في يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية.. مقترحات لتعديل مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة
مقالات الصباح
عشية الاحتفال بعيد الشغل، نظمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب طيلة أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة شارك فيه عدد من الخبراء وممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية كوناكت وقدم هؤلاء مقترحات لتنقيحه.
وخلال النقاش هناك من النواب من دافع بشراسة عن هذا المشروع واعتبره نصا ثوريا جاء للقطع مع كافة أشكال التشغيل الهش واستعباد العمال، في حين هناك من نبه من تداعياته على الاقتصاد الوطني والاستثمار، وهناك أيضا من عاب على المجلس النيابي عدم تشريك الاتحاد العام التونسي للشغل وإقصاء أكبر منظمة في البلاد من جلسات الاستماع للأطراف المعنية بالمشروع وطالب بالعدول عن قرار الإقصاء لكن هذا المطلب الذي تقدم به النائب محمود شلغاف جوبه بصد كبير من قبل رئيس المجلس ابراهيم بودربالة. حيث قاطع بودربالة شلغاف وقال صارخا: «إن مجلس نواب الشعب مؤسسة سيادية ومن لا يعترف بها لا يضع ساقه فيها، ومادمت رئيسا للمجلس فلن يضع ساقه فيها، والاتحاد لم يرسل برقية تهنئة لهذا المجلس» وعقب عليه النائب موضحا أن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمكن اختزاله في شخص نور الدين الطبوبي بل هو يمثل 700 ألف منخرط وهو أوقى منظمة في البلاد.
وكان رئيس المجلس قد أشار خلال افتتاح اليوم الدراسي إلى أن الغاية من تنظيمه تتمثل في تشريك الخبراء للاستفادة من ملاحظاتهم وقراءاتهم ومقترحاتهم. وأكد أن المجلس منفتح دائما على هذه الطاقات.
وأضاف أن هذا المشروع ستتم دراسته بكل عناية من قبل النواب، وأنه يجب أن يأخذ حظه من النقاش المعمق بما يتماشى مع السنة التي تم إقرارها ألا وهي أن عمل الوظيفتين التنفيذية والتشريعية هو عمل متناغم يرمي إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن.
وذكر أنه في إطار نشاط المجلس النيابي هناك تأكيد على أن تكون قرارات أعضاء المجلس نابعة من إرادتهم الحرة ومطابقة للصواب ولما يجب أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وعبر عن أمله في التوصل إلى قانون من شأنه أن يصلح العلاقات الاجتماعية ولا تكون العلاقات الشغلية في إطاره هشة فالهدف المنشود حسب قوله هو أن تكون العلاقات داخل المجتمع مبنية على العدل والإنصاف وأن يأخذ كل طرف حقوقه.
أما رؤوف الفقيري مقرر لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة المتعهدة بدراسة مشروع القانون فبين أنه تم نقاش المشروع صلب اللجنة طيلة ثلاثة أسابيع وتباينت آراء النواب بين من يرى أنه نصا ثوريا وبين من اعتبر أنه ركز على الجانب الاجتماعي على حساب الجانب الاقتصادي ولمزيد التعمق في دراسته قررت اللجنة الاستماع إلى عدد من الخبراء ومكنت جلسات الاستماع المتدخلين من تقديم ملاحظات حول المشروع ومقترحات لتعديله وتجويد صياغته. وعبر الفقيري عن أمله في الوصول إلى صيغة نهائية تضمن شروط العمل اللائق والأجر العادل، ولاحظ أن اللجوء للمناولة حرم الأجراء من حقوقهم وذكر أنه بمقتضى قرار رئيس الجمهورية تم التأكيد على القطع مع كل أشكال التشغيل الهش وتم في إطار هذا القرار إعداد المشروع الذي جاء لتنظيم عقود الشغل ولمنع المناولة.
العمل اللائق
وتطرق حاتم قطران الأستاذ المتميز بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس والمدير العام السابق للمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية إلى موضوع الحق في الشغل في ظروف لائقة وأنماط عقد الشغل، وعدد مميزات مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة وأوجه القصور فيه وقدم مقترحات لإثرائه وخلص إلى أن المشروع في حاجة لمراجعة بعض أحكامه.
وبين قطران أن هذا المشروع الذي تقدمت به الحكومة منذ 14 مارس 2025 جاء استجابة لدعوة رئيس الجمهورية لوضع حد لجميع أشكال التشغيل الهش وتم من خلاله تسليط الضوء على احد المبادئ الأساسية الموجودة في الدستور ومنها تلك المنصوص عليها بالفصل 46 وهي حق العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل. وأضاف أن مشروع القانون قد يبدو للبعض أنه تعلق بتنقيح جزئي لخمسة فصول فقط من مجلة الشغل، لكن هذا التعديل حسب وصفه ذو أهمية بالغة فهو أهم إصلاح أدخل على المجلة المذكورة منذ 30 سنة، وتكمن أهميته في أنه تناول لب المجلة الذي يقوم على التقسيم بين عامل قار وعامل عرضي، وذكر أن هذا المشروع سيؤثر على العمال وعلى المؤسسات وعلى علاقات الشغل الجماعية، ونظرا لهذه الأهمية، أوصى قطران المجلس النيابي بتوسيع دائرة الاستشارة لتشمل ممثلي المنظمات الممثلة للعمال مثلما حصل مع منظمات ممثلة لأصحاب العمل. وذكّر الخبير النواب بأن تونس صادقت على عدد من اتفاقيات العمل الدولية التي تلزمها بإتباع منهج المفاوضة الجماعية والمشاورات وبالتالي فإن تمرير أي نص يمس العمال يقتضي استشارة ممثلي العمال وممثلي أصحاب العمل.
ولاحظ الخبير أن المشروع جاء لإزالة الخلط بين عقود الشغل ذات المدة المعينة وعقود الشغل ذات المدة غير المعينة ولمنع المناولة ولوضع جزاءات وعقوبات. ولإزالة الخلط القائم بين عقود الشغل لمدة معينة وعقود الشغل لمدة غير معينة أقر المشروع في بابه الأول بشكل صريح بأن الأصل هو اعتبار عقد الشغل مبرما لمدة غير معينة كما تم حصر إمكانية اللجوء إلى صيغة عقد الشغل لمدة معينة في الحاليات الاستثنائية والموضوعية التي تبرره دون سواها وتم صلب المشروع اشتراط الكتابة في طور إبرام العقد وعدم إرجاء ذلك لاحقا بعد انقضاء مدة العقد كما جاء لإنهاء قانون انتهك حقوق الإنسان حيث تم إلغاء النظام الاستثنائي والتمييزي القاضي بأفضلية عقد الشغل لمدة معينة في المناطق الاقتصادية الحرة.
ولاحظ الخبير أن الفصل 6 ثانيا جديد نص بصريح العبارة على أن يعتبر عقد الشغل مبرما لمدة غير معينة ونص الفصل 6 رابعا جديد على الحالات الاستثنائية والموضوعية التي يجوز فيها عقد الشغل لمدة معينة والمتمثلة في زيادة غير عادية في حجم الخدمات أو الأشغال أو تعويض وقتي لأجير قار متغيب أو القيام بأعمال موسمية أو أشغال أخرى لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيعتها اللجوء فيها إلى عقود لمدة غير معينة.
كما أن الفرق الأساسي حسب ما أشار إليه قطران هو أنه لا يمكن فصل العامل عن العمل إلا لسبب جدي وهو ارتكاب خطأ فادح علما وأن المؤجر معرض لغرامات عند فصل العامل عن علمه أما الميزة الثانية لمشروع القانون فهي حسب رأيه تتمثل في اشتراط الكتابة عند إبرام عقد الشغل منذ البداية وتتمثل الميزة الثالثة في إلغاء النظام الاستثنائي والتمييز الذي كرسه الفصل 23 من قانون صدر خارج مجلة الشغل وهو القانون عدد 81 لسنة 1992 المتعلق بالمناطق الاقتصادية الحرية
وأوصى الخبير النواب بتوسيع الاستثناءات والنظر في إمكانية إضافة حالات أخرى يجوز فيها اللجوء إلى عقود شغل لمدة معينة بغاية دفع حركة الاستثمار وتشغيلية بعض الفئات من طالبي الشغل وأشار إلى وجود حاجة إلى تنظيم عقد الشغل لفترات متقطعة في السنة وحاجة لمراجعة مقتضيات المشروع ذات العلاقة خاصة بتنظيم صيغة عقد الشغل المقترن بفترة تجربة.
وفي علاقة بتنظيم عقود الشغل قدم قطران لنواب الشعب عدة مقترحات تعديل وتوصيات منها تحسين صياغة الفصل السادس رابعا جديد وإضافة حالات أخرى يجوز فيها اللجوء إلى عقود الشغل لمدة معينة من قبيل القيام بالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة أو بأشغال جديدة ومصاحبة العقود المعينة المدة بدورات تدريبية للعاطلين عن العمل وتنظيم نمط عقد الشغل لفترات متقطعة ومن التوصيات الأخرى دعوته إلى إعادة النظر في الفصل السادس ثالثا جديد في علاقة بتحديد فترة التجربة القابلة للتجديد مع التنصيص بأكثر دقة على وجوب أن يتم إبرام عقد الشغل المقترن بفترة التجربة كتابيا على غرار العقد لمدة معينة.
أما بالنسبة إلى الباب الثاني من مشروع القانون والمتعلق بمنع المناولة فبين الخبير حاتم قطران أن المشروع منع المناولة ونص على عقوبات جزائية صارمة وخطية مالية قدرها 10 الاف دينار وفي صورة العود تصل العقوبة إلى السجن. ويرى أنه من الأفضل مضاعفة الخطية المالية عوضا عن عقوبة سالبة للحرية خاصة وأن العقوبات المالية في مجلة الشغل زهيدة وتتراوح بين 12 و30 دينارا فقط عند تشغيل طفل. ويرى الجامعي أن هناك حاجة للرفع في العقوبات المالية عند انتهاك حقوق الشغل وذكر أن العقوبة السالبة للحرية، تعامل المؤجر كمجرم محتمل وتعطي صورة سلبية عن وضع الاستثمار.
وأكد أنه مع منع المناولة وذكر أنه تم صلب المشروع فمنع مختلف أشكال المناولة وحصر الحالات الجائزة في مؤسسات إسداء الخدمات والقيام بأشغال ولكن ماذا عن مؤسسات الصيانة أو عمال النظافة وعمال الحراسة وعمال الشركات المتخصصة في نقل البنزين وغيرها ويرى أن القانون يجب ألا يدخل تضييقات على المؤسسات التي تنشط في قطاعات حساسة وذكر أن شركات الحراسة هي شركات متخصصة ينظمها قانون صدر منذ 2003 وهذه الشركات تتحصل على تراخيص من وزارة الداخلية.
ولاحظ أن مشروع القانون جاء بعدة بنود عبرت عن الحرص على تامين حقوق العمال بمؤسسات إسداء خدمات حيث تم خصر عقود إسداء الخدمات أو القيام بأشغال في الحالات التي تتطلب معارف مهنية أو تخصصا فنيا وهناك حرص من قبل المشروع على تأمين حقوق العمال المستخدمين لدى مؤسسة مستفيدة في إطار عقود إسداء الخدمات أو القيام بأشغال.
وقدم قطران في مداخلته بسطة حول تنظيم مؤسسات العمل المؤقت في القانون الدولي والقانون المقارن مثل القانون الفرنسي.
قراءة قانونية
وقدم حافظ العموري أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية بتونس تعليقا قانونيا على فصول مشروع تنقيح مجلة الشغل. وبين أنه لا يوجد أصعب من تنقيح هذه المجلة خاصة وأن الاقتصاد التونسي متكون من 80 بالمائة من مؤسسات تشغل 20 عاملا أو أقل. وذكر أنه من حيث الممارسة نجد المؤجر يقوم بطرد العامل قبل أسبوع من نهاية أربع سنوات حتى لا يتم ترسيمه. وهناك من اشتغل 15 سنة فما فوق وعند بلوغ سن التقاعد لا يجد جراية تقاعد لأن شركات المناولة لا تقوم بتصريح صحيح. ولاحظ أن العاملين بالعقود محددة المدة بالممارسة الحالية وفي إطار المناولة يعيشون عدم استقرار اجتماعي ويرى أن المناولة بالشكل الحالي بشركات المناولة التي لا تحترم القانون تجعل العامل غير قادر عن تصور مستقبله وغير قادر عن تأسيس أسرة.
وبين أن السبب الرئيسي الذي جاء من أجله مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة هو وضع حد لهذا الواقع لأننا أحببنا أو كرهنا فهناك مسافة بين القانون وبين التطبيق والدليل على ذلك أن مناولة اليد العاملة ليس لها أي أساس قانوني لكن الفراغ القانوني فرضها لان القانون ينص على انه لا منع إلا بنص صريح وعبر العموري عن امله في أن تكون صياغة المشروع جيدة للحيولة دون مثل هذه الفراغات.
وذكر أن مقترح القانون لا ينطبق فقط على القطاع الخاص وإنما أيضا على المنشآت العمومية ، فهو على سبيل الذكر يطبق على الخطوط التونسية بنفس الشكل على محل صغير يشغل ثلاثة عمال. ولاحظ أن جميع القوانين نصت على إصدار نصوص ترتيبية لكن المشروع الحالي نص على نص ترتيبي واحد يتعلق بإسداء الخدمات واقترح أن يتم التنصيص فيه على عديد النصوص الترتيبية التي تصدر بقرارات مشتركة بين الوزراء كأن يتم التنصيص على تعريف العمل الموسوي بأمر وبهذه الكيفية يتم إصدار أمر ترتيبي بين وزيري الشؤون الاجتماعية والسياحة أو بين وزيري الشؤون الاجتماعية والفلاحة وبهذه الكيفية لا يتم تعطيل بعض الأنشطة.
ونفى الجامعي أن يكون المشروع ألغى المرونة بل نص على تنظيم العلاقات بين الأجير والمؤجر ونص على زيادة غير عادية في حجم العمل وينتهي العقد بانتهاء الزيادة غير العادية في حجم العمل وقان انه يتمنى أن لا يقع الانحراف بالقانون في اتجاه يجعل اللجوء إلى العقد بسبب هذه الزيادة غير العادية متواصل في الزمن اقتراح تحديد هذه المدة وبهذه الكيفية تكون هناك حماية ومرونة. وعبر عن خشيته من تحول مؤسسات العمل الوقتي الى مؤسسات مناولة بتسمية جديدة وذكر أن الاتفاقيات الدولية رقم 100 و111 والميثاق العالمي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نصت جميعها على أنه لا يمكن التمييز بين العاملين الذين يمارسون عملا بنفس القيمة واقترح الأستاذ الجامعي على النواب مراجعة عدد من الفصول لأنها غير متناسقة مع الاتفاقيات الدولية ونبههم إلى أن المناولة جاءت لتسهل عمل المؤجرين لكنها تحولت إلى سمسرة باليد العاملة وتسببت في مآسي اجتماعية. ولاحظ أن اخطر فصل في المشروع هو الفصل 30 فهو يتعلق بإسداء الخدمات واشترط بن الخدمات لا تتعلق بالنشاط الأساسي وهو ما يتناقض مع التوجه العالمي ودعا النواب إلى إعادة صياغته وأوصاهم بالتنصيص صلب المشروع على نصوص ترتيبية في شكل قرارات مشتركة بين الوزارات نظرا لأن هذه الآلية القانونية مرنة وتهدف لمواكبة القانون للتطورات الاقتصادية والاجتماعية.
ضمان المقروئية
وفي قراءة في مشروع القانون المتعلق بتنقيح أحكام مجلة الشغل المتعلقة بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة أشارت سناء السويسي، أستاذة محاضرة بكلية الحقوق والعلوم السياسية إلى أنه عندما يتعلق الأمر بصياغة أي نص تشريعي فان من أهم التحديات التي تطرح هي الموازنة بين المعطى الاقتصادي والمعطى الاجتماعي بما يضمن استدامة المؤسسة وحاجة العمال للعمل اللائق والأجر العادل. وترى الجامعية أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة أعاد الأصل في الأشياء وهو أن عقد الشغل غير محدد المدة كما يحسب له تدارك الفراغ التشريعي الموجود في تنظيم مناولة اليد العاملة. وأضافت انه لا بد من تحصين ضمانات العامل لكن مشروع القانون فيه بعض القصور في تحصين هذه الحقوق.
لضمان مقروئية النص لا بد حسب قولها من الدقة والوضوح لأنه إذا تسلل الغموض واللبس فيتسلل معه التحيل. وذكرت أن هناك بعض الفصول الموجودة في المشروع فيها تزيّد أو تجميع للصور ويتطلب الأمر تعداد الصور لأن التجميع يمس من مقروئية النص ولاحظت أن المشروع فيه تقنية خطيرة وهي الإحالات المتواترة ونصحت النواب بتجنب هذه التقنية ودعتهم إلى العمل على تصحين حقوق العمال وفي نفس الوقت التفكير في سبل المحافظة على ديمومة المؤسسة وتشجيع المؤسسات في الطور الأول من الإنتاج وأضافت أنه يجب تمكين المؤسسات التي يتم تكوينها لأول مرة أو في صورة إطلاق منتوج جديد من مرونة فيمكن اعتماد عقود الشغل محددة المدة مع تحديد هذه المدة، وفي علاقة بالفصل المتعلق بعقود إسداء الخدمات نبهت الجامعية النواب من أن هناك مؤسسات ستجد نفسها في مشكل كما دعتهم إلى التفكير في إعادة صياغة الفصل 30 من المشروع.
وبالنسبة إلى الزيادة غير العادية في العمل فمن يقرأ النص حسب قولها يسأل عن المعيار الذي يمكّن من التمييز بين الزيادة العادية والزيادة غير العادية لذلك يجب تسقيفها وتحديدها بمعيار زمني والأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين القطاعات، وذكرت أن هناك من يسأل من الذي يضمن أن صاحب المؤسسة لا يأتي في السنة الموالية ويصرح بوجود زيادة غير عادية في حجم العمل.
لدى حديثها عن مسألة العمل الموسمي أشارت إلى أن المنشور عدد 13 الصادر سن 1997 عرف العمل الموسمي على انه العمل الذي يتكرر كل سنة خلال فترة زمنية تكاد تكون ثابتة حسب تواتر المواسم.. وذكرت أن مسألة العمل الموسمي من حيث طبيعته لا يمكن أن يكون بعقود شغل محددة المدة ولضمان مرونة تطبيق النص يمكن التنصيص على تنظيمها بقرار مشترك. وبخصوص المناولة لاحظت أنه لا بد من تقييدها.
ضرورة تنقيح المجلة
وقدم النوري مزيد، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بصفاقس، والعميد السابق للكلية ومدير مدرسة الدكتوراه للعلوم القانونية بدوره قراءة في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة وبين أن مجلة الشغل صدرت بمقتضى قانون مؤرخ في 30 أفريل 1966 في ظرف اتسم بوجود أزمة اقتصادية واجتماعية حادة وتم إصدارها بصفة متسرعة وفي غياب حوار وطني جدي وفي غياب تناسي بين أحكامها وتم تعديلها في عدة مناسبات وكانت التنقيحات بعيدة عن تكريس مقومات العمل اللائق وهو ما أدى إلى انتشار واسع للتشغيل الهش بسبب الاستعمال المفرط لعقود الشغل محددة المدة وانتشار الممارسات غير المشروعة المقترنة بالمتاجرة بالأيدي العاملة بما يتعارض مع مفهوم العمل اللائق الذي أقره الدستور والمعايير الدولية. وأشار إلى أنه أصبح من الضروري القيام بمراجعة لأحكام مجلة الشغل. وتولى الجامعي في مداخلته تحليل مختلف أحكام مشروع القانون وقال إن هذه الأحكام اصطبغت أساسا بتوجه اجتماعي لفائدة العمال عبر توفير ضمانات حمائية لهم من مخاطر التهميش وعدم الاستقرار في العمل لكنها لا تخلو من بعض الغموض ومن النقائص سواء تعلق الأمر بتنظيم عقود الشغل أو بمنع المناولة وكذلك بالأحكام الانتقالية الواردة في هذا المشروع وأطلع مزيد النواب على أبرز النقاط التي نص عليها المشروع وعلى النقائص والنقاط الغامضة وخلص إلى أنه من الضروري مراجعة بعض الأحكام.
عقلية تشريعية جديدة
وسلط منير الفرشيشي القاضي والمدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية المجهر على مشروع القانون والمبادئ القياسية التعاقدية، وركز على الجانب التقني القانوني وذكر أن مركز الدراسات كانت له فرصة المساهمة في إعداد المشروع ويرى أن الملاحظات التي تم تقديمها خلال اليوم الدراسي تعلقت بتعديل بعض الفصول.فمن حيث المبادئ التقنية ومبادئ الصياغية لأي مشروع قانون لا بد حسب قوله من التناسب وذكر أنه تم في إطار المشروع اختيار التناسب التعاقدي المدني.. فعقد الشغل هو عقد مدني وهو عقد مستحدث مقارنة بعقود مدنية أخرى مثل عقد البيع او الهبة أو الكراء على اعتبار انه ورد في صيغة قديمة في مجلة الالتزامات والعقود في باب الإيجار وبصور مجلة الشغل تم نقل هذا الشكل التعاقدي بقواعد خاصة قد تختلف في مضمونها مع الإيجار وفسر أن عقد الشغل لأصبح يقوم على تعريف يختلف مع تعريفات القانون المدني الأصلي وجاء بعناصر تعريفة أهمها العلاقة بين طالب العمل وموفر العمل والعلاقة بين المؤجر والإدارة.
وذكر أن هذه العناصر التكوينية لعقد الشغل تؤدي الى تداخل بين الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي وهو ما يفسر أن قانون الشغل عموما وعقد الشغل تحديدا قد عرف عدة تنقيحات وليس من الغريب أن يتم في هذه الفترة الزمنية تقديم مشروع قانون اختار له المشرع عبارة تنظيم عقود الشغل وهي عبارة دقيقة فهذا يعني ان عقود الشغل لم تكن منظمة بالمقاييس التعاقدية والمقاييس التي يجب أن تتوفر في العقود. وأضاف أن المشرع عندما يحاول أن يصلح فليس من الضروري أن يوفق في عملة مائة بالمائة. وذكر أنه لا بد من الرجوع الى المقاييس العامة وأهمها مقاييس التعاقد التي وفق فيها المشروع.
ويرى منير الفرشيشي أن المشرع قدم عقلية تشريعية جديدة ليس لعقد الشغل بل للعلاقة الشغلية في حد ذاتها ويرى أن المشرع احترم المبادئ القياسية التعاقدية والتي جاءت للحد من مظاهر عدم احترام المعاملات الشغلية لمبادئ التعاقد المتمثلة بالخصوص في الأمان التعاقدي. وذكر أن أهم شيء لدى العامل هو الاستقرار وقد توصل المشرع إلى ضمان الاستقرار التعاقدي أما المسألة الثانية التي تكتسي أهمية فهي حسب قوله سد المنافذ أمام التحايل والذي برز سابقا من خلال التربص وغيره كوسائل قانونية تحول دون عدم استقرار وضعية العمال الاجتماعية. وذكر أنه تمت الحيلولة دون استعباد العامل كما تم من خلال المشروع ضمان احترام الذات البشرية في المعاملات. وأشار الخبير إلى أن المشرع ولتجريم المناولة عمل على القطع مع هذه المسألة والقطع مع التحايل على العلاقات الشغلية وقام باستعمال صيغ مضبوطة لان صحة التشريع تقاس بوضوح القانون. وأوضح أن المشرع كان واضحا بأهدافه التشريعية وحاول القطع مع السائد القديم وأصبح عقد الشغل عقدا دائما كما انه اعتمد على صيغة تشريعية أصولية منها الفصل 6 ثانيا جديدا كما أنه أقر بعض العقوبات الجديدة ففي صورة عدم احترام صاحب العمل للقانون فانه يسقط في عقوبة استمرارية العقد وقطع المشرع حسب قوله مع المناولة بنصوص صريحة كما انه اعتمد صيغا تشريعية ترمي الى ضمان الاستقرار. وعن الضمانات التي يجب توفيرها لضمان تطبيق هذه الخيارات، بين الفرشيشي انه يجب الابتعاد عن التفصيلات فالمسائل حسب قوله لا يمكن أن تكون جميعها محسومة بالنص..
مراعاة الوضع الاقتصادي
وبعد الاستماع إلى الخبراء تم فتح المجال أمام ممثلي بعض المنظمات لإبداء الرأي في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ودعا نائب رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية هشام اللومي إلى الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي وبين أن أهداف المشروع نبيلة لكن لا بد من التوضيح بأن المؤسسات ملزمة بالمبادئ الكبرى للعمل اللائق والأجر العادل. وذكر أن المستثمرين التونسيين والأجانب قلقون بسبب المشروع وأشار إلى العمل القوتي موجود في إطار منظومة عالمية والمناولة موجودة في عدة قطاعات وهناك مخاطر لهذا المشروع يجب الحذر منها لتلافي خسارة مواطن شغل وهروب المستثمرين الأجانب.. وقدم ممثلو منظمة الأعراف قراءة نقدية لهذا المشروع.
إصلاح المنظومة
وبين محمد بن خليفة، عضو المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، المكلف بالفلاحين الشبّان أنه لا بد من إفراد قطاع الفلاحة والصيد البحري بمنظومة تشريعية تحمي العلاقات الشغلية وضبط صيغة قانونية خاصة بالتشغيل الفلاحي الموسمي تضمن الحد الأدنى من الأجر والتغطية الاجتماعية والمدة القصوى للتشغيل بالعقد الوقتي وتحديد المفاهيم المتصلة بالمؤسسة الفلاحية والعامل الفلاحي وإصلاح منظومة التغطية الاجتماعية في قطاع الفلاحة والصيد البحري وتشجيع الفلاحين والبحارة على التصريح بالعمال غير إقرار حوافز جبائية وإدراج فصل خاص بالتكوين والتأهيل المهني للعمال الفلاحيين. وخلص إلى أن هذا المشروع لا يمكن تطبيقه في الواقع إلا إذا رافقته إرادة قوية لإصلاح قانون الاستثمار ومنظومة التمويل.
عقد متوازن
وأشار سليم عبد الجليل عضو المجلس العلمي بكنفديرالية المؤسسات المواطنة التونسية كوناكت إلى أن العمل حق دستوري وإلى أهمية القطع مع العمل الهش وذكر أن الفصل السادس من مجلة الشغل كرس مفهوم التبعية وتدخل المشرع لضمان حقوق الطرف الضعيف وفي هذا الإطار يتنزل مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ولاحظ أنه لا بد من التأكيد على أهمية التوازن في العقد بين حماية حق العامل والمحافظة على ديمومة المؤسسة ومواطن الشغل. وقدم عبد الجليل في مداخلته توصيات منظمته ومقترحاتها لتعديل فصول مشروع القانون في علاقة بفترة التجربة وعقد الشغل معينة المدة ودعا إلى حذف أولوية انتداب العمال الوقتيين وبخصوص المناولة أشار إلى أن المناول الاقتصادي للمناولة هو مناول معتمد في العديد من الدول الصناعية. وذكر أنه يجب إعادة تنظيم الأجسام الوسيطة في علاقة بالانتداب وتقنينها كما يجب حذف العقوبة السجنية وإلغاء عبارة النشاط الأساسي و الدائم للمؤسسة في الفصل 30 والتسريع في إحداث اتفاقيات قطاعية لأحداث نظام تأجير قطاعي.
سعيدة بوهلال
عشية الاحتفال بعيد الشغل، نظمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب طيلة أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة شارك فيه عدد من الخبراء وممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية كوناكت وقدم هؤلاء مقترحات لتنقيحه.
وخلال النقاش هناك من النواب من دافع بشراسة عن هذا المشروع واعتبره نصا ثوريا جاء للقطع مع كافة أشكال التشغيل الهش واستعباد العمال، في حين هناك من نبه من تداعياته على الاقتصاد الوطني والاستثمار، وهناك أيضا من عاب على المجلس النيابي عدم تشريك الاتحاد العام التونسي للشغل وإقصاء أكبر منظمة في البلاد من جلسات الاستماع للأطراف المعنية بالمشروع وطالب بالعدول عن قرار الإقصاء لكن هذا المطلب الذي تقدم به النائب محمود شلغاف جوبه بصد كبير من قبل رئيس المجلس ابراهيم بودربالة. حيث قاطع بودربالة شلغاف وقال صارخا: «إن مجلس نواب الشعب مؤسسة سيادية ومن لا يعترف بها لا يضع ساقه فيها، ومادمت رئيسا للمجلس فلن يضع ساقه فيها، والاتحاد لم يرسل برقية تهنئة لهذا المجلس» وعقب عليه النائب موضحا أن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمكن اختزاله في شخص نور الدين الطبوبي بل هو يمثل 700 ألف منخرط وهو أوقى منظمة في البلاد.
وكان رئيس المجلس قد أشار خلال افتتاح اليوم الدراسي إلى أن الغاية من تنظيمه تتمثل في تشريك الخبراء للاستفادة من ملاحظاتهم وقراءاتهم ومقترحاتهم. وأكد أن المجلس منفتح دائما على هذه الطاقات.
وأضاف أن هذا المشروع ستتم دراسته بكل عناية من قبل النواب، وأنه يجب أن يأخذ حظه من النقاش المعمق بما يتماشى مع السنة التي تم إقرارها ألا وهي أن عمل الوظيفتين التنفيذية والتشريعية هو عمل متناغم يرمي إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن.
وذكر أنه في إطار نشاط المجلس النيابي هناك تأكيد على أن تكون قرارات أعضاء المجلس نابعة من إرادتهم الحرة ومطابقة للصواب ولما يجب أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وعبر عن أمله في التوصل إلى قانون من شأنه أن يصلح العلاقات الاجتماعية ولا تكون العلاقات الشغلية في إطاره هشة فالهدف المنشود حسب قوله هو أن تكون العلاقات داخل المجتمع مبنية على العدل والإنصاف وأن يأخذ كل طرف حقوقه.
أما رؤوف الفقيري مقرر لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة المتعهدة بدراسة مشروع القانون فبين أنه تم نقاش المشروع صلب اللجنة طيلة ثلاثة أسابيع وتباينت آراء النواب بين من يرى أنه نصا ثوريا وبين من اعتبر أنه ركز على الجانب الاجتماعي على حساب الجانب الاقتصادي ولمزيد التعمق في دراسته قررت اللجنة الاستماع إلى عدد من الخبراء ومكنت جلسات الاستماع المتدخلين من تقديم ملاحظات حول المشروع ومقترحات لتعديله وتجويد صياغته. وعبر الفقيري عن أمله في الوصول إلى صيغة نهائية تضمن شروط العمل اللائق والأجر العادل، ولاحظ أن اللجوء للمناولة حرم الأجراء من حقوقهم وذكر أنه بمقتضى قرار رئيس الجمهورية تم التأكيد على القطع مع كل أشكال التشغيل الهش وتم في إطار هذا القرار إعداد المشروع الذي جاء لتنظيم عقود الشغل ولمنع المناولة.
العمل اللائق
وتطرق حاتم قطران الأستاذ المتميز بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس والمدير العام السابق للمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية إلى موضوع الحق في الشغل في ظروف لائقة وأنماط عقد الشغل، وعدد مميزات مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة وأوجه القصور فيه وقدم مقترحات لإثرائه وخلص إلى أن المشروع في حاجة لمراجعة بعض أحكامه.
وبين قطران أن هذا المشروع الذي تقدمت به الحكومة منذ 14 مارس 2025 جاء استجابة لدعوة رئيس الجمهورية لوضع حد لجميع أشكال التشغيل الهش وتم من خلاله تسليط الضوء على احد المبادئ الأساسية الموجودة في الدستور ومنها تلك المنصوص عليها بالفصل 46 وهي حق العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل. وأضاف أن مشروع القانون قد يبدو للبعض أنه تعلق بتنقيح جزئي لخمسة فصول فقط من مجلة الشغل، لكن هذا التعديل حسب وصفه ذو أهمية بالغة فهو أهم إصلاح أدخل على المجلة المذكورة منذ 30 سنة، وتكمن أهميته في أنه تناول لب المجلة الذي يقوم على التقسيم بين عامل قار وعامل عرضي، وذكر أن هذا المشروع سيؤثر على العمال وعلى المؤسسات وعلى علاقات الشغل الجماعية، ونظرا لهذه الأهمية، أوصى قطران المجلس النيابي بتوسيع دائرة الاستشارة لتشمل ممثلي المنظمات الممثلة للعمال مثلما حصل مع منظمات ممثلة لأصحاب العمل. وذكّر الخبير النواب بأن تونس صادقت على عدد من اتفاقيات العمل الدولية التي تلزمها بإتباع منهج المفاوضة الجماعية والمشاورات وبالتالي فإن تمرير أي نص يمس العمال يقتضي استشارة ممثلي العمال وممثلي أصحاب العمل.
ولاحظ الخبير أن المشروع جاء لإزالة الخلط بين عقود الشغل ذات المدة المعينة وعقود الشغل ذات المدة غير المعينة ولمنع المناولة ولوضع جزاءات وعقوبات. ولإزالة الخلط القائم بين عقود الشغل لمدة معينة وعقود الشغل لمدة غير معينة أقر المشروع في بابه الأول بشكل صريح بأن الأصل هو اعتبار عقد الشغل مبرما لمدة غير معينة كما تم حصر إمكانية اللجوء إلى صيغة عقد الشغل لمدة معينة في الحاليات الاستثنائية والموضوعية التي تبرره دون سواها وتم صلب المشروع اشتراط الكتابة في طور إبرام العقد وعدم إرجاء ذلك لاحقا بعد انقضاء مدة العقد كما جاء لإنهاء قانون انتهك حقوق الإنسان حيث تم إلغاء النظام الاستثنائي والتمييزي القاضي بأفضلية عقد الشغل لمدة معينة في المناطق الاقتصادية الحرة.
ولاحظ الخبير أن الفصل 6 ثانيا جديد نص بصريح العبارة على أن يعتبر عقد الشغل مبرما لمدة غير معينة ونص الفصل 6 رابعا جديد على الحالات الاستثنائية والموضوعية التي يجوز فيها عقد الشغل لمدة معينة والمتمثلة في زيادة غير عادية في حجم الخدمات أو الأشغال أو تعويض وقتي لأجير قار متغيب أو القيام بأعمال موسمية أو أشغال أخرى لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيعتها اللجوء فيها إلى عقود لمدة غير معينة.
كما أن الفرق الأساسي حسب ما أشار إليه قطران هو أنه لا يمكن فصل العامل عن العمل إلا لسبب جدي وهو ارتكاب خطأ فادح علما وأن المؤجر معرض لغرامات عند فصل العامل عن علمه أما الميزة الثانية لمشروع القانون فهي حسب رأيه تتمثل في اشتراط الكتابة عند إبرام عقد الشغل منذ البداية وتتمثل الميزة الثالثة في إلغاء النظام الاستثنائي والتمييز الذي كرسه الفصل 23 من قانون صدر خارج مجلة الشغل وهو القانون عدد 81 لسنة 1992 المتعلق بالمناطق الاقتصادية الحرية
وأوصى الخبير النواب بتوسيع الاستثناءات والنظر في إمكانية إضافة حالات أخرى يجوز فيها اللجوء إلى عقود شغل لمدة معينة بغاية دفع حركة الاستثمار وتشغيلية بعض الفئات من طالبي الشغل وأشار إلى وجود حاجة إلى تنظيم عقد الشغل لفترات متقطعة في السنة وحاجة لمراجعة مقتضيات المشروع ذات العلاقة خاصة بتنظيم صيغة عقد الشغل المقترن بفترة تجربة.
وفي علاقة بتنظيم عقود الشغل قدم قطران لنواب الشعب عدة مقترحات تعديل وتوصيات منها تحسين صياغة الفصل السادس رابعا جديد وإضافة حالات أخرى يجوز فيها اللجوء إلى عقود الشغل لمدة معينة من قبيل القيام بالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة أو بأشغال جديدة ومصاحبة العقود المعينة المدة بدورات تدريبية للعاطلين عن العمل وتنظيم نمط عقد الشغل لفترات متقطعة ومن التوصيات الأخرى دعوته إلى إعادة النظر في الفصل السادس ثالثا جديد في علاقة بتحديد فترة التجربة القابلة للتجديد مع التنصيص بأكثر دقة على وجوب أن يتم إبرام عقد الشغل المقترن بفترة التجربة كتابيا على غرار العقد لمدة معينة.
أما بالنسبة إلى الباب الثاني من مشروع القانون والمتعلق بمنع المناولة فبين الخبير حاتم قطران أن المشروع منع المناولة ونص على عقوبات جزائية صارمة وخطية مالية قدرها 10 الاف دينار وفي صورة العود تصل العقوبة إلى السجن. ويرى أنه من الأفضل مضاعفة الخطية المالية عوضا عن عقوبة سالبة للحرية خاصة وأن العقوبات المالية في مجلة الشغل زهيدة وتتراوح بين 12 و30 دينارا فقط عند تشغيل طفل. ويرى الجامعي أن هناك حاجة للرفع في العقوبات المالية عند انتهاك حقوق الشغل وذكر أن العقوبة السالبة للحرية، تعامل المؤجر كمجرم محتمل وتعطي صورة سلبية عن وضع الاستثمار.
وأكد أنه مع منع المناولة وذكر أنه تم صلب المشروع فمنع مختلف أشكال المناولة وحصر الحالات الجائزة في مؤسسات إسداء الخدمات والقيام بأشغال ولكن ماذا عن مؤسسات الصيانة أو عمال النظافة وعمال الحراسة وعمال الشركات المتخصصة في نقل البنزين وغيرها ويرى أن القانون يجب ألا يدخل تضييقات على المؤسسات التي تنشط في قطاعات حساسة وذكر أن شركات الحراسة هي شركات متخصصة ينظمها قانون صدر منذ 2003 وهذه الشركات تتحصل على تراخيص من وزارة الداخلية.
ولاحظ أن مشروع القانون جاء بعدة بنود عبرت عن الحرص على تامين حقوق العمال بمؤسسات إسداء خدمات حيث تم خصر عقود إسداء الخدمات أو القيام بأشغال في الحالات التي تتطلب معارف مهنية أو تخصصا فنيا وهناك حرص من قبل المشروع على تأمين حقوق العمال المستخدمين لدى مؤسسة مستفيدة في إطار عقود إسداء الخدمات أو القيام بأشغال.
وقدم قطران في مداخلته بسطة حول تنظيم مؤسسات العمل المؤقت في القانون الدولي والقانون المقارن مثل القانون الفرنسي.
قراءة قانونية
وقدم حافظ العموري أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية بتونس تعليقا قانونيا على فصول مشروع تنقيح مجلة الشغل. وبين أنه لا يوجد أصعب من تنقيح هذه المجلة خاصة وأن الاقتصاد التونسي متكون من 80 بالمائة من مؤسسات تشغل 20 عاملا أو أقل. وذكر أنه من حيث الممارسة نجد المؤجر يقوم بطرد العامل قبل أسبوع من نهاية أربع سنوات حتى لا يتم ترسيمه. وهناك من اشتغل 15 سنة فما فوق وعند بلوغ سن التقاعد لا يجد جراية تقاعد لأن شركات المناولة لا تقوم بتصريح صحيح. ولاحظ أن العاملين بالعقود محددة المدة بالممارسة الحالية وفي إطار المناولة يعيشون عدم استقرار اجتماعي ويرى أن المناولة بالشكل الحالي بشركات المناولة التي لا تحترم القانون تجعل العامل غير قادر عن تصور مستقبله وغير قادر عن تأسيس أسرة.
وبين أن السبب الرئيسي الذي جاء من أجله مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة هو وضع حد لهذا الواقع لأننا أحببنا أو كرهنا فهناك مسافة بين القانون وبين التطبيق والدليل على ذلك أن مناولة اليد العاملة ليس لها أي أساس قانوني لكن الفراغ القانوني فرضها لان القانون ينص على انه لا منع إلا بنص صريح وعبر العموري عن امله في أن تكون صياغة المشروع جيدة للحيولة دون مثل هذه الفراغات.
وذكر أن مقترح القانون لا ينطبق فقط على القطاع الخاص وإنما أيضا على المنشآت العمومية ، فهو على سبيل الذكر يطبق على الخطوط التونسية بنفس الشكل على محل صغير يشغل ثلاثة عمال. ولاحظ أن جميع القوانين نصت على إصدار نصوص ترتيبية لكن المشروع الحالي نص على نص ترتيبي واحد يتعلق بإسداء الخدمات واقترح أن يتم التنصيص فيه على عديد النصوص الترتيبية التي تصدر بقرارات مشتركة بين الوزراء كأن يتم التنصيص على تعريف العمل الموسوي بأمر وبهذه الكيفية يتم إصدار أمر ترتيبي بين وزيري الشؤون الاجتماعية والسياحة أو بين وزيري الشؤون الاجتماعية والفلاحة وبهذه الكيفية لا يتم تعطيل بعض الأنشطة.
ونفى الجامعي أن يكون المشروع ألغى المرونة بل نص على تنظيم العلاقات بين الأجير والمؤجر ونص على زيادة غير عادية في حجم العمل وينتهي العقد بانتهاء الزيادة غير العادية في حجم العمل وقان انه يتمنى أن لا يقع الانحراف بالقانون في اتجاه يجعل اللجوء إلى العقد بسبب هذه الزيادة غير العادية متواصل في الزمن اقتراح تحديد هذه المدة وبهذه الكيفية تكون هناك حماية ومرونة. وعبر عن خشيته من تحول مؤسسات العمل الوقتي الى مؤسسات مناولة بتسمية جديدة وذكر أن الاتفاقيات الدولية رقم 100 و111 والميثاق العالمي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نصت جميعها على أنه لا يمكن التمييز بين العاملين الذين يمارسون عملا بنفس القيمة واقترح الأستاذ الجامعي على النواب مراجعة عدد من الفصول لأنها غير متناسقة مع الاتفاقيات الدولية ونبههم إلى أن المناولة جاءت لتسهل عمل المؤجرين لكنها تحولت إلى سمسرة باليد العاملة وتسببت في مآسي اجتماعية. ولاحظ أن اخطر فصل في المشروع هو الفصل 30 فهو يتعلق بإسداء الخدمات واشترط بن الخدمات لا تتعلق بالنشاط الأساسي وهو ما يتناقض مع التوجه العالمي ودعا النواب إلى إعادة صياغته وأوصاهم بالتنصيص صلب المشروع على نصوص ترتيبية في شكل قرارات مشتركة بين الوزارات نظرا لأن هذه الآلية القانونية مرنة وتهدف لمواكبة القانون للتطورات الاقتصادية والاجتماعية.
ضمان المقروئية
وفي قراءة في مشروع القانون المتعلق بتنقيح أحكام مجلة الشغل المتعلقة بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة أشارت سناء السويسي، أستاذة محاضرة بكلية الحقوق والعلوم السياسية إلى أنه عندما يتعلق الأمر بصياغة أي نص تشريعي فان من أهم التحديات التي تطرح هي الموازنة بين المعطى الاقتصادي والمعطى الاجتماعي بما يضمن استدامة المؤسسة وحاجة العمال للعمل اللائق والأجر العادل. وترى الجامعية أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة أعاد الأصل في الأشياء وهو أن عقد الشغل غير محدد المدة كما يحسب له تدارك الفراغ التشريعي الموجود في تنظيم مناولة اليد العاملة. وأضافت انه لا بد من تحصين ضمانات العامل لكن مشروع القانون فيه بعض القصور في تحصين هذه الحقوق.
لضمان مقروئية النص لا بد حسب قولها من الدقة والوضوح لأنه إذا تسلل الغموض واللبس فيتسلل معه التحيل. وذكرت أن هناك بعض الفصول الموجودة في المشروع فيها تزيّد أو تجميع للصور ويتطلب الأمر تعداد الصور لأن التجميع يمس من مقروئية النص ولاحظت أن المشروع فيه تقنية خطيرة وهي الإحالات المتواترة ونصحت النواب بتجنب هذه التقنية ودعتهم إلى العمل على تصحين حقوق العمال وفي نفس الوقت التفكير في سبل المحافظة على ديمومة المؤسسة وتشجيع المؤسسات في الطور الأول من الإنتاج وأضافت أنه يجب تمكين المؤسسات التي يتم تكوينها لأول مرة أو في صورة إطلاق منتوج جديد من مرونة فيمكن اعتماد عقود الشغل محددة المدة مع تحديد هذه المدة، وفي علاقة بالفصل المتعلق بعقود إسداء الخدمات نبهت الجامعية النواب من أن هناك مؤسسات ستجد نفسها في مشكل كما دعتهم إلى التفكير في إعادة صياغة الفصل 30 من المشروع.
وبالنسبة إلى الزيادة غير العادية في العمل فمن يقرأ النص حسب قولها يسأل عن المعيار الذي يمكّن من التمييز بين الزيادة العادية والزيادة غير العادية لذلك يجب تسقيفها وتحديدها بمعيار زمني والأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين القطاعات، وذكرت أن هناك من يسأل من الذي يضمن أن صاحب المؤسسة لا يأتي في السنة الموالية ويصرح بوجود زيادة غير عادية في حجم العمل.
لدى حديثها عن مسألة العمل الموسمي أشارت إلى أن المنشور عدد 13 الصادر سن 1997 عرف العمل الموسمي على انه العمل الذي يتكرر كل سنة خلال فترة زمنية تكاد تكون ثابتة حسب تواتر المواسم.. وذكرت أن مسألة العمل الموسمي من حيث طبيعته لا يمكن أن يكون بعقود شغل محددة المدة ولضمان مرونة تطبيق النص يمكن التنصيص على تنظيمها بقرار مشترك. وبخصوص المناولة لاحظت أنه لا بد من تقييدها.
ضرورة تنقيح المجلة
وقدم النوري مزيد، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بصفاقس، والعميد السابق للكلية ومدير مدرسة الدكتوراه للعلوم القانونية بدوره قراءة في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة وبين أن مجلة الشغل صدرت بمقتضى قانون مؤرخ في 30 أفريل 1966 في ظرف اتسم بوجود أزمة اقتصادية واجتماعية حادة وتم إصدارها بصفة متسرعة وفي غياب حوار وطني جدي وفي غياب تناسي بين أحكامها وتم تعديلها في عدة مناسبات وكانت التنقيحات بعيدة عن تكريس مقومات العمل اللائق وهو ما أدى إلى انتشار واسع للتشغيل الهش بسبب الاستعمال المفرط لعقود الشغل محددة المدة وانتشار الممارسات غير المشروعة المقترنة بالمتاجرة بالأيدي العاملة بما يتعارض مع مفهوم العمل اللائق الذي أقره الدستور والمعايير الدولية. وأشار إلى أنه أصبح من الضروري القيام بمراجعة لأحكام مجلة الشغل. وتولى الجامعي في مداخلته تحليل مختلف أحكام مشروع القانون وقال إن هذه الأحكام اصطبغت أساسا بتوجه اجتماعي لفائدة العمال عبر توفير ضمانات حمائية لهم من مخاطر التهميش وعدم الاستقرار في العمل لكنها لا تخلو من بعض الغموض ومن النقائص سواء تعلق الأمر بتنظيم عقود الشغل أو بمنع المناولة وكذلك بالأحكام الانتقالية الواردة في هذا المشروع وأطلع مزيد النواب على أبرز النقاط التي نص عليها المشروع وعلى النقائص والنقاط الغامضة وخلص إلى أنه من الضروري مراجعة بعض الأحكام.
عقلية تشريعية جديدة
وسلط منير الفرشيشي القاضي والمدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية المجهر على مشروع القانون والمبادئ القياسية التعاقدية، وركز على الجانب التقني القانوني وذكر أن مركز الدراسات كانت له فرصة المساهمة في إعداد المشروع ويرى أن الملاحظات التي تم تقديمها خلال اليوم الدراسي تعلقت بتعديل بعض الفصول.فمن حيث المبادئ التقنية ومبادئ الصياغية لأي مشروع قانون لا بد حسب قوله من التناسب وذكر أنه تم في إطار المشروع اختيار التناسب التعاقدي المدني.. فعقد الشغل هو عقد مدني وهو عقد مستحدث مقارنة بعقود مدنية أخرى مثل عقد البيع او الهبة أو الكراء على اعتبار انه ورد في صيغة قديمة في مجلة الالتزامات والعقود في باب الإيجار وبصور مجلة الشغل تم نقل هذا الشكل التعاقدي بقواعد خاصة قد تختلف في مضمونها مع الإيجار وفسر أن عقد الشغل لأصبح يقوم على تعريف يختلف مع تعريفات القانون المدني الأصلي وجاء بعناصر تعريفة أهمها العلاقة بين طالب العمل وموفر العمل والعلاقة بين المؤجر والإدارة.
وذكر أن هذه العناصر التكوينية لعقد الشغل تؤدي الى تداخل بين الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي وهو ما يفسر أن قانون الشغل عموما وعقد الشغل تحديدا قد عرف عدة تنقيحات وليس من الغريب أن يتم في هذه الفترة الزمنية تقديم مشروع قانون اختار له المشرع عبارة تنظيم عقود الشغل وهي عبارة دقيقة فهذا يعني ان عقود الشغل لم تكن منظمة بالمقاييس التعاقدية والمقاييس التي يجب أن تتوفر في العقود. وأضاف أن المشرع عندما يحاول أن يصلح فليس من الضروري أن يوفق في عملة مائة بالمائة. وذكر أنه لا بد من الرجوع الى المقاييس العامة وأهمها مقاييس التعاقد التي وفق فيها المشروع.
ويرى منير الفرشيشي أن المشرع قدم عقلية تشريعية جديدة ليس لعقد الشغل بل للعلاقة الشغلية في حد ذاتها ويرى أن المشرع احترم المبادئ القياسية التعاقدية والتي جاءت للحد من مظاهر عدم احترام المعاملات الشغلية لمبادئ التعاقد المتمثلة بالخصوص في الأمان التعاقدي. وذكر أن أهم شيء لدى العامل هو الاستقرار وقد توصل المشرع إلى ضمان الاستقرار التعاقدي أما المسألة الثانية التي تكتسي أهمية فهي حسب قوله سد المنافذ أمام التحايل والذي برز سابقا من خلال التربص وغيره كوسائل قانونية تحول دون عدم استقرار وضعية العمال الاجتماعية. وذكر أنه تمت الحيلولة دون استعباد العامل كما تم من خلال المشروع ضمان احترام الذات البشرية في المعاملات. وأشار الخبير إلى أن المشرع ولتجريم المناولة عمل على القطع مع هذه المسألة والقطع مع التحايل على العلاقات الشغلية وقام باستعمال صيغ مضبوطة لان صحة التشريع تقاس بوضوح القانون. وأوضح أن المشرع كان واضحا بأهدافه التشريعية وحاول القطع مع السائد القديم وأصبح عقد الشغل عقدا دائما كما انه اعتمد على صيغة تشريعية أصولية منها الفصل 6 ثانيا جديدا كما أنه أقر بعض العقوبات الجديدة ففي صورة عدم احترام صاحب العمل للقانون فانه يسقط في عقوبة استمرارية العقد وقطع المشرع حسب قوله مع المناولة بنصوص صريحة كما انه اعتمد صيغا تشريعية ترمي الى ضمان الاستقرار. وعن الضمانات التي يجب توفيرها لضمان تطبيق هذه الخيارات، بين الفرشيشي انه يجب الابتعاد عن التفصيلات فالمسائل حسب قوله لا يمكن أن تكون جميعها محسومة بالنص..
مراعاة الوضع الاقتصادي
وبعد الاستماع إلى الخبراء تم فتح المجال أمام ممثلي بعض المنظمات لإبداء الرأي في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ودعا نائب رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية هشام اللومي إلى الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي وبين أن أهداف المشروع نبيلة لكن لا بد من التوضيح بأن المؤسسات ملزمة بالمبادئ الكبرى للعمل اللائق والأجر العادل. وذكر أن المستثمرين التونسيين والأجانب قلقون بسبب المشروع وأشار إلى العمل القوتي موجود في إطار منظومة عالمية والمناولة موجودة في عدة قطاعات وهناك مخاطر لهذا المشروع يجب الحذر منها لتلافي خسارة مواطن شغل وهروب المستثمرين الأجانب.. وقدم ممثلو منظمة الأعراف قراءة نقدية لهذا المشروع.
إصلاح المنظومة
وبين محمد بن خليفة، عضو المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، المكلف بالفلاحين الشبّان أنه لا بد من إفراد قطاع الفلاحة والصيد البحري بمنظومة تشريعية تحمي العلاقات الشغلية وضبط صيغة قانونية خاصة بالتشغيل الفلاحي الموسمي تضمن الحد الأدنى من الأجر والتغطية الاجتماعية والمدة القصوى للتشغيل بالعقد الوقتي وتحديد المفاهيم المتصلة بالمؤسسة الفلاحية والعامل الفلاحي وإصلاح منظومة التغطية الاجتماعية في قطاع الفلاحة والصيد البحري وتشجيع الفلاحين والبحارة على التصريح بالعمال غير إقرار حوافز جبائية وإدراج فصل خاص بالتكوين والتأهيل المهني للعمال الفلاحيين. وخلص إلى أن هذا المشروع لا يمكن تطبيقه في الواقع إلا إذا رافقته إرادة قوية لإصلاح قانون الاستثمار ومنظومة التمويل.
عقد متوازن
وأشار سليم عبد الجليل عضو المجلس العلمي بكنفديرالية المؤسسات المواطنة التونسية كوناكت إلى أن العمل حق دستوري وإلى أهمية القطع مع العمل الهش وذكر أن الفصل السادس من مجلة الشغل كرس مفهوم التبعية وتدخل المشرع لضمان حقوق الطرف الضعيف وفي هذا الإطار يتنزل مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ولاحظ أنه لا بد من التأكيد على أهمية التوازن في العقد بين حماية حق العامل والمحافظة على ديمومة المؤسسة ومواطن الشغل. وقدم عبد الجليل في مداخلته توصيات منظمته ومقترحاتها لتعديل فصول مشروع القانون في علاقة بفترة التجربة وعقد الشغل معينة المدة ودعا إلى حذف أولوية انتداب العمال الوقتيين وبخصوص المناولة أشار إلى أن المناول الاقتصادي للمناولة هو مناول معتمد في العديد من الدول الصناعية. وذكر أنه يجب إعادة تنظيم الأجسام الوسيطة في علاقة بالانتداب وتقنينها كما يجب حذف العقوبة السجنية وإلغاء عبارة النشاط الأساسي و الدائم للمؤسسة في الفصل 30 والتسريع في إحداث اتفاقيات قطاعية لأحداث نظام تأجير قطاعي.
سعيدة بوهلال