ثبتت تونس في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تصويتها لصالح قرار التعليق العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام. وهو موقف اتخذته البلاد التونسية منذ 2012 في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في المقابل تواصل تأجيل التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يجبر الدول الموقعة عليه على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام من قوانينها السارية والأحكام الجزائية الصادرة عن محاكمها.
ويعود آخر تنفيذ لحكم الإعدام في تونس إلى سنة 1991، صدر آنذاك ضد ما يعرف بـ "سفاح نابل" الذي اتهم باغتصاب وقتل 13 ضحية. لكن ذلك لم يمنع المحاكم التونسية طيلة الـ 33 سنة الماضية، بإصدار أحكام بالإعدام.
ويعتبر الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام، أن هذه الاستجابة تُشكّلُ خطوة إيجابية نحو الإلغاء النهائي لهذه العقوبة من التشريع في تونس وذلك عبر مصادقة السلطات التونسية على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وعلى مشروع البروتوكول الإفريقي الاختياري لحقوق الإنسان والشعوب.
لكنها تبقى "خطوة منقوصة وهشة"حسب رئيس الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام شكري لطيف، "ما لم يتم دسترة هذا الموقف أو المطالبة بشكل واضح وصريح بإلغاء تنفيذ العقوبة". ويكون ذلك عبر مرور السلط إلى التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على إلغاء شامل لهذه العقوبة من الترسانة القانونية التونسية.
وذكر لطيف أن تونس وقّعت على البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ سنوات، وقد جرى بمقتضى ذلك تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، غير أن ذلك يظل غير كاف في ظل مطالب بالإلغاء الشامل للعقوبة.
وبين شكري لطيف أن الائتلاف وعدد من نشطاء منظمات المجتمع المدني التونسي خاضوا حملات منذ سنة 2012، من أجل الدفع نحو إلغاء عقوبة الإعدام وتوجيه الجهود مستقبلا نحو اجتثاث الأسباب المؤدية إلى ارتكاب جرائم إرهابية وجنائية تستوجب إصدار القضاء أحكاما بإعدام مرتكبيها. ويرى رئيس الائتلاف أن عقوبة الإعدام رغم قسوتها لم تقلص من الجرائم الجنائية، الأمر الذي يقتضي تغيير استراتيجيات التعامل مع مسببات تلك الجريمة واجتثاث جذورها ومسبباتها.
وتنصّ المادة السادسة من البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة، إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". كما "لا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".
وحسب دراسة أنجزها كل من المعهد العربي لحقوق الإنسان والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام، سجّلت تونس تنفيذ 135 حكم إعدام، منها 129 إعداماً زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، و6 إعدامات نُفذت زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وتفيد نفس الدراسة أنّ عدد المحكومين بالإعدام الذين تواصلت معهم منظمات المجتمع المدني المذكورة قد بلغ 53 شخصاً، منهم ثلاثة في قضايا إرهابية، والبقية في قضايا حق عام، ووجّهت تهم القتل العمد لـ47 منهم، والمشاركة في القتل للستة الآخرين. وتقول نفس البيانات أنّ 94% من المحكومين بالإعدام هم من الرجال، فيما تبلغ نسبة النساء 6%. وتتراوح أعمارهم بين 20 و52 عاماً. كما أن 60.5% منهم غير متزوجين في حين 26.4% منهم متزوجون، بينما 9.4% مطلقون و3.7% أرامل.
وقد أصدرت المحاكم التونسية العام الماضي (سنة 2023)، 49 حكما بالإعدام في قضايا إرهابية وجنائية تتعلّق بالقتل العمد، من بين مرتكبيها أشخاص يعانون من أمراض نفسية عميقة واختلال عقلي، بحسب بيانات صادرة عن منظمات المجتمع المدني.
وللإشارة في خطوة تعتبر تاريخية صوتت أول أمس 17 ديسمبر 2024، المملكة المغربية أيضا على قرار جمعية الأمم المتحدة القاضي بإيقاف عقوبة الإعدام وذلك بعد سنوات من امتناعها على التصويت لصالح القرار الأممي غير الملزم والصادر منذ 2007.
بدورها اعتبرت منظمة العفو الدولي أن "تصويتا تاريخيا، أيّد خلاله أكثر من ثلثي أعضاء الأمم المتحدة دعوة المنظمة الأممية لتبني وقف تنفيذ عمليات الإعدام، تمهيدًا لإلغاء عقوبة الإعدام."
وقالت "كيارا سان جيورجيو" الخبيرة المعنية بعقوبة الإعدام في منظمة العفو الدولية:"يمثل هذا التصويت نقطة تحول رئيسية بالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم، ويثبت أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقترب بشكل مطرد من رفض عقوبة الإعدام كعقوبة ذات مشروعية قانونية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويبدو دعم الدول لعقوبة الإعدام اليوم مختلفًا تمامًا عما كان عليه الحال عندما تم اعتماد المعاهدات الدولية التي تسمح بالإبقاء عليها لأول مرة. ويبين الدعم غير المسبوق لهذا القرار أن المسيرة العالمية نحو إلغاء هذه العقوبة لا يمكن إيقافها. "
ومنذ ما يقرب من خمسة عقود، تدعو منظمة العفو الدولي إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ويظهر هذا التصويت توافقًا في الآراء بين الدول على رفض عمليات الإعدام كممارسة متوافقة مع حماية حقوق الإنسان، على الرغم من أرقام الإعدام المقلقة المسجلة في بلدان مثل إيران والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية في 2023، يمثّل عدد الدول التي لا تزال تنفذ عمليات الإعدام أقليةً صغيرةً ومعزولةً.
ريم سوودي
تونس الصباح
ثبتت تونس في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تصويتها لصالح قرار التعليق العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام. وهو موقف اتخذته البلاد التونسية منذ 2012 في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في المقابل تواصل تأجيل التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يجبر الدول الموقعة عليه على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام من قوانينها السارية والأحكام الجزائية الصادرة عن محاكمها.
ويعود آخر تنفيذ لحكم الإعدام في تونس إلى سنة 1991، صدر آنذاك ضد ما يعرف بـ "سفاح نابل" الذي اتهم باغتصاب وقتل 13 ضحية. لكن ذلك لم يمنع المحاكم التونسية طيلة الـ 33 سنة الماضية، بإصدار أحكام بالإعدام.
ويعتبر الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام، أن هذه الاستجابة تُشكّلُ خطوة إيجابية نحو الإلغاء النهائي لهذه العقوبة من التشريع في تونس وذلك عبر مصادقة السلطات التونسية على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وعلى مشروع البروتوكول الإفريقي الاختياري لحقوق الإنسان والشعوب.
لكنها تبقى "خطوة منقوصة وهشة"حسب رئيس الائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام شكري لطيف، "ما لم يتم دسترة هذا الموقف أو المطالبة بشكل واضح وصريح بإلغاء تنفيذ العقوبة". ويكون ذلك عبر مرور السلط إلى التصويت على البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على إلغاء شامل لهذه العقوبة من الترسانة القانونية التونسية.
وذكر لطيف أن تونس وقّعت على البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ سنوات، وقد جرى بمقتضى ذلك تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، غير أن ذلك يظل غير كاف في ظل مطالب بالإلغاء الشامل للعقوبة.
وبين شكري لطيف أن الائتلاف وعدد من نشطاء منظمات المجتمع المدني التونسي خاضوا حملات منذ سنة 2012، من أجل الدفع نحو إلغاء عقوبة الإعدام وتوجيه الجهود مستقبلا نحو اجتثاث الأسباب المؤدية إلى ارتكاب جرائم إرهابية وجنائية تستوجب إصدار القضاء أحكاما بإعدام مرتكبيها. ويرى رئيس الائتلاف أن عقوبة الإعدام رغم قسوتها لم تقلص من الجرائم الجنائية، الأمر الذي يقتضي تغيير استراتيجيات التعامل مع مسببات تلك الجريمة واجتثاث جذورها ومسبباتها.
وتنصّ المادة السادسة من البروتوكول الأول للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة، إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". كما "لا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".
وحسب دراسة أنجزها كل من المعهد العربي لحقوق الإنسان والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والائتلاف المدني لإلغاء عقوبة الإعدام، سجّلت تونس تنفيذ 135 حكم إعدام، منها 129 إعداماً زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، و6 إعدامات نُفذت زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وتفيد نفس الدراسة أنّ عدد المحكومين بالإعدام الذين تواصلت معهم منظمات المجتمع المدني المذكورة قد بلغ 53 شخصاً، منهم ثلاثة في قضايا إرهابية، والبقية في قضايا حق عام، ووجّهت تهم القتل العمد لـ47 منهم، والمشاركة في القتل للستة الآخرين. وتقول نفس البيانات أنّ 94% من المحكومين بالإعدام هم من الرجال، فيما تبلغ نسبة النساء 6%. وتتراوح أعمارهم بين 20 و52 عاماً. كما أن 60.5% منهم غير متزوجين في حين 26.4% منهم متزوجون، بينما 9.4% مطلقون و3.7% أرامل.
وقد أصدرت المحاكم التونسية العام الماضي (سنة 2023)، 49 حكما بالإعدام في قضايا إرهابية وجنائية تتعلّق بالقتل العمد، من بين مرتكبيها أشخاص يعانون من أمراض نفسية عميقة واختلال عقلي، بحسب بيانات صادرة عن منظمات المجتمع المدني.
وللإشارة في خطوة تعتبر تاريخية صوتت أول أمس 17 ديسمبر 2024، المملكة المغربية أيضا على قرار جمعية الأمم المتحدة القاضي بإيقاف عقوبة الإعدام وذلك بعد سنوات من امتناعها على التصويت لصالح القرار الأممي غير الملزم والصادر منذ 2007.
بدورها اعتبرت منظمة العفو الدولي أن "تصويتا تاريخيا، أيّد خلاله أكثر من ثلثي أعضاء الأمم المتحدة دعوة المنظمة الأممية لتبني وقف تنفيذ عمليات الإعدام، تمهيدًا لإلغاء عقوبة الإعدام."
وقالت "كيارا سان جيورجيو" الخبيرة المعنية بعقوبة الإعدام في منظمة العفو الدولية:"يمثل هذا التصويت نقطة تحول رئيسية بالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم، ويثبت أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقترب بشكل مطرد من رفض عقوبة الإعدام كعقوبة ذات مشروعية قانونية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويبدو دعم الدول لعقوبة الإعدام اليوم مختلفًا تمامًا عما كان عليه الحال عندما تم اعتماد المعاهدات الدولية التي تسمح بالإبقاء عليها لأول مرة. ويبين الدعم غير المسبوق لهذا القرار أن المسيرة العالمية نحو إلغاء هذه العقوبة لا يمكن إيقافها. "
ومنذ ما يقرب من خمسة عقود، تدعو منظمة العفو الدولي إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ويظهر هذا التصويت توافقًا في الآراء بين الدول على رفض عمليات الإعدام كممارسة متوافقة مع حماية حقوق الإنسان، على الرغم من أرقام الإعدام المقلقة المسجلة في بلدان مثل إيران والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية في 2023، يمثّل عدد الدول التي لا تزال تنفذ عمليات الإعدام أقليةً صغيرةً ومعزولةً.