إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فيما‭ ‬دعت‭ ‬‮"الفاو" ‬‭ ‬إلى ‭ ‬‮"تنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬مكافحة‭ ‬مبكرة‮".. خطة‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬للتوقي‭ ‬من‭ ‬كابوس‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬في‭ ‬تونس

أفادت‭ ‬مديرة‭ ‬حماية‭ ‬النباتات‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للصحة‭ ‬النباتية‭ ‬ومراقبة‭ ‬المدخلات‭ ‬الفلاحية،‭ ‬منى‭ ‬محافظي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬لصيقة‭ ‬لكل‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بتواجد‭ ‬الجراد‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬مشيرة‭ ‬الى‭ ‬انه‭ ‬سيتم‭ ‬إطلاق‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الآفة،‭ ‬بعد‭ ‬الأمطار‭ ‬الموسمية‭ ‬المتوقع‭ ‬هطولها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شهري‭ ‬ماي‭ ‬الجاري‭ ‬وجوان‭ ‬المقبل،‭ ‬ستنبثق‭ ‬عن‭ ‬أشغال‭ ‬ورشة‭ ‬عمل‭ ‬ستنتظم‭ ‬غدا‭ ‬الاثنين‭ ‬5‭ ‬ماي‭ ‬وتختتم‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭.‬

وبينت‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التصريح‭ ‬انه‭ ‬يتم‭ ‬حاليا‭ ‬مراقبة‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تمركزت‭ ‬فيها‭ ‬أسراب‭ ‬الجراد‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬المنقضي،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ»الحوريات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬رصدها‭ ‬مؤخرا‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬البيض،‭ ‬عبر‭ ‬رشها‭ ‬بالمبيدات‭ ‬البيولوجية‭ ‬والكيميائية‭ ‬لمنع‭ ‬تكوّن‭ ‬أسراب‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجراد‭ ‬مستقبلا‭. ‬حسب‭ ‬تعبيرها‭.‬

وأضافت‭ ‬منى‭ ‬محافظي‭ ‬أن‭ ‬المجهودات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزارة‭ ‬والهياكل‭ ‬المتدخلة‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الآفة،‭ ‬على‭ ‬أشدها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬تواصل‭ ‬الدورة‭ ‬الحياتية‭ ‬لأسراب‭ ‬الجراد‭ ‬المتأتية‭ ‬لتونس‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬افريقية‭ ‬عبر‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر،‭ ‬مشيرة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الاستعدادات‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬فيها‭ ‬سلطة‭ ‬الإشراف‭ ‬بمعية‭ ‬المندوبيات‭ ‬الجهوية‭ ‬للفلاحة‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬الجنوب‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬المنقضي‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬مهددة‭ ‬للمحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الجهات،‭ ‬حسب‭ ‬تعبير‭ ‬المسؤولة‭.‬

وكانت‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭) ‬قد‭ ‬أطلقت‭ ‬بحر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الجاري‭ ‬نداءً‭ ‬عاجلا،‭ ‬دعت‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تونس،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬المراقبة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬المكافحة‭ ‬المبكرة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬خطر‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي،‭ ‬محذّرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الحالية‭ ‬قد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬موجات‭ ‬غزو‭ ‬واسعة‭ ‬تهدد‭ ‬المحاصيل‭ ‬والمراعي‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

وحسب‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الفاو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬نشاط‭ ‬الجراد‭ ‬تفاقم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬فيفري‭ ‬الماضي،‭ ‬نتيجة‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬والجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬وتونس،‭ ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬الرياح‭ ‬الجنوبية‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬تنقل‭ ‬الأسراب‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر‭ ‬مرورا‭ ‬بالهضاب‭ ‬العليا‭ ‬الجزائرية‭ ‬نحو‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭ ‬الغربية‭ ‬والجنوبية،‭ ‬خاصة‭ ‬مناطق‭ ‬تطاوين‭ ‬ورمادة‭ ‬وبن‭ ‬قردان‭.‬

ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الفاو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الآفات‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الترحال،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬لسرب‭ ‬واحد‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬مسافة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬150‭ ‬كلم‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬مدفوعا‭ ‬بالرياح‭. ‬وتشير‭ ‬آخر‭ ‬البيانات‭ ‬المحدثة‭ ‬إلى‭ ‬رصد‭ ‬أسراب‭ ‬نشطة‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬جنوب‭ ‬تونس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬فرضية‭ ‬تمدد‭ ‬الخطر‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة‭.‬

ويشير‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬المحاصيل‭ ‬الموسمية،‭ ‬بل‭ ‬يتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬ليطال‭ ‬المراعي،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضاعف‭ ‬أزمة‭ ‬الأعلاف‭ ‬ويفاقم‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬مربي‭ ‬المواشي‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭.‬

وحسب‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬بتونس،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يمتلك‭ ‬قدرة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬على‭ ‬التكاثر‭ ‬السريع،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للأنثى‭ ‬الواحدة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬80‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬بيضة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة،‭ ‬ومع‭ ‬توفر‭ ‬الرطوبة‭ ‬والحرارة،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬الكثافة‭ ‬إلى‭ ‬أسراب‭ ‬تغطي‭ ‬عشرات‭ ‬الكيلومترات‮»‬‭.‬

ووفقا‭ ‬لنشرات‭ ‬المناخ‭ ‬الفصلية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للرصد‭ ‬الجوي،‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬شهري‭ ‬فيفري‭ ‬ومارس‭ ‬كميات‭ ‬غير‭ ‬معتادة‭ ‬من‭ ‬الأمطار،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬تطاوين‭ ‬وذهيبة،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوزت‭ ‬المعدلات‭ ‬الشهرية‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬بالمائة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوفر،‭ ‬حسب‭ ‬خبراء‭ ‬الحشرات،‭ ‬بيئة‭ ‬مثالية‭ ‬لتكاثر‭ ‬بيض‭ ‬الجراد‭ ‬وتحوّله‭ ‬سريعا‭ ‬إلى‭ ‬حوريات‭ ‬ثم‭ ‬أسراب‭ ‬طيّارة‭.‬

وفي‭ ‬حالات‭ ‬الغزو‭ ‬الشامل،‭ ‬يمكن‭ ‬لسرب‭ ‬متوسط‭ ‬أن‭ ‬يلتهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬استهلاك‭ ‬غذائي‭ ‬لـ35‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭. ‬والخطورة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الإبادة‭ ‬تصبح‭ ‬شبه‭ ‬مستحيلة‭ ‬حين‭ ‬تدخل‭ ‬الأسراب‭ ‬مرحلة‭ ‬الطيران‭ ‬الكثيف‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬الخبير‭ ‬البيئي‭ ‬مهدي‭ ‬العبدلي‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬السرب‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يضم‭ ‬الملايين‭ ‬ويستهلك‭ ‬يوميا‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المنتوجات‭ ‬والمحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دورة‭ ‬حياته‭ ‬قصيرة‭ ‬لكنه‭ ‬يتكاثر‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توفرت‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الملائمة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الأمطار‭ ‬والرطوبة‭ ‬والجفاف‭ ‬ودرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬العالية‭. ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬العبدلي‭ ‬أن‭ ‬للجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬مخاطر‭ ‬كبيرة‭ ‬فهو‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬السرب‭ ‬الواحد‭ ‬قادر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬التهام‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬استهلاك‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭.‬

وفاء‭ ‬بن‭ ‬محمد

فيما‭ ‬دعت‭ ‬‮"الفاو" ‬‭ ‬إلى ‭ ‬‮"تنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬مكافحة‭ ‬مبكرة‮"..  خطة‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬للتوقي‭ ‬من‭ ‬كابوس‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬في‭ ‬تونس

أفادت‭ ‬مديرة‭ ‬حماية‭ ‬النباتات‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للصحة‭ ‬النباتية‭ ‬ومراقبة‭ ‬المدخلات‭ ‬الفلاحية،‭ ‬منى‭ ‬محافظي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬لصيقة‭ ‬لكل‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بتواجد‭ ‬الجراد‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬مشيرة‭ ‬الى‭ ‬انه‭ ‬سيتم‭ ‬إطلاق‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الآفة،‭ ‬بعد‭ ‬الأمطار‭ ‬الموسمية‭ ‬المتوقع‭ ‬هطولها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شهري‭ ‬ماي‭ ‬الجاري‭ ‬وجوان‭ ‬المقبل،‭ ‬ستنبثق‭ ‬عن‭ ‬أشغال‭ ‬ورشة‭ ‬عمل‭ ‬ستنتظم‭ ‬غدا‭ ‬الاثنين‭ ‬5‭ ‬ماي‭ ‬وتختتم‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭.‬

وبينت‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التصريح‭ ‬انه‭ ‬يتم‭ ‬حاليا‭ ‬مراقبة‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تمركزت‭ ‬فيها‭ ‬أسراب‭ ‬الجراد‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬المنقضي،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ»الحوريات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬رصدها‭ ‬مؤخرا‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬البيض،‭ ‬عبر‭ ‬رشها‭ ‬بالمبيدات‭ ‬البيولوجية‭ ‬والكيميائية‭ ‬لمنع‭ ‬تكوّن‭ ‬أسراب‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجراد‭ ‬مستقبلا‭. ‬حسب‭ ‬تعبيرها‭.‬

وأضافت‭ ‬منى‭ ‬محافظي‭ ‬أن‭ ‬المجهودات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزارة‭ ‬والهياكل‭ ‬المتدخلة‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الآفة،‭ ‬على‭ ‬أشدها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬تواصل‭ ‬الدورة‭ ‬الحياتية‭ ‬لأسراب‭ ‬الجراد‭ ‬المتأتية‭ ‬لتونس‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬افريقية‭ ‬عبر‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر،‭ ‬مشيرة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الاستعدادات‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬فيها‭ ‬سلطة‭ ‬الإشراف‭ ‬بمعية‭ ‬المندوبيات‭ ‬الجهوية‭ ‬للفلاحة‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬الجنوب‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬المنقضي‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬مهددة‭ ‬للمحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الجهات،‭ ‬حسب‭ ‬تعبير‭ ‬المسؤولة‭.‬

وكانت‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭) ‬قد‭ ‬أطلقت‭ ‬بحر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الجاري‭ ‬نداءً‭ ‬عاجلا،‭ ‬دعت‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تونس،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬المراقبة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬المكافحة‭ ‬المبكرة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬خطر‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي،‭ ‬محذّرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الحالية‭ ‬قد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬موجات‭ ‬غزو‭ ‬واسعة‭ ‬تهدد‭ ‬المحاصيل‭ ‬والمراعي‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

وحسب‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الفاو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬نشاط‭ ‬الجراد‭ ‬تفاقم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬فيفري‭ ‬الماضي،‭ ‬نتيجة‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬والجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬وتونس،‭ ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬الرياح‭ ‬الجنوبية‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬تنقل‭ ‬الأسراب‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر‭ ‬مرورا‭ ‬بالهضاب‭ ‬العليا‭ ‬الجزائرية‭ ‬نحو‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭ ‬الغربية‭ ‬والجنوبية،‭ ‬خاصة‭ ‬مناطق‭ ‬تطاوين‭ ‬ورمادة‭ ‬وبن‭ ‬قردان‭.‬

ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الفاو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الآفات‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الترحال،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬لسرب‭ ‬واحد‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬مسافة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬150‭ ‬كلم‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬مدفوعا‭ ‬بالرياح‭. ‬وتشير‭ ‬آخر‭ ‬البيانات‭ ‬المحدثة‭ ‬إلى‭ ‬رصد‭ ‬أسراب‭ ‬نشطة‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬جنوب‭ ‬تونس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬فرضية‭ ‬تمدد‭ ‬الخطر‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة‭.‬

ويشير‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬المحاصيل‭ ‬الموسمية،‭ ‬بل‭ ‬يتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬ليطال‭ ‬المراعي،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضاعف‭ ‬أزمة‭ ‬الأعلاف‭ ‬ويفاقم‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬مربي‭ ‬المواشي‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭.‬

وحسب‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬بتونس،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يمتلك‭ ‬قدرة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬على‭ ‬التكاثر‭ ‬السريع،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للأنثى‭ ‬الواحدة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬80‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬بيضة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة،‭ ‬ومع‭ ‬توفر‭ ‬الرطوبة‭ ‬والحرارة،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬الكثافة‭ ‬إلى‭ ‬أسراب‭ ‬تغطي‭ ‬عشرات‭ ‬الكيلومترات‮»‬‭.‬

ووفقا‭ ‬لنشرات‭ ‬المناخ‭ ‬الفصلية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للرصد‭ ‬الجوي،‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬شهري‭ ‬فيفري‭ ‬ومارس‭ ‬كميات‭ ‬غير‭ ‬معتادة‭ ‬من‭ ‬الأمطار،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬تطاوين‭ ‬وذهيبة،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوزت‭ ‬المعدلات‭ ‬الشهرية‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬بالمائة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوفر،‭ ‬حسب‭ ‬خبراء‭ ‬الحشرات،‭ ‬بيئة‭ ‬مثالية‭ ‬لتكاثر‭ ‬بيض‭ ‬الجراد‭ ‬وتحوّله‭ ‬سريعا‭ ‬إلى‭ ‬حوريات‭ ‬ثم‭ ‬أسراب‭ ‬طيّارة‭.‬

وفي‭ ‬حالات‭ ‬الغزو‭ ‬الشامل،‭ ‬يمكن‭ ‬لسرب‭ ‬متوسط‭ ‬أن‭ ‬يلتهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬استهلاك‭ ‬غذائي‭ ‬لـ35‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭. ‬والخطورة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الإبادة‭ ‬تصبح‭ ‬شبه‭ ‬مستحيلة‭ ‬حين‭ ‬تدخل‭ ‬الأسراب‭ ‬مرحلة‭ ‬الطيران‭ ‬الكثيف‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬الخبير‭ ‬البيئي‭ ‬مهدي‭ ‬العبدلي‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬السرب‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬الجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬يضم‭ ‬الملايين‭ ‬ويستهلك‭ ‬يوميا‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المنتوجات‭ ‬والمحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دورة‭ ‬حياته‭ ‬قصيرة‭ ‬لكنه‭ ‬يتكاثر‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توفرت‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الملائمة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الأمطار‭ ‬والرطوبة‭ ‬والجفاف‭ ‬ودرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬العالية‭. ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬العبدلي‭ ‬أن‭ ‬للجراد‭ ‬الصحراوي‭ ‬مخاطر‭ ‬كبيرة‭ ‬فهو‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬السرب‭ ‬الواحد‭ ‬قادر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬التهام‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬استهلاك‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭.‬

وفاء‭ ‬بن‭ ‬محمد