إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في لجنة المالية والميزانية بالبرلمان.. نقاش مقترحات قوانين تتعلق بالوظيفة العمومية واستقلالية البنك المركزي

 

تعقد لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب غدا الجمعة 11 أفريل 2025 بقصر باردو جلسة استماع إلى جهة المبادرة التشريعية حول مقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، وتحمل هذه المبادرة إمضاء 103 نواب من مختلف الكتل البرلمانية ومن غير المنتمين إلى كتل، وقبل ذلك ستنظر اللجنة اليوم الخميس 10 أفريل في مبادرتين تشريعيتين تتعلقان بمقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي.

وأشار النائب عن هذه اللجنة مسعود قريرة أول أمس خلال الجلسة العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة إلى أنه يرغب في تنبيه الحكومة إلى أن القانون المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي وقع منذ سنة 1985 وهو ينص على عدم الجمع بين موردين عموميين، وقد تم مؤخرا إصدار الأمر عدد 178 لسنة 2025 المؤرخ في 4 أفريل 2025 المتعلّق بضبط مقدار منحة التمثيل المخوّلة لأعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وشروط إسنادها، ولكن أغلب أعضاء هذه المجالس هم موظفون لدى الدولة وهو ما يدعو إلى التساؤل كيف سيتم تمكينهم من المنحة المنصوص عليها بهذا الأمر الترتيبي، والحال أن هذا الأمر يتعارض مع القانون الصادر سنة 1985.

 وأوضح قريرة أنه بهدف معالجة هذا المشكل ورفع الحرج عن الحكومة ستنظر لجنة المالية والميزانية في مقترح قانون تم تقديمه من قبل النواب يهدف إلى تعديل قانون 1985 وسيتم بمقتضاه معالجة هذه الوضعية وإرجاع الحق إلى أصحابه. 

وللتذكير فقد نص الأمر عدد 178 لسنة 2025 المؤرّخ في 4 أفريل 2025 المتعلّق بضبط مقدار منحة التمثيل المخوّلة لأعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وشروط إسنادها في الفصل الأول على أن  يتقاضى أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم المنتخبون منحة تمثيل شهرية تخضع للضريبة على الدخل وللخصم من المورد وللحجز بعنوان المساهمات الاجتماعية في أنظمة التقاعد والتأمين على المرض ورأس المال عند الوفاة، ما لم يكن المعني بالأمر مشمولا بنظام تغطية اجتماعية يوفّر نفس المنافع، ويكون مقدارها الصافي بعد الخصم مائتي  دينار عن كل جلسة بسقف شهري لا يتجاوز ثمانمائة دينار. ويتقاضى الأعضاء من ذوي الإعاقة منحة تمثيل شهرية ويكون مقدارها الصافي بعد الخصم ثلاثمائة دينار عن كل جلسة وبسقف شهري لا يتجاوز ألف ومائتي دينار. ونص الفصل الثاني من نفس الأمر على أن يُحرم كل عضو من منحة التمثيل عن كل جلسة تغيّب عنها في حين نص الفصل الثالث على أن تُحمل مبالغ المنح المخوّلة بمقتضى هذا الأمر على ميزانية وزارة الداخلية ونص الفصل الرابع على أن يتمتّع أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم المباشرون في تاريخ نشر هذا الأمر بالمنحة المخوّلة لهم بداية من تاريخ نشره.

وبالإطلاع على مضامين المبادرة التشريعية التي أشار إليها النائب عن كتلة «الخط الوطني السيادي» مسعود قريرة والتي سيتم نقاشها صلب لجنة المالية والميزانية التي يرأسها النائب عن الكتلة «الوطنية المستقلة» عبد الجليل الهاني يمكن الإشارة إلى أنها تضمنت فصلا وحيدا يهدف إلى إدخال تعديلات طفيفة على الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985.

تفرقة بين المتقاعدين

ويحدث الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 في صيغته الحالية حسب ما أشار إليه أصحاب المبادرة التشريعية، تفرقة بين المتقاعدين التونسيين الذين ينتمون لصناديق عمومية من جهة وصناديق خاصة أو أجنبية من جهة أخرى في حال مباشرتهم خططا في الدولة، إذ لا يمكن للمتقاعد الذي يتقاضى جراية من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التمتع بأي مورد عمومي آخر ويتم تخييره بين الجراية أو منحة النشاط، أما المتقاعد التونسي التابع للصناديق الخاصة مثل المحامين أو الصناديق الأجنبية بالنسبة للتونسيين بالخارج فله الحق في الجمع بين جراية التقاعد ومنحة النشاط. كما بينوا أن الفصل 55 يمكن أن يتسبب في عزوف المتقاعدين عن المشاركة في الحياة السياسية وتقلد مهام في الدولة بعد سن التقاعد والحال أن عدد المتقاعدين في تونس بلغ المليون ويوجد فيهم الكثير من الكفاءات، ثم أن جراية التقاعد حق مكتسب من مساهمة العون طيلة حياته المهنية لا تلغى حتى بالموت إذ تتمتع إثر وفاته، زوجته وأبناءه القصر بهذا الحق بعنوان جراية الباقين على قيد الحياة، ويرى النواب أنه من غير المنطقي حرمان المتقاعد من حقه في جرايته بمجرد تقلده مهمة في أحد أجهزة الدولة سواء كان مستشارا بلديا أو عضوا بمجلس محلي أو عضوا بمجلس جهوي أو عضوا بمجلس أقاليم أو عضوا بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو عضوا بمجلس نواب الشعب أو وزيرا أو سفيرا أو رئيس حكومة أو رئيس دولة. ولاحظوا أن الفصل 55 يحرم المتقاعد المباشر لمهمة في الدولة من اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط ويعتبرون أنه من غير المعقول الخصم من منحته بعنوان التقاعد ثم حرمانه من التمتع به فيما بعد. وبالنسبة إلى عضو مجلس نواب الشعب المتقاعد الذي يخير المحافظة على جراية تقاعده وبما أنه لا يحصل على منحة برلمانية فلا يمكن الاقتطاع من جرايته في حال تغيبه عن جلسات المجلس طبقا لما نص عليه النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في الفصل 11 حيث نص هذا الفصل على أن  الغياب دون عذر شرعي يستوجب الاقتطاع من منحة استرجاع المصاريف إذا تجاوز جلستين عامتين متعلقتين بالتصويت وثلاث غيابات في أعمال اللجان في نفس الشهر وكل غياب غير شرعيّ عن أشغال مكتب مجلس نواب الشعب بالنسبة لعضو مكتب المجلس. ويضبط مكتب المجلس قاعدة احتساب الاقتطاع بما يتناسب مع مدّة الغياب. وذكروا أنه في مصر، إذا كان نائب الشعب زمن انتخابه موظفا في الدولة فإنه يتفرغ للمجلس ويحافظ على حقوقه في الوظيفة حيث تحتسب له مدة عضويته في المعاش إضافة إلى راتبه الذي كان يتقاضاه بعمله مع جميع الحوافز الأخرى من بدلات وعلاوات ومنحة شهرية، أما عضو مجلس نواب الشعب في البرلمان التونسي فيتم تخييره بين التمتع بالجراية أو بالمنحة البرلمانية في حين هناك في الأردن إمكانية الجميع بين جراية التقاعد والأجر الذي يتقاضاه المتقاعد عند قيامه بعمل آخر.

وبين أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب أن  القانون عدد 12 لسنة 1985 صدر في ظل صراع سياسي لخلافة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إثر مرضه وقدّ الفصل 55 منه على المقاس لاستهداف الوزير الأول محمد مزالي  الذي بلغ سن التقاعد في 22 ديسمبر 1984 وهو آنذاك وزيرا أول يتقاضى منحة حكومية وخيّر بين الحصول على  تلك المنحة أو جراية التقاعد أما اليوم وفي ظل دستور 25 جويلية 2022 فلا يمكن قبول الاعتداء على حقوق الأفراد بهذه الطريقة.

وتضمن مقترح القانون المعروض على لجنة المالية والميزانية فصلا وحيدا يهدف إلى إلغاء الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي وتعويضهما بأحكام جديدة، ويذكر أن هذا الفصل في صيغته الأصلية ينص على أنه يمكن للعون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. أما العون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد فلا يمكنه اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. وفي جميع الحالات لا يمكن الجمع بين جراية التقاعد وكل مورد عمومي مهما كان نوعه وللعون الاختيار بين جراية التقاعد أو المرتب. وحسب ما ورد في مقترح القانون الذي سيتم الانطلاق في نقاشه بداية من الغد ينص الفصل 55 جديد على أنه يمكن للعون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. أما العون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد لا تخصم من منحته المتأتية من النشاط العمومي المستأنف أي معاليم بعنوان مساهمة في صناديق التقاعد باعتباره متقاعدا سلفا ويمكن له الجميع بين جراية التقاعد ومورد عمومي آخر متأت من تحمل وظيفته في أجهزة الدولة عبر انتخابات محلية أو جهوية أو إقليمية أو وطنية أو عبر تعيينات سياسية أو دبلوماسية. وينتظر عرض مقترح القانون المذكور على كل من لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد التي يرأسها النائب غير المنتمي إلى كتل حمدي بن صالح ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة التي يرأسها النائب عن كتلة صوت الجمهورية نبيه ثابت لإبداء الرأي فيها. 

وفي علاقة بمنح نواب الشعب يذكر أن مشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه أول أمس خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة يتعلق بتطبيق الأنظمة الخاصة المتعلّقة برئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه، ويهدف هذا المشروع إلى ضمان المساواة بين أعضاء الغرفتين النيابيتين اللذين عهد لهما الدستور ممارسة الوظيفة التشريعية وتكون هذه المساواة من خلال تطبيق الأنظمة الخاصة المعتمدة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه لضمان توحيد الإطار التشريعي المنظّم للوضعيات الإدارية والمالية وتقاعد أعضاء المجلسين، ويطبق هذا الإجراء بأثر رجعي انطلاقاً من 19 أفريل 2024 تاريخ الجلسة العامة الافتتاحية  للمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

ونص مشروع القانون في صيغته النهائية المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب مساء أول أمس على أربعة فصول نص الفصل الأول على تنسحب على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه أحكام الفصلين 72 و73 من القانون عدد 145 لسنة 1988 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 المتعلق بقانون المالية لسنة 1989 والخاصة بالمنح النيابية المخولة لرئيس وأعضاء مجلس نواب الشعب.

ونص الفصل الثاني على أن تنسحب على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أحكام القانون عدد 16 لسنة 1985 المؤرخ في 8 مارس1985 المتعلق بضبط نظام تقاعد أعضاء مجلس النواب. ونص الفصل الثالث على أن تنسحب على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم مدة عضويتهم بالمجلس الأحكام المتعلقة بإحالة أعضاء مجلس النواب على عدم المباشرة الخاصة المنصوص عليها بالقانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وبالقانون عدد 78 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أوت 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية. وحسب الفصل الرابع والأخير من هذا المشروع المقدم من قبل رئيس الجمهورية يجري العمل بأحكام القانون المتعلق بتطبيق الأنظمة الخاصة المتعلقة برئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه ابتداء من19 أفريل 2024.

ويذكر أنه خلال النقاش العام لهذا المشروع لم يتحدث أغلب النواب عن مضامينه وإنما خيروا الحديث عن مسائل أخرى ليست لها أية علاقة بالمشروع المعروض على أنظارهم.

تنقيح قانون البنك المركزي

وفي انتظار الشروع في دراسة مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، ينتظر أن تعقد لجنة المالية والميزانية اليوم جلستي استماع إلى ممثلين عن النواب الذين تقدموا منذ بداية الدورة النيابية الأولى سنة 2023 بمبادرة تشريعية تتعلق بتنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي ثم الاستماع إلى النواب الذين تقدموا خلال الدورة النيابية الثانية سنة 2024 بمبادرة تشريعية أخرى لتنقيح نفس القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي.

وتهدف المبادرة الأولى التي تم تقديمها من قبل نواب كتلة الخط الوطني السيادي إلى السماح للبنك المركزي بتقديم تمويلات مباشرة لميزانية الدولة وفق شروط مضبوطة وذلك تماشيا مع التجارب المقارنة للبنوك المركزية في دول أخرى مثل المغرب ومصر. ومن بين ما جاء فيها أن البنك المركزي يتولى بناء على طلب من الحكومة وبمصادقة مجلس نواب الشعب تغطية العجز الموسمي في الميزانية العامة دون أن تتجاوز قيمة هذا التمويل خمسة بالمائة من الناتج المحلي أو عشرين بالمائة من معدل إيرادات الميزانية في السنوات الثلاث السابقة. وتكون مدة هذا التمويل ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة على أن يسدد بالكامل خلال 12 شهرا من تاريخ تقديمه، وتحدد الشروط الخاصة بهذا التمويل بالاتفاق بين البنك المركزي ووزارة المالية على أساس نسبة الفائدة الأساسية بالسوق المالية.

وتهدف المبادرة التشريعية الثانية التي تم تقديمها من قبل النائبة أمال المؤدب بمعية مجموعة من النواب إلى تمكين البنك المركزي من أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة، وتم في إطارها اقتراح إلغاء 11 فصلا من القانون عدد 35 لسنة 2016 وتعويضها بأحكام جديدة.

ويذكر أن الحكومة بدورها بصدد الاشتغال على مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي حيث تم يوم 25 مارس 2025 تخصيص مجلس وزاري مضيق للنظر في هذا المشروع وجاء في بلاغ صدر يومها عن رئاسة الحكومة أن هذا المجلس الذي أشرفت عليه رئيسة الحكومة سارّة الزعفراني تم بحضور مشكاة سلامة وزيرة الماليّة وفتحي زهير النّوري محافظ البنك المركزي التّونسي وأن رئيسة الحكومة أكدت على أهميّة الدّور المحوري الذي يضطلع به البنك المركزي التّونسي في  إرساء المعايير الكميّة والنوعيّة التي من شأنها أن تضمن التصرّف السّليم للمنظومة البنكيّة الوطنيّة عبر تعزيز السياسات والاستراتيجيّات الإنمائية الوطنيّة وتحفيز الاستثمار والرّفع من القدرة التمويليّة للمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة، ودعت إلى تكثيف الجهود بين كافة الهياكل الماليّة العموميّة والخاصّة لاستكمال طريق الإصلاح وتحقيق ثورة تشريعيّة تشمل كل القطاعات الحيويّة وتهدف أساسا إلى خلق ديناميكيّة اقتصاديّة مستدامة موجّهة لدعم الاستثمار وخلق الثروة على مستوى كلّ الجهات وأضافت أنّ خيار التعويل على الذات وتعزيز الموارد الذاتية للدّولة هو خيار وطنيّ يُحتّم رصّ الصّفوف وانخراط كلّ الفاعلين الاقتصاديّين في معركة التّحرير الوطني من أجل بناء اقتصاد متين قوامه نظام مالي متضامن ومُدمج قادر على الصّمود ومواجهة المتغيّرات الدوليّة مع إتباع سياسة التعويل على الذات وإيقاف المنحى التوسّعي للتداين. وإثر التّداول في المقترحات المتعلّقة بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلّق بضبط النّظام الأساسي للبنك المركزي التّونسي، أوصى المجلس الوزاري المضيق باستحثاث نّسق تحيينه وفقا لمقاربة جديدة ومتكاملة.

وكان مجلس نواب الشعب وافق في إطار قانون المالية لسنة 2025 على فصل أثار الكثير من الجدل وهو الفصل 12 الذي نص على ما يلي: استثناء لأحكام الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي، يرخّص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ أقصاه 7000 مليون دينار. تمنح هذه التسهيلات دون فائدة موظفة وتسدد على 15 سنة منها 3 سنوات إمهال. وتبرم اتفاقية بين الوزير المكلف بالمالية ومحافظ البنك المركزي التونسي تضبط خاصة طرق سحب وتسديد التسهيلات الممنوحة، ولعل السؤال المطروح اليوم هل سيمضي المجلس النيابي فعلا في اتجاه مراجعة القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي أم أنه سيختار إدراج أحكام استثنائية في مشاريع قوانين المالية من شأنها أن تلبي حاجيات الحكومة لتمويل ميزانية الدولة أم سيصرف النظر عن هذه المسألة الحساسة.

ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد تطرق خلال اللقاء الذي جمعه يوم يوم الاثنين 7 أفريل 2025 بقصر قرطاج، بفتحي زهير النوري محافظ البنك المركزي التونسي إلى دور هذا البنك في فرض تشريعات الدولة التونسية على سائر المؤسسات المصرفية وذكر مجدّدا بالفرق بين الاستقلالية والاستقلال. وبين أن البنك المركزي التونسي مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية في المجال النقدي في ظل السياسة التي تضبطها تشريعات الدولة ومحمول عليه معاضدة المجهود الاقتصادي الوطني.

سعيدة بوهلال

في لجنة المالية والميزانية بالبرلمان..  نقاش مقترحات قوانين تتعلق بالوظيفة العمومية واستقلالية البنك المركزي

 

تعقد لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب غدا الجمعة 11 أفريل 2025 بقصر باردو جلسة استماع إلى جهة المبادرة التشريعية حول مقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، وتحمل هذه المبادرة إمضاء 103 نواب من مختلف الكتل البرلمانية ومن غير المنتمين إلى كتل، وقبل ذلك ستنظر اللجنة اليوم الخميس 10 أفريل في مبادرتين تشريعيتين تتعلقان بمقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي.

وأشار النائب عن هذه اللجنة مسعود قريرة أول أمس خلال الجلسة العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة إلى أنه يرغب في تنبيه الحكومة إلى أن القانون المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي وقع منذ سنة 1985 وهو ينص على عدم الجمع بين موردين عموميين، وقد تم مؤخرا إصدار الأمر عدد 178 لسنة 2025 المؤرخ في 4 أفريل 2025 المتعلّق بضبط مقدار منحة التمثيل المخوّلة لأعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وشروط إسنادها، ولكن أغلب أعضاء هذه المجالس هم موظفون لدى الدولة وهو ما يدعو إلى التساؤل كيف سيتم تمكينهم من المنحة المنصوص عليها بهذا الأمر الترتيبي، والحال أن هذا الأمر يتعارض مع القانون الصادر سنة 1985.

 وأوضح قريرة أنه بهدف معالجة هذا المشكل ورفع الحرج عن الحكومة ستنظر لجنة المالية والميزانية في مقترح قانون تم تقديمه من قبل النواب يهدف إلى تعديل قانون 1985 وسيتم بمقتضاه معالجة هذه الوضعية وإرجاع الحق إلى أصحابه. 

وللتذكير فقد نص الأمر عدد 178 لسنة 2025 المؤرّخ في 4 أفريل 2025 المتعلّق بضبط مقدار منحة التمثيل المخوّلة لأعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وشروط إسنادها في الفصل الأول على أن  يتقاضى أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم المنتخبون منحة تمثيل شهرية تخضع للضريبة على الدخل وللخصم من المورد وللحجز بعنوان المساهمات الاجتماعية في أنظمة التقاعد والتأمين على المرض ورأس المال عند الوفاة، ما لم يكن المعني بالأمر مشمولا بنظام تغطية اجتماعية يوفّر نفس المنافع، ويكون مقدارها الصافي بعد الخصم مائتي  دينار عن كل جلسة بسقف شهري لا يتجاوز ثمانمائة دينار. ويتقاضى الأعضاء من ذوي الإعاقة منحة تمثيل شهرية ويكون مقدارها الصافي بعد الخصم ثلاثمائة دينار عن كل جلسة وبسقف شهري لا يتجاوز ألف ومائتي دينار. ونص الفصل الثاني من نفس الأمر على أن يُحرم كل عضو من منحة التمثيل عن كل جلسة تغيّب عنها في حين نص الفصل الثالث على أن تُحمل مبالغ المنح المخوّلة بمقتضى هذا الأمر على ميزانية وزارة الداخلية ونص الفصل الرابع على أن يتمتّع أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم المباشرون في تاريخ نشر هذا الأمر بالمنحة المخوّلة لهم بداية من تاريخ نشره.

وبالإطلاع على مضامين المبادرة التشريعية التي أشار إليها النائب عن كتلة «الخط الوطني السيادي» مسعود قريرة والتي سيتم نقاشها صلب لجنة المالية والميزانية التي يرأسها النائب عن الكتلة «الوطنية المستقلة» عبد الجليل الهاني يمكن الإشارة إلى أنها تضمنت فصلا وحيدا يهدف إلى إدخال تعديلات طفيفة على الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985.

تفرقة بين المتقاعدين

ويحدث الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 في صيغته الحالية حسب ما أشار إليه أصحاب المبادرة التشريعية، تفرقة بين المتقاعدين التونسيين الذين ينتمون لصناديق عمومية من جهة وصناديق خاصة أو أجنبية من جهة أخرى في حال مباشرتهم خططا في الدولة، إذ لا يمكن للمتقاعد الذي يتقاضى جراية من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التمتع بأي مورد عمومي آخر ويتم تخييره بين الجراية أو منحة النشاط، أما المتقاعد التونسي التابع للصناديق الخاصة مثل المحامين أو الصناديق الأجنبية بالنسبة للتونسيين بالخارج فله الحق في الجمع بين جراية التقاعد ومنحة النشاط. كما بينوا أن الفصل 55 يمكن أن يتسبب في عزوف المتقاعدين عن المشاركة في الحياة السياسية وتقلد مهام في الدولة بعد سن التقاعد والحال أن عدد المتقاعدين في تونس بلغ المليون ويوجد فيهم الكثير من الكفاءات، ثم أن جراية التقاعد حق مكتسب من مساهمة العون طيلة حياته المهنية لا تلغى حتى بالموت إذ تتمتع إثر وفاته، زوجته وأبناءه القصر بهذا الحق بعنوان جراية الباقين على قيد الحياة، ويرى النواب أنه من غير المنطقي حرمان المتقاعد من حقه في جرايته بمجرد تقلده مهمة في أحد أجهزة الدولة سواء كان مستشارا بلديا أو عضوا بمجلس محلي أو عضوا بمجلس جهوي أو عضوا بمجلس أقاليم أو عضوا بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو عضوا بمجلس نواب الشعب أو وزيرا أو سفيرا أو رئيس حكومة أو رئيس دولة. ولاحظوا أن الفصل 55 يحرم المتقاعد المباشر لمهمة في الدولة من اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط ويعتبرون أنه من غير المعقول الخصم من منحته بعنوان التقاعد ثم حرمانه من التمتع به فيما بعد. وبالنسبة إلى عضو مجلس نواب الشعب المتقاعد الذي يخير المحافظة على جراية تقاعده وبما أنه لا يحصل على منحة برلمانية فلا يمكن الاقتطاع من جرايته في حال تغيبه عن جلسات المجلس طبقا لما نص عليه النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في الفصل 11 حيث نص هذا الفصل على أن  الغياب دون عذر شرعي يستوجب الاقتطاع من منحة استرجاع المصاريف إذا تجاوز جلستين عامتين متعلقتين بالتصويت وثلاث غيابات في أعمال اللجان في نفس الشهر وكل غياب غير شرعيّ عن أشغال مكتب مجلس نواب الشعب بالنسبة لعضو مكتب المجلس. ويضبط مكتب المجلس قاعدة احتساب الاقتطاع بما يتناسب مع مدّة الغياب. وذكروا أنه في مصر، إذا كان نائب الشعب زمن انتخابه موظفا في الدولة فإنه يتفرغ للمجلس ويحافظ على حقوقه في الوظيفة حيث تحتسب له مدة عضويته في المعاش إضافة إلى راتبه الذي كان يتقاضاه بعمله مع جميع الحوافز الأخرى من بدلات وعلاوات ومنحة شهرية، أما عضو مجلس نواب الشعب في البرلمان التونسي فيتم تخييره بين التمتع بالجراية أو بالمنحة البرلمانية في حين هناك في الأردن إمكانية الجميع بين جراية التقاعد والأجر الذي يتقاضاه المتقاعد عند قيامه بعمل آخر.

وبين أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب أن  القانون عدد 12 لسنة 1985 صدر في ظل صراع سياسي لخلافة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إثر مرضه وقدّ الفصل 55 منه على المقاس لاستهداف الوزير الأول محمد مزالي  الذي بلغ سن التقاعد في 22 ديسمبر 1984 وهو آنذاك وزيرا أول يتقاضى منحة حكومية وخيّر بين الحصول على  تلك المنحة أو جراية التقاعد أما اليوم وفي ظل دستور 25 جويلية 2022 فلا يمكن قبول الاعتداء على حقوق الأفراد بهذه الطريقة.

وتضمن مقترح القانون المعروض على لجنة المالية والميزانية فصلا وحيدا يهدف إلى إلغاء الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي وتعويضهما بأحكام جديدة، ويذكر أن هذا الفصل في صيغته الأصلية ينص على أنه يمكن للعون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. أما العون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد فلا يمكنه اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. وفي جميع الحالات لا يمكن الجمع بين جراية التقاعد وكل مورد عمومي مهما كان نوعه وللعون الاختيار بين جراية التقاعد أو المرتب. وحسب ما ورد في مقترح القانون الذي سيتم الانطلاق في نقاشه بداية من الغد ينص الفصل 55 جديد على أنه يمكن للعون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط. أما العون المحال على التقاعد والذي يستأنف نشاطا عموميا بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد لا تخصم من منحته المتأتية من النشاط العمومي المستأنف أي معاليم بعنوان مساهمة في صناديق التقاعد باعتباره متقاعدا سلفا ويمكن له الجميع بين جراية التقاعد ومورد عمومي آخر متأت من تحمل وظيفته في أجهزة الدولة عبر انتخابات محلية أو جهوية أو إقليمية أو وطنية أو عبر تعيينات سياسية أو دبلوماسية. وينتظر عرض مقترح القانون المذكور على كل من لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد التي يرأسها النائب غير المنتمي إلى كتل حمدي بن صالح ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة التي يرأسها النائب عن كتلة صوت الجمهورية نبيه ثابت لإبداء الرأي فيها. 

وفي علاقة بمنح نواب الشعب يذكر أن مشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه أول أمس خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة يتعلق بتطبيق الأنظمة الخاصة المتعلّقة برئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه، ويهدف هذا المشروع إلى ضمان المساواة بين أعضاء الغرفتين النيابيتين اللذين عهد لهما الدستور ممارسة الوظيفة التشريعية وتكون هذه المساواة من خلال تطبيق الأنظمة الخاصة المعتمدة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه لضمان توحيد الإطار التشريعي المنظّم للوضعيات الإدارية والمالية وتقاعد أعضاء المجلسين، ويطبق هذا الإجراء بأثر رجعي انطلاقاً من 19 أفريل 2024 تاريخ الجلسة العامة الافتتاحية  للمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

ونص مشروع القانون في صيغته النهائية المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب مساء أول أمس على أربعة فصول نص الفصل الأول على تنسحب على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه أحكام الفصلين 72 و73 من القانون عدد 145 لسنة 1988 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 المتعلق بقانون المالية لسنة 1989 والخاصة بالمنح النيابية المخولة لرئيس وأعضاء مجلس نواب الشعب.

ونص الفصل الثاني على أن تنسحب على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أحكام القانون عدد 16 لسنة 1985 المؤرخ في 8 مارس1985 المتعلق بضبط نظام تقاعد أعضاء مجلس النواب. ونص الفصل الثالث على أن تنسحب على أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم مدة عضويتهم بالمجلس الأحكام المتعلقة بإحالة أعضاء مجلس النواب على عدم المباشرة الخاصة المنصوص عليها بالقانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وبالقانون عدد 78 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أوت 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية. وحسب الفصل الرابع والأخير من هذا المشروع المقدم من قبل رئيس الجمهورية يجري العمل بأحكام القانون المتعلق بتطبيق الأنظمة الخاصة المتعلقة برئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه على رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه ابتداء من19 أفريل 2024.

ويذكر أنه خلال النقاش العام لهذا المشروع لم يتحدث أغلب النواب عن مضامينه وإنما خيروا الحديث عن مسائل أخرى ليست لها أية علاقة بالمشروع المعروض على أنظارهم.

تنقيح قانون البنك المركزي

وفي انتظار الشروع في دراسة مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، ينتظر أن تعقد لجنة المالية والميزانية اليوم جلستي استماع إلى ممثلين عن النواب الذين تقدموا منذ بداية الدورة النيابية الأولى سنة 2023 بمبادرة تشريعية تتعلق بتنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي ثم الاستماع إلى النواب الذين تقدموا خلال الدورة النيابية الثانية سنة 2024 بمبادرة تشريعية أخرى لتنقيح نفس القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي.

وتهدف المبادرة الأولى التي تم تقديمها من قبل نواب كتلة الخط الوطني السيادي إلى السماح للبنك المركزي بتقديم تمويلات مباشرة لميزانية الدولة وفق شروط مضبوطة وذلك تماشيا مع التجارب المقارنة للبنوك المركزية في دول أخرى مثل المغرب ومصر. ومن بين ما جاء فيها أن البنك المركزي يتولى بناء على طلب من الحكومة وبمصادقة مجلس نواب الشعب تغطية العجز الموسمي في الميزانية العامة دون أن تتجاوز قيمة هذا التمويل خمسة بالمائة من الناتج المحلي أو عشرين بالمائة من معدل إيرادات الميزانية في السنوات الثلاث السابقة. وتكون مدة هذا التمويل ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة على أن يسدد بالكامل خلال 12 شهرا من تاريخ تقديمه، وتحدد الشروط الخاصة بهذا التمويل بالاتفاق بين البنك المركزي ووزارة المالية على أساس نسبة الفائدة الأساسية بالسوق المالية.

وتهدف المبادرة التشريعية الثانية التي تم تقديمها من قبل النائبة أمال المؤدب بمعية مجموعة من النواب إلى تمكين البنك المركزي من أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة، وتم في إطارها اقتراح إلغاء 11 فصلا من القانون عدد 35 لسنة 2016 وتعويضها بأحكام جديدة.

ويذكر أن الحكومة بدورها بصدد الاشتغال على مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي حيث تم يوم 25 مارس 2025 تخصيص مجلس وزاري مضيق للنظر في هذا المشروع وجاء في بلاغ صدر يومها عن رئاسة الحكومة أن هذا المجلس الذي أشرفت عليه رئيسة الحكومة سارّة الزعفراني تم بحضور مشكاة سلامة وزيرة الماليّة وفتحي زهير النّوري محافظ البنك المركزي التّونسي وأن رئيسة الحكومة أكدت على أهميّة الدّور المحوري الذي يضطلع به البنك المركزي التّونسي في  إرساء المعايير الكميّة والنوعيّة التي من شأنها أن تضمن التصرّف السّليم للمنظومة البنكيّة الوطنيّة عبر تعزيز السياسات والاستراتيجيّات الإنمائية الوطنيّة وتحفيز الاستثمار والرّفع من القدرة التمويليّة للمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة، ودعت إلى تكثيف الجهود بين كافة الهياكل الماليّة العموميّة والخاصّة لاستكمال طريق الإصلاح وتحقيق ثورة تشريعيّة تشمل كل القطاعات الحيويّة وتهدف أساسا إلى خلق ديناميكيّة اقتصاديّة مستدامة موجّهة لدعم الاستثمار وخلق الثروة على مستوى كلّ الجهات وأضافت أنّ خيار التعويل على الذات وتعزيز الموارد الذاتية للدّولة هو خيار وطنيّ يُحتّم رصّ الصّفوف وانخراط كلّ الفاعلين الاقتصاديّين في معركة التّحرير الوطني من أجل بناء اقتصاد متين قوامه نظام مالي متضامن ومُدمج قادر على الصّمود ومواجهة المتغيّرات الدوليّة مع إتباع سياسة التعويل على الذات وإيقاف المنحى التوسّعي للتداين. وإثر التّداول في المقترحات المتعلّقة بتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلّق بضبط النّظام الأساسي للبنك المركزي التّونسي، أوصى المجلس الوزاري المضيق باستحثاث نّسق تحيينه وفقا لمقاربة جديدة ومتكاملة.

وكان مجلس نواب الشعب وافق في إطار قانون المالية لسنة 2025 على فصل أثار الكثير من الجدل وهو الفصل 12 الذي نص على ما يلي: استثناء لأحكام الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي، يرخّص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ أقصاه 7000 مليون دينار. تمنح هذه التسهيلات دون فائدة موظفة وتسدد على 15 سنة منها 3 سنوات إمهال. وتبرم اتفاقية بين الوزير المكلف بالمالية ومحافظ البنك المركزي التونسي تضبط خاصة طرق سحب وتسديد التسهيلات الممنوحة، ولعل السؤال المطروح اليوم هل سيمضي المجلس النيابي فعلا في اتجاه مراجعة القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي أم أنه سيختار إدراج أحكام استثنائية في مشاريع قوانين المالية من شأنها أن تلبي حاجيات الحكومة لتمويل ميزانية الدولة أم سيصرف النظر عن هذه المسألة الحساسة.

ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد تطرق خلال اللقاء الذي جمعه يوم يوم الاثنين 7 أفريل 2025 بقصر قرطاج، بفتحي زهير النوري محافظ البنك المركزي التونسي إلى دور هذا البنك في فرض تشريعات الدولة التونسية على سائر المؤسسات المصرفية وذكر مجدّدا بالفرق بين الاستقلالية والاستقلال. وبين أن البنك المركزي التونسي مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية في المجال النقدي في ظل السياسة التي تضبطها تشريعات الدولة ومحمول عليه معاضدة المجهود الاقتصادي الوطني.

سعيدة بوهلال