إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صفحات من دفتر أيام قرطاج السينمائية

محسن بن أحمد

تونس - الصباح

تنطلق مساء اليوم السبت 14 ديسمبر الدورة الخامسة والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية. ومواكبةً منا لهذا الحدث السينمائي العربي والإفريقي، اخترنا تصفح بعض الورقات من مسيرتها واستحضار مواقف وقرارات واختيارات مثلت إضافة أو منعطفًا في تاريخها.

1968: حجب التانيت الذهبي للفيلمين الطويل والقصير

ترأس لجنة تحكيم دورة 1968 لأيام قرطاج السينمائية، السينمائي السنغالي عصمان صمبان، وكانت بعضوية الطاهر شريعة ونور الدين المشري (تونس)، وميكلوش بامشكو (المجر)، وبولو غوماز (البرازيل)، وجان لوي بوري (فرنسا). وقد حجبت اللجنة التانيت الذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة، شأنها في ذلك شأن مسابقة الأفلام القصيرة.

وقد شهدت الدورة الثانية لأيام قرطاج المسرحية، التي انتظمت في الفترة من 13 إلى 26 أكتوبر 1968، حدثًا لم يتوقعه أحد، تمثل في مقاطعة كل السينمائيين الأفارقة سهرة الختام المخصصة لتتويج الفائزين بجوائز الدورة، احتجاجًا على ما اعتبروه "حيفًا" في حقهم باستثنائهم من أي صنف من أصناف "التانيت" التي تم تسليمها للفائزين.

ورأى هؤلاء السينمائيون الأفارقة أن هذا الاستثناء قد يجعلهم يعيشون الإحباط في الوقت الذي انتظروا فيه تحية من المهرجان تقديرًا لجهودهم ونضالهم من أجل التأسيس لسينما أفريقية تنظر إلى المستقبل بتفاؤل وطموح وتوق إلى معانقة الشمس، موجهين عتابهم ولومهم الشديد للمخرج السينغالي عصمان صمبان، بوصفه رئيس لجنة التحكيم الدولية لهذه الدورة، وكان لزامًا عليه ، وفق رأيهم، أن يكون أول المدافعين عن السينما الأفريقية بمنحها التانيت البرونزي على الأقل.

1972 - الطيب الوحيشي

أول تانيت ذهبي لتونس

في سنة 2006، وهو يستعد في أبوظبي للمشاركة كعضو في لجنة تحكيم أحد المهرجانات السينمائية المحلية هناك، تعرض لحادث مرور عميق حوله إلى "سجين أبدي" للكرسي المتحرك. حادث، رغم قسوته، لم يفل من عزمه ليواصل مسيرته السينمائية أكثر تحديًا لكل العوائق الصحية والبدنية، وأكثر إصرارًا على المضي نحو المزيد من النجاح والتميز.

أحب السينما وأخلص لها، وهو الذي كان يؤكد في كل لقاء معه "إن السينما تأخذنا إلى أقاصي الحلم، ووضعى الجسدي لم ولن يمنعني من مواصلة الحياة وتحقيق جزء من أحلامي".

هو المخرج السينمائي الخالد الطيب الوحيشي الذي غادر هذه الحياة يوم 18 فيفري 2018، وهو الذي كان وراء إهداء تونس أول تانيت ذهبي، صنف "الأفلام القصيرة"، في دورة 1972 عن فيلم "قريتي قرية بين القرى".

وكان على تونس الانتظار حتى دورة 1976 التي شهدت تتويج تونس بأول تانيت ذهبي للأفلام الطويلة من خلال فيلم "السفراء" للمخرج الناصر القطاري.

1976 - قاعة سينمائية

تخليدًا لذكرى هاني جوهرية

تسلم الراحل حمادي الصيد مقاليد الإشراف على "الساتباك" (شركة للإنتاج السينمائي) سنة 1976، وأول قرار له كان إطلاق اسم "هاني جوهرية" على القاعة السينمائية "المونديال". وعندما تسلم مقاليد الإشراف على أيام قرطاج السينمائية سنة 1978 خصص جائزة للتصوير باسم هذا المناضل الفلسطيني الخالد.

وظلت قاعة "هاني جوهرية" صامدة حتى تسعينات القرن الماضي بعد تخلي "الساتباك" عنها، لتستعيد اسمها الأول "المونديال".

ويعد هاني جوهرية "أول سينمائي عربي فلسطيني يسقط شهيدًا في معركة مباشرة ضد الاحتلال الصهيوني"، حيث اغتالته الطائرات الحربية للكيان الغاصب. علمًا أن مسيرة هذا المصور المناضل السينمائي الشهيد قد انطلقت مع عدوان الرابع من جوان 1967 عندما احتل الإسرائيليون أرض الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وسيناء والجولان وأجزاء من جنوب لبنان. كانت النكسة بالنسبة إليه ضربة موجعة، فكان أن التقى بعدد من المبدعين والمثقفين العاملين في قطاع التصوير السينمائي لتأسيس "وحدة أفلام فلسطين" التي أصبحت بعد ذلك مؤسسة السينما الفلسطينية التابعة للإعلام الموحد ضمن منظمة التحرير الفلسطينية.

1986 - بحضور المخرج مصطفى العقاد

"الرسالة" في عرض خاص

عاشت الدورة الحادية عشرة لأيام قرطاج السينمائية، التي انتظمت في الفترة من 14 إلى 23 أكتوبر 1986، حدثًا سينمائيًا استثنائيًا تمثل في العرض الأول للفيلم العالمي "الرسالة" في نسخته العربية. عرض، يقول عنه مدير الدورة في تلك الفترة المخرج الكبير رشيد فرشيو، إنه كان احتفاليًا ضخمًا بحضور المخرج مصطفى العقاد والممثل المصري عبد الله غيث والممثلة السورية منى واصف.

ويعد "الرسالة" للمخرج الراحل مصطفى العقاد عملاً تاريخيًا ملحميًا برؤية إنتاجية عالمية لنشأة الإسلام، بنسختين عربية وإنجليزية. وكانت النسخة العربية من بطولة عبدالله غيث في دور حمزة بن عبد المطلب، والبطولة النسائية للممثلة السورية منى واصف في دور هند بنت عتبة. أما النسخة الإنجليزية فمن بطولة أنطوني كوين، والممثلة العالمية أيرين باباس، وكانت الصحراء المغربية مسرحًا لتصوير هذا العمل التاريخي الضخم على امتداد حوالي العامين.

2020 - الكورونا

استبشر أهل السينما سنة 2020 بتعيين السينمائي الكبير رضا الباهي مديرًا للدورة الواحدة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية. انطلقت الاستعدادات على أكثر من مستوى لكسب الرهان من خلال برنامج ثري ومتنوع رفع شعار المصالحة مع هوية هذه الأيام الإفريقية والعربية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان عندما اجتاحت "الكورونا" العالم بأسره، وهو ما دفع إلى الالتزام بالقواعد الصحية الصارمة لتجنب العدوى من خلال إقرار إلغاء كل التظاهرات والملتقيات والمهرجانات التي يكون فيها الحضور كثيفًا في الفضاءات المغلقة.

دفعت هذه الجائحة الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية إلى مراجعة برنامجها الطموح من خلال الاقتصار على الإنتاجات السينمائية التونسية وإلغاء المسابقة الرسمية. واستقر الرأي في ذات الوقت على أن يكون الافتتاح الرسمي بعرض 6 أفلام قصيرة تونسية وسط إجراءات وقائية صارمة وحازمة. وهذه هي المرة الأولى التي يكون فيها افتتاح أيام قرطاج السينمائية بالإنتاجات القصيرة التي تتراوح مدة كل إنتاج بين 10 و15 دقيقة. وكان ذلك مساء 18 ديسمبر 2020 من خلال عرض 6 أفلام قصيرة تونسية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صفحات من دفتر أيام قرطاج السينمائية

محسن بن أحمد

تونس - الصباح

تنطلق مساء اليوم السبت 14 ديسمبر الدورة الخامسة والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية. ومواكبةً منا لهذا الحدث السينمائي العربي والإفريقي، اخترنا تصفح بعض الورقات من مسيرتها واستحضار مواقف وقرارات واختيارات مثلت إضافة أو منعطفًا في تاريخها.

1968: حجب التانيت الذهبي للفيلمين الطويل والقصير

ترأس لجنة تحكيم دورة 1968 لأيام قرطاج السينمائية، السينمائي السنغالي عصمان صمبان، وكانت بعضوية الطاهر شريعة ونور الدين المشري (تونس)، وميكلوش بامشكو (المجر)، وبولو غوماز (البرازيل)، وجان لوي بوري (فرنسا). وقد حجبت اللجنة التانيت الذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة، شأنها في ذلك شأن مسابقة الأفلام القصيرة.

وقد شهدت الدورة الثانية لأيام قرطاج المسرحية، التي انتظمت في الفترة من 13 إلى 26 أكتوبر 1968، حدثًا لم يتوقعه أحد، تمثل في مقاطعة كل السينمائيين الأفارقة سهرة الختام المخصصة لتتويج الفائزين بجوائز الدورة، احتجاجًا على ما اعتبروه "حيفًا" في حقهم باستثنائهم من أي صنف من أصناف "التانيت" التي تم تسليمها للفائزين.

ورأى هؤلاء السينمائيون الأفارقة أن هذا الاستثناء قد يجعلهم يعيشون الإحباط في الوقت الذي انتظروا فيه تحية من المهرجان تقديرًا لجهودهم ونضالهم من أجل التأسيس لسينما أفريقية تنظر إلى المستقبل بتفاؤل وطموح وتوق إلى معانقة الشمس، موجهين عتابهم ولومهم الشديد للمخرج السينغالي عصمان صمبان، بوصفه رئيس لجنة التحكيم الدولية لهذه الدورة، وكان لزامًا عليه ، وفق رأيهم، أن يكون أول المدافعين عن السينما الأفريقية بمنحها التانيت البرونزي على الأقل.

1972 - الطيب الوحيشي

أول تانيت ذهبي لتونس

في سنة 2006، وهو يستعد في أبوظبي للمشاركة كعضو في لجنة تحكيم أحد المهرجانات السينمائية المحلية هناك، تعرض لحادث مرور عميق حوله إلى "سجين أبدي" للكرسي المتحرك. حادث، رغم قسوته، لم يفل من عزمه ليواصل مسيرته السينمائية أكثر تحديًا لكل العوائق الصحية والبدنية، وأكثر إصرارًا على المضي نحو المزيد من النجاح والتميز.

أحب السينما وأخلص لها، وهو الذي كان يؤكد في كل لقاء معه "إن السينما تأخذنا إلى أقاصي الحلم، ووضعى الجسدي لم ولن يمنعني من مواصلة الحياة وتحقيق جزء من أحلامي".

هو المخرج السينمائي الخالد الطيب الوحيشي الذي غادر هذه الحياة يوم 18 فيفري 2018، وهو الذي كان وراء إهداء تونس أول تانيت ذهبي، صنف "الأفلام القصيرة"، في دورة 1972 عن فيلم "قريتي قرية بين القرى".

وكان على تونس الانتظار حتى دورة 1976 التي شهدت تتويج تونس بأول تانيت ذهبي للأفلام الطويلة من خلال فيلم "السفراء" للمخرج الناصر القطاري.

1976 - قاعة سينمائية

تخليدًا لذكرى هاني جوهرية

تسلم الراحل حمادي الصيد مقاليد الإشراف على "الساتباك" (شركة للإنتاج السينمائي) سنة 1976، وأول قرار له كان إطلاق اسم "هاني جوهرية" على القاعة السينمائية "المونديال". وعندما تسلم مقاليد الإشراف على أيام قرطاج السينمائية سنة 1978 خصص جائزة للتصوير باسم هذا المناضل الفلسطيني الخالد.

وظلت قاعة "هاني جوهرية" صامدة حتى تسعينات القرن الماضي بعد تخلي "الساتباك" عنها، لتستعيد اسمها الأول "المونديال".

ويعد هاني جوهرية "أول سينمائي عربي فلسطيني يسقط شهيدًا في معركة مباشرة ضد الاحتلال الصهيوني"، حيث اغتالته الطائرات الحربية للكيان الغاصب. علمًا أن مسيرة هذا المصور المناضل السينمائي الشهيد قد انطلقت مع عدوان الرابع من جوان 1967 عندما احتل الإسرائيليون أرض الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وسيناء والجولان وأجزاء من جنوب لبنان. كانت النكسة بالنسبة إليه ضربة موجعة، فكان أن التقى بعدد من المبدعين والمثقفين العاملين في قطاع التصوير السينمائي لتأسيس "وحدة أفلام فلسطين" التي أصبحت بعد ذلك مؤسسة السينما الفلسطينية التابعة للإعلام الموحد ضمن منظمة التحرير الفلسطينية.

1986 - بحضور المخرج مصطفى العقاد

"الرسالة" في عرض خاص

عاشت الدورة الحادية عشرة لأيام قرطاج السينمائية، التي انتظمت في الفترة من 14 إلى 23 أكتوبر 1986، حدثًا سينمائيًا استثنائيًا تمثل في العرض الأول للفيلم العالمي "الرسالة" في نسخته العربية. عرض، يقول عنه مدير الدورة في تلك الفترة المخرج الكبير رشيد فرشيو، إنه كان احتفاليًا ضخمًا بحضور المخرج مصطفى العقاد والممثل المصري عبد الله غيث والممثلة السورية منى واصف.

ويعد "الرسالة" للمخرج الراحل مصطفى العقاد عملاً تاريخيًا ملحميًا برؤية إنتاجية عالمية لنشأة الإسلام، بنسختين عربية وإنجليزية. وكانت النسخة العربية من بطولة عبدالله غيث في دور حمزة بن عبد المطلب، والبطولة النسائية للممثلة السورية منى واصف في دور هند بنت عتبة. أما النسخة الإنجليزية فمن بطولة أنطوني كوين، والممثلة العالمية أيرين باباس، وكانت الصحراء المغربية مسرحًا لتصوير هذا العمل التاريخي الضخم على امتداد حوالي العامين.

2020 - الكورونا

استبشر أهل السينما سنة 2020 بتعيين السينمائي الكبير رضا الباهي مديرًا للدورة الواحدة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية. انطلقت الاستعدادات على أكثر من مستوى لكسب الرهان من خلال برنامج ثري ومتنوع رفع شعار المصالحة مع هوية هذه الأيام الإفريقية والعربية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان عندما اجتاحت "الكورونا" العالم بأسره، وهو ما دفع إلى الالتزام بالقواعد الصحية الصارمة لتجنب العدوى من خلال إقرار إلغاء كل التظاهرات والملتقيات والمهرجانات التي يكون فيها الحضور كثيفًا في الفضاءات المغلقة.

دفعت هذه الجائحة الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية إلى مراجعة برنامجها الطموح من خلال الاقتصار على الإنتاجات السينمائية التونسية وإلغاء المسابقة الرسمية. واستقر الرأي في ذات الوقت على أن يكون الافتتاح الرسمي بعرض 6 أفلام قصيرة تونسية وسط إجراءات وقائية صارمة وحازمة. وهذه هي المرة الأولى التي يكون فيها افتتاح أيام قرطاج السينمائية بالإنتاجات القصيرة التي تتراوح مدة كل إنتاج بين 10 و15 دقيقة. وكان ذلك مساء 18 ديسمبر 2020 من خلال عرض 6 أفلام قصيرة تونسية.