إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

دعاها‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ..‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬يطالب‭ ‬البنوك‭ ‬بمعاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة

‬البنوك‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬للدولة‭ ‬و60‭ ‬‭ %‬‭ ‬من‭ ‬القروض‭ ‬لفائدة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‮  ‬

‭*‬‮ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬البنوك‭ ‬لا‭ ‬تعاضد‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬ إلى‭ ‬تقييم‭ ‬دورها‭ ‬التنموي‮ ‬

 

تواجه‭ ‬تونس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لبناء‭ ‬وصيانة‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭. ‬وتعد‭ ‬البنوك،‭ ‬سواء‭ ‬العمومية‭ ‬أو‭ ‬الخاصة،‭ ‬شريكًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التوجهات‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬مع‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬مشكاة‭ ‬سلامة‭ ‬الخالدي‭ ‬بتاريخ‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تعوّل‭ ‬على‭ ‬تعاون‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الوطنية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬وتمويل‭ ‬مستدام‭.‬

وتعتبر‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مثل‭ ‬الصحة،‭ ‬التعليم،‭ ‬النقل،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتمويل‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية‭ ‬أساسًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تعاني‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تمويلها‭ ‬وصيانتها،‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬إشراك‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭.‬

جهود‭ ‬لدفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية

وحسب‭ ‬ما‭ ‬كشفه‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مراد‭ ‬الحطاب،‭ ‬أمس،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬بوزيرة‭ ‬المالية،‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬جهوده‭ ‬لدفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬حيث‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة،‭ ‬ولم‭ ‬تتجاوز‭ ‬القروض‭ ‬الممنوحة‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬نسبة‭ ‬15‭ ‬٪،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغت‭ ‬60‭ % ‬للقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وفقا‭ ‬لآخر‭ ‬بيانات‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بتفعيل‭ ‬الفصل‭ ‬412‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬التجارية‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬التخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬الثابتة‭ ‬المستوجبة‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬جاري‭ ‬خلاصها‭.‬

وتابع‭ ‬الخطاب‭ ‬بالقول،‭ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بتوزيع‭ ‬8‭ % ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬أرباحها‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قروض‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬كما‭ ‬أجهضت‭ ‬مشروع‭ ‬بعث‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تمنح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أي‭ ‬فرص‭ ‬استثمارية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬يتسم‭ ‬بالغموض‭.‬

وسلط‭ ‬الحطاب‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التحقيقات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬مديرين‭ ‬عامين‭ ‬ومجالس‭ ‬إدارة‭ ‬بالبنوك‭ ‬وسط‭ ‬شبهات‭ ‬بتسجيل‭ ‬خروقات‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬إسناد‭ ‬القروض،‭ ‬داعيا‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬ووزارة‭ ‬المالية‭ ‬ورئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬معاضدة‭ ‬الجهود‭ ‬لضمان‭ ‬سير‭ ‬هذه‭ ‬التحقيقات،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬كافة‭ ‬الملفات‭ ‬والتدقيق‭ ‬فيها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إقالة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الخروقات‭ ‬بالبنوك‭ ‬العمومية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لإصلاح‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلته‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬الدولة‭.‬

وأضاف‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬المالية‭ ‬مراد‭ ‬الحطاب‭ ‬،‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬للبنوك‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وتطويره،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬وهي‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬تتعامل‭ ‬بمنطق‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تصور‭ ‬لمنوال‭ ‬التنمية‮»‬‭.‬

وشدد‭ ‬الحطاب‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حديثه،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التزام‭ ‬البنوك‭ ‬اليوم‭ ‬بدورها‭ ‬التنموي،‭ ‬ومعاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ ‬تيسير‭ ‬منح‭ ‬القروض،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالتوجهات‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬نسق‭ ‬إصلاح‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬للتونسيين‭.‬

تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يؤكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء،‭ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بلعب‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬التمويل‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭ ‬الذي‭ ‬تحتاجه‭ ‬الدولة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشاريعها‭ ‬الكبرى،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬قروضًا‭ ‬ميسّرة‭ ‬لتمويل‭ ‬بناء‭ ‬المدارس،‭ ‬المستشفيات،‭ ‬الطرق،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الحيوية‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬سندات‭ ‬حكومية‭ ‬موجهة‭ ‬لدعم‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭.‬

وتُعد‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المرافق‭ ‬العامة‭. ‬فالبنوك‭ ‬يمكنها‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬خاصة،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬العبء‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‭.‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬تمويلية،‭ ‬تشجيع‭ ‬المستثمرين‭ ‬المحليين،‭ ‬والأجانب‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬النقل‭ ‬العام،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية‭. ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها‭.‬

وأشار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬بوزيرة‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬التحسّب‭ ‬للنفقات‭ ‬الطارئة‭ ‬والإضافية‭ ‬في‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬استشاريًا‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المخاطر‭ ‬المالية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتقليل‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭.‬

كما‭ ‬يساهم‭ ‬تعزيز‭ ‬الشمول‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬إيرادات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الجباية،‭ ‬إذ‭ ‬يتيح‭ ‬إدماج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناشطين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬الرسمي‭ ‬توسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬دافعي‭ ‬الضرائب‭. ‬ويمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬مالية‭ ‬ميسّرة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

ودعا‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬المالية‭ ‬البنوك‭ ‬إلى‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬تخصيص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أرباحها‭ ‬لدعم‭ ‬برامج‭ ‬تحسين‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬المعدات‭ ‬الطبية‭ ‬للمستشفيات‭.‬

تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬والدولة

‮ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬البنوك،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬يجب‭ ‬أخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬ومنها‭ ‬غياب‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬والدولة،‭ ‬حيث‮ ‬‭ ‬يتطلب‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬وضع‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬وتنظيمي‭ ‬واضح‭. ‬كما‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬البنوك‭ ‬اليوم‭ ‬تحديات‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬السيولة‭ ‬اللازمة‭ ‬لدعم‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الديون‭ ‬المتعثرة‭. ‬ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإدارية‭ ‬المعقدة‭ ‬تعيق‭ ‬سرعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬البنوك،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التقلبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬التمويل‭ ‬المطلوب‭.‬

وهناك‭ ‬توصيات‭ ‬اليوم‭ ‬بضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة‭ ‬تحفّز‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬حقوقها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تشجيع‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منتجات‭ ‬مالية‭ ‬جديدة‭ ‬تناسب‭ ‬احتياجات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والبنوك،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأموال‭ ‬المخصصة‭ ‬للمشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬كما‭ ‬يوصي‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬بضرورة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الدولة،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬غير‭ ‬البنّاء‭.‬

ويتفق‭ ‬اليوم،‭ ‬جل‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬إشراك‭ ‬البنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لبناء‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭ ‬ليس‭ ‬خيارًا‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬تمليها‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الحالية‭. ‬وكما‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬فإن‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬يعدان‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭. ‬ومع‭ ‬تضافر‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬والبنوك،‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬عيش‭ ‬المواطنين‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي

دعاها‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ..‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬يطالب‭ ‬البنوك‭ ‬بمعاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة

‬البنوك‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬للدولة‭ ‬و60‭ ‬‭ %‬‭ ‬من‭ ‬القروض‭ ‬لفائدة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‮  ‬

‭*‬‮ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬البنوك‭ ‬لا‭ ‬تعاضد‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬ إلى‭ ‬تقييم‭ ‬دورها‭ ‬التنموي‮ ‬

 

تواجه‭ ‬تونس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لبناء‭ ‬وصيانة‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭. ‬وتعد‭ ‬البنوك،‭ ‬سواء‭ ‬العمومية‭ ‬أو‭ ‬الخاصة،‭ ‬شريكًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التوجهات‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬مع‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬مشكاة‭ ‬سلامة‭ ‬الخالدي‭ ‬بتاريخ‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تعوّل‭ ‬على‭ ‬تعاون‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الوطنية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬وتمويل‭ ‬مستدام‭.‬

وتعتبر‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مثل‭ ‬الصحة،‭ ‬التعليم،‭ ‬النقل،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتمويل‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية‭ ‬أساسًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تعاني‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تمويلها‭ ‬وصيانتها،‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬إشراك‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭.‬

جهود‭ ‬لدفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية

وحسب‭ ‬ما‭ ‬كشفه‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مراد‭ ‬الحطاب،‭ ‬أمس،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬بوزيرة‭ ‬المالية،‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬جهوده‭ ‬لدفع‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬حيث‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة،‭ ‬ولم‭ ‬تتجاوز‭ ‬القروض‭ ‬الممنوحة‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬نسبة‭ ‬15‭ ‬٪،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بلغت‭ ‬60‭ % ‬للقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وفقا‭ ‬لآخر‭ ‬بيانات‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بتفعيل‭ ‬الفصل‭ ‬412‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬التجارية‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬التخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬الثابتة‭ ‬المستوجبة‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬جاري‭ ‬خلاصها‭.‬

وتابع‭ ‬الخطاب‭ ‬بالقول،‭ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بتوزيع‭ ‬8‭ % ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬أرباحها‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قروض‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬كما‭ ‬أجهضت‭ ‬مشروع‭ ‬بعث‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تمنح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أي‭ ‬فرص‭ ‬استثمارية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬يتسم‭ ‬بالغموض‭.‬

وسلط‭ ‬الحطاب‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التحقيقات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬مديرين‭ ‬عامين‭ ‬ومجالس‭ ‬إدارة‭ ‬بالبنوك‭ ‬وسط‭ ‬شبهات‭ ‬بتسجيل‭ ‬خروقات‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬إسناد‭ ‬القروض،‭ ‬داعيا‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬ووزارة‭ ‬المالية‭ ‬ورئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬معاضدة‭ ‬الجهود‭ ‬لضمان‭ ‬سير‭ ‬هذه‭ ‬التحقيقات،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬كافة‭ ‬الملفات‭ ‬والتدقيق‭ ‬فيها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إقالة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الخروقات‭ ‬بالبنوك‭ ‬العمومية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لإصلاح‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلته‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬الدولة‭.‬

وأضاف‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬المالية‭ ‬مراد‭ ‬الحطاب‭ ‬،‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬للبنوك‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وتطويره،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬نلمس‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬معاضدة‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬وهي‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬تتعامل‭ ‬بمنطق‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تصور‭ ‬لمنوال‭ ‬التنمية‮»‬‭.‬

وشدد‭ ‬الحطاب‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حديثه،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التزام‭ ‬البنوك‭ ‬اليوم‭ ‬بدورها‭ ‬التنموي،‭ ‬ومعاضدة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ ‬تيسير‭ ‬منح‭ ‬القروض،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالتوجهات‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬نسق‭ ‬إصلاح‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬للتونسيين‭.‬

تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يؤكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء،‭ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بلعب‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬التمويل‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭ ‬الذي‭ ‬تحتاجه‭ ‬الدولة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشاريعها‭ ‬الكبرى،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬قروضًا‭ ‬ميسّرة‭ ‬لتمويل‭ ‬بناء‭ ‬المدارس،‭ ‬المستشفيات،‭ ‬الطرق،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الحيوية‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬سندات‭ ‬حكومية‭ ‬موجهة‭ ‬لدعم‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭.‬

وتُعد‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المرافق‭ ‬العامة‭. ‬فالبنوك‭ ‬يمكنها‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬خاصة،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬العبء‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‭.‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬تمويلية،‭ ‬تشجيع‭ ‬المستثمرين‭ ‬المحليين،‭ ‬والأجانب‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬النقل‭ ‬العام،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية‭. ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها‭.‬

وأشار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬الأخير‭ ‬بوزيرة‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬التحسّب‭ ‬للنفقات‭ ‬الطارئة‭ ‬والإضافية‭ ‬في‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬استشاريًا‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المخاطر‭ ‬المالية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتقليل‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭.‬

كما‭ ‬يساهم‭ ‬تعزيز‭ ‬الشمول‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬إيرادات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الجباية،‭ ‬إذ‭ ‬يتيح‭ ‬إدماج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناشطين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬الرسمي‭ ‬توسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬دافعي‭ ‬الضرائب‭. ‬ويمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬مالية‭ ‬ميسّرة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

ودعا‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬المالية‭ ‬البنوك‭ ‬إلى‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬للبنوك‭ ‬تخصيص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أرباحها‭ ‬لدعم‭ ‬برامج‭ ‬تحسين‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬المعدات‭ ‬الطبية‭ ‬للمستشفيات‭.‬

تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬والدولة

‮ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬البنوك،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬يجب‭ ‬أخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬ومنها‭ ‬غياب‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬والدولة،‭ ‬حيث‮ ‬‭ ‬يتطلب‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬وضع‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬وتنظيمي‭ ‬واضح‭. ‬كما‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬البنوك‭ ‬اليوم‭ ‬تحديات‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬السيولة‭ ‬اللازمة‭ ‬لدعم‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الديون‭ ‬المتعثرة‭. ‬ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإدارية‭ ‬المعقدة‭ ‬تعيق‭ ‬سرعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬البنوك،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التقلبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬التمويل‭ ‬المطلوب‭.‬

وهناك‭ ‬توصيات‭ ‬اليوم‭ ‬بضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة‭ ‬تحفّز‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬حقوقها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تشجيع‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منتجات‭ ‬مالية‭ ‬جديدة‭ ‬تناسب‭ ‬احتياجات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والبنوك،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأموال‭ ‬المخصصة‭ ‬للمشاريع‭ ‬العمومية،‭ ‬كما‭ ‬يوصي‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬بضرورة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الدولة،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬غير‭ ‬البنّاء‭.‬

ويتفق‭ ‬اليوم،‭ ‬جل‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬إشراك‭ ‬البنوك‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لبناء‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭ ‬ليس‭ ‬خيارًا‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬تمليها‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الحالية‭. ‬وكما‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬فإن‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬يعدان‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭. ‬ومع‭ ‬تضافر‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬والبنوك،‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬عيش‭ ‬المواطنين‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي