إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صفوف‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬توقيعه‭ ‬في‭ ‬المعرض.. ظاهرة‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬تتكرر‭ ‬في‭ ‬تونس

 

بعد‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر،‭ ‬وصلت‭ ‬الظاهرة‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭. ‬نعم،‭ ‬نحن‭ ‬إزاء‭ ‬ظاهرة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكتاب‭ ‬والنشر‭ ‬اسمها‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬وصلتنا‭ ‬أخبار‭ ‬مثيرة‭ ‬حول‭ ‬مشاركة‭ ‬الكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬معرضي‭ ‬الكتاب‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬حيث‭ ‬تجمهر‭ ‬الناس‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬معتادة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وتحمل‭ ‬كثيرون‭ ‬مشقة‭ ‬الانتظار‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الظفر‭ ‬بتوقيع‭ ‬الكاتب،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬غريب‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا‭ ‬وفي‭ ‬معارض‭ ‬كتبنا‭.‬

لقد‭ ‬اعتدنا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬تتجمهر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حضور‭ ‬سهرة‭ ‬فنان‭ ‬مشهور‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تظاهرة،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كاتب،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الشيء‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬نتساءل‭: ‬أهو‭ ‬خير‭ ‬أم‭ ‬شر؟
في‭ ‬تونس‭ ‬أيضًا،‭ ‬وبعد‭ ‬تجربتي‭ ‬القاهرة‭ ‬والجزائر،‭ ‬كان‭ ‬الحضور‭ ‬رهيبًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكم‭ ‬والحماسة‭ ‬للقاء‭ ‬الكاتب‭. ‬صفوف‭ ‬طويلة‭ ‬وسميكة‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬اصطفوا‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الخميس‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬توقيع‭ ‬برمجها‭ ‬المعرض‭ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭. ‬أغلبهم‭ ‬يحملون‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬خوف‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أشهر‭ ‬عناوين‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬رصيده‭ ‬مجموعة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬الروايات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬بساتين‭ ‬عربستان‮»‬‭ ‬و»ليلة‭ ‬ماطرة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬القصصية‭ ‬التي‭ ‬نذكر‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬أجيج‮»‬‭ ‬و»شبكة‭ ‬العنكبوت‮»‬‭ ‬وكتاب‭ ‬‮«‬سعد‭ ‬الدباس‮»‬،‭ ‬وغيرها‭.‬
ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للمارّ‭ ‬بقصر‭ ‬المعارض‭ ‬بالكرم‭ ‬أمس‭ ‬حيث‭ ‬يتواصل‭ ‬معرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والثلاثين‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬ماي‭ ‬الجاري‭ (‬انطلق‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬نوفمبر‭) ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬مندهشًا‭ ‬أمام‭ ‬الطوابير‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬توقيع‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬إنه‭ ‬مشهد‭ ‬فريد‭ ‬يثير‭ ‬الفضول،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬اختراق‭ ‬بعض‭ ‬الصفوف‭ ‬لتوجيه‭ ‬أسئلة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬المنتظرة‭ ‬بصبر‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬عرض‭ ‬المعرض‭ ‬تقريبًا‭. ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬قبل‭ ‬استعراض‭ ‬الأجوبة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الجمهور‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬فتيات‭ ‬صغيرات‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬يعني‭ ‬هن‭ ‬على‭ ‬أقصى‭ ‬تقدير‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭. ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الشباب،‭ ‬لكن‭ ‬عددهم‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬بعدد‭ ‬الفتيات،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬بعض‭ ‬الأولياء‭ ‬الذين‭ ‬جاؤوا‭ ‬خصيصًا‭ ‬لمرافقة‭ ‬أبنائهم‭ ‬المتحمسين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬وهؤلاء‭ ‬الأولياء،‭ ‬كما‭ ‬فهمنا‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬بعضهم،‭ ‬عرفوا‭ ‬بوجود‭ ‬كاتب‭ ‬اسمه‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أبنائهم‭ ‬الذين‭ ‬تعرفوا‭ ‬عليه‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فالكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬أحسن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬بلغ‭ ‬صيته‭ ‬كامل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إنه‭ ‬تجاوزها‭. ‬وإلا،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لطفلة‭ ‬صغيرة‭ ‬كانت‭ ‬ترافق‭ ‬والدها‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬بمعرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ (‬ونقدر‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬التاسعة‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أقل‭) ‬أن‭ ‬تحدثنا‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬أنها‭ ‬تعرف‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬التيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬قالت‭ ‬بثقة‭ ‬إنها‭ ‬تقرأ‭ ‬له‭ ‬وتحب‭ ‬كتابته،‭ ‬وأن‭ ‬والدها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرفه،‭ ‬وأنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬جعلته‭ ‬يعرفه؟
سألنا‭ ‬والدها‭ ‬بلحسن،‭ ‬فقال‭ ‬إنه‭ ‬اشترى‭ ‬لها‭ ‬ثلاثة‭ ‬كتب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬ثلاثية‭ ‬معروفة‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭. ‬سألناه‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬عمر‭ ‬ابنته‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬كي‭ ‬تختار‭ ‬بنفسها‭ ‬نوعية‭ ‬كتبها،‭ ‬فقال‭ ‬نعم،‭ ‬مضيفًا‭: ‬‮«‬هم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدًا‭ ‬ماذا‭ ‬يريدون‮»‬‭. ‬سألناه‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اطلاعه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬التونسيون،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬لا‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬التونسي‭ ‬باهظ‭ ‬الثمن‭. ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬سعر‭ ‬كتب‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬التي‭ ‬اشتراها؟‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬سعرها‭ ‬مناسب‭ ‬لأن‭ ‬نوعية‭ ‬الطبعة‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬مبالغ‭ ‬كبيرة‮»‬‭.‬
الشابة‭ ‬شيماء‭ ‬لم‭ ‬تخفِ‭ ‬حماستها‭ ‬وهي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬إنستغرام‮»‬‭ ‬و»تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬وغيرها‭. ‬عددت‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬له،‭ ‬وخاصة‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬خوف‭ ‬1‭ ‬و2‮»‬،‭ ‬و»أجيج‮»‬،‭ ‬و»هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬معي‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العناوين‭. ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬كتبه‭ ‬رائعة،‭ ‬وهو‭ ‬يكتب‭ ‬الفانتازيا‭ ‬التي‭ ‬تحبذها،‭ ‬كما‭ ‬يكتب‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬بطريقة‭ ‬مبهرة‭ ‬وفق‭ ‬تعبيرها‭. ‬شيماء‭ ‬لا‭ ‬تنفي‭ ‬أنها‭ ‬مطلعة‭ ‬جيدًا‭ ‬على‭ ‬ساحة‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬لكنها‭ ‬تحبذ‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬لأنه‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬مهمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭. ‬هو‭ ‬يتحدث‭ ‬مثلًا‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الخوف،‭ ‬ويسرد‭ ‬قصة‭ ‬حياته‭ ‬بأسلوب‭ ‬مفهوم‭ ‬ورائق‭.‬
الشابة‭ ‬خديجة،‭ ‬التي‭ ‬تحدثنا‭ ‬معها‭ ‬ورحبت‭ ‬بذلك،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أقل‭ ‬حماسة‭ ‬من‭ ‬شيماء‭. ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬تحبذ‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬الفانتازيا،‭ ‬وتحب‭ ‬التفلسف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭. ‬سألناها‭ ‬عن‭ ‬لغة‭ ‬الكاتب،‭ ‬فقالت‭ ‬إنها‭ ‬أحبتها‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وبلغة‭ ‬التونسيين‭: ‬‮«‬محلاها‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬تشدد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يكتب‭ ‬بحبكة‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬عند‭ ‬غيره‭.‬
أما‭ ‬الشابة‭ ‬ملكة،‭ ‬فقد‭ ‬سمعت‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬لنا‭ ‬بإسم‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬أصدقائها،‭ ‬ثم‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فتأثرت‭ ‬به،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬اشترت‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬خوف‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬اقتنت‭ ‬كتبًا‭ ‬أخرى‭ ‬له،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬سعيدة‭ ‬لأنها‭ ‬ستلتقي‭ ‬به‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭. ‬لنصل‭ ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬ألفة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بدورها‭ ‬ترافق‭ ‬ابنتها‭ ‬لنفس‭ ‬الغرض‭. ‬سألناها‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الأولياء‭ ‬قد‭ ‬استقالوا‭ ‬عن‭ ‬دورهم‭ ‬لتحل‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬محلهم‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬ميولاتهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المطالعة،‭ ‬فقالت‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬إزاء‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة،‭ ‬وليس‭ ‬لنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نراقب‭ ‬من‭ ‬بعيد‮»‬،‭ ‬مستدركة‭ ‬أن‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تقوم،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب،‭ ‬بدور‭ ‬مهم،‭ ‬فهي‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬المتنوعة‭.‬
من‭ ‬جهته،‭ ‬عبر‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬نقلته‭ ‬هيئة‭ ‬معرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬الغامرة‭ ‬بنوعية‭ ‬الاستقبال‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وبالتنظيم‭ ‬الجيد‭ ‬للمعرض‭ ‬وفق‭ ‬وصفه،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬زيارته‭ ‬الأولى‭ ‬لبلادنا‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة‭.‬


حياة‭ ‬السايب

 صفوف‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬توقيعه‭ ‬في‭ ‬المعرض.. ظاهرة‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬تتكرر‭ ‬في‭ ‬تونس

 

بعد‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر،‭ ‬وصلت‭ ‬الظاهرة‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭. ‬نعم،‭ ‬نحن‭ ‬إزاء‭ ‬ظاهرة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكتاب‭ ‬والنشر‭ ‬اسمها‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬وصلتنا‭ ‬أخبار‭ ‬مثيرة‭ ‬حول‭ ‬مشاركة‭ ‬الكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬معرضي‭ ‬الكتاب‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬حيث‭ ‬تجمهر‭ ‬الناس‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬معتادة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وتحمل‭ ‬كثيرون‭ ‬مشقة‭ ‬الانتظار‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الظفر‭ ‬بتوقيع‭ ‬الكاتب،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬غريب‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا‭ ‬وفي‭ ‬معارض‭ ‬كتبنا‭.‬

لقد‭ ‬اعتدنا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬تتجمهر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حضور‭ ‬سهرة‭ ‬فنان‭ ‬مشهور‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تظاهرة،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كاتب،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الشيء‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬نتساءل‭: ‬أهو‭ ‬خير‭ ‬أم‭ ‬شر؟
في‭ ‬تونس‭ ‬أيضًا،‭ ‬وبعد‭ ‬تجربتي‭ ‬القاهرة‭ ‬والجزائر،‭ ‬كان‭ ‬الحضور‭ ‬رهيبًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكم‭ ‬والحماسة‭ ‬للقاء‭ ‬الكاتب‭. ‬صفوف‭ ‬طويلة‭ ‬وسميكة‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬اصطفوا‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الخميس‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬توقيع‭ ‬برمجها‭ ‬المعرض‭ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭. ‬أغلبهم‭ ‬يحملون‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬خوف‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أشهر‭ ‬عناوين‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬رصيده‭ ‬مجموعة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬الروايات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬بساتين‭ ‬عربستان‮»‬‭ ‬و»ليلة‭ ‬ماطرة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬القصصية‭ ‬التي‭ ‬نذكر‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬أجيج‮»‬‭ ‬و»شبكة‭ ‬العنكبوت‮»‬‭ ‬وكتاب‭ ‬‮«‬سعد‭ ‬الدباس‮»‬،‭ ‬وغيرها‭.‬
ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للمارّ‭ ‬بقصر‭ ‬المعارض‭ ‬بالكرم‭ ‬أمس‭ ‬حيث‭ ‬يتواصل‭ ‬معرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والثلاثين‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬ماي‭ ‬الجاري‭ (‬انطلق‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬نوفمبر‭) ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬مندهشًا‭ ‬أمام‭ ‬الطوابير‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬توقيع‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬إنه‭ ‬مشهد‭ ‬فريد‭ ‬يثير‭ ‬الفضول،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬اختراق‭ ‬بعض‭ ‬الصفوف‭ ‬لتوجيه‭ ‬أسئلة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬المنتظرة‭ ‬بصبر‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬عرض‭ ‬المعرض‭ ‬تقريبًا‭. ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬قبل‭ ‬استعراض‭ ‬الأجوبة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الجمهور‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬فتيات‭ ‬صغيرات‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬يعني‭ ‬هن‭ ‬على‭ ‬أقصى‭ ‬تقدير‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭. ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الشباب،‭ ‬لكن‭ ‬عددهم‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬بعدد‭ ‬الفتيات،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬بعض‭ ‬الأولياء‭ ‬الذين‭ ‬جاؤوا‭ ‬خصيصًا‭ ‬لمرافقة‭ ‬أبنائهم‭ ‬المتحمسين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭. ‬وهؤلاء‭ ‬الأولياء،‭ ‬كما‭ ‬فهمنا‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬بعضهم،‭ ‬عرفوا‭ ‬بوجود‭ ‬كاتب‭ ‬اسمه‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أبنائهم‭ ‬الذين‭ ‬تعرفوا‭ ‬عليه‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فالكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬أحسن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬بلغ‭ ‬صيته‭ ‬كامل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إنه‭ ‬تجاوزها‭. ‬وإلا،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لطفلة‭ ‬صغيرة‭ ‬كانت‭ ‬ترافق‭ ‬والدها‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬بمعرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ (‬ونقدر‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬التاسعة‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أقل‭) ‬أن‭ ‬تحدثنا‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬أنها‭ ‬تعرف‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬التيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬قالت‭ ‬بثقة‭ ‬إنها‭ ‬تقرأ‭ ‬له‭ ‬وتحب‭ ‬كتابته،‭ ‬وأن‭ ‬والدها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرفه،‭ ‬وأنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬جعلته‭ ‬يعرفه؟
سألنا‭ ‬والدها‭ ‬بلحسن،‭ ‬فقال‭ ‬إنه‭ ‬اشترى‭ ‬لها‭ ‬ثلاثة‭ ‬كتب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬ثلاثية‭ ‬معروفة‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭. ‬سألناه‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬عمر‭ ‬ابنته‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬كي‭ ‬تختار‭ ‬بنفسها‭ ‬نوعية‭ ‬كتبها،‭ ‬فقال‭ ‬نعم،‭ ‬مضيفًا‭: ‬‮«‬هم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدًا‭ ‬ماذا‭ ‬يريدون‮»‬‭. ‬سألناه‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اطلاعه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬التونسيون،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬لا‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬التونسي‭ ‬باهظ‭ ‬الثمن‭. ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬سعر‭ ‬كتب‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬التي‭ ‬اشتراها؟‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬سعرها‭ ‬مناسب‭ ‬لأن‭ ‬نوعية‭ ‬الطبعة‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬مبالغ‭ ‬كبيرة‮»‬‭.‬
الشابة‭ ‬شيماء‭ ‬لم‭ ‬تخفِ‭ ‬حماستها‭ ‬وهي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬إنستغرام‮»‬‭ ‬و»تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬وغيرها‭. ‬عددت‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬له،‭ ‬وخاصة‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬خوف‭ ‬1‭ ‬و2‮»‬،‭ ‬و»أجيج‮»‬،‭ ‬و»هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬معي‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العناوين‭. ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬كتبه‭ ‬رائعة،‭ ‬وهو‭ ‬يكتب‭ ‬الفانتازيا‭ ‬التي‭ ‬تحبذها،‭ ‬كما‭ ‬يكتب‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬بطريقة‭ ‬مبهرة‭ ‬وفق‭ ‬تعبيرها‭. ‬شيماء‭ ‬لا‭ ‬تنفي‭ ‬أنها‭ ‬مطلعة‭ ‬جيدًا‭ ‬على‭ ‬ساحة‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬لكنها‭ ‬تحبذ‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬لأنه‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬مهمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭. ‬هو‭ ‬يتحدث‭ ‬مثلًا‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الخوف،‭ ‬ويسرد‭ ‬قصة‭ ‬حياته‭ ‬بأسلوب‭ ‬مفهوم‭ ‬ورائق‭.‬
الشابة‭ ‬خديجة،‭ ‬التي‭ ‬تحدثنا‭ ‬معها‭ ‬ورحبت‭ ‬بذلك،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أقل‭ ‬حماسة‭ ‬من‭ ‬شيماء‭. ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬تحبذ‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬الفانتازيا،‭ ‬وتحب‭ ‬التفلسف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭. ‬سألناها‭ ‬عن‭ ‬لغة‭ ‬الكاتب،‭ ‬فقالت‭ ‬إنها‭ ‬أحبتها‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وبلغة‭ ‬التونسيين‭: ‬‮«‬محلاها‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬تشدد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يكتب‭ ‬بحبكة‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬عند‭ ‬غيره‭.‬
أما‭ ‬الشابة‭ ‬ملكة،‭ ‬فقد‭ ‬سمعت‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬لنا‭ ‬بإسم‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬أصدقائها،‭ ‬ثم‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فتأثرت‭ ‬به،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬اشترت‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬خوف‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬اقتنت‭ ‬كتبًا‭ ‬أخرى‭ ‬له،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬سعيدة‭ ‬لأنها‭ ‬ستلتقي‭ ‬به‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭. ‬لنصل‭ ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬ألفة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بدورها‭ ‬ترافق‭ ‬ابنتها‭ ‬لنفس‭ ‬الغرض‭. ‬سألناها‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الأولياء‭ ‬قد‭ ‬استقالوا‭ ‬عن‭ ‬دورهم‭ ‬لتحل‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬محلهم‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬ميولاتهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المطالعة،‭ ‬فقالت‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬إزاء‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة،‭ ‬وليس‭ ‬لنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نراقب‭ ‬من‭ ‬بعيد‮»‬،‭ ‬مستدركة‭ ‬أن‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تقوم،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب،‭ ‬بدور‭ ‬مهم،‭ ‬فهي‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬المتنوعة‭.‬
من‭ ‬جهته،‭ ‬عبر‭ ‬أسامة‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬نقلته‭ ‬هيئة‭ ‬معرض‭ ‬تونس‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬الغامرة‭ ‬بنوعية‭ ‬الاستقبال‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وبالتنظيم‭ ‬الجيد‭ ‬للمعرض‭ ‬وفق‭ ‬وصفه،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬زيارته‭ ‬الأولى‭ ‬لبلادنا‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة‭.‬


حياة‭ ‬السايب