- غدا النظر في قرض بمبلغ 170 مليارا لربط أحياء سكنية بقنوات التطهير
- الدولة تكفل حرية الاستثمار للأفراد والمؤسسات دون الحاجة لترخيص مسبق في جميع القطاعات الاقتصادية
- حماية الشركات من الضغوط القانونية غير المبررة التي تعيق أصحابها وتهدد استمرارية أنشطتها
- إلغاء تجريم المخالفات والجنح المالية وتطبيق العقوبات البديلة
- دعم التوجهات الاقتصادية الحديثة والتكيف مع المتغيرات الدولية
«تلغى جميع التراخيص الإدارية المسبقة للأنشطة الاقتصادية باستثناء تلك التي تمس بالأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة.. تلتزم الدولة بتوفير بيئة قانونية مستقرة للمستثمرين المحليين والأجانب.. تستبدل العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تتناسب مع طبيعة المخالفة الاقتصادية أو الجنحة ويحجر تجريم الأفعال المالية أو الاقتصادية البسيطة التي تصنف كجنح مالية أو مخالفات غير جسيمة».. هذا أبرز ما نص عليه مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الذي أحاله مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه الأخير إلى لجنة المالية والميزانية ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المُستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية.
وفي انتظار دراسة هذه المبادرة التشريعية يوجد حاليا على مكتب اللجنتين مشروع قانون تم تقديمه من قبل رئاسة الجمهورية مع طلب استعجال نظر وهو يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 25 جوان 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو، أي ما يعادل 170 مليار للمساهمة في تمويل القسط السادس من البرنامج الوطني لربط عدد من الأحياء السكنية بقنوات التطهير. وسيتم يوم الغد الاثنين 13 جانفي 2025 بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا عقد جلسة مشتركة بقصر باردو بين اللجنتين بتركيبتهما الجديدة تخصص أشغالها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة البيئة والرئيس المدير العام للديوان الوطني للتطهير حول مشروع هذا القرض الذي يهدف إلى ربط 139 حيا سكنيا بقنوات الصرف الصحي على امتداد 542 كلم وانجاز 37 محطة ضخ جديدة.
أما مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، فيهدف إلى تعزيز الحرية الاقتصادية والتخفيف من تجريم المخالفات المالية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات وقد تم تقديمه من قبل النواب ظافر الصغيري ومحمد زياد الماهر وفخري عبد الخالق وآمال المؤدب وصالح الصيادي وحسام محجوب ومحمود العامري ومنال بديده ويسري البواب وأحمد بن نور وعبد الرزاق عويدات وبوبكر بن يحي وعبد السلام الحمروني وعز الدين التايب وعلي زغدود ونجيب عكرمي والمختار عبد المولى وفوزي الدعاس وأيمن بن صالح وطارق الربعي.
وتضمن مقترح القانون المذكور 13 فصلا. وجاء الفصل الأول تحت عنوان الحق في الحرية الاقتصادية وهي حق أساسي يكفل للأفراد والمؤسسات ممارسة أنشطتهم الاقتصادية بحرية دون تدخل غير مبرر من قبل السلطات وذلك في إطار احترام القوانين والأنظمة المعمول بها، والتي تضمن حقوق المستهلك والمنافسة النزيهة والاستقرار الاقتصادي. أما الفصل الثاني فهو تحت عنوان الحد من تجريم الأنشطة الاقتصادية، وبموجبه لا يجوز تجريم أي نشاط اقتصادي مشروع ومعلن إلا في حالات الانتهاكات الجسيمة التي تهدد النظام العام أو السلامة العامة، على أن يكون التجريم مبررا قانونيا وتحت إشراف القضاء، ويمنع على السلطات العامة ممارسة الضغوط غير القانونية أو التهديد بالعقوبات الجزائية ضد الأفراد أو المؤسسات لمجرد ممارسة نشاط اقتصادي قانوني.
حرية الاستثمار
وجاء الفصل الثالث من مقترح القانون سالف الذكر تحت عنوان ضمان حرية الاستثمار. ونص على أن تكفل الدولة حرية الاستثمار للأفراد والمؤسسات دون الحاجة لترخيص مسبق في جميع القطاعات الاقتصادية ما لم ينص القانون صراحة على تنظيم قطاع محدد لأسباب تتعلق بالأمن العام أو الصحة العامة أو المصلحة العامة، وتكون الضوابط في هذه الحالة واضحة ومعللة. وإلى جانب إلغاء التراخيص الإدارية المسبقة للأنشطة الاقتصادية باستثناء تلك التي تمس بالأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة، تحدد الأنشطة المستثناة من هذا الإلغاء بقرار حكومي يصدر لهذا الغرض، وتشمل على سبيل الذكر لا الحصر، الأنشطة المتعلقة بالصحة العامة والسلامة البيئية وسلامة الأفراد والممتلكات. ويتعين على الجهات المختصة مراقبة الأنشطة المعفاة من التراخيص وضمان التزامها بالقوانين والأنظمة المعمول بها. وفي حالة ثبوت الإخلال بالنظام العام أو الأمن العام من قبل أصحاب الأنشطة المعفاة تحتفظ السلطات بحق اتخاذ الإجراءات اللازمة بما في ذلك فرض عقوبات أو إيقاف النشاط إن لزم الأمر.
وبالنسبة إلى الفصل الرابع الوارد تحت عنوان «حماية المنافسة النزيهة» فهو يلزم السلطات بحماية المنافسة النزيهة وتشجيعها من خلال مكافحة الممارسات الاحتكارية والتدابير التقييدية التي تعوق انفتاح السوق، ونص على أنه لا يجوز سن قوانين أو إصدار لوائح تمنح امتيازات احتكارية أو تقييدية لأي جهة اقتصادية إلا إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك ووفق ضوابط واضحة ومحددة.
وعنون أصحاب المبادرة التشريعية المحالة على لجنتي المالية والتخطيط الاستراتيجي الفصل الخامس بضمان الأمن القانوني للمستثمرين، وتلتزم الدولة بموجب هذا الفصل بتوفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للمستثمرين المحليين والأجانب ويحق للمستثمرين الاعتماد على استقرار القوانين والإجراءات الاقتصادية ولا يجوز إجراء تغييرات تؤثر على استثماراتهم إلا وفق أسس قانونية معللة.
في حين يضمن الفصل السادس «حرية التجارة الداخلية والخارجية» ونص على أنه يحق للأفراد والمؤسسات ممارسة الأنشطة التجارية داخل تونس وخارجها بحرية مع الالتزام بالقوانين المحلية والدولية المتعلقة بالتجارة وحماية الملكية الفكرية وحماية المستهلك.
إلغاء التجريم
ومن أبرز مقتضيات مقترح القانون المتعلق بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الفصل السابع الذي جاء لإلغاء تجريم المخالفات والجنح المالية وتطبيق العقوبات البديلة. ونص على حظر تجريم الأفعال المالية أو الاقتصادية البسيطة التي تصنف كجنح مالية أو مخالفات غير جسيمة باستثناء الحالات التي يثبت فيها التزوير والتحيل أو السرقة. وفي حالة ارتكاب جنحة مالية أو اقتصادية لا تتضمن تحيلا متعمدا أو ضررا كبيرا على الاقتصاد الوطني أو حقوق الأطراف المعنية، يتم تطبيق عقوبات إدارية أو عقوبات بديلة مثل الغرامات المالية أو تسوية النزاع خارج المحكمة بدلا عن العقوبات السالبة للحرية.. وحسب ما ورد في نفس الفصل ترفع صفة الجريمة على جميع المخالفات والجنح البسيطة باستثناء الجرائم التي تشمل التزوير والتحيل أو السرقة. وتلغى العقوبات السالبة للحرية عن المخالفات والجنح المشمولة بهذا الفصل باستثناء الحالات التي يثبت فيها التزوير أو التحيل أو السرقة. وتستبدل العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تتناسب مع طبيعة المخالفة أو الجنحة وتشمل على سبيل المثال الغرامات المالية والعمل للصالح العام والمصالحة أو التسوية المالية بين الأطراف. ويراعى التدرج في المساءلة القانونية لضمان عدم إلحاق أضرار مفرطة بالمؤسسات الاقتصادية أو الأفراد مع الالتزام بمبدأ المحاسبة العادلة بما يحقق التوازن بين حماية النشاط الاقتصادي وضمان الامتثال للقوانين.
ونص الفصل الثامن من المبادرة التشريعية التي تقدم بها النائب بلجنة المالية والميزانية ظافر الصغيري بمعية مجموعة أخرى من أعضاء مجلس نواب الشعب، على أن يطبق قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع بأثر رجعي شريطة أن يكون ذلك لصالح الأفراد والمؤسسات ويؤدي إلى إلغاء التجريم على بعض الأفعال التي كانت تعتبر سابقا مخالفة، وتستثنى من التطبيق بأثر رجعي، الحالات التي تنطوي على فساد أو تلاعب جسيم بالمال العام أو انتهاكات خطيرة تمس النظام العام.
مراجعة دورية
وجاء الفصل التاسع من قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع ليكرس المراجعة الدورية للقوانين الاقتصادية بهدف تعزيز الحرية الاقتصادية ودعم النمو، أما الفصل العاشر فيلزم الدولة بتفعيل التشريعات التي تحث على الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة ومجلة الاستثمار وقانون المنافسة مع تحديث التشريعات بصفة دورية لتتلاءم مع الحاجيات المتغيرة للأسواق المحلية والدولية بغاية تعزيز بيئة استثمارية حرة وجاذبة بالتشاور مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هدف التوافق المجتمعي حول التغييرات التشريعية.
أما الفصل الحادي عشر فإنه يلزم الدولة بتفعيل الدور الرقابي والحمائي والاستشاري، في حين يلزم الفصل الثاني عشر الدولة بتحسين المناخ الإداري والرقمي لتأسيس الشركات بما يمنع تأثير الوسطاء أو الكارتيلات أو المزادات غير القانونية على الشركات الناشئة ويهدف هذا الفصل إلى خلق بيئة جاذبة للشركات الجديدة تضمن دخولها للسوق بكفاءة وشفافية.
في حين تضمن الفصل الثالث عشر أحكاما تهم المستثمر وتمنح بموجبه للمستثمرين بطاقة خاصة تمكنهم من الحصول على أولوية في الخدمات الإدارية والنفاذ إلى المعلومات المتعلقة بمشاريعهم بما يساهم في دعم أعمالهم. كما نص هذا الفصل على إنشاء منصات الكترونية مخصصة للمستثمرين تتيح لهم التواصل المباشر مع الأجهزة الرقابية وتمكنهم من الإبلاغ السريع عن أي تهديدات أو مضايقات تهدف إلى ابتزازهم أو الحد من نشاطهم الاقتصادي. وتتضمن هذه المنصات قنوات لاقتراح الحلول وتقديم التظلمات وتعمل الجهات المختصة على النظر فيها ومتابعتها لضمان سرعة التدخل وحل المشاكل التي تعترض المستثمرين بما يعزز مناخ الاستثمار
أسباب تقديم المبادرة
ولخّص النواب أصحاب المبادرة التشريعية المتعلقة بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الأسباب التي دفعتهم إلى تقديم مقترح القانون المذكور في 8 نقاط أولها تحفيز الاستثمار ودعم البنية الاقتصادية لإدراكهم أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية من أجل دعم النمو وخلق فرص عمل جديدة، وأن القوانين التي تحمي حرية الاقتصاد وتقلل من التجريم المفرط للجنح المالية تعد عاملا يشجع المستثمرين على بعث المشاريع دون خوف من العقوبات الثقيلة التي قد تكون غير مبررة في حالات ارتكاب أخطاء مالية بسيطة.
ويتمثل السبب الثاني لتقديم المبادرة التشريعية، في دعم الابتكار وريادة الأعمال ويرى النواب أصحاب المقترح أن رواد المشاريع الصغيرة والمتوسطة هم محرك الاقتصاد وأن القوانين التي لا تجرم الأنشطة الاقتصادية تشجعهم على بلورة أفكار مشاريع جديدة وتجربتها وتوسيع دائرة أعمالهم دون خوف من الملاحقة الجزائية غير الضرورية في حالة حدوث أخطاء غير متعمدة. كما يرون أن القوانين والحريات الاقتصادية التي تمنح مرونة وتقلل من القيود تسهم بالضرورة في خلق بنية محفزة للنمو والابتكار.
أما السبب الثالث لتقديم مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، فيتمثل في تخفيف العبء على القضاء لأن تجريم الجنح المالية البسيطة يؤدي إلى تراكم القضايا في المحاكم مما يزيد في الضغط على النظام القضائي، ويعيق تحقيق العدالة السريعة والمنصفة، ويرى أصحاب المبادرة أنه بتطبيق العقوبات الإدارية أو البدائل الجزائية، يتم تخفيف العبء على المحاكم الناجم عن كثرة القضايا الصغيرة مما يفسح المجال للمنظومة القضائية للتركيز على القضايا الكبرى التي تتعلق بجرائم أكثر جسامة مثل غسل الأموال والفساد المالي.
ومن الأسباب الأخرى التي دفعت النواب إلى تقديم هذه المبادرة التشريعية، الرغبة في حماية الشركات من الضغوط القانونية غير المبررة التي تعيق أصحابها وتهدد استمرارية أنشطتهم، فهم يرون أن القوانين التي ليس فيها تجريما مفرطا، من شأنها أن تحافظ على استقرار الشركات وتساهم في ضمان استدامتها بما يعزز من ثقة قطاع الأعمال في النظام القانوني والاقتصادي.
ويتمثل السبب الموالي في رغبة أصحاب مقترح القانون في تشجيع الشفافية والممارسات الاقتصادية النزيهة وذلك يتحقق عندما تمكّن التشريعات من وضع إطار يحفز الشركات على العمل بشفافية في ظل وجود أنظمة عقابية واضحة ومحددة تميز بين الأخطاء غير المتعمدة والأفعال المقصودة التي تهدف إلى الإضرار بالاقتصاد أو حقوق الآخرين، وعندما تمكّن المؤسسات من دراية تامة بالممارسات المقبولة وغير المقبولة بما يعزز من بيئة النزاهة في السوق.
وحسب وثيقة شرح الأسباب المرفقة بالمبادرة التشريعية، يتمثل السبب السادس في الرغبة في خلق بيئة قانونية محفزة ومستقرة عبر توفير قوانين الحرية الاقتصادية والأمان القانوني للمستثمرين بما يمكنهم من التخطيط لمشاريعهم المستقبلية دون الخوف من حصول تغييرات مفاجئة أو تهديدات من شأنها أن تؤثر سلبا على أعمالهم وكذلك عبر وضع تشريعات ثابتة تحمي النشاط الاقتصادي وتحدد شروط المساءلة وهو ما يعزز من جاذبية السوق التونسي ويشجع على النمو المستدام.
كما أشار أصحاب المبادرة إلى سبب آخر دفعهم إلى التفكير في تقديم مقترح القانون سالف الذكر وهو تعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقليل تجريم الجنح المالية بالتمييز بين الأخطاء البسيطة والأنشطة الاقتصادية الخطيرة أو الأخطاء المتعمدة، وهو ما يعزز حسب رأيهم العدالة في التعامل مع الأفراد والشركات ويتيح للدولة فرض ضوابط عادلة دون الإضرار بحقوق الأفراد والشركات في ممارسة أعمالهم بحرية مع إبقاء الرقابة على المخالفات الجسيمة. ويتمثل السبب الموالي حسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب في دعم التوجهات الاقتصادية الحديثة والتكيف مع المتغيرات الدولية في عالم تسوده العولمة والاقتصاد الرقمي حيث تتبنى العديد من الدول سياسات تقلل من تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية مع تركيزها على تشجيع الحرية الاقتصادية.
«تشريعات قمعية»
وفسر أصحاب المبادرة التشريعية أن تعزيز الحرية الاقتصادية وتحرير المبادرات الخاصة يساعدان على تشجيع الاستثمار الخاص وذلك عبر تحرير الاقتصاد من التشريعات القمعية، وهو ما يعزز مناخ الأعمال ويحفز المستثمرين المحليين والأجانب على بعث مشاريعهم دون خوف من التعرض للملاحقة بسبب جنح مالية بسيطة. وأكدوا أهمية إزالة الحواجز أمام ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار وتحرير الاقتصاد ومكافحة الريع من خلال تحفيز الإنتاجية لأن اقتصاد الريع حسب قولهم يعتمد بشكل كبير على الإيرادات الناتجة عن مصادر محدودة مثل النفط والغاز مما يؤدي إلى اعتماد البلاد على دخل ثابت غير متجدد، وكذلك من خلال تنويع مصادر الدخل بما يعزز استدامته. كما يمكن تحرير الاقتصاد ومكافحة اقتصاد الريع من تقليص هيمنة الدولة لأن سياسات التحرير الاقتصادي تهدف إلى تقليص تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بما يفتح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية فضلا عن تعزيز المنافسة بالحد من الامتيازات التي تمنح لفئات محددة في إطار اقتصاد الريع.
كما تهدف المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار لجنة المالية والميزانية ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية إلى مكافحة الاقتصاد الموازي وإدماج الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد المنظم وذلك من خلال الحد من التهرب الضريبي وتحقيق الشفافية لأن الاقتصاد الموازي غالبا ما يكون نتيجة لقيود قانونية صارمة، وكذلك من خلال تقليل التجريم حيث يتم تشجيع الفاعلين في الاقتصاد الموازي على الانخراط في الاقتصاد المنظم والالتزام بدفع الضرائب كما أن تقليل التجريم من شأنه أن يرغّب الأفراد في الكشف عن أنشطتهم الاقتصادية وتسجيلها بصفة رسمية، ويساهم إدماج الاقتصاد الموازي أيضا في زيادة مداخيل الضرائب لفائدة الدولة وهو ما يؤدي إلى عدم ترفيعها في نسب المعاليم الجبائية.
مبادرات أخرى
وإضافة إلى مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع يذكر أن لجنة المالية والميزانية لديها مبادرات تشريعية أخرى لم تنته من دراستها بعد ومنها على سبيل الذكر مقترح قانون يتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في 1 مارس 2005 المتعلق بالمعادن النفيسة، ومقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 05 مارس 1985 والمتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، ومقترح قانون يتعلّق بإتمام مجلة التأمين الصادرة بمقتضى القانون عدد 24 لسنة 1992 المؤرخ في 9 مارس 1992.
وبعد الإعلان رسميا خلال الجلسة العامة الأخيرة لمجلس نواب الشعب عن التركيبة الجديدة لهياكل المجلس النيابي في الدورة النيابية الثالثة، أصبحت لجنة المالية والميزانية تتركب من عبد الجليل الهاني رئيس اللجنة، وعصام شوشان نائب الرئيس ومحمد بن حسين المقرّر ومن الأعضاء مصطفى البوبكري وماهر الكتاري ومحمد زياد الماهر وعلي زغدود وعادل البوسالمي ومسعود قريرة وإبراهيم حسين وظافر الصغيري ومحمد أمين الورغي وعماد الدين سديري ومعز بن يوسف وزينة جيب الله.
أما لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية فقد أصبحت تركيبتها كالتالي: صابر الجلاصي رئيس اللجنة وثامر المزهود نائب الرئيس وصالح السالمي المقرّر ومن الأعضاء طارق المهدي وسفيان بن حليمة وآمال المؤدب وحمدي بن عبد العالي وشفيق زعفوري ومعز برك الله وسامي الحاج عمر. وتتمثل أهم مقترحات القوانين المعروضة هذه اللجنة إضافة إلى المقترح المتعلق بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، في المبادرة التشريعية المتعلقة بتعديل قانون الاستثمار، ومقترح القانون المتعلق بسن قانون استثنائي لإدماج بصفة خاصة خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم وتجاوز سنهم الأربعين في سوق الشغل بالقطاع العام والوظيفة العمومية .
ولوحظ في الآونة الأخيرة أن مكتب مجلس نواب الشعب اتجه إلى إحالة مشروع القانون الوارد عليه أو المبادرة التشريعية إلى أكثر من لجنة وذلك بهدف تشريك أكبر عدد من النواب في نقاشها والاستماع إلى الأطراف المعنية، ثم يتم عرض تقارير مشتركة في شأنها بين اللجان المتعهدة بها على الجلسة العامة.
سعيدة بوهلال
- غدا النظر في قرض بمبلغ 170 مليارا لربط أحياء سكنية بقنوات التطهير
- الدولة تكفل حرية الاستثمار للأفراد والمؤسسات دون الحاجة لترخيص مسبق في جميع القطاعات الاقتصادية
- حماية الشركات من الضغوط القانونية غير المبررة التي تعيق أصحابها وتهدد استمرارية أنشطتها
- إلغاء تجريم المخالفات والجنح المالية وتطبيق العقوبات البديلة
- دعم التوجهات الاقتصادية الحديثة والتكيف مع المتغيرات الدولية
«تلغى جميع التراخيص الإدارية المسبقة للأنشطة الاقتصادية باستثناء تلك التي تمس بالأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة.. تلتزم الدولة بتوفير بيئة قانونية مستقرة للمستثمرين المحليين والأجانب.. تستبدل العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تتناسب مع طبيعة المخالفة الاقتصادية أو الجنحة ويحجر تجريم الأفعال المالية أو الاقتصادية البسيطة التي تصنف كجنح مالية أو مخالفات غير جسيمة».. هذا أبرز ما نص عليه مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الذي أحاله مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه الأخير إلى لجنة المالية والميزانية ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المُستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية.
وفي انتظار دراسة هذه المبادرة التشريعية يوجد حاليا على مكتب اللجنتين مشروع قانون تم تقديمه من قبل رئاسة الجمهورية مع طلب استعجال نظر وهو يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 25 جوان 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو، أي ما يعادل 170 مليار للمساهمة في تمويل القسط السادس من البرنامج الوطني لربط عدد من الأحياء السكنية بقنوات التطهير. وسيتم يوم الغد الاثنين 13 جانفي 2025 بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا عقد جلسة مشتركة بقصر باردو بين اللجنتين بتركيبتهما الجديدة تخصص أشغالها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة البيئة والرئيس المدير العام للديوان الوطني للتطهير حول مشروع هذا القرض الذي يهدف إلى ربط 139 حيا سكنيا بقنوات الصرف الصحي على امتداد 542 كلم وانجاز 37 محطة ضخ جديدة.
أما مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، فيهدف إلى تعزيز الحرية الاقتصادية والتخفيف من تجريم المخالفات المالية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات وقد تم تقديمه من قبل النواب ظافر الصغيري ومحمد زياد الماهر وفخري عبد الخالق وآمال المؤدب وصالح الصيادي وحسام محجوب ومحمود العامري ومنال بديده ويسري البواب وأحمد بن نور وعبد الرزاق عويدات وبوبكر بن يحي وعبد السلام الحمروني وعز الدين التايب وعلي زغدود ونجيب عكرمي والمختار عبد المولى وفوزي الدعاس وأيمن بن صالح وطارق الربعي.
وتضمن مقترح القانون المذكور 13 فصلا. وجاء الفصل الأول تحت عنوان الحق في الحرية الاقتصادية وهي حق أساسي يكفل للأفراد والمؤسسات ممارسة أنشطتهم الاقتصادية بحرية دون تدخل غير مبرر من قبل السلطات وذلك في إطار احترام القوانين والأنظمة المعمول بها، والتي تضمن حقوق المستهلك والمنافسة النزيهة والاستقرار الاقتصادي. أما الفصل الثاني فهو تحت عنوان الحد من تجريم الأنشطة الاقتصادية، وبموجبه لا يجوز تجريم أي نشاط اقتصادي مشروع ومعلن إلا في حالات الانتهاكات الجسيمة التي تهدد النظام العام أو السلامة العامة، على أن يكون التجريم مبررا قانونيا وتحت إشراف القضاء، ويمنع على السلطات العامة ممارسة الضغوط غير القانونية أو التهديد بالعقوبات الجزائية ضد الأفراد أو المؤسسات لمجرد ممارسة نشاط اقتصادي قانوني.
حرية الاستثمار
وجاء الفصل الثالث من مقترح القانون سالف الذكر تحت عنوان ضمان حرية الاستثمار. ونص على أن تكفل الدولة حرية الاستثمار للأفراد والمؤسسات دون الحاجة لترخيص مسبق في جميع القطاعات الاقتصادية ما لم ينص القانون صراحة على تنظيم قطاع محدد لأسباب تتعلق بالأمن العام أو الصحة العامة أو المصلحة العامة، وتكون الضوابط في هذه الحالة واضحة ومعللة. وإلى جانب إلغاء التراخيص الإدارية المسبقة للأنشطة الاقتصادية باستثناء تلك التي تمس بالأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة، تحدد الأنشطة المستثناة من هذا الإلغاء بقرار حكومي يصدر لهذا الغرض، وتشمل على سبيل الذكر لا الحصر، الأنشطة المتعلقة بالصحة العامة والسلامة البيئية وسلامة الأفراد والممتلكات. ويتعين على الجهات المختصة مراقبة الأنشطة المعفاة من التراخيص وضمان التزامها بالقوانين والأنظمة المعمول بها. وفي حالة ثبوت الإخلال بالنظام العام أو الأمن العام من قبل أصحاب الأنشطة المعفاة تحتفظ السلطات بحق اتخاذ الإجراءات اللازمة بما في ذلك فرض عقوبات أو إيقاف النشاط إن لزم الأمر.
وبالنسبة إلى الفصل الرابع الوارد تحت عنوان «حماية المنافسة النزيهة» فهو يلزم السلطات بحماية المنافسة النزيهة وتشجيعها من خلال مكافحة الممارسات الاحتكارية والتدابير التقييدية التي تعوق انفتاح السوق، ونص على أنه لا يجوز سن قوانين أو إصدار لوائح تمنح امتيازات احتكارية أو تقييدية لأي جهة اقتصادية إلا إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك ووفق ضوابط واضحة ومحددة.
وعنون أصحاب المبادرة التشريعية المحالة على لجنتي المالية والتخطيط الاستراتيجي الفصل الخامس بضمان الأمن القانوني للمستثمرين، وتلتزم الدولة بموجب هذا الفصل بتوفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للمستثمرين المحليين والأجانب ويحق للمستثمرين الاعتماد على استقرار القوانين والإجراءات الاقتصادية ولا يجوز إجراء تغييرات تؤثر على استثماراتهم إلا وفق أسس قانونية معللة.
في حين يضمن الفصل السادس «حرية التجارة الداخلية والخارجية» ونص على أنه يحق للأفراد والمؤسسات ممارسة الأنشطة التجارية داخل تونس وخارجها بحرية مع الالتزام بالقوانين المحلية والدولية المتعلقة بالتجارة وحماية الملكية الفكرية وحماية المستهلك.
إلغاء التجريم
ومن أبرز مقتضيات مقترح القانون المتعلق بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الفصل السابع الذي جاء لإلغاء تجريم المخالفات والجنح المالية وتطبيق العقوبات البديلة. ونص على حظر تجريم الأفعال المالية أو الاقتصادية البسيطة التي تصنف كجنح مالية أو مخالفات غير جسيمة باستثناء الحالات التي يثبت فيها التزوير والتحيل أو السرقة. وفي حالة ارتكاب جنحة مالية أو اقتصادية لا تتضمن تحيلا متعمدا أو ضررا كبيرا على الاقتصاد الوطني أو حقوق الأطراف المعنية، يتم تطبيق عقوبات إدارية أو عقوبات بديلة مثل الغرامات المالية أو تسوية النزاع خارج المحكمة بدلا عن العقوبات السالبة للحرية.. وحسب ما ورد في نفس الفصل ترفع صفة الجريمة على جميع المخالفات والجنح البسيطة باستثناء الجرائم التي تشمل التزوير والتحيل أو السرقة. وتلغى العقوبات السالبة للحرية عن المخالفات والجنح المشمولة بهذا الفصل باستثناء الحالات التي يثبت فيها التزوير أو التحيل أو السرقة. وتستبدل العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تتناسب مع طبيعة المخالفة أو الجنحة وتشمل على سبيل المثال الغرامات المالية والعمل للصالح العام والمصالحة أو التسوية المالية بين الأطراف. ويراعى التدرج في المساءلة القانونية لضمان عدم إلحاق أضرار مفرطة بالمؤسسات الاقتصادية أو الأفراد مع الالتزام بمبدأ المحاسبة العادلة بما يحقق التوازن بين حماية النشاط الاقتصادي وضمان الامتثال للقوانين.
ونص الفصل الثامن من المبادرة التشريعية التي تقدم بها النائب بلجنة المالية والميزانية ظافر الصغيري بمعية مجموعة أخرى من أعضاء مجلس نواب الشعب، على أن يطبق قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع بأثر رجعي شريطة أن يكون ذلك لصالح الأفراد والمؤسسات ويؤدي إلى إلغاء التجريم على بعض الأفعال التي كانت تعتبر سابقا مخالفة، وتستثنى من التطبيق بأثر رجعي، الحالات التي تنطوي على فساد أو تلاعب جسيم بالمال العام أو انتهاكات خطيرة تمس النظام العام.
مراجعة دورية
وجاء الفصل التاسع من قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع ليكرس المراجعة الدورية للقوانين الاقتصادية بهدف تعزيز الحرية الاقتصادية ودعم النمو، أما الفصل العاشر فيلزم الدولة بتفعيل التشريعات التي تحث على الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة ومجلة الاستثمار وقانون المنافسة مع تحديث التشريعات بصفة دورية لتتلاءم مع الحاجيات المتغيرة للأسواق المحلية والدولية بغاية تعزيز بيئة استثمارية حرة وجاذبة بالتشاور مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هدف التوافق المجتمعي حول التغييرات التشريعية.
أما الفصل الحادي عشر فإنه يلزم الدولة بتفعيل الدور الرقابي والحمائي والاستشاري، في حين يلزم الفصل الثاني عشر الدولة بتحسين المناخ الإداري والرقمي لتأسيس الشركات بما يمنع تأثير الوسطاء أو الكارتيلات أو المزادات غير القانونية على الشركات الناشئة ويهدف هذا الفصل إلى خلق بيئة جاذبة للشركات الجديدة تضمن دخولها للسوق بكفاءة وشفافية.
في حين تضمن الفصل الثالث عشر أحكاما تهم المستثمر وتمنح بموجبه للمستثمرين بطاقة خاصة تمكنهم من الحصول على أولوية في الخدمات الإدارية والنفاذ إلى المعلومات المتعلقة بمشاريعهم بما يساهم في دعم أعمالهم. كما نص هذا الفصل على إنشاء منصات الكترونية مخصصة للمستثمرين تتيح لهم التواصل المباشر مع الأجهزة الرقابية وتمكنهم من الإبلاغ السريع عن أي تهديدات أو مضايقات تهدف إلى ابتزازهم أو الحد من نشاطهم الاقتصادي. وتتضمن هذه المنصات قنوات لاقتراح الحلول وتقديم التظلمات وتعمل الجهات المختصة على النظر فيها ومتابعتها لضمان سرعة التدخل وحل المشاكل التي تعترض المستثمرين بما يعزز مناخ الاستثمار
أسباب تقديم المبادرة
ولخّص النواب أصحاب المبادرة التشريعية المتعلقة بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع الأسباب التي دفعتهم إلى تقديم مقترح القانون المذكور في 8 نقاط أولها تحفيز الاستثمار ودعم البنية الاقتصادية لإدراكهم أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية من أجل دعم النمو وخلق فرص عمل جديدة، وأن القوانين التي تحمي حرية الاقتصاد وتقلل من التجريم المفرط للجنح المالية تعد عاملا يشجع المستثمرين على بعث المشاريع دون خوف من العقوبات الثقيلة التي قد تكون غير مبررة في حالات ارتكاب أخطاء مالية بسيطة.
ويتمثل السبب الثاني لتقديم المبادرة التشريعية، في دعم الابتكار وريادة الأعمال ويرى النواب أصحاب المقترح أن رواد المشاريع الصغيرة والمتوسطة هم محرك الاقتصاد وأن القوانين التي لا تجرم الأنشطة الاقتصادية تشجعهم على بلورة أفكار مشاريع جديدة وتجربتها وتوسيع دائرة أعمالهم دون خوف من الملاحقة الجزائية غير الضرورية في حالة حدوث أخطاء غير متعمدة. كما يرون أن القوانين والحريات الاقتصادية التي تمنح مرونة وتقلل من القيود تسهم بالضرورة في خلق بنية محفزة للنمو والابتكار.
أما السبب الثالث لتقديم مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، فيتمثل في تخفيف العبء على القضاء لأن تجريم الجنح المالية البسيطة يؤدي إلى تراكم القضايا في المحاكم مما يزيد في الضغط على النظام القضائي، ويعيق تحقيق العدالة السريعة والمنصفة، ويرى أصحاب المبادرة أنه بتطبيق العقوبات الإدارية أو البدائل الجزائية، يتم تخفيف العبء على المحاكم الناجم عن كثرة القضايا الصغيرة مما يفسح المجال للمنظومة القضائية للتركيز على القضايا الكبرى التي تتعلق بجرائم أكثر جسامة مثل غسل الأموال والفساد المالي.
ومن الأسباب الأخرى التي دفعت النواب إلى تقديم هذه المبادرة التشريعية، الرغبة في حماية الشركات من الضغوط القانونية غير المبررة التي تعيق أصحابها وتهدد استمرارية أنشطتهم، فهم يرون أن القوانين التي ليس فيها تجريما مفرطا، من شأنها أن تحافظ على استقرار الشركات وتساهم في ضمان استدامتها بما يعزز من ثقة قطاع الأعمال في النظام القانوني والاقتصادي.
ويتمثل السبب الموالي في رغبة أصحاب مقترح القانون في تشجيع الشفافية والممارسات الاقتصادية النزيهة وذلك يتحقق عندما تمكّن التشريعات من وضع إطار يحفز الشركات على العمل بشفافية في ظل وجود أنظمة عقابية واضحة ومحددة تميز بين الأخطاء غير المتعمدة والأفعال المقصودة التي تهدف إلى الإضرار بالاقتصاد أو حقوق الآخرين، وعندما تمكّن المؤسسات من دراية تامة بالممارسات المقبولة وغير المقبولة بما يعزز من بيئة النزاهة في السوق.
وحسب وثيقة شرح الأسباب المرفقة بالمبادرة التشريعية، يتمثل السبب السادس في الرغبة في خلق بيئة قانونية محفزة ومستقرة عبر توفير قوانين الحرية الاقتصادية والأمان القانوني للمستثمرين بما يمكنهم من التخطيط لمشاريعهم المستقبلية دون الخوف من حصول تغييرات مفاجئة أو تهديدات من شأنها أن تؤثر سلبا على أعمالهم وكذلك عبر وضع تشريعات ثابتة تحمي النشاط الاقتصادي وتحدد شروط المساءلة وهو ما يعزز من جاذبية السوق التونسي ويشجع على النمو المستدام.
كما أشار أصحاب المبادرة إلى سبب آخر دفعهم إلى التفكير في تقديم مقترح القانون سالف الذكر وهو تعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقليل تجريم الجنح المالية بالتمييز بين الأخطاء البسيطة والأنشطة الاقتصادية الخطيرة أو الأخطاء المتعمدة، وهو ما يعزز حسب رأيهم العدالة في التعامل مع الأفراد والشركات ويتيح للدولة فرض ضوابط عادلة دون الإضرار بحقوق الأفراد والشركات في ممارسة أعمالهم بحرية مع إبقاء الرقابة على المخالفات الجسيمة. ويتمثل السبب الموالي حسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب في دعم التوجهات الاقتصادية الحديثة والتكيف مع المتغيرات الدولية في عالم تسوده العولمة والاقتصاد الرقمي حيث تتبنى العديد من الدول سياسات تقلل من تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية مع تركيزها على تشجيع الحرية الاقتصادية.
«تشريعات قمعية»
وفسر أصحاب المبادرة التشريعية أن تعزيز الحرية الاقتصادية وتحرير المبادرات الخاصة يساعدان على تشجيع الاستثمار الخاص وذلك عبر تحرير الاقتصاد من التشريعات القمعية، وهو ما يعزز مناخ الأعمال ويحفز المستثمرين المحليين والأجانب على بعث مشاريعهم دون خوف من التعرض للملاحقة بسبب جنح مالية بسيطة. وأكدوا أهمية إزالة الحواجز أمام ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار وتحرير الاقتصاد ومكافحة الريع من خلال تحفيز الإنتاجية لأن اقتصاد الريع حسب قولهم يعتمد بشكل كبير على الإيرادات الناتجة عن مصادر محدودة مثل النفط والغاز مما يؤدي إلى اعتماد البلاد على دخل ثابت غير متجدد، وكذلك من خلال تنويع مصادر الدخل بما يعزز استدامته. كما يمكن تحرير الاقتصاد ومكافحة اقتصاد الريع من تقليص هيمنة الدولة لأن سياسات التحرير الاقتصادي تهدف إلى تقليص تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بما يفتح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية فضلا عن تعزيز المنافسة بالحد من الامتيازات التي تمنح لفئات محددة في إطار اقتصاد الريع.
كما تهدف المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار لجنة المالية والميزانية ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية إلى مكافحة الاقتصاد الموازي وإدماج الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد المنظم وذلك من خلال الحد من التهرب الضريبي وتحقيق الشفافية لأن الاقتصاد الموازي غالبا ما يكون نتيجة لقيود قانونية صارمة، وكذلك من خلال تقليل التجريم حيث يتم تشجيع الفاعلين في الاقتصاد الموازي على الانخراط في الاقتصاد المنظم والالتزام بدفع الضرائب كما أن تقليل التجريم من شأنه أن يرغّب الأفراد في الكشف عن أنشطتهم الاقتصادية وتسجيلها بصفة رسمية، ويساهم إدماج الاقتصاد الموازي أيضا في زيادة مداخيل الضرائب لفائدة الدولة وهو ما يؤدي إلى عدم ترفيعها في نسب المعاليم الجبائية.
مبادرات أخرى
وإضافة إلى مقترح قانون الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع يذكر أن لجنة المالية والميزانية لديها مبادرات تشريعية أخرى لم تنته من دراستها بعد ومنها على سبيل الذكر مقترح قانون يتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في 1 مارس 2005 المتعلق بالمعادن النفيسة، ومقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 05 مارس 1985 والمتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، ومقترح قانون يتعلّق بإتمام مجلة التأمين الصادرة بمقتضى القانون عدد 24 لسنة 1992 المؤرخ في 9 مارس 1992.
وبعد الإعلان رسميا خلال الجلسة العامة الأخيرة لمجلس نواب الشعب عن التركيبة الجديدة لهياكل المجلس النيابي في الدورة النيابية الثالثة، أصبحت لجنة المالية والميزانية تتركب من عبد الجليل الهاني رئيس اللجنة، وعصام شوشان نائب الرئيس ومحمد بن حسين المقرّر ومن الأعضاء مصطفى البوبكري وماهر الكتاري ومحمد زياد الماهر وعلي زغدود وعادل البوسالمي ومسعود قريرة وإبراهيم حسين وظافر الصغيري ومحمد أمين الورغي وعماد الدين سديري ومعز بن يوسف وزينة جيب الله.
أما لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية فقد أصبحت تركيبتها كالتالي: صابر الجلاصي رئيس اللجنة وثامر المزهود نائب الرئيس وصالح السالمي المقرّر ومن الأعضاء طارق المهدي وسفيان بن حليمة وآمال المؤدب وحمدي بن عبد العالي وشفيق زعفوري ومعز برك الله وسامي الحاج عمر. وتتمثل أهم مقترحات القوانين المعروضة هذه اللجنة إضافة إلى المقترح المتعلق بالحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع، في المبادرة التشريعية المتعلقة بتعديل قانون الاستثمار، ومقترح القانون المتعلق بسن قانون استثنائي لإدماج بصفة خاصة خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم وتجاوز سنهم الأربعين في سوق الشغل بالقطاع العام والوظيفة العمومية .
ولوحظ في الآونة الأخيرة أن مكتب مجلس نواب الشعب اتجه إلى إحالة مشروع القانون الوارد عليه أو المبادرة التشريعية إلى أكثر من لجنة وذلك بهدف تشريك أكبر عدد من النواب في نقاشها والاستماع إلى الأطراف المعنية، ثم يتم عرض تقارير مشتركة في شأنها بين اللجان المتعهدة بها على الجلسة العامة.