◄ رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان لـ«الصباح»: رغم حجز أسلحة بيضاء ورصد بعض التجاوزات من بعض المهاجرين فإن التعامل الأمني بقي ملتزمًا بالمبادئ والقيم الإنسانية
◄ النائبة نجلاء اللحياني لـ«الصباح»: نثمن عملية الإخلاء باعتبارها خطوة هامة كانت محل انتظار أغلب التونسيين
انطلقت منذ الخميس الماضي عمليات إخلاء مخيمات المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء المتمركزة أساسا بمنطقتي العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس. وقد جرت العملية في كنف السلمية وسط مراعاة تامة للجانب الإنساني وفقا لما أكدته تصريحات رسمية بما يعكس وفقا لكثيرين، حرص تونس على احترام الكرامة البشرية دون تغافل عن السيادة الوطنية وفرض الأمن الداخلي.
في هذا الخصوص وتفاعلا مع عملية الإخلاء، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بمجلس نواب الشعب والعضو بالبرلمان العربي، أيمن البوغديري في تصريح لـ«الصباح» ان البرلمان يتابع عن كثب انطلاق عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين من ولاية صفاقس والتي أكّد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الجبابلي، أنها تجري في ظروف إنسانية وتحت رقابة صارمة من السلطات المختصة، وبمتابعة شخصية من رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وبين البوغديري انه تم إخلاء أحد أكبر المخيمات في صفاقس، الذي تجاوز عدد المقيمين فيه 4000 مهاجر، في كنف السلمية، ودون تدخل أمني مباشر، مع حضور عديد المنظمات من بينها الهلال الأحمر، وفرق وزارة الصحة وأعوان الحماية المدنية، الذين تولّوا تقديم الرعاية الطبية والدعم الإنساني خصوصًا لفائدة النساء الحوامل والأطفال، مشيرا الى أن هذا المشهد يعكس حرص الدولة التونسية على التوفيق بين فرض السيادة الوطنية واحترام الكرامة الإنسانية، مثمنا في الإطار نفسه جهود الوحدات الأمنية في التصدي لمحاولات الاستغلال الخبيث لهذه الأزمة من قبل أطراف أجنبية مشبوهة تسعى إلى زعزعة الاستقرار الداخلي.
وأضاف محدثنا انه على الرغم من حجز أسلحة بيضاء ورصد بعض التجاوزات فإن التعامل الأمني بقي ملتزمًا بالمبادئ والقيم الإنسانية وهو ما اعتبره محدثنا مكسبًا يعكس احترافية وتعقّل الأجهزة الأمنية التونسية.
وأشار البوغديري في نفس الاتجاه الى أنه وبصفته نائبا في مجلس نواب الشعب وممثلًا لتونس في البرلمان العربي، فإنه يشارك حاليًا في أشغال لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان المنعقدة بالقاهرة والتي تُناقش مشروع قانون استرشادي عربي لمكافحة الهجرة غير الشرعية. ويهدف هذا المشروع إلى بلورة مقاربة عربية موحّدة، تجرّم شبكات الاتجار بالبشر، وتُعزز التنسيق الأمني بين الدول، وتكفل حقوق المهاجرين وكرامتهم، بما يتوافق مع المعاهدات والمواثيق الدولية، إلى جانب دفع عجلة التنمية في المناطق التي تُعدّ مصدرًا للهجرة.
ويتضمن هذا المشروع عدّة أهداف محورية من بينها تجريم شبكات التهريب والاتجار بالبشر وتعزيز التنسيق بين الدول العربية لضبط الحدود ودعم التنمية في مناطق الطرد، للحد من دوافع الهجرة، فضلا عن ضمان حماية المهاجرين في إطار احترام القانون الدولي الإنساني وإرساء آلية متابعة وتنفيذ وطنية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل دولة عربية، موضحا في الاتجاه ذاته أن الجهود صلب اللجنة مركزة حاليا على استكمال هذا المشروع، تمهيدًا لعرضه لاحقًا على الجلسة العامة للبرلمان العربي، في خطوة جادة نحو بناء رؤية عربية موحّدة تحفظ الأمن القومي وتعزز احترام الكرامة الإنسانية..
ليخلص رئيس لجنة الشؤون الخارجية الى القول بأن ظاهرة الهجرة غير النظامية تفرض علينا اليوم تكاملاً في المقاربات، أمنيًا وتشريعيًا وإنسانيًا، بما يضمن إيجاد حلول واقعية تحافظ على سيادة تونس، وتحمي حدودها، وتراعي مسؤوليتنا التاريخية تجاه الإنسان، أيًا كان موطنه أو مصيره قائلا «سنحرص، كما عهدتمونا، على أن يكون صوت تونس حاضرًا بقوّة في كل النقاشات الإقليمية والدولية، دفاعًا عن المصلحة الوطنية وحقنا في الأمن والاستقرار».
وضع صعب
وبالعودة الى عملية إخلاء المخيمات في منطقة العامرة قالت عضو لجنة الشؤون الخارجية نجلاء اللحياني في تصريح لـ«الصباح» إنها تثمن عملية الإخلاء التي تعتبر خطوة هامة لاسيما وأنها كانت محل انتظار من قبل كثيرين مشيرة الى أنها كانت قد نبهت في مناسبات عدة بخطورة الوضع في علاقة بالمهاجرين غير النظاميين لاسيما تداعياته الصحية على المنطقة، مطالبين بإيجاد حلول جذرية لهذه الوضعية، مثمنة أيضا إتمام العملية وفقا للأطر القانونية المتعارف عليها خاصة وأن المهاجرين غير النظامين قد عاشوا بدورهم ضغوطات جراء الأوضاع الصعبة التي عاشوها في بلدانهم على غرار الفارين من السودان. وبالتالي فإن الحرص كان شديدا على أن يغادروا البلاد في كنف السلم، مشيرة الى أنهم تلقوا كل الرعاية الصحية اللازمة كما تم تأطيرهم والإحاطة بهم غير أن الوضعية أصبحت، وعلى حد تشخيصها، لا تطاق وبالتالي فإن الوضع أضحى صعبا جدا عليهم وعلى الدولة التونسية.
لا للتوطين
في هذا الخضم جدير بالذكر أن تونس ترفض أن تكون أرضا لتوطين الأفارقة، وهو ما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيد في مناسبات عديدة، حيث عبر عن رفضه القاطع أن تكون تونس أرض عبور أو توطين للمهاجرين غير النظاميين. وفي هذا الخصوص جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية كان قد تعرض مطولا لدى لقائه بوزير الخارجية محمد علي النفطي بتاريخ 25 مارس الماضي إلى علاقات تونس بعدد من المنظمات الدولية وخاصة منها تلك التي لها علاقة بالهجرة وفي مقدمتها المنظمة الدولية للهجرة، من أجل تأمين العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين المتواجدين بتونس إلى بلدانهم الأصلية. إذ لم يتمّ تأمين العودة الطوعية منذ بداية هذه السنة إلا لـ1544 مهاجرا وهو رقم كان يمكن أن يكون أرفع بكثير لو تمّ بذل مجهودات أكبر حتّى يتمّ وضع حدّ نهائي لهذا الظاهرة غير المقبولة لا على المستوى الإنساني ولا على المستوى القانوني.
وأكّد رئيس الجمهورية في هذا السياق على دعوة هذه المنظمات إلى مزيد العمل أكثر لدعم المجهودات التونسية في عملها الدائب والمستمرّ من أجل العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين مع تكثيف التعاون مع الدّول وكلّ المنظمات المعنية بهدف تفكيك الشبكات الإجرامية التي تُتاجر بهم وبأعضائهم.
منال الحرزي