تجاوزت لأول مرة 24 مليار دينار.. ارتفاع قياسي في حجم السيولة النقدية خلال عيد الفطر
مقالات الصباح
-ضرورة تعزيز تقنيات الدفع الرقمي وتشديد الرقابة على الاقتصاد غير الرسمي
حققت الكتلة النقدية المتداولة (BMC) في تونس قفزة تاريخية، حيث تجاوزت أمس ولأول مرة حاجز الـ 24 مليار دينار، وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي التونسي(BCT). هذا الرقم القياسي يعكس زيادة قدرها 2.7 مليار دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ويثير العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع وتأثيره على الاقتصاد الوطني.
ووصلت الكتلة النقدية المتداولة إلى 24.005 مليون دينار، وهو أعلى مستوى تسجله تونس على الإطلاق، ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع فترة عيد الفطر، التي تشهد تقليديًا زيادة كبيرة في حركة الأموال بسبب تزايد الاستهلاك والطلب على السلع والخدمات.
ويعتبر هذا الرقم مؤشرًا على التحول الكبير في أنماط المعاملات الاقتصادية في تونس، حيث يعكس الاعتماد المتزايد على النقد كوسيلة دفع أساسية. وفي ظل هذا الواقع الجديد، تبرز تحديات تتعلق بتطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني وتعزيز الثقة في وسائل الدفع غير النقدية.
ووفق ما كشفه عدد من خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، أمس، فإن هذا التطور في الاعتماد على النقد يعود إلى عدة عوامل رئيسية، منها رفض التجار قبول الشيكات، ويشير الخبراء إلى أن العديد من التجار أصبحوا أكثر تحفظًا في قبول الشيكات كوسيلة دفع، خوفًا من عمليات الاحتيال أو تعقيدات التحقق منها. هذا التوجه أدى إلى تزايد الطلب على النقد الورقي لتلبية احتياجات الدفع اليومية.
كما لا تزال البنية التحتية للدفع الإلكتروني في تونس غير كافية لتلبية احتياجات السوق، ورغم الجهود المبذولة لتوسيع استخدام أجهزة الدفع الإلكتروني، إلا أن أعدادها ما زالت محدودة في العديد من النقاط التجارية، خاصة في المناطق الداخلية.
وترتبط بعض العادات الاجتماعية والاقتصادية بتفضيل التعامل النقدي، خاصة خلال المناسبات مثل عيد الفطر، حيث يفضل العديد من الأفراد والتجار التعامل بالنقد لتجنب التعقيدات المرتبطة بوسائل الدفع الأخرى.
وخلال فترة عيد الفطر، تتزايد الاحتياجات المالية للمواطنين لتغطية نفقات العيد، بما في ذلك شراء الملابس والهدايا وإعداد المأكولات التقليدية. وحسب الخبراء فإن هذه الزيادة في الاستهلاك تؤدي إلى ارتفاع الطلب على السيولة النقدية بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني ومنصة «تونيشيك»، إلا أن العديد من التجار لا يزالون يرفضون التعامل بالشيكات أو بالوسائل الإلكترونية. يرى بعض التجار أن قبول الشيكات قد يؤدي إلى ازدحام في نقاط البيع، خاصة مع الحاجة إلى التحقق من مصداقيتها، مما يدفعهم إلى تفضيل التعامل بالنقد.
ارتفاع السيولة النقدية في البلاد
ويعكس ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة، تحديات اقتصادية واجتماعية متعددة، أهمها زيادة السيولة النقدية في السوق، مما قد يساهم في ارتفاع مستويات التضخم. فكلما زادت الأموال المتداولة بين الأفراد، زادت احتمالية ارتفاع أسعار السلع والخدمات. كما يبرز هذا الارتفاع الحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني وتعزيز الثقة في الوسائل الرقمية.
ورغم المبادرات الحكومية لتوسيع استخدام الأجهزة الإلكترونية ومنصة «تونيشيك»، إلا أن التقدم في هذا المجال لا يزال بطيئًا. كما يشكل الاقتصاد غير الرسمي جزءًا كبيرًا من المعاملات المالية في تونس، حيث يعتمد هذا القطاع بشكل كبير على النقد، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الرسمي، ويمكن أن يتسبب في تراجع السيولة النقدية في الاقتصاد الرسمي.
وحسب إفادة خبراء الاقتصاد، فإنه للحد من الاعتماد المكثف على النقد، يجب اتخاذ إجراءات متعددة تشمل تعزيز البنية التحتية للدفع الإلكتروني، حيث ينبغي على السلطات العمل على زيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني، وتوسيع نطاق استخدامها في جميع المناطق، بما في ذلك المناطق الريفية والنائية. كما تحتاج الحكومة إلى إطلاق حملات توعية تستهدف الجمهور والتجار على حد سواء، لشرح فوائد استخدام الوسائل الرقمية مثل البطاقات البنكية ومنصة «تونيشيك»، فضلا عن تقديم حوافز للتجار الذين يقبلون الشيكات أو يستخدمون وسائل الدفع الإلكتروني، مثل تخفيض الضرائب أو تقديم دعم مالي لتغطية تكاليف الأجهزة الإلكترونية.
تعزيز الرقابة والدفع الرقمي
كما يحتاج الاقتصاد التونسي إلى مزيد من الرقابة والتنظيم لتقليل حجم المعاملات غير الرسمية، مما سيساهم في تقليل الاعتماد على النقد. ويلعب البنك المركزي التونسي دورًا محوريًا في مواجهة التحديات الناتجة عن ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة.
ومن بين الإجراءات التي يمكن أن يتخذها البنك، تعزيز السياسات النقدية، حيث يمكن للبنك المركزي تبني سياسات تهدف إلى تقليل السيولة النقدية في السوق، مثل رفع أسعار الفائدة على القروض، وتشجيع التحول الرقمي، والاستمرار في دعم المبادرات الرقمية، مثل الدفع عبر الهواتف الذكية، ومنصات الدفع الإلكتروني، وتطوير القوانين المالية، وتشجيع استخدام وسائل الدفع غير النقدية، وفرض عقوبات على المخالفين.
ويطرح ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة إلى مستويات تاريخية، تحديات جديدة لاقتصاد التونسي في الفترة القادمة، فمن جهة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي على المدى القصير بسبب ارتفاع الاستهلاك، ومن جهة أخرى، قد تكون له آثار سلبية على المدى الطويل، مثل زيادة التضخم واستنزاف الاقتصاد غير الرسمي لهذه الموارد المالية الضخمة. وبالإضافة إلى ذلك، يعكس الاعتماد المكثف على النقد التحديات التي تواجهها تونس في تحقيق التحول الرقمي والاقتصادي، ويبرز الحاجة إلى استراتيجيات شاملة لتحويل هذا التحدي إلى فرصة لتحسين البنية التحتية المالية وتعزيز الشفافية.
ويعد تجاوز الكتلة النقدية المتداولة في تونس حاجز 24 مليار دينار سابقة تاريخية تحمل في طياتها العديد من التحديات والفرص. وبينما يعكس هذا الرقم الاعتماد المتزايد على النقد كوسيلة دفع، فإنه يبرز أيضًا الحاجة إلى إصلاحات جوهرية في النظام المالي والاقتصادي. ويبقى الأمل معقودًا على تطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني، وتعزيز الثقة في الوسائل الرقمية، بما يضمن تقليل الاعتماد على النقد، وتحقيق اقتصاد أكثر شفافية واستدامة، يعتمد بشكل خاص على تقنيات الدفع الرقمي بمختلف أصنافها.
سفيان المهداوي
-ضرورة تعزيز تقنيات الدفع الرقمي وتشديد الرقابة على الاقتصاد غير الرسمي
حققت الكتلة النقدية المتداولة (BMC) في تونس قفزة تاريخية، حيث تجاوزت أمس ولأول مرة حاجز الـ 24 مليار دينار، وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي التونسي(BCT). هذا الرقم القياسي يعكس زيادة قدرها 2.7 مليار دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ويثير العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع وتأثيره على الاقتصاد الوطني.
ووصلت الكتلة النقدية المتداولة إلى 24.005 مليون دينار، وهو أعلى مستوى تسجله تونس على الإطلاق، ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع فترة عيد الفطر، التي تشهد تقليديًا زيادة كبيرة في حركة الأموال بسبب تزايد الاستهلاك والطلب على السلع والخدمات.
ويعتبر هذا الرقم مؤشرًا على التحول الكبير في أنماط المعاملات الاقتصادية في تونس، حيث يعكس الاعتماد المتزايد على النقد كوسيلة دفع أساسية. وفي ظل هذا الواقع الجديد، تبرز تحديات تتعلق بتطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني وتعزيز الثقة في وسائل الدفع غير النقدية.
ووفق ما كشفه عدد من خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، أمس، فإن هذا التطور في الاعتماد على النقد يعود إلى عدة عوامل رئيسية، منها رفض التجار قبول الشيكات، ويشير الخبراء إلى أن العديد من التجار أصبحوا أكثر تحفظًا في قبول الشيكات كوسيلة دفع، خوفًا من عمليات الاحتيال أو تعقيدات التحقق منها. هذا التوجه أدى إلى تزايد الطلب على النقد الورقي لتلبية احتياجات الدفع اليومية.
كما لا تزال البنية التحتية للدفع الإلكتروني في تونس غير كافية لتلبية احتياجات السوق، ورغم الجهود المبذولة لتوسيع استخدام أجهزة الدفع الإلكتروني، إلا أن أعدادها ما زالت محدودة في العديد من النقاط التجارية، خاصة في المناطق الداخلية.
وترتبط بعض العادات الاجتماعية والاقتصادية بتفضيل التعامل النقدي، خاصة خلال المناسبات مثل عيد الفطر، حيث يفضل العديد من الأفراد والتجار التعامل بالنقد لتجنب التعقيدات المرتبطة بوسائل الدفع الأخرى.
وخلال فترة عيد الفطر، تتزايد الاحتياجات المالية للمواطنين لتغطية نفقات العيد، بما في ذلك شراء الملابس والهدايا وإعداد المأكولات التقليدية. وحسب الخبراء فإن هذه الزيادة في الاستهلاك تؤدي إلى ارتفاع الطلب على السيولة النقدية بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني ومنصة «تونيشيك»، إلا أن العديد من التجار لا يزالون يرفضون التعامل بالشيكات أو بالوسائل الإلكترونية. يرى بعض التجار أن قبول الشيكات قد يؤدي إلى ازدحام في نقاط البيع، خاصة مع الحاجة إلى التحقق من مصداقيتها، مما يدفعهم إلى تفضيل التعامل بالنقد.
ارتفاع السيولة النقدية في البلاد
ويعكس ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة، تحديات اقتصادية واجتماعية متعددة، أهمها زيادة السيولة النقدية في السوق، مما قد يساهم في ارتفاع مستويات التضخم. فكلما زادت الأموال المتداولة بين الأفراد، زادت احتمالية ارتفاع أسعار السلع والخدمات. كما يبرز هذا الارتفاع الحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني وتعزيز الثقة في الوسائل الرقمية.
ورغم المبادرات الحكومية لتوسيع استخدام الأجهزة الإلكترونية ومنصة «تونيشيك»، إلا أن التقدم في هذا المجال لا يزال بطيئًا. كما يشكل الاقتصاد غير الرسمي جزءًا كبيرًا من المعاملات المالية في تونس، حيث يعتمد هذا القطاع بشكل كبير على النقد، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الرسمي، ويمكن أن يتسبب في تراجع السيولة النقدية في الاقتصاد الرسمي.
وحسب إفادة خبراء الاقتصاد، فإنه للحد من الاعتماد المكثف على النقد، يجب اتخاذ إجراءات متعددة تشمل تعزيز البنية التحتية للدفع الإلكتروني، حيث ينبغي على السلطات العمل على زيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني، وتوسيع نطاق استخدامها في جميع المناطق، بما في ذلك المناطق الريفية والنائية. كما تحتاج الحكومة إلى إطلاق حملات توعية تستهدف الجمهور والتجار على حد سواء، لشرح فوائد استخدام الوسائل الرقمية مثل البطاقات البنكية ومنصة «تونيشيك»، فضلا عن تقديم حوافز للتجار الذين يقبلون الشيكات أو يستخدمون وسائل الدفع الإلكتروني، مثل تخفيض الضرائب أو تقديم دعم مالي لتغطية تكاليف الأجهزة الإلكترونية.
تعزيز الرقابة والدفع الرقمي
كما يحتاج الاقتصاد التونسي إلى مزيد من الرقابة والتنظيم لتقليل حجم المعاملات غير الرسمية، مما سيساهم في تقليل الاعتماد على النقد. ويلعب البنك المركزي التونسي دورًا محوريًا في مواجهة التحديات الناتجة عن ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة.
ومن بين الإجراءات التي يمكن أن يتخذها البنك، تعزيز السياسات النقدية، حيث يمكن للبنك المركزي تبني سياسات تهدف إلى تقليل السيولة النقدية في السوق، مثل رفع أسعار الفائدة على القروض، وتشجيع التحول الرقمي، والاستمرار في دعم المبادرات الرقمية، مثل الدفع عبر الهواتف الذكية، ومنصات الدفع الإلكتروني، وتطوير القوانين المالية، وتشجيع استخدام وسائل الدفع غير النقدية، وفرض عقوبات على المخالفين.
ويطرح ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة إلى مستويات تاريخية، تحديات جديدة لاقتصاد التونسي في الفترة القادمة، فمن جهة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي على المدى القصير بسبب ارتفاع الاستهلاك، ومن جهة أخرى، قد تكون له آثار سلبية على المدى الطويل، مثل زيادة التضخم واستنزاف الاقتصاد غير الرسمي لهذه الموارد المالية الضخمة. وبالإضافة إلى ذلك، يعكس الاعتماد المكثف على النقد التحديات التي تواجهها تونس في تحقيق التحول الرقمي والاقتصادي، ويبرز الحاجة إلى استراتيجيات شاملة لتحويل هذا التحدي إلى فرصة لتحسين البنية التحتية المالية وتعزيز الشفافية.
ويعد تجاوز الكتلة النقدية المتداولة في تونس حاجز 24 مليار دينار سابقة تاريخية تحمل في طياتها العديد من التحديات والفرص. وبينما يعكس هذا الرقم الاعتماد المتزايد على النقد كوسيلة دفع، فإنه يبرز أيضًا الحاجة إلى إصلاحات جوهرية في النظام المالي والاقتصادي. ويبقى الأمل معقودًا على تطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني، وتعزيز الثقة في الوسائل الرقمية، بما يضمن تقليل الاعتماد على النقد، وتحقيق اقتصاد أكثر شفافية واستدامة، يعتمد بشكل خاص على تقنيات الدفع الرقمي بمختلف أصنافها.
سفيان المهداوي