تحلّ اليوم الذكرى الرابعة عشر للثورة التونسية التي انطلقت شرارتها يوم 17 ديسمبر 2010، ثورة تركت بصماتها ليس في تونس فحسب بل أثرتّ في كل العالم تقريبا وهي التي حملت شعار "ثورة الحرية والكرامة" ولم تكن مجرد حدث وطني، بل صارت نموذجًا ألهم حركات احتجاجية واسعة، وتحوّلت إلى أحد أبرز الأحداث السياسية والاجتماعية في القرن الحادي والعشرين.
الثورة التونسية، حققت الكثير لهذا البلد وشعبه من ذلك كسر حاجز الخوف حيث وضعت حدًا لنظام استمر عقودًا، وحققت انتصارًا كبيرًا لشعب قرّر أن يرفع صوته في وجه التسلّط والفساد وبات التونسيون أكثر جرأة في المطالبة بحقوقهم، وهو ما ظهر في الحركات الاجتماعية والاحتجاجات المستمرة بما فيها من شرعية وعدم شرعية.
كذلك مكنت الثورة من بناء نظام ديمقراطي جديد في تونس التي نجحت في أن تكون "ديمقراطية ناشئة" رغم الهزات أحيانا ونجحت في تنظيم استحقاقات انتخابية حرة ونزيهة، وتأسيس نظام سياسي تعددي يضمن التداول السلمي على السلطة الى جانب مكسب حرية الإعلام وتنوع المجتمع المدني حيث يمكن اعتبار تحرير الإعلام وتعزيز دور المجتمع المدني أحد أكبر إنجازات الثورة. هذا في انتظار التغلبّ على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ما زالت قائمة. فرغم التحولات السياسية الكبرى والمتسارعة، لم تُلبِّ الثورة التطلعات الاقتصادية والاجتماعية لكثير من التونسيين. ولا تزال معدلات البطالة والفقر مرتفعة، كما تعاني البلاد من أزمات مالية وتفاوت تنموي بين المناطق ربما تتم معالجتها تدريجيا بفضل صوت الشعب الجديد "مجلس الجهات والاقاليم".
الثورة التونسية لم تشع فقط محليا، بل كان لها الأثر الكبير في السياق العالمي بداية من الإلهام الذي منحته للثورات العربية حيث كانت "ثورة الحرية والكرامة" الشرارة الأولى لما يُعرف بالربيع العربي، ومنها انتقلت عدوى الاحتجاجات إلى مصر، ليبيا، اليمن، وسوريا...، وقد مثلت هذه الثورات موجة جديدة من المطالبات بالديمقراطية في العالم العربي.
وبعد مرور 14 عاما على الثورة التونسية، ظلت هذه الأخيرة نموذجا للتحول الديمقراطي يُستشهد به في إدارة التغيير السياسي سلمياً، مما عزّز مكانتها كاستثناء في منطقة مضطربة خاصة مع تعثر تجارب أخرى.
كذلك، عززت الثورة التونسية مفهوم الكرامة الإنسانية عالميًا بعد أن رفعت شعار "الشغل، الحرية، الكرامة الوطنية"، وهو شعار وجد صداه في حركات عالمية أخرى تطالب بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
اليوم، المؤكد أن الثورة التونسية قدمت للعالم ولشعوبه عدة دروس منها أهمية بناء اقتصاد قوي لدعم الديمقراطية، فالتحول السياسي وحده غير كافٍ والديمقراطية تحتاج إلى قاعدة اقتصادية متينة تلبي احتياجات المواطنين وتعزز ثقتهم في النظام الجديد. الدرس الثاني هو دور الشباب في التغيير من ذلك أن الثورة التونسية كانت في الأساس ثورة شبابية، مما يؤكد أهمية إشراك الشباب في صنع القرار ورسم مستقبل البلاد. أما الدرس الثالث فهو إدارة التعددية والاختلاف فنجاح تونس النسبي في تجاوز الانقسامات السياسية وحتى الايديولوجية يمكن أن يكون درسًا لدول أخرى حول كيفية إدارة التنوع لتحقيق الاستقرار.
في ذكراها الرابعة عشر، تظل الثورة التونسية علامة فارقة في تاريخ البلاد والعالم. ورغم الصعوبات، فإنها ذكرتنا وما تزال بأن إرادة الشعوب قادرة على صنع التغيير، وأن الكفاح من أجل الحرية والكرامة لا يتوقف عند إسقاط نظام، بل يتطلب العمل المستمر لتحقيق أهداف الثورة.
بقلم: سفيان رجب
تحلّ اليوم الذكرى الرابعة عشر للثورة التونسية التي انطلقت شرارتها يوم 17 ديسمبر 2010، ثورة تركت بصماتها ليس في تونس فحسب بل أثرتّ في كل العالم تقريبا وهي التي حملت شعار "ثورة الحرية والكرامة" ولم تكن مجرد حدث وطني، بل صارت نموذجًا ألهم حركات احتجاجية واسعة، وتحوّلت إلى أحد أبرز الأحداث السياسية والاجتماعية في القرن الحادي والعشرين.
الثورة التونسية، حققت الكثير لهذا البلد وشعبه من ذلك كسر حاجز الخوف حيث وضعت حدًا لنظام استمر عقودًا، وحققت انتصارًا كبيرًا لشعب قرّر أن يرفع صوته في وجه التسلّط والفساد وبات التونسيون أكثر جرأة في المطالبة بحقوقهم، وهو ما ظهر في الحركات الاجتماعية والاحتجاجات المستمرة بما فيها من شرعية وعدم شرعية.
كذلك مكنت الثورة من بناء نظام ديمقراطي جديد في تونس التي نجحت في أن تكون "ديمقراطية ناشئة" رغم الهزات أحيانا ونجحت في تنظيم استحقاقات انتخابية حرة ونزيهة، وتأسيس نظام سياسي تعددي يضمن التداول السلمي على السلطة الى جانب مكسب حرية الإعلام وتنوع المجتمع المدني حيث يمكن اعتبار تحرير الإعلام وتعزيز دور المجتمع المدني أحد أكبر إنجازات الثورة. هذا في انتظار التغلبّ على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ما زالت قائمة. فرغم التحولات السياسية الكبرى والمتسارعة، لم تُلبِّ الثورة التطلعات الاقتصادية والاجتماعية لكثير من التونسيين. ولا تزال معدلات البطالة والفقر مرتفعة، كما تعاني البلاد من أزمات مالية وتفاوت تنموي بين المناطق ربما تتم معالجتها تدريجيا بفضل صوت الشعب الجديد "مجلس الجهات والاقاليم".
الثورة التونسية لم تشع فقط محليا، بل كان لها الأثر الكبير في السياق العالمي بداية من الإلهام الذي منحته للثورات العربية حيث كانت "ثورة الحرية والكرامة" الشرارة الأولى لما يُعرف بالربيع العربي، ومنها انتقلت عدوى الاحتجاجات إلى مصر، ليبيا، اليمن، وسوريا...، وقد مثلت هذه الثورات موجة جديدة من المطالبات بالديمقراطية في العالم العربي.
وبعد مرور 14 عاما على الثورة التونسية، ظلت هذه الأخيرة نموذجا للتحول الديمقراطي يُستشهد به في إدارة التغيير السياسي سلمياً، مما عزّز مكانتها كاستثناء في منطقة مضطربة خاصة مع تعثر تجارب أخرى.
كذلك، عززت الثورة التونسية مفهوم الكرامة الإنسانية عالميًا بعد أن رفعت شعار "الشغل، الحرية، الكرامة الوطنية"، وهو شعار وجد صداه في حركات عالمية أخرى تطالب بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
اليوم، المؤكد أن الثورة التونسية قدمت للعالم ولشعوبه عدة دروس منها أهمية بناء اقتصاد قوي لدعم الديمقراطية، فالتحول السياسي وحده غير كافٍ والديمقراطية تحتاج إلى قاعدة اقتصادية متينة تلبي احتياجات المواطنين وتعزز ثقتهم في النظام الجديد. الدرس الثاني هو دور الشباب في التغيير من ذلك أن الثورة التونسية كانت في الأساس ثورة شبابية، مما يؤكد أهمية إشراك الشباب في صنع القرار ورسم مستقبل البلاد. أما الدرس الثالث فهو إدارة التعددية والاختلاف فنجاح تونس النسبي في تجاوز الانقسامات السياسية وحتى الايديولوجية يمكن أن يكون درسًا لدول أخرى حول كيفية إدارة التنوع لتحقيق الاستقرار.
في ذكراها الرابعة عشر، تظل الثورة التونسية علامة فارقة في تاريخ البلاد والعالم. ورغم الصعوبات، فإنها ذكرتنا وما تزال بأن إرادة الشعوب قادرة على صنع التغيير، وأن الكفاح من أجل الحرية والكرامة لا يتوقف عند إسقاط نظام، بل يتطلب العمل المستمر لتحقيق أهداف الثورة.