- رئيس لجنة التربية بالبرلمان: مسألة الصيانة تقتضي البحث عن بدائل أخرى تدعم مجهود الدولة
أعادت حادثة المزونة، الأليمة التي أسفرت عن وفاة ثلاثة تلاميذ مسجلين بالباكالوريا، تمثلت في سقوط سور المعهد الثانوي عليهم، الى الواجهة مسألة الصيانة في مختلف المؤسسات التربوية، على اعتبار أن معهد المزونة مجرد رقم في سلسلة من المعاهد الآيلة جدرانها للسقوط.. وبالتّالي فإنه يصح التساؤل: ما هي الخطوات العاجلة التي يتعين القيام بها اليوم لتفادي كوارث مستقبلية لاسيما وأن مسألة صيانة المؤسسات التربوية إرث لا تستطيع سلطة الإشراف معالجته بمفردها؟
وحتى لا تتكرر الحادثة فإن المطلوب اليوم -وفقا لأهل الاختصاص- التحرك سريعا من خلال القيام بعملية جرد لكافة المؤسسات التربوية التي تستوجب التدخل العاجل حتى لا تتكرر «الفاجعة».
ففي خضم الصّدمة التي هزت، أول أمس، الرأي العام تبرز مسألة صيانة المؤسسات التربوية وأهمية التعهد بالبنية التحتية للمدارس والمعاهد كأولوية وطنية اليوم لا تحتمل التأجيل. فهذه الحادثة الأليمة لا تمثل مجرد فاجعة عابرة وإنما هي بمثابة جرس إنذار لكافة المتداخلين في المنظومة التربوية -من سلطة إشراف ونقابات وجمعيات وهياكل المجتمع المدني -يدعو الجميع إلى الانخراط في مراجعة شاملة لسلامة المباني التعليمية والمحيطة بها وتكثيف الجهود لضمان بيئة آمنة للتلاميذ.
مسح شامل
في هذا الاتجاه وتفاعلا مع الحادثة الأليمة يرى المتابعون للشأن المدرسي أنه، وعلى ضوء ما حدث في المزونة، يتعين على الجهات المعنية من سلطة إشراف وكافة الجهات المتداخلة في الشأن التربوي اتخاذ خطوات عملية على غرار إجراء مسح شامل لجميع المؤسسات التربوية والمباني المجاورة لها، وخاصة تحديد تلك التي تحتاج إلى تدخل عاجل، من خلال تخصيص ميزانية للصيانة الدورية، وعدم الاكتفاء بالإصلاحات المؤقتة، فضلا عن تشكيل لجان مراقبة، تضم مهندسين وخبراء في السلامة لفحص جودة البناء هذا بالتوازي مع توعية التلاميذ والعاملين في القطاع التربوي بأسس السلامة والوقاية من الأخطار.
في المقابل تتعالى أصوات مؤكدة انه لا يمكن التعويل على المؤسسات التربوية أو الجهات الرسمية في مسألة صيانة المؤسسات التربوية -في ظل ضعف الاعتمادات المرصودة، على مدار السنوات الماضية، رغم ان الميزانية الأخيرة شهدت ترفيعا في العائدات المخصصة لوزارة التربية- بل يجب أن تكون المسؤولية جماعية من خلال تشريك المجتمع المدني في هذا المجال.
وهنا يقترح البعض أن يتم تشريك الخواص من جمعيات وبنوك ومنظمات، وهو طرح يجد صداه حتى لدى سلطة الإشراف، على اعتبار أن وزير التربية كان قد صرح موفى شهر فيفري الماضي بأن وزارة التربية شرعت في تنفيذ خطّة لتطوير البنية التحتية تستهدف تحسين المدارس والمعاهد بكافة جهات البلاد بمشاركة البنوك والمجتمع المدني.
كشف النوري عن أنّ خطّة تطوير البنية التحتية ترتكز إلى إنجاز مشاريع لتهيئة المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية، بهدف إعادة الألق للتعليم العمومي حتّى يكون الإطار الأمثل للتمدّرس والتربية.
وكشف وزير التربية على هامش مداخلته أمام أعضاء لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي بمجلس نواب الشعب موفى شهر فيفري الماضي أنّ إعادة بناء المدرسة العمومية تندرج ضمن أوكد أولويات الوزارة، مفيدا بأنّ وزارة التربية ضبطت معايير ترتكز على ضمان التعليم بطرق عصرية ومستحدثة، بما يعزّز جاذبية المؤسسات التربوية ويعيد إليها دورها الطلائعي في استقطاب وتربية المتعلّمين.
وأعلن أنّ الوزارة تتولّى إعداد منظومة رقمية لترتيب سلم المشاريع وقائمة الإصلاحات المدرجة بالبنية التحتية للمدارس والمعاهد، مضيفا أنّ تطوير البناءات التي تشمل تجهيز قاعات جديدة للتدريس وتأهيل المكاتب الإدارية بالمؤسّسات التربوية وتحسين الفضاءات التربوية سيترافق مع تعميم المخابر المتنقّلة بالإعداديات والمعاهد الثانوية..
ومن جانب آخر تشير بعض الأطراف أن مسألة صيانة المؤسسات التربوية تقتضي أيضا تفعيل الجانب الرقابي حيث يمكن للمجالس البلدية ومختلف الجمعيات المعنية بالشأن التربوي أن تلعب دوراً محورياً في كشف التقصير والضغط من أجل تحسين البيئة التعليمية.
المسألة معقدة
تفاعلا مع كل هذه المقترحات يشير رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فرّاح في تصريح لـ»الصباح» أن اللجنة ومن خلال مباشرتها لأعمالها لطالما أكدت في كل زيارة لوزير التربية على أهمية القيام بعمليات الإصلاح والصيانة مشيرا الى أن هذه المسألة تم الخوض فيها مرارا وتكرارا. لكن يستدرك محدثنا ليوضح بأن «المسألة معقدة في ظل شح الموارد المالية خاصة وأن 90 بالمائة من ميزانية الوزارة مخصصة للأجور. وبالتالي فإن النسبة المتبقية لا تفي مطلقا بالحاجيات في ظل كثرة المؤسسات التربوية».
وأضاف رئيس لجنة التربية أن الوضعية في علاقة بمسألة الصيانة تقتضي البحث عن بدائل أخرى تدعم مجهود الدولة، مستحضرا الصندوق الذي تم تفعيله سنة 2001 والذي خصص آنذاك لإصلاح المنظومة التربوية متسائلا: هل بالإمكان تفعيله اليوم على أن تضم المشاركة جميع مكونات المجتمع المدني؟
في هذا الخضم وبالعودة الى حادثة المزونة فإن ما جد على بشاعته وفظاعته يجب أن يشكّل نقطة تحول في التعاطي مع مسألة البنية التحتية وصيانتها في مختلف المؤسسات التربوية المنتشرة بالبلاد، فلا بد من المرور الى السرعة القصوى في معالجة هذا الملف حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي.
منال الحرزي
- رئيس لجنة التربية بالبرلمان: مسألة الصيانة تقتضي البحث عن بدائل أخرى تدعم مجهود الدولة
أعادت حادثة المزونة، الأليمة التي أسفرت عن وفاة ثلاثة تلاميذ مسجلين بالباكالوريا، تمثلت في سقوط سور المعهد الثانوي عليهم، الى الواجهة مسألة الصيانة في مختلف المؤسسات التربوية، على اعتبار أن معهد المزونة مجرد رقم في سلسلة من المعاهد الآيلة جدرانها للسقوط.. وبالتّالي فإنه يصح التساؤل: ما هي الخطوات العاجلة التي يتعين القيام بها اليوم لتفادي كوارث مستقبلية لاسيما وأن مسألة صيانة المؤسسات التربوية إرث لا تستطيع سلطة الإشراف معالجته بمفردها؟
وحتى لا تتكرر الحادثة فإن المطلوب اليوم -وفقا لأهل الاختصاص- التحرك سريعا من خلال القيام بعملية جرد لكافة المؤسسات التربوية التي تستوجب التدخل العاجل حتى لا تتكرر «الفاجعة».
ففي خضم الصّدمة التي هزت، أول أمس، الرأي العام تبرز مسألة صيانة المؤسسات التربوية وأهمية التعهد بالبنية التحتية للمدارس والمعاهد كأولوية وطنية اليوم لا تحتمل التأجيل. فهذه الحادثة الأليمة لا تمثل مجرد فاجعة عابرة وإنما هي بمثابة جرس إنذار لكافة المتداخلين في المنظومة التربوية -من سلطة إشراف ونقابات وجمعيات وهياكل المجتمع المدني -يدعو الجميع إلى الانخراط في مراجعة شاملة لسلامة المباني التعليمية والمحيطة بها وتكثيف الجهود لضمان بيئة آمنة للتلاميذ.
مسح شامل
في هذا الاتجاه وتفاعلا مع الحادثة الأليمة يرى المتابعون للشأن المدرسي أنه، وعلى ضوء ما حدث في المزونة، يتعين على الجهات المعنية من سلطة إشراف وكافة الجهات المتداخلة في الشأن التربوي اتخاذ خطوات عملية على غرار إجراء مسح شامل لجميع المؤسسات التربوية والمباني المجاورة لها، وخاصة تحديد تلك التي تحتاج إلى تدخل عاجل، من خلال تخصيص ميزانية للصيانة الدورية، وعدم الاكتفاء بالإصلاحات المؤقتة، فضلا عن تشكيل لجان مراقبة، تضم مهندسين وخبراء في السلامة لفحص جودة البناء هذا بالتوازي مع توعية التلاميذ والعاملين في القطاع التربوي بأسس السلامة والوقاية من الأخطار.
في المقابل تتعالى أصوات مؤكدة انه لا يمكن التعويل على المؤسسات التربوية أو الجهات الرسمية في مسألة صيانة المؤسسات التربوية -في ظل ضعف الاعتمادات المرصودة، على مدار السنوات الماضية، رغم ان الميزانية الأخيرة شهدت ترفيعا في العائدات المخصصة لوزارة التربية- بل يجب أن تكون المسؤولية جماعية من خلال تشريك المجتمع المدني في هذا المجال.
وهنا يقترح البعض أن يتم تشريك الخواص من جمعيات وبنوك ومنظمات، وهو طرح يجد صداه حتى لدى سلطة الإشراف، على اعتبار أن وزير التربية كان قد صرح موفى شهر فيفري الماضي بأن وزارة التربية شرعت في تنفيذ خطّة لتطوير البنية التحتية تستهدف تحسين المدارس والمعاهد بكافة جهات البلاد بمشاركة البنوك والمجتمع المدني.
كشف النوري عن أنّ خطّة تطوير البنية التحتية ترتكز إلى إنجاز مشاريع لتهيئة المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية، بهدف إعادة الألق للتعليم العمومي حتّى يكون الإطار الأمثل للتمدّرس والتربية.
وكشف وزير التربية على هامش مداخلته أمام أعضاء لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي بمجلس نواب الشعب موفى شهر فيفري الماضي أنّ إعادة بناء المدرسة العمومية تندرج ضمن أوكد أولويات الوزارة، مفيدا بأنّ وزارة التربية ضبطت معايير ترتكز على ضمان التعليم بطرق عصرية ومستحدثة، بما يعزّز جاذبية المؤسسات التربوية ويعيد إليها دورها الطلائعي في استقطاب وتربية المتعلّمين.
وأعلن أنّ الوزارة تتولّى إعداد منظومة رقمية لترتيب سلم المشاريع وقائمة الإصلاحات المدرجة بالبنية التحتية للمدارس والمعاهد، مضيفا أنّ تطوير البناءات التي تشمل تجهيز قاعات جديدة للتدريس وتأهيل المكاتب الإدارية بالمؤسّسات التربوية وتحسين الفضاءات التربوية سيترافق مع تعميم المخابر المتنقّلة بالإعداديات والمعاهد الثانوية..
ومن جانب آخر تشير بعض الأطراف أن مسألة صيانة المؤسسات التربوية تقتضي أيضا تفعيل الجانب الرقابي حيث يمكن للمجالس البلدية ومختلف الجمعيات المعنية بالشأن التربوي أن تلعب دوراً محورياً في كشف التقصير والضغط من أجل تحسين البيئة التعليمية.
المسألة معقدة
تفاعلا مع كل هذه المقترحات يشير رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بالبرلمان كمال فرّاح في تصريح لـ»الصباح» أن اللجنة ومن خلال مباشرتها لأعمالها لطالما أكدت في كل زيارة لوزير التربية على أهمية القيام بعمليات الإصلاح والصيانة مشيرا الى أن هذه المسألة تم الخوض فيها مرارا وتكرارا. لكن يستدرك محدثنا ليوضح بأن «المسألة معقدة في ظل شح الموارد المالية خاصة وأن 90 بالمائة من ميزانية الوزارة مخصصة للأجور. وبالتالي فإن النسبة المتبقية لا تفي مطلقا بالحاجيات في ظل كثرة المؤسسات التربوية».
وأضاف رئيس لجنة التربية أن الوضعية في علاقة بمسألة الصيانة تقتضي البحث عن بدائل أخرى تدعم مجهود الدولة، مستحضرا الصندوق الذي تم تفعيله سنة 2001 والذي خصص آنذاك لإصلاح المنظومة التربوية متسائلا: هل بالإمكان تفعيله اليوم على أن تضم المشاركة جميع مكونات المجتمع المدني؟
في هذا الخضم وبالعودة الى حادثة المزونة فإن ما جد على بشاعته وفظاعته يجب أن يشكّل نقطة تحول في التعاطي مع مسألة البنية التحتية وصيانتها في مختلف المؤسسات التربوية المنتشرة بالبلاد، فلا بد من المرور الى السرعة القصوى في معالجة هذا الملف حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي.