يتحفظ أو يمتنع قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وأمنائه العامين، إلى غاية الآن عن الخوض في الشأن الداخلي للمنظمة وما يدور في خلدها من خلافات وتباعد في المواقف وانقسامات تصل حد القطيعة. ورغم أن إعلان مجموعة الخمسة عن نيتهم الاعتصام يوم 25 ديسمبر 2024 وقرارهم بتأجيله إلى يوم 8 من الشهر الجاري، قد عكس خلافا داخليا حادا تعلق بتقديم موعد انعقاد المؤتمر الوطني إلى منتصف 2025 عوض 2027، تواصل القيادات النقابية الخوض باحتشام في مواقفها ومستوى الخلاف بينها.
ويعتبر مراقبون أن موعد 10 جانفي تاريخ جلسة الاستئناف في القضية المتعلقة ببطلان المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي للإتحاد العام التونسي للشغل والقرارات المنبثقة عنه أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة، سيشكل بدوره منعرجا مهما فيما يعيشه الاتحاد العام التونسي للشغل منذ سنوات وقد يحمل مفاجأة من الوزن الثقيل في تاريخ المنظمة الشغيلة.
وقد سعى على امتداد السنوات الماضية، جزء هام من النقابيين داخل هذه المنظمة الشغيلة إلى تبسيط ما يجري في بيتهم الداخلي وتصنيفه ضمن الاختلاف «الصحي» للازمة الداخلية، في محاولة للإبقاء على صورة ومبدأ التضامن النقابي قائمة. غير أن حجم الانقسامات الهيكلية في المواقف والتجاذبات السياسية التي عاش على وقعها الاتحاد منذ ما قبل صائفة 2021، تاريخ انعقاد المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي وتنقيح الفصل 20 (10 سابقا) من القانون الأساسي والذي سمح بتجديد ترشح عدد من قيادات الاتحاد لدورة ثالثة، قد أثرت بشكل واضح على أدائه وعلى الدور الذي كان له في علاقة بالشأن العام الوطني وقضايا الحريات والملف الاقتصادي والاجتماعي.
ورغم الهزات التي عاشتها منظمة حشاد وحالة الضمور التي تمر بها بالمقارنة مع السنوات السابقة، يصر أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي على القول إنه «يخطئ من يراهن على التصدع والانقسام داخل بيت الإتحاد العام التونسي للشغل.. ففي كل محطاتنا، نختلف ونتصارع داخل بيتنا، صراعا فكريا، ولكن نلتقي على قاعدة الاختلاف في الرأي من أجل صياغة المضامين، ومناعة الوطن، ومصلحة العمال».
في المقابل يتفق جزء هام من النقابيين على أن المنظمة الشغيلة قد أصبحت غير قادرة اليوم على ترميم بيتها الداخلي وأن الانقسام الأخير داخل المكتب التنفيذي وخروج مجموعة الخمسة وهم كل من أنور بن قدور ومنعم عميرة والطاهر البرباري وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي، وإعلانهم الدخول في اعتصام احتجاجا عن ما اعتبروه «وضعا مترديا» داخل المنظمة، يؤشر إلى نهاية مسار المكتب الحالي بقيادة الأمين العام نور الدين الطبوبي وإنقاذ المنظمة يأتي فقط عبر مغادرة جميع من في المكتب وتغييرهم بأسماء جديدة.
ويبقى العمل حاليا مستحيلا داخل المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، إذ تتواصل الدعوات لمغادرة المكتب الحالي ويتصاعد نسق الاحتقان وعدم الرضا بين شقي الخلاف. في انتظار وضع ملامح وتفاصيل المبادرة التي تقدم بها الأمين العام السابق حسين العباسي من أجل الإصلاح والصلح، والتي على أساسها تم تأجيل اعتصام مجموعة الخمسة من يوم 25 ديسمبر إلى يوم 8 جانفي الجاري.
وحسب تدوينة للقيادي السابق بالاتحاد المولدي الجندوبي ستكون بداية السنة الجديدة موعدا لانطلاق المساعي الصلحية وحوار تقريب وجهات النظر. وأفادت آخر المعطيات أنه في إطار مبادرة الأمين العام الأسبق للاتحاد حسين العباسي لإيجاد حل للأزمة القائمة داخل المكتب التنفيذي الوطني والهياكل النقابية بعد اجتماع المجلس الوطني الأخير للاتحاد المنعقد في مدينة المنستير التقى العباسي يوم 30 ديسمبر 2024 بالأمين العام الحالي نور الدين الطبوبي في جلسة دامت ساعتين.
ووفق ما رشح من معلومات فإن حسين العباسي لم يطرح خلال لقائه بالطبوبي اقتراحات محددة، في انتظار لقائه مع الطرف الآخر وبلورة اقتراحات توافقية تجنب الساحة النقابية المزيد من التصعيد.
وطبقا لما يتداول من معلومات يبدو أن مجموعة الخمسة تتمسك بضرورة أن يكون الحل طبقا للقانون الأساسي للمنظمة مما يعني أن الأزمة قد تتواصل، بالنظر إلى أن الأعضاء الخمسة والهياكل القطاعية والجهوية يتمسكون بدعوتهم إلى استكمال المجلس الوطني والتصويت على اللائحة الداخلية الأمر الذي قد يجعل مهمة العباسي أكثر تعقيدا وصعوبة.
من ناحيته يرى القيادي السابق للاتحاد قاسم عفية، أن التشخيص القائل: «بأن أزمة الاتحاد التي يعيشها اليوم لم يشهدها منذ تأسيسه، وأصبحت محل إجماع». ويعتبر «أن ساكني بيته انقسموا إلى شقين يتبادلون التهم في محاولة كل طرف منهم إنقاذ نفسه وإلقاء مسؤولية الانهيار على الطرف الآخر والحال أن جميعهم على نفس الدرجة منها».
كما حمل عفية المسؤولية للنقابيين من خارج الدار ويعتبرهم «تناسوا مسؤوليتهم فيما آل إليه الوضع سواء عند بداية بروز بعض مؤشراتها مباشرة بعد مؤتمر طبرقة أو الفشل في مواجهتها والتصدّي لها عندما اتضحت، أو التواطؤ مع من غلّب المصلحة الشخصية على حساب أهداف الاتحاد مثلما أرادها المؤسسون، فقد تعددت مبادراتهم وتشتت بين محاولة الفعل وردة الفعل».
ويرى القيادي السابق إن «تعدد المبادرات دون الحد الأدنى من التنسيق بين الصادقين من دعاتها وفي أقرب الآجال لتسارع الأحداث يهدد باضمحلال الاتحاد وقد يصبح للسلطة دور مباشر في إدارة الأزمة».
و للإشارة تعود بدايات الخلاف والتباعد المعلن في المواقف داخل الاتحاد العام التونسي للشغل إلى شهر جويلية 2021 حين قام عدد من النقابيين برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لطلب إبطال المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي لاتّحاد الشغل، المنعقد بسوسة، وقد قضت محكمة البداية آنذاك بإبطال ذلك المؤتمر، وما انبثق عنه من قرارات.
وتولّى الممثل القانوني للاتّحاد العام التونسي للشغل الطعن استئنافيا ضدّ الحكم الابتدائي، وقد قضي لدى الاستئناف بنقض الحكم المطعون فيه، وبالتالي بعدم بطلان أشغال المؤتمر الاستثنائي والقرارات المنبثقة عنه. في المقابل، تولّى أصحاب الدعوى الطعن لدى محكمة التعقيب ضدّ الحكم الاستئنافي. وتم تأجيل النظر في القضية في مناسبتين وسيكون تاريخ 10 جانفي الجاري موعد جديد للنظر فيها.
ريم سوودي
يتحفظ أو يمتنع قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وأمنائه العامين، إلى غاية الآن عن الخوض في الشأن الداخلي للمنظمة وما يدور في خلدها من خلافات وتباعد في المواقف وانقسامات تصل حد القطيعة. ورغم أن إعلان مجموعة الخمسة عن نيتهم الاعتصام يوم 25 ديسمبر 2024 وقرارهم بتأجيله إلى يوم 8 من الشهر الجاري، قد عكس خلافا داخليا حادا تعلق بتقديم موعد انعقاد المؤتمر الوطني إلى منتصف 2025 عوض 2027، تواصل القيادات النقابية الخوض باحتشام في مواقفها ومستوى الخلاف بينها.
ويعتبر مراقبون أن موعد 10 جانفي تاريخ جلسة الاستئناف في القضية المتعلقة ببطلان المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي للإتحاد العام التونسي للشغل والقرارات المنبثقة عنه أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة، سيشكل بدوره منعرجا مهما فيما يعيشه الاتحاد العام التونسي للشغل منذ سنوات وقد يحمل مفاجأة من الوزن الثقيل في تاريخ المنظمة الشغيلة.
وقد سعى على امتداد السنوات الماضية، جزء هام من النقابيين داخل هذه المنظمة الشغيلة إلى تبسيط ما يجري في بيتهم الداخلي وتصنيفه ضمن الاختلاف «الصحي» للازمة الداخلية، في محاولة للإبقاء على صورة ومبدأ التضامن النقابي قائمة. غير أن حجم الانقسامات الهيكلية في المواقف والتجاذبات السياسية التي عاش على وقعها الاتحاد منذ ما قبل صائفة 2021، تاريخ انعقاد المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي وتنقيح الفصل 20 (10 سابقا) من القانون الأساسي والذي سمح بتجديد ترشح عدد من قيادات الاتحاد لدورة ثالثة، قد أثرت بشكل واضح على أدائه وعلى الدور الذي كان له في علاقة بالشأن العام الوطني وقضايا الحريات والملف الاقتصادي والاجتماعي.
ورغم الهزات التي عاشتها منظمة حشاد وحالة الضمور التي تمر بها بالمقارنة مع السنوات السابقة، يصر أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي على القول إنه «يخطئ من يراهن على التصدع والانقسام داخل بيت الإتحاد العام التونسي للشغل.. ففي كل محطاتنا، نختلف ونتصارع داخل بيتنا، صراعا فكريا، ولكن نلتقي على قاعدة الاختلاف في الرأي من أجل صياغة المضامين، ومناعة الوطن، ومصلحة العمال».
في المقابل يتفق جزء هام من النقابيين على أن المنظمة الشغيلة قد أصبحت غير قادرة اليوم على ترميم بيتها الداخلي وأن الانقسام الأخير داخل المكتب التنفيذي وخروج مجموعة الخمسة وهم كل من أنور بن قدور ومنعم عميرة والطاهر البرباري وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي، وإعلانهم الدخول في اعتصام احتجاجا عن ما اعتبروه «وضعا مترديا» داخل المنظمة، يؤشر إلى نهاية مسار المكتب الحالي بقيادة الأمين العام نور الدين الطبوبي وإنقاذ المنظمة يأتي فقط عبر مغادرة جميع من في المكتب وتغييرهم بأسماء جديدة.
ويبقى العمل حاليا مستحيلا داخل المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، إذ تتواصل الدعوات لمغادرة المكتب الحالي ويتصاعد نسق الاحتقان وعدم الرضا بين شقي الخلاف. في انتظار وضع ملامح وتفاصيل المبادرة التي تقدم بها الأمين العام السابق حسين العباسي من أجل الإصلاح والصلح، والتي على أساسها تم تأجيل اعتصام مجموعة الخمسة من يوم 25 ديسمبر إلى يوم 8 جانفي الجاري.
وحسب تدوينة للقيادي السابق بالاتحاد المولدي الجندوبي ستكون بداية السنة الجديدة موعدا لانطلاق المساعي الصلحية وحوار تقريب وجهات النظر. وأفادت آخر المعطيات أنه في إطار مبادرة الأمين العام الأسبق للاتحاد حسين العباسي لإيجاد حل للأزمة القائمة داخل المكتب التنفيذي الوطني والهياكل النقابية بعد اجتماع المجلس الوطني الأخير للاتحاد المنعقد في مدينة المنستير التقى العباسي يوم 30 ديسمبر 2024 بالأمين العام الحالي نور الدين الطبوبي في جلسة دامت ساعتين.
ووفق ما رشح من معلومات فإن حسين العباسي لم يطرح خلال لقائه بالطبوبي اقتراحات محددة، في انتظار لقائه مع الطرف الآخر وبلورة اقتراحات توافقية تجنب الساحة النقابية المزيد من التصعيد.
وطبقا لما يتداول من معلومات يبدو أن مجموعة الخمسة تتمسك بضرورة أن يكون الحل طبقا للقانون الأساسي للمنظمة مما يعني أن الأزمة قد تتواصل، بالنظر إلى أن الأعضاء الخمسة والهياكل القطاعية والجهوية يتمسكون بدعوتهم إلى استكمال المجلس الوطني والتصويت على اللائحة الداخلية الأمر الذي قد يجعل مهمة العباسي أكثر تعقيدا وصعوبة.
من ناحيته يرى القيادي السابق للاتحاد قاسم عفية، أن التشخيص القائل: «بأن أزمة الاتحاد التي يعيشها اليوم لم يشهدها منذ تأسيسه، وأصبحت محل إجماع». ويعتبر «أن ساكني بيته انقسموا إلى شقين يتبادلون التهم في محاولة كل طرف منهم إنقاذ نفسه وإلقاء مسؤولية الانهيار على الطرف الآخر والحال أن جميعهم على نفس الدرجة منها».
كما حمل عفية المسؤولية للنقابيين من خارج الدار ويعتبرهم «تناسوا مسؤوليتهم فيما آل إليه الوضع سواء عند بداية بروز بعض مؤشراتها مباشرة بعد مؤتمر طبرقة أو الفشل في مواجهتها والتصدّي لها عندما اتضحت، أو التواطؤ مع من غلّب المصلحة الشخصية على حساب أهداف الاتحاد مثلما أرادها المؤسسون، فقد تعددت مبادراتهم وتشتت بين محاولة الفعل وردة الفعل».
ويرى القيادي السابق إن «تعدد المبادرات دون الحد الأدنى من التنسيق بين الصادقين من دعاتها وفي أقرب الآجال لتسارع الأحداث يهدد باضمحلال الاتحاد وقد يصبح للسلطة دور مباشر في إدارة الأزمة».
و للإشارة تعود بدايات الخلاف والتباعد المعلن في المواقف داخل الاتحاد العام التونسي للشغل إلى شهر جويلية 2021 حين قام عدد من النقابيين برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لطلب إبطال المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي لاتّحاد الشغل، المنعقد بسوسة، وقد قضت محكمة البداية آنذاك بإبطال ذلك المؤتمر، وما انبثق عنه من قرارات.
وتولّى الممثل القانوني للاتّحاد العام التونسي للشغل الطعن استئنافيا ضدّ الحكم الابتدائي، وقد قضي لدى الاستئناف بنقض الحكم المطعون فيه، وبالتالي بعدم بطلان أشغال المؤتمر الاستثنائي والقرارات المنبثقة عنه. في المقابل، تولّى أصحاب الدعوى الطعن لدى محكمة التعقيب ضدّ الحكم الاستئنافي. وتم تأجيل النظر في القضية في مناسبتين وسيكون تاريخ 10 جانفي الجاري موعد جديد للنظر فيها.