اتفق أهل الشأن الموسيقي على أنه صاحب صوت استثنائي في اللون الطربي، جمع فيه بين القوة والصفاء والعمق، وهذا الانصهار إلى حد الذوبان في اللحن والتفاعل مع المضامين التي يؤديها، والتي تعبر عن نفس تبحث عن التفرد والتميز.
إنه المطرب المثقف الهادئ منير المهدي الذي يواصل طريقه في صمت وسط الزحام الفني الذي أصبحت عليه الساحة الفنية اليوم. ولئن تعددت المظاهر الموسيقية التي اختارت الصخب والإثارة عنوانًا رئيسيًا لها، فإن منير المهدي لم ينجرف وراء هذا التيار؛ فقد اختار عن إيمان بنبل الرسالة الفنية المحافظة على نهجه الإبداعي الطربي التونسي الأصيل من خلال إنتاجات جمعت بين المضامين الإنسانية النبيلة والإيقاعات والقوالب الموسيقية الرصينة والعميقة بخصوصياتها التونسية.
وترانا نستحضر في مسيرة هذا الصوت الطربي الأصيل ابتهالاته الدينية التي أضفى عليها مسحة روحانية عميقة، وهي الابتهالات التي صاغ ألحانها باقتدار الملحن الناصر صمود، ومثلت إضافة إبداعية ذات طابع ديني للتلفزة التونسية التي بثتها أكثر من مرة في سهرات رمضان المعظم على امتداد سنوات مضت.
وفي لقاء جمعه بـ "الصباح"، تحدث منير المهدي بالهدوء المعروف به عن مسيرته الفنية التي نحتها بأظافره منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن. مسيرة عرف فيها الكثير من النجاحات التي لازالت عالقة في الذاكرة، منها الابتهالات الدينية التي سبقت الإشارة إليها والتي برز فيها بشكل لافت.
واليوم، أين هو منير المهدي؟ يقول الفنان جوابًا عن هذا السؤال: "ما زلت وسأبقى على العهد مع توجهي الموسيقي الطربي الذي اخترته عن طواعية وإيمان بأن الأغنية هي رسالة حب إنسانية عميقة تخاطب الوجدان وتتغنى بالوطن وجمال الوجود والحب في أسمى معانيه وكل القيم النبيلة".
ويضيف: "لا أخفي سرًا – والكلام لمنير المهدي – أنني عشت الجحود على امتداد السنوات العشر الماضية، فلا مشاركات في المنوعات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية التي فسحت لكل من هب ودب على حساب الذوق الرفيع. ورغم هذا الإحساس بالظلم والغبن، فإنني لم أستسلم وواصلت اجتهادي الفني، لأن الأغنية الراقية تحتاج إلى الصبر والتضحية. فمادامت هناك الحياة، فهناك الأمل الذي يبقى قائمًا".
وفي حديثه عن أبرز ما قدمه طيلة سنة 2024 التي سترحل بعد أيام قليلة، قال منير المهدي: "لا شيء استثنائي في سنة 2024، حيث كانت كما السنوات التي سبقتها عادية، من خلال العمل ثم العمل في صمت، وحضور فاعل وهام في العديد من التظاهرات الفنية هنا وهناك، آخرها مهرجان خميس ترنان للموسيقى ببنزرت".
وتوقف منير المهدي متألما وهو يتحدث عن الوضع الموسيقي الحالي، مشيرًا إلى كونه وضعًا ممزقًا تسوده المحسوبية، وهذا "الضرب تحت الحزام" لكل مجتهد ناجح، وقد عانيت ومازلت أعاني من هذه التصرفات والممارسات الكثير مع بعض الاستثناءات النادرة".
واستطرد منير المهدي قائلاً: "رغم كل العراقيل، فإنني متفائل جدًا بالقادم، وقد لمست هذا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تغير الخطاب نحو الأفضل. هناك بوادر انفراج كبير للوضع الموسيقي من خلال قرارات واختيارات وتوجهات تقطع مع الماضي بكل مساوئه. وتراني متفائلا بالقادم لصلاح الوضع الموسيقي وإيلاء كل الفنانين العناية والاهتمام على قدم المساواة".
المشاركة في مهرجان الأغنية
وفي حديثه عن مهرجان الأغنية التونسية تحت إدارة جديدة بإشراف الملحن الطاهر القيزاني، قال منير المهدي: "يعد مهرجان الأغنية التونسية مكسبًا وطنيًا من الضروري على كل الفنانين المحافظة عليه ودعمه".
وعن مدى استعداده للمشاركة في دورته القادمة، قال منير المهدي إنه ما زال لم يحسم نهائيًا المشاركة من عدمها، وإنه ما زال مترددًا بخصوص هذه المسألة.
وكشف منير المهدي في هذا الحوار معه عن مشاريعه بالنسبة لسنة 2025 قائلاً: "جديدي الغنائي مع مفتتح 2025 يتمثل في أغنية للشاعر والكاتب الشاذلي القرواشي، وألحان منير الغضاب، بعنوان 'حوار مع كمنجة'، سيتم تصويرها في 'فيديو كليب' في انتظار قادم المواعيد الثقافية التي قد أشارك في بعضها".
وختم منير المهدي هذا اللقاء بالتوجه إلى كل الفنانين برسالة مفادها أنه حان الوقت لوضع حد نهائي للضغينة والمحسوبية في العلاقة بين بعضهم البعض، قائلاً: "أيها الفنانون، انتصروا للحب في علاقاتكم ولا مجال للتحقير والتهميش والنيل من الأعراض. ازرعوا حديقة محبة وخير واحترام تجمعكم. افرحوا لكل ناجح واعينوا كل متعثر لينطلق من جديد وبكل حماس وجدية لتدارك ما فاته. إن الساحة الفنية فضاء واسع للجميع".
محسن بن أحمد
تونس - الصباح
اتفق أهل الشأن الموسيقي على أنه صاحب صوت استثنائي في اللون الطربي، جمع فيه بين القوة والصفاء والعمق، وهذا الانصهار إلى حد الذوبان في اللحن والتفاعل مع المضامين التي يؤديها، والتي تعبر عن نفس تبحث عن التفرد والتميز.
إنه المطرب المثقف الهادئ منير المهدي الذي يواصل طريقه في صمت وسط الزحام الفني الذي أصبحت عليه الساحة الفنية اليوم. ولئن تعددت المظاهر الموسيقية التي اختارت الصخب والإثارة عنوانًا رئيسيًا لها، فإن منير المهدي لم ينجرف وراء هذا التيار؛ فقد اختار عن إيمان بنبل الرسالة الفنية المحافظة على نهجه الإبداعي الطربي التونسي الأصيل من خلال إنتاجات جمعت بين المضامين الإنسانية النبيلة والإيقاعات والقوالب الموسيقية الرصينة والعميقة بخصوصياتها التونسية.
وترانا نستحضر في مسيرة هذا الصوت الطربي الأصيل ابتهالاته الدينية التي أضفى عليها مسحة روحانية عميقة، وهي الابتهالات التي صاغ ألحانها باقتدار الملحن الناصر صمود، ومثلت إضافة إبداعية ذات طابع ديني للتلفزة التونسية التي بثتها أكثر من مرة في سهرات رمضان المعظم على امتداد سنوات مضت.
وفي لقاء جمعه بـ "الصباح"، تحدث منير المهدي بالهدوء المعروف به عن مسيرته الفنية التي نحتها بأظافره منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن. مسيرة عرف فيها الكثير من النجاحات التي لازالت عالقة في الذاكرة، منها الابتهالات الدينية التي سبقت الإشارة إليها والتي برز فيها بشكل لافت.
واليوم، أين هو منير المهدي؟ يقول الفنان جوابًا عن هذا السؤال: "ما زلت وسأبقى على العهد مع توجهي الموسيقي الطربي الذي اخترته عن طواعية وإيمان بأن الأغنية هي رسالة حب إنسانية عميقة تخاطب الوجدان وتتغنى بالوطن وجمال الوجود والحب في أسمى معانيه وكل القيم النبيلة".
ويضيف: "لا أخفي سرًا – والكلام لمنير المهدي – أنني عشت الجحود على امتداد السنوات العشر الماضية، فلا مشاركات في المنوعات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية التي فسحت لكل من هب ودب على حساب الذوق الرفيع. ورغم هذا الإحساس بالظلم والغبن، فإنني لم أستسلم وواصلت اجتهادي الفني، لأن الأغنية الراقية تحتاج إلى الصبر والتضحية. فمادامت هناك الحياة، فهناك الأمل الذي يبقى قائمًا".
وفي حديثه عن أبرز ما قدمه طيلة سنة 2024 التي سترحل بعد أيام قليلة، قال منير المهدي: "لا شيء استثنائي في سنة 2024، حيث كانت كما السنوات التي سبقتها عادية، من خلال العمل ثم العمل في صمت، وحضور فاعل وهام في العديد من التظاهرات الفنية هنا وهناك، آخرها مهرجان خميس ترنان للموسيقى ببنزرت".
وتوقف منير المهدي متألما وهو يتحدث عن الوضع الموسيقي الحالي، مشيرًا إلى كونه وضعًا ممزقًا تسوده المحسوبية، وهذا "الضرب تحت الحزام" لكل مجتهد ناجح، وقد عانيت ومازلت أعاني من هذه التصرفات والممارسات الكثير مع بعض الاستثناءات النادرة".
واستطرد منير المهدي قائلاً: "رغم كل العراقيل، فإنني متفائل جدًا بالقادم، وقد لمست هذا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تغير الخطاب نحو الأفضل. هناك بوادر انفراج كبير للوضع الموسيقي من خلال قرارات واختيارات وتوجهات تقطع مع الماضي بكل مساوئه. وتراني متفائلا بالقادم لصلاح الوضع الموسيقي وإيلاء كل الفنانين العناية والاهتمام على قدم المساواة".
المشاركة في مهرجان الأغنية
وفي حديثه عن مهرجان الأغنية التونسية تحت إدارة جديدة بإشراف الملحن الطاهر القيزاني، قال منير المهدي: "يعد مهرجان الأغنية التونسية مكسبًا وطنيًا من الضروري على كل الفنانين المحافظة عليه ودعمه".
وعن مدى استعداده للمشاركة في دورته القادمة، قال منير المهدي إنه ما زال لم يحسم نهائيًا المشاركة من عدمها، وإنه ما زال مترددًا بخصوص هذه المسألة.
وكشف منير المهدي في هذا الحوار معه عن مشاريعه بالنسبة لسنة 2025 قائلاً: "جديدي الغنائي مع مفتتح 2025 يتمثل في أغنية للشاعر والكاتب الشاذلي القرواشي، وألحان منير الغضاب، بعنوان 'حوار مع كمنجة'، سيتم تصويرها في 'فيديو كليب' في انتظار قادم المواعيد الثقافية التي قد أشارك في بعضها".
وختم منير المهدي هذا اللقاء بالتوجه إلى كل الفنانين برسالة مفادها أنه حان الوقت لوضع حد نهائي للضغينة والمحسوبية في العلاقة بين بعضهم البعض، قائلاً: "أيها الفنانون، انتصروا للحب في علاقاتكم ولا مجال للتحقير والتهميش والنيل من الأعراض. ازرعوا حديقة محبة وخير واحترام تجمعكم. افرحوا لكل ناجح واعينوا كل متعثر لينطلق من جديد وبكل حماس وجدية لتدارك ما فاته. إن الساحة الفنية فضاء واسع للجميع".