إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. الحلم الكردي يحشر الجميع في الزاوية !

هل تكفي براغماتية الجولاني أو أحمد الشرع في وأد الخلافات الداخلية، دون إيجاد تسوية للملف الكردي المعلّق على تاريخ من التضحيات والآلام والصراع، من أجل إقامة دولتهم الحلم؟ يتجاهل الجميع الإجابة على هذا السؤال تحت نشوة النصر في واقع سوري بدأ يستفيق على إكراهات تفرضها حقائق ووقائع سيكون التعاطي معها أحد أهم المحدّدات في المستقبل السوري !

وإذا كان أحمد الشرع قد نجح، إلى اليوم، في تفادي الكثير من الألغام والسير بثبات الى حدّ ما، على كل تلك الرمال المتحرّكة وفي إقناع دول الجوار السوري والغرب بمنحه فرصة لوضع اللبنة الأولى لسوريا جديدة، تختلف في عناوينها الكبرى عن سوريا بشّار الأسد. إلا أن الملف الكردي، وقوات سوريا الديمقراطية تحديدا، هي الاختبار الحقيقي له، ليس كقائد سابق لفصيل مسلّح يحمل لواء الثورة والنضال من أجل الحرّية، بل كقائد سياسي يقود مرحلة انتقال عسيرة في محيط إقليمي مشحون بالتدافع والصراعات والجبهات المفتوحة على كل السيناريوهات..

ولا يمكن طرح مسألة الأجندات الإقليمية من الوضع السوري الراهن وبعض هذه الأجندات تدفع الى قبر الملف الكردي خدمة لمصالحها، وليس لوحدة السوريين كشعب ذي أعراق وطوائف مختلفة. وقدّ عبّر الرئيس التركي صراحة أن المسلحين الأكراد في سوريا لا يملكون إلا خيار إلقاء أسلحتهم أو"الدفن" في الأراضي السورية، بما يعني أن تركيا تطرح توجيه ضربات مباشرة ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، مقابل مواصلة دعمها للحكّام الجدد في دمشق.. حيث كانت تركيا، ومنذ تأسيسها، في حالة حرب مستمرة ضدّ الأكراد ولم تتوقف تلك الحرب عند حدودها، بل تمتّد اليوم الى خارجها، في سعي واضح لاجتثاث واستئصال أي كيان كردي يهدّد القومية التركية، ولذلك لن تقبل أبدا بوجود دولة كردية في الشمال السوري الذي يعتبر حديقتها الخلفية وعمقها الاستراتيجي الذي لا يقبل التفاوض حوله ..

الشراسة التركية في مواجهة "الحلم الكردي" بإقامة الدولة المنشودة لم يثن الأكراد عن التمسّك بذلك الحلم الراسخ في أدبيات وتراث ونضالات امتدت لعقود. واليوم يرى الشعب الكردي المتمدّد في تركيا وسوريا والعراق وإيران أن سقوط نظام بشار الأسد وحالة الوهن السورية يمكن أن تحوّل الحلم الى حقيقة تحت بند الحق في تقرير المصير وهو المفهوم الذي بدأ في التبلور مع ظهور الحركات التحررية الكردية مع بداية القرن العشرين وانتهى بوثيقة "سيفر" في عشرينات القرن الماضي والتي باتت وثيقة اعتراف بوجود وكل ما تلا ذلك هو محاولة لإثبات هذا الوجود بكل أساليب المقاومة في انتظار تكليل ذلك النضال بإقامة دولة مستقلة عن كل القوميات في المنطقة ..

ولعل الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان الى دمشق هي خطوة لوضع الأمور في نصابها مع حاكم دمشق الجديد أحمد الشرع للحصول على تعهّد منه بنزع سلاح الفصائل المسلحة ووضعه في يد الدولة بشكل حصري بما في ذلك سلاح قوات سوريا الديمقراطية التي يؤرق وجودها أنقرة .

لكن أمام هذا الإلحاح التركي تملك قوات سوريا الديمقراطية أوراق ضغط كثيرة وخطيرة ستستعملها في الوقت المناسب لإرغام الجميع على الإصغاء لمطالبها ومن أهم تلك الأوراق نفط الحسكة التي تضع عليه القوات يدها بالإضافة الى مخيمات وسجون مقاتلي "داعش" التي تبقى من أخطر الأوراق التي سيستغلها الأكراد للضغط خاصة على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لحماية الكيان الكردي في سوريا خاصة وأن علاقة المسلحين الأكراد بالإدارة الأمريكية مرتبطة بمصالح مشتركة في سوريا وهذه المصالح تفرض موقفا أمريكيا في علاقة بتطورات الأوضاع ميدانيا أمام توعّد تركيا للأكراد والعلاقة المتوترة مع هيئة تحرير الشام .

منية العرفاوي

هل تكفي براغماتية الجولاني أو أحمد الشرع في وأد الخلافات الداخلية، دون إيجاد تسوية للملف الكردي المعلّق على تاريخ من التضحيات والآلام والصراع، من أجل إقامة دولتهم الحلم؟ يتجاهل الجميع الإجابة على هذا السؤال تحت نشوة النصر في واقع سوري بدأ يستفيق على إكراهات تفرضها حقائق ووقائع سيكون التعاطي معها أحد أهم المحدّدات في المستقبل السوري !

وإذا كان أحمد الشرع قد نجح، إلى اليوم، في تفادي الكثير من الألغام والسير بثبات الى حدّ ما، على كل تلك الرمال المتحرّكة وفي إقناع دول الجوار السوري والغرب بمنحه فرصة لوضع اللبنة الأولى لسوريا جديدة، تختلف في عناوينها الكبرى عن سوريا بشّار الأسد. إلا أن الملف الكردي، وقوات سوريا الديمقراطية تحديدا، هي الاختبار الحقيقي له، ليس كقائد سابق لفصيل مسلّح يحمل لواء الثورة والنضال من أجل الحرّية، بل كقائد سياسي يقود مرحلة انتقال عسيرة في محيط إقليمي مشحون بالتدافع والصراعات والجبهات المفتوحة على كل السيناريوهات..

ولا يمكن طرح مسألة الأجندات الإقليمية من الوضع السوري الراهن وبعض هذه الأجندات تدفع الى قبر الملف الكردي خدمة لمصالحها، وليس لوحدة السوريين كشعب ذي أعراق وطوائف مختلفة. وقدّ عبّر الرئيس التركي صراحة أن المسلحين الأكراد في سوريا لا يملكون إلا خيار إلقاء أسلحتهم أو"الدفن" في الأراضي السورية، بما يعني أن تركيا تطرح توجيه ضربات مباشرة ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، مقابل مواصلة دعمها للحكّام الجدد في دمشق.. حيث كانت تركيا، ومنذ تأسيسها، في حالة حرب مستمرة ضدّ الأكراد ولم تتوقف تلك الحرب عند حدودها، بل تمتّد اليوم الى خارجها، في سعي واضح لاجتثاث واستئصال أي كيان كردي يهدّد القومية التركية، ولذلك لن تقبل أبدا بوجود دولة كردية في الشمال السوري الذي يعتبر حديقتها الخلفية وعمقها الاستراتيجي الذي لا يقبل التفاوض حوله ..

الشراسة التركية في مواجهة "الحلم الكردي" بإقامة الدولة المنشودة لم يثن الأكراد عن التمسّك بذلك الحلم الراسخ في أدبيات وتراث ونضالات امتدت لعقود. واليوم يرى الشعب الكردي المتمدّد في تركيا وسوريا والعراق وإيران أن سقوط نظام بشار الأسد وحالة الوهن السورية يمكن أن تحوّل الحلم الى حقيقة تحت بند الحق في تقرير المصير وهو المفهوم الذي بدأ في التبلور مع ظهور الحركات التحررية الكردية مع بداية القرن العشرين وانتهى بوثيقة "سيفر" في عشرينات القرن الماضي والتي باتت وثيقة اعتراف بوجود وكل ما تلا ذلك هو محاولة لإثبات هذا الوجود بكل أساليب المقاومة في انتظار تكليل ذلك النضال بإقامة دولة مستقلة عن كل القوميات في المنطقة ..

ولعل الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان الى دمشق هي خطوة لوضع الأمور في نصابها مع حاكم دمشق الجديد أحمد الشرع للحصول على تعهّد منه بنزع سلاح الفصائل المسلحة ووضعه في يد الدولة بشكل حصري بما في ذلك سلاح قوات سوريا الديمقراطية التي يؤرق وجودها أنقرة .

لكن أمام هذا الإلحاح التركي تملك قوات سوريا الديمقراطية أوراق ضغط كثيرة وخطيرة ستستعملها في الوقت المناسب لإرغام الجميع على الإصغاء لمطالبها ومن أهم تلك الأوراق نفط الحسكة التي تضع عليه القوات يدها بالإضافة الى مخيمات وسجون مقاتلي "داعش" التي تبقى من أخطر الأوراق التي سيستغلها الأكراد للضغط خاصة على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لحماية الكيان الكردي في سوريا خاصة وأن علاقة المسلحين الأكراد بالإدارة الأمريكية مرتبطة بمصالح مشتركة في سوريا وهذه المصالح تفرض موقفا أمريكيا في علاقة بتطورات الأوضاع ميدانيا أمام توعّد تركيا للأكراد والعلاقة المتوترة مع هيئة تحرير الشام .

منية العرفاوي