قررت لجنة التشريع العام إدراج مقترح القانون الجديد المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية ضمن القائمة الأولية للمبادرات التشريعية التي ستنظر فيها خلال الفترة القادمة، وتم تقديم هذا المقترح من قبل النواب علي زغدود وبسمة الهمامي ورشدي الرويسي ومحمد ضو ومحمد شعباني ونجيب العكرمي ورؤوف الفقيري وعواطف الشنيتي والمنصف المعلول وإبراهيم حسين.
واستعرض أصحاب المبادرة في وثيقة شرح الأسباب، الأسانيد الدستورية لمقترحهم وهي الفصل 75 من الدستور الذي نص على أن تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بتنظيم العدالة والقضاء، والفصل 132 من الدستور الذي نص على أن يضبط تنظيم المحكمة الدستورية بقانون وعلى الفقرة الثانية من الفصل 68 من الدستور التي تنص على أنه يحق لعشرة نواب تقديم مقترح قانون. وعللوا سبب تقديم هذه المبادرة، بالإشارة إلى أن المحكمة الدستورية هي مؤسسة دستورية مهمة لضمان دستورية القوانين وإعطاء مؤشر على دولة القانون وتحقيق الأمن القانوني وتعزيز الثقة في القانون، غير أنه منذ صدور دستور 25 جويلية 2022 لم تتركز المحكمة الدستورية رغم يسر تركيبتها التي أصبح كل أعضائها يعيّنون بالصفة من القضاة السامين، ويرى أصحاب مقرح القانون أن التأخير في تركيز المحكمة الدستورية هو تعميق للتشكيك في استقلاليتها وبينوا في نفس الوثيقة المرفقة بمقترحهم أنه لا ينبغي السقوط في أخطاء تركيز المحكمة الدستورية التي كانت في ظل دستور 27 جانفي 2014.
مضامين المبادرة
وتضمن مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية المعروض على أنظار لجنة التشريع العام 74 فصلا تتوزع على خمسة أبواب وهي: الأحكام العامة، وعضوية المحكمة الدستورية، وتنظيم المحكمة الدستورية وتسييرها، واختصاصات المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة لديها، والأحكام الانتقالية والختامية.
ففي ما يتعلق بباب الأحكام العامة جاء فيه بالخصوص أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تضمن علوية الدستور ومبادئه العليا والسامية وتحمي النظام الديمقراطي الجمهوري والحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور وبالمبينة بقانون تنظيمها. ويكون مقر المحكمة الدستورية حسب ما جاء في المبادرة التشريعية في تونس العاصمة ويمكنها في الظروف الاستثنائية أن تعقد جلساتها بأي مكان آخر من تراب الجمهورية. وتعد المحكمة الدستورية تقريرا سنويا في كل سنة ميلادية وتقدمه إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وجوبا خلال الثلاثية الأولى من السنة ويتم نشره بالرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني. وتعد المحكمة الدستورية نظامها الداخلي وينشر بالرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني. وتتخذ المحكمة قراراتها وأرائها الاستشارية بالأغلبية المطلقة لأعضائها ماعدا ما استثناه القانون المنظم لها وتكون معللة وتصدر المحكمة الدستورية قراراتها وآرائها باسم الشعب وتنشر وجوبا بكل من الرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ صدورها.
وتم التنصيص في الباب الأول أيضا على أن القرارات التي تصدرها المحكمة الدستورية ملزمة لجميع السلطات وعلى أن أرائها الاستشارية ملزمة للجهات التي طلبتها وبالنسبة إلى الصلاحيات الأخرى التي خولها لها الدستور فهي ملزمة لجميع السلطات. ولكل من له مصلحة أن يطلب من هذه المحكمة إصلاح أخطاء مادية تسربت إلى آراء أو قرارات صدرت عنها أو شرح ما كان غامضا منها على أن يضبط النظام الداخلي للمحكمة الدستورية إجراءات وصيغ تقديم المطلب في هذا الخصوص.
العضوية
وتضمن الباب الثاني من مقترح القانون المنظم للمحكمة الدستورية الوارد تحت عنوان عضوية المحكمة الدستورية قسما أول تم خلاله تحديد تركيبة المحكمة الدستورية وشروط عضويتها وجاء فيه بالخصوص أن هذه المحكمة تتركب من تسعة أعضاء ثلثهم الأوّل من أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات، ويشترط في الأعضاء الثلاثة من رؤساء الدوائر التعقيبية أن يكونوا الأقدم في ذلك المركز وإن تساوي الأقدمية أكثر من مترشحين فيعين الأكبر سنا وإن تساوى المترشحين في السن تجرى بينهم قرعة. ويسمى أعضاء المحكمة الدستورية بأمر رئاسي وينشر بالرائد الرسمي ويؤدي أعضاء المحكمة اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم ولم تتضمن المبادرة نص اليمين. كما تم صلب نفس القسم ضبط الأحكام التي تتعلق بالدعوة للانعقاد إثر أداء اليمين وبكيفية انتخاب رئيس المحكمة ونائبه وبكيفية سد الشغور في منصب الرئيس وبمدة العضوية وهي فترة واحدة مدتها تسع سنوات، وهناك أحكام أخرى نصت على حالات الشغور النهائي في عضوية المحكمة الدستورية وكيفية معاينة الشغور وسده.
أما القسم الثاني من الباب الثاني فتعلق بضمانات أعضاء المحكمة الدستورية والتزاماتهم وجاء فيه بالخصوص أن كل عضو من أعضاء المحكمة الدستورية أثناء مباشرة مهامه يتمتع بحصانة قضائية ضدّ التتبّعات الجزائيّة ولا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه الحصانة. وفي حالة التلبس بالجريمة يجوز إيقافه وإعلام المحكمة الدستورية فورا التي تبتّ في طلب رفع الحصانة حال توصلها بالطلب. وترفع الحصانة بقرار الأغلبية المطلقة لأعضاء المحكمة ولا يشارك العضو المعني في التصويت ولا يحضر مداولات اتخاذه. وبالنسبة إلى الامتيازات فينتفع رئيس المحكمة الدستورية بالتأجير والامتيازات المخولة لوزير وينتفع أعضاء المحكمة بالتأجير والامتيازات المخولة لكاتب دولة وتصرف الأجور والامتيازات من الاعتمادات المرصودة لميزانية المحكمة الدستورية. كما تم التنصيص في هذا القسم على وجوبية التصريح بجميع أنواع المكاسب لدى محكمة المحاسبات وعلى تحجير الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أو مهن أخرى بأجر أو دونه باستثناء التدريس بصفة عرضية لمدة أقصاها أربع ساعات ونصف في الشهر، ويذكر أن الدستور نص على أنه يحجّر الجمع بين عضويّة المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى.
ومن بين الالتزامات الأخرى التي تضمنتها المبادرة الالتزام بواجب التحفظ وليس هذا فقط بل يحجر على أعضاء المحكمة خلال مدة عضويتهم اتخاذ أي موقف علني أو الإدلاء بأي رأي أو تقديم استشارات في المسائل التي تدخل في مجال اختصاصات المحكمة الدستورية ويستثنى من هذا التحجير التعاليق الفقهية على القرارات الصادرة عن المحكمة المنشورة في المجلات القانونية المختصة دون سواها. وأتاحت المبادرة لمن له المصلحة والصفة، التجريح في أحد الأعضاء وضبطت كيفية اتخاذ المحكمة لقرار في شأن العضو المعني.
وتضمن الباب الثالث من المبادرة التشريعية الأحكام المتصلة بتنظيم المحكمة الدستورية وتسييرها وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام جاء القسم الأول تحت عنوان في رئاسة المحكمة الدستورية، والقسم الثاني تحت عنوان في الكتابة العامة للمحكمة الدستورية والقسم الثالث تحت عنوان في التنظيم الإداري والمالي للمحكمة الدستورية.
اختصاصات وإجراءات
وتضمن الباب الرابع من مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية والوارد تحت عنوان اختصاصات المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة لديها ستة أقسام، وجاء القسم الأول تحت عنوان في مراقبة دستورية تعديل الدستور، أما القسم الثاني فعنوانه في مراقبة دستورية المعاهدات، والقسم الثالث عنوانه في مراقبة دستورية مشاريع القوانين، وورد القسم الرابع تحت عنوان مراقبة دستورية القوانين إثر الدفع وجاء القسم الخامس تحت عنوان في مراقبة دستورية النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب، ولكن وبالنظر إلى مضامين هذا القسم يمكن الإشارة إلى أنه تم التنصيص فيه أيضا على النظام الداخلي للمجلس الوطني للجهات والأقاليم وليس النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فقط، في حين ورد القسم السادس تحت عنوان في الإجراءات الخاصة بالمهام الأخرى للمحكمة الدستورية وتم من خلاله ضبط الإجراءات الخاصة بإعفاء رئيس الجمهورية وبمعاينة الشغور في منصب رئيس الجمهورية وإقراره وبتلقي يمين القائم بمهام رئيس الجمهورية إضافة إلى أحكام أخرى تعلقت باستمرارية الحالة الاستثنائية.
وتم من خلال الباب الخامس والأخير ضبط جملة من الأحكام الانتقالية والختامية تعلقت بوجوبية إحالة النظامين الداخليين لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على المحكمة الدستورية من قبل رئيسي المجلسين..
ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يبادر فيها مجموعة من النواب بتقديم مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، إذ تم في صائفة سنة 2023 تقديم مقترح قانون في الغرض من قبل النائبة بسمة الهمامي بمعية مجموعة أخرى من النواب، لكن مكتب المجلس لم يحله إلى اللجنة المختصة ثم قامت جهة المبادرة لاحقا بسحبه وبالتالي لم يقع نشره لأن المجلس لا ينشر على موقعه الرسمي إلا مشاريع القوانين والمقترحات التي يقرر المكتب إحالتها إلى اللجان المختصة، أما المبادرة الجديدة فقد تم نشرها مباشرة بعد قرار مكتب المجلس القاضي بإحالتها إلى لجنة التشريع العام وأثارت بعض فصولها جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة مضامين القسم السادس وتحديدا ما ورد في الفرع الأول المتعلق بإعفاء رئيس الجمهورية. إذ نصت هذه المبادرة في الفصل 65 على أن يعرض رئيسا مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على المحكمة الدستورية في أجل لا يتجاوز ثمانية وأربعين ساعة من تاريخ توصله بلائحة معللة يطلب فيها إعفاء رئيس الجمهورية من منصبه من أجل الخرق الجسيم للدستور وافق عليها في ذات الوقت معا ثلثا أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ونص الفصل الموالي على أن تتعهد المحكمة الدستورية بملف الإحالة وتطلب من رئيس الجمهورية أو ممن ينوبه الرد عليها في أجل لا يتجاوز سبعة أيام وتبت فيه بأغلبية ثلثي أعضائها في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما. في حين نص الفصل67 على أن للمحكمة الدستورية أن تتخذ كل القرارات والإجراءات التي تراها ضرورية لتسهيل صدور حكمها وحسب الفصل الموالي تصدر المحكمة قرارا يقضي بعزل رئيس الجمهورية في صورة ثبوت إدانته وتعلم به فورا رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
أحكام دستورية
وبالعودة إلى دستور 2022 يمكن الإشارة إلى أنه تعرض في العديد من فصوله إلى المحكمة الدستورية كما تضمن بابا خاصا بالمحكمة الدستوريّة وهو الباب الخامس ونصت فصوله على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تتركب من تسعة أعضاء تتم تسميتهم بأمر، ثلثهم الأوّل أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية أو الاستشارية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير أقدم أعضاء محكمة المحاسبات. ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيسا لها ونائبا له طبقا لما يضبطه القانون. إذا بلغ أحد الأعضاء سنّ الإحالة على التقاعد، يتم تعويضه آليا بمن يليه في الأقدمية، على ألاّ تقل مدّة العضوية في كل الحالات عن سنة واحدة. ويحجّر الجمع بين عضويّة المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى.
كما نص الدستور في الباب الخامس على أن تختص المحكمة الدستورية بالنظر في مراقبة دستورية:
ـ1 القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ المصادقة على مشروع القانون أومن تاريخ المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة بعد أن تمّ رده من قبل رئيس الجمهوّرية.
ـ 2 المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها.
ـ 3 القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون.
ـ 4 النّظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمجلس الوطني للجهات والأقاليم اللذين يعرضانهما عليها كلّ رئيس لهذين المجلسين.
ـ 5 إجراءات تنقيح الدستور.
ـ 6 مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بهذا الدستور.
وحسب ما جاء في نفس الباب، تصدر المحكمة قرارها في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إيداع الطعن وبأغلبية الثلثين من أعضائه. ينصّ قرار المحكمة على أن الأحكام، موضوع الطّعن، دستورية أو غير دستوريّة، ويكون قرارها معللا وملزما للجميع. وينشر بالرائد الرسّمي للجمهوّرية التونسية. يحال القانون الذي أقرت المحكمة بأنه غير دستوري إلى رئيس الجمهوّرية ومنه إلى مجلس نوّاب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو لأحدهما حسب الحالة للتداول فيه مجدّدا طبقا لقرار المحكمة الدستورية. وعلى رئيس الجمهورية إعادته إلى المحكمة الدستورية قبل ختمه للنظر مجدّدا في مطابقته للدستور أو ملاءمته لأحكامه. في صورة المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة إثر ردّه، وسبق للمحكمة أن أقرّت دستوريته، فإن رئيس الجمهورية يحيله وجوبا قبل الختم إلى المحكمة الدّستورية. في حالة تعهّد المحكمة الدستورية إثر دفع بعدم دستورية قانون، فإن نظرها يقتصر على المطاعن التي تمت إثارتها، وتبتّ فيها خلال شهرين إثنين قابلين للتمديد لشهر واحد، ويكون ذلك بقرار معلّل. وإذا قضت المحكمة الدستورية بعدم الدستورية، فإنه يتوقف العمل بالقانون في حدود ما قضت به. كما نص الدستور على أن يضبط القانون تنظيم المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتّع بها أعضاؤها.
وفي علاقة بالشغور الوقتي أو النهائي في منصب رئيس الجمهورية وكيفية سده فقد تضمن الدستور جملة من الأحكام التي تم التنصيص عليها في باب الوظيفة التنفيذية، ونصت هذه الأحكام بالخصوص على أنه «إذا تعذّر على رئيس الجمهوّرية القيام بمهامه بصفة وقتيّة، يفوّض بأمر وظائفه إلى رئيس الحكومة باستثناء حق حل مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم». و»أثناء مدّة التعذّر، تبقى الحكومة قائمة إلى حين زوال التعذّر حتى وإن تعرضت إلى لائحة لوم ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس نوّاب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم بتفويضه المؤقت لاختصاصاته» و»عند شغور منصب رئاسة الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام أو لأي سبب من الأسباب، يتولى رئيس المحكمة الدستورية فورا مهامّ رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما. ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستوريّة أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين، وإن تعذّر ذلك، فأمام المحكمة الدستورية. ولا يجوز للقائم بمهّام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الترشح لرئاسة الجمهورية ولو في حالة تقديم استقالته. ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الوظائف الرئاسية ولا يجوز له اللّجوء إلى الاستفتاء أو إنهاء مهام الحكومة أو حلّ مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو اتخاذ تدابير استثنائية. ولا يجوز لمجلس نوّاب الشعب خلال المدة الرئاسية الوقتية تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وخلال المـــدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهوّرية جديد لمدّة خمس سنوات. ولرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما ويدعو إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها»..
أما بالنسبة إلى تنقيح الدستور، فيذكر أنه من بين ما جاء في الباب التاسع من الدستور أن كل مبادرة بتنقيح الدستور تعرض وجوبا من قبل الجهة التي بادرت بتقديم مشروع التنقيح على المحكمة الدستورية للبت في ما لا يجوز تنقيحه كما هو مقرر بالدستور.
تسريع نسق العمل
وفي انتظار انطلاق لجنة التشريع العام في دراسة مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، يذكر أن اللجنة تولت يوم الجمعة الماضي ضبط مجموعة من المبادرات التشريعية التي سيتم النظر فيها خلال الفترة القادمة وهي تباعا مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ومقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد ومقترح قانون يتعلق بإتمام المجلة الجزائية ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية تونس الجنوبية ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية الرياض ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية جرزونة ومقترح قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بالملكية الأدبية والفنية ومقترح قانون يتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وأخيرا مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، وحسب بلاغ صادر عنها تم الاتفاق على تسريع نسق عمل اللجنة خلال الفترة القادمة والعمل على إنهاء النظر في هذه المجموعة الأولية من مقترحات القوانين المذكورة أعلاه قبل العطلة البرلمانية.
سعيدة بوهلال
قررت لجنة التشريع العام إدراج مقترح القانون الجديد المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية ضمن القائمة الأولية للمبادرات التشريعية التي ستنظر فيها خلال الفترة القادمة، وتم تقديم هذا المقترح من قبل النواب علي زغدود وبسمة الهمامي ورشدي الرويسي ومحمد ضو ومحمد شعباني ونجيب العكرمي ورؤوف الفقيري وعواطف الشنيتي والمنصف المعلول وإبراهيم حسين.
واستعرض أصحاب المبادرة في وثيقة شرح الأسباب، الأسانيد الدستورية لمقترحهم وهي الفصل 75 من الدستور الذي نص على أن تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بتنظيم العدالة والقضاء، والفصل 132 من الدستور الذي نص على أن يضبط تنظيم المحكمة الدستورية بقانون وعلى الفقرة الثانية من الفصل 68 من الدستور التي تنص على أنه يحق لعشرة نواب تقديم مقترح قانون. وعللوا سبب تقديم هذه المبادرة، بالإشارة إلى أن المحكمة الدستورية هي مؤسسة دستورية مهمة لضمان دستورية القوانين وإعطاء مؤشر على دولة القانون وتحقيق الأمن القانوني وتعزيز الثقة في القانون، غير أنه منذ صدور دستور 25 جويلية 2022 لم تتركز المحكمة الدستورية رغم يسر تركيبتها التي أصبح كل أعضائها يعيّنون بالصفة من القضاة السامين، ويرى أصحاب مقرح القانون أن التأخير في تركيز المحكمة الدستورية هو تعميق للتشكيك في استقلاليتها وبينوا في نفس الوثيقة المرفقة بمقترحهم أنه لا ينبغي السقوط في أخطاء تركيز المحكمة الدستورية التي كانت في ظل دستور 27 جانفي 2014.
مضامين المبادرة
وتضمن مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية المعروض على أنظار لجنة التشريع العام 74 فصلا تتوزع على خمسة أبواب وهي: الأحكام العامة، وعضوية المحكمة الدستورية، وتنظيم المحكمة الدستورية وتسييرها، واختصاصات المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة لديها، والأحكام الانتقالية والختامية.
ففي ما يتعلق بباب الأحكام العامة جاء فيه بالخصوص أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تضمن علوية الدستور ومبادئه العليا والسامية وتحمي النظام الديمقراطي الجمهوري والحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور وبالمبينة بقانون تنظيمها. ويكون مقر المحكمة الدستورية حسب ما جاء في المبادرة التشريعية في تونس العاصمة ويمكنها في الظروف الاستثنائية أن تعقد جلساتها بأي مكان آخر من تراب الجمهورية. وتعد المحكمة الدستورية تقريرا سنويا في كل سنة ميلادية وتقدمه إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وجوبا خلال الثلاثية الأولى من السنة ويتم نشره بالرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني. وتعد المحكمة الدستورية نظامها الداخلي وينشر بالرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني. وتتخذ المحكمة قراراتها وأرائها الاستشارية بالأغلبية المطلقة لأعضائها ماعدا ما استثناه القانون المنظم لها وتكون معللة وتصدر المحكمة الدستورية قراراتها وآرائها باسم الشعب وتنشر وجوبا بكل من الرائد الرسمي وبموقعها الالكتروني في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ صدورها.
وتم التنصيص في الباب الأول أيضا على أن القرارات التي تصدرها المحكمة الدستورية ملزمة لجميع السلطات وعلى أن أرائها الاستشارية ملزمة للجهات التي طلبتها وبالنسبة إلى الصلاحيات الأخرى التي خولها لها الدستور فهي ملزمة لجميع السلطات. ولكل من له مصلحة أن يطلب من هذه المحكمة إصلاح أخطاء مادية تسربت إلى آراء أو قرارات صدرت عنها أو شرح ما كان غامضا منها على أن يضبط النظام الداخلي للمحكمة الدستورية إجراءات وصيغ تقديم المطلب في هذا الخصوص.
العضوية
وتضمن الباب الثاني من مقترح القانون المنظم للمحكمة الدستورية الوارد تحت عنوان عضوية المحكمة الدستورية قسما أول تم خلاله تحديد تركيبة المحكمة الدستورية وشروط عضويتها وجاء فيه بالخصوص أن هذه المحكمة تتركب من تسعة أعضاء ثلثهم الأوّل من أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات، ويشترط في الأعضاء الثلاثة من رؤساء الدوائر التعقيبية أن يكونوا الأقدم في ذلك المركز وإن تساوي الأقدمية أكثر من مترشحين فيعين الأكبر سنا وإن تساوى المترشحين في السن تجرى بينهم قرعة. ويسمى أعضاء المحكمة الدستورية بأمر رئاسي وينشر بالرائد الرسمي ويؤدي أعضاء المحكمة اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم ولم تتضمن المبادرة نص اليمين. كما تم صلب نفس القسم ضبط الأحكام التي تتعلق بالدعوة للانعقاد إثر أداء اليمين وبكيفية انتخاب رئيس المحكمة ونائبه وبكيفية سد الشغور في منصب الرئيس وبمدة العضوية وهي فترة واحدة مدتها تسع سنوات، وهناك أحكام أخرى نصت على حالات الشغور النهائي في عضوية المحكمة الدستورية وكيفية معاينة الشغور وسده.
أما القسم الثاني من الباب الثاني فتعلق بضمانات أعضاء المحكمة الدستورية والتزاماتهم وجاء فيه بالخصوص أن كل عضو من أعضاء المحكمة الدستورية أثناء مباشرة مهامه يتمتع بحصانة قضائية ضدّ التتبّعات الجزائيّة ولا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه الحصانة. وفي حالة التلبس بالجريمة يجوز إيقافه وإعلام المحكمة الدستورية فورا التي تبتّ في طلب رفع الحصانة حال توصلها بالطلب. وترفع الحصانة بقرار الأغلبية المطلقة لأعضاء المحكمة ولا يشارك العضو المعني في التصويت ولا يحضر مداولات اتخاذه. وبالنسبة إلى الامتيازات فينتفع رئيس المحكمة الدستورية بالتأجير والامتيازات المخولة لوزير وينتفع أعضاء المحكمة بالتأجير والامتيازات المخولة لكاتب دولة وتصرف الأجور والامتيازات من الاعتمادات المرصودة لميزانية المحكمة الدستورية. كما تم التنصيص في هذا القسم على وجوبية التصريح بجميع أنواع المكاسب لدى محكمة المحاسبات وعلى تحجير الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أو مهن أخرى بأجر أو دونه باستثناء التدريس بصفة عرضية لمدة أقصاها أربع ساعات ونصف في الشهر، ويذكر أن الدستور نص على أنه يحجّر الجمع بين عضويّة المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى.
ومن بين الالتزامات الأخرى التي تضمنتها المبادرة الالتزام بواجب التحفظ وليس هذا فقط بل يحجر على أعضاء المحكمة خلال مدة عضويتهم اتخاذ أي موقف علني أو الإدلاء بأي رأي أو تقديم استشارات في المسائل التي تدخل في مجال اختصاصات المحكمة الدستورية ويستثنى من هذا التحجير التعاليق الفقهية على القرارات الصادرة عن المحكمة المنشورة في المجلات القانونية المختصة دون سواها. وأتاحت المبادرة لمن له المصلحة والصفة، التجريح في أحد الأعضاء وضبطت كيفية اتخاذ المحكمة لقرار في شأن العضو المعني.
وتضمن الباب الثالث من المبادرة التشريعية الأحكام المتصلة بتنظيم المحكمة الدستورية وتسييرها وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام جاء القسم الأول تحت عنوان في رئاسة المحكمة الدستورية، والقسم الثاني تحت عنوان في الكتابة العامة للمحكمة الدستورية والقسم الثالث تحت عنوان في التنظيم الإداري والمالي للمحكمة الدستورية.
اختصاصات وإجراءات
وتضمن الباب الرابع من مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية والوارد تحت عنوان اختصاصات المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة لديها ستة أقسام، وجاء القسم الأول تحت عنوان في مراقبة دستورية تعديل الدستور، أما القسم الثاني فعنوانه في مراقبة دستورية المعاهدات، والقسم الثالث عنوانه في مراقبة دستورية مشاريع القوانين، وورد القسم الرابع تحت عنوان مراقبة دستورية القوانين إثر الدفع وجاء القسم الخامس تحت عنوان في مراقبة دستورية النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب، ولكن وبالنظر إلى مضامين هذا القسم يمكن الإشارة إلى أنه تم التنصيص فيه أيضا على النظام الداخلي للمجلس الوطني للجهات والأقاليم وليس النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فقط، في حين ورد القسم السادس تحت عنوان في الإجراءات الخاصة بالمهام الأخرى للمحكمة الدستورية وتم من خلاله ضبط الإجراءات الخاصة بإعفاء رئيس الجمهورية وبمعاينة الشغور في منصب رئيس الجمهورية وإقراره وبتلقي يمين القائم بمهام رئيس الجمهورية إضافة إلى أحكام أخرى تعلقت باستمرارية الحالة الاستثنائية.
وتم من خلال الباب الخامس والأخير ضبط جملة من الأحكام الانتقالية والختامية تعلقت بوجوبية إحالة النظامين الداخليين لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على المحكمة الدستورية من قبل رئيسي المجلسين..
ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يبادر فيها مجموعة من النواب بتقديم مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، إذ تم في صائفة سنة 2023 تقديم مقترح قانون في الغرض من قبل النائبة بسمة الهمامي بمعية مجموعة أخرى من النواب، لكن مكتب المجلس لم يحله إلى اللجنة المختصة ثم قامت جهة المبادرة لاحقا بسحبه وبالتالي لم يقع نشره لأن المجلس لا ينشر على موقعه الرسمي إلا مشاريع القوانين والمقترحات التي يقرر المكتب إحالتها إلى اللجان المختصة، أما المبادرة الجديدة فقد تم نشرها مباشرة بعد قرار مكتب المجلس القاضي بإحالتها إلى لجنة التشريع العام وأثارت بعض فصولها جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة مضامين القسم السادس وتحديدا ما ورد في الفرع الأول المتعلق بإعفاء رئيس الجمهورية. إذ نصت هذه المبادرة في الفصل 65 على أن يعرض رئيسا مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على المحكمة الدستورية في أجل لا يتجاوز ثمانية وأربعين ساعة من تاريخ توصله بلائحة معللة يطلب فيها إعفاء رئيس الجمهورية من منصبه من أجل الخرق الجسيم للدستور وافق عليها في ذات الوقت معا ثلثا أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ونص الفصل الموالي على أن تتعهد المحكمة الدستورية بملف الإحالة وتطلب من رئيس الجمهورية أو ممن ينوبه الرد عليها في أجل لا يتجاوز سبعة أيام وتبت فيه بأغلبية ثلثي أعضائها في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما. في حين نص الفصل67 على أن للمحكمة الدستورية أن تتخذ كل القرارات والإجراءات التي تراها ضرورية لتسهيل صدور حكمها وحسب الفصل الموالي تصدر المحكمة قرارا يقضي بعزل رئيس الجمهورية في صورة ثبوت إدانته وتعلم به فورا رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
أحكام دستورية
وبالعودة إلى دستور 2022 يمكن الإشارة إلى أنه تعرض في العديد من فصوله إلى المحكمة الدستورية كما تضمن بابا خاصا بالمحكمة الدستوريّة وهو الباب الخامس ونصت فصوله على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تتركب من تسعة أعضاء تتم تسميتهم بأمر، ثلثهم الأوّل أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية أو الاستشارية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير أقدم أعضاء محكمة المحاسبات. ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيسا لها ونائبا له طبقا لما يضبطه القانون. إذا بلغ أحد الأعضاء سنّ الإحالة على التقاعد، يتم تعويضه آليا بمن يليه في الأقدمية، على ألاّ تقل مدّة العضوية في كل الحالات عن سنة واحدة. ويحجّر الجمع بين عضويّة المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى.
كما نص الدستور في الباب الخامس على أن تختص المحكمة الدستورية بالنظر في مراقبة دستورية:
ـ1 القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ المصادقة على مشروع القانون أومن تاريخ المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة بعد أن تمّ رده من قبل رئيس الجمهوّرية.
ـ 2 المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها.
ـ 3 القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون.
ـ 4 النّظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمجلس الوطني للجهات والأقاليم اللذين يعرضانهما عليها كلّ رئيس لهذين المجلسين.
ـ 5 إجراءات تنقيح الدستور.
ـ 6 مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بهذا الدستور.
وحسب ما جاء في نفس الباب، تصدر المحكمة قرارها في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إيداع الطعن وبأغلبية الثلثين من أعضائه. ينصّ قرار المحكمة على أن الأحكام، موضوع الطّعن، دستورية أو غير دستوريّة، ويكون قرارها معللا وملزما للجميع. وينشر بالرائد الرسّمي للجمهوّرية التونسية. يحال القانون الذي أقرت المحكمة بأنه غير دستوري إلى رئيس الجمهوّرية ومنه إلى مجلس نوّاب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو لأحدهما حسب الحالة للتداول فيه مجدّدا طبقا لقرار المحكمة الدستورية. وعلى رئيس الجمهورية إعادته إلى المحكمة الدستورية قبل ختمه للنظر مجدّدا في مطابقته للدستور أو ملاءمته لأحكامه. في صورة المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة إثر ردّه، وسبق للمحكمة أن أقرّت دستوريته، فإن رئيس الجمهورية يحيله وجوبا قبل الختم إلى المحكمة الدّستورية. في حالة تعهّد المحكمة الدستورية إثر دفع بعدم دستورية قانون، فإن نظرها يقتصر على المطاعن التي تمت إثارتها، وتبتّ فيها خلال شهرين إثنين قابلين للتمديد لشهر واحد، ويكون ذلك بقرار معلّل. وإذا قضت المحكمة الدستورية بعدم الدستورية، فإنه يتوقف العمل بالقانون في حدود ما قضت به. كما نص الدستور على أن يضبط القانون تنظيم المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتّع بها أعضاؤها.
وفي علاقة بالشغور الوقتي أو النهائي في منصب رئيس الجمهورية وكيفية سده فقد تضمن الدستور جملة من الأحكام التي تم التنصيص عليها في باب الوظيفة التنفيذية، ونصت هذه الأحكام بالخصوص على أنه «إذا تعذّر على رئيس الجمهوّرية القيام بمهامه بصفة وقتيّة، يفوّض بأمر وظائفه إلى رئيس الحكومة باستثناء حق حل مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم». و»أثناء مدّة التعذّر، تبقى الحكومة قائمة إلى حين زوال التعذّر حتى وإن تعرضت إلى لائحة لوم ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس نوّاب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم بتفويضه المؤقت لاختصاصاته» و»عند شغور منصب رئاسة الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام أو لأي سبب من الأسباب، يتولى رئيس المحكمة الدستورية فورا مهامّ رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما. ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستوريّة أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين، وإن تعذّر ذلك، فأمام المحكمة الدستورية. ولا يجوز للقائم بمهّام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الترشح لرئاسة الجمهورية ولو في حالة تقديم استقالته. ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الوظائف الرئاسية ولا يجوز له اللّجوء إلى الاستفتاء أو إنهاء مهام الحكومة أو حلّ مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو اتخاذ تدابير استثنائية. ولا يجوز لمجلس نوّاب الشعب خلال المدة الرئاسية الوقتية تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وخلال المـــدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهوّرية جديد لمدّة خمس سنوات. ولرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما ويدعو إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها»..
أما بالنسبة إلى تنقيح الدستور، فيذكر أنه من بين ما جاء في الباب التاسع من الدستور أن كل مبادرة بتنقيح الدستور تعرض وجوبا من قبل الجهة التي بادرت بتقديم مشروع التنقيح على المحكمة الدستورية للبت في ما لا يجوز تنقيحه كما هو مقرر بالدستور.
تسريع نسق العمل
وفي انتظار انطلاق لجنة التشريع العام في دراسة مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، يذكر أن اللجنة تولت يوم الجمعة الماضي ضبط مجموعة من المبادرات التشريعية التي سيتم النظر فيها خلال الفترة القادمة وهي تباعا مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ومقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد ومقترح قانون يتعلق بإتمام المجلة الجزائية ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية تونس الجنوبية ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية الرياض ومقترح قانون يتعلق بإحداث بلدية جرزونة ومقترح قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بالملكية الأدبية والفنية ومقترح قانون يتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وأخيرا مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية، وحسب بلاغ صادر عنها تم الاتفاق على تسريع نسق عمل اللجنة خلال الفترة القادمة والعمل على إنهاء النظر في هذه المجموعة الأولية من مقترحات القوانين المذكورة أعلاه قبل العطلة البرلمانية.