سجلت تونس أمس، انخفاضًا جديدًا في معدل التضخم، لشهر أفريل، حيث بلغ 5.6 % مقارنة بـ5.9 % في شهر مارس من العام نفسه، وذلك وفق احدث المؤشرات المحينة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. ويُعتبر هذا الانخفاض الأحدث هو الأدنى منذ أفريل 2021، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في سياسات ضبط الأسعار واستقرار السوق.
كما يعكس هذا التطور أهمية كبيرة على عدة أصعدة اقتصادية واجتماعية، حيث يُسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي، ودعم القوة الشرائية، واستعادة ثقة المستثمرين. وسنتناول أسباب هذا التراجع، انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد التونسي، وأهميته المستقبلية.
أسباب تراجع التضخم
يعزى انخفاض معدل التضخم في تونس خلال أفريل 2025 أساسًا إلى تباطؤ ارتفاع أسعار بعض المجموعات الرئيسية من السلع والخدمات. وسجلت أسعار المواد الغذائية زيادة سنوية قدرها 7.3 % فقط، مقارنة بـ7.8 % في الشهر السابق. ويعود ذلك إلى انخفاض أسعار بعض المنتجات مثل الزيوت الغذائية التي شهدت تراجعًا كبيرًا بنسبة 20.9 %، ومع ذلك، استمرت أسعار بعض المواد الأساسية كالخضروات الطازجة والفواكه واللحوم في الارتفاع بنسب ملحوظة (+24.3 % للخضروات الطازجة، +19.2 % للفواكه الطازجة، و+18.8 % للحوم الضأن). كما شهدت أسعار الملابس والأحذية تراجعًا في وتيرة الزيادة، حيث انخفضت من 11.7 % في مارس إلى 9.4 % في أفريل. ويُعزى ذلك إلى سياسات تنظيم السوق وتحسن العرض مقارنة بالطلب. كما سجل التضخم الأساسي (الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة) انخفاضًا، إلى 5.5% مقارنة بـ5.7 % في مارس، مما يشير إلى تحسن الاستقرار العام في الأسعار خارج نطاق السلع الأساسية المتذبذبة، كما ساهمت المنتجات ذات الأسعار المُقننة (التي تخضع لتحديد حكومي) في تهدئة التضخم، حيث ارتفعت بنسبة 1.7 % فقط على أساس سنوي، مقارنة بزيادة أكبر في المنتجات غير المُقننة (+6.8 %).
تعزيز القدرة الشرائية
ووفق ما كشفه عدد من خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، بينهم المدير السابق للسياسات النقدية بالبنك المركزي محمد سويلم، فإن انخفاض التضخم يساهم مباشرة في الحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين. ومع تباطؤ ارتفاع الأسعار، يصبح بإمكان الأسر التونسية تغطية احتياجاتها الأساسية دون ضغوط مالية إضافية، مما يحسن مستوى المعيشة، ويقلل من معدلات الفقر، كما أن التضخم المعتدل أو المنخفض يُعتبر مؤشرًا إيجابيًا يعكس استقرار الاقتصاد، وهذا الاستقرار يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ أموالهم في السوق التونسي، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
ووفق بعض الخبراء، فإنه مع استقرار الأسعار، تتحسن بيئة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم تقليل تكاليف الإنتاج والتشغيل الناتجة عن تقلبات الأسعار. هذا يعزز من تنافسية الشركات التونسية على المستوى المحلي والإقليمي، كما أن انخفاض التضخم يمكن أن يُسهم في تحسين تنافسية الصادرات التونسية. ومع استقرار الأسعار المحلية، تصبح المنتجات التونسية أكثر جذبًا في الأسواق الخارجية، مما يُعزز من ميزان المدفوعات ويُحسن العجز التجاري.
خفض معدلات الفائدة الرئيسية
ومع تراجع التضخم، لا يستبعد بعض خبراء الاقتصاد، أن تتجه السلطات النقدية (مثل البنك المركزي) إلى تقليص معدلات الفائدة، مما يُحفز الاقتراض والاستثمار، ويفتح المجال للشركات من الاستفادة من تمويلات أقل تكلفة لتوسيع أنشطتها، علما وأن الانخفاض المستمر في التضخم يعزز ثقة الأسر ورجال الأعمال في الاقتصاد، وهذا الشعور بالثقة يُشجع على زيادة الإنفاق والاستهلاك، مما يُنشط الدورة الاقتصادية. كما لا يستبعد شق آخر من خبراء الاقتصاد، أن يخفف انخفاض التضخم من الضغوط على الميزانية العامة، حيث يتم تقليل تكاليف الدعم الموجهة للسلع الأساسية، مما يُفسح المجال لتوجيه الموارد نحو مشاريع تنموية أكثر استدامة، فضلا عن استقرار الأسعار بما يُسهم في التخفيف من التوترات الاجتماعية، حيث تقل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الأسر، مما يُعزز من الاستقرار العام في البلاد.
مواصلة الإصلاحات الاقتصادية
وعلى الرغم من هذا التراجع، يظل الاقتصاد التونسي مُعرضًا لتحديات تتطلب المزيد من الجهود للحفاظ على هذا الاتجاه الإيجابي، حيث لا تزال أسعار بعض المنتجات، مثل الخضروات والفواكه الطازجة، تسجل زيادات مرتفعة، مما يُشكل عبئًا على الأسر ذات الدخل المحدود. كما تعتمد تونس بشكل كبير على استيراد العديد من السلع الأساسية، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. ويقر أغلب خبراء الاقتصاد، أن الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة، ومعالجة التحديات الهيكلية في الاقتصاد التونسي، بما في ذلك تحسين الإنتاج المحلي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات. وللحفاظ على هذا الاتجاه الإيجابي، والاستفادة القصوى من انخفاض التضخم، يجب على السلطات التونسية تبني سياسات اقتصادية تُركز على تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الفلاحة والصناعة المحلية بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي، فضلا عن الاستثمار في مشروعات البنية التحتية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تحسين إدارة الموارد العامة، وتعزيز الشفافية للحد من الهدر المالي وتحقيق استدامة مالية، وتعزيز الشراكات التجارية والاقتصادية مع الدول الأخرى لتوسيع نطاق الصادرات التونسية.
وإجمالا، يمثل تراجع التضخم إلى أدنى مستوياته منذ عام 2021 نقطة تحول إيجابية في مسار الاقتصاد التونسي، ويعكس هذا الإنجاز تحسنًا في السياسات الاقتصادية واستقرار السوق، مما يُسهم في دعم النشاط الاقتصادي، تحسين القوة الشرائية، وتعزيز ثقة المستثمرين. ومع ذلك، يتطلب الحفاظ على هذا الزخم معالجة التحديات القائمة، مثل ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية والتبعية للواردات، وبفضل هذه المؤشرات، ومن خلال تبني سياسات اقتصادية فعّالة ومستدامة، يمكن لتونس أن تبني اقتصادًا أكثر استقرارًا ونموًا خلال السنوات القادمة.
سجلت تونس أمس، انخفاضًا جديدًا في معدل التضخم، لشهر أفريل، حيث بلغ 5.6 % مقارنة بـ5.9 % في شهر مارس من العام نفسه، وذلك وفق احدث المؤشرات المحينة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. ويُعتبر هذا الانخفاض الأحدث هو الأدنى منذ أفريل 2021، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في سياسات ضبط الأسعار واستقرار السوق.
كما يعكس هذا التطور أهمية كبيرة على عدة أصعدة اقتصادية واجتماعية، حيث يُسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي، ودعم القوة الشرائية، واستعادة ثقة المستثمرين. وسنتناول أسباب هذا التراجع، انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد التونسي، وأهميته المستقبلية.
أسباب تراجع التضخم
يعزى انخفاض معدل التضخم في تونس خلال أفريل 2025 أساسًا إلى تباطؤ ارتفاع أسعار بعض المجموعات الرئيسية من السلع والخدمات. وسجلت أسعار المواد الغذائية زيادة سنوية قدرها 7.3 % فقط، مقارنة بـ7.8 % في الشهر السابق. ويعود ذلك إلى انخفاض أسعار بعض المنتجات مثل الزيوت الغذائية التي شهدت تراجعًا كبيرًا بنسبة 20.9 %، ومع ذلك، استمرت أسعار بعض المواد الأساسية كالخضروات الطازجة والفواكه واللحوم في الارتفاع بنسب ملحوظة (+24.3 % للخضروات الطازجة، +19.2 % للفواكه الطازجة، و+18.8 % للحوم الضأن). كما شهدت أسعار الملابس والأحذية تراجعًا في وتيرة الزيادة، حيث انخفضت من 11.7 % في مارس إلى 9.4 % في أفريل. ويُعزى ذلك إلى سياسات تنظيم السوق وتحسن العرض مقارنة بالطلب. كما سجل التضخم الأساسي (الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة) انخفاضًا، إلى 5.5% مقارنة بـ5.7 % في مارس، مما يشير إلى تحسن الاستقرار العام في الأسعار خارج نطاق السلع الأساسية المتذبذبة، كما ساهمت المنتجات ذات الأسعار المُقننة (التي تخضع لتحديد حكومي) في تهدئة التضخم، حيث ارتفعت بنسبة 1.7 % فقط على أساس سنوي، مقارنة بزيادة أكبر في المنتجات غير المُقننة (+6.8 %).
تعزيز القدرة الشرائية
ووفق ما كشفه عدد من خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، بينهم المدير السابق للسياسات النقدية بالبنك المركزي محمد سويلم، فإن انخفاض التضخم يساهم مباشرة في الحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين. ومع تباطؤ ارتفاع الأسعار، يصبح بإمكان الأسر التونسية تغطية احتياجاتها الأساسية دون ضغوط مالية إضافية، مما يحسن مستوى المعيشة، ويقلل من معدلات الفقر، كما أن التضخم المعتدل أو المنخفض يُعتبر مؤشرًا إيجابيًا يعكس استقرار الاقتصاد، وهذا الاستقرار يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ أموالهم في السوق التونسي، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
ووفق بعض الخبراء، فإنه مع استقرار الأسعار، تتحسن بيئة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم تقليل تكاليف الإنتاج والتشغيل الناتجة عن تقلبات الأسعار. هذا يعزز من تنافسية الشركات التونسية على المستوى المحلي والإقليمي، كما أن انخفاض التضخم يمكن أن يُسهم في تحسين تنافسية الصادرات التونسية. ومع استقرار الأسعار المحلية، تصبح المنتجات التونسية أكثر جذبًا في الأسواق الخارجية، مما يُعزز من ميزان المدفوعات ويُحسن العجز التجاري.
خفض معدلات الفائدة الرئيسية
ومع تراجع التضخم، لا يستبعد بعض خبراء الاقتصاد، أن تتجه السلطات النقدية (مثل البنك المركزي) إلى تقليص معدلات الفائدة، مما يُحفز الاقتراض والاستثمار، ويفتح المجال للشركات من الاستفادة من تمويلات أقل تكلفة لتوسيع أنشطتها، علما وأن الانخفاض المستمر في التضخم يعزز ثقة الأسر ورجال الأعمال في الاقتصاد، وهذا الشعور بالثقة يُشجع على زيادة الإنفاق والاستهلاك، مما يُنشط الدورة الاقتصادية. كما لا يستبعد شق آخر من خبراء الاقتصاد، أن يخفف انخفاض التضخم من الضغوط على الميزانية العامة، حيث يتم تقليل تكاليف الدعم الموجهة للسلع الأساسية، مما يُفسح المجال لتوجيه الموارد نحو مشاريع تنموية أكثر استدامة، فضلا عن استقرار الأسعار بما يُسهم في التخفيف من التوترات الاجتماعية، حيث تقل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الأسر، مما يُعزز من الاستقرار العام في البلاد.
مواصلة الإصلاحات الاقتصادية
وعلى الرغم من هذا التراجع، يظل الاقتصاد التونسي مُعرضًا لتحديات تتطلب المزيد من الجهود للحفاظ على هذا الاتجاه الإيجابي، حيث لا تزال أسعار بعض المنتجات، مثل الخضروات والفواكه الطازجة، تسجل زيادات مرتفعة، مما يُشكل عبئًا على الأسر ذات الدخل المحدود. كما تعتمد تونس بشكل كبير على استيراد العديد من السلع الأساسية، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. ويقر أغلب خبراء الاقتصاد، أن الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة، ومعالجة التحديات الهيكلية في الاقتصاد التونسي، بما في ذلك تحسين الإنتاج المحلي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات. وللحفاظ على هذا الاتجاه الإيجابي، والاستفادة القصوى من انخفاض التضخم، يجب على السلطات التونسية تبني سياسات اقتصادية تُركز على تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الفلاحة والصناعة المحلية بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي، فضلا عن الاستثمار في مشروعات البنية التحتية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تحسين إدارة الموارد العامة، وتعزيز الشفافية للحد من الهدر المالي وتحقيق استدامة مالية، وتعزيز الشراكات التجارية والاقتصادية مع الدول الأخرى لتوسيع نطاق الصادرات التونسية.
وإجمالا، يمثل تراجع التضخم إلى أدنى مستوياته منذ عام 2021 نقطة تحول إيجابية في مسار الاقتصاد التونسي، ويعكس هذا الإنجاز تحسنًا في السياسات الاقتصادية واستقرار السوق، مما يُسهم في دعم النشاط الاقتصادي، تحسين القوة الشرائية، وتعزيز ثقة المستثمرين. ومع ذلك، يتطلب الحفاظ على هذا الزخم معالجة التحديات القائمة، مثل ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية والتبعية للواردات، وبفضل هذه المؤشرات، ومن خلال تبني سياسات اقتصادية فعّالة ومستدامة، يمكن لتونس أن تبني اقتصادًا أكثر استقرارًا ونموًا خلال السنوات القادمة.