بين فيلم "الجايدة" وفيلم "النافورة" يمكن اعتبار هذا الأخير تكملة للأول.
لم يكن هناك أي اعتراض على الفكرة، والمشاكل الوحيدة التي اعترضتنا كانت مادية بحتة.
تونس – الصباح
بعد نجاح فيلمها "الجايدة" سنة 2017، تعود المخرجة التونسية سلمى بكار بفيلمها الجديد "النافورة"، الذي عُرض لأول مرة مساء أمس الثلاثاء 17 ديسمبر الجاري بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية. ويبدأ عرضه في قاعات السينما بداية من يوم 14 جانفي 2025.
إيمان عبد اللطيف
الفيلم، الذي يمزج بين الدراما الاجتماعية والبعد السياسي، يعيد تسليط الضوء على أحد أبرز الأحداث التي طبعت تاريخ تونس ما بعد الثورة، وهو اعتصام الرحيل في صيف 2013.
يروي فيلم "النافورة" قصة ثلاث نساء من أجيال وخلفيات اجتماعية مختلفة اجتمعن في نزل وسط العاصمة ليجدن أنفسهن في قلب الأحداث السياسية والاجتماعية المرتبطة باعتصام الرحيل، الذي جاء احتجاجًا على اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 جويلية 2013.
وأدت أدوار النساء الثلاث كل من الممثلة ريم الرياحي في دور "جليلة"، والممثلة أميرة درويش في دور "سلوى"، والممثلة رنيم علياني في دور "مروى"، لينطلق الفيلم في مسار سردي متشابك ينقل قصص النساء وكيفية تحول معاناتهنّ الشخصية مع الخوف واليأس إلى مصدر قوة جماعية من خلال انخراطهن في الاعتصام، وفق ما أكّدته المخرجة سلمى بكار في تصريح خصّت به "الصباح".
وفي ردّها عن سؤال "الصباح" إن كان اختيار الموضوع جاء على خلفية تجربتها السياسية أم الإخراجية، أكّدت محدثتنا أن "سلمى بكار هي شخص واحد وكأي شخص كان فنانًا أو سياسيًا أو مواطنًا عاديًا إلا وله جزئيات تُكوّن شخصيته".
وتضيف: "بطبيعة الحال، لقد أثرت التجربة السياسية التي عشتها بين 2011 و2014 في المجلس الوطني التأسيسي فيّ، كما تؤثر كل الحياة وبعض من تفاصيلها في الإنسان. فبعد المجلس تساءلت أي شريط سينمائي يمكن إنجازه، وبالتالي أحببت أن أوثق تلك الفترة. لم أكن أستطيع ولم أرغب في الحديث عن كل شيء ولا عمّا حدث في المجلس. ولكن ارتأيت الحديث عن المسألة التي عشتها بأكثر حماس، ألا وهي اعتصام الرحيل الذي كان أكثر وجعًا باعتبار أنه جاء بعد اغتيال صديقي محمد البراهمي رحمه الله".
وتقول سلمى بكار: "عندما أنهيت التجربة السياسية، رأيت أنه من مسؤوليتي توثيق تلك الفترة. ومن قبل كان في فكري ذلك اللقاء الذي جمع بين ثلاث نساء في نزل في وسط العاصمة. تختلف النساء الثلاثة من حيث السن والظروف الاجتماعية والمشاكل، وكل واحدة لها ماضٍ - الماضي يسكن بداخل كل واحدة منهنّ- وهربن منه".
وحول بعض التفاصيل عن المسار الذي جعلها تختار اعتصام الرحيل وعن كيفية تبلور الفكرة في مخيالها الإخراجي، تقول المخرجة: "أردت أن أمزج بين حكايتهنّ وكيف ستتطور رويدًا رويدًا بفضل تلك الصداقة وذلك المشترك بينهنّ، فتكونت لُحمة بينهنّ والتي ستتماشى وتتزامن مع أحداث اعتصام الرحيل. حتى أنه عندما يبدأ 'الحوار الوطني'، يكنّ قد تخلصن من جزء من مشاكلهنّ ومصائبهنّ، والتي نشاهدها في أول الفيلم، ليأتي مشهد اللقاء على البحر وكأنهنّ تحررن من كل شيء ويقررن قبول الوضع لأكتب 'ويتواصل المسار'".
وعن توجهها إلى ثلاث شخصيات نسائية وعن المرأة بصفة عامة في أفلامها، توضّح سلمى بكار: "تركيزي على النساء في أفلامي هو نابع من محبتي لهن باعتباري استمع إليهن كثيرًا، فأشعر بأني قريبة لعوالمهنّ. ولكني لا أتحدث عن المرأة باعتبارها منعزلة عن بقية المجتمع، وإنما دائمًا ما أضعها في إطار تاريخي أو عاطفي أو اجتماعي، يعكس بعض حقائق مجتمعنا التونسي في فترات تاريخية مختلفة. وفي فيلم 'النافورة' كان الاهتمام بما جرى في 2013".
عن ظروف إنتاج الفيلم، قالت المخرجة سلمى بكار إنه استغرق مسارًا طويلا حتى يخرج إلى العلن ويتم عرضه في الدورة الـ35 لأيام قرطاج السينمائية، وكانت أصعب مراحله الحصول على الدعم المالي للفيلم ثم كتابة السيناريو.
وتوضّح محدثتنا قائلة: "لم يواجه الفيلم أي اعتراض من أي جهة كانت ولكنه لم يحظَ بالدعم من الوهلة الأولى من صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني لوزارة الثقافة، ثم حصل على الدعم بعد أن أثير الملف من جديد وقمت بإعادة تقديم مطلبي في الغرض".
وتضيف: "كان الأمر صعبًا، ولكن الحمد لله وجدت فيما بعد ثلاث منتجين شبان يعملون في مجال الإشهار، قاموا بدعم التصوير الذي مرّ في ظروف مميزة وطيبة جدًا. وحتى إن لم يكن لدينا الكثير من المال، كان يجمعنا في العمل الكثير من الحب في ما بيننا".
وتؤكد سلمى بكار من جديد أنّه "لم يكن يوجد أي اعتراض على الفكرة، وقد عملت في بداية الأمر بمفردي، ثمّ تعرفت على السيناريست آمنة الرميلي وأعدنا الكتابة ستّ مرات. نقوم بالكتابة ثم نبتعد لفترة إلى أن استقرينا على رأي مشترك، وكان التصوير متميزًا وممتعًا جدًا. فالمشاكل الوحيدة التي اعترضتنا هي مشاكل مادية ومسألة إمكانيات فقط".
وعن علاقة فيلم "النافورة" بفيلم "الجايدة" تقول المخرجة: "يمكن أن نعتبر هذا الأخير تكملة للمشهد الأخير في 'الجايدة' حيث نرى الممثلة وجيهة الجندوبي بشعرها 'الأحمر' وعيونها الزرقاء وتقول في خطابها كنائبة: 'ويستمر المسار'".
بين فيلم "الجايدة" وفيلم "النافورة" يمكن اعتبار هذا الأخير تكملة للأول.
لم يكن هناك أي اعتراض على الفكرة، والمشاكل الوحيدة التي اعترضتنا كانت مادية بحتة.
تونس – الصباح
بعد نجاح فيلمها "الجايدة" سنة 2017، تعود المخرجة التونسية سلمى بكار بفيلمها الجديد "النافورة"، الذي عُرض لأول مرة مساء أمس الثلاثاء 17 ديسمبر الجاري بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية. ويبدأ عرضه في قاعات السينما بداية من يوم 14 جانفي 2025.
إيمان عبد اللطيف
الفيلم، الذي يمزج بين الدراما الاجتماعية والبعد السياسي، يعيد تسليط الضوء على أحد أبرز الأحداث التي طبعت تاريخ تونس ما بعد الثورة، وهو اعتصام الرحيل في صيف 2013.
يروي فيلم "النافورة" قصة ثلاث نساء من أجيال وخلفيات اجتماعية مختلفة اجتمعن في نزل وسط العاصمة ليجدن أنفسهن في قلب الأحداث السياسية والاجتماعية المرتبطة باعتصام الرحيل، الذي جاء احتجاجًا على اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 جويلية 2013.
وأدت أدوار النساء الثلاث كل من الممثلة ريم الرياحي في دور "جليلة"، والممثلة أميرة درويش في دور "سلوى"، والممثلة رنيم علياني في دور "مروى"، لينطلق الفيلم في مسار سردي متشابك ينقل قصص النساء وكيفية تحول معاناتهنّ الشخصية مع الخوف واليأس إلى مصدر قوة جماعية من خلال انخراطهن في الاعتصام، وفق ما أكّدته المخرجة سلمى بكار في تصريح خصّت به "الصباح".
وفي ردّها عن سؤال "الصباح" إن كان اختيار الموضوع جاء على خلفية تجربتها السياسية أم الإخراجية، أكّدت محدثتنا أن "سلمى بكار هي شخص واحد وكأي شخص كان فنانًا أو سياسيًا أو مواطنًا عاديًا إلا وله جزئيات تُكوّن شخصيته".
وتضيف: "بطبيعة الحال، لقد أثرت التجربة السياسية التي عشتها بين 2011 و2014 في المجلس الوطني التأسيسي فيّ، كما تؤثر كل الحياة وبعض من تفاصيلها في الإنسان. فبعد المجلس تساءلت أي شريط سينمائي يمكن إنجازه، وبالتالي أحببت أن أوثق تلك الفترة. لم أكن أستطيع ولم أرغب في الحديث عن كل شيء ولا عمّا حدث في المجلس. ولكن ارتأيت الحديث عن المسألة التي عشتها بأكثر حماس، ألا وهي اعتصام الرحيل الذي كان أكثر وجعًا باعتبار أنه جاء بعد اغتيال صديقي محمد البراهمي رحمه الله".
وتقول سلمى بكار: "عندما أنهيت التجربة السياسية، رأيت أنه من مسؤوليتي توثيق تلك الفترة. ومن قبل كان في فكري ذلك اللقاء الذي جمع بين ثلاث نساء في نزل في وسط العاصمة. تختلف النساء الثلاثة من حيث السن والظروف الاجتماعية والمشاكل، وكل واحدة لها ماضٍ - الماضي يسكن بداخل كل واحدة منهنّ- وهربن منه".
وحول بعض التفاصيل عن المسار الذي جعلها تختار اعتصام الرحيل وعن كيفية تبلور الفكرة في مخيالها الإخراجي، تقول المخرجة: "أردت أن أمزج بين حكايتهنّ وكيف ستتطور رويدًا رويدًا بفضل تلك الصداقة وذلك المشترك بينهنّ، فتكونت لُحمة بينهنّ والتي ستتماشى وتتزامن مع أحداث اعتصام الرحيل. حتى أنه عندما يبدأ 'الحوار الوطني'، يكنّ قد تخلصن من جزء من مشاكلهنّ ومصائبهنّ، والتي نشاهدها في أول الفيلم، ليأتي مشهد اللقاء على البحر وكأنهنّ تحررن من كل شيء ويقررن قبول الوضع لأكتب 'ويتواصل المسار'".
وعن توجهها إلى ثلاث شخصيات نسائية وعن المرأة بصفة عامة في أفلامها، توضّح سلمى بكار: "تركيزي على النساء في أفلامي هو نابع من محبتي لهن باعتباري استمع إليهن كثيرًا، فأشعر بأني قريبة لعوالمهنّ. ولكني لا أتحدث عن المرأة باعتبارها منعزلة عن بقية المجتمع، وإنما دائمًا ما أضعها في إطار تاريخي أو عاطفي أو اجتماعي، يعكس بعض حقائق مجتمعنا التونسي في فترات تاريخية مختلفة. وفي فيلم 'النافورة' كان الاهتمام بما جرى في 2013".
عن ظروف إنتاج الفيلم، قالت المخرجة سلمى بكار إنه استغرق مسارًا طويلا حتى يخرج إلى العلن ويتم عرضه في الدورة الـ35 لأيام قرطاج السينمائية، وكانت أصعب مراحله الحصول على الدعم المالي للفيلم ثم كتابة السيناريو.
وتوضّح محدثتنا قائلة: "لم يواجه الفيلم أي اعتراض من أي جهة كانت ولكنه لم يحظَ بالدعم من الوهلة الأولى من صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني لوزارة الثقافة، ثم حصل على الدعم بعد أن أثير الملف من جديد وقمت بإعادة تقديم مطلبي في الغرض".
وتضيف: "كان الأمر صعبًا، ولكن الحمد لله وجدت فيما بعد ثلاث منتجين شبان يعملون في مجال الإشهار، قاموا بدعم التصوير الذي مرّ في ظروف مميزة وطيبة جدًا. وحتى إن لم يكن لدينا الكثير من المال، كان يجمعنا في العمل الكثير من الحب في ما بيننا".
وتؤكد سلمى بكار من جديد أنّه "لم يكن يوجد أي اعتراض على الفكرة، وقد عملت في بداية الأمر بمفردي، ثمّ تعرفت على السيناريست آمنة الرميلي وأعدنا الكتابة ستّ مرات. نقوم بالكتابة ثم نبتعد لفترة إلى أن استقرينا على رأي مشترك، وكان التصوير متميزًا وممتعًا جدًا. فالمشاكل الوحيدة التي اعترضتنا هي مشاكل مادية ومسألة إمكانيات فقط".
وعن علاقة فيلم "النافورة" بفيلم "الجايدة" تقول المخرجة: "يمكن أن نعتبر هذا الأخير تكملة للمشهد الأخير في 'الجايدة' حيث نرى الممثلة وجيهة الجندوبي بشعرها 'الأحمر' وعيونها الزرقاء وتقول في خطابها كنائبة: 'ويستمر المسار'".