من قلب العاصمة العراقية بغداد، أين يختلط عبق التاريخ بنداءات الحاضر، ارتفع صوت الديبلوماسية التونسية هادئا، رصينا ومتزنا، يعكس رؤية ومواقف تنسجم مع التغيرات الإقليمية التي تشهدها المنطقة والعالم، مؤكدا أن السياسة الخارجية لا تُبنى فقط على موازين القوى، بل على رؤية وموقف، وجرأة في قول ما يجب أن يُقال.
في هذا الجانب جدد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، لدى كلمته على هامش أشغال الجلسة الافتتاحية لقمة بغداد، والتي تولى فيها تلاوة كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تأكيد موقف تونس الثابت والداعم لنضالات الشعب الفلسطيني، لاسترجاع كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلّة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
ونددت بلادنا بجرائم الإبادة الجماعية، التي يرتكبها الكيان الغاصب يوميا في غزة واعتداءاته الهمجية، في الضفة الغربية.
كما جددت تونس رفضها القاطع لكل المحاولات الرامية لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة ودعمها للمبادرة العربية والإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة بسواعد أبنائه.
أما في ما يتعلق بالوضع الليبي والمستجدات الأخيرة، فقد أعربت تونس عن انشغالها العميق إزاء التطورات الخطيرة في العاصمة الليبية طرابلس، مجددة دعوتها إلى الوقف الفوري للتصعيد في كافة مناطق ليبيا، وأكدت أهميّة إعلاء صوت الحكمة وإيلاء مصلحة الوطن الأولوية المطلقة والتوافق بين كافة الأطراف الليبية.
كما عبّرت تونس عن استعدادها لتكون أرض تلاق بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي-ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة بليبيا، لبلوغ الحل السياسي المنشود الذي يحفظ وحدة ليبيا ويستجيب لتطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والعيش في وئام.
كما أكدت بلادنا على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وحثت المجموعة العربية على العمل سويا ككتلة واحدة لمواجهة التحديات الماثلة وفي طليعتها استعادة الأمن والاستقرار السياسي في مختلف ربوع عالمنا العربي وكسب رهانات التنمية المستدامة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وايلاء البعد الثقافي ما يستحقه من عناية واهتمام داعية في الإطار نفسه الى تكريس الاهتمام اللازم بالعمل الاقتصادي المشترك وتطوير آليته بما يخدم تنمية دولنا وشعوبنا.
وأكدت تونس أنها لم تدخر جهدا منذ التحاقها بجامعة الدول العربية في تحمّل مسؤوليتها كاملة على مدى سبعة عقود من الزمن، للإسهام في كل مبادرة تهدف الى الارتقاء بالعمل العربي المشترك في كافة أبعاده السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والتكنولوجية والعلمية، إلى جانب نصرة القضايا العربية العادلة والدفاع عنها في مختلف المنابر الأممية.
في هذا الخصوص يرى كثير من المتابعين للشأن العام والدولي أن كلمة تونس، في قمة بغداد، جاءت لتعكس مرة أخرى مبادئ الديبلوماسية التونسية كصوت هادئ ورصين، وسط صخب الصراعات الدولية والإقليمية، ولتؤكد أيضا أن السياسة الخارجية لا تُبنى فقط على موازين القوى بل على رؤية وموقف وجرأة في قول ما يجب أن يقال.
وفي هذا الاتجاه جاءت كلمة تونس مختصرة، لكنها مثقلة بالدلالات والمعاني، فقد أعادت التأكيد على أن تونس لم تتخلَّ عن التزاماتها الخارجية وأن بوصلتها لا تزال تشير إلى قضايا الأمن القومي العربي كما أن مواقفها ثابت في نصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار جاءت كلمة تونس لتؤكد التزامها الراسخ والدائم بدعم القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية لا تقبل المساومة، مجددة مجددًا دعمها «اللامشروط» لكافة حقوق الشعب الفلسطيني ورفضها لكل محاولات تصفية القضية..
من جانب آخر، ولئن تحمل تونس في مواقفها الرسمية نوعا من «الحياد الإيجابي»، من خلال تبني مواقف لا تنحاز لأقطاب بعينها، بقدر ما تدفع نحو الحوار وصياغة حلول مشتركة. وقد تجلّت هذه الفلسفة بوضوح خلال قمة بغداد حيث تم الخوض في أهمية التضامن العربي وأهمية الوحدة. ولم يكن ذلك مجرد تكرار لسياسة دبلوماسية مألوفة بقدر ما كان تأكيدا على أن الحلول ليست مستوردة وإنما تُنسج من داخل البيت العربي نفسه.
وبالتالي فإن اللافت في كلمة الوزير، هو تمسك تونس بخطها الدبلوماسي المعتاد وهو الحياد الإيجابي، الى جانب الانفتاح على جميع الأطراف، دون انخراط في محاور متصارعة. وهذا الموقف جعل تونس طرفًا مؤهلًا للعب دور الوسيط أو الجسر بين مختف الفاعلين المختلفين. وهنا يتجلى تجديد دعوة تونس على هامش أشغال الجلسة الافتتاحية لقمة بغداد لحوار «ليبي-ليبي» يكون في تونس، كمبادرة لتسريع الحل السياسي بين الأطراف الليبية المتنازعة.
حيث أكد وزير الخارجية على هامش أشغال القمة أن الحل يتعين أن يكون ليبيا خالصا، دون أدنى تدخل خارجي وهو موقف يتفق مع شعار الأمم المتحدة «ليبيا لليبيين» مقترحا أن تكون تونس «منصة محايدة» للحوار مستفيدة من تجربتها السابقة في الوساطة، مما يعكس رغبة تونس في لعب دور دبلوماسي فعال.
من جهة أخرى، ومن بين الرسائل الأخرى التي حملتها كلمة تونس على هامش قمة بغداد، هو أنه رغم انشغالها بأوضاعها الداخلية، فإنها ليست بمعزل عن محيطها العربي، حيث تحرص على البقاء فاعلة في الملفات الإقليمية. كما وجّهت رسائل ضمنية للخارج، تؤكد فيها على تمسّكها بمبادئ وثوابت القانون الدولي، ورفضها لأي مشاريع تقسيم أو تهجير.
في هذا الخضم يتفق الملاحظون والمتابعون للشأن العام على أن كلمة تونس على هامش قمة بغداد، جاءت لتكرس التزام تونس بثوابتها الديبلوماسية وتكيّفها مع مستجدات الواقع الإقليمي. فقد تمكنت تونس من إبلاغ صوتها والتعبير عن مواقفها بوضوح، دون صدام، وبأسلوب يعكس نضجا دبلوماسيًا، يستند إلى تاريخ طويل من العمل من أجل التوافق العربي.
منال حرزي
من قلب العاصمة العراقية بغداد، أين يختلط عبق التاريخ بنداءات الحاضر، ارتفع صوت الديبلوماسية التونسية هادئا، رصينا ومتزنا، يعكس رؤية ومواقف تنسجم مع التغيرات الإقليمية التي تشهدها المنطقة والعالم، مؤكدا أن السياسة الخارجية لا تُبنى فقط على موازين القوى، بل على رؤية وموقف، وجرأة في قول ما يجب أن يُقال.
في هذا الجانب جدد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، لدى كلمته على هامش أشغال الجلسة الافتتاحية لقمة بغداد، والتي تولى فيها تلاوة كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تأكيد موقف تونس الثابت والداعم لنضالات الشعب الفلسطيني، لاسترجاع كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلّة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
ونددت بلادنا بجرائم الإبادة الجماعية، التي يرتكبها الكيان الغاصب يوميا في غزة واعتداءاته الهمجية، في الضفة الغربية.
كما جددت تونس رفضها القاطع لكل المحاولات الرامية لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة ودعمها للمبادرة العربية والإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة بسواعد أبنائه.
أما في ما يتعلق بالوضع الليبي والمستجدات الأخيرة، فقد أعربت تونس عن انشغالها العميق إزاء التطورات الخطيرة في العاصمة الليبية طرابلس، مجددة دعوتها إلى الوقف الفوري للتصعيد في كافة مناطق ليبيا، وأكدت أهميّة إعلاء صوت الحكمة وإيلاء مصلحة الوطن الأولوية المطلقة والتوافق بين كافة الأطراف الليبية.
كما عبّرت تونس عن استعدادها لتكون أرض تلاق بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي-ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة بليبيا، لبلوغ الحل السياسي المنشود الذي يحفظ وحدة ليبيا ويستجيب لتطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والعيش في وئام.
كما أكدت بلادنا على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وحثت المجموعة العربية على العمل سويا ككتلة واحدة لمواجهة التحديات الماثلة وفي طليعتها استعادة الأمن والاستقرار السياسي في مختلف ربوع عالمنا العربي وكسب رهانات التنمية المستدامة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وايلاء البعد الثقافي ما يستحقه من عناية واهتمام داعية في الإطار نفسه الى تكريس الاهتمام اللازم بالعمل الاقتصادي المشترك وتطوير آليته بما يخدم تنمية دولنا وشعوبنا.
وأكدت تونس أنها لم تدخر جهدا منذ التحاقها بجامعة الدول العربية في تحمّل مسؤوليتها كاملة على مدى سبعة عقود من الزمن، للإسهام في كل مبادرة تهدف الى الارتقاء بالعمل العربي المشترك في كافة أبعاده السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والتكنولوجية والعلمية، إلى جانب نصرة القضايا العربية العادلة والدفاع عنها في مختلف المنابر الأممية.
في هذا الخصوص يرى كثير من المتابعين للشأن العام والدولي أن كلمة تونس، في قمة بغداد، جاءت لتعكس مرة أخرى مبادئ الديبلوماسية التونسية كصوت هادئ ورصين، وسط صخب الصراعات الدولية والإقليمية، ولتؤكد أيضا أن السياسة الخارجية لا تُبنى فقط على موازين القوى بل على رؤية وموقف وجرأة في قول ما يجب أن يقال.
وفي هذا الاتجاه جاءت كلمة تونس مختصرة، لكنها مثقلة بالدلالات والمعاني، فقد أعادت التأكيد على أن تونس لم تتخلَّ عن التزاماتها الخارجية وأن بوصلتها لا تزال تشير إلى قضايا الأمن القومي العربي كما أن مواقفها ثابت في نصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار جاءت كلمة تونس لتؤكد التزامها الراسخ والدائم بدعم القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية لا تقبل المساومة، مجددة مجددًا دعمها «اللامشروط» لكافة حقوق الشعب الفلسطيني ورفضها لكل محاولات تصفية القضية..
من جانب آخر، ولئن تحمل تونس في مواقفها الرسمية نوعا من «الحياد الإيجابي»، من خلال تبني مواقف لا تنحاز لأقطاب بعينها، بقدر ما تدفع نحو الحوار وصياغة حلول مشتركة. وقد تجلّت هذه الفلسفة بوضوح خلال قمة بغداد حيث تم الخوض في أهمية التضامن العربي وأهمية الوحدة. ولم يكن ذلك مجرد تكرار لسياسة دبلوماسية مألوفة بقدر ما كان تأكيدا على أن الحلول ليست مستوردة وإنما تُنسج من داخل البيت العربي نفسه.
وبالتالي فإن اللافت في كلمة الوزير، هو تمسك تونس بخطها الدبلوماسي المعتاد وهو الحياد الإيجابي، الى جانب الانفتاح على جميع الأطراف، دون انخراط في محاور متصارعة. وهذا الموقف جعل تونس طرفًا مؤهلًا للعب دور الوسيط أو الجسر بين مختف الفاعلين المختلفين. وهنا يتجلى تجديد دعوة تونس على هامش أشغال الجلسة الافتتاحية لقمة بغداد لحوار «ليبي-ليبي» يكون في تونس، كمبادرة لتسريع الحل السياسي بين الأطراف الليبية المتنازعة.
حيث أكد وزير الخارجية على هامش أشغال القمة أن الحل يتعين أن يكون ليبيا خالصا، دون أدنى تدخل خارجي وهو موقف يتفق مع شعار الأمم المتحدة «ليبيا لليبيين» مقترحا أن تكون تونس «منصة محايدة» للحوار مستفيدة من تجربتها السابقة في الوساطة، مما يعكس رغبة تونس في لعب دور دبلوماسي فعال.
من جهة أخرى، ومن بين الرسائل الأخرى التي حملتها كلمة تونس على هامش قمة بغداد، هو أنه رغم انشغالها بأوضاعها الداخلية، فإنها ليست بمعزل عن محيطها العربي، حيث تحرص على البقاء فاعلة في الملفات الإقليمية. كما وجّهت رسائل ضمنية للخارج، تؤكد فيها على تمسّكها بمبادئ وثوابت القانون الدولي، ورفضها لأي مشاريع تقسيم أو تهجير.
في هذا الخضم يتفق الملاحظون والمتابعون للشأن العام على أن كلمة تونس على هامش قمة بغداد، جاءت لتكرس التزام تونس بثوابتها الديبلوماسية وتكيّفها مع مستجدات الواقع الإقليمي. فقد تمكنت تونس من إبلاغ صوتها والتعبير عن مواقفها بوضوح، دون صدام، وبأسلوب يعكس نضجا دبلوماسيًا، يستند إلى تاريخ طويل من العمل من أجل التوافق العربي.