إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد بلوغ صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي 42 مليار دينار في 2024.. تونس تتجه نحو أسواق أوروبا الشرقية في 2025

 

بلغت القيمة الإجمالية للصادرات التونسية إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024 أكثر من 42 مليار دينار تونسي، وهو ما يمثل حوالي 69 % من إجمالي الصادرات الوطنية. كما سجّلت تونس فائضًا تجاريًا ملحوظًا مع الاتحاد الأوروبي قدره 7.7 مليار دينار، مما يعكس قوة التبادل التجاري مع هذا الشريك الاقتصادي الاستراتيجي. ويأتي هذا الفائض بالأساس من المبادلات مع فرنسا بفائض قدره 5.1 مليار دينار، وألمانيا بفائض قدره 2.1 مليار دينار، وإيطاليا بفائض قدره 1.9 مليار دينار.

ويمثل الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024 الشريك التجاري الأبرز لتونس، حيث يستحوذ على النصيب الأكبر من المبادلات التجارية للبلاد، سواء من حيث الصادرات أو الواردات. وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجارة التونسية أن الاتحاد الأوروبي استأثر بحوالي 69  % من إجمالي الصادرات التونسية و43  % من الواردات خلال سنة 2024.

القطاعات المساهمة في الصادرات

وكان أداء القطاعات التونسية المصدّرة متفاوتًا خلال سنة 2024، فمن جهة، حققت بعض القطاعات نموًا ملحوظًا، ومن جهة أخرى عانى البعض الآخر من تراجع. ومن بين القطاعات ذات الأداء الإيجابي: المنتجات الفلاحية والغذائية، حيث سجلت نموًا بنسبة +14.6  %، مدفوعة بارتفاع صادرات زيت الزيتون والتمور، وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية الذي ارتفع بنسبة +1.2  % بفضل الطلب المتزايد من الأسواق الأوروبية على المكونات الصناعية التونسية، وقطاع الطاقة الذي شهد نموًا طفيفًا بنسبة +0.5  %.

وعانى قطاع الفسفاط ومشتقاته من تراجع كبير بنسبة -26.3  % نتيجة مشاكل لوجستية وإنتاجية، في حين سجل قطاع النسيج والملابس والجلد انخفاضًا بنسبة -4.8  % بسبب المنافسة الشديدة من الأسواق العالمية.

ورغم الأداء الإيجابي للصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي، إلا أن الوضع العام للميزان التجاري التونسي سجل عجزًا مقلقًا، رغم ارتفاع قيمة الصادرات الإجمالية لتونس خلال سنة 2024، حيث بلغت حوالي 62.07 مليار دينار. في المقابل، ارتفعت الواردات بنسبة +2.3  % لتصل إلى 81 مليار دينار، مما أدى إلى ارتفاع العجز التجاري الوطني بنسبة 10.9  % ليبلغ 18.9 مليار دينار مقارنة بـ17 مليار دينار في سنة 2023، مع تراجع مؤشر تغطية الصادرات للواردات من 78.4  % في سنة 2023 إلى 76.6  % في سنة 2024.

آفاق الصادرات التونسية في 2025

تشير البيانات الأولية لسنة 2025 إلى تراجع صادرات تونس نحو الاتحاد الأوروبي بنسبة -6.9  % خلال الشهرين الأولين من السنة الحالية، وقد شمل هذا التراجع أبرز الشركاء التجاريين لتونس، مثل فرنسا التي تم تسجيل انخفاض معها في الصادرات بنسبة -7.9 %، وإيطاليا بنسبة -3  %، وإسبانيا بانكماش حاد بنسبة -43.9  %. في المقابل، سجلت الصادرات نموًا مع بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا بنمو ملحوظ بنسبة +10.7  %، وهولندا بزيادة كبيرة بنسبة +34  %. 

ورغم الآفاق الإيجابية لبعض القطاعات، فإن الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي قد تواجه عدة تحديات في سنة 2025، أبرزها التباطؤ الاقتصادي العالمي، والتحديات الاقتصادية التي تعيشها أوروبا مؤخرًا مثل التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، والتي قد تؤثر سلبًا على الطلب على الواردات. كما تواجه تونس منافسة متزايدة من دول أخرى مثل المغرب وتركيا في القطاعات الرئيسية كالنسيج والصناعات الميكانيكية، واستمرار مشاكل قطاع الفسفاط وتراجع تنافسية قطاع النسيج، والذي من شأنه أن يؤثر على أداء الصادرات خلال سنة 2025. كما من المرجح أن تؤثر الظروف المناخية على صادرات المنتجات الفلاحية والغذائية، خاصة زيت الزيتون.

ورغم التحديات، يمكن لتونس استغلال بعض الفرص لتعزيز صادراتها في 2025 والعمل على التوسع نحو الأسواق الأوروبية الشرقية، وزيادة التركيز على دول أوروبا الشرقية مثل بولندا والتشيك، التي تمثل أسواقًا واعدة بفضل انخفاض مستوى المنافسة فيها مقارنة بالأسواق التقليدية. علما أن صادرات تونس نحو التشيك ارتفعت بنسبة 33  % خلال سنة 2024 مقارنة بسنة 2023، لتبلغ حوالي 400 مليون دينار، مقابل انخفاض في الواردات بنسبة 5  % لتصل إلى حوالي 500 مليون دينار، وفق ما كشفه مؤخرًا مركز النهوض بالصادرات. وبلغت المبادلات التجارية البينيّة 892.5 مليون دينار في 2024، وتمثل التشيك الحريف الـ20 والمزوّد الـ25 لتونس خلال سنة 2024. ومع الطلب المتزايد من ألمانيا وهولندا، يمكن رفع الصادرات التونسية إلى مستويات قياسية، خصوصًا مع تزايد الاهتمام الأوروبي بالمنتجات المستدامة والصديقة للبيئة.

في السنوات الأخيرة، حاولت تونس تنويع شراكاتها التجارية من خلال تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، خاصة في مجالات مثل الفسفاط والمنتجات الزراعية. ومع ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية للصادرات التونسية. ورغم التركيز الكبير على السوق الأوروبية، فإن تعزيز الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي لا يعني بالضرورة تراجع المبادلات التجارية مع الصين وروسيا، كما أن التركيز على الاتحاد الأوروبي لن يقلل من الموارد المخصصة لتطوير العلاقات مع الصين وروسيا. إلا أنه أمام الصراعات الجيوسياسية، فإنه من غير المستبعد أن تؤثر التوترات بين أوروبا وروسيا على الموقف التونسي، مما يخلق تعقيدات في العلاقات التجارية خلال السنوات القادمة.

إجمالًا، يمكن القول إن تونس، رغم الصعوبات الاقتصادية العالمية، نجحت في تحقيق أداء إيجابي في صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024، حيث بلغت قيمتها أكثر من 42 مليار دينار مع فائض تجاري هام. ومع ذلك، فإن التحديات التي برزت في بداية 2025، مثل تراجع الصادرات إلى بعض الدول الأوروبية، تتطلب من تونس تنويع أسواقها وتعزيز قطاعاتها التصديرية. أما فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين وروسيا، فإن تحقيق توازن بين الأسواق المختلفة يظل الحل الأمثل لضمان نمو مستدام للصادرات التونسية في المستقبل.

سفيان المهداوي

بعد بلوغ صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي 42 مليار دينار في 2024..   تونس تتجه نحو أسواق أوروبا الشرقية في 2025

 

بلغت القيمة الإجمالية للصادرات التونسية إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024 أكثر من 42 مليار دينار تونسي، وهو ما يمثل حوالي 69 % من إجمالي الصادرات الوطنية. كما سجّلت تونس فائضًا تجاريًا ملحوظًا مع الاتحاد الأوروبي قدره 7.7 مليار دينار، مما يعكس قوة التبادل التجاري مع هذا الشريك الاقتصادي الاستراتيجي. ويأتي هذا الفائض بالأساس من المبادلات مع فرنسا بفائض قدره 5.1 مليار دينار، وألمانيا بفائض قدره 2.1 مليار دينار، وإيطاليا بفائض قدره 1.9 مليار دينار.

ويمثل الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024 الشريك التجاري الأبرز لتونس، حيث يستحوذ على النصيب الأكبر من المبادلات التجارية للبلاد، سواء من حيث الصادرات أو الواردات. وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجارة التونسية أن الاتحاد الأوروبي استأثر بحوالي 69  % من إجمالي الصادرات التونسية و43  % من الواردات خلال سنة 2024.

القطاعات المساهمة في الصادرات

وكان أداء القطاعات التونسية المصدّرة متفاوتًا خلال سنة 2024، فمن جهة، حققت بعض القطاعات نموًا ملحوظًا، ومن جهة أخرى عانى البعض الآخر من تراجع. ومن بين القطاعات ذات الأداء الإيجابي: المنتجات الفلاحية والغذائية، حيث سجلت نموًا بنسبة +14.6  %، مدفوعة بارتفاع صادرات زيت الزيتون والتمور، وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية الذي ارتفع بنسبة +1.2  % بفضل الطلب المتزايد من الأسواق الأوروبية على المكونات الصناعية التونسية، وقطاع الطاقة الذي شهد نموًا طفيفًا بنسبة +0.5  %.

وعانى قطاع الفسفاط ومشتقاته من تراجع كبير بنسبة -26.3  % نتيجة مشاكل لوجستية وإنتاجية، في حين سجل قطاع النسيج والملابس والجلد انخفاضًا بنسبة -4.8  % بسبب المنافسة الشديدة من الأسواق العالمية.

ورغم الأداء الإيجابي للصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي، إلا أن الوضع العام للميزان التجاري التونسي سجل عجزًا مقلقًا، رغم ارتفاع قيمة الصادرات الإجمالية لتونس خلال سنة 2024، حيث بلغت حوالي 62.07 مليار دينار. في المقابل، ارتفعت الواردات بنسبة +2.3  % لتصل إلى 81 مليار دينار، مما أدى إلى ارتفاع العجز التجاري الوطني بنسبة 10.9  % ليبلغ 18.9 مليار دينار مقارنة بـ17 مليار دينار في سنة 2023، مع تراجع مؤشر تغطية الصادرات للواردات من 78.4  % في سنة 2023 إلى 76.6  % في سنة 2024.

آفاق الصادرات التونسية في 2025

تشير البيانات الأولية لسنة 2025 إلى تراجع صادرات تونس نحو الاتحاد الأوروبي بنسبة -6.9  % خلال الشهرين الأولين من السنة الحالية، وقد شمل هذا التراجع أبرز الشركاء التجاريين لتونس، مثل فرنسا التي تم تسجيل انخفاض معها في الصادرات بنسبة -7.9 %، وإيطاليا بنسبة -3  %، وإسبانيا بانكماش حاد بنسبة -43.9  %. في المقابل، سجلت الصادرات نموًا مع بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا بنمو ملحوظ بنسبة +10.7  %، وهولندا بزيادة كبيرة بنسبة +34  %. 

ورغم الآفاق الإيجابية لبعض القطاعات، فإن الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي قد تواجه عدة تحديات في سنة 2025، أبرزها التباطؤ الاقتصادي العالمي، والتحديات الاقتصادية التي تعيشها أوروبا مؤخرًا مثل التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، والتي قد تؤثر سلبًا على الطلب على الواردات. كما تواجه تونس منافسة متزايدة من دول أخرى مثل المغرب وتركيا في القطاعات الرئيسية كالنسيج والصناعات الميكانيكية، واستمرار مشاكل قطاع الفسفاط وتراجع تنافسية قطاع النسيج، والذي من شأنه أن يؤثر على أداء الصادرات خلال سنة 2025. كما من المرجح أن تؤثر الظروف المناخية على صادرات المنتجات الفلاحية والغذائية، خاصة زيت الزيتون.

ورغم التحديات، يمكن لتونس استغلال بعض الفرص لتعزيز صادراتها في 2025 والعمل على التوسع نحو الأسواق الأوروبية الشرقية، وزيادة التركيز على دول أوروبا الشرقية مثل بولندا والتشيك، التي تمثل أسواقًا واعدة بفضل انخفاض مستوى المنافسة فيها مقارنة بالأسواق التقليدية. علما أن صادرات تونس نحو التشيك ارتفعت بنسبة 33  % خلال سنة 2024 مقارنة بسنة 2023، لتبلغ حوالي 400 مليون دينار، مقابل انخفاض في الواردات بنسبة 5  % لتصل إلى حوالي 500 مليون دينار، وفق ما كشفه مؤخرًا مركز النهوض بالصادرات. وبلغت المبادلات التجارية البينيّة 892.5 مليون دينار في 2024، وتمثل التشيك الحريف الـ20 والمزوّد الـ25 لتونس خلال سنة 2024. ومع الطلب المتزايد من ألمانيا وهولندا، يمكن رفع الصادرات التونسية إلى مستويات قياسية، خصوصًا مع تزايد الاهتمام الأوروبي بالمنتجات المستدامة والصديقة للبيئة.

في السنوات الأخيرة، حاولت تونس تنويع شراكاتها التجارية من خلال تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، خاصة في مجالات مثل الفسفاط والمنتجات الزراعية. ومع ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية للصادرات التونسية. ورغم التركيز الكبير على السوق الأوروبية، فإن تعزيز الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي لا يعني بالضرورة تراجع المبادلات التجارية مع الصين وروسيا، كما أن التركيز على الاتحاد الأوروبي لن يقلل من الموارد المخصصة لتطوير العلاقات مع الصين وروسيا. إلا أنه أمام الصراعات الجيوسياسية، فإنه من غير المستبعد أن تؤثر التوترات بين أوروبا وروسيا على الموقف التونسي، مما يخلق تعقيدات في العلاقات التجارية خلال السنوات القادمة.

إجمالًا، يمكن القول إن تونس، رغم الصعوبات الاقتصادية العالمية، نجحت في تحقيق أداء إيجابي في صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2024، حيث بلغت قيمتها أكثر من 42 مليار دينار مع فائض تجاري هام. ومع ذلك، فإن التحديات التي برزت في بداية 2025، مثل تراجع الصادرات إلى بعض الدول الأوروبية، تتطلب من تونس تنويع أسواقها وتعزيز قطاعاتها التصديرية. أما فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين وروسيا، فإن تحقيق توازن بين الأسواق المختلفة يظل الحل الأمثل لضمان نمو مستدام للصادرات التونسية في المستقبل.

سفيان المهداوي