-هل سيقع أخذ مقترحات الهياكل المهنية بعين الاعتبار؟
يعقد مجلس نواب الشعب اليوم 20 ماي 2025 بقصر باردو جلسة عامة للنظر في تقرير لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة الذي تم اقتراحه من قبل رئيس الجمهورية..
ومن بين ما تضمنه هذا التقرير الضخم الوارد في83 صفحة، ملاحظات ومقترحات وتوصيات تقدمت بها بعض الهياكل المعنية بهذا المشروع، إذ استمعت اللجنة قبل التصويت على المشروع في صيغته المعدلة إلى ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وإلى ممثلين عن كنفيديرالية المؤسسات المواطنة التونسية، كما استمعت إلى ممثلين عن الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة والجامعة التونسية للنسيج والملابس وإلى ممثلين عن الغرف المشتركة.
العقد الاجتماعي
وجاء في التقرير أن رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول عبر عن المساندة غير المشروطة للتوجه نحو دعم الاستقرار في الشغل وأشار إلى أنه قد تم تقنين نظام التعاقد لمدة معينة خلال تنقيح مجلة الشغل سنة 1996 والذي جاء بعد إقرار اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي واستعدادا لانفتاح الاقتصاد الوطني على منافسة قوية وتم وضع نظام عقود الشغل محدودة المدة بمرونة وفي إطار التوافق مع الشركاء الاجتماعيين وهو يقوم على المساواة في التأجير وشرط الكتابة وتسقيف في الزمن لا يتجاوز 4 سنوات يكون التعاقد بعدها على أساس الاستخدام القار. وبين رئيس المنظمة أن التوجه الذي توخاه الاتحاد هو دعم الاستقرار في الشغل وتدعيم المساواة وعدم التمييز في التشغيل وفي ظروف العمل مع الحرص على بناء منظومة علاقات مهنية متوازنة تكرس الاندماج المهني وتحترم القانون وتقوم على أساس العمل اللائق والمنتج وتوفق بين مقتضيات التنافسية وضرورات الحماية الاجتماعية وكان ذلك نتاجا للمفاوضات الجماعية وللحوار الاجتماعي الثلاثي وخاصة العقد الاجتماعي الذي تم توقيعه تحت قبة البرلمان سنة 2013. كما أشار ماجول إلى ضرورة أن تكون التشريعات والاتفاقيات الجماعية متلائمة مع الاتفاقيات الدولية ومتماشية مع المستجدات العالمية بما يجعل تونس مركزا تنافسيا لجلب الاستثمار والمشاريع ذات القدرة التشغيلية العالية.
وتقدم ممثلو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في نفس الجلسة بجملة من الملاحظات والمقترحات وأكدوا تبنّيهم لما ورد من أحكام في نص مشروع القانون الذي يهدف إلى ضمان الاستقرار في العمل كأحد مقوّمات العمل اللائق، ويأتي انسجاما مع التوجّهات العامة للدولة في تنظيم العلاقات الشغلية وتنفيذا لقرار رئيس الجمهورية القاضي بالقطع مع مختلف أشكال التشغيل الهش. وبيّنوا أنّ إقرار المشروع لمبدأ إبرام عقود الشغل لمدّة غير معينة واعتبار العقود معيّنة المدة استثناء تفرضه طبيعة العمل، يعدّ رجوعا للأصل وتداركا لخلل يشوب القانون الحالي الذي يساوي بين النوعين من العقود في مواطن العمل القارة. إذ أسس مشروع القانون لمبدأ التعاقد على قاعدة الأجل غير المحدد فيما أجاز إبرام العقود لمدة معينة في حالات استثنائية ويتمثل هذا التوجه تقليصا من مرونة التشغيل وتحديدا للحرية التعاقدية للمؤجر وهو ما يتطلب إجراءات مصاحبة حتى لا يبقى أصحاب العمل مترددين أمام الانتداب خاصة في ظل صعوبة انتهاء العقود لأسباب اقتصادية، وبينوا أن أهم إجراء منتظر هو إحداث نظام للتأمين على فقدان مواطن الشغل الذي يسهل على المؤسسات التسريح المؤطر عند تعرضها لصعوبات أو بسبب تراجع النشاط مقابل تأمين دخل تعويضي للعامل الذي فقد شغله بصفة غير إرادية وتمكينه من آليات وفرص إعادة الإدماج في سوق الشغل وفسروا أن الإسراع في إصدار نص قانوني منظم لتأمين فقدان مواطن الشغل والتسريح لأسباب اقتصادية أو فنية سيجعله مكملا لمشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ومؤسسا لمنظومة تشريعية رائدة توازن بين حماية مواطن الشغل وحماية الأجراء وتدعم القدرة التنافسية للمؤسسة. كما قدموا جملة من مقترحات التعديلات لمشروع القانون من أهمّها طلب التوسّع في قائمة الاستثناءات موضوع الفصل 6-4 فقرة أولى بإضافة حالة «الأشغال الأولى لتركيز المؤسسة»، وذلك بغاية تحفيز الاستثمار، وإضافة حالة أخرى تسمح بانتداب العاطلين عن العمل المسجّلين بمكاتب التشغيل بعقود محددة المدة تصاحبها دورات تدريبية بغاية تحفيز تشغيل الشباب. واقترحوا تحديد مدّة العقد في كلا الحالتين بسنتين على الأكثر بما في ذلك فترات التجديد بالإضافة إلى حالة العقد المحدد بمدة إنجاز العمل موضوع العقد وذلك من أجل الأخذ بعين الاعتبار طبيعة بعض الأعمال ذات الصبغة الوقتية كاللزمات والصفقات العمومية. كما اقترحوا تعويض عبارة «زيادة غير عادية في حجم الخدمات أو الأشغال» بعبارة «زيادة غير عادية في حجم العمل»، فهي حسب رأيهم أدق وأشمل، وأكدوا على ضرورة التنصيص في المشروع على إصدار أمر ترتيبي يوضّح المفاهيم الواردة به والتي قد تختلف التأويلات بشأنها عند التطبيق وهو ما يعطي قائمة غير حصرية للأعمال التي يمكن اعتبارها موسمية أو لا يمكن اللجوء فيها للعقود غير محدّدة المدة.
أما بالنسبة إلى فترة التجربة فقد اقترح ممثلو منظمة الأعراف الإبقاء على المدد المعمول بها حاليا، وهي ستة أشهر لأعوان التنفيذ وتسعة أشهر لأعوان التسيير وسنة للإطارات، مع قابلية التجديد مرة واحدة والتي نص عليها القانون التعاقدي وهي من مكتسبات المفاوضات الجماعية لأن ذلك يترك مجالا هاما للمؤجّر لتقييم سلوك العون وتفانيه في العمل واستعداده للتفاعل الإيجابي مع متطلّبات العمل ومع زملائه بالمؤسسة خاصة إذا كان من ضمن الإطارات. كما اعتبروا أن مدة التنبيه على الطرف الآخر والمحددة بـ 15 يوما مبالغ فيها ويستحسن اعتماد مدّة أقصر أو مدّة متغيرّة حسب أقدمية الأجير في فترة التجربة. ولاحظوا في نفس السياق أنّه كان من الأفضل لو سبق تقديم مشروع القانون القيام باستشارة على أوسع نطاق مع مختلف المنظّمات الممثّلة للعمال وأصحاب العمل وكذلك دراسة تقييم أثر للمشروع المعروض، خاصة وأنّ تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن والتزمت من خلالها بالتفاوض الاجتماعي والمشاورات.
وفي ما يتعلّق بالمناولة، أكدوا أن الاتحاد يؤيّد منع المتاجرة باليد العاملة لكنه يعبّر عن تحفّظه بخصوص العقوبات السجنية التي أقرّها المشروع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 باعتبار أنّ المؤجر شريك اجتماعي ولا يجوز معاملته كخارج عن القانون، مع اقتراح الاقتصار على عقوبات مالية يقع الترفيع في قيمتها تناسبا مع المخالفات الممكن ارتكابها. كما دعا المتدخّلون إلى تدقيق صياغة الفصل 30 جديد من المشروع ذلك أن عبارة «معارف مهنية أو تخصّصا فنيا» غامضة ومن شأنها التضييق في مجال تطبيق الفصل، وكذلك الشأن بالنسبة لاشتراط أن تكون مناولة العمل في غير الاختصاص الأصلي للمؤسسة خاصة وأن عديد المؤسسات التونسية الصغرى تعمل كمؤسسات مناولة لفائدة مؤسسات كبرى وطنية أو أجنبية في مجال النسيج والبناء والأشغال العامة وصناعة مكونات السيارات ومن شأن هذا التضييق أن يؤدي إلى اندثار هذه المؤسسات وهو ما يناقض روح الفصل الذي يهدف بالأساس لمنع الاتجار باليد العاملة لا غير. وخلصوا إلى أن تنظيم العمل الوقتي بات أمرا ضروريا خاصة بعد إجازة القانون التونسي لمكاتب التشغيل بالخارج. وأشاروا إلى وجود قوانين جزائية رادعة لجريمة الاتجار بالبشر يمكن تطبيقها في صورة توفّر أركان هذه الجريمة في خصوص مناولة اليد العاملة لكن مجال العقوبات الجزائية يبقى من مجال القانون الجزائي وليس قانون الشغل الذي يفترض فيه أن يكون جاذبا للاستثمار ومشجعا على الانتداب. وبينوا أن تقنين العمل الوقتي يجب أن يكون بالاستئناس بالقوانين المقارنة والممارسات الفضلى لعدد من الدول المتقدّمة التي نظّمت هذا النوع من العمل بشكل لا يمس من حقوق العمال حيث يتم التنصيص على مجموعة من الضمانات كاستقرار الأجير لدى مؤسسة العمل الوقتي، وحصر حالات اللجوء لهذا النوع من العمل في حالات معينة والمساواة الكاملة للأجير الوقتي مع باقي أجراء المؤسّسة المستفيدة. وأضافوا أنّ القانون الدولي نفسه قد تطوّر في هذا المجال خاصة منذ صدور اتفاقية العمل الدولية عدد 181 المتعلّقة بوكالات الاستخدام الخاصة.
العمل اللائق
ويذكر أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية شارك يوم 30 أفريل 2025 في اليوم الدراسي الذي نظمته الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وأعلن عن موافقته التامة على ضرورة الانتقال بالتشغيل الهش نحو العمل اللائق وسدّ المنافذ أمام التعسف والالتجاء المفرط للحالات الاستثنائية، وعلى وضع حد لحالات عدم الاستقرار في العمل مع تدعيم حركية التشغيل، وعلى تمكين المؤسسات من أفضل الآليات التشغيلية في إطار قانوني، منظم ومرن وجاذب للاستثمار وفق المعايير الدولية (إنهاء عقد الشغل لأسباب اقتصادية، خدمات مكاتب التشغيل الخاصة). وفي علاقة بعقود الشغل، اقترح الاتحاد: توسيع الحالات الاستثنائية التي يتم فيها اللجوء إلى العقود محدودة المدة، والمحافظة على فترة التجربة المعمول بها حاليا لأنها نتيجة مفاوضات جماعية ومحل اتفاق بين ممثلي أصحاب العمل وممثلي العمال، ولأنه من الأفضل تحديد الفترة حسب الصنف المهني الذي يختلف في حجم المسؤولية والدراية والمهام الموكولة، وتحديد أجل الإعلام بإنهاء فترة التجربة وأن تتراوح فترة الإشعار من 24 ساعة إلى أسبوعين. وترى منظمة الأعراف أن إقرار مبدأ أن الأصل في التشغيل هو عدم تحديد المدة يقتضي بالضرورة تنظيم وتيسير نظام التسريح لأسباب اقتصادية وإعادة الإدماج. وإحداث عقد العمل لفترات متقطعة كشكل من التعاقد يضمن استمرارية تشغيل العامل الموسمي والظرفي لعدة سنوات. أما بخصوص منع المناولة، فيرى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن الفصل 28 يقر تعريفا لمناولة اليد العاملة يقوم على الإجارة والوضع على الذمة ولم يشر إلى تحديد في الزمن، وأن التعريف يزيل فراغا تشريعيا ولّد الممارسات الحالية، واقترح المحافظة على المبدأ مع إقرار استثناءين للتعريف المقترح وهما: إلحاق عامل مترسم لفترة من الزمن إلى مؤجر آخر، ونظام العمل المؤقت المنظم بصفة قانونية اعتمادا على القانون الدولي وتحديدا (اتفاقية العمل الدولية عدد 181) واقترح تعويض العقوبة السجنية في صورة العود الواردة بالفصل 29 بمضاعفة الخطية المالية. كما تعتبر منظمة الأعراف أن التعريف الوارد بالفصل 30 يهم حالات التعاقد التجاري الذي يمكن أن يكتسي شبهة العلاقة الشغلية المقنعة وهو ما يفترض أن يكون تنفيذ العقد بمقرات المؤسسة المستفيدة وأن يكون في مجال يعني النشاط الأساسي والدائم للمؤسسة المستفيدة وأن تتم مراقبة العمل وإدارته من طرف المؤسسة المستفيدة وللغرض اقترح إضافة عبارة «داخل مقراتها» في إشارة إلى الشركة المستفيدة مع ذكر بعض الاستثناءات في ما هو معمول به دوليا.
وتحدث ممثلو الاتحاد خلال اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية عن وضعية عمال الحراسة، وقبيل عرض مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في صيغته المعدلة من قبل لجنة الشؤون الاجتماعية التي نصت على اعتبار نشاط الحراسة والتنظيف مناولة يد عاملة على أنظار الجلسة العامة المزمع عقدها اليوم، يذكر أن الغرفة النقابية الوطنية لمؤسسات الحراسة وتأمين وسلامة المؤسسات الراجعة بالنظر للإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية نظمت صبيحة أمس بمقر الاتحاد ندوة صحفية حول موقف الغرفة من هذا المشروع، تم خلالها تسليط الأضواء على ظروف نشأة هذا القطاع ومراحل تطوره والإشارة إلى أن شركات الحراسة غير معنية بالمناولة، وإلى أن شركة الحراسة هي شركة يتم من خلالها اختيار وانتداب العون ويجب أن يكون المعني خاليا من السوابق العدلية وإثر ذلك يتم تكوينه لفترة تدوم 6 أسابيع من قبل مكونين تابعين لوزارة الداخلية ويشترط أن لا يقل المستوى العلمي عن التاسعة أساسي وبعد انتهاء فترة التكوين تقوم شركات الحراسة بالمتابعة، أما المراقبة فهي من مشمولات تفقدية الشغل، كما تم التأكيد على أن عون الحراسة يتمتع بالتدرج المهني والتدرج في الأجر وأنه بعد قضاء أربع سنوات يتمتع بالترسيم وأن ستين بالمائة من أعوان مؤسسات الحراسة مترسمين وتم التأكيد أيضا على أن أعوان الحراسة يتمتعون بالتغطية الاجتماعية.
تنزيل الدستور
وقبل الاستماع إلى ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يذكر أنه في إطار النظر في مشروع القانون المتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة يوم الخميس 10 أفريل 2025 جلسة استماع إلى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية «كوناكت»، وأكّد أصلان بالرجب رئيس المنظّمة دعم كنفدرالية المؤسّسات المواطنة التونسية ومساندتها المبدئية لمشروع هذا القانون الذي يتنزل في إطار سعي الدولة إلى تكريس الحق في العمل اللائق بأجر عادل وفق ما نصّ عليه الفصل 46 من الدستور. واعتبر أنّ المشروع المعروض يُعدّ أهم إصلاح يدخل على مجلّة الشغل منذ سنة 1966 باعتباره سيؤثّر على أنماط عقود الشغل وعلى العلاقات المهنية عامة من خلال إعادة تنظيم تصنيف عقود الشغل وهو خطوة مختلفة عن المنحى الذي سبق اعتماده من قبل المشرع في التنقيحات التي أدخلت على مجلة الشغل سابقا. وأضاف أنّ هذه المساندة المبدئية تنبع من إيمان الكنفدرالية بمبادئ المواطنة والمشاركة البنّاءة في مسار وضع القوانين والسياسات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، وأكد أنّ المشروع يتعدّى البعد التقني ليكون أداة لتكريس الحوار الاجتماعي بما يمكّن في ذات الوقت من تأمين القدر الأفضل لحقوق العمال والذود على المؤسسات الاقتصادية والرفع من قدراتها التنافسية.
وأضاف أنّه كان بالإمكان أن يكون تقديم المشروع مسبوقا باستشارة على أوسع نطاق مع مختلف الأطراف ذات العلاقة خاصة المنظمات الممثلة للعمال ولأصحاب العمل لأنّ تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية التي تلزمها بالحوار الاجتماعي وإتباع التفاوض والتشاور مع المنظمات المهنية قبل سن القوانين ذات العلاقة بالعمل والشؤون الاجتماعية. ونبه إلى أن مشروع القانون سيكون له تأثير كبير على الجانب الاقتصادي والاجتماعي وكان من المفروض أن يسبق اتخاذه دراسة جدوى لتقييم انعكاساته خاصة على القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية في ظل وضع اقتصادي وطني ودولي صعب.
وقدّم ممثّلو منظمة «كوناكت» جملة من الملاحظات ومقترحات التعديل من أهمها التوسّع في قائمة الاستثناءات موضوع الفصل 6-4 فقرة أولى بإضافة حالة رابعة منصوص عليها بالفصل في صيغته الأصلية وتتمثل في «الأشغال الأولى لتركيز المؤسسة»، وذلك بغاية تحفيز الاستثمار، وحالة خامسة تسمح بانتداب العاطلين عن العمل المسجلين بمكاتب التشغيل بعقود محددة المدة بغية تحفيز تشغيل الشباب، وتمكين المؤسسات من إجراء دورات تدريبية لمن طالت بطالتهم مع تحديد مدّة العقد في كلا الحالتين بسنتين على الأكثر بما في ذلك فترات التجديد وإضافة حالات أخرى تفرض فيها طبيعة العمل اللجوء إلى العقود محددة المدة كاللزمات والصفقات العمومية. وبالنسبة إلى فترة التجربة فتم اقتراح الإبقاء على المدد المعمول بها حاليا، وهي ستة أشهر لأعوان التنفيذ وتسعة أشهر لأعوان التسيير وسنة للإطارات، مع قابلية التجديد مرة واحدة، وإمكانية إنهاء تلك الفترة في كل وقت شرط التنبيه على الطرف الآخر بأية وسيلة تترك أثرا كتابيا مع اعتماد فترة إشعار تختلف باختلاف المدة التي قضاها العامل في المؤسسة، ويتمثل المقترح الموالي في حذف الإجراء الوارد بالفصل 6 ـ 4 الفقرة الثانية المتعلق بالأولوية في الانتداب في مواطن الشغل القارة لدى نفس المؤجر لفائدة المنتدبين بعقود محددة المدة. أما في ما يتعلّق بالمناولة، فاقترحت الكنفدرالية إلغاء العقوبة السجنية التي أقرها المشروع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 باعتبار أن المؤجر شريك اجتماعي ولا يجوز معاملته كمجرم محتمل والاقتصار على عقوبات مالية تحترم مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة. كما تقدّم ممثّلو المنظمة بجملة من المقترحات التعديلية الأخرى للفصل 30 و30 رابعا وخامسا وسادسا اقترحوا تعديل أحكام الفصل السادس والفصل السابع والفصل التاسع من المشروع.. وتضمن التقرير المعروض على أنظار الجلسة العامة تفاصيل ضافية حول هذه المقترحات.
أصحاب النزل
واستنادا إلى نفس التقرير استمعت لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة يوم 22 أفريل 2025 بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة إلى ممثلين عن الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة والجامعة التونسية للنسيج والملابس وإلى ممثلين عن الغرف المشتركة.
وأشارت رئيسة الجامعة التونسية للنزل إلى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يتنزّل في إطار الاستجابة إلى دعوة رئيس الجمهورية لوضع حدّ لجميع أشكال العمل الهش انسجاما مع دستور 2022 وبالأساس الفصل 46 منه، والذي تطرّق إلى الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل. وعبّرت عن انصهار الجامعة في تمشّي الإصلاح التشريعي مع مراعاة الأوضاع الاستثنائية للقطاع السياحي عامة والفندقي خاصّة، بهدف الارتقاء بالخدمات وتحقيق التنمية الشاملة، وذلك وعيا من الجامعة التونسية للنزل بأهمية تنقية مناخ العمل وإرساء بيئة شغل سليمة. وذكّرت بأهميّة قطاع النزل في تونس مبيّنة أنه يُوفّر 100 ألف موطن شغل مباشر وما يُقارب 300 ألف موطن شغل غير مباشر ويساهم بـ 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وذكّرت بأنّ الهدف يتمثّل في الوصول إلى تحقيق ملاءمة أكبر لمشروع القانون مع واقع الحياة الاقتصادية لهذا القطاع . وعبر ممثلون عن الجامعة التونسية للنزل عن موافقتهم على ما جاء في مشروع القانون من حيث القطع مع جميع أشكال التشغيل الهش، خاصّة في ظلّ وجود أزمة حالية في توفير اليد العاملة أثّرت على استقرار القطاع. وأفادوا أنّ خصوصية هذا القطاع تتمثّل أساسا في العمل الموسمي وطالبوا في الآن ذاته بمزيد تدقيق هذه النقطة ضمن مشروع القانون. وبخصوص المناولة، أوضحوا أنّ النزل تلتجئ إليها عندما يتعلق الأمر بالحراسة، وليست مناولة اليد العاملة، حيث تتعامل معظم النزل مع شركات خاصة لتأمين الحراسة باعتبارها تمتلك المعدّات اللاّزمة لذلك ولديها العمّال المؤهّلين للقيام بهذه الأعمال. وبخصوص مدى قدرة النزل على التعويل على ذاتها لتوفير الحراسة، تمت الإشارة إلى أن الجامعة بدأت منذ مدة في تكوين مسؤولين عن الأمن والسلامة، إلاّ أنّ القطاع مازال يشهد نقصا في مسألة التأمين الذّاتي وكذلك الحراسة وهو ما يفسّر طلبهم التنصيص صلب القانون على مهلة من شأنها أن تسمح للقطاع بأن يتجهز على النحو اللاّزم على مستوى تكوين العمال في المجال وتحصّلهم على الشهادات اللاّزمة في الغرض. أما في ما يتعلّق بالأعمال الموسمية، أفادوا بأنها تُمثّل خصوصية هذا القطاع، وأوضحوا أنّ الموسمية تتفاوت بين مختلف الجهات وحتى على مستوى الجهة الواحدة، وهو ما لا يتماشى مع ما يفرضه مشروع القانون بالنسبة للعقود غير محدّدة المدّة.
وكالات الأسفار
واستمعت لجنة الشؤون الاجتماعية بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المنوالة إلى ممثّلين عن الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، الذين أكّدوا أنّ مشروع القانون المذكور لم يأخذ بعين الاعتبار موسمية النشاط السياحي، وأضافوا أنّ قطاعهم يتّسم بعدم الاستقرار ويشهد عزوفا من قبل العملة. وهو ما يبرّر اللّجوء إلى إبرام العقود محدّدة المدّة. واقترحوا مراجعة الفصل 6.3 في اتجاه التنصيص فيه على اعتماد فترة تجربة في إطار عقد غير محدّد المدّة، لمدّة سنة قابلة للتجديد قبل أن يتمّ انتداب العامل. واستدلوا بعدد من التجارب المقارنة في المجال، مؤكّدين على ضرورة أن يأخذ قانون الشغل بعين الاعتبار خصوصية القطاع وهي موسمية النشاط وأنّ هذه الموسمية تختلف حسب نوعية السياحة سواء كانت سياحة شاطئية أو صحراوية أو سياحة للصيد وكذلك نشاط تنظيم العمرة. وبيّنوا أنّ معدّل الموسمية تتراوح مدّته من ثلاثة أشهر إلى ثمانية أشهر، حسب النشاط والقطاع. وأوضحوا أنّ وكالات الأسفار هي عبارة عن مؤسّسات صغرى ومتوسّطة، وأكدوا سعيهم إلى ضمان استمرارية الموظّفين القارين بها على مدار السنة. وشدّدوا في هذا السياق على ضرورة أن يعطي مشروع القانون القيمة المضافة للعامل والمؤجّر في نفس الوقت. وطالبوا بالتنصيص على التدرّج في تطبيق أحكام القانون الجديد، وتفادي التنصيص فيه على الأثر الرجعي تفاديا للإشكاليات التي ستنجر عن ذلك. وأضافوا أنّه يتم الاستثمار اليوم في العمال من خلال تكوينهم وتأهيلهم في مختلف المجالات، وأكّدوا من جهة أخرى على ضرورة تنظيم مسألة المناولة.
سعيدة بوهلال
-هل سيقع أخذ مقترحات الهياكل المهنية بعين الاعتبار؟
يعقد مجلس نواب الشعب اليوم 20 ماي 2025 بقصر باردو جلسة عامة للنظر في تقرير لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة الذي تم اقتراحه من قبل رئيس الجمهورية..
ومن بين ما تضمنه هذا التقرير الضخم الوارد في83 صفحة، ملاحظات ومقترحات وتوصيات تقدمت بها بعض الهياكل المعنية بهذا المشروع، إذ استمعت اللجنة قبل التصويت على المشروع في صيغته المعدلة إلى ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وإلى ممثلين عن كنفيديرالية المؤسسات المواطنة التونسية، كما استمعت إلى ممثلين عن الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة والجامعة التونسية للنسيج والملابس وإلى ممثلين عن الغرف المشتركة.
العقد الاجتماعي
وجاء في التقرير أن رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول عبر عن المساندة غير المشروطة للتوجه نحو دعم الاستقرار في الشغل وأشار إلى أنه قد تم تقنين نظام التعاقد لمدة معينة خلال تنقيح مجلة الشغل سنة 1996 والذي جاء بعد إقرار اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي واستعدادا لانفتاح الاقتصاد الوطني على منافسة قوية وتم وضع نظام عقود الشغل محدودة المدة بمرونة وفي إطار التوافق مع الشركاء الاجتماعيين وهو يقوم على المساواة في التأجير وشرط الكتابة وتسقيف في الزمن لا يتجاوز 4 سنوات يكون التعاقد بعدها على أساس الاستخدام القار. وبين رئيس المنظمة أن التوجه الذي توخاه الاتحاد هو دعم الاستقرار في الشغل وتدعيم المساواة وعدم التمييز في التشغيل وفي ظروف العمل مع الحرص على بناء منظومة علاقات مهنية متوازنة تكرس الاندماج المهني وتحترم القانون وتقوم على أساس العمل اللائق والمنتج وتوفق بين مقتضيات التنافسية وضرورات الحماية الاجتماعية وكان ذلك نتاجا للمفاوضات الجماعية وللحوار الاجتماعي الثلاثي وخاصة العقد الاجتماعي الذي تم توقيعه تحت قبة البرلمان سنة 2013. كما أشار ماجول إلى ضرورة أن تكون التشريعات والاتفاقيات الجماعية متلائمة مع الاتفاقيات الدولية ومتماشية مع المستجدات العالمية بما يجعل تونس مركزا تنافسيا لجلب الاستثمار والمشاريع ذات القدرة التشغيلية العالية.
وتقدم ممثلو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في نفس الجلسة بجملة من الملاحظات والمقترحات وأكدوا تبنّيهم لما ورد من أحكام في نص مشروع القانون الذي يهدف إلى ضمان الاستقرار في العمل كأحد مقوّمات العمل اللائق، ويأتي انسجاما مع التوجّهات العامة للدولة في تنظيم العلاقات الشغلية وتنفيذا لقرار رئيس الجمهورية القاضي بالقطع مع مختلف أشكال التشغيل الهش. وبيّنوا أنّ إقرار المشروع لمبدأ إبرام عقود الشغل لمدّة غير معينة واعتبار العقود معيّنة المدة استثناء تفرضه طبيعة العمل، يعدّ رجوعا للأصل وتداركا لخلل يشوب القانون الحالي الذي يساوي بين النوعين من العقود في مواطن العمل القارة. إذ أسس مشروع القانون لمبدأ التعاقد على قاعدة الأجل غير المحدد فيما أجاز إبرام العقود لمدة معينة في حالات استثنائية ويتمثل هذا التوجه تقليصا من مرونة التشغيل وتحديدا للحرية التعاقدية للمؤجر وهو ما يتطلب إجراءات مصاحبة حتى لا يبقى أصحاب العمل مترددين أمام الانتداب خاصة في ظل صعوبة انتهاء العقود لأسباب اقتصادية، وبينوا أن أهم إجراء منتظر هو إحداث نظام للتأمين على فقدان مواطن الشغل الذي يسهل على المؤسسات التسريح المؤطر عند تعرضها لصعوبات أو بسبب تراجع النشاط مقابل تأمين دخل تعويضي للعامل الذي فقد شغله بصفة غير إرادية وتمكينه من آليات وفرص إعادة الإدماج في سوق الشغل وفسروا أن الإسراع في إصدار نص قانوني منظم لتأمين فقدان مواطن الشغل والتسريح لأسباب اقتصادية أو فنية سيجعله مكملا لمشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ومؤسسا لمنظومة تشريعية رائدة توازن بين حماية مواطن الشغل وحماية الأجراء وتدعم القدرة التنافسية للمؤسسة. كما قدموا جملة من مقترحات التعديلات لمشروع القانون من أهمّها طلب التوسّع في قائمة الاستثناءات موضوع الفصل 6-4 فقرة أولى بإضافة حالة «الأشغال الأولى لتركيز المؤسسة»، وذلك بغاية تحفيز الاستثمار، وإضافة حالة أخرى تسمح بانتداب العاطلين عن العمل المسجّلين بمكاتب التشغيل بعقود محددة المدة تصاحبها دورات تدريبية بغاية تحفيز تشغيل الشباب. واقترحوا تحديد مدّة العقد في كلا الحالتين بسنتين على الأكثر بما في ذلك فترات التجديد بالإضافة إلى حالة العقد المحدد بمدة إنجاز العمل موضوع العقد وذلك من أجل الأخذ بعين الاعتبار طبيعة بعض الأعمال ذات الصبغة الوقتية كاللزمات والصفقات العمومية. كما اقترحوا تعويض عبارة «زيادة غير عادية في حجم الخدمات أو الأشغال» بعبارة «زيادة غير عادية في حجم العمل»، فهي حسب رأيهم أدق وأشمل، وأكدوا على ضرورة التنصيص في المشروع على إصدار أمر ترتيبي يوضّح المفاهيم الواردة به والتي قد تختلف التأويلات بشأنها عند التطبيق وهو ما يعطي قائمة غير حصرية للأعمال التي يمكن اعتبارها موسمية أو لا يمكن اللجوء فيها للعقود غير محدّدة المدة.
أما بالنسبة إلى فترة التجربة فقد اقترح ممثلو منظمة الأعراف الإبقاء على المدد المعمول بها حاليا، وهي ستة أشهر لأعوان التنفيذ وتسعة أشهر لأعوان التسيير وسنة للإطارات، مع قابلية التجديد مرة واحدة والتي نص عليها القانون التعاقدي وهي من مكتسبات المفاوضات الجماعية لأن ذلك يترك مجالا هاما للمؤجّر لتقييم سلوك العون وتفانيه في العمل واستعداده للتفاعل الإيجابي مع متطلّبات العمل ومع زملائه بالمؤسسة خاصة إذا كان من ضمن الإطارات. كما اعتبروا أن مدة التنبيه على الطرف الآخر والمحددة بـ 15 يوما مبالغ فيها ويستحسن اعتماد مدّة أقصر أو مدّة متغيرّة حسب أقدمية الأجير في فترة التجربة. ولاحظوا في نفس السياق أنّه كان من الأفضل لو سبق تقديم مشروع القانون القيام باستشارة على أوسع نطاق مع مختلف المنظّمات الممثّلة للعمال وأصحاب العمل وكذلك دراسة تقييم أثر للمشروع المعروض، خاصة وأنّ تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن والتزمت من خلالها بالتفاوض الاجتماعي والمشاورات.
وفي ما يتعلّق بالمناولة، أكدوا أن الاتحاد يؤيّد منع المتاجرة باليد العاملة لكنه يعبّر عن تحفّظه بخصوص العقوبات السجنية التي أقرّها المشروع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 باعتبار أنّ المؤجر شريك اجتماعي ولا يجوز معاملته كخارج عن القانون، مع اقتراح الاقتصار على عقوبات مالية يقع الترفيع في قيمتها تناسبا مع المخالفات الممكن ارتكابها. كما دعا المتدخّلون إلى تدقيق صياغة الفصل 30 جديد من المشروع ذلك أن عبارة «معارف مهنية أو تخصّصا فنيا» غامضة ومن شأنها التضييق في مجال تطبيق الفصل، وكذلك الشأن بالنسبة لاشتراط أن تكون مناولة العمل في غير الاختصاص الأصلي للمؤسسة خاصة وأن عديد المؤسسات التونسية الصغرى تعمل كمؤسسات مناولة لفائدة مؤسسات كبرى وطنية أو أجنبية في مجال النسيج والبناء والأشغال العامة وصناعة مكونات السيارات ومن شأن هذا التضييق أن يؤدي إلى اندثار هذه المؤسسات وهو ما يناقض روح الفصل الذي يهدف بالأساس لمنع الاتجار باليد العاملة لا غير. وخلصوا إلى أن تنظيم العمل الوقتي بات أمرا ضروريا خاصة بعد إجازة القانون التونسي لمكاتب التشغيل بالخارج. وأشاروا إلى وجود قوانين جزائية رادعة لجريمة الاتجار بالبشر يمكن تطبيقها في صورة توفّر أركان هذه الجريمة في خصوص مناولة اليد العاملة لكن مجال العقوبات الجزائية يبقى من مجال القانون الجزائي وليس قانون الشغل الذي يفترض فيه أن يكون جاذبا للاستثمار ومشجعا على الانتداب. وبينوا أن تقنين العمل الوقتي يجب أن يكون بالاستئناس بالقوانين المقارنة والممارسات الفضلى لعدد من الدول المتقدّمة التي نظّمت هذا النوع من العمل بشكل لا يمس من حقوق العمال حيث يتم التنصيص على مجموعة من الضمانات كاستقرار الأجير لدى مؤسسة العمل الوقتي، وحصر حالات اللجوء لهذا النوع من العمل في حالات معينة والمساواة الكاملة للأجير الوقتي مع باقي أجراء المؤسّسة المستفيدة. وأضافوا أنّ القانون الدولي نفسه قد تطوّر في هذا المجال خاصة منذ صدور اتفاقية العمل الدولية عدد 181 المتعلّقة بوكالات الاستخدام الخاصة.
العمل اللائق
ويذكر أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية شارك يوم 30 أفريل 2025 في اليوم الدراسي الذي نظمته الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وأعلن عن موافقته التامة على ضرورة الانتقال بالتشغيل الهش نحو العمل اللائق وسدّ المنافذ أمام التعسف والالتجاء المفرط للحالات الاستثنائية، وعلى وضع حد لحالات عدم الاستقرار في العمل مع تدعيم حركية التشغيل، وعلى تمكين المؤسسات من أفضل الآليات التشغيلية في إطار قانوني، منظم ومرن وجاذب للاستثمار وفق المعايير الدولية (إنهاء عقد الشغل لأسباب اقتصادية، خدمات مكاتب التشغيل الخاصة). وفي علاقة بعقود الشغل، اقترح الاتحاد: توسيع الحالات الاستثنائية التي يتم فيها اللجوء إلى العقود محدودة المدة، والمحافظة على فترة التجربة المعمول بها حاليا لأنها نتيجة مفاوضات جماعية ومحل اتفاق بين ممثلي أصحاب العمل وممثلي العمال، ولأنه من الأفضل تحديد الفترة حسب الصنف المهني الذي يختلف في حجم المسؤولية والدراية والمهام الموكولة، وتحديد أجل الإعلام بإنهاء فترة التجربة وأن تتراوح فترة الإشعار من 24 ساعة إلى أسبوعين. وترى منظمة الأعراف أن إقرار مبدأ أن الأصل في التشغيل هو عدم تحديد المدة يقتضي بالضرورة تنظيم وتيسير نظام التسريح لأسباب اقتصادية وإعادة الإدماج. وإحداث عقد العمل لفترات متقطعة كشكل من التعاقد يضمن استمرارية تشغيل العامل الموسمي والظرفي لعدة سنوات. أما بخصوص منع المناولة، فيرى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن الفصل 28 يقر تعريفا لمناولة اليد العاملة يقوم على الإجارة والوضع على الذمة ولم يشر إلى تحديد في الزمن، وأن التعريف يزيل فراغا تشريعيا ولّد الممارسات الحالية، واقترح المحافظة على المبدأ مع إقرار استثناءين للتعريف المقترح وهما: إلحاق عامل مترسم لفترة من الزمن إلى مؤجر آخر، ونظام العمل المؤقت المنظم بصفة قانونية اعتمادا على القانون الدولي وتحديدا (اتفاقية العمل الدولية عدد 181) واقترح تعويض العقوبة السجنية في صورة العود الواردة بالفصل 29 بمضاعفة الخطية المالية. كما تعتبر منظمة الأعراف أن التعريف الوارد بالفصل 30 يهم حالات التعاقد التجاري الذي يمكن أن يكتسي شبهة العلاقة الشغلية المقنعة وهو ما يفترض أن يكون تنفيذ العقد بمقرات المؤسسة المستفيدة وأن يكون في مجال يعني النشاط الأساسي والدائم للمؤسسة المستفيدة وأن تتم مراقبة العمل وإدارته من طرف المؤسسة المستفيدة وللغرض اقترح إضافة عبارة «داخل مقراتها» في إشارة إلى الشركة المستفيدة مع ذكر بعض الاستثناءات في ما هو معمول به دوليا.
وتحدث ممثلو الاتحاد خلال اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية عن وضعية عمال الحراسة، وقبيل عرض مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في صيغته المعدلة من قبل لجنة الشؤون الاجتماعية التي نصت على اعتبار نشاط الحراسة والتنظيف مناولة يد عاملة على أنظار الجلسة العامة المزمع عقدها اليوم، يذكر أن الغرفة النقابية الوطنية لمؤسسات الحراسة وتأمين وسلامة المؤسسات الراجعة بالنظر للإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية نظمت صبيحة أمس بمقر الاتحاد ندوة صحفية حول موقف الغرفة من هذا المشروع، تم خلالها تسليط الأضواء على ظروف نشأة هذا القطاع ومراحل تطوره والإشارة إلى أن شركات الحراسة غير معنية بالمناولة، وإلى أن شركة الحراسة هي شركة يتم من خلالها اختيار وانتداب العون ويجب أن يكون المعني خاليا من السوابق العدلية وإثر ذلك يتم تكوينه لفترة تدوم 6 أسابيع من قبل مكونين تابعين لوزارة الداخلية ويشترط أن لا يقل المستوى العلمي عن التاسعة أساسي وبعد انتهاء فترة التكوين تقوم شركات الحراسة بالمتابعة، أما المراقبة فهي من مشمولات تفقدية الشغل، كما تم التأكيد على أن عون الحراسة يتمتع بالتدرج المهني والتدرج في الأجر وأنه بعد قضاء أربع سنوات يتمتع بالترسيم وأن ستين بالمائة من أعوان مؤسسات الحراسة مترسمين وتم التأكيد أيضا على أن أعوان الحراسة يتمتعون بالتغطية الاجتماعية.
تنزيل الدستور
وقبل الاستماع إلى ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يذكر أنه في إطار النظر في مشروع القانون المتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة يوم الخميس 10 أفريل 2025 جلسة استماع إلى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية «كوناكت»، وأكّد أصلان بالرجب رئيس المنظّمة دعم كنفدرالية المؤسّسات المواطنة التونسية ومساندتها المبدئية لمشروع هذا القانون الذي يتنزل في إطار سعي الدولة إلى تكريس الحق في العمل اللائق بأجر عادل وفق ما نصّ عليه الفصل 46 من الدستور. واعتبر أنّ المشروع المعروض يُعدّ أهم إصلاح يدخل على مجلّة الشغل منذ سنة 1966 باعتباره سيؤثّر على أنماط عقود الشغل وعلى العلاقات المهنية عامة من خلال إعادة تنظيم تصنيف عقود الشغل وهو خطوة مختلفة عن المنحى الذي سبق اعتماده من قبل المشرع في التنقيحات التي أدخلت على مجلة الشغل سابقا. وأضاف أنّ هذه المساندة المبدئية تنبع من إيمان الكنفدرالية بمبادئ المواطنة والمشاركة البنّاءة في مسار وضع القوانين والسياسات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، وأكد أنّ المشروع يتعدّى البعد التقني ليكون أداة لتكريس الحوار الاجتماعي بما يمكّن في ذات الوقت من تأمين القدر الأفضل لحقوق العمال والذود على المؤسسات الاقتصادية والرفع من قدراتها التنافسية.
وأضاف أنّه كان بالإمكان أن يكون تقديم المشروع مسبوقا باستشارة على أوسع نطاق مع مختلف الأطراف ذات العلاقة خاصة المنظمات الممثلة للعمال ولأصحاب العمل لأنّ تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية التي تلزمها بالحوار الاجتماعي وإتباع التفاوض والتشاور مع المنظمات المهنية قبل سن القوانين ذات العلاقة بالعمل والشؤون الاجتماعية. ونبه إلى أن مشروع القانون سيكون له تأثير كبير على الجانب الاقتصادي والاجتماعي وكان من المفروض أن يسبق اتخاذه دراسة جدوى لتقييم انعكاساته خاصة على القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية في ظل وضع اقتصادي وطني ودولي صعب.
وقدّم ممثّلو منظمة «كوناكت» جملة من الملاحظات ومقترحات التعديل من أهمها التوسّع في قائمة الاستثناءات موضوع الفصل 6-4 فقرة أولى بإضافة حالة رابعة منصوص عليها بالفصل في صيغته الأصلية وتتمثل في «الأشغال الأولى لتركيز المؤسسة»، وذلك بغاية تحفيز الاستثمار، وحالة خامسة تسمح بانتداب العاطلين عن العمل المسجلين بمكاتب التشغيل بعقود محددة المدة بغية تحفيز تشغيل الشباب، وتمكين المؤسسات من إجراء دورات تدريبية لمن طالت بطالتهم مع تحديد مدّة العقد في كلا الحالتين بسنتين على الأكثر بما في ذلك فترات التجديد وإضافة حالات أخرى تفرض فيها طبيعة العمل اللجوء إلى العقود محددة المدة كاللزمات والصفقات العمومية. وبالنسبة إلى فترة التجربة فتم اقتراح الإبقاء على المدد المعمول بها حاليا، وهي ستة أشهر لأعوان التنفيذ وتسعة أشهر لأعوان التسيير وسنة للإطارات، مع قابلية التجديد مرة واحدة، وإمكانية إنهاء تلك الفترة في كل وقت شرط التنبيه على الطرف الآخر بأية وسيلة تترك أثرا كتابيا مع اعتماد فترة إشعار تختلف باختلاف المدة التي قضاها العامل في المؤسسة، ويتمثل المقترح الموالي في حذف الإجراء الوارد بالفصل 6 ـ 4 الفقرة الثانية المتعلق بالأولوية في الانتداب في مواطن الشغل القارة لدى نفس المؤجر لفائدة المنتدبين بعقود محددة المدة. أما في ما يتعلّق بالمناولة، فاقترحت الكنفدرالية إلغاء العقوبة السجنية التي أقرها المشروع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 باعتبار أن المؤجر شريك اجتماعي ولا يجوز معاملته كمجرم محتمل والاقتصار على عقوبات مالية تحترم مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة. كما تقدّم ممثّلو المنظمة بجملة من المقترحات التعديلية الأخرى للفصل 30 و30 رابعا وخامسا وسادسا اقترحوا تعديل أحكام الفصل السادس والفصل السابع والفصل التاسع من المشروع.. وتضمن التقرير المعروض على أنظار الجلسة العامة تفاصيل ضافية حول هذه المقترحات.
أصحاب النزل
واستنادا إلى نفس التقرير استمعت لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة يوم 22 أفريل 2025 بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة إلى ممثلين عن الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة والجامعة التونسية للنسيج والملابس وإلى ممثلين عن الغرف المشتركة.
وأشارت رئيسة الجامعة التونسية للنزل إلى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يتنزّل في إطار الاستجابة إلى دعوة رئيس الجمهورية لوضع حدّ لجميع أشكال العمل الهش انسجاما مع دستور 2022 وبالأساس الفصل 46 منه، والذي تطرّق إلى الحق في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل. وعبّرت عن انصهار الجامعة في تمشّي الإصلاح التشريعي مع مراعاة الأوضاع الاستثنائية للقطاع السياحي عامة والفندقي خاصّة، بهدف الارتقاء بالخدمات وتحقيق التنمية الشاملة، وذلك وعيا من الجامعة التونسية للنزل بأهمية تنقية مناخ العمل وإرساء بيئة شغل سليمة. وذكّرت بأهميّة قطاع النزل في تونس مبيّنة أنه يُوفّر 100 ألف موطن شغل مباشر وما يُقارب 300 ألف موطن شغل غير مباشر ويساهم بـ 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وذكّرت بأنّ الهدف يتمثّل في الوصول إلى تحقيق ملاءمة أكبر لمشروع القانون مع واقع الحياة الاقتصادية لهذا القطاع . وعبر ممثلون عن الجامعة التونسية للنزل عن موافقتهم على ما جاء في مشروع القانون من حيث القطع مع جميع أشكال التشغيل الهش، خاصّة في ظلّ وجود أزمة حالية في توفير اليد العاملة أثّرت على استقرار القطاع. وأفادوا أنّ خصوصية هذا القطاع تتمثّل أساسا في العمل الموسمي وطالبوا في الآن ذاته بمزيد تدقيق هذه النقطة ضمن مشروع القانون. وبخصوص المناولة، أوضحوا أنّ النزل تلتجئ إليها عندما يتعلق الأمر بالحراسة، وليست مناولة اليد العاملة، حيث تتعامل معظم النزل مع شركات خاصة لتأمين الحراسة باعتبارها تمتلك المعدّات اللاّزمة لذلك ولديها العمّال المؤهّلين للقيام بهذه الأعمال. وبخصوص مدى قدرة النزل على التعويل على ذاتها لتوفير الحراسة، تمت الإشارة إلى أن الجامعة بدأت منذ مدة في تكوين مسؤولين عن الأمن والسلامة، إلاّ أنّ القطاع مازال يشهد نقصا في مسألة التأمين الذّاتي وكذلك الحراسة وهو ما يفسّر طلبهم التنصيص صلب القانون على مهلة من شأنها أن تسمح للقطاع بأن يتجهز على النحو اللاّزم على مستوى تكوين العمال في المجال وتحصّلهم على الشهادات اللاّزمة في الغرض. أما في ما يتعلّق بالأعمال الموسمية، أفادوا بأنها تُمثّل خصوصية هذا القطاع، وأوضحوا أنّ الموسمية تتفاوت بين مختلف الجهات وحتى على مستوى الجهة الواحدة، وهو ما لا يتماشى مع ما يفرضه مشروع القانون بالنسبة للعقود غير محدّدة المدّة.
وكالات الأسفار
واستمعت لجنة الشؤون الاجتماعية بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المنوالة إلى ممثّلين عن الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، الذين أكّدوا أنّ مشروع القانون المذكور لم يأخذ بعين الاعتبار موسمية النشاط السياحي، وأضافوا أنّ قطاعهم يتّسم بعدم الاستقرار ويشهد عزوفا من قبل العملة. وهو ما يبرّر اللّجوء إلى إبرام العقود محدّدة المدّة. واقترحوا مراجعة الفصل 6.3 في اتجاه التنصيص فيه على اعتماد فترة تجربة في إطار عقد غير محدّد المدّة، لمدّة سنة قابلة للتجديد قبل أن يتمّ انتداب العامل. واستدلوا بعدد من التجارب المقارنة في المجال، مؤكّدين على ضرورة أن يأخذ قانون الشغل بعين الاعتبار خصوصية القطاع وهي موسمية النشاط وأنّ هذه الموسمية تختلف حسب نوعية السياحة سواء كانت سياحة شاطئية أو صحراوية أو سياحة للصيد وكذلك نشاط تنظيم العمرة. وبيّنوا أنّ معدّل الموسمية تتراوح مدّته من ثلاثة أشهر إلى ثمانية أشهر، حسب النشاط والقطاع. وأوضحوا أنّ وكالات الأسفار هي عبارة عن مؤسّسات صغرى ومتوسّطة، وأكدوا سعيهم إلى ضمان استمرارية الموظّفين القارين بها على مدار السنة. وشدّدوا في هذا السياق على ضرورة أن يعطي مشروع القانون القيمة المضافة للعامل والمؤجّر في نفس الوقت. وطالبوا بالتنصيص على التدرّج في تطبيق أحكام القانون الجديد، وتفادي التنصيص فيه على الأثر الرجعي تفاديا للإشكاليات التي ستنجر عن ذلك. وأضافوا أنّه يتم الاستثمار اليوم في العمال من خلال تكوينهم وتأهيلهم في مختلف المجالات، وأكّدوا من جهة أخرى على ضرورة تنظيم مسألة المناولة.