طالب العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب في الآونة الأخيرة بتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، معتبرين أن هذا القانون من شأنه أن يساعد على انجاز الكثير من المشاريع التي ينتظرها المواطنون في جهاتهم لتطوير البنية التحتية ودفع الاستثمار. وذهب نائب رئيس لجنة المالية والميزانية عصام شوشان إلى أبعد من ذلك، ودعا خلال الجلسة العامة المنعقدة أول أمس بقصر باردو بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط إلى التقيد بأحكام الفصل 17 من دستور 2022، حيث نص هذا الفصل على أن «تضمن الدولة التعايش بين القطاعين العام والخاص وتعمل على تحقيق التكامل بينهما على قاعدة العدل الاجتماعي». وأضاف أن ميزانية الدولة عندما تعجز عن تلبية متطلبات الجهات فيمكنها آنذاك اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين.
ويرى شوشان أن سبب تعطل المشاريع في تونس مرده عدم وجود هذه الشراكة، وبين أنه لو كانت هناك شراكة بين القطاعين ما كان لمشروع تبرورة على سبيل الذكر أو مشروع المترو الخفيف بصفاقس أن يتعطل، وأضاف أنه توجد هيئة عامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمطلوب اليوم هو أن يقع تفعيلها. ويذكر في هذا السياق أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص كما تم إتمامه وتنقيحه بالقانون عدد 47 لسنة 2019 المؤرّخ في 29 ماي 2019 المتعلّق بتحسين مناخ الاستثمار، نص في فصله 38 على إحداث هذه الهيئة وعلى تمتيعها بالاستقلالية الإدارية والمالية، وتم لاحقا بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 451 لسنة 2022 المؤرخ في 6 ماي 2022 ضبط تنظيم وصلاحيات الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ونص هذا الأمر بالخصوص على أن تتولى هذه الهيئة: متابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، المساهمة في برمجة المشاريع المندرجة في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بالتنسيق مع الهياكل الوطنية المعنية والجماعات المحلية، إبداء الرأي في دراسات الجدوى للمشاريع المزمع إنجازها في إطار عقود اللزمات والدراسات التقييمية للمشاريع المزمع إنجازها في إطار عقد الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، مراقبة مدى احترام المبادئ العامة المتعلقة بإبرام عقود اللزمات وعقود الشراكة وإجراءاتها، متابعة تنفيذ المشاريع المندرجة في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والتدقيق فيها، تقديم وتوفير الآليات اللازمة للدعم الفني للأشخاص العموميين على المستوى المركزي والجهوي ومساعدتهم في إعداد عقود اللزمات وعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص وإبرامها ومتابعة تنفيذها، إعداد التقارير الدورية والحينية وإنجاز الدراسات المتعلقة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص على المستوى الوطني، إعداد تقارير حول نشاط الهيئة، القيام بأنشطة اتصالية وتكوينية تهدف لتحفيز وتطوير الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، اقتراح الإصلاحات المتعلقة بالنصوص القانونية العامة المنظمة لعقود اللزمات وعقود الشراكة وإبداء الرأي وجوبا في كلّ مشاريع النصوص ذات الصلة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إعداد وتنفيذ برامج تعاون على كل من المستوى الجهوي والوطني والدولي ذات الصلة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
وتعرض وجوبا على الرأي المسبق للهيئة جميع عقود اللزمات الخاضعة لأحكام القانون عدد 23 لسنة 2008 وعقود الشراكة الخاضعة لأحكام القانون عدد 49 لسنة 2015 المبرمة من قبل الوزارات والمؤسسات العمومية والمنشآت العمومية. ويمكن للجماعات المحلية طلب رأي الهيئة في خصوص عقود اللزمات وعقود الشراكة التي تبرمها. وتكتسي آراء الهيئة الصبغة الإلزامية بالنسبة للملفات المعروضة من قبل الوزارات والمؤسسات العمومية. وتكون آراء الهيئة استشارية بالنسبة للجماعات المحلية والمنشآت العمومية.
وفي علاقة بالجماعات المحلية، يذكر أن النائبات مها عامر وريم الصغير وأسماء الدرويش خيّرن اللجوء إلى أحكام الفصلين 114 من الدستور و129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المنظمين للرقابة البرلمانية ووجهن سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية أشرن فيه إلى أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص يهدف إلى تنويع آليات تلبية الطلبات العمومية ومصادر تمويلها بغاية تطوير البنية التحتية وتدعيمها ودفع الاستثمار العمومي بالاشتراك بين القطاع العام والقطاع الخاص والاستفادة من حرفية القطاع الخاص وخبرته. وأضفن أنه في إطار ممارسة الدور الرقابي لأعضاء مجلس نواب الشعب تم الوقوف على ضعف مستوى تفعيل هذا القانون من طرف البلديات رغم ما يتيحه لها من فرص هامة للاستغلال الأمثل للاستثمارات الخاصة في مجال تحسين البنية التحتية المتردية في أغلب جهات البلاد. وتساءلت النائبات عن أسباب ضعف تفعيل القانون المذكور من قبل البلديات وعن الحلول المتخذة لدفع البلديات لتجسيمه على أرض الواقع في المجالات التي تعود إليها بالنظر.
نقص الموارد
وإجابة على هذا السؤال أشار وزير الداخلية إلى أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص ضبط الإطار المؤسساتي لتقييم كل ما يتعلق بنتائج الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. وأوكل مهمة تصور ومتابعة وتنفيذ وتقييم المشاريع المنجزة بين القطاعين لكل من المجلس الاستراتيجي والهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص برئاسة الحكومة وذلك بالاستعانة بالخبراء ومكاتب الخبرة.
وعن أسباب عدم تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشاريع البلدية في الظرف الحالي، أشار الوزير إلى أنه لعلها تعود إلى نقص الموارد البشرية والمالية بالبلديات، وغياب التخطيط الاستراتيجي، والإشكاليات القانونية، وأزمة الثقة بين القطاعين العام والخاص.
ففي ما يتعلق بنقص الموارد البشرية والمالية بالبلديات بين الوزير أن أغلب البلديات تسجل نقصا واضحا في إطارها البشري المختص والذي يمكّن البلديات من صياغة عقود الشراكة بين القطاعين المذكورين لضمان قواعد الحوكة الرشيدة ومبادئ الشفافية في الإجراءات والمساواة وتكافؤ الفرص باعتماد المنافسة والحياد وعدم التمييز بين المترشحين إضافة إلى دراسة تقييمة لآثار انجاز المشروع في صيغة عقد الشراكة على الميزانية العمومية وعلى الوضعية المالية للشخص العمومي ومدى توفر الاعتمادات الضرورية لانجازه طبقا للفصلين الخامس والسابع من القانون المذكور.
وللتذكير في هذا السياق فقد نص الفصل الخامس على أن يخضع إعداد وإبرام عقود الشراكة لقواعد الحوكمة الرشيدة ولمبادئ شفافية الإجراءات والمساواة وتكافؤ الفرص باعتماد المنافسة والحياد وعدم التمييز بين المترشحين، في حين نص الفصل السابع على أنه يتعين على الشخص العمومي إخضاع المشروع المزمع إنجازه في صيغة عقد الشراكة إلى دراسة لمختلف الجوانب القانونية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والفنية والتأثيرات البيئية والعناصر التي تبرر تنفيذه وفقا لهذه الصيغة دون غيرها من الأشكال التعاقدية الأخرى. كما يتعين على الشخص العمومي إعداد دراسة تقييمية لآثار إنجاز المشروع في صيغة عقد الشراكة على الميزانية العمومية وعلى الوضعية المالية للشخص العمومي ومدى توفر الاعتمادات الضرورية لإنجازه. وتعرض الدراسة مرفقة ببطاقة وصفية للمشروع على رأي الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ويكون رأي الهيئة معللا وملزما. وفي صورة موافقة الهيئة، تعرض الدراسة التقييمية على رأي الوزير المكلّف بالمالية ويكون رأيه معللا. وأضاف وزير الداخلية أن البلديات تواجه من جهة أخرى تحديات مالية تؤثر سلبيا على قدرتها على تطبيق القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بصفة فعالة نتيجة لضعف الموارد الذاتية للبلديات ومحدوديتها على غرار غياب إتاوة، إضافة إلى ضعف مردودية هذه المنشآت التي تستوجب توفير دعم لتسييرها وذلك ضمانا لمبدأ التوازن التعاقدي من خلال تقاسم المخاطر صلب العقد بين الشخص العمومي والشريك الخاص طبقا لأحكام الفصل السادس من القانون المذكور.
ونص الفصل السادس على أن «تخضع عقود الشراكة إلى مبدأ التوازن التعاقدي من خلال تقاسم المخاطر صلب العقد بين الشخص العمومي والشريك الخاص».
غياب التخطيط
ومن أسباب عدم تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص حسب ما أشار إليه وزير الداخلية، غياب التخطيط الاستراتجي وأشار في هذا الإطار تعقيبا على سؤال كتابي للنائبات مها عامر وريم الصغير وأسماء الدرويش أن التخطيط البيئي المستدام يتطلب وضع أهداف واضحة وخطط تنموية طويلة المدى في حين أن البلديات تتولى إنجاز برامج سنوية لنفقاتها لا يتماشى مع المتطلبات الفنية التقنية للمشاريع المبرمجة بالإضافة إلى عدم وجود رؤية شاملة مما يؤدي إلى الاقتصار على تنفيذ مشاريع نموذجية متقطعة وغير متكاملة ومرتبطة بتمويلات خارجة عن ميزانيات البلديات.
أما بالنسبة إلى السبب الموالي لعدم تفعيل الشراكة بين القطاعين والمتمثل في الإشكاليات القانونية ففسر وزير الداخلية في هذا السياق أنع تم تسجيل غياب النصوص التطبيقية الواضحة الكفيلة بتنفيذ عقود الشراكة وتطبيقها كما لاحظ وجود تعارض مع القوانين والنصوص الأخرى الخاصة المنظمة للقطاعات موضوع عقود الشراكة المحتملة بين القطاع العام والقطاع الخاص ذلك أن الاستثمار البلدي يخضع حاليا في ظل التشريع النافذ لمقتضيات الأمر عدد 1039 لسنة 2014 المؤرخ في 13 مارس 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
وفسر وزير الداخلية السبب الرابع لعدم تفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بوجود أزمة ثقة بين القطاعين ويتجسم ذلك حسب قوله في تخوف القطاع الخاص من التعقيدات البيروقراطية وكثرة التراخيص والتعقيدات على المستوى الإجرائي، إضافة إلى عدم التجانس والتباين على مستوى أهداف القطاع العام التي ترمي لتحقيق المصلحة العامة وأهداف القطاع الخاص التي تخضع لمنطق تحقيق الأرباح والمكاسب.
تجارب ناجحة
وأشار وزير الداخلية إلى أنه رغم أزمة الثقة والمعوقات التي عطلت تفعيل تطبيق القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص على مستوى البلديات فقد عرفت عدة بلديات بعض التجارب الناجحة في هذا المجال على غرار بلدية الكرم عند إبرامها عقد شراكة مع شركة ناشئة لإدارة مواقف السيارات وبلدية سوسة حين أبرمت عقد شراكة مع القطاع الخاص قصد إدارة نقابات المالكين. وأضاف أنه ضمانا لانخراط البلديات في حسن تنفيذ القانون المذكور فإنه يتم الاشتغال حاليا على عدة محاور رئيسية على غرار تبسيط الإجراءات الإدارية على مستوى إسناد التراخيص وتوفير التمويلات الضرورية خاصة في مجالات النظافة والعناية بالبيئة وإرساء إتاوة تخصص لنقل النفايات المنزلية وتوفير المعدات المبتكرة، ومراجعة النصوص القانونية إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى التفاوض المباشر في إبرام عقود الشراكة لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، وتوفير مرافقة فنية للبلديات على غرار برنامج لدعم القدرات لتكوين الإطارات البلدية في مجال عقود الشراكة بين القطاعين فضلا عن تحفيز القطاع الخاص على المستوى الضريبي والإجرائي لتشجيعه على الشراكة مع البلديات.
وإضافة إلى أعضاء مجلس نواب الشعب الذين عبروا عن رغبتهم في تفعيل القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص سبق للعديد من أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن طالبوا بمناسبة جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة بتفعيل هذا القانون، ولا شك أن هذا المطلب سيطرح لاحقا من جديد بمناسبة النظر في مشروع المخطط الخماسي للتنمية للفترة 2026ـ 2030 ومشروع قانون المالية لسنة 2026.
سعيدة بوهلال
طالب العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب في الآونة الأخيرة بتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، معتبرين أن هذا القانون من شأنه أن يساعد على انجاز الكثير من المشاريع التي ينتظرها المواطنون في جهاتهم لتطوير البنية التحتية ودفع الاستثمار. وذهب نائب رئيس لجنة المالية والميزانية عصام شوشان إلى أبعد من ذلك، ودعا خلال الجلسة العامة المنعقدة أول أمس بقصر باردو بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط إلى التقيد بأحكام الفصل 17 من دستور 2022، حيث نص هذا الفصل على أن «تضمن الدولة التعايش بين القطاعين العام والخاص وتعمل على تحقيق التكامل بينهما على قاعدة العدل الاجتماعي». وأضاف أن ميزانية الدولة عندما تعجز عن تلبية متطلبات الجهات فيمكنها آنذاك اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين.
ويرى شوشان أن سبب تعطل المشاريع في تونس مرده عدم وجود هذه الشراكة، وبين أنه لو كانت هناك شراكة بين القطاعين ما كان لمشروع تبرورة على سبيل الذكر أو مشروع المترو الخفيف بصفاقس أن يتعطل، وأضاف أنه توجد هيئة عامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمطلوب اليوم هو أن يقع تفعيلها. ويذكر في هذا السياق أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص كما تم إتمامه وتنقيحه بالقانون عدد 47 لسنة 2019 المؤرّخ في 29 ماي 2019 المتعلّق بتحسين مناخ الاستثمار، نص في فصله 38 على إحداث هذه الهيئة وعلى تمتيعها بالاستقلالية الإدارية والمالية، وتم لاحقا بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 451 لسنة 2022 المؤرخ في 6 ماي 2022 ضبط تنظيم وصلاحيات الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ونص هذا الأمر بالخصوص على أن تتولى هذه الهيئة: متابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، المساهمة في برمجة المشاريع المندرجة في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بالتنسيق مع الهياكل الوطنية المعنية والجماعات المحلية، إبداء الرأي في دراسات الجدوى للمشاريع المزمع إنجازها في إطار عقود اللزمات والدراسات التقييمية للمشاريع المزمع إنجازها في إطار عقد الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، مراقبة مدى احترام المبادئ العامة المتعلقة بإبرام عقود اللزمات وعقود الشراكة وإجراءاتها، متابعة تنفيذ المشاريع المندرجة في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والتدقيق فيها، تقديم وتوفير الآليات اللازمة للدعم الفني للأشخاص العموميين على المستوى المركزي والجهوي ومساعدتهم في إعداد عقود اللزمات وعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص وإبرامها ومتابعة تنفيذها، إعداد التقارير الدورية والحينية وإنجاز الدراسات المتعلقة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص على المستوى الوطني، إعداد تقارير حول نشاط الهيئة، القيام بأنشطة اتصالية وتكوينية تهدف لتحفيز وتطوير الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، اقتراح الإصلاحات المتعلقة بالنصوص القانونية العامة المنظمة لعقود اللزمات وعقود الشراكة وإبداء الرأي وجوبا في كلّ مشاريع النصوص ذات الصلة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إعداد وتنفيذ برامج تعاون على كل من المستوى الجهوي والوطني والدولي ذات الصلة بمجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
وتعرض وجوبا على الرأي المسبق للهيئة جميع عقود اللزمات الخاضعة لأحكام القانون عدد 23 لسنة 2008 وعقود الشراكة الخاضعة لأحكام القانون عدد 49 لسنة 2015 المبرمة من قبل الوزارات والمؤسسات العمومية والمنشآت العمومية. ويمكن للجماعات المحلية طلب رأي الهيئة في خصوص عقود اللزمات وعقود الشراكة التي تبرمها. وتكتسي آراء الهيئة الصبغة الإلزامية بالنسبة للملفات المعروضة من قبل الوزارات والمؤسسات العمومية. وتكون آراء الهيئة استشارية بالنسبة للجماعات المحلية والمنشآت العمومية.
وفي علاقة بالجماعات المحلية، يذكر أن النائبات مها عامر وريم الصغير وأسماء الدرويش خيّرن اللجوء إلى أحكام الفصلين 114 من الدستور و129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المنظمين للرقابة البرلمانية ووجهن سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية أشرن فيه إلى أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص يهدف إلى تنويع آليات تلبية الطلبات العمومية ومصادر تمويلها بغاية تطوير البنية التحتية وتدعيمها ودفع الاستثمار العمومي بالاشتراك بين القطاع العام والقطاع الخاص والاستفادة من حرفية القطاع الخاص وخبرته. وأضفن أنه في إطار ممارسة الدور الرقابي لأعضاء مجلس نواب الشعب تم الوقوف على ضعف مستوى تفعيل هذا القانون من طرف البلديات رغم ما يتيحه لها من فرص هامة للاستغلال الأمثل للاستثمارات الخاصة في مجال تحسين البنية التحتية المتردية في أغلب جهات البلاد. وتساءلت النائبات عن أسباب ضعف تفعيل القانون المذكور من قبل البلديات وعن الحلول المتخذة لدفع البلديات لتجسيمه على أرض الواقع في المجالات التي تعود إليها بالنظر.
نقص الموارد
وإجابة على هذا السؤال أشار وزير الداخلية إلى أن القانون عدد 49 لسنة 2015 المؤرخ في 27 نوفمبر 2015 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص ضبط الإطار المؤسساتي لتقييم كل ما يتعلق بنتائج الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. وأوكل مهمة تصور ومتابعة وتنفيذ وتقييم المشاريع المنجزة بين القطاعين لكل من المجلس الاستراتيجي والهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص برئاسة الحكومة وذلك بالاستعانة بالخبراء ومكاتب الخبرة.
وعن أسباب عدم تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشاريع البلدية في الظرف الحالي، أشار الوزير إلى أنه لعلها تعود إلى نقص الموارد البشرية والمالية بالبلديات، وغياب التخطيط الاستراتيجي، والإشكاليات القانونية، وأزمة الثقة بين القطاعين العام والخاص.
ففي ما يتعلق بنقص الموارد البشرية والمالية بالبلديات بين الوزير أن أغلب البلديات تسجل نقصا واضحا في إطارها البشري المختص والذي يمكّن البلديات من صياغة عقود الشراكة بين القطاعين المذكورين لضمان قواعد الحوكة الرشيدة ومبادئ الشفافية في الإجراءات والمساواة وتكافؤ الفرص باعتماد المنافسة والحياد وعدم التمييز بين المترشحين إضافة إلى دراسة تقييمة لآثار انجاز المشروع في صيغة عقد الشراكة على الميزانية العمومية وعلى الوضعية المالية للشخص العمومي ومدى توفر الاعتمادات الضرورية لانجازه طبقا للفصلين الخامس والسابع من القانون المذكور.
وللتذكير في هذا السياق فقد نص الفصل الخامس على أن يخضع إعداد وإبرام عقود الشراكة لقواعد الحوكمة الرشيدة ولمبادئ شفافية الإجراءات والمساواة وتكافؤ الفرص باعتماد المنافسة والحياد وعدم التمييز بين المترشحين، في حين نص الفصل السابع على أنه يتعين على الشخص العمومي إخضاع المشروع المزمع إنجازه في صيغة عقد الشراكة إلى دراسة لمختلف الجوانب القانونية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والفنية والتأثيرات البيئية والعناصر التي تبرر تنفيذه وفقا لهذه الصيغة دون غيرها من الأشكال التعاقدية الأخرى. كما يتعين على الشخص العمومي إعداد دراسة تقييمية لآثار إنجاز المشروع في صيغة عقد الشراكة على الميزانية العمومية وعلى الوضعية المالية للشخص العمومي ومدى توفر الاعتمادات الضرورية لإنجازه. وتعرض الدراسة مرفقة ببطاقة وصفية للمشروع على رأي الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ويكون رأي الهيئة معللا وملزما. وفي صورة موافقة الهيئة، تعرض الدراسة التقييمية على رأي الوزير المكلّف بالمالية ويكون رأيه معللا. وأضاف وزير الداخلية أن البلديات تواجه من جهة أخرى تحديات مالية تؤثر سلبيا على قدرتها على تطبيق القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بصفة فعالة نتيجة لضعف الموارد الذاتية للبلديات ومحدوديتها على غرار غياب إتاوة، إضافة إلى ضعف مردودية هذه المنشآت التي تستوجب توفير دعم لتسييرها وذلك ضمانا لمبدأ التوازن التعاقدي من خلال تقاسم المخاطر صلب العقد بين الشخص العمومي والشريك الخاص طبقا لأحكام الفصل السادس من القانون المذكور.
ونص الفصل السادس على أن «تخضع عقود الشراكة إلى مبدأ التوازن التعاقدي من خلال تقاسم المخاطر صلب العقد بين الشخص العمومي والشريك الخاص».
غياب التخطيط
ومن أسباب عدم تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص حسب ما أشار إليه وزير الداخلية، غياب التخطيط الاستراتجي وأشار في هذا الإطار تعقيبا على سؤال كتابي للنائبات مها عامر وريم الصغير وأسماء الدرويش أن التخطيط البيئي المستدام يتطلب وضع أهداف واضحة وخطط تنموية طويلة المدى في حين أن البلديات تتولى إنجاز برامج سنوية لنفقاتها لا يتماشى مع المتطلبات الفنية التقنية للمشاريع المبرمجة بالإضافة إلى عدم وجود رؤية شاملة مما يؤدي إلى الاقتصار على تنفيذ مشاريع نموذجية متقطعة وغير متكاملة ومرتبطة بتمويلات خارجة عن ميزانيات البلديات.
أما بالنسبة إلى السبب الموالي لعدم تفعيل الشراكة بين القطاعين والمتمثل في الإشكاليات القانونية ففسر وزير الداخلية في هذا السياق أنع تم تسجيل غياب النصوص التطبيقية الواضحة الكفيلة بتنفيذ عقود الشراكة وتطبيقها كما لاحظ وجود تعارض مع القوانين والنصوص الأخرى الخاصة المنظمة للقطاعات موضوع عقود الشراكة المحتملة بين القطاع العام والقطاع الخاص ذلك أن الاستثمار البلدي يخضع حاليا في ظل التشريع النافذ لمقتضيات الأمر عدد 1039 لسنة 2014 المؤرخ في 13 مارس 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
وفسر وزير الداخلية السبب الرابع لعدم تفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بوجود أزمة ثقة بين القطاعين ويتجسم ذلك حسب قوله في تخوف القطاع الخاص من التعقيدات البيروقراطية وكثرة التراخيص والتعقيدات على المستوى الإجرائي، إضافة إلى عدم التجانس والتباين على مستوى أهداف القطاع العام التي ترمي لتحقيق المصلحة العامة وأهداف القطاع الخاص التي تخضع لمنطق تحقيق الأرباح والمكاسب.
تجارب ناجحة
وأشار وزير الداخلية إلى أنه رغم أزمة الثقة والمعوقات التي عطلت تفعيل تطبيق القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص على مستوى البلديات فقد عرفت عدة بلديات بعض التجارب الناجحة في هذا المجال على غرار بلدية الكرم عند إبرامها عقد شراكة مع شركة ناشئة لإدارة مواقف السيارات وبلدية سوسة حين أبرمت عقد شراكة مع القطاع الخاص قصد إدارة نقابات المالكين. وأضاف أنه ضمانا لانخراط البلديات في حسن تنفيذ القانون المذكور فإنه يتم الاشتغال حاليا على عدة محاور رئيسية على غرار تبسيط الإجراءات الإدارية على مستوى إسناد التراخيص وتوفير التمويلات الضرورية خاصة في مجالات النظافة والعناية بالبيئة وإرساء إتاوة تخصص لنقل النفايات المنزلية وتوفير المعدات المبتكرة، ومراجعة النصوص القانونية إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى التفاوض المباشر في إبرام عقود الشراكة لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، وتوفير مرافقة فنية للبلديات على غرار برنامج لدعم القدرات لتكوين الإطارات البلدية في مجال عقود الشراكة بين القطاعين فضلا عن تحفيز القطاع الخاص على المستوى الضريبي والإجرائي لتشجيعه على الشراكة مع البلديات.
وإضافة إلى أعضاء مجلس نواب الشعب الذين عبروا عن رغبتهم في تفعيل القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص سبق للعديد من أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن طالبوا بمناسبة جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة بتفعيل هذا القانون، ولا شك أن هذا المطلب سيطرح لاحقا من جديد بمناسبة النظر في مشروع المخطط الخماسي للتنمية للفترة 2026ـ 2030 ومشروع قانون المالية لسنة 2026.