إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد التوصل إلى نص توافقي موحد للأحكام الخلافية.. رفع مشروع قانون المالية لسنة 2025 إلى رئيس الجمهورية لختمه

تونس-الصباح

انعقدت أمس بقصر باردو جلسة عامة مشتركة ثانية بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، تم خلالها الإعلان بصفة رسمية عن رفع مشروع قانون المالية لسنة 2025 لرئيس الجمهورية لختمه، وذلك تبعا لعدم توصل اللجنة المتناصفة التي أحدثت بمبادرة من رئيسي المجلسين إبراهيم بودربالة وعماد الدربالي طبقا لمقتضيات المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المنظم للعلاقات بين الغرفتين النيابيتين لصياغة نص توافقي موحد للأحكام الخلافية تعرض من جديد على التصويت. ونص هذا المرسوم على أنه في صورة عدم توصّل اللّجنة المتناصفة إلى مشروع نصّ موحّد في أجل ثلاثة أيام يحيل رئيس مجلس نوّاب الشّعب مشروع قانون الماليّة الذّي كان صادق عليه مجلس نوّاب الشّعب إلى رئيس الجمهوريّة لختمه.

وكان مجلس نواب الشعب صادق يوم 2 ديسمبر الجاري على مشروع قانون المالية في صيغة معدلة تضمنت 84 فصلا، ثم تولى المجلس الوطني للجهات والأقاليم التصويت على تلك الصيغة مع إدخال تعديلات عليها، وفي هذه الحالة كان لا بد من تكوين اللجنة المتناصفة المنصوص عليه بالمرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين المجلسين لكي تنظر في التعديلات التي أقرها المجلس الوطني للجهات والأقاليم وتولت هذه اللجنة المتركبة من عشرة أعضاء تنظيم اجتماعات بحضور وزيرة المالية وتم التوافق على عدة فصول لكن اللجنة لم تتوصل في نهاية الأمر إلى تقديم نص موحد لجميع الأحكام موضوع الخلاف لذلك لم تعرض  أمس أي شيء على أنظار الجلسة العامة، وبهذه الكيفية ختم مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم الجلسات المشتركة حول مشروع قانون المالية لسنة 2025 وانتهى المطاف إلى تمرير المشروع المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب إلى رئيس الجمهورية وهو مشروع تضمن قسما خاصا بإحكام الميزانية وتم في إطاره على سبيل الذكر منح ترخيص استثنائي للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ أقصاه 7000 مليون دينار دون فائدة وتسدد على 15 سنة منها 3 سنوات إمهال. كما نصت الصيغة المعدلة لمشروع قانون المالية على إجراء يتصل بتوظيف المساهمات المدفوعة في إطار المسؤولية المجتمعية وإجراء آخر يتعلق بالـتمديد في برنامج التقاعد قبل بلوغ السن القانونية إلى 31 ديسمبر 2028.

وإضافة إلى ذلك تضمن مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المعدلة التي تم رفعها لرئيس الجمهورية أحكاما جبائية تتوزع على العناوين التالية: تعزيز مقومات الدولة الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطن، مواصلة الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة، إجراءات لدعم تمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار، إجراءات لدعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، إجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي وإجراءات للمصالحة مع المطالبين بالأداء.

إجراءات اجتماعية

ففي ما يتعلق بتعزيز مقومات الدولة الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطن، تم صلب مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التي تحال إلى رئيس الجمهورية للختم، إقرار إجراءات  لفائدة العاملات الفلاحيات من خلال إحداث صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات الذي يهدف إلى ضمان الحماية الاجتماعية لفائدتهن ضد مخاطر الأمراض وحوادث الشغل والأمراض المهنية ويتولى المساهمة في إرساء نظام حماية اجتماعية لهن عبر ضمان التغطية الاجتماعية والإحاطة بهن للاستفادة من برنامج الإدماج الاقتصادي مع منح المنتفعات بتدخلات الصندوق المذكور إعفاء كليا من الضريبة على الدخل المستوجبة على المداخيل التي يحققنها وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من غرة جانفي من سنة الانتفاع بتدخلات الصندوق، إضافة إلى التخفيض في كلفة نقلهن وذلك بإعفاء العربات المعدة لنقل هذه الفئة من معاليم الجولان.

كما تم بموجب المشروع إحداث صندوق الـتأمين ضد فقدان مواطن الشغل وإرساء نظام للإحاطة الاجتماعية بالعمال المسرّحين لأسباب اقتصادية من خلال تمويل تأمين العمال ضد فقدان مواطن الشغل، ووقع إحداث حساب خاص في الخزينة لضمان ضحايا حوادث المرور يعهد إليه بدفع التعويضات المستحقة للضحايا أو لمن يؤول إليهم الحق عند الوفاة في عدة حالات خاصة في صورة عدم التوصل لمعرفة المسؤول عن الحادث وعدم وجود عقد تأمين ساري المفعول سواء بانتهاء صلوحية عقد التأمين بالنسبة إلى العقود المحدودة الأجل.. وتضمن المشروع في صيغته النهائية إجراءات لتخفيف العبء الجبائي على المنتفعين بجرايات العجز وجرايات الأيتام المدفوعة من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وذلك من خلال إعفاء هذه الجرايات من الضريبة على الدخل ومن الخصم من المورد على مستوى المنتفعين بها. وأقر مشروع قانون المالية إجراءات لمواصلة دعم الإدماج المالي والاقتصادي للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل وتشجيعها على بعث المشاريع المُدرّة للدخل في كافة المجالات الاقتصادية والمحدثة لمواطن الشغل وذلك بإحداث خط تمويل يُخصص لإسناد قروض دون فائدة لهذه الفئة، وتضمن إجراءات لدعم الإدماج الاقتصادي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إحداث خط تمويل لفائدتهم يخصص لإسناد قروض دون تمويل ذاتي ودون فائدة لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية، وهناك إجراء آخر لفائدة هذه الفئة يهدف إلى مراجعة النظام الجبائي للسيارات المهيأة خصيصا لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة. ويوجد إجراء للإحاطة بمرضى حساسية دابوق القمح من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل.

وتضمن المشروع إجراءات تهدف إلى مزيد الإحاطة بمصابي الاعتداءات الإرهابية وأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وذلك من خلال إحداث خط تمويل يُخصص لإسناد قروض دون تمويل ذاتي ودون فائدة لإنجاز أو لتوسعة مشاريع في كافة المجالات الاقتصادية، كما تضمن إجراءات لتوسيع تدخلات برنامج المسكن الأوّل والذي يُخوّل الحصول على قرض ميسر لتغطية التمويل الذاتي المطالب به المنتفع قصد اقتناء مسكن، وتم التمديد في الإجراء المتعلق بإسناد قروض دون فائدة لتمويل إنجاز "مواجل" لتخزين مياه الأمطار، ووقع منح إعفاء من المعلوم الوحيد التعويضي على النقل بالطرقات لعربات معدة لعدة أغراض صحية وثقافية وغيرها  ومنها العربات المهيأة للبث الإذاعي والتلفزي. وهناك إجراء جبائي لفائدة الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بتم في الإعفاء من المعاليم الديوانية بعنوان توريد واقيات منع الحمل التي يوفرها مجانا للمندوبيات الجهوية الراجعة له بالنظر ومراكز الصحة الأساسية بكامل تراب الجمهورية، وإجراء لدعم المؤسسات العمومية الناشطة في مجال الإحاطة بالطفولة وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وذلك بمنح توقيف العمل بالمعاليم والأداءات المستوجبة عند توريد التجهيزات والمعدات والمواد التي ليس لها مثيل مصنوع محليا واللازمة لنشاط هذه المؤسسات على غرار المركز الاجتماعي التربوي السند بسيدي ثابت ومركز رعاية الطفولة بمنوبة ومؤسسات رعاية كبار السن.

وتم صلب مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظفة على الكهرباء المنزلي ذات الضغط الضعيف المعدة للاستهلاك المنزلي وسيشمل هذا الإجراء وفق ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري بناء على معطيات الشركة التونسية للكهرباء والغاز، حوالي 93 بالمائة من المشتركين في شبكة الكهرباء المعدة للاستعمال المنزلي.

وتضمن المشروع إجراءات تتعلق بصندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية وبمساندة  صغار مربّي الأبقار ومعاضدة مجهود شركة اللحوم للقيام بدورها التعديلي على مستوى تأمين حاجيات السوق من لحوم الأبقار والضأن المبردة خاصة في فترة ذروة الاستهلاك والنقص في الإنتاج المحلّي، والتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار بيع هذه المنتجات في الأسواق العالمية على القدرة الشرائية للمستهلك وذلك بإعفاء الشركة المذكورة من المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان توريد هذه المنتجات إلى غاية 31 ديسمبر 2027.  كما تضمن المشروع إجراءات تهدف إلى التخفيف من حدّة الصعوبات المالية التي تجابهها الصيدلية المركزية التونسية ولمساعدتها على الإيفاء بتعهداتها المالية إزاء المزوّدين، وهناك إجراء للتخفيف من جباية القهوة والشاي. ونص المشروع على إجراء يهدف إلى التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظف على بعض المنتجات الفلاحية الموجهة للتحويل  وإجراء آخر يرمي إلى تسوية وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة تجاه بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة

تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 في صيغته النهائية المنتظر إحالتها إلى رئيس الجمهورية حزمة من الإجراءات الرامية إلى مواصلة الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة وأولها إرساء نظام جبائي يعتمد على مزيد تكريس الضريبة التصاعدية في مادة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات وذلك من خلال مراجعة جدول الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين،  ومراجعة نسب الضريبة على الشركات.

كما تم إحداث مساهمة ظرفية على المؤسسات الكبرى لفائدة ميزانية الدولة لسنة 2025  تُستوجب على المؤسسات التي يساوي أو يتجاوز رقم معاملاتها لسنة 2023، 20 مليون دينار دون اعتبار الأداءات والخاضعة للضريبة على الشركات بنسبة 15 بالمائة بعنوان نفس السنة. وتضمن المشروع فصلا يهدف إلى إحكام استخلاص الضريبة على مداخيل الأملاك المبنية وفصلا يهدف إلى تخفيف جباية الزبدة والحليب المجفف وترشيد الامتيازات الجبائية في مادة المعاليم الديوانية والأداء على القيمة المضافة والمعاليم الأخرى الممنوحة لفائدة بعض المنتجات..

وتم إقرار إجراءات في اتجاه توحيد الاختصاص الترابي للمحاكم الابتدائية في دعاوى الاعتراض على قرارات التّوظيف الإجباري التي يصدرها رؤساء مكاتب مراقبة الأداءات لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها المركز الجهوي لمراقبة الأداءات المختصّ، وإجراءات لتمكين مصالح الجباية من اعتماد نتائج المعاينات الميدانية لضبط القيمة التجارية للعقارات والحقوق العقارية والأصول التجارية في إطار المراجعة الجبائية الأولية قصد تفادي شطط التوظيف، وهناك إجراء سيتم بمقتضاه تصفية الحسابات المالية والإيداعات بالبنوك والمؤسسات المالية ووسطاء البورصة والشركات المصدرة للأوراق المالية وكذلك الودائع والمستحقات المترتبة عن عقود التأمين من خلال إلزام المؤسسات المذكورة بالتصريح بالحسابات المالية والإيداعات والودائع والمستحقات المترتبة عن عقود التأمين والتي لم يطالب بها مستحقوها لفترة تفوق خمسة عشر سنة وتحويلها إلى خزينة الدولة وإقرار عقوبات في صورة الإخلال بهذه الواجبات مع ضمان حقوق كل الأطراف.

كما تمت في إطار مشروع قانون المالية مراجعة تصنيف المخالفات المرورية ومبالغ الخطايا المتعلقة بها من خلال إعادة تقسيمها من خمسة أقسام إلى ثلاثة أقسام، وذلك بـدمج الأصناف الحالية وهي الصنف الأول (6 دنانير) والثاني (10 دنانير) والثالث (20 دينارا) ضمن الصنف الأول الجديد الذي أصبح يتضمن المخالفات التي يبلغ مقدار خطيتها (20) دينارا، وتغيير الصنف الرابع الحالي ليصبح الصنف الثاني الجديد مع المحافظة على نفس مقدار الخطية وهو (40) دينارا وتغيير الصنف الخامس الحالي ليصبح الصنف الثالث الجديد مع المحافظة على نفس مقدار الخطية وهو (60) دينارا.

دعم المؤسسات والاستثمار

وتضمن مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التي من المفروض أن رئيس مجلس نواب الشعب قد أرسلها إلى رئيس الجمهورية للختم إجراءات لدعم تمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار وذلك بمواصلة مساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة بما في ذلك المؤسسات الناشئة وتسهيل نفاذها إلى مصادر التمويل ودعم إدماجها المالي وذلك من خلال إحداث خطوط تمويل  على موارد الصندوق الوطني للتشغيل تخصص لإسناد قروض متوسطة وطويلة المدى لفائدتها بشروط ميسّرة لتمويل استثماراتها ولإسناد قروض الاستغلال بشروط ميسرة لفائدتها ولإسناد قروض مساهمة لفائدة باعثي المؤسسات الناشئة تخصّص لتدعيم الأموال الذاتية لهذه المؤسسات..

كما تضمن مشروع قانون المالية إجراءات تهدف إلى إحداث آلية لضمان التمويلات المسندة لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإلى  التشجيع على تمويل عمليات إعادة الهيكلة المالية للمؤسسات بهدف مساندتها ودعم ديمومتها والمحافظة على مواطن الشغل فيها، وأخرى ترمي إلى التخفيف في جباية الحافلات المقتناة من قبل المؤسسات الصناعيّة المخصصة لنقل عملتها

وتضمن المشروع إجراءات لمواصلة دعم الشركات الأهلية، لدفع نسق إحداثها ودعم التنمية والتشغيل من خلال رصد اعتماد إضافي قدره 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل قصد إسناد قروض بشروط تفاضلية لفائدة هذه الشركات وتخصيص اعتماد مالي قدره 10 ملايين دينار لدعم الصندوق الوطني للضمان الذي تديره الشركة التونسية للضمان بما يمكّن من ضمان تمويلات بمبلغ 50 مليون دينار لفائدة هذه الشركات، مع منح توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة والمعلوم على الاستهلاك والمعاليم الأخرى الموظفة لفائدة الصناديق الخاصة في الخزينة وذلك بعنوان الاقتناءات الضرورية للنشاط المنجزة من قبل الشركات المذكورة.

وتم من خلال نفس المشروع إقرار جملة من الإجراءات الرامية إلى التشجيع على الانخراط في مختلف آليات التمويل وخاصة منها التمويل التشاركي الذي يعتمد على جمع الأموال من العموم لتمويل المشاريع عن طريق الأوراق المالية أو القروض أو الهبات والتبرعات وذلك بمنح الأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين الذين يكتتبون في رأس مال المؤسسات التي تمنح الحق في الانتفاع بالامتيازات الجبائية بعنوان إعادة الاستثمار عن طريق منصّات التمويل التشاركي، نفس الامتيازات المخوّلة لإعادة الاستثمار مباشرة في رأس مال المؤسسات المذكورة وإعفاء من الأداء على القيمة المضافة، الفوائد المتعلقة بالقروض المخصصة لتمويل المشاريع عبر منصات التمويل التشاركي والراجعة للمشاركين بهذا العنوان، وتوجد صلب المشروع إجراءات بهدف وضع بعض المنتجات المصنعة محليا ومثيلاتها الموردة على قدم المساواة في مادة المعلوم للمحافظة على البيئة ومراجعة المعاليم الديوانية ، وأحكام  لتيسير إجراءات إيداع التصريح في الوجود للشركات، وهناك فصل يتعلق بإعفاء المعدات والتجهيزات التي زال الانتفاع بها والمحالة مجانا إلى الشركة التونسيّة لصناعة الحديد "الفولاذ" من المعاليم والأداءات المستوجبة عند التوريد، وفصل آخر لتخفيف كلفة اقتناءات الديوان الوطني للتطهير، وإجراء للإحاطة بالإذاعات الجهوية الخاصة نص على أن تولي الدولة الإحاطة والعناية اللازمة للإذاعات الجهوية الخاصة قصد مساندتها لتسوية وضعيتها المالية وجدولة الديون المتخلدة بذمّتها لدى الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي. وهناك بعض الإجراءات الأخرى في إطار مراجعة الأداء على القيمة المضافة الموظف على عمليات بيع العقارات المعدة للسكن المنجزة من قبل الباعثين العقاريين، أو في إطار التخلي عن غرامات التأخير المستوجبة على الصفقات العمومية.

وأقر مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المصادق عليها من قبل الوظيفة التشريعية إجراءات لدعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة وتتمثل في التشجيع على بعث المشاريع في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري من خلال إحداث خط تمويل للغرض يخصّص لإسناد قروض للاستثمار في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري لفائدة الباعثين الشبان والمؤسسات بشروط ميسرة.

 

الاقتصاد الموازي والتهرب الجبائي

تمثلت الإجراءات الواردة تحت عنوان إدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي صلب مشروع قانون المالية معدلا من قبل مجلس نواب الشعب في دعم إدماج المبادر الذاتي في الدورة الاقتصادية وذلك بإحداث خط تمويل لفائدة الباعثين المنخرطين في نظام المبادر الذاتي يخصّص لإسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز خمسة عشر ألف دينار للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وتوسيع مجال تطبيق نظام المبادر الذاتي ليشمل الخدمات في المجال الرقمي الإبداعي ومهنة الصحفي والتمديد في فترة الإعفاء من المساهمة الوحيدة في النظام المذكور بعنوان السنة الأولى، كما توجد إجراءات أخرى تهدف إلى التصدي للتهرب الجبائي لعمليات البيع عبر الانترنيت وعبر وسائل البث السمعي والبصري من خلال إلزام مسدي خدمات توصيل السلع والمنتجات عبر الانترنت أو عبر وسائل البث السمعي والبصري بالقيام بخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء والراجعة للأشخاص الذين يتولون بيع السلع والمنتجات المذكورة والذين لا يستظهرون بمعرف جبائي.

وتم في نفس الصدد إقرار إجراءات ترمي إلى التصدّي للسوق الموازية في قطاع بيع مواد التبغ بتمكين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان من التزوّد بكامل حاجياتهما لدى المؤسسات المصدّرة كليا المرخّص لها في إنتاج بعض هذه المواد وذلك بصرف النظر عن النسبة المخوّل لهذه المؤسسات ترويجها بالسوق المحلية مع المحافظة على صفة وامتيازات المصدّر الكلي لهذه المؤسسات.   وتم صلب المشروع إقرار إجراءات لإلزام المؤسسات الصحّية والاستشفائية الخاصة ومؤسسات التأمين والتعاونيات والمؤسسات المتدخلة في ملفات التصرف والتعويض بعنوان الـتأمين على المرض بمدّ مصالح الجباية بالبيانات المتعلقة بالخدمات الطبية وشبه الطبية المسداة تتضمن خاصة هوية مسدي الخدمة ونوعها وتاريخها ومبلغها وتتنزل هذه الإجراءات في إطار دعم حق الإطلاع المخول لمصالح الجباية، وهناك فصل يهدف إلى مزيد دعم الامتثال للواجبات المتعلقة بنظام الفوترة الالكترونية وذلك من خلال سنّ عقوبات جبائية جزائية على المخالفات المرتكبة بهذا العنوان وملاءمة نظام الفوترة الإلكترونية مع نظام الفوترة الورقية فيما يتعلق بالوثائق التي تقوم مقام الفاتورة عند نقل البضائع. ووقع صلب المشروع التشديد في العقوبات الديوانية المتعلّقة بزجر التهريب وذلك بالترفيع في الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبات السجنية للجنح من الدرجة الأولى، ليصبح الحدّ الأدنى 6 أشهر عوضا عن 16 يوما والحدّ الأقصى سنتين عوضا عن شهر، والترفيع في الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبات السجنية للجنح من الدرجة الثانية، ليصبح الحدّ الأدنى سنتين عوضا عن 3 أشهر والحدّ الأقصى ثلاث سنوات عوضا عن سنة. ويوجد بمشروع قانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب إجراء لتفادي سقوط حق إدارة الديوانة في الطّعن في القرارات التي يتخذها قاضي التحقيق أو دائرة الاتهام في القضايا الديوانية والصرفية.

المصالحة مع المطالبين بالأداء

ونص مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المنتظر تمريرها لرئيس الجمهورية لختمها على فصول وردت تحت عنوان إجراءات للمصالحة مع المطالبين بالأداء: إجراءات لتيسير تسوية وضعية المطالبين بالأداء بخصوص الديون الجبائية والإعفاء من الخطايا والعقوبات المالية، والإعفاء أو التخفيض في الخطايا الديوانيّة الناتجة عن مخالفات أو جنح ديوانية، ووردت فيه فصول أخرى ترمي إلى تخفيف العبء على المطالبين بالأداء بعنوان المعلوم على العقارات المبنية والمعلوم  على الأراضي غير المبنية وتسوية الوضعية الجبائية لجمعيات العمل التنموي بالمدارس الابتدائية والتخلي عن الخطايا والعقوبات المتعلقة بالانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وتسوية وضعية الشاحنات والمعدات والتجهيزات الموردة أو المقتناة محليا من قبل التونسيين المقيمين بالخارج في إطار إنجاز مشاريع أو المساهمة فيها، وتسوية وضعية العربات السيارة والدراجات النارية المورّدة في إطار نظام الإعفاء الكلي الممنوح بعنوان العودة النهائية للتونسيين المقيمين بالخارج، وتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة، وإحداث منصة الكترونية خاصة بجميع مناظرات الانتداب. وهناك فصل ينتفع بموجبه المتقاعدون بالطروحات والامتيازات لغاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل.

الديمقراطية التشاركية

وخلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المنعقدة مساء أمس بين عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن هذه الجلسة تكتسي أهمية خاصة لأن تونس تعيش لأول مرة هذه التجربة في نقاش قانون المالية، هذا القانون الذي يأتي بعد الانتخابات الرئاسية وفي ظل وضع دولي بالغ التعقيد يتأمل فيه الشعب تجاوز تحديات الحاضر ويستشرف من خلاله آفاق المستقبل. وأضاف أن الجلسة تشكل محطة محورية في تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها، حيث يشهد التاريخ لأول مرة أن يعمل البرلمان التونسي بنظام الغرفتين. ويرى رئيس المجلس أن هذه التجربة لم تكن مجرد تعديل شكلي، بل هي تطور نوعي ساهم في إثراء الحوار الوطني وتعزيز الأداء التشريعي مفسرا أن نظام الغرفتين يتيح تمثيلًا أوسع ويضمن صوتًا أقوى للمناطق والجهات مما يُعزز مبدأ الديمقراطية التشاركية.

وبين الدربالي أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ليس مجرد مؤسسة دستورية، بل هو خيار شعبي نابع من أعماق القرى والأرياف والأحياء الشعبية وإنه التعبير الحر والصادق عن آمال وآلام الشعب ويتجاوز دوره  الاستشارة أو التشريع ليكون قوة دافعة في إدارة التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأضاف قائلا :"إن رسالتنا واضحة فإننا لن نسمح بأن تظل مناطقنا الداخلية معزولة أو مهمشة. وسنظل أوفياء لقضايا الفلاحين، والعمال، والطلبة، والباحثين، والمعطلين عن العمل، ولكل الشرائح التي تُشكل نبض هذا الوطن".

ولاحظ أن المرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة دقيقة وحساسة تتطلب من الجميع وعيًا كاملاً وإرادة صلبة.  وأكد في هذا الصدد على أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية فهي ليس مجرد شعار يرفع، بل هو مسار يتطلب العمل الجاد والمستمر لأن تونس التي أعطت للعالم درسًا في السلم الاجتماعي وفي القدرة على تجاوز الصعاب وفي قهر الإرهاب الذي روع المنطقة والعالم والتي قدمت عبر تاريخها قوافل من الشهداء دفاعا عن استقلالها وسيادة شعبها، ستبقى عصية على كل محاولات الاختراق سواء كانت من الخارج أو من الداخل. وذكر أن صمود الشعب التونسي ووعيه المتجذر يجعلان تونس منيعة أمام أي محاولة للمساس بسيادتها واستقرارها.

وقال الدربالي: لن تنجح أصوات العملاء الذين يحاولون استجلاب الاستعمار من جديد رغبة في تحقيق أهدافهم الدنيئة، لأن شعب تونس يعرف قيمة الحرية التي دفع ثمنها غاليا وهو ما يجعله مصمم دائما  على حماية وطنه ومواصلة مسيرة البناء على أسس الكرامة والسيادة الوطنية".

وذكر رئيس الغرفة النيابية الثانية بتضحيات كل الأبطال الذين سطروا بدمائهم الزكية أكبر الملاحم العظيمة التي عاشها الشعب التونسي وأولها معركة التحرر الوطني والتي توجت بنيل الاستقلال بعد نضال طويل ضد المستعمر وما تلتها من محطات على غرار انتفاضة الحوض المنجمي وثورة 17 ديسمبر حيث أظهر الشعب صمودا أسطوريا ضد الظلم والعمالة، وبين أن القوات الأمنية والعسكرية خاضت خلال السنوات الأخيرة ملاحم بطولية في مواجهة الإرهاب والظلامية، حيث كانت معارك مغيلة والشعانبي وعرباطة وغيرها من ميادين القتال دليلا على شجاعتهم وروح انتمائهم لوطنهم. كما جسد أهالي بن قردان نموذجا حيا في تلاحم أبناء الشعب الواحد من أجل الوطن وحرمته وأضاف أنه لا يمكن أيضا نسيان رموز الوحدة الوطنية والنضال الذين طالتهم أيادي الغدر والخيانة، من العظيم فرحات حشاد وصولا إلى الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين كانا صوتا صادقا ضد العنف والتطرف ومثالا للوطنية.  ويرى أن هذه الملاحم سواء كانت في الماضي أو الحاضر هي دليل على أن تونس كانت وستظل أرضا للحرية والصمود ودعا الدربالي الشعب التونسي إلى المحافظة على إرث الأبطال والشهداء ومواصلة البناء على أسس التضحية والوطنية الخالصة. ولدى حديثه عن قانون المالية قال إن هذا القانون  وما سيتلوه من تشريعات تستجيب لتطلعات الشعب التونسي بأكمله صونا لإرادته وتضحياته الجسام، وأن يضع أسسًا عادلة لتحقيق التنمية المتوازنة بين جميع الجهات، وتكريس العدالة الاجتماعية كركيزة أساسية كما نص عليه مشروع التحرر الوطني لمسار 25 جويلية 2021 حيث يجب أن يكون هذا القانون أداة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني، وتشجيع الاستثمار، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتوفير الفرص للشباب الذين هم ثروة تونس وأملها وطالب الجميع بمواصلة العمل المشترك بروح المسؤولية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، من أجل بناء تونس القوية، العادلة، والموحدة.

الوحدة الصماء

أما رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة فأشار إلى أن جلسة أمس تعتبر  لحظة فارقة في تاريخ تونس لأنه من خلالها تمت مخاطبة الشعب عن طريق وسائل الإعلام بصفة مباشرة من قبل المجلسين المكونين للوظيفة التشريعية، وذكر أنه يطمئن الشعب على حاضره ومستقبلة وأنه يعبر عن الأمل الذي يحدوه للخروج من الوضع الحالي والارتقاء بالبلاد إلى وضع أفضل. وأكد أنه من خلال عمل المجلسين تم تجسيم أحكام الدستور 2022 الذي هو تتويج لمسار كامل انطلق يوم 25 جويلية 2021 عندها هب الشعب، بعد تجربة مريرة عاشها لعشر سنوات، استجابة لنداء رئيس الجمهورية من أجل إنقاذ الوطن وما تبع ذلك من خارطة طريق فمسودة الدستور فمشروع الدستور الذي عرض على الاستفتاء ثم انتخابات المجلس التشريعي الذي انبثق عن نظام انتخابي جديد يقوم على الترشح على الأفراد في الدوائر، وذكر أنه  لأول مرة كان هناك تواصل مباشر بين الناخبين والمترشحين وأن الانتخابات أفضت إلى تكوين مجلس نيابي تسلم العهدة يوم 13 مارس 2023 وقام هذا المجلس بصلاحياته التشريعية والرقابية ومارس الدبلوماسية البرلمانية، ثم تم انتخاب مجلس الجهات والأقاليم الذي هو مكسب هام للشعب التونسي لأنه يقوم على فلسفة تحقيق التوازن بين الجهات. وأشار  رئيس المجلس إلى وجود تحديات داخلية وتحديات إقليمية وتحديات دولية يجب اليوم استيعابها وبين أن الشعب التونسي من خلال مجلسيه يعبر عن وحدة صماء للدفاع عن المصالح الوطنية العليا. وقال انه يؤكد للجميع بالداخل والخارج على أن تونس عصية عن أن ينال منها أي كان، لأن هذه القدرة الوطنية تتمثل في التحام الشعب التونسي بكامل مكوناته حول مصلحة الوطن وثمن بودربالة الجهود التي بذلها النواب ودعاهم للتواصل مع أبناء الشعب  لتجسيم الوحدة الوطنية الغراء ثم أعلن عن رفع الجلسة العامة نظرا لاستفاء أعمالها في علاقة بمشروع قانون المالية وذكر أنه سيتم رفع ما تم التوصل إليه إلى رئيس الجمهورية للمصادقة النهائية وختم قانون المالية ونشره بالرائد الرسمي.

سعيدة بوهلال

بعد التوصل إلى نص توافقي موحد للأحكام الخلافية.. رفع مشروع قانون المالية لسنة 2025 إلى رئيس الجمهورية لختمه

تونس-الصباح

انعقدت أمس بقصر باردو جلسة عامة مشتركة ثانية بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، تم خلالها الإعلان بصفة رسمية عن رفع مشروع قانون المالية لسنة 2025 لرئيس الجمهورية لختمه، وذلك تبعا لعدم توصل اللجنة المتناصفة التي أحدثت بمبادرة من رئيسي المجلسين إبراهيم بودربالة وعماد الدربالي طبقا لمقتضيات المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المنظم للعلاقات بين الغرفتين النيابيتين لصياغة نص توافقي موحد للأحكام الخلافية تعرض من جديد على التصويت. ونص هذا المرسوم على أنه في صورة عدم توصّل اللّجنة المتناصفة إلى مشروع نصّ موحّد في أجل ثلاثة أيام يحيل رئيس مجلس نوّاب الشّعب مشروع قانون الماليّة الذّي كان صادق عليه مجلس نوّاب الشّعب إلى رئيس الجمهوريّة لختمه.

وكان مجلس نواب الشعب صادق يوم 2 ديسمبر الجاري على مشروع قانون المالية في صيغة معدلة تضمنت 84 فصلا، ثم تولى المجلس الوطني للجهات والأقاليم التصويت على تلك الصيغة مع إدخال تعديلات عليها، وفي هذه الحالة كان لا بد من تكوين اللجنة المتناصفة المنصوص عليه بالمرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين المجلسين لكي تنظر في التعديلات التي أقرها المجلس الوطني للجهات والأقاليم وتولت هذه اللجنة المتركبة من عشرة أعضاء تنظيم اجتماعات بحضور وزيرة المالية وتم التوافق على عدة فصول لكن اللجنة لم تتوصل في نهاية الأمر إلى تقديم نص موحد لجميع الأحكام موضوع الخلاف لذلك لم تعرض  أمس أي شيء على أنظار الجلسة العامة، وبهذه الكيفية ختم مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم الجلسات المشتركة حول مشروع قانون المالية لسنة 2025 وانتهى المطاف إلى تمرير المشروع المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب إلى رئيس الجمهورية وهو مشروع تضمن قسما خاصا بإحكام الميزانية وتم في إطاره على سبيل الذكر منح ترخيص استثنائي للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ أقصاه 7000 مليون دينار دون فائدة وتسدد على 15 سنة منها 3 سنوات إمهال. كما نصت الصيغة المعدلة لمشروع قانون المالية على إجراء يتصل بتوظيف المساهمات المدفوعة في إطار المسؤولية المجتمعية وإجراء آخر يتعلق بالـتمديد في برنامج التقاعد قبل بلوغ السن القانونية إلى 31 ديسمبر 2028.

وإضافة إلى ذلك تضمن مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المعدلة التي تم رفعها لرئيس الجمهورية أحكاما جبائية تتوزع على العناوين التالية: تعزيز مقومات الدولة الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطن، مواصلة الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة، إجراءات لدعم تمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار، إجراءات لدعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، إجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي وإجراءات للمصالحة مع المطالبين بالأداء.

إجراءات اجتماعية

ففي ما يتعلق بتعزيز مقومات الدولة الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطن، تم صلب مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التي تحال إلى رئيس الجمهورية للختم، إقرار إجراءات  لفائدة العاملات الفلاحيات من خلال إحداث صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات الذي يهدف إلى ضمان الحماية الاجتماعية لفائدتهن ضد مخاطر الأمراض وحوادث الشغل والأمراض المهنية ويتولى المساهمة في إرساء نظام حماية اجتماعية لهن عبر ضمان التغطية الاجتماعية والإحاطة بهن للاستفادة من برنامج الإدماج الاقتصادي مع منح المنتفعات بتدخلات الصندوق المذكور إعفاء كليا من الضريبة على الدخل المستوجبة على المداخيل التي يحققنها وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من غرة جانفي من سنة الانتفاع بتدخلات الصندوق، إضافة إلى التخفيض في كلفة نقلهن وذلك بإعفاء العربات المعدة لنقل هذه الفئة من معاليم الجولان.

كما تم بموجب المشروع إحداث صندوق الـتأمين ضد فقدان مواطن الشغل وإرساء نظام للإحاطة الاجتماعية بالعمال المسرّحين لأسباب اقتصادية من خلال تمويل تأمين العمال ضد فقدان مواطن الشغل، ووقع إحداث حساب خاص في الخزينة لضمان ضحايا حوادث المرور يعهد إليه بدفع التعويضات المستحقة للضحايا أو لمن يؤول إليهم الحق عند الوفاة في عدة حالات خاصة في صورة عدم التوصل لمعرفة المسؤول عن الحادث وعدم وجود عقد تأمين ساري المفعول سواء بانتهاء صلوحية عقد التأمين بالنسبة إلى العقود المحدودة الأجل.. وتضمن المشروع في صيغته النهائية إجراءات لتخفيف العبء الجبائي على المنتفعين بجرايات العجز وجرايات الأيتام المدفوعة من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وذلك من خلال إعفاء هذه الجرايات من الضريبة على الدخل ومن الخصم من المورد على مستوى المنتفعين بها. وأقر مشروع قانون المالية إجراءات لمواصلة دعم الإدماج المالي والاقتصادي للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل وتشجيعها على بعث المشاريع المُدرّة للدخل في كافة المجالات الاقتصادية والمحدثة لمواطن الشغل وذلك بإحداث خط تمويل يُخصص لإسناد قروض دون فائدة لهذه الفئة، وتضمن إجراءات لدعم الإدماج الاقتصادي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إحداث خط تمويل لفائدتهم يخصص لإسناد قروض دون تمويل ذاتي ودون فائدة لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية، وهناك إجراء آخر لفائدة هذه الفئة يهدف إلى مراجعة النظام الجبائي للسيارات المهيأة خصيصا لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة. ويوجد إجراء للإحاطة بمرضى حساسية دابوق القمح من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل.

وتضمن المشروع إجراءات تهدف إلى مزيد الإحاطة بمصابي الاعتداءات الإرهابية وأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وذلك من خلال إحداث خط تمويل يُخصص لإسناد قروض دون تمويل ذاتي ودون فائدة لإنجاز أو لتوسعة مشاريع في كافة المجالات الاقتصادية، كما تضمن إجراءات لتوسيع تدخلات برنامج المسكن الأوّل والذي يُخوّل الحصول على قرض ميسر لتغطية التمويل الذاتي المطالب به المنتفع قصد اقتناء مسكن، وتم التمديد في الإجراء المتعلق بإسناد قروض دون فائدة لتمويل إنجاز "مواجل" لتخزين مياه الأمطار، ووقع منح إعفاء من المعلوم الوحيد التعويضي على النقل بالطرقات لعربات معدة لعدة أغراض صحية وثقافية وغيرها  ومنها العربات المهيأة للبث الإذاعي والتلفزي. وهناك إجراء جبائي لفائدة الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بتم في الإعفاء من المعاليم الديوانية بعنوان توريد واقيات منع الحمل التي يوفرها مجانا للمندوبيات الجهوية الراجعة له بالنظر ومراكز الصحة الأساسية بكامل تراب الجمهورية، وإجراء لدعم المؤسسات العمومية الناشطة في مجال الإحاطة بالطفولة وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وذلك بمنح توقيف العمل بالمعاليم والأداءات المستوجبة عند توريد التجهيزات والمعدات والمواد التي ليس لها مثيل مصنوع محليا واللازمة لنشاط هذه المؤسسات على غرار المركز الاجتماعي التربوي السند بسيدي ثابت ومركز رعاية الطفولة بمنوبة ومؤسسات رعاية كبار السن.

وتم صلب مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظفة على الكهرباء المنزلي ذات الضغط الضعيف المعدة للاستهلاك المنزلي وسيشمل هذا الإجراء وفق ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري بناء على معطيات الشركة التونسية للكهرباء والغاز، حوالي 93 بالمائة من المشتركين في شبكة الكهرباء المعدة للاستعمال المنزلي.

وتضمن المشروع إجراءات تتعلق بصندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية وبمساندة  صغار مربّي الأبقار ومعاضدة مجهود شركة اللحوم للقيام بدورها التعديلي على مستوى تأمين حاجيات السوق من لحوم الأبقار والضأن المبردة خاصة في فترة ذروة الاستهلاك والنقص في الإنتاج المحلّي، والتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار بيع هذه المنتجات في الأسواق العالمية على القدرة الشرائية للمستهلك وذلك بإعفاء الشركة المذكورة من المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان توريد هذه المنتجات إلى غاية 31 ديسمبر 2027.  كما تضمن المشروع إجراءات تهدف إلى التخفيف من حدّة الصعوبات المالية التي تجابهها الصيدلية المركزية التونسية ولمساعدتها على الإيفاء بتعهداتها المالية إزاء المزوّدين، وهناك إجراء للتخفيف من جباية القهوة والشاي. ونص المشروع على إجراء يهدف إلى التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظف على بعض المنتجات الفلاحية الموجهة للتحويل  وإجراء آخر يرمي إلى تسوية وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة تجاه بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة

تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 في صيغته النهائية المنتظر إحالتها إلى رئيس الجمهورية حزمة من الإجراءات الرامية إلى مواصلة الإصلاح الجبائي ودعم موارد الخزينة وأولها إرساء نظام جبائي يعتمد على مزيد تكريس الضريبة التصاعدية في مادة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات وذلك من خلال مراجعة جدول الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين،  ومراجعة نسب الضريبة على الشركات.

كما تم إحداث مساهمة ظرفية على المؤسسات الكبرى لفائدة ميزانية الدولة لسنة 2025  تُستوجب على المؤسسات التي يساوي أو يتجاوز رقم معاملاتها لسنة 2023، 20 مليون دينار دون اعتبار الأداءات والخاضعة للضريبة على الشركات بنسبة 15 بالمائة بعنوان نفس السنة. وتضمن المشروع فصلا يهدف إلى إحكام استخلاص الضريبة على مداخيل الأملاك المبنية وفصلا يهدف إلى تخفيف جباية الزبدة والحليب المجفف وترشيد الامتيازات الجبائية في مادة المعاليم الديوانية والأداء على القيمة المضافة والمعاليم الأخرى الممنوحة لفائدة بعض المنتجات..

وتم إقرار إجراءات في اتجاه توحيد الاختصاص الترابي للمحاكم الابتدائية في دعاوى الاعتراض على قرارات التّوظيف الإجباري التي يصدرها رؤساء مكاتب مراقبة الأداءات لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها المركز الجهوي لمراقبة الأداءات المختصّ، وإجراءات لتمكين مصالح الجباية من اعتماد نتائج المعاينات الميدانية لضبط القيمة التجارية للعقارات والحقوق العقارية والأصول التجارية في إطار المراجعة الجبائية الأولية قصد تفادي شطط التوظيف، وهناك إجراء سيتم بمقتضاه تصفية الحسابات المالية والإيداعات بالبنوك والمؤسسات المالية ووسطاء البورصة والشركات المصدرة للأوراق المالية وكذلك الودائع والمستحقات المترتبة عن عقود التأمين من خلال إلزام المؤسسات المذكورة بالتصريح بالحسابات المالية والإيداعات والودائع والمستحقات المترتبة عن عقود التأمين والتي لم يطالب بها مستحقوها لفترة تفوق خمسة عشر سنة وتحويلها إلى خزينة الدولة وإقرار عقوبات في صورة الإخلال بهذه الواجبات مع ضمان حقوق كل الأطراف.

كما تمت في إطار مشروع قانون المالية مراجعة تصنيف المخالفات المرورية ومبالغ الخطايا المتعلقة بها من خلال إعادة تقسيمها من خمسة أقسام إلى ثلاثة أقسام، وذلك بـدمج الأصناف الحالية وهي الصنف الأول (6 دنانير) والثاني (10 دنانير) والثالث (20 دينارا) ضمن الصنف الأول الجديد الذي أصبح يتضمن المخالفات التي يبلغ مقدار خطيتها (20) دينارا، وتغيير الصنف الرابع الحالي ليصبح الصنف الثاني الجديد مع المحافظة على نفس مقدار الخطية وهو (40) دينارا وتغيير الصنف الخامس الحالي ليصبح الصنف الثالث الجديد مع المحافظة على نفس مقدار الخطية وهو (60) دينارا.

دعم المؤسسات والاستثمار

وتضمن مشروع قانون المالية في صيغته النهائية التي من المفروض أن رئيس مجلس نواب الشعب قد أرسلها إلى رئيس الجمهورية للختم إجراءات لدعم تمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار وذلك بمواصلة مساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة بما في ذلك المؤسسات الناشئة وتسهيل نفاذها إلى مصادر التمويل ودعم إدماجها المالي وذلك من خلال إحداث خطوط تمويل  على موارد الصندوق الوطني للتشغيل تخصص لإسناد قروض متوسطة وطويلة المدى لفائدتها بشروط ميسّرة لتمويل استثماراتها ولإسناد قروض الاستغلال بشروط ميسرة لفائدتها ولإسناد قروض مساهمة لفائدة باعثي المؤسسات الناشئة تخصّص لتدعيم الأموال الذاتية لهذه المؤسسات..

كما تضمن مشروع قانون المالية إجراءات تهدف إلى إحداث آلية لضمان التمويلات المسندة لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإلى  التشجيع على تمويل عمليات إعادة الهيكلة المالية للمؤسسات بهدف مساندتها ودعم ديمومتها والمحافظة على مواطن الشغل فيها، وأخرى ترمي إلى التخفيف في جباية الحافلات المقتناة من قبل المؤسسات الصناعيّة المخصصة لنقل عملتها

وتضمن المشروع إجراءات لمواصلة دعم الشركات الأهلية، لدفع نسق إحداثها ودعم التنمية والتشغيل من خلال رصد اعتماد إضافي قدره 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل قصد إسناد قروض بشروط تفاضلية لفائدة هذه الشركات وتخصيص اعتماد مالي قدره 10 ملايين دينار لدعم الصندوق الوطني للضمان الذي تديره الشركة التونسية للضمان بما يمكّن من ضمان تمويلات بمبلغ 50 مليون دينار لفائدة هذه الشركات، مع منح توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة والمعلوم على الاستهلاك والمعاليم الأخرى الموظفة لفائدة الصناديق الخاصة في الخزينة وذلك بعنوان الاقتناءات الضرورية للنشاط المنجزة من قبل الشركات المذكورة.

وتم من خلال نفس المشروع إقرار جملة من الإجراءات الرامية إلى التشجيع على الانخراط في مختلف آليات التمويل وخاصة منها التمويل التشاركي الذي يعتمد على جمع الأموال من العموم لتمويل المشاريع عن طريق الأوراق المالية أو القروض أو الهبات والتبرعات وذلك بمنح الأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين الذين يكتتبون في رأس مال المؤسسات التي تمنح الحق في الانتفاع بالامتيازات الجبائية بعنوان إعادة الاستثمار عن طريق منصّات التمويل التشاركي، نفس الامتيازات المخوّلة لإعادة الاستثمار مباشرة في رأس مال المؤسسات المذكورة وإعفاء من الأداء على القيمة المضافة، الفوائد المتعلقة بالقروض المخصصة لتمويل المشاريع عبر منصات التمويل التشاركي والراجعة للمشاركين بهذا العنوان، وتوجد صلب المشروع إجراءات بهدف وضع بعض المنتجات المصنعة محليا ومثيلاتها الموردة على قدم المساواة في مادة المعلوم للمحافظة على البيئة ومراجعة المعاليم الديوانية ، وأحكام  لتيسير إجراءات إيداع التصريح في الوجود للشركات، وهناك فصل يتعلق بإعفاء المعدات والتجهيزات التي زال الانتفاع بها والمحالة مجانا إلى الشركة التونسيّة لصناعة الحديد "الفولاذ" من المعاليم والأداءات المستوجبة عند التوريد، وفصل آخر لتخفيف كلفة اقتناءات الديوان الوطني للتطهير، وإجراء للإحاطة بالإذاعات الجهوية الخاصة نص على أن تولي الدولة الإحاطة والعناية اللازمة للإذاعات الجهوية الخاصة قصد مساندتها لتسوية وضعيتها المالية وجدولة الديون المتخلدة بذمّتها لدى الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي. وهناك بعض الإجراءات الأخرى في إطار مراجعة الأداء على القيمة المضافة الموظف على عمليات بيع العقارات المعدة للسكن المنجزة من قبل الباعثين العقاريين، أو في إطار التخلي عن غرامات التأخير المستوجبة على الصفقات العمومية.

وأقر مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المصادق عليها من قبل الوظيفة التشريعية إجراءات لدعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة وتتمثل في التشجيع على بعث المشاريع في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري من خلال إحداث خط تمويل للغرض يخصّص لإسناد قروض للاستثمار في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري لفائدة الباعثين الشبان والمؤسسات بشروط ميسرة.

 

الاقتصاد الموازي والتهرب الجبائي

تمثلت الإجراءات الواردة تحت عنوان إدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي صلب مشروع قانون المالية معدلا من قبل مجلس نواب الشعب في دعم إدماج المبادر الذاتي في الدورة الاقتصادية وذلك بإحداث خط تمويل لفائدة الباعثين المنخرطين في نظام المبادر الذاتي يخصّص لإسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز خمسة عشر ألف دينار للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وتوسيع مجال تطبيق نظام المبادر الذاتي ليشمل الخدمات في المجال الرقمي الإبداعي ومهنة الصحفي والتمديد في فترة الإعفاء من المساهمة الوحيدة في النظام المذكور بعنوان السنة الأولى، كما توجد إجراءات أخرى تهدف إلى التصدي للتهرب الجبائي لعمليات البيع عبر الانترنيت وعبر وسائل البث السمعي والبصري من خلال إلزام مسدي خدمات توصيل السلع والمنتجات عبر الانترنت أو عبر وسائل البث السمعي والبصري بالقيام بخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء والراجعة للأشخاص الذين يتولون بيع السلع والمنتجات المذكورة والذين لا يستظهرون بمعرف جبائي.

وتم في نفس الصدد إقرار إجراءات ترمي إلى التصدّي للسوق الموازية في قطاع بيع مواد التبغ بتمكين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان من التزوّد بكامل حاجياتهما لدى المؤسسات المصدّرة كليا المرخّص لها في إنتاج بعض هذه المواد وذلك بصرف النظر عن النسبة المخوّل لهذه المؤسسات ترويجها بالسوق المحلية مع المحافظة على صفة وامتيازات المصدّر الكلي لهذه المؤسسات.   وتم صلب المشروع إقرار إجراءات لإلزام المؤسسات الصحّية والاستشفائية الخاصة ومؤسسات التأمين والتعاونيات والمؤسسات المتدخلة في ملفات التصرف والتعويض بعنوان الـتأمين على المرض بمدّ مصالح الجباية بالبيانات المتعلقة بالخدمات الطبية وشبه الطبية المسداة تتضمن خاصة هوية مسدي الخدمة ونوعها وتاريخها ومبلغها وتتنزل هذه الإجراءات في إطار دعم حق الإطلاع المخول لمصالح الجباية، وهناك فصل يهدف إلى مزيد دعم الامتثال للواجبات المتعلقة بنظام الفوترة الالكترونية وذلك من خلال سنّ عقوبات جبائية جزائية على المخالفات المرتكبة بهذا العنوان وملاءمة نظام الفوترة الإلكترونية مع نظام الفوترة الورقية فيما يتعلق بالوثائق التي تقوم مقام الفاتورة عند نقل البضائع. ووقع صلب المشروع التشديد في العقوبات الديوانية المتعلّقة بزجر التهريب وذلك بالترفيع في الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبات السجنية للجنح من الدرجة الأولى، ليصبح الحدّ الأدنى 6 أشهر عوضا عن 16 يوما والحدّ الأقصى سنتين عوضا عن شهر، والترفيع في الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبات السجنية للجنح من الدرجة الثانية، ليصبح الحدّ الأدنى سنتين عوضا عن 3 أشهر والحدّ الأقصى ثلاث سنوات عوضا عن سنة. ويوجد بمشروع قانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب إجراء لتفادي سقوط حق إدارة الديوانة في الطّعن في القرارات التي يتخذها قاضي التحقيق أو دائرة الاتهام في القضايا الديوانية والصرفية.

المصالحة مع المطالبين بالأداء

ونص مشروع قانون المالية في صيغته النهائية المنتظر تمريرها لرئيس الجمهورية لختمها على فصول وردت تحت عنوان إجراءات للمصالحة مع المطالبين بالأداء: إجراءات لتيسير تسوية وضعية المطالبين بالأداء بخصوص الديون الجبائية والإعفاء من الخطايا والعقوبات المالية، والإعفاء أو التخفيض في الخطايا الديوانيّة الناتجة عن مخالفات أو جنح ديوانية، ووردت فيه فصول أخرى ترمي إلى تخفيف العبء على المطالبين بالأداء بعنوان المعلوم على العقارات المبنية والمعلوم  على الأراضي غير المبنية وتسوية الوضعية الجبائية لجمعيات العمل التنموي بالمدارس الابتدائية والتخلي عن الخطايا والعقوبات المتعلقة بالانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وتسوية وضعية الشاحنات والمعدات والتجهيزات الموردة أو المقتناة محليا من قبل التونسيين المقيمين بالخارج في إطار إنجاز مشاريع أو المساهمة فيها، وتسوية وضعية العربات السيارة والدراجات النارية المورّدة في إطار نظام الإعفاء الكلي الممنوح بعنوان العودة النهائية للتونسيين المقيمين بالخارج، وتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة، وإحداث منصة الكترونية خاصة بجميع مناظرات الانتداب. وهناك فصل ينتفع بموجبه المتقاعدون بالطروحات والامتيازات لغاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل.

الديمقراطية التشاركية

وخلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المنعقدة مساء أمس بين عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن هذه الجلسة تكتسي أهمية خاصة لأن تونس تعيش لأول مرة هذه التجربة في نقاش قانون المالية، هذا القانون الذي يأتي بعد الانتخابات الرئاسية وفي ظل وضع دولي بالغ التعقيد يتأمل فيه الشعب تجاوز تحديات الحاضر ويستشرف من خلاله آفاق المستقبل. وأضاف أن الجلسة تشكل محطة محورية في تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها، حيث يشهد التاريخ لأول مرة أن يعمل البرلمان التونسي بنظام الغرفتين. ويرى رئيس المجلس أن هذه التجربة لم تكن مجرد تعديل شكلي، بل هي تطور نوعي ساهم في إثراء الحوار الوطني وتعزيز الأداء التشريعي مفسرا أن نظام الغرفتين يتيح تمثيلًا أوسع ويضمن صوتًا أقوى للمناطق والجهات مما يُعزز مبدأ الديمقراطية التشاركية.

وبين الدربالي أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ليس مجرد مؤسسة دستورية، بل هو خيار شعبي نابع من أعماق القرى والأرياف والأحياء الشعبية وإنه التعبير الحر والصادق عن آمال وآلام الشعب ويتجاوز دوره  الاستشارة أو التشريع ليكون قوة دافعة في إدارة التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأضاف قائلا :"إن رسالتنا واضحة فإننا لن نسمح بأن تظل مناطقنا الداخلية معزولة أو مهمشة. وسنظل أوفياء لقضايا الفلاحين، والعمال، والطلبة، والباحثين، والمعطلين عن العمل، ولكل الشرائح التي تُشكل نبض هذا الوطن".

ولاحظ أن المرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة دقيقة وحساسة تتطلب من الجميع وعيًا كاملاً وإرادة صلبة.  وأكد في هذا الصدد على أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية فهي ليس مجرد شعار يرفع، بل هو مسار يتطلب العمل الجاد والمستمر لأن تونس التي أعطت للعالم درسًا في السلم الاجتماعي وفي القدرة على تجاوز الصعاب وفي قهر الإرهاب الذي روع المنطقة والعالم والتي قدمت عبر تاريخها قوافل من الشهداء دفاعا عن استقلالها وسيادة شعبها، ستبقى عصية على كل محاولات الاختراق سواء كانت من الخارج أو من الداخل. وذكر أن صمود الشعب التونسي ووعيه المتجذر يجعلان تونس منيعة أمام أي محاولة للمساس بسيادتها واستقرارها.

وقال الدربالي: لن تنجح أصوات العملاء الذين يحاولون استجلاب الاستعمار من جديد رغبة في تحقيق أهدافهم الدنيئة، لأن شعب تونس يعرف قيمة الحرية التي دفع ثمنها غاليا وهو ما يجعله مصمم دائما  على حماية وطنه ومواصلة مسيرة البناء على أسس الكرامة والسيادة الوطنية".

وذكر رئيس الغرفة النيابية الثانية بتضحيات كل الأبطال الذين سطروا بدمائهم الزكية أكبر الملاحم العظيمة التي عاشها الشعب التونسي وأولها معركة التحرر الوطني والتي توجت بنيل الاستقلال بعد نضال طويل ضد المستعمر وما تلتها من محطات على غرار انتفاضة الحوض المنجمي وثورة 17 ديسمبر حيث أظهر الشعب صمودا أسطوريا ضد الظلم والعمالة، وبين أن القوات الأمنية والعسكرية خاضت خلال السنوات الأخيرة ملاحم بطولية في مواجهة الإرهاب والظلامية، حيث كانت معارك مغيلة والشعانبي وعرباطة وغيرها من ميادين القتال دليلا على شجاعتهم وروح انتمائهم لوطنهم. كما جسد أهالي بن قردان نموذجا حيا في تلاحم أبناء الشعب الواحد من أجل الوطن وحرمته وأضاف أنه لا يمكن أيضا نسيان رموز الوحدة الوطنية والنضال الذين طالتهم أيادي الغدر والخيانة، من العظيم فرحات حشاد وصولا إلى الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين كانا صوتا صادقا ضد العنف والتطرف ومثالا للوطنية.  ويرى أن هذه الملاحم سواء كانت في الماضي أو الحاضر هي دليل على أن تونس كانت وستظل أرضا للحرية والصمود ودعا الدربالي الشعب التونسي إلى المحافظة على إرث الأبطال والشهداء ومواصلة البناء على أسس التضحية والوطنية الخالصة. ولدى حديثه عن قانون المالية قال إن هذا القانون  وما سيتلوه من تشريعات تستجيب لتطلعات الشعب التونسي بأكمله صونا لإرادته وتضحياته الجسام، وأن يضع أسسًا عادلة لتحقيق التنمية المتوازنة بين جميع الجهات، وتكريس العدالة الاجتماعية كركيزة أساسية كما نص عليه مشروع التحرر الوطني لمسار 25 جويلية 2021 حيث يجب أن يكون هذا القانون أداة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني، وتشجيع الاستثمار، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتوفير الفرص للشباب الذين هم ثروة تونس وأملها وطالب الجميع بمواصلة العمل المشترك بروح المسؤولية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، من أجل بناء تونس القوية، العادلة، والموحدة.

الوحدة الصماء

أما رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة فأشار إلى أن جلسة أمس تعتبر  لحظة فارقة في تاريخ تونس لأنه من خلالها تمت مخاطبة الشعب عن طريق وسائل الإعلام بصفة مباشرة من قبل المجلسين المكونين للوظيفة التشريعية، وذكر أنه يطمئن الشعب على حاضره ومستقبلة وأنه يعبر عن الأمل الذي يحدوه للخروج من الوضع الحالي والارتقاء بالبلاد إلى وضع أفضل. وأكد أنه من خلال عمل المجلسين تم تجسيم أحكام الدستور 2022 الذي هو تتويج لمسار كامل انطلق يوم 25 جويلية 2021 عندها هب الشعب، بعد تجربة مريرة عاشها لعشر سنوات، استجابة لنداء رئيس الجمهورية من أجل إنقاذ الوطن وما تبع ذلك من خارطة طريق فمسودة الدستور فمشروع الدستور الذي عرض على الاستفتاء ثم انتخابات المجلس التشريعي الذي انبثق عن نظام انتخابي جديد يقوم على الترشح على الأفراد في الدوائر، وذكر أنه  لأول مرة كان هناك تواصل مباشر بين الناخبين والمترشحين وأن الانتخابات أفضت إلى تكوين مجلس نيابي تسلم العهدة يوم 13 مارس 2023 وقام هذا المجلس بصلاحياته التشريعية والرقابية ومارس الدبلوماسية البرلمانية، ثم تم انتخاب مجلس الجهات والأقاليم الذي هو مكسب هام للشعب التونسي لأنه يقوم على فلسفة تحقيق التوازن بين الجهات. وأشار  رئيس المجلس إلى وجود تحديات داخلية وتحديات إقليمية وتحديات دولية يجب اليوم استيعابها وبين أن الشعب التونسي من خلال مجلسيه يعبر عن وحدة صماء للدفاع عن المصالح الوطنية العليا. وقال انه يؤكد للجميع بالداخل والخارج على أن تونس عصية عن أن ينال منها أي كان، لأن هذه القدرة الوطنية تتمثل في التحام الشعب التونسي بكامل مكوناته حول مصلحة الوطن وثمن بودربالة الجهود التي بذلها النواب ودعاهم للتواصل مع أبناء الشعب  لتجسيم الوحدة الوطنية الغراء ثم أعلن عن رفع الجلسة العامة نظرا لاستفاء أعمالها في علاقة بمشروع قانون المالية وذكر أنه سيتم رفع ما تم التوصل إليه إلى رئيس الجمهورية للمصادقة النهائية وختم قانون المالية ونشره بالرائد الرسمي.

سعيدة بوهلال