إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صنعت‭ ‬الحدث‭ ‬محليا‭ ‬والإشعاع‭ ‬دوليا.. تواصل‭ ‬النجاحات‭ ‬الطبية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬مستشفياتنا

◄رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬مستعمليه‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬تعكس‭ ‬عملا‭ ‬جماعيا‭ ‬مهيكلا‭ ‬ومنظومة‭ ‬عمومية‭ ‬صامدة

تتواصل‭ ‬سلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬والإنجازات‭ ‬الطبية‭ - ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬‮«‬بالباهرة‮»‬‭- ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬حافلا‮»‬‭ ‬بنجاحات‭ ‬طبية‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭. ‬وهي‭ ‬مفارقة‭ ‬تطرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬استفهام‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬عللها‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني،‭ ‬فإن‭ ‬كثيرين‭ ‬يتساءلون‭ ‬كيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تبدع‭ ‬وتحصد‭ ‬النجاح‭ ‬والإشعاع‭ ‬المحلي‭ ‬كما‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نقص‭ ‬الإمكانيات‭ ‬وتردي‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وهجرة‭ ‬الكفاءات‭ ‬الطبية‭. ‬لكن‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تفاجئ‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬الجميع‭ ‬بنجاحات‭ ‬ذاع‭ ‬صيتها‭ ‬محليا‭ ‬ودوليا‭ ‬لتصنع‭ ‬الحدث‭ ‬والاستثناء‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬العلل‭ ‬ورغم‭ ‬سعي‭ ‬عديد‭ ‬اللوبيات‭ ‬الى‭ ‬ضرب‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬العمومية‭ ‬لتشكل‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬مبهرة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬‮«‬يمرض‭ ‬ولا‭ ‬يموت‮»‬‭.‬

فهل‭ ‬تساهم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الانجازات‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الأمل‭ ‬الى‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬كوجهة‭ ‬صحية‭ ‬رائدة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات‭ ‬والتجهيزات‭ ‬الطبية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬هذا‭ ‬الإشعاع‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬صلب‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬شبح‭ ‬الهجرة؟

في‭ ‬استعراض‭ ‬لسلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬آخر‭ ‬النجاحات‭ ‬كان‭ ‬بحر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انطلق،‮ ‬قسم‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬سهلول بسوسة،‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬تدخّلات‭ ‬قسطرة‭ ‬معقّدة‭ ‬لاستئصال‭ ‬اضطرابات‭ ‬نبضات‭ ‬القلب‭ ‬باعتماد‭ ‬تجهيزات‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأكثر‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وكلّلت‭ ‬هذه‭ ‬التدخّلات‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬4‭ ‬مرضى‭ ‬بالنجاح،‮ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬الدكتور‭ ‬إلياس‭ ‬النفّاتي‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تصريحات‭ ‬إذاعية،‮ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭.‬

وذكّر‭ ‬النفّاتي‭ ‬بالتجهيزات‭ ‬الطبّية‭ ‬المتطوّرة،‭ ‬التي‭ ‬دعمت‭ ‬بها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬القسم‭ ‬المذكور‭ ‬خلال‭ ‬الأيّام‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬كلفتها‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬‮ ‬ويعزّز‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬الحديث‭ ‬ويمثّل‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬كما‭ ‬يفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة‭ ‬لعلاج‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬قلبية‭ ‬معقدة،‭ ‬بما‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياتهم‭ ‬وتقليص‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬توجيههم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬للعلاج‭.‬

وذكرت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬لها‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬الطبي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬موضحة‭ ‬أنّ‭ ‬العملية‭ ‬تمت‭ ‬باستخدام‭ ‬نظام‮ «‬Rythmia‮» ‬المتطور،‭ ‬والذي‭ ‬يتيح‭ ‬تشخيصًا‭ ‬دقيقًا‭ ‬وعلاجًا‭ ‬موجّهًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحالات‭ ‬المعقدة‭.‬

وبتاريخ‭ ‬29‭ ‬جانفي‭ ‬2025‭ ‬نجح‭ ‬فريق‭ ‬طبي‭ ‬بقسم‭ ‬جراحة‭ ‬القلب‭ ‬والشرايين‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بصفاقس‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬استئصال‭ ‬ورم‭ ‬حميد‭ ‬في‭ ‬الأذين‭ ‬الأيسر‭ ‬للقلب‭ ‬باستعمال‭ ‬تقنية‭ ‬المنظار‭ ‬وعبر‭ ‬فتحة‭ ‬جانبية‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬الصدر،‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬تعد‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي‭.‬

وتمكن‭ ‬أيضا‭ ‬بتاريخ‭ ‬27‭ ‬جانفي‭ ‬2025‮  ‬فريق‭ ‬طبّي‭ ‬تونسي‭ ‬بمركز‭ ‬التوليد‭ ‬وطب‭ ‬الرضيع‭ ‬بتونس‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬طبي‭ ‬جديد‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬أوّل‭ ‬عملية‭ ‬لوضع‭ ‬أنبوب‭ ‬صدري‭ ‬لتصريف‭ ‬السوائل‭ ‬من‭ ‬رئة‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬شهره‭ ‬السابع‭ ‬داخل‭ ‬رحم‭ ‬أمّه‭.‬

وحسب‭ ‬بلاغ‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحّة،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تمّت العملية‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأستاذة‭ ‬دلندة‭ ‬الشلي،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأستاذة‮ «‬كارميلا‭ ‬فوتينو‮» ‬وفريق‭ ‬قسم‭ ‬التخدير‭ ‬والإنعاش‭ ‬بقيادة‭ ‬الأستاذ‭ ‬حيان‭ ‬المغربي،‭ ‬وباستخدام‭ ‬التخدير‭ ‬الموضعي‭ ‬للأمّ‭ ‬ومراقبة‭ ‬دقيقة‭ ‬عبر‭ ‬التصوير‭ ‬بالصدى‮»‬‭.‬
وأضاف‭ ‬البلاغ،‭ ‬‮«‬أنّ‭ ‬العملية‭ ‬كُلّلت‭ ‬بالنجاح،‭ ‬ممّا‭ ‬يعكس‭ ‬تطور‭ ‬القطاع‭ ‬الطبّي‭ ‬العُمومي‭ ‬التونسي‭ ‬وكفاءته‭ ‬على‭ ‬الصعيديْن‭ ‬المحلّي‭ ‬والدولي‮»‬‭.‬

وبتاريخ‭ ‬22‭ ‬جانفي‭ ‬2025‭ ‬أيضا حققت‭ ‬الفرق‭ ‬الطبية‭ ‬التونسية‭ ‬إنجازاً‭ ‬جديداً‭ ‬في‭ ‬جراحة‭ ‬القلب،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬بنجاح‭ ‬إجراء‭ ‬أول‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لاستئصال‭ ‬الارتجاف‭ ‬الأذيني‭ ‬لمريض‭ ‬يحمل‭ ‬قلباً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬بسبب‭ ‬قصور‭ ‬قلبي‭ ‬حاد‭.‬

العملية،‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬الكهربة‭ ‬النفاذية‮»‬‭ (‬Electroporation‭)‬،‭ ‬تمت‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سامي‭ ‬مورالي،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬للكهول‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الرابطة،‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأستاذة‭ ‬سناء‭ ‬والي‭ ‬وفريق‭ ‬وحدة‭ ‬تعديل‭ ‬نبضات‭ ‬القلب‭.‬

وتم‭ ‬أيضا‭ ‬بتاريخ‭ ‬11‭ ‬جانفي‭ ‬2025‮  ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬مشرف‭ ‬بعد‭ ‬أن‮ ‬نجحت‭ ‬الفرق‭ ‬الطبّية‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬بتوزر‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬حالة‭ ‬جلطة‭ ‬دماغية‭ ‬لمريضة‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬65‭ ‬عاماً‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬الطب‭ ‬البعادي‭. ‬وتمت‭ ‬العملية‭ ‬بتعاون‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬مستشفى‭ ‬توزر‭ ‬وأقسام‭ ‬مختصة‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الرابطة‭ ‬والمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بصفاقس‭..‬

ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬النجاحات‭ ‬على‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬محطة‭ ‬هامة‭ ‬للإشعاع‭ ‬والتميز‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024‮ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬وشبه‭ ‬الطبي‭ ‬بقسم‭ ‬جراحة‭ ‬الأورام‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬بجندوبة‭ ‬إنجازا‭ ‬طبيا‭ ‬يُعد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬الجهة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬دقيقة‭ ‬ومعقدة‭.‬

وتتمثل‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬استئصال‭ ‬ورم‭ ‬خبيث‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوجه‭ ‬والغدة‭ ‬النكفية‮ ‬‭(‬exérèse de la tumeur avec évidement cervico‭-‬parotidien‭)‬،‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬بإصلاح‭ ‬الفراغ‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬العملية‭ ‬باستخدام‭ ‬سديلة‭ ‬جلدية‭ ‬وعضلية‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الصدر‭ ‬والكتف‮ ‬‭(‬lambeau deltopectoral‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬إجراء‭ ‬دقيق‭ ‬يتطلب‭ ‬خبرة‭ ‬جراحية‭ ‬متقدمة‭.‬

وقالت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬لها،‭ ‬إن‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬ضمّ‭ ‬أطباء‭ ‬جراحة‭ ‬الأورام‭ ‬ومساعدين‭ ‬طبيين‭ ‬وممرضين‭ ‬عملوا‭ ‬بتنسيق‭ ‬تام‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬العملية‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬النجاح،‭ ‬بعد‭ ‬افتتاح‭ ‬المركز‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الأمراض‭ ‬السرطانية‭ ‬بالمستشفى،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬عمله‭ ‬مؤخرا‭ ‬لتوفير‭ ‬خدمات‭ ‬علاجية‭ ‬متقدمة‭ ‬لسكان‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬الطبية‭ ‬فقد‭ ‬تعززت‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬عديد‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬بأجهزة‭ ‬وتقنيات‭ ‬طبية‭ ‬حديثة‭ ‬ومتطورة‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬قدرة‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬تقنيات‭ ‬علاجية‭ ‬متطورة‭ ‬للمواطنين‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬وتفاعلا‭ ‬مع‭ ‬الطرح‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬المعاناة‭ - ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬الى‭ ‬الإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭- ‬يولد‭ ‬الإبداع‭ ‬والتميز،‭ ‬أورد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬مستعمليه‭ ‬جوهر‭ ‬مزيد‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬قد‭ ‬برهنت‭ ‬عن‭ ‬صمودها‭ ‬منذ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬فرغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نخرها‭ ‬من‭ ‬داء‭ ‬متعدد‭ ‬الأبعاد‮ ‬ظلت‭ ‬صامدة‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهذه الإنجازات‭ ‬والنجاحات‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬محدثنا‭ ‬الى‭ ‬أنها‭ ‬تكشف‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬لم‭ ‬تنهر‭ ‬بعد وأن‭ ‬هناك‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬هياكل‭ ‬صحية‭ ‬عمومية‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياتها‭ ‬وبقيت‭ ‬مؤمنة‭ ‬بالقطاع‭ ‬العمومي‭ ‬وبالعطاء‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭. ‬وكشف‭ ‬محدثنا‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬تعكس‭ ‬عملا‭ ‬جماعيا‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مهيكلة‭ ‬وعن‭ ‬عمل‭ ‬منظم‭ ‬ومحكم‭ ‬كما‭ ‬يعكس‭ ‬أيضا‭ ‬استعدادات‭ ‬حثيثة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعداد‭ ‬والتحضير‭ ‬والتمويل‭ ‬وتلقي‭ ‬المساعدات‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬جمعيات‭ ‬أو‭ ‬خارجية‭ ‬عبر‭ ‬أطراف‭ ‬مانحة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬أمرا‭ ‬محمودا،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭. ‬لكن‭ ‬يستدرك‭ ‬محدثنا‭ ‬ليوضح‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬العمل‭ ‬المركز‭ ‬والمكان‭ ‬الملائم‭ ‬لما‭ ‬أمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬خارجيا‭ ‬أو‭ ‬محليا،‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬محكمة‭ ‬التخطيط‭ ‬وخاصة‭ ‬المهيكلة‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تحصد‭ ‬النجاحات‭ ‬الفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭.‬

وفي‭ ‬الاتجاه‭ ‬ذاته‭ ‬اعتبر‭ ‬جوهر‭ ‬مزيد‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬والإقلاع‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬القيام‭ ‬بإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يهم‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬على امتصاص‭ ‬نزيف‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطباء‭ ‬أوضح‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مازال‭ ‬نسبيا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ضعيفا‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬تقتضي‭ ‬القيام‭ ‬بعديد‭ ‬الخطوات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ضخ‭ ‬دماء‭ ‬جديدة‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬بالدماء‭ ‬الجديدة‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬ليطال‭ ‬رؤى‭ ‬جديدة‭ ‬وواضحة‭ ‬تعمل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬الغرف‭ ‬المغلقة‭. ‬كما‭ ‬أضاف‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬معضلة‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطباء‭ ‬يقتضي‭ ‬أيضا‭ ‬ضخ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬تتضمن‭ ‬حوافز‭ ‬مالية‭ ‬مع‭ ‬إقرار‭ ‬حوكمة‭ ‬جديدة‭ ‬يقع‭ ‬فيها‭ ‬ضبط‭ ‬جميع‭ ‬المسؤوليات‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الصحية‭ ‬يقتضي‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لمسألة‭ ‬الصيانة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الامتحان‭ ‬الوطني‭ ‬للتحول‭ ‬للمرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬للدراسات‭ ‬الطبية‭ ‬يقتضي‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعطاء‭ ‬نسبة‭ ‬أكبر‭ ‬للخطط‭ ‬للمناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬حتى‭ ‬تحظى‭ ‬بمختلف‭ ‬الاختصاصات‭.‬

منال‭ ‬الحرزي

صنعت‭ ‬الحدث‭ ‬محليا‭ ‬والإشعاع‭ ‬دوليا.. تواصل‭ ‬النجاحات‭ ‬الطبية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬مستشفياتنا

◄رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬مستعمليه‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬تعكس‭ ‬عملا‭ ‬جماعيا‭ ‬مهيكلا‭ ‬ومنظومة‭ ‬عمومية‭ ‬صامدة

تتواصل‭ ‬سلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬والإنجازات‭ ‬الطبية‭ - ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬‮«‬بالباهرة‮»‬‭- ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬حافلا‮»‬‭ ‬بنجاحات‭ ‬طبية‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭. ‬وهي‭ ‬مفارقة‭ ‬تطرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬استفهام‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬عللها‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني،‭ ‬فإن‭ ‬كثيرين‭ ‬يتساءلون‭ ‬كيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تبدع‭ ‬وتحصد‭ ‬النجاح‭ ‬والإشعاع‭ ‬المحلي‭ ‬كما‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نقص‭ ‬الإمكانيات‭ ‬وتردي‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وهجرة‭ ‬الكفاءات‭ ‬الطبية‭. ‬لكن‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تفاجئ‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬الجميع‭ ‬بنجاحات‭ ‬ذاع‭ ‬صيتها‭ ‬محليا‭ ‬ودوليا‭ ‬لتصنع‭ ‬الحدث‭ ‬والاستثناء‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬العلل‭ ‬ورغم‭ ‬سعي‭ ‬عديد‭ ‬اللوبيات‭ ‬الى‭ ‬ضرب‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬العمومية‭ ‬لتشكل‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬مبهرة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬‮«‬يمرض‭ ‬ولا‭ ‬يموت‮»‬‭.‬

فهل‭ ‬تساهم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الانجازات‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الأمل‭ ‬الى‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬كوجهة‭ ‬صحية‭ ‬رائدة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات‭ ‬والتجهيزات‭ ‬الطبية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬هذا‭ ‬الإشعاع‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬صلب‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬شبح‭ ‬الهجرة؟

في‭ ‬استعراض‭ ‬لسلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬آخر‭ ‬النجاحات‭ ‬كان‭ ‬بحر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انطلق،‮ ‬قسم‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬سهلول بسوسة،‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬تدخّلات‭ ‬قسطرة‭ ‬معقّدة‭ ‬لاستئصال‭ ‬اضطرابات‭ ‬نبضات‭ ‬القلب‭ ‬باعتماد‭ ‬تجهيزات‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأكثر‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وكلّلت‭ ‬هذه‭ ‬التدخّلات‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬4‭ ‬مرضى‭ ‬بالنجاح،‮ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬الدكتور‭ ‬إلياس‭ ‬النفّاتي‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تصريحات‭ ‬إذاعية،‮ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭.‬

وذكّر‭ ‬النفّاتي‭ ‬بالتجهيزات‭ ‬الطبّية‭ ‬المتطوّرة،‭ ‬التي‭ ‬دعمت‭ ‬بها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬القسم‭ ‬المذكور‭ ‬خلال‭ ‬الأيّام‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬كلفتها‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬‮ ‬ويعزّز‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬الحديث‭ ‬ويمثّل‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬كما‭ ‬يفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة‭ ‬لعلاج‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬قلبية‭ ‬معقدة،‭ ‬بما‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياتهم‭ ‬وتقليص‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬توجيههم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬للعلاج‭.‬

وذكرت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬لها‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬الطبي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬موضحة‭ ‬أنّ‭ ‬العملية‭ ‬تمت‭ ‬باستخدام‭ ‬نظام‮ «‬Rythmia‮» ‬المتطور،‭ ‬والذي‭ ‬يتيح‭ ‬تشخيصًا‭ ‬دقيقًا‭ ‬وعلاجًا‭ ‬موجّهًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحالات‭ ‬المعقدة‭.‬

وبتاريخ‭ ‬29‭ ‬جانفي‭ ‬2025‭ ‬نجح‭ ‬فريق‭ ‬طبي‭ ‬بقسم‭ ‬جراحة‭ ‬القلب‭ ‬والشرايين‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بصفاقس‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬استئصال‭ ‬ورم‭ ‬حميد‭ ‬في‭ ‬الأذين‭ ‬الأيسر‭ ‬للقلب‭ ‬باستعمال‭ ‬تقنية‭ ‬المنظار‭ ‬وعبر‭ ‬فتحة‭ ‬جانبية‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬الصدر،‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬تعد‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي‭.‬

وتمكن‭ ‬أيضا‭ ‬بتاريخ‭ ‬27‭ ‬جانفي‭ ‬2025‮  ‬فريق‭ ‬طبّي‭ ‬تونسي‭ ‬بمركز‭ ‬التوليد‭ ‬وطب‭ ‬الرضيع‭ ‬بتونس‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬طبي‭ ‬جديد‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬أوّل‭ ‬عملية‭ ‬لوضع‭ ‬أنبوب‭ ‬صدري‭ ‬لتصريف‭ ‬السوائل‭ ‬من‭ ‬رئة‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬شهره‭ ‬السابع‭ ‬داخل‭ ‬رحم‭ ‬أمّه‭.‬

وحسب‭ ‬بلاغ‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحّة،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تمّت العملية‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأستاذة‭ ‬دلندة‭ ‬الشلي،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأستاذة‮ «‬كارميلا‭ ‬فوتينو‮» ‬وفريق‭ ‬قسم‭ ‬التخدير‭ ‬والإنعاش‭ ‬بقيادة‭ ‬الأستاذ‭ ‬حيان‭ ‬المغربي،‭ ‬وباستخدام‭ ‬التخدير‭ ‬الموضعي‭ ‬للأمّ‭ ‬ومراقبة‭ ‬دقيقة‭ ‬عبر‭ ‬التصوير‭ ‬بالصدى‮»‬‭.‬
وأضاف‭ ‬البلاغ،‭ ‬‮«‬أنّ‭ ‬العملية‭ ‬كُلّلت‭ ‬بالنجاح،‭ ‬ممّا‭ ‬يعكس‭ ‬تطور‭ ‬القطاع‭ ‬الطبّي‭ ‬العُمومي‭ ‬التونسي‭ ‬وكفاءته‭ ‬على‭ ‬الصعيديْن‭ ‬المحلّي‭ ‬والدولي‮»‬‭.‬

وبتاريخ‭ ‬22‭ ‬جانفي‭ ‬2025‭ ‬أيضا حققت‭ ‬الفرق‭ ‬الطبية‭ ‬التونسية‭ ‬إنجازاً‭ ‬جديداً‭ ‬في‭ ‬جراحة‭ ‬القلب،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬بنجاح‭ ‬إجراء‭ ‬أول‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لاستئصال‭ ‬الارتجاف‭ ‬الأذيني‭ ‬لمريض‭ ‬يحمل‭ ‬قلباً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬بسبب‭ ‬قصور‭ ‬قلبي‭ ‬حاد‭.‬

العملية،‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬الكهربة‭ ‬النفاذية‮»‬‭ (‬Electroporation‭)‬،‭ ‬تمت‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سامي‭ ‬مورالي،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬للكهول‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الرابطة،‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأستاذة‭ ‬سناء‭ ‬والي‭ ‬وفريق‭ ‬وحدة‭ ‬تعديل‭ ‬نبضات‭ ‬القلب‭.‬

وتم‭ ‬أيضا‭ ‬بتاريخ‭ ‬11‭ ‬جانفي‭ ‬2025‮  ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬مشرف‭ ‬بعد‭ ‬أن‮ ‬نجحت‭ ‬الفرق‭ ‬الطبّية‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬بتوزر‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬حالة‭ ‬جلطة‭ ‬دماغية‭ ‬لمريضة‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬65‭ ‬عاماً‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬الطب‭ ‬البعادي‭. ‬وتمت‭ ‬العملية‭ ‬بتعاون‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬مستشفى‭ ‬توزر‭ ‬وأقسام‭ ‬مختصة‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الرابطة‭ ‬والمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بصفاقس‭..‬

ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬النجاحات‭ ‬على‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬محطة‭ ‬هامة‭ ‬للإشعاع‭ ‬والتميز‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024‮ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬وشبه‭ ‬الطبي‭ ‬بقسم‭ ‬جراحة‭ ‬الأورام‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬بجندوبة‭ ‬إنجازا‭ ‬طبيا‭ ‬يُعد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬الجهة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬دقيقة‭ ‬ومعقدة‭.‬

وتتمثل‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬استئصال‭ ‬ورم‭ ‬خبيث‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوجه‭ ‬والغدة‭ ‬النكفية‮ ‬‭(‬exérèse de la tumeur avec évidement cervico‭-‬parotidien‭)‬،‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬بإصلاح‭ ‬الفراغ‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬العملية‭ ‬باستخدام‭ ‬سديلة‭ ‬جلدية‭ ‬وعضلية‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الصدر‭ ‬والكتف‮ ‬‭(‬lambeau deltopectoral‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬إجراء‭ ‬دقيق‭ ‬يتطلب‭ ‬خبرة‭ ‬جراحية‭ ‬متقدمة‭.‬

وقالت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬لها،‭ ‬إن‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬ضمّ‭ ‬أطباء‭ ‬جراحة‭ ‬الأورام‭ ‬ومساعدين‭ ‬طبيين‭ ‬وممرضين‭ ‬عملوا‭ ‬بتنسيق‭ ‬تام‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬العملية‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬النجاح،‭ ‬بعد‭ ‬افتتاح‭ ‬المركز‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الأمراض‭ ‬السرطانية‭ ‬بالمستشفى،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬عمله‭ ‬مؤخرا‭ ‬لتوفير‭ ‬خدمات‭ ‬علاجية‭ ‬متقدمة‭ ‬لسكان‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬الطبية‭ ‬فقد‭ ‬تعززت‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬عديد‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬بأجهزة‭ ‬وتقنيات‭ ‬طبية‭ ‬حديثة‭ ‬ومتطورة‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬قدرة‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬تقنيات‭ ‬علاجية‭ ‬متطورة‭ ‬للمواطنين‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬وتفاعلا‭ ‬مع‭ ‬الطرح‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬المعاناة‭ - ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬الى‭ ‬الإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭- ‬يولد‭ ‬الإبداع‭ ‬والتميز،‭ ‬أورد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬مستعمليه‭ ‬جوهر‭ ‬مزيد‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬قد‭ ‬برهنت‭ ‬عن‭ ‬صمودها‭ ‬منذ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬فرغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نخرها‭ ‬من‭ ‬داء‭ ‬متعدد‭ ‬الأبعاد‮ ‬ظلت‭ ‬صامدة‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهذه الإنجازات‭ ‬والنجاحات‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬محدثنا‭ ‬الى‭ ‬أنها‭ ‬تكشف‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬لم‭ ‬تنهر‭ ‬بعد وأن‭ ‬هناك‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬هياكل‭ ‬صحية‭ ‬عمومية‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياتها‭ ‬وبقيت‭ ‬مؤمنة‭ ‬بالقطاع‭ ‬العمومي‭ ‬وبالعطاء‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭. ‬وكشف‭ ‬محدثنا‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬تعكس‭ ‬عملا‭ ‬جماعيا‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مهيكلة‭ ‬وعن‭ ‬عمل‭ ‬منظم‭ ‬ومحكم‭ ‬كما‭ ‬يعكس‭ ‬أيضا‭ ‬استعدادات‭ ‬حثيثة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعداد‭ ‬والتحضير‭ ‬والتمويل‭ ‬وتلقي‭ ‬المساعدات‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬جمعيات‭ ‬أو‭ ‬خارجية‭ ‬عبر‭ ‬أطراف‭ ‬مانحة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬أمرا‭ ‬محمودا،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭. ‬لكن‭ ‬يستدرك‭ ‬محدثنا‭ ‬ليوضح‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬العمل‭ ‬المركز‭ ‬والمكان‭ ‬الملائم‭ ‬لما‭ ‬أمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬خارجيا‭ ‬أو‭ ‬محليا،‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬محكمة‭ ‬التخطيط‭ ‬وخاصة‭ ‬المهيكلة‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تحصد‭ ‬النجاحات‭ ‬الفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭.‬

وفي‭ ‬الاتجاه‭ ‬ذاته‭ ‬اعتبر‭ ‬جوهر‭ ‬مزيد‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬العمومية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬والإقلاع‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬القيام‭ ‬بإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يهم‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬على امتصاص‭ ‬نزيف‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطباء‭ ‬أوضح‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مازال‭ ‬نسبيا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ضعيفا‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬تقتضي‭ ‬القيام‭ ‬بعديد‭ ‬الخطوات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ضخ‭ ‬دماء‭ ‬جديدة‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬بالدماء‭ ‬الجديدة‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬ليطال‭ ‬رؤى‭ ‬جديدة‭ ‬وواضحة‭ ‬تعمل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬الغرف‭ ‬المغلقة‭. ‬كما‭ ‬أضاف‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬معضلة‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطباء‭ ‬يقتضي‭ ‬أيضا‭ ‬ضخ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬تتضمن‭ ‬حوافز‭ ‬مالية‭ ‬مع‭ ‬إقرار‭ ‬حوكمة‭ ‬جديدة‭ ‬يقع‭ ‬فيها‭ ‬ضبط‭ ‬جميع‭ ‬المسؤوليات‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الصحية‭ ‬يقتضي‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لمسألة‭ ‬الصيانة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الامتحان‭ ‬الوطني‭ ‬للتحول‭ ‬للمرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬للدراسات‭ ‬الطبية‭ ‬يقتضي‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعطاء‭ ‬نسبة‭ ‬أكبر‭ ‬للخطط‭ ‬للمناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬حتى‭ ‬تحظى‭ ‬بمختلف‭ ‬الاختصاصات‭.‬

منال‭ ‬الحرزي