وافَت المنية يوم أمس الجمعة 13 ديسمبر فرج شوشان، أحد أبرز الفاعلين في الإعلام الثقافي على امتداد عقود من الزمن. وقد نزل الخبر الحزين بعد ساعات من الإعلان عن رحيل الممثل الكبير فتحي الهداوي، لتفقد الساحة الثقافية في ظرف وجيز اثنين من أبرز أعلامها.
وفرج شوشان، الذي لا يتردد العديد من متابعيه في اعتباره "برنار بيفو" تونس (الراحل صاحب البرنامج الشهير "الطبخة الثقافية")،لاتساع ثقافته وحضوره الإيجابي، وأيضًا لخصاله الإنسانية. وقد ظل فرج شوشان طيلة حياته يناضل من أجل تحديث المشهد الثقافي ومن أجل تكريس حب الكتاب والقراءة بشكل عام.
وكان فرج شوشان أصيل مدينة القلعة الكبرى من ولاية سوسة، قارئًا نهمًا ويعرف نفسه بأنه قارئ جيد. وكان مواكبًا للأحداث الثقافية ومتعدد الأنشطة، فقد كان معدًا ومقدمًا لبرامج ثقافية وتلفزيونية جادة هادفة، وكانت له نبرته الخاصة التي يعرفه بها جمهوره بسهولة. وكان مسكونًا بهاجس الثقافة ومهمومًا بتراجع الإقبال على المطالعة وبتراجع مستوى الإبداع، مع تطور العصر وخاصة تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي لاح أنها قد تقضي على الكتاب الورقي وتؤثر في نوعية التفاعل مع المنتوج الثقافي.
ويعتبر فرج شوشان من الشخصيات التي قدمت الكثير للمسرح كمؤلف مسرحي، ومن أعماله المسرحية نذكر بالخصوص "يحيى بن عمر"، وهو أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الأندلسي (837-901)، الذي وُلد بالأندلس في قومه وقضى بها طفولته، ثم انتقل إلى إفريقية في شبابه ودخل مدينة سوسة وأقام بها. كما كانت له إسهامات في تطوير المسرح، فقد كان ضمن مجموعة من المسرحيين الشباب الذين وقعوا في 1966 ما يعرف ببيان الإحدى عشر، الذي يعتبر الوثيقة التأسيسية لحركة التحديث في المسرح التونسي.
وقد وقع هذا البيان إلى جانب فرج شوشان كل من توفيق عبد الهادي، ناصر شمّام، علي اللواتي، أحمد المراكشي، يوسف الرقيق، عبد الله رواشد، منصف السويسي، الهادي الحليوي، محمد الغربي، وتوفيق الجبالي، وصدر في جريدة "لابريس" في 30 سبتمبر 1966. وقد طالب الموقعون بمسرح يعبر أكثر عن المجتمع، بالاعتراف بدوره في التوعية ومقاومة الأفكار البالية، وحث المتلقي على طرح الأسئلة والاستفادة من التجارب العالمية وخاصة من المسارح الطلائعية لتطوير المسرح التونسي، مع الدعوة كذلك إلى الاقتراب أكثر من الجمهور حيثما كان من خلال التقليص من اللامركزية وبعث مسارح في مختلف جهات البلاد.
وتولى فرج شوشان مسؤوليات من بينها إدارة المركز الثقافي الدولي بالحمامات.
وقد نعته أمس وزارة الشؤون الثقافية في بلاغ للغرض، مذكرةً بمسيرته الطويلة في الساحة الثقافية، معددةً بعض أعماله.
وكان الراحل قد قلص في الفترة الأخيرة من حضوره في التظاهرات الثقافية بسبب المرض، وقد نظم معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين (37) زيارة لفرج شوشان، وقام بتكريمه بمنزله، وذلك في إطار مبادرة لتكريم الأقلام التونسية والمثقفين الذين عرفوا بوفائهم للمعرض. وقد كُرم من قبل كل من محمد عجينة، فضيلة الشابي، هشام جعيّط، وتوفيق بكّار. كما تم تكريم الراحل فرج شوشان في الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية في 2019.
ونسوق هذه المرة أيضًا نفس الملاحظة التي سبق أن وجهناها من قبل، وهو غياب سير ذاتية متكاملة حول الشخصيات الاعتبارية في تونس، وكان من المفروض أن تتوفر مادة أخصب حول رجل في قيمة فرج شوشان، قضى عقودًا من حياته في خدمة الكتاب والثقافة والإبداع عمومًا، لا أن تكرر كل المواقع الإخبارية خبر رحيله الذي نشرته وزارة الشؤون الثقافية على صفحتها الرسمية على موقع "الفايسبوك" بنفس الطريقة، وهو خبر لا يوفي رجلًا في حجم فرج شوشان حقه.
ح. س
تونس- الصباح
وافَت المنية يوم أمس الجمعة 13 ديسمبر فرج شوشان، أحد أبرز الفاعلين في الإعلام الثقافي على امتداد عقود من الزمن. وقد نزل الخبر الحزين بعد ساعات من الإعلان عن رحيل الممثل الكبير فتحي الهداوي، لتفقد الساحة الثقافية في ظرف وجيز اثنين من أبرز أعلامها.
وفرج شوشان، الذي لا يتردد العديد من متابعيه في اعتباره "برنار بيفو" تونس (الراحل صاحب البرنامج الشهير "الطبخة الثقافية")،لاتساع ثقافته وحضوره الإيجابي، وأيضًا لخصاله الإنسانية. وقد ظل فرج شوشان طيلة حياته يناضل من أجل تحديث المشهد الثقافي ومن أجل تكريس حب الكتاب والقراءة بشكل عام.
وكان فرج شوشان أصيل مدينة القلعة الكبرى من ولاية سوسة، قارئًا نهمًا ويعرف نفسه بأنه قارئ جيد. وكان مواكبًا للأحداث الثقافية ومتعدد الأنشطة، فقد كان معدًا ومقدمًا لبرامج ثقافية وتلفزيونية جادة هادفة، وكانت له نبرته الخاصة التي يعرفه بها جمهوره بسهولة. وكان مسكونًا بهاجس الثقافة ومهمومًا بتراجع الإقبال على المطالعة وبتراجع مستوى الإبداع، مع تطور العصر وخاصة تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي لاح أنها قد تقضي على الكتاب الورقي وتؤثر في نوعية التفاعل مع المنتوج الثقافي.
ويعتبر فرج شوشان من الشخصيات التي قدمت الكثير للمسرح كمؤلف مسرحي، ومن أعماله المسرحية نذكر بالخصوص "يحيى بن عمر"، وهو أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الأندلسي (837-901)، الذي وُلد بالأندلس في قومه وقضى بها طفولته، ثم انتقل إلى إفريقية في شبابه ودخل مدينة سوسة وأقام بها. كما كانت له إسهامات في تطوير المسرح، فقد كان ضمن مجموعة من المسرحيين الشباب الذين وقعوا في 1966 ما يعرف ببيان الإحدى عشر، الذي يعتبر الوثيقة التأسيسية لحركة التحديث في المسرح التونسي.
وقد وقع هذا البيان إلى جانب فرج شوشان كل من توفيق عبد الهادي، ناصر شمّام، علي اللواتي، أحمد المراكشي، يوسف الرقيق، عبد الله رواشد، منصف السويسي، الهادي الحليوي، محمد الغربي، وتوفيق الجبالي، وصدر في جريدة "لابريس" في 30 سبتمبر 1966. وقد طالب الموقعون بمسرح يعبر أكثر عن المجتمع، بالاعتراف بدوره في التوعية ومقاومة الأفكار البالية، وحث المتلقي على طرح الأسئلة والاستفادة من التجارب العالمية وخاصة من المسارح الطلائعية لتطوير المسرح التونسي، مع الدعوة كذلك إلى الاقتراب أكثر من الجمهور حيثما كان من خلال التقليص من اللامركزية وبعث مسارح في مختلف جهات البلاد.
وتولى فرج شوشان مسؤوليات من بينها إدارة المركز الثقافي الدولي بالحمامات.
وقد نعته أمس وزارة الشؤون الثقافية في بلاغ للغرض، مذكرةً بمسيرته الطويلة في الساحة الثقافية، معددةً بعض أعماله.
وكان الراحل قد قلص في الفترة الأخيرة من حضوره في التظاهرات الثقافية بسبب المرض، وقد نظم معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين (37) زيارة لفرج شوشان، وقام بتكريمه بمنزله، وذلك في إطار مبادرة لتكريم الأقلام التونسية والمثقفين الذين عرفوا بوفائهم للمعرض. وقد كُرم من قبل كل من محمد عجينة، فضيلة الشابي، هشام جعيّط، وتوفيق بكّار. كما تم تكريم الراحل فرج شوشان في الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية في 2019.
ونسوق هذه المرة أيضًا نفس الملاحظة التي سبق أن وجهناها من قبل، وهو غياب سير ذاتية متكاملة حول الشخصيات الاعتبارية في تونس، وكان من المفروض أن تتوفر مادة أخصب حول رجل في قيمة فرج شوشان، قضى عقودًا من حياته في خدمة الكتاب والثقافة والإبداع عمومًا، لا أن تكرر كل المواقع الإخبارية خبر رحيله الذي نشرته وزارة الشؤون الثقافية على صفحتها الرسمية على موقع "الفايسبوك" بنفس الطريقة، وهو خبر لا يوفي رجلًا في حجم فرج شوشان حقه.