يضمّ زوجات وأرامل وأطفال "مقاتلي داعش".. أي مصير لعشرات التونسيات والأطفال في مخيم "الهول" بسوريا بعد التوجه إلى إخلائه؟!
مقالات الصباح
نائبان عن لجنة العلاقات الخارجية لـ"الصباح": الموضوع لم يطرح الى الآن وتونس لن تطالب باسترجاعهم ولكن إذا تم ترحيلهم فإن مؤسسات الدولة ستتعامل مع الملف
عاد مخيم «الهول»، الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، الى واجهة الأحداث الدولية بعد إعلان دولة العراق عن تسلمها دفعة جديدة من عوائل تنظيم «داعش» الإرهابي حيث بلغ عدد من تمت إعادتهم من المخيم 681 شخصا.. مخيم «الهول» أو مدينة الخيام التي بُنيت بعد هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي لتؤّوي عوائل التنظيم من نساء وأطفال وحتى مقاتلين، والذين فاق عددهم في المخيم 40 ألف فرد وفق إشارة بعض التقارير الدولية، وأغلبهم من النساء والأطفال حسب تقارير أممية وتخضع إدارة هذا المخيم الى القوات الكردية في الشمال السوري، الذي بات منذ سقوط نظام الأسد محلّ اهتمام دولي بالنظر الى جنسيات من هم في المخيم وخاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب قطع المساعدات عن المخيم والتطورات الجديدة التي تعيشها سوريا وباتت تفرض اليوم حلاّ دوليا لتلك المخيمات خاصة بالنسبة للدول التي يحمل سكان المخيم جنسيتها ومن بينها تونس.
حيث أشارت تقارير أممية وحقوقية وتقارير خبراء أمميين اشتغلوا بالمخيم الى وجود عشرات الأطفال والنساء من جنسية تونسية وهم في الغالب من أرامل وأطفال مقاتلي تنظيم «داعش»، كانوا في الرقة وبعد هزيمة التنظيم والقبض عليهم تم إيداعهم في مخيمات مثل مخيّم «الروج» و«عين عيسى» و»الهول». وليست تونس وحدها معنية بذلك بل إن دولا كثيرة يهمها هذا الملف، وخاصة دول المنطقة المغاربية التي تحوّل بعضها بعد الثورات العربية الى مُصدّر لهذه العناصر المتطرّفة والتي يمكن أن تستعيد حريتها بإخلاء المخيمات، وبالنظر الى المتغيّرات السياسية الجديدة في سوريا والتي ستفرض عاجلا أو آجلا إيجاد حلّ للتونسيين والتونسيات والأطفال في هذه المخيمات .
ويتكوّن مخيم «الهول» في الأغلب من زوجات وأرامل مقاتلي تنظيم «داعش» بريف الحسكة وقد تم في وقت سابق تسليم ألبانيا وألمانيا وروسيا وفرنسا وأوزبكستان وكوسوفو ودول عربية أبرزها العراق عددا من النساء والأطفال في حين اكتفت بعض الدول الأوروبية باستعادة الأطفال في إطار مقاربة حقوقية، فيما تحاول دول أخرى تجاهل الأمر تماما. ووفق تقارير أممية فإن النساء الموجودات في المخيم ينحدرن من نحو 60 دولة من بينها تونس وهنّ يعشن مع أطفالهن داخل مخيّم «الهول».
تونسيات وأطفال في المخيّمات السورية
في فيفري 2022 نشر خبراء أمميون مختصون في حقوق الإنسان، كانوا في مهمة إنسانية داخل المخيّم، تقريرا أمميا طالبوا من خلاله الدولة التونسية بالتعجيل في استعادة ستّ نساء وفتيات تونسيات تتراوح أعمارهن بين 3 و22 عاما، وقال التقرير إنهن محتجزات في ظروف غير إنسانية في مخيم الهول والعمارنة في شمال شرق سوريا، كما أشار التقرير الى أنه تم اختطاف أربع فتيات تتراوح أعمارهن بين 6 و14 عاما من قبل والدتهن ونقلهن إلى سوريا في عام 2014 ليتمّ القبض عليهن في عام 2019 من قبل القوات الكردية وتم احتجازهن منذ ذلك الحين في مخيمي «الهول» و«العمارنة» وذكر التقرير أن هؤلاء الفتيات والنساء ضحايا والدتهنّ التي التحقت بتنظيم «داعش».
وفي وقت سابق أعلنت وزيرة المرأة السابقة أمال بالحاج موسى عن عودة 51 طفلا من مناطق النزاع، وقالت الوزيرة إنه تم إدماجهم في عائلاتهم الموسعة بمقتضى تدابير صادرة عن قضاة الأسرة وبالتنسيق مع مندوبي حماية الطفول وأنها تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتوفير الخدمات الصحية والنفسية اللازمتين لهؤلاء الأطفال، ورغم أن الوزارة لم توضّح الوجهات التي أتى منها هؤلاء الأطفال إلا أن بعض المصادر تشير الى تسلّم بعضهم من المخيمات السورية.
كما أكدت وزارة المرأة أن مصالحها سجلت مطالب عودة واردة بالأساس من الأجداد لأم أو أب الأطفال المقيمين بمختلف ولايات الجمهورية لقرابة 120 طفلا موجودين في بؤر التوتّر ومنها المخيمات السورية.
يعيش أطفال المخيمات السورية التي تضم عوائل تنظيم «داعش» الإرهابي من أطفال ونساء والذين تم القبض عليهم أو فروّا من الرقة، ظروفا غير إنسانية بالإضافة الى الوصم الذي يلاحقهم والأفكار المتطرفة التي مازالت تسيطر على هذه المخيمات ويمكن أن تحولهم الى متطرفين وتبرمجهم على أفكار دموية ويصعب إصلاح الأمر كلما تقدم بهم العمر..
وفي هذا السياق قال المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة في تصريح سابق لـ«الصباح» ان المرصد يملك قائمة تشمل 120 طفلا تونسيا عالقين بسوريا أغلبهم دون سن التمييز. واشار الى ان الدولة لم تتدخل حتى لارجاع الحالات الإنسانية منهم على خلفية رفضها التفاوض مع التنظيمات الانفصالية والميليشيات المسلحة على غرار سوريا الديمقراطية التي تشرف على المخيمات.
وأضاف أن تونس أعادت في وقت سابق ما لا يقل عن 10 مقاتلين كانوا سجناء لدى نفس التنظيم وأنهم مودعون اليوم بالسجون التونسية، وقد اختلف الوضع اليوم بعد الاتفاق الذي حصل بين الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وقائد الأكراد في الشمال السوري عبدي مظلوم، بما يعني أن تلك المخيمات التي كانت تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أصبحت اليوم من الملفات التي تتبع النظام السوري الجديد.
ملف يحرج الدول
رغم ما تطرحه المخيمات السورية التي تستقبل نساء وأطفال تنظيم «داعش» من مخاطر وما يعيشه الأطفال هناك من فظاعات هم في الأصل غير مسؤولين عنها، إلا أنه والى اليوم لم يتوصل المجتمع الدولي الى اتفاق واضح حول طريقة الإحاطة والتعامل مع متساكني هذه المخيمات من أطفال ونساء، خاصة في مخيمات سيئة السمعة والصيت مثل مخيم الهول الذي قالت عنه منظمة Save the Children- «أنقذوا الأطفال إنه يقيم الآن حوالي 7300 طفل في المخيم»، وحسب المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي خطأ ويحتاجون إلى الحماية. وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق كلّ الدول المعنية إلى استعادة رعاياها من مخيّم الهول الواقع في شرق سورية، وقال عنه غوتيريش أنه زار عندما كان مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيمات في كل أنحاء العالم وأن مخيّم الهول اليوم هو أسوأ مخيم بالعالم وبه أسوأ الظروف .
ويضمّ المخيّم الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة أكثر من 50 ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» بمن فيهم أجانب من نحو 60 دولة بالإضافة إلى نازحين سوريين ولاجئين عراقيين يبلغ عددهم نحو 25 ألفا.
وتعمل اليوم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية على إقناع الدول بالسماح بعودة مواطنيها من نساء وخاصة الأطفال وإنقاذهم من مخاطر شتى أولها الإرهاب والتطرف.
_ نواب يتفاعلون مع ملف التونسيين بالمخيمات السورية
ملف التونسيين المتواجدين في المخيمات السورية وخاصة من النساء والأطفال، من الملفات الحساسة والدقيقة ولا يمكن معالجتها إلا في إطار خطة وطنية ورؤية شاملة وتنسيق بين مختلف أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والدبلوماسية والاجتماعية والنفسية، وفي هذا الإطار اتصلت «الصباح» ببعض نواب لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بالبرلمان، لمعرفة موقفهم كنواب من هذا الملف والذي لا يستبعد طرحه على المدى القريب على الطاولة كإشكالية تقتضي إيجاد حل، خاصة مع التطوّرات الأخيرة التي يشهدها الوضع السوري.
وفي هذا السياق قال النائب عبد الرزاق عويدات عن لجنة العلاقات الخارجية «بالنسبة لي كنائب، فإن أي تونسي حامل للجنسية التونسية ومهما ارتكب من أخطاء وتجاوزات لا يمكن حرمانه أو تجريده من جنسيته وهذا ما ينصّ عليه الدستور، وبالتالي لا يمكن نزع الجنسية التونسية عن هؤلاء مهما كان موقفنا مما ارتكبوه من فظاعات بعيدة عن ثوابت وقناعات الشعب التونسي، ولكن في المقابل فإننا إن أردنا تفصيل هذا الملف الخطير فإن ذلك يتم على ثلاث مستويات أو ينقسم الى ثلاث حالات، والحالة الأولى هي حالة الأطفال من سلالة «الدواعش» أو الإرهابيين، حيث يبقى هؤلاء الأطفال أطفالا، لم يختاروا من ينتسبون إليه ومعاملتهم يجب أن تكون وفق برنامج للإصلاح وإعادة الإدماج، وهنا تأتي مهمة دُور الأيتام ومراكز إصلاح الأطفال الجانحين، حيث يمكن إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال بما ينسجم مع ثوابت المجتمع التونسي ومع الهوية العربية الإسلامية بعيدا عن الغلو والتطرّف».
ويضيف عويدات: «بالنسبة للحالة الثانية فهي تهم التونسيين الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية في سوريا كمقاتلين وتورطوا في جرائم بشعة ووحشية، هؤلاء يجب معاملتهم وفق ما يضبطه القانون التونسي ونحن لا نرى فرقا بينهم وبين إرهابيي الشعانبي، فكلاهما تورّط في جرائم حرب ولا بدّ من تسليط ما تستحقه أفعالهم من عقوبات في محاكمة عادلة، بالنسبة للنساء، فطبعا هناك فرق بين الانتماء الى تلك الجماعات وبين القتال في صفوفها والنساء في الغالب هنّ منتميات ولسن مقاتلات والانتماء هو جريمة يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب التونسي وبالتالي فإنهن بدورهن يجب أن ينلن العقوبة المناسبة لأفعالهنّ، حيث أن القانون التونسي فوق الجميع».
كما أشار عويدات الى أن هذا الملف وإن لم يُطرح بشكل رسمي في البرلمان إلا أن الرأي الأغلب أن تونس لن تطالب برجوع من التحق بالتنظيمات الإرهابية ولكن إذا تم ترحيلهم فإن مؤسسات الدولة ستتعامل مع الملف والقانون التونسي سينطبق عليهم في كل الحالات.
وفي ذات السياق أيضا أشار النائب طارق الربعي عن لجنة العلاقات الخارجية أن الملف لم يُطرح بعد للنقاش، قائلا: «لندعها حتى تقع.. حيث أن هذا الملف لم يطرح اليوم على طاولة النقاش البرلماني وكل مؤسسات الدولة منشغلة بملف الهجرة غير النظامية وملف الأفارقة.. ولكن في العموم فإن حدث وتم طرح الملف فإن كل أجهزة الدولة ستتعامل مع هذا الملف الخطير بيقظة وسيتم تطبيق القانون على كل من تورّط في جرائم إرهابية مع مراعاة وضعية الأطفال والعمل على إعادة إدماجهم».
منية العرفاوي
نائبان عن لجنة العلاقات الخارجية لـ"الصباح": الموضوع لم يطرح الى الآن وتونس لن تطالب باسترجاعهم ولكن إذا تم ترحيلهم فإن مؤسسات الدولة ستتعامل مع الملف
عاد مخيم «الهول»، الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، الى واجهة الأحداث الدولية بعد إعلان دولة العراق عن تسلمها دفعة جديدة من عوائل تنظيم «داعش» الإرهابي حيث بلغ عدد من تمت إعادتهم من المخيم 681 شخصا.. مخيم «الهول» أو مدينة الخيام التي بُنيت بعد هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي لتؤّوي عوائل التنظيم من نساء وأطفال وحتى مقاتلين، والذين فاق عددهم في المخيم 40 ألف فرد وفق إشارة بعض التقارير الدولية، وأغلبهم من النساء والأطفال حسب تقارير أممية وتخضع إدارة هذا المخيم الى القوات الكردية في الشمال السوري، الذي بات منذ سقوط نظام الأسد محلّ اهتمام دولي بالنظر الى جنسيات من هم في المخيم وخاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب قطع المساعدات عن المخيم والتطورات الجديدة التي تعيشها سوريا وباتت تفرض اليوم حلاّ دوليا لتلك المخيمات خاصة بالنسبة للدول التي يحمل سكان المخيم جنسيتها ومن بينها تونس.
حيث أشارت تقارير أممية وحقوقية وتقارير خبراء أمميين اشتغلوا بالمخيم الى وجود عشرات الأطفال والنساء من جنسية تونسية وهم في الغالب من أرامل وأطفال مقاتلي تنظيم «داعش»، كانوا في الرقة وبعد هزيمة التنظيم والقبض عليهم تم إيداعهم في مخيمات مثل مخيّم «الروج» و«عين عيسى» و»الهول». وليست تونس وحدها معنية بذلك بل إن دولا كثيرة يهمها هذا الملف، وخاصة دول المنطقة المغاربية التي تحوّل بعضها بعد الثورات العربية الى مُصدّر لهذه العناصر المتطرّفة والتي يمكن أن تستعيد حريتها بإخلاء المخيمات، وبالنظر الى المتغيّرات السياسية الجديدة في سوريا والتي ستفرض عاجلا أو آجلا إيجاد حلّ للتونسيين والتونسيات والأطفال في هذه المخيمات .
ويتكوّن مخيم «الهول» في الأغلب من زوجات وأرامل مقاتلي تنظيم «داعش» بريف الحسكة وقد تم في وقت سابق تسليم ألبانيا وألمانيا وروسيا وفرنسا وأوزبكستان وكوسوفو ودول عربية أبرزها العراق عددا من النساء والأطفال في حين اكتفت بعض الدول الأوروبية باستعادة الأطفال في إطار مقاربة حقوقية، فيما تحاول دول أخرى تجاهل الأمر تماما. ووفق تقارير أممية فإن النساء الموجودات في المخيم ينحدرن من نحو 60 دولة من بينها تونس وهنّ يعشن مع أطفالهن داخل مخيّم «الهول».
تونسيات وأطفال في المخيّمات السورية
في فيفري 2022 نشر خبراء أمميون مختصون في حقوق الإنسان، كانوا في مهمة إنسانية داخل المخيّم، تقريرا أمميا طالبوا من خلاله الدولة التونسية بالتعجيل في استعادة ستّ نساء وفتيات تونسيات تتراوح أعمارهن بين 3 و22 عاما، وقال التقرير إنهن محتجزات في ظروف غير إنسانية في مخيم الهول والعمارنة في شمال شرق سوريا، كما أشار التقرير الى أنه تم اختطاف أربع فتيات تتراوح أعمارهن بين 6 و14 عاما من قبل والدتهن ونقلهن إلى سوريا في عام 2014 ليتمّ القبض عليهن في عام 2019 من قبل القوات الكردية وتم احتجازهن منذ ذلك الحين في مخيمي «الهول» و«العمارنة» وذكر التقرير أن هؤلاء الفتيات والنساء ضحايا والدتهنّ التي التحقت بتنظيم «داعش».
وفي وقت سابق أعلنت وزيرة المرأة السابقة أمال بالحاج موسى عن عودة 51 طفلا من مناطق النزاع، وقالت الوزيرة إنه تم إدماجهم في عائلاتهم الموسعة بمقتضى تدابير صادرة عن قضاة الأسرة وبالتنسيق مع مندوبي حماية الطفول وأنها تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتوفير الخدمات الصحية والنفسية اللازمتين لهؤلاء الأطفال، ورغم أن الوزارة لم توضّح الوجهات التي أتى منها هؤلاء الأطفال إلا أن بعض المصادر تشير الى تسلّم بعضهم من المخيمات السورية.
كما أكدت وزارة المرأة أن مصالحها سجلت مطالب عودة واردة بالأساس من الأجداد لأم أو أب الأطفال المقيمين بمختلف ولايات الجمهورية لقرابة 120 طفلا موجودين في بؤر التوتّر ومنها المخيمات السورية.
يعيش أطفال المخيمات السورية التي تضم عوائل تنظيم «داعش» الإرهابي من أطفال ونساء والذين تم القبض عليهم أو فروّا من الرقة، ظروفا غير إنسانية بالإضافة الى الوصم الذي يلاحقهم والأفكار المتطرفة التي مازالت تسيطر على هذه المخيمات ويمكن أن تحولهم الى متطرفين وتبرمجهم على أفكار دموية ويصعب إصلاح الأمر كلما تقدم بهم العمر..
وفي هذا السياق قال المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة في تصريح سابق لـ«الصباح» ان المرصد يملك قائمة تشمل 120 طفلا تونسيا عالقين بسوريا أغلبهم دون سن التمييز. واشار الى ان الدولة لم تتدخل حتى لارجاع الحالات الإنسانية منهم على خلفية رفضها التفاوض مع التنظيمات الانفصالية والميليشيات المسلحة على غرار سوريا الديمقراطية التي تشرف على المخيمات.
وأضاف أن تونس أعادت في وقت سابق ما لا يقل عن 10 مقاتلين كانوا سجناء لدى نفس التنظيم وأنهم مودعون اليوم بالسجون التونسية، وقد اختلف الوضع اليوم بعد الاتفاق الذي حصل بين الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وقائد الأكراد في الشمال السوري عبدي مظلوم، بما يعني أن تلك المخيمات التي كانت تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أصبحت اليوم من الملفات التي تتبع النظام السوري الجديد.
ملف يحرج الدول
رغم ما تطرحه المخيمات السورية التي تستقبل نساء وأطفال تنظيم «داعش» من مخاطر وما يعيشه الأطفال هناك من فظاعات هم في الأصل غير مسؤولين عنها، إلا أنه والى اليوم لم يتوصل المجتمع الدولي الى اتفاق واضح حول طريقة الإحاطة والتعامل مع متساكني هذه المخيمات من أطفال ونساء، خاصة في مخيمات سيئة السمعة والصيت مثل مخيم الهول الذي قالت عنه منظمة Save the Children- «أنقذوا الأطفال إنه يقيم الآن حوالي 7300 طفل في المخيم»، وحسب المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي خطأ ويحتاجون إلى الحماية. وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق كلّ الدول المعنية إلى استعادة رعاياها من مخيّم الهول الواقع في شرق سورية، وقال عنه غوتيريش أنه زار عندما كان مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيمات في كل أنحاء العالم وأن مخيّم الهول اليوم هو أسوأ مخيم بالعالم وبه أسوأ الظروف .
ويضمّ المخيّم الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة أكثر من 50 ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» بمن فيهم أجانب من نحو 60 دولة بالإضافة إلى نازحين سوريين ولاجئين عراقيين يبلغ عددهم نحو 25 ألفا.
وتعمل اليوم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية على إقناع الدول بالسماح بعودة مواطنيها من نساء وخاصة الأطفال وإنقاذهم من مخاطر شتى أولها الإرهاب والتطرف.
_ نواب يتفاعلون مع ملف التونسيين بالمخيمات السورية
ملف التونسيين المتواجدين في المخيمات السورية وخاصة من النساء والأطفال، من الملفات الحساسة والدقيقة ولا يمكن معالجتها إلا في إطار خطة وطنية ورؤية شاملة وتنسيق بين مختلف أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والدبلوماسية والاجتماعية والنفسية، وفي هذا الإطار اتصلت «الصباح» ببعض نواب لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بالبرلمان، لمعرفة موقفهم كنواب من هذا الملف والذي لا يستبعد طرحه على المدى القريب على الطاولة كإشكالية تقتضي إيجاد حل، خاصة مع التطوّرات الأخيرة التي يشهدها الوضع السوري.
وفي هذا السياق قال النائب عبد الرزاق عويدات عن لجنة العلاقات الخارجية «بالنسبة لي كنائب، فإن أي تونسي حامل للجنسية التونسية ومهما ارتكب من أخطاء وتجاوزات لا يمكن حرمانه أو تجريده من جنسيته وهذا ما ينصّ عليه الدستور، وبالتالي لا يمكن نزع الجنسية التونسية عن هؤلاء مهما كان موقفنا مما ارتكبوه من فظاعات بعيدة عن ثوابت وقناعات الشعب التونسي، ولكن في المقابل فإننا إن أردنا تفصيل هذا الملف الخطير فإن ذلك يتم على ثلاث مستويات أو ينقسم الى ثلاث حالات، والحالة الأولى هي حالة الأطفال من سلالة «الدواعش» أو الإرهابيين، حيث يبقى هؤلاء الأطفال أطفالا، لم يختاروا من ينتسبون إليه ومعاملتهم يجب أن تكون وفق برنامج للإصلاح وإعادة الإدماج، وهنا تأتي مهمة دُور الأيتام ومراكز إصلاح الأطفال الجانحين، حيث يمكن إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال بما ينسجم مع ثوابت المجتمع التونسي ومع الهوية العربية الإسلامية بعيدا عن الغلو والتطرّف».
ويضيف عويدات: «بالنسبة للحالة الثانية فهي تهم التونسيين الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية في سوريا كمقاتلين وتورطوا في جرائم بشعة ووحشية، هؤلاء يجب معاملتهم وفق ما يضبطه القانون التونسي ونحن لا نرى فرقا بينهم وبين إرهابيي الشعانبي، فكلاهما تورّط في جرائم حرب ولا بدّ من تسليط ما تستحقه أفعالهم من عقوبات في محاكمة عادلة، بالنسبة للنساء، فطبعا هناك فرق بين الانتماء الى تلك الجماعات وبين القتال في صفوفها والنساء في الغالب هنّ منتميات ولسن مقاتلات والانتماء هو جريمة يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب التونسي وبالتالي فإنهن بدورهن يجب أن ينلن العقوبة المناسبة لأفعالهنّ، حيث أن القانون التونسي فوق الجميع».
كما أشار عويدات الى أن هذا الملف وإن لم يُطرح بشكل رسمي في البرلمان إلا أن الرأي الأغلب أن تونس لن تطالب برجوع من التحق بالتنظيمات الإرهابية ولكن إذا تم ترحيلهم فإن مؤسسات الدولة ستتعامل مع الملف والقانون التونسي سينطبق عليهم في كل الحالات.
وفي ذات السياق أيضا أشار النائب طارق الربعي عن لجنة العلاقات الخارجية أن الملف لم يُطرح بعد للنقاش، قائلا: «لندعها حتى تقع.. حيث أن هذا الملف لم يطرح اليوم على طاولة النقاش البرلماني وكل مؤسسات الدولة منشغلة بملف الهجرة غير النظامية وملف الأفارقة.. ولكن في العموم فإن حدث وتم طرح الملف فإن كل أجهزة الدولة ستتعامل مع هذا الملف الخطير بيقظة وسيتم تطبيق القانون على كل من تورّط في جرائم إرهابية مع مراعاة وضعية الأطفال والعمل على إعادة إدماجهم».
منية العرفاوي