يترأّس، اليوم، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، وبتكليف من رئيس الجمهورية قيس سعيد، الوفد التونسي المشارك في أشغال القمة العربية الـ34 والقمة التنموية الخامسة بالعراق وسط متغيرات جيوسياسية معقدة، حيث تتقاطع الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وسط تحديات غير مسبوقة، بما يجعل الأنظار تتطلع الى قمة بغداد وما سيتمخض عنها من توصيات..
تحت شعار «حوار وتضامن وتنمية».. ووسط تطلعات عربية لرسم خارطة وتعزيز العمل العربي المشترك.. تستضيف العراق اليوم أشغال مؤتمر القمة العادية الـ34.
هذه القمة الرابعة في تاريخ العراق - والتي تعكس عودة بغداد لاستضافة القمم العربية، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية، يجعلها ذات رمزية هامة، إذ يعتبر كثيرون أنها ستمثل منبرا لإعادة التأكيد على أمهات القضايا، القضية الفلسطينية، الى جانب تطورات الوضع في سوريا وليبيا واليمن، وأهمية دعم جهود السلام في السودان.
ومن الملفات الأخرى المطروحة على طاولة قمة بغداد: التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدول العربية إضافة إلى التغيرات الجيوسياسية في المنطقة حيث ستعكس قمة العراق، وفقا للمتابعين للشأن الدولي، تطلعات لتعزيز التكامل العربي، سواء على صعيد الطاقة أو الغذاء أو الأمن المشترك.
ويمكن لتونس عبر قمة بغداد، تعزيز مكانتها كفاعل إقليمي مؤثر، خاصة في ظل حرصها على سياسة خارجية متوازنة ومنفتحة، قوامها الندية في التعامل، وبالتالي يمكن للقمة أن تكون فرصة لبناء تحالفات جديدة أو تعزيز العلاقات مع دول مثل مصر والسعودية والإمارات، مما قد يفتح أبوابا جديدةً للتعاون السياسي والدبلوماسي..
أما على المستوى السياسي فإن قمة اليوم ستكون بمثابة فرصة لتونس لتدعيم مواقفها الثابتة من القضايا العربية المصيرية على غرار القضية الفلسطينية والمستجدات الحاصلة في ليبيا وسوريا واليمن. وهو ما من شأنه أن يعزز دورها كمدافع عن وحدة الصف العربي.
في هذا الخضم وبعيدا عن الجانب السياسي للقمة فإنه يصح التساؤل: كيف يمكن لتونس أن تستفيد من فعاليات هذه القمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؟
محطة لتعزيز التعاون
في هذا الاتجاه يرى المتابعون للشأن العام أن القمم العربية والإقليمية عادة ما تمثل فرصا مهمة للدول لتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية، وتونس لا تمثل استثناء في ظل التحديات الراهنة، بما يجعل قمة بغداد بمثابة محطة استراتيجية لتونس لتعزيز التعاون مع مختلف الدول العربية، خاصةً في مجالات الاستثمار والأمن والطاقة.
فمن خلال قمة بغداد، يمكن لتونس أن تبحث عن فرص استثمارية جديدة، مع دول الخليج والعراق، في عديد القطاعات الحيوية، على غرار الطاقة والبنية التحتية والصناعات التكنولوجية.
كما أن قمة بغداد يمكن أن تمثل محطة للتقارب بين تونس ودول الخليج، التي تتطلع الى أسواق استثمارية جديدة في قطاعات مختلفة كالزراعة والسياحة والطاقات المتجددة. وبالتالي يمكن لتونس الاستفادة من هذه التوجهات عبر تقديم مقترحات لجذب تلك الاستثمارات.
من جانب آخر، وفي ظل أزمة الأمن الغذائي العالمي، يمكن لتونس أيضا أن تعزز شراكاتها مع مختلف الدول العربية لتبادل المنتجات الزراعية أو إقامة مشاريع مشتركة في الزراعة والصناعات التحويلية، بما يجعل قمة بغداد محطة لتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية في أكثر من مجال. تفاعلا مع هذا الطرح يشير الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح لـ«الصباح» أن القمم العربية عادة ما تمثل مناسبة للالتقاء المتعدد الأطراف على اعتبار انه يجتمع فيها عادة مختلف القادة والرؤساء. وأضاف أنه وفقا لنواميس العمل الديبلوماسي، فإنه عادة ما يتم ضبط مذكرات تفاهم في مختلف المواضيع العالقة. وبالتالي تمثل القمة مناسبة لطرحها .
من جهة أخرى، جدير بالذكر أن وزير الخارجية، محمد علي النفطي، الذي يترأس الوفد التونسي المشارك في هذه القمة كانت له سلسلة من اللقاءات التي أجراها مع نظرائه على هامش هذه القمة، على غرار نظيره الجزائري أحمد عطاف. وتم خلال الجلسة استعراض مسيرة العلاقات الثنائية المتميزة والسبل الكفيلة بمزيد دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، ولاسيما منها ما يهمّ التجارة البينية والاستثمار المشترك والصناعة والطاقة وتنمية المناطق الحدودية. كما تطرّق الوزيران إلى مضامين الوثائق التي ستصدر عن القمة العربية.
تأكيد على وقف العنف
وتناول الوزيران التطورات التي تشهدها الساحة الليبية في الأيام الأخيرة، حيث شددا على ضرورة وقف أعمال العنف والعمل على جمع الأشقاء الليبيين من خلال الحوار تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ليبي-ليبي للأزمة الليبية بعيدا عن التدخلات الخارجية.
كما شدد الجانبان خلال هذا اللقاء على أهمية التنسيق والتشاور إزاء عدد من القضايا الإقليمية الإفريقية والمتوسطية والدولية.
وقد كان للنفطي أيضا لقاء مع نظيره المصري حيث تناول اللقاء مسيرة العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها.
وفي هذا السياق أشاد الوزير بما تشهده هذه العلاقات من حركية خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا الحرص على الارتقاء بالتعاون المشترك في شتى المجالات بين البلدين الشقيقين، وضرورة العمل سويّا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة.
وبالعودة الى فعاليات القمة العربية التي انطلقت اليوم في بغداد يذكر أنها تمثل محطة سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة لتونس حيث يمكن أن تكون فرصة لبلادنا لتعيد توجيه بوصلتها نحو التكامل الإقليمي، الأمر الذي يقتضي رؤية استراتيجية واضحة وتفعيل دبلوماسية اقتصادية نشطة، إلى جانب إدخال إصلاحات على منظومة الاستثمار، حتى تكون مشجعة وجالبة للمستثمرين، بما من شأنه أن يعزّز قدرة تونس على الاستفادة من ديناميكيات العمل العربي المشترك.
منال حرزي
يترأّس، اليوم، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، وبتكليف من رئيس الجمهورية قيس سعيد، الوفد التونسي المشارك في أشغال القمة العربية الـ34 والقمة التنموية الخامسة بالعراق وسط متغيرات جيوسياسية معقدة، حيث تتقاطع الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وسط تحديات غير مسبوقة، بما يجعل الأنظار تتطلع الى قمة بغداد وما سيتمخض عنها من توصيات..
تحت شعار «حوار وتضامن وتنمية».. ووسط تطلعات عربية لرسم خارطة وتعزيز العمل العربي المشترك.. تستضيف العراق اليوم أشغال مؤتمر القمة العادية الـ34.
هذه القمة الرابعة في تاريخ العراق - والتي تعكس عودة بغداد لاستضافة القمم العربية، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية، يجعلها ذات رمزية هامة، إذ يعتبر كثيرون أنها ستمثل منبرا لإعادة التأكيد على أمهات القضايا، القضية الفلسطينية، الى جانب تطورات الوضع في سوريا وليبيا واليمن، وأهمية دعم جهود السلام في السودان.
ومن الملفات الأخرى المطروحة على طاولة قمة بغداد: التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدول العربية إضافة إلى التغيرات الجيوسياسية في المنطقة حيث ستعكس قمة العراق، وفقا للمتابعين للشأن الدولي، تطلعات لتعزيز التكامل العربي، سواء على صعيد الطاقة أو الغذاء أو الأمن المشترك.
ويمكن لتونس عبر قمة بغداد، تعزيز مكانتها كفاعل إقليمي مؤثر، خاصة في ظل حرصها على سياسة خارجية متوازنة ومنفتحة، قوامها الندية في التعامل، وبالتالي يمكن للقمة أن تكون فرصة لبناء تحالفات جديدة أو تعزيز العلاقات مع دول مثل مصر والسعودية والإمارات، مما قد يفتح أبوابا جديدةً للتعاون السياسي والدبلوماسي..
أما على المستوى السياسي فإن قمة اليوم ستكون بمثابة فرصة لتونس لتدعيم مواقفها الثابتة من القضايا العربية المصيرية على غرار القضية الفلسطينية والمستجدات الحاصلة في ليبيا وسوريا واليمن. وهو ما من شأنه أن يعزز دورها كمدافع عن وحدة الصف العربي.
في هذا الخضم وبعيدا عن الجانب السياسي للقمة فإنه يصح التساؤل: كيف يمكن لتونس أن تستفيد من فعاليات هذه القمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؟
محطة لتعزيز التعاون
في هذا الاتجاه يرى المتابعون للشأن العام أن القمم العربية والإقليمية عادة ما تمثل فرصا مهمة للدول لتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية، وتونس لا تمثل استثناء في ظل التحديات الراهنة، بما يجعل قمة بغداد بمثابة محطة استراتيجية لتونس لتعزيز التعاون مع مختلف الدول العربية، خاصةً في مجالات الاستثمار والأمن والطاقة.
فمن خلال قمة بغداد، يمكن لتونس أن تبحث عن فرص استثمارية جديدة، مع دول الخليج والعراق، في عديد القطاعات الحيوية، على غرار الطاقة والبنية التحتية والصناعات التكنولوجية.
كما أن قمة بغداد يمكن أن تمثل محطة للتقارب بين تونس ودول الخليج، التي تتطلع الى أسواق استثمارية جديدة في قطاعات مختلفة كالزراعة والسياحة والطاقات المتجددة. وبالتالي يمكن لتونس الاستفادة من هذه التوجهات عبر تقديم مقترحات لجذب تلك الاستثمارات.
من جانب آخر، وفي ظل أزمة الأمن الغذائي العالمي، يمكن لتونس أيضا أن تعزز شراكاتها مع مختلف الدول العربية لتبادل المنتجات الزراعية أو إقامة مشاريع مشتركة في الزراعة والصناعات التحويلية، بما يجعل قمة بغداد محطة لتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية في أكثر من مجال. تفاعلا مع هذا الطرح يشير الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح لـ«الصباح» أن القمم العربية عادة ما تمثل مناسبة للالتقاء المتعدد الأطراف على اعتبار انه يجتمع فيها عادة مختلف القادة والرؤساء. وأضاف أنه وفقا لنواميس العمل الديبلوماسي، فإنه عادة ما يتم ضبط مذكرات تفاهم في مختلف المواضيع العالقة. وبالتالي تمثل القمة مناسبة لطرحها .
من جهة أخرى، جدير بالذكر أن وزير الخارجية، محمد علي النفطي، الذي يترأس الوفد التونسي المشارك في هذه القمة كانت له سلسلة من اللقاءات التي أجراها مع نظرائه على هامش هذه القمة، على غرار نظيره الجزائري أحمد عطاف. وتم خلال الجلسة استعراض مسيرة العلاقات الثنائية المتميزة والسبل الكفيلة بمزيد دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، ولاسيما منها ما يهمّ التجارة البينية والاستثمار المشترك والصناعة والطاقة وتنمية المناطق الحدودية. كما تطرّق الوزيران إلى مضامين الوثائق التي ستصدر عن القمة العربية.
تأكيد على وقف العنف
وتناول الوزيران التطورات التي تشهدها الساحة الليبية في الأيام الأخيرة، حيث شددا على ضرورة وقف أعمال العنف والعمل على جمع الأشقاء الليبيين من خلال الحوار تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ليبي-ليبي للأزمة الليبية بعيدا عن التدخلات الخارجية.
كما شدد الجانبان خلال هذا اللقاء على أهمية التنسيق والتشاور إزاء عدد من القضايا الإقليمية الإفريقية والمتوسطية والدولية.
وقد كان للنفطي أيضا لقاء مع نظيره المصري حيث تناول اللقاء مسيرة العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها.
وفي هذا السياق أشاد الوزير بما تشهده هذه العلاقات من حركية خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا الحرص على الارتقاء بالتعاون المشترك في شتى المجالات بين البلدين الشقيقين، وضرورة العمل سويّا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة.
وبالعودة الى فعاليات القمة العربية التي انطلقت اليوم في بغداد يذكر أنها تمثل محطة سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة لتونس حيث يمكن أن تكون فرصة لبلادنا لتعيد توجيه بوصلتها نحو التكامل الإقليمي، الأمر الذي يقتضي رؤية استراتيجية واضحة وتفعيل دبلوماسية اقتصادية نشطة، إلى جانب إدخال إصلاحات على منظومة الاستثمار، حتى تكون مشجعة وجالبة للمستثمرين، بما من شأنه أن يعزّز قدرة تونس على الاستفادة من ديناميكيات العمل العربي المشترك.