إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

البنك‭ ‬الدولي‭ ‬يتوقع‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭..‬ تونس‭ ‬أمام‭ ‬فرصة‭ ‬تحقيق‭ ‬انتعاشة‭ ‬صناعية‭ ‬وفلاحية‭ ‬

توقّع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬تقرير،‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الـ21‭ ‬بالقيمة‭ ‬الحقيقية‭.‬

وأوضح‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التقرير،‭ ‬أنه‭ ‬يتوقّع‭ ‬أن‭ ‬تنخفض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬العالمية‭ ‬12‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬و5‭ ‬بالمائة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬وهو‭ ‬تراجع‭ ‬لمستويات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬كورونا‭.‬

وتشمل‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المعدنية‭ ‬والنباتية‭ ‬والحيوانية،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬كالنفط‭ ‬والمواد‭ ‬الزراعية‭ ‬مثل‭ ‬الذرة‭ ‬والقمح‭ ‬والقطن‭ ‬والكتان‭ ‬وقصب‭ ‬السكر‭ ‬والبنجر،‭ ‬والمواد‭ ‬الحيوانية‭ ‬مثل‭ ‬الجلود‭ ‬والألبان‭ ‬واللحوم،‭ ‬والمواد‭ ‬المعدنية‭ ‬مثل‭ ‬الحديد‭ ‬والمنغنيز‭ ‬والفسفاط،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬الصخرية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استخراجها‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬المختلفة‭ ‬مثل‭ ‬الرخام‭.‬

وتشير‭ ‬توقعات‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬بلوغ‭ ‬متوسط‭ ‬أسعار‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬64‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬بانخفاض‭ ‬17‭ ‬دولارا‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬و60‭ ‬دولارا‭ ‬فقط‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026‭ ‬وسط‭ ‬وفرة‭ ‬المعروض‭ ‬وانخفاض‭ ‬الطلب‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أفاد‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬سيكون‭ ‬تأثيره‭ ‬ايجابيا‭ ‬وكبيرا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬تقلّص‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي‭.‬

خفض‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي

وأبرز‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي‭ ‬تُقدّر‭ ‬بـ14‭ ‬بالمائة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬ستنخفض‭ ‬تدريجيا‭ ‬مدفوعة‭ ‬بانخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬دوليا‭.‬

وفسّر‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬ستقوم‭ ‬بتوريد‭ ‬النفط‭ ‬بأسعار‭ ‬أقلّ‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الفارط،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬فإن‭ ‬حاجياتها‭ ‬تبقى‭ ‬كبيرة‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬التوريد‭.‬

ويمثل‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬الطاقي‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬إذ‭ ‬قدّرت‭ ‬قيمة‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬بـ5050،5‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬تفاقم‭ ‬بـ‭ ‬66،8‭ ‬بالمائة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بذات‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬دون‭ ‬احتساب‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬بلغ‭ ‬2168‭,‬8‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وبلغ‭ ‬عجز‭ ‬ميزان‭ ‬الطاقة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الحالي،‭ ‬2881‭,‬7‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬عجز‭ ‬بقيمة‭ ‬2943،3‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬2024‭.‬

وتبعا‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬دون‭ ‬ما‭ ‬برمجته‭ ‬الحكومة‭ ‬ماليا‭ ‬بخصوص‭ ‬ميزانية‭ ‬2025،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬ميزانية‭ ‬تونس‭ ‬انتعاشة‭ ‬ملحوظة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬فرضية‭ ‬سعر‭ ‬74‭ ‬دولارا‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬كسعر‭ ‬عالمي‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭.‬

استفادة‭ ‬المؤسسات

وبخصوص‭ ‬مدى‭ ‬استفادة‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬تدني‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬أوضح‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬والفلاحي‭ ‬يرتكزان‭ ‬على‭ ‬آلات‭ ‬تعمل‭ ‬بالمحروقات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬تتأثر‭ ‬وجوبا‭ ‬بأسعار‭ ‬المحروقات،‭ ‬وهي‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تتزوّد‭ ‬بها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬لاعتمادها‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭.‬

وسجّلت‭ ‬تونس‭ ‬عجزا‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬المواد‭ ‬الأوّليّة‭ ‬ونصف‭ ‬المصنعة‭ ‬بـ1616‭,‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025‭.‬

وتبحث‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬تُمكّنها‭ ‬من‭ ‬توريد‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة،‭ ‬ويعتبر‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقليص‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬والدفع‭ ‬نحو‭ ‬جودة‭ ‬أكبر‭ ‬للمنتوجات‭.‬

انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬الأسواق

وليست‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬لوحدها‭ ‬التي‭ ‬ستستفيد‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬المواطن،‭ ‬إذ‭ ‬وفق‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬فإن‭ ‬الشركات‭ ‬سيكون‭ ‬بإمكانها‭ ‬تحقيق‭ ‬هامش‭ ‬ربح‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬رقم‭ ‬معاملاتها‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ستصبح‭ ‬أقلّ،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬وجوبا‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬مختلف‭ ‬المنتوجات‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المُصنّعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأسواق‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬أوضح‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬مالية‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مريحة‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬برفع‭ ‬الإنتاجية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬ستقتني‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بأسعار‭ ‬غير‭ ‬عالية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنها‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬ديمومة‭ ‬المؤسسة‭ ‬ومواطن‭ ‬الشغل‭ ‬فيها،‭ ‬مع‭ ‬مواصلة‭ ‬نشاطها‭ ‬بطريقة‭ ‬ناجعة‭ ‬وفاعلة‭.‬

تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التونسية

وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالمواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬أكد‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬الأخير،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتراجع‭ ‬أسعارها‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭% ‬في‭ ‬2025‭ ‬و1‭ % ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬الموسم‭ ‬الزراعي‭ ‬يُبشّر‭ ‬بالخير‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬بسبب‭ ‬الأمطار‭ ‬الأخيرة‭ ‬ارتفع‭ ‬مُعدّل‭ ‬امتلاء‭ ‬السدود‭ ‬38‭.‬32‭ ‬بالمائة‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬28‭ ‬أفريل‭ ‬2028‭.‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية،‭ ‬يرى‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬موسم‭ ‬طيب‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬معدات‭ ‬الإنتاج‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬آلات‭ ‬الحرث‭ ‬والمعاصر،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التحويلية‭ ‬كالحبوب‭ ‬ومشتقاتها‭. ‬وتُعدّ‭ ‬الفرينة‭ ‬ومشتقاتها‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أهم‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬يُقبل‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬استهلاكها‭ ‬بكثرة‭.‬

وحول‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ستساهم‭ ‬بقوّة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬إنها‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬دفع‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬نكاية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النفطية‭ ‬وهي‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وفنزويلا‭ ‬ودعما‭ ‬للإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأمريكية‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي

البنك‭ ‬الدولي‭ ‬يتوقع‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭..‬ تونس‭ ‬أمام‭ ‬فرصة‭ ‬تحقيق‭ ‬انتعاشة‭ ‬صناعية‭ ‬وفلاحية‭ ‬

توقّع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬تقرير،‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الـ21‭ ‬بالقيمة‭ ‬الحقيقية‭.‬

وأوضح‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التقرير،‭ ‬أنه‭ ‬يتوقّع‭ ‬أن‭ ‬تنخفض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬العالمية‭ ‬12‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬و5‭ ‬بالمائة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬وهو‭ ‬تراجع‭ ‬لمستويات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬كورونا‭.‬

وتشمل‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المعدنية‭ ‬والنباتية‭ ‬والحيوانية،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬كالنفط‭ ‬والمواد‭ ‬الزراعية‭ ‬مثل‭ ‬الذرة‭ ‬والقمح‭ ‬والقطن‭ ‬والكتان‭ ‬وقصب‭ ‬السكر‭ ‬والبنجر،‭ ‬والمواد‭ ‬الحيوانية‭ ‬مثل‭ ‬الجلود‭ ‬والألبان‭ ‬واللحوم،‭ ‬والمواد‭ ‬المعدنية‭ ‬مثل‭ ‬الحديد‭ ‬والمنغنيز‭ ‬والفسفاط،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬الصخرية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استخراجها‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬المختلفة‭ ‬مثل‭ ‬الرخام‭.‬

وتشير‭ ‬توقعات‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬بلوغ‭ ‬متوسط‭ ‬أسعار‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬64‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬بانخفاض‭ ‬17‭ ‬دولارا‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬و60‭ ‬دولارا‭ ‬فقط‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026‭ ‬وسط‭ ‬وفرة‭ ‬المعروض‭ ‬وانخفاض‭ ‬الطلب‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أفاد‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬سيكون‭ ‬تأثيره‭ ‬ايجابيا‭ ‬وكبيرا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬تقلّص‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي‭.‬

خفض‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي

وأبرز‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬العجز‭ ‬الطاقي‭ ‬تُقدّر‭ ‬بـ14‭ ‬بالمائة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬ستنخفض‭ ‬تدريجيا‭ ‬مدفوعة‭ ‬بانخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬دوليا‭.‬

وفسّر‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬ستقوم‭ ‬بتوريد‭ ‬النفط‭ ‬بأسعار‭ ‬أقلّ‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الفارط،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬فإن‭ ‬حاجياتها‭ ‬تبقى‭ ‬كبيرة‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬التوريد‭.‬

ويمثل‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬الطاقي‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬إذ‭ ‬قدّرت‭ ‬قيمة‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬بـ5050،5‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬تفاقم‭ ‬بـ‭ ‬66،8‭ ‬بالمائة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بذات‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬دون‭ ‬احتساب‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬بلغ‭ ‬2168‭,‬8‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وبلغ‭ ‬عجز‭ ‬ميزان‭ ‬الطاقة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الحالي،‭ ‬2881‭,‬7‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬عجز‭ ‬بقيمة‭ ‬2943،3‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬2024‭.‬

وتبعا‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬دون‭ ‬ما‭ ‬برمجته‭ ‬الحكومة‭ ‬ماليا‭ ‬بخصوص‭ ‬ميزانية‭ ‬2025،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬ميزانية‭ ‬تونس‭ ‬انتعاشة‭ ‬ملحوظة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬فرضية‭ ‬سعر‭ ‬74‭ ‬دولارا‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬كسعر‭ ‬عالمي‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭.‬

استفادة‭ ‬المؤسسات

وبخصوص‭ ‬مدى‭ ‬استفادة‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬تدني‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬أوضح‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬والفلاحي‭ ‬يرتكزان‭ ‬على‭ ‬آلات‭ ‬تعمل‭ ‬بالمحروقات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬تتأثر‭ ‬وجوبا‭ ‬بأسعار‭ ‬المحروقات،‭ ‬وهي‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تتزوّد‭ ‬بها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬لاعتمادها‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭.‬

وسجّلت‭ ‬تونس‭ ‬عجزا‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬المواد‭ ‬الأوّليّة‭ ‬ونصف‭ ‬المصنعة‭ ‬بـ1616‭,‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2025‭.‬

وتبحث‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬تُمكّنها‭ ‬من‭ ‬توريد‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة،‭ ‬ويعتبر‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقليص‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬والدفع‭ ‬نحو‭ ‬جودة‭ ‬أكبر‭ ‬للمنتوجات‭.‬

انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬الأسواق

وليست‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬لوحدها‭ ‬التي‭ ‬ستستفيد‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬المواطن،‭ ‬إذ‭ ‬وفق‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬فإن‭ ‬الشركات‭ ‬سيكون‭ ‬بإمكانها‭ ‬تحقيق‭ ‬هامش‭ ‬ربح‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬رقم‭ ‬معاملاتها‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ستصبح‭ ‬أقلّ،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬وجوبا‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬مختلف‭ ‬المنتوجات‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المُصنّعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأسواق‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬أوضح‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬مالية‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مريحة‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬برفع‭ ‬الإنتاجية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬ستقتني‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬بأسعار‭ ‬غير‭ ‬عالية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنها‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬ديمومة‭ ‬المؤسسة‭ ‬ومواطن‭ ‬الشغل‭ ‬فيها،‭ ‬مع‭ ‬مواصلة‭ ‬نشاطها‭ ‬بطريقة‭ ‬ناجعة‭ ‬وفاعلة‭.‬

تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التونسية

وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالمواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬أكد‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬الأخير،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتراجع‭ ‬أسعارها‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭% ‬في‭ ‬2025‭ ‬و1‭ % ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬الموسم‭ ‬الزراعي‭ ‬يُبشّر‭ ‬بالخير‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬بسبب‭ ‬الأمطار‭ ‬الأخيرة‭ ‬ارتفع‭ ‬مُعدّل‭ ‬امتلاء‭ ‬السدود‭ ‬38‭.‬32‭ ‬بالمائة‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬28‭ ‬أفريل‭ ‬2028‭.‬

وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية،‭ ‬يرى‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬أن‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬موسم‭ ‬طيب‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬معدات‭ ‬الإنتاج‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬آلات‭ ‬الحرث‭ ‬والمعاصر،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التحويلية‭ ‬كالحبوب‭ ‬ومشتقاتها‭. ‬وتُعدّ‭ ‬الفرينة‭ ‬ومشتقاتها‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أهم‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬يُقبل‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬استهلاكها‭ ‬بكثرة‭.‬

وحول‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ستساهم‭ ‬بقوّة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬وليد‭ ‬الكسراوي‭ ‬إنها‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬دفع‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬نكاية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النفطية‭ ‬وهي‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وفنزويلا‭ ‬ودعما‭ ‬للإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأمريكية‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي