تعيش مختلف جهات الجمهورية على ايقاع حركية تجارية وثقافية منذ انطلاق ليالي النصف الثاني من شهر رمضان.. وكذلك استعدادا لـ«لمّات» ومناسبات عائلية منها إقامة مواكب الخطبة وختان الأطفال ليلة 27 رمضان ...
وتعرف ايقاعات هذه الليالي - والتي تزامنت مع انتهاء الامتحانات بالمؤسسات التربوية - نسقا جديدا مختلفا عن سهرات بقية ايام السنة.. حركية كبيرة داخل المحلات والفضاءات التجارية رغم تدهور المقدرة الشرائية وغلاء الاسعار وعدم صرف الأجور، حيث تقبل العائلات التونسية على اقتناء مُستلزمات العيد من ملابس وحلويات... وتشهد المساجد، إقبالا منقطع النظير لأداء صلاة التراويح، والإصغاء للدروس الدينية في انتظار احياء ليلة القدر... وانطلقت في بعض الجهات تظاهرة «ليالي رمضان» لتضيف أجواءَ احتفالية خاصة. ولعمليات المراقبة الاقتصادية المشتركة والصحية نصيب خلال هذه الفترة مُدعمة بفرق ليلية أخرى للحدّ من عمليات الاحتكار والبيع المشروط وغيرها من الممارسات «الجشعة».
تنسيق عبير الطرابلسي
القيروان.. سهرات رمضانية.. وعروض ثقافية
مع حلول شهر رمضان، تتغير ملامح القيروان، المدينة العريقة التي تُحمّل إرثا إسلاميا وثقافيا عميقا. تعيش المدينة على إيقاع خاص، حيث تمتزج الأجواء الروحانية بالحركية التجارية والسهرات الرمضانية، في مشهد يعكس حيوية السكان وارتباطهم بتقاليد هذا الشهر الكريم.
وتشهد أسواق القيروان في رمضان انتعاشا غير مسبوق، حيث يزداد الإقبال على المحلات والأسواق التقليدية بحثا عن مستلزمات الإفطار والسحور. حيث يقبل المواطنون على شراء التوابل، التمور، الزيوت، واللحوم، إضافة إلى الحلويات التقليدية كـ«المقروض القيرواني»، الذي يعدّ رمزا للمائدة الرمضانية القيروانية.
وفي النصف الثاني من رمضان، تتحول الأسواق إلى فضاء أكثر حيوية، مع استعداد العائلات لاستقبال عيد الفطر، إذ يزداد الإقبال بعد صلاة العشاء على الملابس الجديدة، الأحذية، والحلويات الخاصة بالعيد، ما يجعل الحركة التجارية تبلغ ذروتها. وتعيش القيروان خلال ليالي رمضان نفحات روحانية مُميزة، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين الذين يقبلون على صلاة التراويح، خاصة في جامع عقبة بن نافع، الذي يُعدّ من أقدم وأشهر المعالم الدينية في العالم الإسلامي. كما تكثر حلقات الذكر وتلاوة القرآن في المساجد والزوايا، ما يضفي أجواء إيمانية تسحر الزائرين.
السهرات الرمضانية.. لقاءات عائلية وعروض ثقافية
بعد الإفطار، تتحول المدينة إلى مسرح مفتوح للقاءات العائلية، حيث تلتقي العائلات في المنازل والمقاهي الشعبية لتبادل الأحاديث وشرب الشاي والقهوة.
كما تشهد المدينة تنظيم سهرات فنية وموسيقية، تتنوع بين العروض الصوفية، الإنشاد الديني، والموسيقى الطربية، مما يجعل ليالي القيروان عامرة بالفرح والأنس.
الاستعداد لعيد الفطر
مع اقتراب نهاية رمضان، تبدأ الاستعدادات لاستقبال عيد الفطر، فتشهد المخابز حركة دؤوبة لتحضير الحلويات التقليدية مثل الغريبة، البشكوطو، كعك التمر، الصمصة.. بينما تكتظ الأسواق بمحبي التسوق لاقتناء ملابس العيد. كما تتزين البيوت وتُنظّف استعدادا لاستقبال الضيوف، في تقليد يعكس روح العائلة والتضامن الاجتماعي.
تعتبر ليالي رمضان في القيروان تجربة فريدة تجمع بين العادات الدينية، النشاط التجاري، والأجواء الاحتفالية، ما يجعل المدينة تعيش شهرا استثنائيا يبرز هويتها الثقافية والتاريخية العريقة. ومع حلول عيد الفطر، تختم القيروان هذا الشهر المبارك بفرحة تعم جميع أرجائها، وسط أجواء يسودها الحب والتآخي.
◗ مروان الدعلول
بنزرت.. مواصلة الرقابة على المنتجات الغذائية
بعد اختبار شهر رمضان ستخضع العائلات في بنزرت خلال الأيام القادمة لامتحان عيد الفطر وما يتطلبه من شراء ملابس ولعب وحلويات.
«دورة» العيد استعد لها منذ فترة أصحاب محلات عرضت تشكيلات من ملابس الأطفال بأسعار تتراوح بين 36 و59 دينار للسترات القطنية، وبين 29 و74 دينار القمصان ذات الاكمام الطويلة، ومن 40 الى 109 دينار للسروال في حين تراوحت بين 40 و 88 دينار للأحذية العادية والرياضية بين 75 و378 دينار.
وقد لاحظت «الصباح» تزايد الإقبال ليلا على محلات الملابس الجاهزة والأحذية من عائلات حضرت للبحث عن المرغوب والمناسب للإمكانيات او الشراء مباشرة مثل السيدة (س) موظفة التي خصصت مبلغا مُحترما لتغطية تكاليف «العيد الصغير».. اما (ا) موظف فينتظر صرف جراية شهر مارس لشراء ما يلزم.. في حين أكّد (ش) عون استقبال بنزل انه مُضطر لتقليص نفقات الإعاشة وتأجيل خلاص بعض الفواتير لتوفير قرابة 500 دينار تمكن من شراء حاجيات 3 أطفال وكله يهون من اجل سعادة عائلية ستكتمل بمساهمة زوجته (عاملة بمصنع) في شراء كمية من الحلويات التقليدية وإعداد أخرى في المنزل.
حركية مُتزايدة شملت أيضا «النصب» في قلب مدينة بنزرت اين بحثت العائلات عن مرادها بأسعار مقبولة نسبيا قبل التوجّه الى نقاط بيع الحلويات التقليدية كما شهدت محلات الفواكه الجافة والهدايا والتجهيزات المنزلية وبنسبة اقل بيع المصوغ إقبالا لشراء الهدية او «الموسم» الذي يقدّمه الشاب لخطيبته بمناسبة عيد الفطر.
واكّد المدير الجهوي للتجارة ببنزرت سامي البجاوي لـ»الصباح» انه قد تم خلال رمضان تسيير 139 فريق مراقبة ضبط خلال 2979 زيارة 497 مخالفة اقتصادية من بينها 45 في قطاع المرطبات والحلويات و18 في قطاع المخابز وستواصل الفرق بدعم من الهيئة الوطنية لسلامة المنتجات الغذائية و إدارة حفظ الصحة وحماية المحيط جولاتها النهارية والليلية الى غاية يوم عيد الفطر لتشمل خاصة محلات الحلويات، المرطبات، المخابز الملابس الجاهزة، الأحذية، فضاءات الترفيه والمقاهي التي تشهد إقبالا مُتزايدا. ويلاحظ ان السهرات في المقاهي الشعبية لم تعد تجذب نسبة هامة من الحرفاء فضلوا المقاهي الفخمة في ضاحية الكرنيش ومحيط الميناء العتيق ببنزرت في حين اختار آخرون في محاولة لتقليص المصاريف السهرات عائلية أو متابعة التظاهرات التي ينظمها المركب الثقافي الشيخ ادريس بنزرت بالاشتراك مع بيت الشعر تحت عنوان رمضانيات في بنزرت من 8 إلى 21 مارس الجاري.
◗ ساسي الطرابلسي
جندوبة.. أنشطة دينية.. وحملات توعوية وصحية..
مازال شهر رمضان بولاية جندوبة يحافظ على عدة تقاليد وعادات ظلت مُتجذّرة في عدّة مدن رغم تغيير ايقاع الحياة.. وتعرف أغلب المساجد والجوامع تدفق المئات من المواطنين خاصة مع صلاة العشاء والتراويح. كما تعيش مساجد الولاية دروسا دينية قبيل صلاة العصر. وفي بادرة خيرية تعيش معتمديات ولاية جندوبة ختان مجموعة من الأطفال من العائلات المعوزة وأدخلت هذه البادرة الفرحة والسعادة في النفوس إلى جانب مبادرات خيرية تتمثل في جمع المواد الغذائية وتوزيعها على المحتاجين وموائد الإفطار.
النشاط الثقافي في الموعد
وتعيش دور الثقافة بالجهة والمكتبات العمومية عدة أنشطة ثقافية وترفيهية متنوعة بالمركب الثقافي عمر السعيدي وبالمكتبة العمومية بطبرقة من خلال تنظيم معرض للكتاب بإحدى فضاءات المقاهي تتخلله أنشطة ترفيهية متنوعة للأطفال.
وفي عين دراهم أكد وجيه الهلالي مدير دار الثقافة لـ»لصباح» أنه تمت برمجة عروض مسرحية وسينمائية وترفيهية من خلال تظاهرة ليالي رمضان وتنشيط المبيتات بعروض مسرحية وترفيهية أدخلت الفرحة على التلاميذ المقيمين. وأضاف الهلالي احتضان فضاء دار الثقافة منتدى البكالوريا بالاشتراك مع معهد عين دراهم.
حملات صحية
ومن جهتها، نظمت الإدارة الجهوية للصحة بجندوبة حملات صحية وتحسيسية مجانية لتقصي عدة أمراض وذلك بالأسواق الأسبوعية والمستشفيات الجهوية والمحلية وعرفت هذه البادرة إقبالا هاما من المواطنين بالإضافة إلى حملات تحسيسية حول الغذاء السليم في هذا الشهر الكريم.
حركية تجارية
وبدأت عدة مدن بولاية حندوبة تعيش حركية تجارية ليلية مع الإعلان على فتح المحلات ليلا بالإضافة إلى استعداد العائلات في إحضار أطباق الحلويات وبدأت رائحة أجواء اقتراب العيد تفوح بعد خروج العائلات نحو المحلات التجارية والفضاءات الترفيهية.
رغم ما تعيشه أغلب الأسر من صعوبات مادية من أجل لقمة العيش إلا أن الغذاء الروحي والفكري والتآزر والخروج من المنازل ليلا نحو الفضاءات والمحلات التجارية تنسي العائلات هموم أسعار نار المواد الاستهلاكية.
◗ عمار مويهبي
نابل.. حركية نشيطة بالمحلات والوالأسواق
مع اقتراب حلول عيد الفطر تستعد له العائلات منذ النصف الثاني من شهر رمضان، ومن بين أهم الاستعدادات هو التفكير في شراء الملابس الجديدة والأحذية للأطفال وإعداد الحلويات.
خلال هذه الأيام التي تسبق العيد، تزدان واجهات المحال التجارية بالملابس وسلع العيد وتزدحم ممرات وباحات الأسواق الشعبية بالباعة المتجولين وأصحاب العربات اليدوية المحملة بكل أنواع السلع والبضائع كالملابس والأحذية ولعب الأطفال.
حركية نشيطة تشهدها الشوارع بعد فتح المحلات والأسواق أبوابها ليلا مع انتصاف شهر رمضان حيث بدأت عديد العائلات في ارتياد فضاءات التسوق مُصطحبين أطفالهم لاقتناء الملابس والأحذية الجديدة استعدادا للاحتفال بعيد الفطر.
وقال مجدي اب لـ3 أبناء ان محلات بيع الملابس الجاهزة تعرف إقبالا من طرف المواطنين الذين يستعدون لاستقبال عيد الفطر واقتناء الملابس لأطفالهم... واعتبر المستجوب ان الأسعار «مُرتفعة» مع تدهور المقدرة الشرائية للمواطن اذ تبلغ كلفة قطعتين من الملابس ألمائتي دينار وهو ما يثقل كاهل الأسر خاصة مع ازدياد المصاريف وشراء الحلويات والفواكه الجافة هذه الفترة
إعداد «حلو العيد»
وبالنسبة لإعداد الحلويات استعدادا لاستقبال عيد الفطر تفضّل الزوجات الشابات شراء الحلويات الجاهزة من المحلات، وأكثر النساء المُوظفات، بل وحتى ربات البيوت، يلتجئن للسوق لشراء ما «حلو العيد»، وبدأت تقاليد إعداد حلويات العيد في المنازل تندثر.
تقول الخالة سعاد وهي تتذكّر أيام العيد في شبابها أن العائلات كانت في الأسبوع الأخير من رمضان تسهر حتى مطلع الفجر لإعداد الحلويات، فيجتمع شمل «السلفات» و«الأخوات والأمهات»، في سهرات شيقة، ويشتركن جميعهن في إعداد البقلاوة و«الغريبة» و«المقروض» وغير ذلك من أنواع الحلويات.
في المقابل تفضل بعض النسوة إعداد الحلويات بالمنزل وتجتمع الأخوات والأمهات والجيران لإعداد أنواع مختلفة من الحلويات البشكوطو والغريبة والمقروض والكعك ...
ومن ألذ حلويات العيد وأطيبها «كعك الورقة»، وقد جاء به الأندلسيون عندما طردهم الإسبان واستوطنوا ببعض المدن والقرى، ويقال إن المهاجرين الأندلسيين استعملوا «كعك الورقة» لإخفاء مجوهراتهم ومصوغاتهم بحشوها داخلها؛ حتى لا يتفطن إليها الإسبان.
وتقول منال في تصريح لـ«الصباح» إنها تساعد أمها واخوتها في صنع حلويات العيد من ذلك حلويات «الغريبة»، وأيضا كعك الورقة ويُفضّل آخرون شراء حلويات العيد من المحلات، حيث تتحول الكثير من محلات بيع المرطبات في الأيام الأخيرة من رمضان إلى صنع حلويات عيد الفطر، الذي لا يكاد يخلو أي بيت تونسي منه بمختلف أنواعه وأصنافه وأشكاله المتعدّدة، رغم ارتفاع ثمنه في هذه المحلات.
أجواء ليلية مميزة وحركية اقتصادية وسياحية
وما يُميز الشهر الفضيل كذلك محافظة العائلات على التزاور خلال شهر رمضان للتمتع بالشهر الكريم والسهر بعد صلاة التراويح وتزيّن الجلسات بالقهوة العربي والحلويات والزلابية..
كما يُمثل شهر رمضان مُناسبة للأفراح والخطوبة وختان الأطفال ليلة الـ27 من رمضان، فرائحة أجواء الشهر تتميز بعبق خاص له نكهة مُميزة من اللمات العائلية، وتشهد مدن الوطن القبلي حركية وأنشطة ثقافية وتجارية مكثفة والتي من شأنها أن تمنح عشاق السهر فرصة التسلية والإقبال على المهرجانات والسهرات والمقاهي والمطاعم التي تتحول إلى ملتقى العائلات والأصدقاء.
وتتزين المدن العتيقة بألوان مُميزة على غرار جمعية الفنانين التونسيين الشبان التي بادرت بتزيين انهج المدينة العتيقة بالحمامات بشرائط من نور وألوان وفوانيس في إطار تظاهرة «زين المدينة» وهي عادة دأبت على تنظيمها الجمعية منذ سنوات كمظهر من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان وفي اطار الاستعداد لعيد الفطر.
وقد لاقت هذه البادرة استحسان الأهالي ومن المنتظر تعميم التجربة على بقية الشوارع والانهج بالحمامات، وفق ما أفادت به شيماء بن علية رئيسة جمعية الفنانين التونسيين الشبان بالحمامات في تصريح لـ»الصباح».
يذكر ان هذه التظاهرة التي انطلقت منذ رمضان 2022 باتت محط أنظار وانتظار سكان مدينة الحمامات إذ تضفي على المدينة اجواء احتفالية وإضاءة مميزة تساهم في تنشيط المدينة ودفع الحركة السياحية والاقتصادية بها.
المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بنابل بدورها اعدت برنامجا ثريا ضمن ليالي رمضان تحتضنه دور الثقافة بالجهة والساحات العمومية وعدد من الفضاءات الاخرى بشراكة مع الجمعيات الثقافية وشركائها من البلديات وتحتوي ليالي رمضان على باقة من المهرجانات والتظاهرات فيها العروض الموسيقية والمسرحية والسينمائية والفنية والتنشيطية وعروض صوفية ومسامرات دينية وغيرها من الفعاليات.
◗ ليلى بن سعد
سوسة.. حلويات وملابس العيد «غصرة» للكبار وفرحة للصّغار..
ببلوغ العشر أيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم تتواصل استعدادات العائلات التونسيّة بنسق حثيث من خلال الحرص على إحكام توزيع ما تبقّى من منابات الميزانيّة ويتواصل جِهاد واجتهاد أرباب الأسر من أجل توفير ما تقتضيه المرحلة الإنفاقيّة من استحقاقات ومستلزمات حيث تنصبّ اهتمامات أغلب الأسر التّونسيّة هذه الأيّام على توفير نفقات حلويّات العيد بانتهاج سبل مختلفة وإستراتيجيّات متنوّعة، كلّ حسب إمكانيّاته وخاصّة قناعاته من أجل كسب الرّهان الذي يُتوّج بتوفير ملبوس العيد .
في جولة بأسواق المدينة العتيقة بسوسة، أكّدت بعض السيّدات ممّن التقتهنّ «الصباح» واللاّتي تجاوزت أغلبهنّ سنّ 50 سنة على الإرتفاع الملحوظ المتراوح بين الديناريْن والخمس دنانير في سعر كل نوع من الحلويّات مقارنة بأسعار السنتين الأخيرتين.. وأرجعن ذلك إلى تواتر الزيادات في أسعار مختلف المكوّنات وخاصة منها الفواكه الجافة وهو ما جعل أغلبهنّ يُؤكّدن حرصهنّ على توفير حلويّات العيد من صنع أيديهنّ مسلّحات في ذلك بما توارثنه عن أمّهاتهنّ من خبرة ودراية واسعة بأسرار صنع حلويّات تقليديّة على غرار (مقروض –غريّبة – أذن القاضي – قطايف – بقلاوة –زوزة –صمصة ...) تستمدّ جذورها وأصالتها من الموروث الغذائيّ التونسي التقليدي ومن تاريخ الآباء والأجداد منوّهات بما كان يحفّ بالسّهرات الرّمضانيّة المُنعشة من أجواء البهجة والفرحة وما يوشّحها من تعالي زغاريدهنّ وتسلطن أهازيجهنّ أين يجتمعن في أحلى مشهد تضامنيّ إجتماعيّ بأحد الأحياء الشّعبيّة لشدّ أزر إحدى الجارات والمشاركة في «المَعْونَة « وعدم الجحود على الجارة المُستضيفة بما تعلّمنه عبر السّنين من خفايا وأسرار وصفات بها يتحقّق الإمتياز ويحصل التميّز الذي بفضله تستأثر الجارة وتحظى بشتّى عبارات الإطراء والمجاملة التي تعقب عمليّات تذوّق حلويّات جمعت بين الجودة والنّظافة من جهة وخاصّة التّوفير من جهة أخرى رأفة بجيب مُستنزف لزوج عِيل صبره واحتار دليله لتواضع إمكانيّاته وتعدّد عناوين نفقاته.
في المقابل، عبّرت سيّدات أخريات عن عدم استعدادهنّ لتحمّل أتعاب إضافيّة بالتكفّل بإعداد حلويّات العيد لأسباب مختلفة سواء منها ما يرتبط بتسارع نسق الحياة والتزاماتهنّ المهنيّة خارج المنزل أو بسبب بُعدهنّ عن مسقط الرّأس وعن العائلة وبالتّالي تعذّر انتفاعهّن بالدّعم الأسري ما يجعل من خيار اقتناء حلويّات العيد على غرار كلّ سنة من محلاّت متخصّصة هو الحلّ الأمثل للخروج من المأزق رغم الكلفة الباهظة حيث يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد منها حدود 90 دينار وبصفة خاصّة تلك الأنواع من الحلويّات. وبخصوص الحركة التّجاريّة أجمع أغلب التجار أنها دون الانتظارات فأغلب المتبضّعين يقتنون كميات محدودة جدا وخاصة بالنسبة للحلويّات التي ترتكز في إعدادها على الفواكه الجافّة.
عبّرت عدد من السيّدات اللاتي أكّدن أنّ زيارتهنّ للمدينة العتيقة ليست سوى من باب الفضول مرجّحات خيار صُنع «حلو العيد « بالمنزل رغم مخاوفهنّ من النقص الذي تسجّله معظم المحلاّت التّجاريّة وحتى الفضاءات التجاريّة الكبرى في مادّة السكّر في هذه الأيام ما يجعل الواحدة منهنّ تضطرّ إلى التزوّد باحتياجاتها من أكثر من محلّ للحصول على الكميّات المستوجبة من المادّة لضمان تأمين حلويّات تقليديّة تُجنّب بعولهنّ نفقات استنزافية..
كما تُواجه الأسر التّونسيّة تحدّ آخر يتعلّق بتوفير لباس العيد ومكمّلاته من عطور وإكسسوارات، «الصباح « تنقّلت بين عدد من المحلات التجارية الفاخرة المتخصّصة في بيع الملابس الجاهزة للأطفال والنّساء من البضائع التي تحمل ماركات عالميّة مستوردة بمنطقة سهلول وشارع ياسر عرفات وخزامة... ورصدت أسعارا خيالية بل جنونيّة «يعصف» ثمن البدلة الواحدة منها بنصف «شهريّة» موظّف سام وهو ما يجعل ولوج هذه المحلّات حكرا على الميسورين من أصحاب الثّروات فيما يكتفي دور كل من زلّت به القدم أو كان ضحية للفضول بالخروج على عجل ولسان حاله يردّد مضمون ذلك المثل «..لاعين تشوف ولا قلب يوجع».
وفي محاولة للبحث عمّا يتلاءم وحقيقة الإمكانيات لعموم المواطنين كانت الوجهة مدينة سوسة على أمل العثور على المأمول فكانت أسواق «البلاد العربي» باعتبارها تمثّل الوجهة الأكثر إقبالا وتردّدا من قبل عموم المواطنين من مختلف الفئات المتوسّطة ومحدودة الدّخل.. فتبيّن أنّ الحركية التجاريّة لم تبلغ ذروتها وأنّ النسق بطيء حيث أرجع عدد من التجّار تواضع نسبة الإقبال إلى عامل التّجارة الموازية وما تفرزه من منافسة شرسة وغير متكافئة -رغم التّواضع الشديد لجودة منتوجاتها وما تمثّله من مخاطر صحيّة - فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الأوليّة المستوردة.. في حين عبّر آخرون عن أملهم في أن يتحسّن النسق مع اقتراب حلول العيد ومع انطلاق صرف أجور الموظّفين . وأكّد بعض المواطنين ممّن التقتهم «الصباح» بأسواق المدينة العتيقة تنكّر «الفريب» للدور الاجتماعي الذي كان يلعبه زمن التسعينات وحتى العشرية الأولى من سنة ألفين لما كان العامل والموظّف البسيط يجد فيه ضالته حيث يقتني منه «قطعا» ذات جودة عالية من ماركات عالميّة معروفة بأسعار مقبولة جدا غير أنّ واقع «الفريب» اليوم، وفق بعض الشهادات، بعيد كل البُعد عن ماضيه حيث تراجعت الجودة بشكل كبير خصوصا فيما يُعرض بالأسواق مع تسجيل ارتفاع كبير في الأسعار وهو ما قلّل من فرص الظفر بالمنشود وحتّم على عشّاق «الفريب» التوجّه نحو محلاّت بيع الملابس المستعملة التي تكون فيها الأسعار ضربا من ضروب الخيال.
◗ أنور قلالة
منوبة.. ملابس العيد و«الحلو» يستأثران بكل الاهتمامات
بدخول النصف الثاني من شهر رمضان وانطلاق فتح المحلات التجارية في الفترة الليلية تغيّر نسق الحركة بشكل عام بمختلف معتمديات ولاية منوبة لتقلّ على مستوى نقاط بيع الخضر والغلال واللحوم وتنشط على مستوى محلات بيع الملابس الجاهزة واللعب ومحلات العطارة والمخابز في علاقة بإعداد «حلو العيد» إضافة إلى اهتمام البعض بالجانب الترفيهي ومتابعة بعض الأنشطة الثقافية الليلية وكل ذلك يحصل بنسق مُتزايد من يوم لآخر ومن ليلة لأخرى باعتبار انتظار صرف رواتب العمال والموظفين.
وانطلق عدد من العائلات في رحلة البحث عن الفرص المناسبة لاقتناء ملابس العيد للأبناء التي تتوفر فيها الجودة والأسعار المُناسبة للمقدرة الشرائية لكل منها حيث يكتفي البعض بما توفر في محلات وفضاءات مدنهم الصغيرة كدوار هيشر ووادي الليل (شباو) وطبربة (المعرض) والبطان وبرج العامري ويُخيّر البعض الآخر التنقل إلى وسط العاصمة وهو ما خلق حركية على مستوى التنقل واكتظاظا أخذ في التعقيد يوما بعد يوم خاصة مع قلة عدد سفرات الحافلات من وإلى وسط العاصمة في علاقة بالمعتمديات البعيدة كالجديدة وطبربة والبطان والمرناقية وبرج العامري..
وتشهد نصب الفريب منذ الأسبوع الماضي بسوق السعيدة وسوق طبربة والجديدة إقبالا كثيفا من قبل عدد هام من المواطنين الذين يبحثون عن ضالتهم بهذه الأسواق الأسبوعية لأسباب مختلفة أهمها الإمكانيات المادية المحدودة ..
«حلو العيد».. المحافظة على بعض العادات
حركية تجارية نشيطة تشهدها الفضاءات التجارية الكبرى ومختلف محلات «العطارة» لاقتناء لوازم إعداد حلو العيد الذي تصر اغلب ربات البيوت في كل من الجديدة وطبربة والبطان وبرج العامري على إعداده في المنزل من مقروض وصمصة وبشكوطو وغريبة ودبلة والبقلاوة (بشكل خاص لدى العائلات الطبربية) وغيرها.. وقد أكدت لنا إحدى السيدات عن خزنها لمادة السكر منذ أشهر لتتمكن من تحضير «شحور المقروض والدبلة» في حين بدأت الحركة تظهر وتزداد في محيط المخابز خلال النصف الثاني من كل يوم وفي الفترة الليلية لقبول الحلو من بشكوطو وغريبة وكلها أجواء ممتعة تنتشر هذه الأيام داخل الأسر وتخرج إلى وسط الأحياء لتغير النسق العادي الرتيب للحياة الذي تعود عليه الصغار والكبار . مقابل ذلك خير البعض اقتناء حلو العيد من المحلات.
للمواعيد الثقافية نصيب..
وكعادتها تعيش مدينة منوبة على وقع سهرات مهرجان المدينة الرمضانية والتي تعمل مندوبية الشؤون الثقافية بمنوبة من خلالها وعدد من التظاهرات المحلية الأخرى على غرار ليالي رمضان الثقافية بطبربة في دورتها الأولى والمواعيد الفنية بكل من وادي الليل ودوار هيشر وبرج العامري والمرناقية على المحافظة على أحياء ليالي رمضان فنيا بما يتماشى وطابع هذه الليالي التي انطلق الجمهور في عدد منها في مصافحة مجموعة من الفنانين.
تكثيف للعمليات الرقابية
كما شهدت الليالي الأخيرة تكثيفا لعمليات المراقبة الاقتصادية المشتركة والصحية التي تشرف عليها الإدارة الجهوية للتجارة والفرع الجهوي للهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بمنوبة وتشمل كل المحلات المفتوحة للعموم من محلات بيع الحلويات والملابس الجاهزة واللعب والمقاهي ومحلات الأكلات الخفيفة والمخابز وفضاءات الترفيه ونقاط الإنتاج والتخزين ومختلف مسالك التوزيع.
وقد تم في هذا الإطار تدعيم فرق المراقبة بفرق ليلية أخرى حسب ما أكده لـ»الصباح» كل من الصادق باللاهم المدير الجهوي للتجارة بمنوبة ومها خلادي رئيسة المكتب الجهوي للهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية بمنوبة.
◗ عادل عونلي
قفصة.. نسق تصاعدي لحركية النصف الثاني من رمضان
لاحت الحركة بأسواق مدينة قفصة مُحتشمة نسبيا خلال النصف الأول من شهر رمضان حيث اقتصر اغلب التجار وأصحاب محلات الملابس الجاهزة على فتح متاجرهم في فترات النهار فحسب.
هذا المنحى فرضه نسق الإقبال الضعيف من قبل المواطنين على اقتناء حاجيات أبنائهم من لباس العيد، وفق ما جاء على لسان احد التجار المُنتصبين وسط المدينة، مضيفا أن جميع التجار يُعلّقون آمالهم على الفترة الثانية للشهر الكريم حتى تشهد الحركية التجارية ارتفاعا في النسق وبالتالي نمو الطلب على الملابس والأحذية.
احد التجار المنتصبين بالأحياء علّل انخفاض نسبة الإقبال على محلاتهم التجارية بانهماك المواطن في استهلاك المواد الغذائية لإشباع رغباتهم في الأكل وتنويع موائدهم وذلك على حساب رغبات أبنائهم من حيث لباس العيد، متوقعا ان يتجه اهتمام المواطن بملابس العيد كلما اقتربنا من موعد «العيد الصغير» لا سيما وان الفترة المُقبلة تقترن، حسب رأيه، بصرف أجور الموظفين الذين سيتسنى لهم تحقيق رغبات أبنائهم، ملاحظا تنوّع السلع المعروضة على العموم بما يُوسّع هامش الاختيار أمام المواطن.
فيما يرى اغلب المواطنين الذين استطلعنا رأيهم بخصوص اثمان الملابس خلال هذه الفترة حيث لاحظوا غلاء الأسعار مما يجعل الأولياء في موقف محرج أمام أبنائهم إزاء ما وصفه البعض بالارتفاع الفاحش في الأسعار وما يولده من عجز على تلبية رغبات الأبناء.
بخصوص هذه النقطة بالذات، لاحظ احد المواطنين ان متطلبات بدلة العيد الواحدة تبلغ ما بين 300 و500 دينارا للطفل الواحد فما بالك باثنين او 3 أطفال، الأمر الذي بات الواحد يلتجئ الى «الفريب» لتلبية حاجيات أبنائه حيث يعمد البعض الى «تلفيق» بدلة العيد بالاعتماد على تعويض بعض القطع من الملابس الجديدة بأخرى من محلات « الفريب «.
وتتجه الحركية خلال النصف الثاني من شهر رمضان داخل الأسواق نحو الارتفاع في ظل توافد بعض مُتساكني المناطق القريبة على مدينة قفصة لقضاء حاجياتهم من الملابس وزيارة المحلات المختصة في الحلويات الشعبية حيث يقتنى اغلبهم ما لذ وطاب من «حلويات العيد» والفواكه الجافة لتقديمها الى اقاربهم يوم العيد حين ياتون للتهنئة وقضاء بعض الأوقات يتجاذبون إثناءها أطراف الحديث من وحي الشهر الكريم ويستعرضون بعض المواقف الطريفة التي تنشر الارتياح وتفتح صفحة جديدة ملؤها الود وتدعيم أواصر المحبة بين افراد العائلة الواحدة .
◗ رؤوف العياري
كاتب عام منظمة الدفاع عن المستهلك بالقصرين لـ«الصباح» :التجارة الالكترونية ملاذ المواطن
تشهد جهة القصرين تراجعا ملحوظا هذه الأيام في الحركية التجارية سواء في الحصص النهارية أو الليلية رغم انطلاق أغلب العائلات خلال النصف الثاني من شهر رمضان في الاستعدادات لعيد الفطر تعود الى 3 نقاط رئيسية تقدمها منظمة الدفاع عن المستهلك مكتب القصرين وعلى رأسها الموارد المالية للمواطن باعتبار عدم صرف الأجور بعد.
ويصف كاتب عام المكتب الجهوي لمنظمة الدفاع عن المستهلك بالقصرين الناجي قاهري لـ»الصباح» الحركية التجارية بالجهة بالمُنعدمة تماما خاصة ليلا وتراجعها نهارا مقارنة بالأيام الأولى من شهر رمضان ويعود ذلك، وفق قراءتهم كمنظمة تعنى بالمواطن ومقدرته الشرائية والاستهلاكية، لعدم صرف الأجور بعد والتي تنطلق مع نهاية هذا الأسبوع وبدايات الأسبوع المقبل حيث ستعود الحركية خاصة على محلات بيع الملابس مع الأسبوع الأخير من رمضان بشكل أفضل بقليل.
كما أشار الى ظهور عامل آخر أثر بشكل ملحوظ على الحركية التجارية بالجهة في السنوات الأخيرة وهو التجارة الالكترونية التي تشهد إقبالا كبيرا عليها من قبل العائلات بالقصرين واللجوء إليها وذلك لتوفر اختيارات أكثر وأسعار مقبولة مقارنة بالمحلات المُنتصبة بالجهة على قلّتها، وفق قوله، حيث وفق متابعتهم للأسواق الالكترونية والمحلات الواقعية بالجهة فإن كسوة العيد للطفل 10 سنوات بالفضاءات الالكترونية بين 80 الى 150د وترتفع بأكثر من 20 د فما فوق بالمحلات الواقعية.. أضف الى ذلك عدم وجود محلات منظمة للغرض تتوفر بها تنوع الاختيارات والمنافسة وهو ما دعوا اليها مرارا على المستوى الجهوي.
كما أكّد القاهري على أن انتهاء موسم التخفيضات لهذه السنة بشكل مُبكّر ساهم كذلك في الحد من الحركية التجارية بالجهة التي تم تسجيلها بشكل مُحترم خلال الأيام الأولى من شهر رمضان بتواجد موسم التخفيضات وتراجعها هذه الفترة، مشيرا إلى أنهم كمنظمة يدعون الى عدم ربط هذه الفرصة بزمن مُحدّد وكان بالامكان التمديد فيه الى الايام التي تسبق عيد الفطر أو تأجيله الى هذه الفترة.. علاوة على عدم وجود معارض تقام بالمدينة بهذه المناسبة مثلما هو موجود ببعض الولايات الأخرى بالبلاد، مُلخصا القول بأن ماضي جهة القصرين أفضل من حاضرها ، حيث كانت تقام في التسعينات وما بعدها معارض خلال رمضان والأيام التي تسبق الأعياد والتي كانت تشهد إقبالا كبيرا من العائلات، داعيا الى مراجعة بعض النقاط لتتلاءم مع مواسم ومناسبات هامة للمواطن وتتماشى مع مقدرتهم الشرائية.
كما عرج القاهري على توفر اغلب المواد الاستهلاكية وضخ كميات هامة من الزيت النباتي المدعم خلال الأيام الفارطة الى جانب السكر رغم تلقيهم اشعارات بنقص توفرها بالدكاكين أو التجار بالتفصيل ، حيث تعمل المنظمة مع الإدارة الجهوية للتجارة وتنمية الصادرات والأطراف الشريكة الى محاولة مراقبة وضمان وصول هذه المواد بشكل خاص الى المستهلك التي تمثل محور عمل وجهود متواصلة خاصة أن الأمور منتظمة من المصنعين الى التجار بالجملة ومن التجار بالجملة الى تجار التفصيل ولكن يبقى الإشكال الكبير في عدم وصول المواد الى المستهلكين من تجار التفصيل.
◗ صفوة قرمازي
زغوان.. سهرات رمضانية تجمع بين الأصالة والإفادة والترويح عن النفس
تتميز السهرات الرمضانية في مختلف الفضاءات بمدينة زغوان بالتنوع والثراء وتزيدها الفقرات الثقافية والفنية التي يقدمها المركّب الثقافي خلال هذه الأيام نشاطا وحيوية.
ومن المنتظر أن يتصاعد نسقها خلال العشرة أيام الأخيرة من الشهر بحكم الحركية التجارية الإستثنائية التي تشهدها الفضاءات المخصصة للغرض وكذلك الأنهج الكبرى التي يعم الانتصاب على جانبيها لبيع مستلزمات العيد من ملابس وألعاب أطفال وسلع مُتنوعة.
وقد كان أهالي المنطقة يستحسنون عند خروجهم من منازلهم بعد الإفطار التوجه نحو المساجد والجوامع والمقاهي وسائر الفضاءات، أشرطة الفوانيس المتعددة الألوان التي كانت تزيد الأنهج بهجة ونورا، وهي خصوصية إفتقدتها المدينة منذ سنين خلت وتستحق أن يتم التفكير فيها من جديد لما تضفيه من جمالية خلال شهر رمضان وفي جميع الأعياد الدينية والوطنية الأخرى.
ويقصد المصلون المساجد والجوامع لأداء صلاتي العشاء والتراويح ومنها يتحول بعضهم إلى وسط المدينة العتيقة أو الى فضاءات الأحياء للاجتماع بالأصدقاء في المقاهي والدكاكين وغيرها من الأماكن لقضاء سهرة على الشكل الذي يروق لهم ويجلب لهم الراحة والمتعة والإفادة.
الأنهج والأزقة يفوح منها أيضا عبق السهرات الرمضانية عن طريق الألعاب المتنوعة التي يقوم بها الأطفال في محيط منازلهم بعد فترة زمنية من الإفطار وإلى ساعات متقدمة من الليل.
المنازل كذلك لها عاداتها وتقاليدها حيث تتبادل العائلات والأجوار الزيارات للسهر وتجاذب الأحاديث وتناول «البوزة» والكريمة والدرع والحلويات يتقدمها كعك الورقة الذي تتعدد نقاط صنعه وترويجه بصفة إستثنائية خلال شهر رمضان وإلى غاية عيد الفطر ويقبل عليه الناس بكثافة.
وإلى جانب العروض الفنية واللقاءات الفكرية والأدبية التي عاشها الجمهور طيلة الليالي الأخيرة، فقد شهدت المدينة العتيقة يوم السبت الماضي سباقا نظمته جمعية الرياضة للجميع بزغوان بمشاركة جمعية الألعاب الفردية وجمعية مهرجان النسري بزغوان وضمّ حوالي 400 مشارك من عديد الولايات ومن الخارج جابوا خلاله عديد المواقع الأثرية والتراثية والطبيعية بالجبل مما أدخل حركية إستثنائية على الأجواء الرمضانية بالمنطقة على مدار ساعات من الليل .
◗ أحمد بالشيخ
صفاقس.. الحياة تَـنبضُ سهرا وسمرا
تَـــعكس ليالي شهر رمضان بمختلف الجهات ومنها جهة صفاقس روح هذا الشهر الكريم الذي يتميز بخصوصية طابعه الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وكذلك الروحاني مما يجعل أيام الشهر ولياليه مختلفة ومميزة مقارنة ببقية المناسبات الأخرى.
وتـَــستقبلُ المدينة العتيقة بصفاقس زُوّارها ليلا وتُفتح المحلاّت التجارية أبوابها للحرفاء وتنشط المقاهي والمطاعم وتنبض الأنهج حياة وحركية على خلاف الأيام العادية حيث تنعدم الحياة ليلا وتُغلق الفضاءات التجارية والترفيهية قبل حلول ٱذان المغرب وتكادُ تنعدم فيها الحياة ليلا فَــتَتزيّن «البلاد العربي» ليلا برُوّادها وحرفائها وحركيتها التجارية وتستقطب الأنشطة الثقافية التي بمرور السنوات أصبحت من العادات الراسخة على غرار تنظيم تظاهرات مميزة ولعل أهمها عادة «الإفطار الجماعي» الذي تحتضنه ساحة القصبة في ليالي رمضان وهي تظاهرة تحمل أسم «رمضاننا في مدينتنا» في نسختها العاشرة ، تُنظمها جمعية «صفاقس المزيانة» بالشراكة مع جهات معينة على غرار بلدية صفاقس ، مندوبية الثقافة...
حركية بالأسواق والفضاءات التجارية
على غير المعتاد تصبح الحركية التجارية نشطة جدا سيما بالأسواق ومحلات بيع الملابس ومستلزمات شهر رمضان بشكل يومي وتزداد نشاطا في النصف الثاني من شهر رمضان المعظم ، فتفتح فضاءات بيع الملابس والأحذية وحلويات العيد والفواكه الجافة ومحلات بيع الذهب حيث يتميز الشهر بعادات «المُوسم» وحفلات الخطوبة وحفلات ختان الأطفال إستعدادا لليلة 27 من رمضان .
المساجد فضاء للأنشطة الدينية واحتفالات خاصة
على غرار بقية الجهات تُفتح المساجد أبوابها للتعبد وٱداء الشعائر الدينية وإقامة صلاة التراويح وتتميز بعض المساجد باحتضانها لأنشطة دينية أخرى على غرار «جامع سيدي اللخمي بصفاقس» الذي ينظم كل سنة فعاليات دينية متنوعة ، حيث أحتضن المسجد مساء اليوم السادس عشر من رمضان احتفالا جهويا بذكرى نزول القرٱن الكريم وغزوة بدر الكبرى وحفل توزيع جوائز المسابقة الجهوية لحفظة القرآن الكريم بحضور المشاركين من حفظة القرٱن وثلة من الأئمة وممثلين عن السلط المحلية والجهوية.
سهرات رمضانية مميزة في المَـسرح البلدي
تتعدد وتتنوع الأنشطة الثقافية التي يحتضنها فضاء المسرح البلدي بصفاقس في ليالي شهر رمضان الذي يقبع في قلب باب بحر وسط مدينة صفاقس فتصبح بعض التظاهرات الثقافية عادة تترسخ في تقاليد فئة من الجماهير وتنتظرها وتشارك فعالياتها ككل سنة ومن بين هذه التظاهرات «رمضانيات « وهي تظاهرة تنظمها كل رمضان بلدية صفاقس وتنتظم هذا الموسم في نسختها الثامنة ، حيث تُفتتح الأيام الثقافية لبلدية صفاقس «رمضانيات 8» يوم 21 مارس الجاري وتُختتم التظاهرة بعرض مجموعة «نوى» للمألوف بالقيروان في اطار السهرة الرابعة لتظاهرة «صفاقس تغنى مألوف» يوم 28 مارس الجاري. كما يحتضن المسرح البلدي بصفاقس سهرات موسيقية كبرى على غرار ليالي مهرجان المدينة بصفاقس في دورته 28....
لأول مرة ..صالون الصناعات التقليدية
لأول مرة في شهر رمضان ينتظم هذه السنة صالون رمضان للصناعات التقليدية بمعرض صفاقس الدولي من 16 إلى غاية 26 مارس الجاري الذي تشرف عليه المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية بالتعاون مع جمعية المعارض والمؤتمرات الدولية والذي تزامن مع فعاليات الاحتفال الجهوي بأيام الصناعات التقليدية واللباس الوطني .
◗ عتيقة العامري
أريانة.. نشاط تجاري بالأسواق والمحلات الكبرى.. ولباعة المصوغ نصيب
لا تزال مدينة أريانة محافظة على إشعاعها وتوهجها منذ عدة عقود وهي التي تستقبل كامل أيام شهر رمضان زائريها لتواجد عديد الأسواق باكثر من جهة وسط المدينة وخاصة السوق الأسبوعية بجهة سيدي صالح.
زوار يأتون من كل ضواحي مدينة أريانة وخاصة تلك المناطق المُتاخمة لها كالمنازه واحياء النصر والمنار والعمران الأعلى وسكرة وغيرها، ولئن كانت المحلات التجارية بالمنزه السادس الى حدود بداية سنة الألفين الوجهة المُفضلة لمُتساكني تلك الأحياء المُتاخمة لها وكذلك البعيدة عنها فإن ما شهدته منطقة سكرة وتحديدا شارع المغرب العربي من تشييد لفضاءات كبرى ومحلات لماركات عالمية قد ساهمت في استقطاب عدد كبير من العائلات الراغبة في التسوق سواء في الايام العادية وخاصة خلال النصف الثاني من رمضان لتزداد ذروة الإقبال بداية من نهاية الأسبوع الماضي.
المتأمل في الحركة التجارية بمدينة أريانة منذ نهاية الأسبوع الماضي والتي تزامنت بفتح هذه المحلات أبوابها من جهة ونهاية امتحانات الثلاثي الثاني قد تصاعد نسقها بشكل جعل حركة المرور بكامل شارع المغرب العربي تفقد انسيابها وتعرف اكتظاظا لافتا نظرا لما وفره أصحاب المحلات من عديد الإختيارات والاستجابة لجميع الأذواق من جهة ومبادرتهم بتمتيع زوارها بتخفيضات تصل في عديد المحلات لـ 50% خاصة في قطاع الملابس والأحذية.
استعدادات لحفلات الزفاف
ولأن شهر رمضان له قدسية لدى العائلات خاصة تلك التي تستعد لحفلات الزفاف فان هذا الشهر قد اقترن كأفضل مناسبة لتقديم «الموسم» وهو كذلك مناسبة لإقامة حفلات الخطوبة لذلك نلاحظ استعداد أصحاب محلات المصوغ بعرض اخر موديلات خواتم الخطوبة وكذلك طواقم «الصياغة « حسب رغبات الحرفاء.
ورغم ارتفاع سعر الغرام الواحد من الذهب عيار 18 والذي فاق 280 دينارا فإن ذلك لم يمنع عديد الحرفاء من ارتياد هذه المحلات التي بدأت تستقبل منذ يوم السبت الماضي حرفاءها مباشرة بعد الإفطار.. وقد اتضح أن ارتفاع اسعار الذهب على المستوى العالمي وكذلك المحلي قد أثر على العرض والطلب فأصبح وزن الطاقم الواحد لا يتجاوز وزنه معدل العشرين غراما ليتمكن الحريف من تلبية رغبة زوجته من جهة وللمحافظة على عادتنا في موسم الإعراس.
في انتظار صرف الأجور
وإذا كانت الحركة التجارية في علاقة بملابس العيد قد انطلقت بعد مع تأجيل عديد الحرفاء الاقتناء الفعلي لما اختاروه، فان تجارة حلويات العيد لم تنطلق بعد بالشكل المطلوب وهذا راجع لاقتراب موعد صرف جرايات الموظفين بداية الأسبوع المقبل من جهة وللتمتع بنوعية جيدة وجديدة الصنع وهو ما تؤكده عمليات الحجز لدى عديد المحلات المُنتشرة باماكن متعددة وخاصة بالمنازه واريانة ودار فضال.
فرق المراقبة الاقتصادية بالمرصاد
ونظرا لهذه الحركية التجارية ولما تشهده أسواقنا من تدفق كبير لسلع مجهولة المصدر ومنها لعب الأطفال وكذلك تواجد محلات عشوائية لصنع حلويات العيد فان المراقبة الاقتصادية والصحية تجندت خلال هذه الأيام لتشديد المراقبة وحجز كل المواد التي تشكل خطرا على صحة الأطفال والمواطنين ، ومن جهة اخرى ظلت السوق الأسبوعية ومحلات «الفريب» المنتشرة بشكل كبير بمدينة أريانة ملاذ عديد العائلات والباحثين عن الماركات العالمية وكذلك الباحثين عن أسعار تناسب قدرتهم الشرائية بعد شهر من تعدد مصاريف الأكل والشهوات.. وفي هذا الصدد نلاحظ إقبالا كبيرا على عدة محلات لبيع الفريب والتي وفرت لحرفائها ملابس وأحذية وألعابا جديدة لماركات عالمية معروفة وبأسعار رمزية مقارنة بما هو متوفر بالفضاءات التجارية.
◗ غرسل بن عبد العفو