- ما حدث في سوريا جزء من خطة لإعادة تشكيل القوى على المستوى الشرق الأوسط وما بعده
تضاعف حجم المبادلات التجارية بين تونس وروسيا ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى حوالي ملياري دولار
- قريبا مشروع روسي لإنشاء منطقة تجارة حرة بتونس
- أهمية العلاقات مع واشنطن تراجعت والتقارب مع هذه القوة لم يعد شرطًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في الساحة الدولية
- الأمن الغذائي العالمي والإمدادات الطاقية معرضان للخطر بسبب العقوبات الغربية الأحادية
- لا يوجد بديل للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة تستند إلى صيغة الدولتين وبالتالي قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة
تونس-الصباح
تحركات سياسية واهتزازات متواترة يشهدها العالم في المدة الأخيرة. فبعد غزة وما تشهده من إبادة وتدمير كامل، وبعد العجز عن التوصل إلى حل سياسي تفاوضي فيما يتعلق بالحرب الروسية-الأوكرانية، وبعد موجة الاغتيالات التي هزت القيادات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية و"المناوشات" بين الكيان الصهيوني وإيران، يأتي الدور على سوريا لتشهد بدورها زلزالا سياسيا انتهى بخروج الرئيس بشار الأسد ومغادرته سوريا وترك البلاد بيد الثوار من ذوي التوجهات المتطرفة.. حراك جيوسياسي فيه المتوقع وفيه غير المتوقع ولا نعلم إلى أين يقود العالم وشعوبه.
حول هذه الأوضاع التي مست خاصة منطقة الشرق الأوسط كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع سعادة سفير روسيا الاتحادية بتونس ألكسندر زولوتوف بوصف بلاده من القوى العظمى أولا وثانيا باعتبار أن موسكو لها ارتباطات معلومة بكل الدول المعنية اليوم بالتحولات.
حاوره: سفيان رجب
* تشهد سوريا اليوم تحولات وتطورات كبيرة وخطيرة، فكيف تقيمون الوضع الراهن في هذه الدولة خصوصًا بعد سنوات من دعم روسيا للسلطة السورية وبشار الأسد؟
-بالفعل ما حصل في سوريا يعتبر تغييرا كبيرا بالنسبة لهذه الدولة وللمنطقة ككلّ. أحداث وتحولاّت ستكون لها تداعيات وتأثير على المدى البعيد. سيزداد نفوذ البعض، بينما سيُجبر آخرون على إعادة تموضعهم. ما حدث هو جزء من عملية إعادة تشكيل القوى على مستوى الشرق الأوسط وما بعده. ومع ذلك، أتحفظ عن إصدار استنتاجات متسرعة أو تقديم توقعات ملموسة. سننتظر أولاً مواقف واضحة من جميع الأطراف المعنية، وخاصة الدول العربية، فيما يتعلق بنواياها تجاه التعاون مع القوى المسيطرة اليوم في دمشق. في الوقت الحالي، هناك اختلاف وتباين في الآراء على المستوى الدولي حول كيفية التعامل مع الإدارة السورية الجديدة مما يعقد التوجه نحو خيار مشترك ووضع رؤى واضحة. ودون هذا النهج المشترك، ستستمر هذه الأزمة في ظل التنافس والصراع على النفوذ في سوريا والمنطقة ككل.
*بعض التحاليل والآراء ذهبت إلى أن ما جرى في سوريا هو نتيجة لصفقة محتملة بين موسكو وواشنطن محورها سوريا مقابل أوكرانيا. ما تعليقكم على ذلك؟
-موضوع وتكهنات وتخمينات تم نفيها قطعيا من قبل المتحدث باسم الحكومة الروسية ولا فائدة من إعادة الحديث عن اتهامات لا أساس لها.
*كيف ترون سبل تحقيق الاستقرار اليوم في سوريا.. وهل سيكون لموسكو دور في ذلك؟
-من البديهي أنه لتحقيق الاستقرار في سوريا، يجب تبني نهج شامل. فمن الصعب إعادة بناء بلد بعد سنوات من الصراع والاقتتال الداخلي وإراقة الدماء. إذا اتخذت الحكومة السورية الجديدة منحى استبداديا تسلطيا أو انحيازا نحو مجموعة عرقية أو دينية معينة ودفعت نحو الانقسام والانتقام، فإن الأمور ستسير نحو الأسوإ، ومن الضروري القطع مع الأساليب والأيديولوجيات والممارسات المتطرفة. التحدي الأكبر في سوريا اليوم يتمثل في الاتفاق على تقاسم عادل وشامل للسلطة عقب انتخابات حرة وشفافة، وكذلك استعادة السيادة السورية على كامل أراضيها. روسيا متضامنة مع الشعب السوري وتتمنى عودة الحياة في هذا البلد إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن. نرى أنه من الضروري الحفاظ على المؤسسات الحكومية، وضمان وحدة سوريا، والمضي قدماً نحو انتقال سياسي يقوده السوريون أنفسهم. تم ربط اتصالات مع القوى التي تولت السلطة، وبناءً على تطور الوضع، يمكننا أن نتبين بوضوح الدور الذي يمكن أن تلعبه موسكو مع التأكيد مجددا على أن الكلمة الأخيرة يجب أن تكون للشعب السوري في هذا الشأن.
*نغلق الملف السوري ونفتح الملف الأوكراني، فإلى أين تتجه الحرب الروسية الأوكرانية في ظل استمرار الصراع دون بوادر تسوية سياسية؟
-لقد تم تحديد أهداف هذه العملية العسكرية الخاصة بوضوح وهي معروفة للجميع. وقد أكدت روسيا مرارًا أن الحل التفاوضي ممكن شريطة استيفاء الشروط اللازمة لذلك والاقتناع بأسباب نشوب الحرب وأخذ المخاوف الروسية مأخذ الجدّ، خاصة فيما يتعلق بالدفاع والأمن. ولابد من التذكير بالاتصالات والمفاوضات التي احتضنتها تركيا في البداية ولم تكن روسيا هي من أوقفت المسار التفاوضي.
*هل تعتقدون في التوصل إلى اتفاقيات قريبة مع الطرف الأوكراني يوقف النزاع، أم أن الحل العسكري لا يزال هو الخيار المطروح؟
-لست في موقع يسمح لي بإبداء رأي في هذا الموضوع. يعود التقدير في هذا الشأن إلى صناع القرار في موسكو، وعلى رأسهم رئيس الدولة، لتقييم الوضع واستخلاص النتائج العملية.
*كيف ترد روسيا على الاتهامات الغربية بشأن تأثير الحرب على الأمن الغذائي والطاقة عالميًا؟
نجيبهم بأن الأمن الغذائي العالمي والإمدادات الطاقية معرضان للخطر بسبب العقوبات الغربية الأحادية. هذه العقوبات تؤثر على الجوانب اللوجستية وسلاسل الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول إلى المنتوجات الحياتية كالحبوب والموارد النفطية القادمة من روسيا وهذا واضح. حتى الشحنات الموجهة للدول الإفريقية الأكثر فقراً تأثرت. ولكن، مصائب قوم عند قوم فوائد وليس من الصعب معرفة من المستفيد من الوضعية الراهنة ومن المتضرر منها. الغالبية العظمى من المجتمع الدولي تدرك تماماً الهدف من السياسات العقابية ضدنا، خاصة أن من فرضوا هذه العقوبات ليسوا سوى أقلية.
*لكن الأمور قد تتغير بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فكيف تتوقعون مستقبل العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في عهدة الرئيس الأمريكي الجديد؟
-خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب السابقة، كانت العلاقات بين واشنطن وموسكو مقبولة وهادئة نسبيا على الرغم من العقوبات التي فرضت ضدنا آنذاك. بعد ذلك وخلال فترة حكم الرئيس بايدن، تدهورت العلاقات بشكل كبير. لكن ما زال الأمل قائماً في أن يتوقف التصعيد وأن تحلّ التهدئة محل التوتر، كما حدث قبل حوالي خمسين عامًا خلال فترة ما يسمىّ بـ"الحرب الباردة". اليوم العالم تغير كثيرًا، وقد حدثت إعادة تشكيل للقوى، ولم تعد الولايات المتحدة تملك النفوذ الذي كانت تمتلكه. بعبارة أخرى، أهمية العلاقات مع واشنطن قد تراجعت والتقارب مع هذه القوة لم يعد شرطًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في الساحة الدولية. يكفي أن تكون منفتحًا على شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة لضمان مكانة مشرفة ونمو مستدام.
*هل تعتقد روسيا أن الإدارة الأمريكية المقبلة قد تكون أكثر مرونة في التعامل مع القضايا الدولية، بما في ذلك أوكرانيا وسوريا؟
-لا ينبغي أن ننسى أن كل دولة تتصرف وفقًا لمصالحها الوطنية. كيف ستحدد الإدارة الأمريكية الجديدة أولوياتها وخارطة طريقها للوصول إلى تلك الأولويات، وما هي الوسائل التي ستستخدمها، من الأفضل طلب تعليقات حول ذلك من واشنطن. أفضل عدم الدخول في تكهنات وتخمينات. ومع ذلك، شيء ما يدفعني للاعتقاد بأنه بشكل عام ستكون هناك استمرارية في نفس المنهج، لأن الولايات المتحدة لا تزال عاجزة عن التخلص من رؤيتها المشوهة للعالم. على أي حال، سنتمكن قريبًا من تكوين فكرة أوضح.
*كيف تنظر موسكو إلى السياسات الأمريكية الحالية بشأن التوسع في دعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا؟
كما تم التأكيد مرارًا من قبل أعلى المستويات في روسيا، فإن هذا الوضع لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد المواجهة وبالتالي المزيد من سقوط الأرواح. وبالعودة إلى الصيغة التي استخدمها ساكن البيت الأبيض، فان الأمريكيين بما في ذلك نخبهم، تعالت أصواتهم منتقدة بشدة لخيارات حكامهم وسوء استثمارهم في حرب لا تعنيهم. تخيلوا التأثير الإيجابي الذي كان يمكن تحقيقه إذا تم إنفاق هذه الأموال الطائلة التي صرفت لدعم الحرب وتغذيتها لفائدة مساعدة الدول الأكثر احتياجًا أو في أعمال خيرية.
الواضح أن الأحداث التي يشهدها العالم غطت على المأساة الأكبر وهي غزة وما يحصل فيها.. فما موقف روسيا مما يجري للشعب الفلسطيني ومن خراب ودمار غزة وإبادة شعبها؟ وكيف ترى موسكو دورها في حل القضية الفلسطينية؟
-نحن واضحون جدًا فيما يتعلق بهذا النزاع. الأولوية هي وقف إراقة الدماء والإبادة الممنهجة، وفتح ممرات للمساعدات الإنسانية بالحجم اللازم، وإطلاق سراح الرهائن، ومن بينهم مواطنون روس. المهمة الأكثر إلحاحًا هي إنقاذ الأرواح. لا يوجد خيار منطقي آخر. ولا يوجد بديل للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة تستند إلى صيغة الدولتين وبالتالي قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. منذ بداية هذه المأساة قبل أكثر من عام، أجرت روسيا اتصالات مع الأطراف التي بإمكانها المساعدة في تجنب الأسوأ. لقد تحركنا وما زلنا نتحرك في إطار ثنائي وداخل الأمم المتحدة. وللأسف تم إحباط العديد من مشاريع قرارات مجلس الأمن التي لها قوة قانون، بما في ذلك تلك المقترحة من قبل روسيا، باستخدام حق النقض من قبل أحد الأعضاء الدائمين. على سبيل المثال، ما حصل في 20 نوفمبر بشأن نص مشابه لذلك الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة في 11 ديسمبر خلال الدورة الاستثنائية العاشرة الطارئة للأمم المتحدة، والذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. ومع ذلك، لن نتخلى عن جهودنا من أجل السلام في الشرق الأوسط وسنواصل العمل مع الغالبية العظمى من المجتمع الدولي.
*هل ترى روسيا أن الفرصة ما زالت قائمة لإحياء مبادرات السلام في الشرق الأوسط في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر وضربه لكل المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والأممية؟
-نحن دائمًا منفتحون على جهود السلام القائمة على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام 2002. ومع ذلك، من الصعب تصور تسوية شاملة ودائمة قريبة في الشرق الأوسط في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة. يجب أن نبدأ بإزالة العقبات أمام خلق أجواء من التهدئة تمهيدًا لاستئناف الحوار، مع التركيز على وقف المواجهات. من جهتنا نحاول المساهمة في الوصول إلى هذا الهدف وتهدئة الأوضاع من خلال اتصالاتنا المتواصلة مع الأطراف المعنية.
*ثلاث سنوات تقريبا تمر على تواجدكم على رأس الممثلية الديبلوماسية الروسية في تونس، فكيف تقيمون العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة من ناحية تبادل وجهات النظر في المسائل الدولية والإقليمية وكذلك واقع المبادلات التجارية، الاستثمارات والدعم الاقتصادي؟
-العلاقات بين روسيا وتونس تسير منذ سنوات في منحى إيجابي للغاية، وهو ما جسدته رسالة تهنئة من الرئيس بوتين إلى الرئيس قيس سعيد بمناسبة إعادة انتخابه، حيث أعرب الرئيس الروسي عن رغبته في تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. وقد تم اتخاذ خطوات ملموسة من الجانبين في هذا الاتجاه. ففي بداية نوفمبر بسوتشي، وعلى هامش المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى التعاون الروسي-الإفريقي، عقد وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي اجتماعًا مثمرًا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقد مكن هذا اللقاء من تحديد أولويات العمل المشترك للأشهر المقبلة. نحن نثمن دعوة تونس إلى إصلاح النظام الدولي بما يوجهه نحو مسار أكثر عدالة وإنصافًا، قادر على تلبية احتياجات المجتمع الإنساني في عالم يتميز بتغيرات عميقة وسريعة.
في نهاية الشهر نفسه، في موسكو، ترأس سمير عبيد، وزير التجارة وتنمية الصادرات، التونسي مناصفةً مع الجانب الروسي، الدورة الثامنة للجنة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني. وبعد مراجعة واقع وآفاق الشراكة بين البلدين في مختلف أبعادها، اتفق الطرفان على ضرورة تكثيف الجهود لتوسيع نطاق التعاون الثنائي في قطاعات جديدة، مثل الزراعة، والصناعات الهندسية، والطاقة، والصحة وكذلك الفضاء الذي أسفرت الجهود المشتركة بين البلدين عن إطلاق القمر الصناعي "تحدي-1" الذي تم تصنيعه بكفاءات تونسية بالتعاون مع الخبراء الروس فضلا عن مشروع إرسال أول رائدة فضاء تونسية. كما تم توقيع بروتوكولات نوايا بين بعض الوزارات، وكذلك عرض مشاريع استثمارية قيد الدراسة.
وهذا يؤكد أن العلاقات بين البلدين تسير في مسار تصاعدي وهو ما يثبته حجم المبادلات التجارية، حيث تضاعف هذا المؤشر ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى حوالي ملياري دولار. وهناك مؤشر آخر على تنويع الروابط بين البلدين، من ذلك رسو الفرقاطة الروسية "أميرال الاتحاد السوفييتي غورشكوف" في ميناء بنزرت يوم 29 أكتوبر الماضي كذلك من الضروري الإشارة إلى التطور الكبير لسوق السياحة الروسية نحو الوجهة التونسية، إلى جانب التبادلات الثقافية مع زيادة عدد الفرق الفنية الروسية التي تقدم عروضها في تونس آخرها العرض المنتظر لمسرح الشباب في سانت بطرسبرغ الأسبوع المقبل ضمن مهرجان نيابوليس الدولي. في المقابل، شاركت وفود تونسية بارزة في المهرجان العالمي للشباب في سوتشي في مارس الماضي. ألاحظ أيضًا أن الاهتمام بالدراسات الجامعية في روسيا لا يزال قويًا حيث يتابع أكثر من 1900 طالب تونسي دراستهم في الجامعات الروسية، وكذلك التوجهّ نحو تعلم اللغة الروسية في المؤسسات التعليمية التونسية على مستوى المعاهد أو مؤسسات التعليم العالي... باختصار، نحن على الطريق الصحيح بفضل الإرادة المشتركة لتحقيق الأفضل.
*لم تتحدث عن مشروع روسيا إنشاء مناطق تجارة حرة في 4 دول عربية في إفريقيا ومن بينها تونس؟
-أعتقد أنك تشير إلى قرار اللجنة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية ببدء محادثات مع بعض الدول الإفريقية استجابة لطلبها، وخاصة تونس، بهدف إقامة نظام تجاري تفاضلي مع الاتحاد الاقتصادي الأوروالآسيوي. بالفعل، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، التقى سمير عبيد وزير التجارة وتنمية الصادرات التونسي بنظيره في هذه الهيئة. لذلك، يمكن القول إن العملية قد انطلقت. فاتفاقيات التجارة الحرة مع تونس وعدد من الدول الإفريقية، يمكن أن تكون أحد العناصر المهمة في الشراكة الاقتصادية بين الطرفين.
- ما حدث في سوريا جزء من خطة لإعادة تشكيل القوى على المستوى الشرق الأوسط وما بعده
تضاعف حجم المبادلات التجارية بين تونس وروسيا ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى حوالي ملياري دولار
- قريبا مشروع روسي لإنشاء منطقة تجارة حرة بتونس
- أهمية العلاقات مع واشنطن تراجعت والتقارب مع هذه القوة لم يعد شرطًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في الساحة الدولية
- الأمن الغذائي العالمي والإمدادات الطاقية معرضان للخطر بسبب العقوبات الغربية الأحادية
- لا يوجد بديل للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة تستند إلى صيغة الدولتين وبالتالي قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة
تونس-الصباح
تحركات سياسية واهتزازات متواترة يشهدها العالم في المدة الأخيرة. فبعد غزة وما تشهده من إبادة وتدمير كامل، وبعد العجز عن التوصل إلى حل سياسي تفاوضي فيما يتعلق بالحرب الروسية-الأوكرانية، وبعد موجة الاغتيالات التي هزت القيادات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية و"المناوشات" بين الكيان الصهيوني وإيران، يأتي الدور على سوريا لتشهد بدورها زلزالا سياسيا انتهى بخروج الرئيس بشار الأسد ومغادرته سوريا وترك البلاد بيد الثوار من ذوي التوجهات المتطرفة.. حراك جيوسياسي فيه المتوقع وفيه غير المتوقع ولا نعلم إلى أين يقود العالم وشعوبه.
حول هذه الأوضاع التي مست خاصة منطقة الشرق الأوسط كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع سعادة سفير روسيا الاتحادية بتونس ألكسندر زولوتوف بوصف بلاده من القوى العظمى أولا وثانيا باعتبار أن موسكو لها ارتباطات معلومة بكل الدول المعنية اليوم بالتحولات.
حاوره: سفيان رجب
* تشهد سوريا اليوم تحولات وتطورات كبيرة وخطيرة، فكيف تقيمون الوضع الراهن في هذه الدولة خصوصًا بعد سنوات من دعم روسيا للسلطة السورية وبشار الأسد؟
-بالفعل ما حصل في سوريا يعتبر تغييرا كبيرا بالنسبة لهذه الدولة وللمنطقة ككلّ. أحداث وتحولاّت ستكون لها تداعيات وتأثير على المدى البعيد. سيزداد نفوذ البعض، بينما سيُجبر آخرون على إعادة تموضعهم. ما حدث هو جزء من عملية إعادة تشكيل القوى على مستوى الشرق الأوسط وما بعده. ومع ذلك، أتحفظ عن إصدار استنتاجات متسرعة أو تقديم توقعات ملموسة. سننتظر أولاً مواقف واضحة من جميع الأطراف المعنية، وخاصة الدول العربية، فيما يتعلق بنواياها تجاه التعاون مع القوى المسيطرة اليوم في دمشق. في الوقت الحالي، هناك اختلاف وتباين في الآراء على المستوى الدولي حول كيفية التعامل مع الإدارة السورية الجديدة مما يعقد التوجه نحو خيار مشترك ووضع رؤى واضحة. ودون هذا النهج المشترك، ستستمر هذه الأزمة في ظل التنافس والصراع على النفوذ في سوريا والمنطقة ككل.
*بعض التحاليل والآراء ذهبت إلى أن ما جرى في سوريا هو نتيجة لصفقة محتملة بين موسكو وواشنطن محورها سوريا مقابل أوكرانيا. ما تعليقكم على ذلك؟
-موضوع وتكهنات وتخمينات تم نفيها قطعيا من قبل المتحدث باسم الحكومة الروسية ولا فائدة من إعادة الحديث عن اتهامات لا أساس لها.
*كيف ترون سبل تحقيق الاستقرار اليوم في سوريا.. وهل سيكون لموسكو دور في ذلك؟
-من البديهي أنه لتحقيق الاستقرار في سوريا، يجب تبني نهج شامل. فمن الصعب إعادة بناء بلد بعد سنوات من الصراع والاقتتال الداخلي وإراقة الدماء. إذا اتخذت الحكومة السورية الجديدة منحى استبداديا تسلطيا أو انحيازا نحو مجموعة عرقية أو دينية معينة ودفعت نحو الانقسام والانتقام، فإن الأمور ستسير نحو الأسوإ، ومن الضروري القطع مع الأساليب والأيديولوجيات والممارسات المتطرفة. التحدي الأكبر في سوريا اليوم يتمثل في الاتفاق على تقاسم عادل وشامل للسلطة عقب انتخابات حرة وشفافة، وكذلك استعادة السيادة السورية على كامل أراضيها. روسيا متضامنة مع الشعب السوري وتتمنى عودة الحياة في هذا البلد إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن. نرى أنه من الضروري الحفاظ على المؤسسات الحكومية، وضمان وحدة سوريا، والمضي قدماً نحو انتقال سياسي يقوده السوريون أنفسهم. تم ربط اتصالات مع القوى التي تولت السلطة، وبناءً على تطور الوضع، يمكننا أن نتبين بوضوح الدور الذي يمكن أن تلعبه موسكو مع التأكيد مجددا على أن الكلمة الأخيرة يجب أن تكون للشعب السوري في هذا الشأن.
*نغلق الملف السوري ونفتح الملف الأوكراني، فإلى أين تتجه الحرب الروسية الأوكرانية في ظل استمرار الصراع دون بوادر تسوية سياسية؟
-لقد تم تحديد أهداف هذه العملية العسكرية الخاصة بوضوح وهي معروفة للجميع. وقد أكدت روسيا مرارًا أن الحل التفاوضي ممكن شريطة استيفاء الشروط اللازمة لذلك والاقتناع بأسباب نشوب الحرب وأخذ المخاوف الروسية مأخذ الجدّ، خاصة فيما يتعلق بالدفاع والأمن. ولابد من التذكير بالاتصالات والمفاوضات التي احتضنتها تركيا في البداية ولم تكن روسيا هي من أوقفت المسار التفاوضي.
*هل تعتقدون في التوصل إلى اتفاقيات قريبة مع الطرف الأوكراني يوقف النزاع، أم أن الحل العسكري لا يزال هو الخيار المطروح؟
-لست في موقع يسمح لي بإبداء رأي في هذا الموضوع. يعود التقدير في هذا الشأن إلى صناع القرار في موسكو، وعلى رأسهم رئيس الدولة، لتقييم الوضع واستخلاص النتائج العملية.
*كيف ترد روسيا على الاتهامات الغربية بشأن تأثير الحرب على الأمن الغذائي والطاقة عالميًا؟
نجيبهم بأن الأمن الغذائي العالمي والإمدادات الطاقية معرضان للخطر بسبب العقوبات الغربية الأحادية. هذه العقوبات تؤثر على الجوانب اللوجستية وسلاسل الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول إلى المنتوجات الحياتية كالحبوب والموارد النفطية القادمة من روسيا وهذا واضح. حتى الشحنات الموجهة للدول الإفريقية الأكثر فقراً تأثرت. ولكن، مصائب قوم عند قوم فوائد وليس من الصعب معرفة من المستفيد من الوضعية الراهنة ومن المتضرر منها. الغالبية العظمى من المجتمع الدولي تدرك تماماً الهدف من السياسات العقابية ضدنا، خاصة أن من فرضوا هذه العقوبات ليسوا سوى أقلية.
*لكن الأمور قد تتغير بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فكيف تتوقعون مستقبل العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في عهدة الرئيس الأمريكي الجديد؟
-خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب السابقة، كانت العلاقات بين واشنطن وموسكو مقبولة وهادئة نسبيا على الرغم من العقوبات التي فرضت ضدنا آنذاك. بعد ذلك وخلال فترة حكم الرئيس بايدن، تدهورت العلاقات بشكل كبير. لكن ما زال الأمل قائماً في أن يتوقف التصعيد وأن تحلّ التهدئة محل التوتر، كما حدث قبل حوالي خمسين عامًا خلال فترة ما يسمىّ بـ"الحرب الباردة". اليوم العالم تغير كثيرًا، وقد حدثت إعادة تشكيل للقوى، ولم تعد الولايات المتحدة تملك النفوذ الذي كانت تمتلكه. بعبارة أخرى، أهمية العلاقات مع واشنطن قد تراجعت والتقارب مع هذه القوة لم يعد شرطًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في الساحة الدولية. يكفي أن تكون منفتحًا على شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة لضمان مكانة مشرفة ونمو مستدام.
*هل تعتقد روسيا أن الإدارة الأمريكية المقبلة قد تكون أكثر مرونة في التعامل مع القضايا الدولية، بما في ذلك أوكرانيا وسوريا؟
-لا ينبغي أن ننسى أن كل دولة تتصرف وفقًا لمصالحها الوطنية. كيف ستحدد الإدارة الأمريكية الجديدة أولوياتها وخارطة طريقها للوصول إلى تلك الأولويات، وما هي الوسائل التي ستستخدمها، من الأفضل طلب تعليقات حول ذلك من واشنطن. أفضل عدم الدخول في تكهنات وتخمينات. ومع ذلك، شيء ما يدفعني للاعتقاد بأنه بشكل عام ستكون هناك استمرارية في نفس المنهج، لأن الولايات المتحدة لا تزال عاجزة عن التخلص من رؤيتها المشوهة للعالم. على أي حال، سنتمكن قريبًا من تكوين فكرة أوضح.
*كيف تنظر موسكو إلى السياسات الأمريكية الحالية بشأن التوسع في دعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا؟
كما تم التأكيد مرارًا من قبل أعلى المستويات في روسيا، فإن هذا الوضع لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد المواجهة وبالتالي المزيد من سقوط الأرواح. وبالعودة إلى الصيغة التي استخدمها ساكن البيت الأبيض، فان الأمريكيين بما في ذلك نخبهم، تعالت أصواتهم منتقدة بشدة لخيارات حكامهم وسوء استثمارهم في حرب لا تعنيهم. تخيلوا التأثير الإيجابي الذي كان يمكن تحقيقه إذا تم إنفاق هذه الأموال الطائلة التي صرفت لدعم الحرب وتغذيتها لفائدة مساعدة الدول الأكثر احتياجًا أو في أعمال خيرية.
الواضح أن الأحداث التي يشهدها العالم غطت على المأساة الأكبر وهي غزة وما يحصل فيها.. فما موقف روسيا مما يجري للشعب الفلسطيني ومن خراب ودمار غزة وإبادة شعبها؟ وكيف ترى موسكو دورها في حل القضية الفلسطينية؟
-نحن واضحون جدًا فيما يتعلق بهذا النزاع. الأولوية هي وقف إراقة الدماء والإبادة الممنهجة، وفتح ممرات للمساعدات الإنسانية بالحجم اللازم، وإطلاق سراح الرهائن، ومن بينهم مواطنون روس. المهمة الأكثر إلحاحًا هي إنقاذ الأرواح. لا يوجد خيار منطقي آخر. ولا يوجد بديل للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة تستند إلى صيغة الدولتين وبالتالي قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. منذ بداية هذه المأساة قبل أكثر من عام، أجرت روسيا اتصالات مع الأطراف التي بإمكانها المساعدة في تجنب الأسوأ. لقد تحركنا وما زلنا نتحرك في إطار ثنائي وداخل الأمم المتحدة. وللأسف تم إحباط العديد من مشاريع قرارات مجلس الأمن التي لها قوة قانون، بما في ذلك تلك المقترحة من قبل روسيا، باستخدام حق النقض من قبل أحد الأعضاء الدائمين. على سبيل المثال، ما حصل في 20 نوفمبر بشأن نص مشابه لذلك الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة في 11 ديسمبر خلال الدورة الاستثنائية العاشرة الطارئة للأمم المتحدة، والذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. ومع ذلك، لن نتخلى عن جهودنا من أجل السلام في الشرق الأوسط وسنواصل العمل مع الغالبية العظمى من المجتمع الدولي.
*هل ترى روسيا أن الفرصة ما زالت قائمة لإحياء مبادرات السلام في الشرق الأوسط في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر وضربه لكل المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والأممية؟
-نحن دائمًا منفتحون على جهود السلام القائمة على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام 2002. ومع ذلك، من الصعب تصور تسوية شاملة ودائمة قريبة في الشرق الأوسط في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة. يجب أن نبدأ بإزالة العقبات أمام خلق أجواء من التهدئة تمهيدًا لاستئناف الحوار، مع التركيز على وقف المواجهات. من جهتنا نحاول المساهمة في الوصول إلى هذا الهدف وتهدئة الأوضاع من خلال اتصالاتنا المتواصلة مع الأطراف المعنية.
*ثلاث سنوات تقريبا تمر على تواجدكم على رأس الممثلية الديبلوماسية الروسية في تونس، فكيف تقيمون العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة من ناحية تبادل وجهات النظر في المسائل الدولية والإقليمية وكذلك واقع المبادلات التجارية، الاستثمارات والدعم الاقتصادي؟
-العلاقات بين روسيا وتونس تسير منذ سنوات في منحى إيجابي للغاية، وهو ما جسدته رسالة تهنئة من الرئيس بوتين إلى الرئيس قيس سعيد بمناسبة إعادة انتخابه، حيث أعرب الرئيس الروسي عن رغبته في تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. وقد تم اتخاذ خطوات ملموسة من الجانبين في هذا الاتجاه. ففي بداية نوفمبر بسوتشي، وعلى هامش المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى التعاون الروسي-الإفريقي، عقد وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي اجتماعًا مثمرًا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقد مكن هذا اللقاء من تحديد أولويات العمل المشترك للأشهر المقبلة. نحن نثمن دعوة تونس إلى إصلاح النظام الدولي بما يوجهه نحو مسار أكثر عدالة وإنصافًا، قادر على تلبية احتياجات المجتمع الإنساني في عالم يتميز بتغيرات عميقة وسريعة.
في نهاية الشهر نفسه، في موسكو، ترأس سمير عبيد، وزير التجارة وتنمية الصادرات، التونسي مناصفةً مع الجانب الروسي، الدورة الثامنة للجنة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني. وبعد مراجعة واقع وآفاق الشراكة بين البلدين في مختلف أبعادها، اتفق الطرفان على ضرورة تكثيف الجهود لتوسيع نطاق التعاون الثنائي في قطاعات جديدة، مثل الزراعة، والصناعات الهندسية، والطاقة، والصحة وكذلك الفضاء الذي أسفرت الجهود المشتركة بين البلدين عن إطلاق القمر الصناعي "تحدي-1" الذي تم تصنيعه بكفاءات تونسية بالتعاون مع الخبراء الروس فضلا عن مشروع إرسال أول رائدة فضاء تونسية. كما تم توقيع بروتوكولات نوايا بين بعض الوزارات، وكذلك عرض مشاريع استثمارية قيد الدراسة.
وهذا يؤكد أن العلاقات بين البلدين تسير في مسار تصاعدي وهو ما يثبته حجم المبادلات التجارية، حيث تضاعف هذا المؤشر ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى حوالي ملياري دولار. وهناك مؤشر آخر على تنويع الروابط بين البلدين، من ذلك رسو الفرقاطة الروسية "أميرال الاتحاد السوفييتي غورشكوف" في ميناء بنزرت يوم 29 أكتوبر الماضي كذلك من الضروري الإشارة إلى التطور الكبير لسوق السياحة الروسية نحو الوجهة التونسية، إلى جانب التبادلات الثقافية مع زيادة عدد الفرق الفنية الروسية التي تقدم عروضها في تونس آخرها العرض المنتظر لمسرح الشباب في سانت بطرسبرغ الأسبوع المقبل ضمن مهرجان نيابوليس الدولي. في المقابل، شاركت وفود تونسية بارزة في المهرجان العالمي للشباب في سوتشي في مارس الماضي. ألاحظ أيضًا أن الاهتمام بالدراسات الجامعية في روسيا لا يزال قويًا حيث يتابع أكثر من 1900 طالب تونسي دراستهم في الجامعات الروسية، وكذلك التوجهّ نحو تعلم اللغة الروسية في المؤسسات التعليمية التونسية على مستوى المعاهد أو مؤسسات التعليم العالي... باختصار، نحن على الطريق الصحيح بفضل الإرادة المشتركة لتحقيق الأفضل.
*لم تتحدث عن مشروع روسيا إنشاء مناطق تجارة حرة في 4 دول عربية في إفريقيا ومن بينها تونس؟
-أعتقد أنك تشير إلى قرار اللجنة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية ببدء محادثات مع بعض الدول الإفريقية استجابة لطلبها، وخاصة تونس، بهدف إقامة نظام تجاري تفاضلي مع الاتحاد الاقتصادي الأوروالآسيوي. بالفعل، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، التقى سمير عبيد وزير التجارة وتنمية الصادرات التونسي بنظيره في هذه الهيئة. لذلك، يمكن القول إن العملية قد انطلقت. فاتفاقيات التجارة الحرة مع تونس وعدد من الدول الإفريقية، يمكن أن تكون أحد العناصر المهمة في الشراكة الاقتصادية بين الطرفين.