إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. حتى لا يُفرض حكم القويّ على الضعيف

بعد فترة قصيرة من سقوط دمشق وانهيار الجيش السوري، تسارعت الأحداث في قطاع غزة مع بلوغ مفاوضات الهدنة مرحلة حاسمة تؤكد جميع الأطراف المشاركة فيها والمعنية بها أن حصول اتفاق نهائي بات وشيكا..، لكن بأية شروط وبأية تداعيات على مستقبل القضية الفلسطينية وخاصة على تماسك حركات المقاومة التي باتت محاصرة ومنهكة..   

ومن شأن هذا الاتفاق الذي قد يأتي بعد مخاض عسير من المحادثات والمشاورات المضنية، أن ينهي حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على سكان القطاع منذ أكثر من عام، ويضع حدا لمعاناة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين باتوا يتلهفون للأمن والسلام، مع هول ما يعيشونه يوميا من قتل وقصف ودمار، وجوع وأمراض، ملاحقين مشردين، في العراء دون مآوى، بعد انهيار جل المباني السكنية وقصف ما تبقى من المدارس أو المساجد والمستشفيات التي كانوا يلجؤون إليها.. 

هذا الاتفاق، لو حصل، يُخشى أن يكون مستجيبا لحكم القوي على الضعيف، أو مشابها لاتفاق هش مثل ما حصل في لبنان، لا يضمن طموحات المقاومة التي كان سقفها عاليا قبل أكثر من عام من اندلاع "طوفان الأقصى"، وبالنظر إلى طول أمد الحرب ونتائجها المدمرة على البنية التحتية والمدنيين داخل القطاع،.. لن يكون الاتفاق وتفاصيله وانعكاساته مماثلة لنفس الحيثيات والنتائج لو لم تتداخل عوامل ومستجدات عسكرية وسياسية لم تكن أبدا في صالح المقاومة..   

ولا يختلف اثنان في أن ما ضاعف من معاناة الفلسطينيين ما رأوه من خذلان معظم الدول العربية والإسلامية وفشلها في نصرتهم، فضلا عن عجز العالم ومؤسسات الأمم المتحدة والهيئات الدولية والأممية عن نجدتهم وإغاثتهم وتقديم الحد الأدنى لهم من الخدمات الإنسانية والطبية..

غير أن المتابعين لمسار الأحداث في الشرق الأوسط، وهي أحداث تدور في فلك القضية الفلسطينية ومحورها، ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقائم من وجهة نظر المقاومة على الدفاع عن مبادئ كونية إنسانية لا جدال فيها، وهي حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتحرر من الاستعمار الجاثم عليه منذ عقود، وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.. يلاحظ أن هذه الحقوق، باتت اليوم - للأسف- محل مزايدات، أو يخشى أنها قد تصبح من الماضي، لعدة أسباب وعوامل..

ومن أبرز تلك الأسباب الضربات التي تلقتها المقاومة في الداخل مع حرب الاستنزاف الطويلة التي تخوضها المقاومة في القطاع، وحتى في الضفة، والتي أنهكت جزءا مهما من مقدراتها العسكرية، وأيضا السياسية مع تصفية أبرز قياداتها، وفي الخارج بعد استهداف وتفكيك خيوط الإمداد والإسناد ممّا يعرف بمحور المقاومة في لبنان، وسوريا، وإيران..

ولعل ما زاد الوضع تعقيدا، الحصول الدرامي والمفاجئ لأحداث سوريا التي كان لها وما يزال تأثير الرجّة أو الزلزال لتداعياتها المباشرة وغير المباشرة على الخارطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ككل، باعتباره سيغيّر موازين القوى في المنطقة، لصالح الكيان الصهيوني وحلفائه خاصة الولايات المتحدة، ولصالح القوى الإقليمية..

والمؤكد بعد أيام من سقوط النظام السابق في سوريا، أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر في المنطقة، وسيكون لها الطريق مفتوحا لفرض شروطها وارداتها السياسية والعسكرية ومطامعها الاستعمارية، وخاصة القضاء على المقاومة، وغلق ملف القضية الفلسطينية وإنهاء حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق.

وفي غياب المقاومة أو في ضعفها، سيكون لإسرائيل المجال سانحا لتنفيذ مخططات التهجير، ومزيد الاستيطان، وفرض الأمر الواقع، والسيطرة الأمنية على كامل القطاع والضفة في فلسطين المحتلة..

رفيق بن عبد الله

بعد فترة قصيرة من سقوط دمشق وانهيار الجيش السوري، تسارعت الأحداث في قطاع غزة مع بلوغ مفاوضات الهدنة مرحلة حاسمة تؤكد جميع الأطراف المشاركة فيها والمعنية بها أن حصول اتفاق نهائي بات وشيكا..، لكن بأية شروط وبأية تداعيات على مستقبل القضية الفلسطينية وخاصة على تماسك حركات المقاومة التي باتت محاصرة ومنهكة..   

ومن شأن هذا الاتفاق الذي قد يأتي بعد مخاض عسير من المحادثات والمشاورات المضنية، أن ينهي حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على سكان القطاع منذ أكثر من عام، ويضع حدا لمعاناة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين باتوا يتلهفون للأمن والسلام، مع هول ما يعيشونه يوميا من قتل وقصف ودمار، وجوع وأمراض، ملاحقين مشردين، في العراء دون مآوى، بعد انهيار جل المباني السكنية وقصف ما تبقى من المدارس أو المساجد والمستشفيات التي كانوا يلجؤون إليها.. 

هذا الاتفاق، لو حصل، يُخشى أن يكون مستجيبا لحكم القوي على الضعيف، أو مشابها لاتفاق هش مثل ما حصل في لبنان، لا يضمن طموحات المقاومة التي كان سقفها عاليا قبل أكثر من عام من اندلاع "طوفان الأقصى"، وبالنظر إلى طول أمد الحرب ونتائجها المدمرة على البنية التحتية والمدنيين داخل القطاع،.. لن يكون الاتفاق وتفاصيله وانعكاساته مماثلة لنفس الحيثيات والنتائج لو لم تتداخل عوامل ومستجدات عسكرية وسياسية لم تكن أبدا في صالح المقاومة..   

ولا يختلف اثنان في أن ما ضاعف من معاناة الفلسطينيين ما رأوه من خذلان معظم الدول العربية والإسلامية وفشلها في نصرتهم، فضلا عن عجز العالم ومؤسسات الأمم المتحدة والهيئات الدولية والأممية عن نجدتهم وإغاثتهم وتقديم الحد الأدنى لهم من الخدمات الإنسانية والطبية..

غير أن المتابعين لمسار الأحداث في الشرق الأوسط، وهي أحداث تدور في فلك القضية الفلسطينية ومحورها، ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقائم من وجهة نظر المقاومة على الدفاع عن مبادئ كونية إنسانية لا جدال فيها، وهي حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتحرر من الاستعمار الجاثم عليه منذ عقود، وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.. يلاحظ أن هذه الحقوق، باتت اليوم - للأسف- محل مزايدات، أو يخشى أنها قد تصبح من الماضي، لعدة أسباب وعوامل..

ومن أبرز تلك الأسباب الضربات التي تلقتها المقاومة في الداخل مع حرب الاستنزاف الطويلة التي تخوضها المقاومة في القطاع، وحتى في الضفة، والتي أنهكت جزءا مهما من مقدراتها العسكرية، وأيضا السياسية مع تصفية أبرز قياداتها، وفي الخارج بعد استهداف وتفكيك خيوط الإمداد والإسناد ممّا يعرف بمحور المقاومة في لبنان، وسوريا، وإيران..

ولعل ما زاد الوضع تعقيدا، الحصول الدرامي والمفاجئ لأحداث سوريا التي كان لها وما يزال تأثير الرجّة أو الزلزال لتداعياتها المباشرة وغير المباشرة على الخارطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ككل، باعتباره سيغيّر موازين القوى في المنطقة، لصالح الكيان الصهيوني وحلفائه خاصة الولايات المتحدة، ولصالح القوى الإقليمية..

والمؤكد بعد أيام من سقوط النظام السابق في سوريا، أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر في المنطقة، وسيكون لها الطريق مفتوحا لفرض شروطها وارداتها السياسية والعسكرية ومطامعها الاستعمارية، وخاصة القضاء على المقاومة، وغلق ملف القضية الفلسطينية وإنهاء حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق.

وفي غياب المقاومة أو في ضعفها، سيكون لإسرائيل المجال سانحا لتنفيذ مخططات التهجير، ومزيد الاستيطان، وفرض الأمر الواقع، والسيطرة الأمنية على كامل القطاع والضفة في فلسطين المحتلة..

رفيق بن عبد الله