تتواصل المبادرات والإجراءات لتجاوز أزمة نقص طب الاختصاص في الجهات في ظل عدم التوصل إلى حلول ناجعة إلى حد الآن. وفي هذا الإطار قررت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بالبرلمان، البدء في دراسة مقترح القانون المتعلق بسن أحكام استثنائية لتغطية الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص وذلك بالاستماع إلى جهة المبادرة في مرحلة أولى ثم إلى كل من وزارة الصحة ومختلف الهياكل الممثلة للقطاع المعني.
وكان مكتب البرلمان، قد أحال منذ حوالي سنة، مقترح قانون إلى لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة، يتعلّق بـ«الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص.
بعد أن أودع 56 نائبًا بالبرلمان بتاريخ 22 فيفري الفارط،بمكتب الضبط المركزي بالبرلمان «مشروع قانون يتعلق بسنَ أحكام استثنائية لتغطية الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص»، يقضي بإلزام أطباء الاختصاص الجدد بالعمل في الجهات الداخلية، في ظل ما تشهده العديد من الولايات التونسية من عزوف أطباء الاختصاص.
فحوى مشروع القانون
وينص مقترح القانون على أنّ «الطبيب المقيم الذي سبق له الترسيم على القائمة الخاصة بالجهات ذات الأولوية، يتولى اختيار الاختصاص والجهة في نطاق تلك القائمة، ويتعيّن عليه، قبل مباشرة وظائفه، تقديم التزام للمصالح المختصة بالوزارة المكلَفة بالصحة يكون معرفًا بالإمضاء عليه، بالعمل بالجهة المعنية لمدة مساوية لمدة الإقامة إثر حصوله على الشهادة الوطنية للتخصص في الطب».
ويُضبط أنموذج الالتزام بمقرر من الوزير المكلّف بالصحة. ويترتبَ عن إمضاء هذا الالتزام التقيّد بقضاء مدة عمل فعليّة مساوية لمدةَ الإقامة، حسب مشروع القانون. كما ينص مقترح القانون المعروض على أن «كلّ مخالف يعرض نفسه لخطية مالية تساوي المبلغ الإجمالي الخام الذي يتقاضاه طبيب مباشر في نفس الرتبة والمدة المشار إليها» وأنه «لا يمكن مخالفة هذه الأحكام إلا بمقتضى ترخيص من الوزير المكلّف بالصحة وفقًا لشروط وإجراءات يتمّ ضبطها بقرار مشترك بين الوزيرين المكلفين بالصحة وبالتعليم العالي».
جاء في مشروع القانون أيضا أنّ «اختيار الاختصاصات يدخل في نطاق تطبيق مقتضيات الخدمة المدنيّة في القطاع الصحي وتجسيدًا لمقتضيات التضّامن الوطني»، مشيرًا إلى أنّ «العمل بأحكام هذا القانون يتوقف بموجب قانون تبعًا للتقدّم المنجز في سدّ الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص، وذلك بناء على تقرير في الغرض يعدّه الوزير المكلف بالصحة».
أزمة متواصلة
في وثيقة شرح الأسباب لمشروع القانون يقر النواب أن الهدف هو «تلافي النقص الفادح في أطباء الاختصاص خاصة في المناطق الداخلية مما أثر سلبا على “الحق في الحياة” للمرضى بمختلف ربوع البلاد».
ولا أحد ينكر حدة الأزمة المتعلقة بنقص أطباء الاختصاص في الجهات الداخلية في ظل العزوف في صفوف أطباء الاختصاص عن الالتحاق بالعمل في بعض الجهات. وفي أكثر من مناسبة تشهد بعض المستشفيات الجهوية نقصا في بعض الاختصاصات الحيوية على غرار طب الإنعاش حيث ظلت بعض الجهات وفي فترات سابقة دون طبيب إنعاش على غرار المستشفي الجهوي بالقصرين .
يذكر أن طب الإنعاش من بين الاختصاصات التي تحتاج إلى دعم في الجهات الداخلية وقد صرح سابقا رئيس الجمعية التونسية لطب الإنعاش، مبروك بهلول، أن وزارة الصحة «تبذل جهودا كبيرة لتوفير خدمات طب الإنعاش في المناطق التي قد تعرف نقصا في هذا الاختصاص وخاصة النقص المسجل في أطباء الإنعاش».
مضيفا «نحن في تونس في حاجة الى أطباء الإنعاش خاصة وأن عدد خريجي كليات الطب في هذا الاختصاص يتراوح سنويا بين 15 و20 طبيبا مختصا» مؤكد أن «التغطية بأطباء الإنعاش ستتحسن أكثر في الفترات القريبة القادمة خاصة وأن عدد الأطباء المقيمين في اختصاص طب الإنعاش الذين يواصلون تكوينهم حاليا يصل الى 109 طبيب مختص وسيتطور عددهم الى 160 طبيبا مقيما في اختصاص طب الإنعاش سنة 2026″.
كما أشار رئيس الجمعية التونسية لطب الإنعاش الى أن «الكفاءات الطبية المتخصصة في هذا الميدان عليها طلب كبير في عديد دول العالم وتقدم لهم إغراءات كبيرة جدا وذلك بالنظر الى القيمة العالية للتكوين التونسي في اختصاص طب الإنعاش».
ويعد استقطاب الكفاءات الطبية التونسية وهجرة الإطار الطبي وشبه الطبي أحد العوامل الأخرى المساهمة في أزمة طب الاختصاص في الجهات الداخلية.
مجهود الوزارة
لا تنكر وزارة الصحة حقيقة أزمة نقص أطباء الاختصاص في الجهات رغم الجهود المبذولة للتخفيف من وطأتها وذلك من خلال تدعيم الانتدابات في كل المجالات ومنها أطباء الاختصاص .
وتفيد مصادر وزارة الصحة في هذا الصدد بأن ميزانية 2024، مكنت قطاع الصحة العمومية من 3000 انتداب، شملت الإطارات الطبية وشبه الطبية والأعوان الإداريين، ومن بينها أطباء الاختصاص .
ووفق ميزانية السنة الحالية ينتظر أن تتواصل الانتدابات الجديدة في قطاع الصحة العمومية .
وقد أفاد وزير الصحة مصطفى الفرجاني، في جلسة مناقشة ميزانية وزارة الصحة أمام نواب مجلس الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن الوزارة «سجّلت النقص فقط في اختصاصي أطبّاء الأشعة والتخدير والإنعاش وتجد الحلول لبقية الاختصاصات الطبية، معلنا عن الترفيع في حصّة أطباء الإنعاش والتخدير في الانتدابات لفائدة المستشفيات لتجاوز هذا النقص».
◗ م.ي
تتواصل المبادرات والإجراءات لتجاوز أزمة نقص طب الاختصاص في الجهات في ظل عدم التوصل إلى حلول ناجعة إلى حد الآن. وفي هذا الإطار قررت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بالبرلمان، البدء في دراسة مقترح القانون المتعلق بسن أحكام استثنائية لتغطية الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص وذلك بالاستماع إلى جهة المبادرة في مرحلة أولى ثم إلى كل من وزارة الصحة ومختلف الهياكل الممثلة للقطاع المعني.
وكان مكتب البرلمان، قد أحال منذ حوالي سنة، مقترح قانون إلى لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة، يتعلّق بـ«الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص.
بعد أن أودع 56 نائبًا بالبرلمان بتاريخ 22 فيفري الفارط،بمكتب الضبط المركزي بالبرلمان «مشروع قانون يتعلق بسنَ أحكام استثنائية لتغطية الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص»، يقضي بإلزام أطباء الاختصاص الجدد بالعمل في الجهات الداخلية، في ظل ما تشهده العديد من الولايات التونسية من عزوف أطباء الاختصاص.
فحوى مشروع القانون
وينص مقترح القانون على أنّ «الطبيب المقيم الذي سبق له الترسيم على القائمة الخاصة بالجهات ذات الأولوية، يتولى اختيار الاختصاص والجهة في نطاق تلك القائمة، ويتعيّن عليه، قبل مباشرة وظائفه، تقديم التزام للمصالح المختصة بالوزارة المكلَفة بالصحة يكون معرفًا بالإمضاء عليه، بالعمل بالجهة المعنية لمدة مساوية لمدة الإقامة إثر حصوله على الشهادة الوطنية للتخصص في الطب».
ويُضبط أنموذج الالتزام بمقرر من الوزير المكلّف بالصحة. ويترتبَ عن إمضاء هذا الالتزام التقيّد بقضاء مدة عمل فعليّة مساوية لمدةَ الإقامة، حسب مشروع القانون. كما ينص مقترح القانون المعروض على أن «كلّ مخالف يعرض نفسه لخطية مالية تساوي المبلغ الإجمالي الخام الذي يتقاضاه طبيب مباشر في نفس الرتبة والمدة المشار إليها» وأنه «لا يمكن مخالفة هذه الأحكام إلا بمقتضى ترخيص من الوزير المكلّف بالصحة وفقًا لشروط وإجراءات يتمّ ضبطها بقرار مشترك بين الوزيرين المكلفين بالصحة وبالتعليم العالي».
جاء في مشروع القانون أيضا أنّ «اختيار الاختصاصات يدخل في نطاق تطبيق مقتضيات الخدمة المدنيّة في القطاع الصحي وتجسيدًا لمقتضيات التضّامن الوطني»، مشيرًا إلى أنّ «العمل بأحكام هذا القانون يتوقف بموجب قانون تبعًا للتقدّم المنجز في سدّ الحاجيات الوطنية في مجال طب الاختصاص، وذلك بناء على تقرير في الغرض يعدّه الوزير المكلف بالصحة».
أزمة متواصلة
في وثيقة شرح الأسباب لمشروع القانون يقر النواب أن الهدف هو «تلافي النقص الفادح في أطباء الاختصاص خاصة في المناطق الداخلية مما أثر سلبا على “الحق في الحياة” للمرضى بمختلف ربوع البلاد».
ولا أحد ينكر حدة الأزمة المتعلقة بنقص أطباء الاختصاص في الجهات الداخلية في ظل العزوف في صفوف أطباء الاختصاص عن الالتحاق بالعمل في بعض الجهات. وفي أكثر من مناسبة تشهد بعض المستشفيات الجهوية نقصا في بعض الاختصاصات الحيوية على غرار طب الإنعاش حيث ظلت بعض الجهات وفي فترات سابقة دون طبيب إنعاش على غرار المستشفي الجهوي بالقصرين .
يذكر أن طب الإنعاش من بين الاختصاصات التي تحتاج إلى دعم في الجهات الداخلية وقد صرح سابقا رئيس الجمعية التونسية لطب الإنعاش، مبروك بهلول، أن وزارة الصحة «تبذل جهودا كبيرة لتوفير خدمات طب الإنعاش في المناطق التي قد تعرف نقصا في هذا الاختصاص وخاصة النقص المسجل في أطباء الإنعاش».
مضيفا «نحن في تونس في حاجة الى أطباء الإنعاش خاصة وأن عدد خريجي كليات الطب في هذا الاختصاص يتراوح سنويا بين 15 و20 طبيبا مختصا» مؤكد أن «التغطية بأطباء الإنعاش ستتحسن أكثر في الفترات القريبة القادمة خاصة وأن عدد الأطباء المقيمين في اختصاص طب الإنعاش الذين يواصلون تكوينهم حاليا يصل الى 109 طبيب مختص وسيتطور عددهم الى 160 طبيبا مقيما في اختصاص طب الإنعاش سنة 2026″.
كما أشار رئيس الجمعية التونسية لطب الإنعاش الى أن «الكفاءات الطبية المتخصصة في هذا الميدان عليها طلب كبير في عديد دول العالم وتقدم لهم إغراءات كبيرة جدا وذلك بالنظر الى القيمة العالية للتكوين التونسي في اختصاص طب الإنعاش».
ويعد استقطاب الكفاءات الطبية التونسية وهجرة الإطار الطبي وشبه الطبي أحد العوامل الأخرى المساهمة في أزمة طب الاختصاص في الجهات الداخلية.
مجهود الوزارة
لا تنكر وزارة الصحة حقيقة أزمة نقص أطباء الاختصاص في الجهات رغم الجهود المبذولة للتخفيف من وطأتها وذلك من خلال تدعيم الانتدابات في كل المجالات ومنها أطباء الاختصاص .
وتفيد مصادر وزارة الصحة في هذا الصدد بأن ميزانية 2024، مكنت قطاع الصحة العمومية من 3000 انتداب، شملت الإطارات الطبية وشبه الطبية والأعوان الإداريين، ومن بينها أطباء الاختصاص .
ووفق ميزانية السنة الحالية ينتظر أن تتواصل الانتدابات الجديدة في قطاع الصحة العمومية .
وقد أفاد وزير الصحة مصطفى الفرجاني، في جلسة مناقشة ميزانية وزارة الصحة أمام نواب مجلس الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن الوزارة «سجّلت النقص فقط في اختصاصي أطبّاء الأشعة والتخدير والإنعاش وتجد الحلول لبقية الاختصاصات الطبية، معلنا عن الترفيع في حصّة أطباء الإنعاش والتخدير في الانتدابات لفائدة المستشفيات لتجاوز هذا النقص».