التمديد في العفو الاجتماعي.. فتح المجال للمؤسسات والأفراد للاستفادة ضمانا لتحقيق الأهداف المرجوة
مقالات الصباح
صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الأمر عدد 259 لسنة 2025 مؤرخ في 22 ماي 2025 ويتعلق بالتمديد في أجل طرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل. حيث أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية، منذ يومين أي يوم الجمعة 23 ماي الجاري، التمديد في أجل طرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية، إلى غاية 31 ديسمبر 2025 مع تطبيق نفس الشروط والإجراءات التي تم الإعلان عنها سابقا.
وبينت الوزارة، وفق المعطيات الواردة بالأمر عدد 259 لسنة 2025 والصادر بالرائد الرسمي عدد 60 لسنة 2025، أن هذه الأضرار المنصوص عليها بالفصل 2 من الأمر عدد 503 لسنة 2024 المؤرخ في 24 أكتوبر 2024، وتنص على أن «يُمنح طَرْحُ كُلّي أو جزئي بصفة آلية لمبالغ خطايا التأخير المستوجبة والموظفة على الاشتراكات التي لم يتم دفعها أو التي تم دفعها بعد تاريخ حلولها بعنوان الأنظمة المذكورة».
كما ينتفع بهذا الإعفاء المدينون للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمبالغ خطايا التأخير شرط خلاص كامل مبلغ أصل الدين ومصاريف التتبع دفعة واحدة أو على أقساط شهرية وفقا لروزنامة دفع تُبرم مع الصندوق.
وقد انتهى موعد العفو الاجتماعي الأول يوم 4 أفريل الماضي 2025 بعد أن كان مقررا انتهاءه يوم 31 مارس الفارط وجاء التمديد ببعض الأيام نتيجة لتزامن هذا الموعد مع عطلة عيد الفطر المبارك.
الخطايا عبء على المنخرطين والصندوق
وتعد خطايا التأخير المستوجبة عبئًا كبيرًا، يعوق الكثير من المؤسسات والأفراد عن تسوية وضعياتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما جعل الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسّطة، مثلا، تطلق نداء للمطالبة بالتمديد في العفو الاجتماعي وذلك نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها المؤسسات والمهن الحرة، وفق الجمعية، بالإضافة إلى عدم تمكن جميع الأعوان والمهنيين من استكمال ملفاتهم في الآجال المحددة، خاصة وأن العفو الأول تزامن مع نهاية شهر رمضان المعظم.
ويُعتبر هذا التمديد ضرورة لضمان استفادة أوسع عدد ممكن من المؤسسات والأفراد، وبما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة.
فمثلا استفاد من العفو الاجتماعي إلى بداية العام الحالي 2025 أكثر من 20 ألف منخرط بين مؤسسات وأفراد، حيث تمتعت 4 آلاف مؤسسة بالعفو بالإضافة و17 ألف عامل.
وإقرار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التمديد في هذا العفو يأتي في إطار توفير موارد أكثر للصندوق الذي يعاني من ارتفاع ديونه لدى المنخرطين.
وحسب أرقام تم الإعلان عنها خلال العام الماضي فقد بلغت مستحقات الصناديق الاجتماعية لدى القطاعين العام والخاص 8200 مليون دينار منها 3500 مليون دينار ديون «متفحمة» لا يمكن استخلاصها. كما أن ديون المؤسسات العمومية لدى مؤسسات الضمان الاجتماعي بلغت 1200 مليون دينار، وتسجل الصناديق الاجتماعية الثلاثة صعوبات مالية وعجزا بصور متفاوتة.
التهرم يهدد موازنات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
ووفق المؤشرات التي أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء يوم 17 ماي 2025، حول النتائج الرسمية للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أكدت أن الهرم السكاني في تونس قد اتخذ منحى نحو التهرم، إذ بلغ متوسّط العمر 35 سنة.
ورغم أن متوسط العمر في تونس لا يزال يظهر مجتمعا شابا نسبيا (35.5 سنة) إلاّ أن المؤشرات الخصوبة وأمل الحياة عند الولادة والهيكلة العمرية للسكان، تشير إلى منحى واضح نحو الشيخوخة السكانية.
ويبرز ذلك من خلال ارتفاع مؤشر الإعالة الديمغرافية لكبار السن، ومؤشر الشيخوخة، مما يطرح تحديات على المستويات الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
ومن هذا المنطلق تبرز المخاوف من اختلال التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية نتيجة تراجع عدد المنخرطين وعدم قدرة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكل الصناديق الاجتماعية بالالتزامات الموكولة لها نتيجة لارتفاع نسبة المتقاعدين مقارنة بالأجيال النشيطة، كل هذا إضافة إلى تراجع المساهمات الاجتماعية من قبل الشركات جراء الصعوبات الاقتصادية وضعف النمو وارتفاع البطالة، فضلا عن تنامي الاقتصاد «الموازي» وسوء الحوكمة وغياب الإصلاحات اللازمة للنهوض بمنظومة الصناديق الاجتماعية.
القضاء على المناولة والتشغيل الهش خطوة مهمة
تعد مصادقة مجلس نواب الشعب في 21 ماي 2025 على مشروع القانون عدد 16 لسنة 2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، خطوة مهمة في اتجاه تدعيم عدد المنخرطين الناشطين في الصندوق ما من شأنه تعزيز موارده عبر توسيع التغطية الاجتماعية لتشمل جميع الفئات، خاصة تلك التي تعاني من الهشاشة مثل العاملين في المناولة وعمال حضائر بما في ذلك العاملات الفلاحيات والعاملين في الأنشطة غير المنظمة.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله لوزير الشؤون الاجتماعية، عصام الأحمر، قد تناول التشريعات المتعلقة بالعلاقات الشغلية على وجه الخصوص، حيث أسدى تعليماته بإيجاد صيغ جديدة تتعلق بتنويع مصادر تمويل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين على المرض.
فتنويع مصادر دخل الصناديق الاجتماعية وهيكلتها من شأنه أن يخلق ديناميكية جديدة داخلها بما يمكنها من القيام بدورها على الوجه الأكمل في اتجاه مزيد ضمان حقوق الأجراء من جهة والمتقاعدين من جهة أخرى.
حنان قيراط
صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الأمر عدد 259 لسنة 2025 مؤرخ في 22 ماي 2025 ويتعلق بالتمديد في أجل طرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل. حيث أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية، منذ يومين أي يوم الجمعة 23 ماي الجاري، التمديد في أجل طرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية، إلى غاية 31 ديسمبر 2025 مع تطبيق نفس الشروط والإجراءات التي تم الإعلان عنها سابقا.
وبينت الوزارة، وفق المعطيات الواردة بالأمر عدد 259 لسنة 2025 والصادر بالرائد الرسمي عدد 60 لسنة 2025، أن هذه الأضرار المنصوص عليها بالفصل 2 من الأمر عدد 503 لسنة 2024 المؤرخ في 24 أكتوبر 2024، وتنص على أن «يُمنح طَرْحُ كُلّي أو جزئي بصفة آلية لمبالغ خطايا التأخير المستوجبة والموظفة على الاشتراكات التي لم يتم دفعها أو التي تم دفعها بعد تاريخ حلولها بعنوان الأنظمة المذكورة».
كما ينتفع بهذا الإعفاء المدينون للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمبالغ خطايا التأخير شرط خلاص كامل مبلغ أصل الدين ومصاريف التتبع دفعة واحدة أو على أقساط شهرية وفقا لروزنامة دفع تُبرم مع الصندوق.
وقد انتهى موعد العفو الاجتماعي الأول يوم 4 أفريل الماضي 2025 بعد أن كان مقررا انتهاءه يوم 31 مارس الفارط وجاء التمديد ببعض الأيام نتيجة لتزامن هذا الموعد مع عطلة عيد الفطر المبارك.
الخطايا عبء على المنخرطين والصندوق
وتعد خطايا التأخير المستوجبة عبئًا كبيرًا، يعوق الكثير من المؤسسات والأفراد عن تسوية وضعياتهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما جعل الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسّطة، مثلا، تطلق نداء للمطالبة بالتمديد في العفو الاجتماعي وذلك نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها المؤسسات والمهن الحرة، وفق الجمعية، بالإضافة إلى عدم تمكن جميع الأعوان والمهنيين من استكمال ملفاتهم في الآجال المحددة، خاصة وأن العفو الأول تزامن مع نهاية شهر رمضان المعظم.
ويُعتبر هذا التمديد ضرورة لضمان استفادة أوسع عدد ممكن من المؤسسات والأفراد، وبما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة.
فمثلا استفاد من العفو الاجتماعي إلى بداية العام الحالي 2025 أكثر من 20 ألف منخرط بين مؤسسات وأفراد، حيث تمتعت 4 آلاف مؤسسة بالعفو بالإضافة و17 ألف عامل.
وإقرار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التمديد في هذا العفو يأتي في إطار توفير موارد أكثر للصندوق الذي يعاني من ارتفاع ديونه لدى المنخرطين.
وحسب أرقام تم الإعلان عنها خلال العام الماضي فقد بلغت مستحقات الصناديق الاجتماعية لدى القطاعين العام والخاص 8200 مليون دينار منها 3500 مليون دينار ديون «متفحمة» لا يمكن استخلاصها. كما أن ديون المؤسسات العمومية لدى مؤسسات الضمان الاجتماعي بلغت 1200 مليون دينار، وتسجل الصناديق الاجتماعية الثلاثة صعوبات مالية وعجزا بصور متفاوتة.
التهرم يهدد موازنات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
ووفق المؤشرات التي أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء يوم 17 ماي 2025، حول النتائج الرسمية للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أكدت أن الهرم السكاني في تونس قد اتخذ منحى نحو التهرم، إذ بلغ متوسّط العمر 35 سنة.
ورغم أن متوسط العمر في تونس لا يزال يظهر مجتمعا شابا نسبيا (35.5 سنة) إلاّ أن المؤشرات الخصوبة وأمل الحياة عند الولادة والهيكلة العمرية للسكان، تشير إلى منحى واضح نحو الشيخوخة السكانية.
ويبرز ذلك من خلال ارتفاع مؤشر الإعالة الديمغرافية لكبار السن، ومؤشر الشيخوخة، مما يطرح تحديات على المستويات الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
ومن هذا المنطلق تبرز المخاوف من اختلال التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية نتيجة تراجع عدد المنخرطين وعدم قدرة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكل الصناديق الاجتماعية بالالتزامات الموكولة لها نتيجة لارتفاع نسبة المتقاعدين مقارنة بالأجيال النشيطة، كل هذا إضافة إلى تراجع المساهمات الاجتماعية من قبل الشركات جراء الصعوبات الاقتصادية وضعف النمو وارتفاع البطالة، فضلا عن تنامي الاقتصاد «الموازي» وسوء الحوكمة وغياب الإصلاحات اللازمة للنهوض بمنظومة الصناديق الاجتماعية.
القضاء على المناولة والتشغيل الهش خطوة مهمة
تعد مصادقة مجلس نواب الشعب في 21 ماي 2025 على مشروع القانون عدد 16 لسنة 2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، خطوة مهمة في اتجاه تدعيم عدد المنخرطين الناشطين في الصندوق ما من شأنه تعزيز موارده عبر توسيع التغطية الاجتماعية لتشمل جميع الفئات، خاصة تلك التي تعاني من الهشاشة مثل العاملين في المناولة وعمال حضائر بما في ذلك العاملات الفلاحيات والعاملين في الأنشطة غير المنظمة.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله لوزير الشؤون الاجتماعية، عصام الأحمر، قد تناول التشريعات المتعلقة بالعلاقات الشغلية على وجه الخصوص، حيث أسدى تعليماته بإيجاد صيغ جديدة تتعلق بتنويع مصادر تمويل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين على المرض.
فتنويع مصادر دخل الصناديق الاجتماعية وهيكلتها من شأنه أن يخلق ديناميكية جديدة داخلها بما يمكنها من القيام بدورها على الوجه الأكمل في اتجاه مزيد ضمان حقوق الأجراء من جهة والمتقاعدين من جهة أخرى.
حنان قيراط