهورية قيس سعيد واقع المنظومة التعليمية. وسيكون مستقبلا  المجلس الأعلى للتربية والتعليم أمام  تحدي مواجهة الأمية بالتوازي مع تطوير وتعصير مناهج التعليم وإصلاحها.

تصنف منظمة اليونسكو الأمية إلى نوعين «الأمية العامة أو الأمية الأبجدية وهي عدم قدرة الشخص على قراءة وكتابة جملة قصيرة وبسيطة تمسّ حياته اليومية وعدم القدرة على الحساب ممّا يعيقه عن التواصل الاجتماعي البنّاء. أمّا القرائية فهي مبحث من مباحث محو الأمية وتستهدف من يعرف القراءة والكتابة لكن يعجز عن توظيفهما أو لا يتحكم في استعمالهما. وفي سنة 1962 أصبحت اليونسكو تتحدّث عن الأمية الوظيفية وتعرّفها بعــدم التمكّـــن مـــن الكفايات الضرورية لممارسة كلّ الأنشطة الضرورية لكي يلعب الفرد دورا فعّالا في المجتمع باستعمال ما اكتسبه من قدرات في القراءة والكتابة والحساب ممّا يسمح له بمواصلة القيام بذلك الدور والمساهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بصورة كاملة».

أصناف أخرى من الأمية

وقد توجهت تونس إلى اعتماد مقاربة جديدة في مكافحة الأمية من خلال مدارس التعلم مدى الحياة التي عوضت برنامج تعليم الكبار، الذي تم اعتماده منذ سنة 2002 .

وبهذا الصدد صرح سابقا المدير العام للمركز الوطني لتعليم الكبار هشام بن عبدة أنه «رغم التقلص النسبي في الأمية الأبجدية، فإنّ ذلك لا ينفي أن هناك تحديات جديدة وأنّ هناك أمية من أصناف أخرى كبيرة جدًا ومنتشرة في المجتمع التونسي منها الأمية اللغوية والرقمية والتكنولوجية».

من جهته يعتبر وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر أنّ «مفهوم محو الأمية قد تغيّر ليشمل مضامين وظيفية مهارية لها علاقة بالإنتاج والدورة الاقتصادية وأخرى حضارية وثقافية لها صلة بأنماط الحياة وتطوّر التكنولوجيات لتبرز مفاهيم جديدة لمحو الأمية الرقمية واللغوية والتكنولوجية.»

استراتيجية جديدة

وصرح  الوزير على هامش ندوة وطنية انتظمت بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية بأن معالجة هذه الإشكالية «هو إرادة مجتمعية ومجهود وطني مشترك واعتبارا لتقادم منهج محو الأمية المعتمد حاليا أصبح من الضروري التجديد في المناهج..»

وفي سياق ما كشفته نسب الأمية المرتفعة من قصور في البرامج المعتمدة حاليا والحاجة لتطويرها مع تشريك بقية الأطراف المعنية أكد هشام بن عبده، المدير العام للمركز الوطني لتعليم الكبار، أن «مشكلة الأمية في تونس تُعد قضية وطنية بامتياز، ولا يمكن حصرها فقط في مسؤولية وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية، مشددًا على ضرورة مقاربة شاملة تُشرك مختلف الأطراف الفاعلة».

مضيفا في تصريح إذاعي أن «استراتيجية وطنية جديدة لمحو الأمية والتعلم مدى الحياة بصدد المراجعة والتحيين على مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية، وستكون مبنية على مقاربة تشاركية تشمل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ضمن حملة منظمة وبرنامج دقيق قابل للتقييم الداخلي والخارجي».

◗ م.ي