سجلت الصادرات التونسية خلال الثلاثي الأول من سنة 2025 ما قيمته 15,325 مليون دينار تونسي، ما يعكس أداءً اقتصادياً يستحق التوقف عنده، رغم بعض التحديات التي تواجه القطاعات الإنتاجية. هذا الرقم يعكس أهمية الصادرات كركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد التونسي وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، خاصة في ظل التغيرات العالمية التي تؤثر على المعاملات التجارية.
ورغم تجاوز الصادرات حاجز 15 مليار دينار، أظهرت النتائج تراجعاً مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، حيث بلغت الصادرات حينها 16,287 مليار دينار، وفق أحدث المعطيات الصادرة عن معهد الإحصاء الوطني. هذا الانخفاض يعزى إلى أداء بعض القطاعات الحيوية، حيث شهد قطاع الطاقة أكبر تراجع بنسبة 34- % نتيجة انخفاض صادرات المواد المكررة (78,2 م.د مقابل 499,3 م.د)، وقطاع الفلاحة والمنتوجات الغذائية، والذي سجل تراجعاً بنسبة 18- % بسبب انخفاض مبيعات زيت الزيتون (1442,3 م.د مقابل 1879,8 م.د)، وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، وقطاع النسيج والملابس والجلود بنسبة 2,4- % و2,6- % على التوالي، بينما تراجع قطاع الفسفاط ومشتقاته بنسبة 8,6- %.
ورغم هذه التراجع المسجل في بعض القطاعات، تبرز بعض المؤشرات الإيجابية، خاصة فيما يتعلق بالصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
ارتفاع الصادرات مع دول الاتحاد الأوروبي
يشكل الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية للصادرات التونسية، حيث استحوذ على 70,1 % من إجمالي الصادرات خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، وهو ما يعادل 10,736.9 مليار دينار. ورغم انخفاض الصادرات الأوروبية بنسبـة 7,6- % مقارنة بالعام الماضي، إلا أن هناك أسواقاً أظهرت نمواً ملحوظاً، مثل ألمانيا (7,8+ %) وهولندا (13,4+ %). من ناحية أخرى، شهدت الصادرات إلى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تراجعاً بنسب 5,7- % و11,3- % و35,3- % على التوالي. هذا التفاوت يبرز الحاجة إلى تنويع الأسواق الأوروبية والتركيز على الدول ذات النمو الإيجابي مثل ألمانيا وهولندا لتعزيز العلاقات التجارية.
آفاق واعدة مع الدول العربية
على الصعيد العربي، تُظهر الأرقام أداءً مميزاً للصادرات التونسية، حيث ارتفعت الصادرات إلى ليبيا بنسبة 39,6+ %، كما سجلت نموا مع المغرب بنسبة38,6+ ٪ والجزائر بنسبة 15,3+ %، والاهم من ذلك، تسجيل قفزة كبيرة مع مصر حيث تخطت النسبة 155,7+ %. هذا النمو يعكس أهمية تعزيز التكامل الاقتصادي مع الدول العربية، خاصة في ظل القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية التي يمكن أن تسهم في تخفيف أثر التحديات الخارجية، فضلا عن الضرورة الملحة لتعزيز التعاون الاقتصادي العربي في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم في علاقة بملف التصادم التجاري العنيف بين الدول العظمى.
تحديات الرسوم الجمركية العالمية وانعكاساتها
على الصعيد الدولي، تواجه تونس تحدياً إضافياً يتمثل في الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى. هذه الرسوم تؤثر على الإنتاجية والتنافسية الاقتصادية لدول الشراكة الرئيسية مع تونس، مما قد يؤدي إلى تقليص الطلب على الصادرات التونسية على المدى القريب.
ومع ذلك، يمكن لتونس استغلال هذه الظروف من خلال تعزيز تنافسيتها في الأسواق الأوروبية المتضررة من هذه الرسوم، خاصة في القطاعات التي تمتلك فيها ميزة تنافسية مثل الصناعات الميكانيكية والنسيج.
دفع الصادرات لإنعاش الاقتصاد
ويعد دفع الصادرات التونسية، اليوم، ضرورة حتمية لإنعاش الاقتصاد الوطني. لتحقيق ذلك، ويشدد عدد من خبراء الاقتصاد على ضرورة التركيز على تنويع الأسواق، وتقليل الاعتماد على سوق الاتحاد الأوروبي عبر التوسع نحو أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا، ودعم القطاعات الواعدة مثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي أظهرت مقاومة نسبية للتحديات، فضلا عن زيادة قيمة المنتجات المصدرة، والتركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية لتقليل أثر التذبذب في الأسعار العالمية للمواد الخام، والترويج للمنتجات التونسية، عبر تحسين الجودة والتسويق الخارجي، خاصة في القطاعات الزراعية مثل زيت الزيتون، بالإضافة إلى العمل على توفير مناخ اقتصادي جيد، والذي يُعد شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات والحفاظ على استدامة النمو.
ولتحقيق نسق نمو أفضل للصادرات التونسية، في ظل التحديات العالمية، يشدد عدد من خبراء الاقتصاد، اليوم، على ضرورة أن تعمل تونس، على تعزيز سياساتها لدعم الصادرات، سواء عبر تحسين البنية التحتية التجارية أو تقديم حوافز للمصدرين، فضلاً عن مراجعة الأداءات الجمركية وتخفيضها بما يخلق حركة اقتصادية وتجارية، تساهم في فترة لاحقة في تحقيق إيرادات جيدة تعزز من توسع نسق الاستثمارات في شتى القطاعات.
ورغم التحديات التي تواجه الصادرات التونسية، فإن الأداء خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، يعكس إمكانيات هائلة يمكن استثمارها لتطوير الاقتصاد الوطني، ومن الضروري العمل، اليوم، على التركيز على تنويع الشركاء التجاريين وتحسين تنافسية المنتجات المحلية، لتحقيق نمو مستدام في الصادرات، مما يساهم في تعزيز مكانة تونس في الأسواق العالمية.
سفيان المهداوي
سجلت الصادرات التونسية خلال الثلاثي الأول من سنة 2025 ما قيمته 15,325 مليون دينار تونسي، ما يعكس أداءً اقتصادياً يستحق التوقف عنده، رغم بعض التحديات التي تواجه القطاعات الإنتاجية. هذا الرقم يعكس أهمية الصادرات كركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد التونسي وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، خاصة في ظل التغيرات العالمية التي تؤثر على المعاملات التجارية.
ورغم تجاوز الصادرات حاجز 15 مليار دينار، أظهرت النتائج تراجعاً مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، حيث بلغت الصادرات حينها 16,287 مليار دينار، وفق أحدث المعطيات الصادرة عن معهد الإحصاء الوطني. هذا الانخفاض يعزى إلى أداء بعض القطاعات الحيوية، حيث شهد قطاع الطاقة أكبر تراجع بنسبة 34- % نتيجة انخفاض صادرات المواد المكررة (78,2 م.د مقابل 499,3 م.د)، وقطاع الفلاحة والمنتوجات الغذائية، والذي سجل تراجعاً بنسبة 18- % بسبب انخفاض مبيعات زيت الزيتون (1442,3 م.د مقابل 1879,8 م.د)، وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، وقطاع النسيج والملابس والجلود بنسبة 2,4- % و2,6- % على التوالي، بينما تراجع قطاع الفسفاط ومشتقاته بنسبة 8,6- %.
ورغم هذه التراجع المسجل في بعض القطاعات، تبرز بعض المؤشرات الإيجابية، خاصة فيما يتعلق بالصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
ارتفاع الصادرات مع دول الاتحاد الأوروبي
يشكل الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية للصادرات التونسية، حيث استحوذ على 70,1 % من إجمالي الصادرات خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، وهو ما يعادل 10,736.9 مليار دينار. ورغم انخفاض الصادرات الأوروبية بنسبـة 7,6- % مقارنة بالعام الماضي، إلا أن هناك أسواقاً أظهرت نمواً ملحوظاً، مثل ألمانيا (7,8+ %) وهولندا (13,4+ %). من ناحية أخرى، شهدت الصادرات إلى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تراجعاً بنسب 5,7- % و11,3- % و35,3- % على التوالي. هذا التفاوت يبرز الحاجة إلى تنويع الأسواق الأوروبية والتركيز على الدول ذات النمو الإيجابي مثل ألمانيا وهولندا لتعزيز العلاقات التجارية.
آفاق واعدة مع الدول العربية
على الصعيد العربي، تُظهر الأرقام أداءً مميزاً للصادرات التونسية، حيث ارتفعت الصادرات إلى ليبيا بنسبة 39,6+ %، كما سجلت نموا مع المغرب بنسبة38,6+ ٪ والجزائر بنسبة 15,3+ %، والاهم من ذلك، تسجيل قفزة كبيرة مع مصر حيث تخطت النسبة 155,7+ %. هذا النمو يعكس أهمية تعزيز التكامل الاقتصادي مع الدول العربية، خاصة في ظل القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية التي يمكن أن تسهم في تخفيف أثر التحديات الخارجية، فضلا عن الضرورة الملحة لتعزيز التعاون الاقتصادي العربي في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم في علاقة بملف التصادم التجاري العنيف بين الدول العظمى.
تحديات الرسوم الجمركية العالمية وانعكاساتها
على الصعيد الدولي، تواجه تونس تحدياً إضافياً يتمثل في الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى. هذه الرسوم تؤثر على الإنتاجية والتنافسية الاقتصادية لدول الشراكة الرئيسية مع تونس، مما قد يؤدي إلى تقليص الطلب على الصادرات التونسية على المدى القريب.
ومع ذلك، يمكن لتونس استغلال هذه الظروف من خلال تعزيز تنافسيتها في الأسواق الأوروبية المتضررة من هذه الرسوم، خاصة في القطاعات التي تمتلك فيها ميزة تنافسية مثل الصناعات الميكانيكية والنسيج.
دفع الصادرات لإنعاش الاقتصاد
ويعد دفع الصادرات التونسية، اليوم، ضرورة حتمية لإنعاش الاقتصاد الوطني. لتحقيق ذلك، ويشدد عدد من خبراء الاقتصاد على ضرورة التركيز على تنويع الأسواق، وتقليل الاعتماد على سوق الاتحاد الأوروبي عبر التوسع نحو أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا، ودعم القطاعات الواعدة مثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي أظهرت مقاومة نسبية للتحديات، فضلا عن زيادة قيمة المنتجات المصدرة، والتركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية لتقليل أثر التذبذب في الأسعار العالمية للمواد الخام، والترويج للمنتجات التونسية، عبر تحسين الجودة والتسويق الخارجي، خاصة في القطاعات الزراعية مثل زيت الزيتون، بالإضافة إلى العمل على توفير مناخ اقتصادي جيد، والذي يُعد شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات والحفاظ على استدامة النمو.
ولتحقيق نسق نمو أفضل للصادرات التونسية، في ظل التحديات العالمية، يشدد عدد من خبراء الاقتصاد، اليوم، على ضرورة أن تعمل تونس، على تعزيز سياساتها لدعم الصادرات، سواء عبر تحسين البنية التحتية التجارية أو تقديم حوافز للمصدرين، فضلاً عن مراجعة الأداءات الجمركية وتخفيضها بما يخلق حركة اقتصادية وتجارية، تساهم في فترة لاحقة في تحقيق إيرادات جيدة تعزز من توسع نسق الاستثمارات في شتى القطاعات.
ورغم التحديات التي تواجه الصادرات التونسية، فإن الأداء خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، يعكس إمكانيات هائلة يمكن استثمارها لتطوير الاقتصاد الوطني، ومن الضروري العمل، اليوم، على التركيز على تنويع الشركاء التجاريين وتحسين تنافسية المنتجات المحلية، لتحقيق نمو مستدام في الصادرات، مما يساهم في تعزيز مكانة تونس في الأسواق العالمية.