الآن وقد توقفت الحرب على الجبهة الشمالية، بين حزب الله وإسرائيل التي حققت لهذه الأخيرة هدفها، بالفصل بين الجبهتين الشمالية والجنوبية، دون أن يلوح في أفق الاتفاق الثنائي ما يفيد بإمكانية إحداث تغيير في الأهداف الإسرائيلية على الجبهة الجنوبية، بل بالعكس فإن كل التوقعات تؤكد أن ذلك سيسمح لإسرائيل بالتفرغ التام للتعامل معها بأريحية أكبر من ذي قبل، فإن السؤال الذي يدور على كل لسان، هو هل أن حزب الله قد استنفد فعلا كل الوقت الممكن لاستمرار مناورته العسكرية، وخرج في اللحظة المناسبة قبل الانهيار أو الهزيمة الكبرى، أم أنه أخطأ حساب توقيت الخروج، كما أخطأ في حسابات الانخراط بها زمنيا وفي الأسلوب ؟؟؟
بداية لا يمكن لأي كان أن يزايد على الحزب الذي قدم خيرة أبناء صفه القيادي الأول وصفوة قيادته العسكرية شهداء في هذه المعركة في الوقت الذي لاذ فيه الجميع بالفرار، وسطر مقاتلوه في الجنوب أروع آيات الشجاعة والإقدام ولقنوا الجيش الإسرائيلي الذي يعد أحد أحدث جيوش العالم تسليحا وتدريبا دروسا في القتال والمواجهة والشجاعة وانتصروا عليه بكافة المقاييس بعد أن كبدوه خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
والمرء لا يستطيع أن يختلف مع الشيخ نعيم قاسم في ما قرره من أن الحزب يقف اليوم أمام انتصار أكبر من انتصار حرب 2006، خاصة وأنه أحبط إستراتيجية الصدمة والرعب التي توختها القيادة العسكرية الإسرائيلية بالضغط على الرأس لتحطيمه قبل النزول لتفتيت الأطراف، وتمكن، في زمن فائق السرعة، من استيعاب الضربة القاتلة التي تلقاها قبل بداية الهجوم البري، واستعاد، بعد نحو أسبوع، توازنه ثم تولى زمام المبادرة في توجيه مسارات الحرب التي أرغمت في النهاية نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار دون أن يحقق بقية أهدافه التي كان قد أعلن عنها في وقت سابق قبل اندلاع المواجهة الواسعة مع الحزب.
نعم وباعتراف كل الأوساط السياسية والعسكرية، فإن ذهاب إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار كان سببه الرئيسي هو تحكم حزب الله في مسارات المواجهة، وفرض نسق من الاشتباك لم يكن بوسع الجيش الذي أنهكته جبهة الجنوب أن يواكبه كما أكدت صحيفة "لوفيغارو" ذلك نقلا عن ديفيد حلفا المدير المشارك لمرصد شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والمسؤول عن "الاجتماعات الجيوسياسية" لمؤسسة جان جوريس، حسب تقرير كلوتيلد جيغوس للصحيفة، ووضعت تل أبيب وكافة كبريات المدن الفلسطينية المحتلة تحت النار والاتجاه نحو قصف مراكز حيوية وإلحاق خسائر ضخمة فيها، وان ضغط بايدن لم يكن أكثر من إطلاق نيران لتغطية الانسحاب الإسرائيلي، ومن هنا يأتي السؤال عن السبب الذي دفع حزب الله للخروج من المواجهة في مثل هذا التوقيت، وفيما إذا كان ذلك ناجما عن خطأ في التقديرات والحسابات، ثم ما هي هذه الحسابات غير تلك التي يفرزها الميدان على حد تعبير الأمين العام للحزب الحالي والأمين العام السابق سماحة الشيخ الشهيد حسن نصر الله؟؟ الذي لم يفرز سوى مزيدا من الوهم والسراب لإسرائيل وفقا للكاتب حسين أبيش في "هآرتس" كما أنه لم يتم خلال هذه الحرب حل أي من الأسباب الأساسية للصراع بأي حال من الأحوال. ولأن أيّا من التفسيرات التي تستند الى بعض من جزئيات التاريخ أو الأبعاد العقائدية والإيديولوجية قد لا تكون كافية لفهم مجريات الصراعات الكبرى والمصيرية - وان لم يكن من المنطق بشيء تغييبها نهائيا - فإن موازين القوى والمصالح وحسابات الاقتصاد باستعمال القوة، في سياق فهم دقيق لطبيعة الصراع وحده تبقى هي أساس اتخاذ القرار بغض النظر عن صحته لأن الأمر يتوقف على عمق ذلك الفهم، وهذا على الأرجح ما يفسر قرار الحزب وحلفائه بوقف الحرب، في توقيت قد يبقى مثار خلاف ونقاش لفترة طويلة. وما يعزز مثل هذا الاعتقاد هو أن نتائج حسابات القوة المجردة، سواء منها القائم أو المحتمل في المدى المنظور، هي بصورة مطلقة ستكون لصالح إسرائيل خاصة وأن الإعلام الأمريكي والعربي دفع باتجاه الرفع من منسوب الخوف مع عودة ترامب للبيت الأبيض ونيته - على الأقل وفقا لخطابه الانتخابي- الوقوف غير المشروط مع إسرائيل، والذي يرى ضرورة إعادة النظر في حجمها وجغرافيتها، الى جانب عدائه السافر لإيران، وأن السبيل الأنجع لمواجهة ذلك يكون بالانحناء للعاصفة ومحاولة كسب مزيد من الوقت لإعادة ترميم القوة قبل انفتاح أبواب المواجهة الشاملة على مصراعيها من جديد.
وحتى لا نخوض في نقاش طويل وقد يبدو عقيما في تفسير دوافع القبول باتفاق وقف إطلاق النار، سنقفر الى القول بأنه كان قرارا خاطئا ناجما عن عدم دقة في الحسابات التي على أساسها اتخذ، إذ قبل أن يجف الحبر الذي كتب به، جرت المسارعة لتحريك ما يسمى بالمعارضة السورية التي شنت هجوما واسع النطاق على مناطق ريف حلب، امتد بسرعة فائقة باتجاه إدلب وغيرها من مناطق سيطرة النظام السوري، الذي وجه له نتنياهو تهديدا صريحا في كلمته التي ألقاها للإعلان عن قبول إسرائيل بقرار وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق لا يمكن النظر في التداعيات التي سيتركها تحرك المعارضة السورية بهذه السرعة وعلى أقل أوجه التقدير، بعد سلسلة الغارات الجوية التي تعرضت لها سوريا وقيل حينها إنها تستهدف مواقع إيرانية ومراكز نقل أسلحة لحزب الله على امتداد العام المنصرم إلا أنها ستوفر لإسرائيل حرية عمل أوسع في الساحة السورية، وأنها ستضع النظام هناك في حالة من التهديد الوجودي، ستدفع حزب الله للانخراط فيها مجددا، لإشغاله عن الجبهة الشمالية تماما وإنهاكه والقضاء عليه لاحقا كلاعب في المعادلة اللبنانية، وإنهاء دوره في معادلة إيران الإقليمية، كما أنها ستغري إسرائيل للذهاب أبعد في محاولة إسقاط النظام السوري نفسه بعد أن تتأكد من القدرة على احتواء تداعيات ذلك، إذ تتخوف الأوساط الأمنية الإسرائيلية من أن تؤدي المبالغة في الإسراع بإسقاط بشار الأسد الى فوضى قد تشكل على المدى البعيد تهديدا أمنيا لإسرائيل. من هنا فإننا نختلف مع سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي قال في خطاب إعلان النصر، أن موافقة الحزب على وقف إطلاق النار قد أسقطت مخططات نتنياهو لتغير خارطة الشرق الأوسط، ونميل أكثر لرؤية سكوت ريتر ضابط المخابرات الأمريكية السابق الذي نشر على صفحته في منصة "أكس" أن الهجوم على حلب الذي نفذته جماعات إسلامية متحالفة مع تركيا جاء في إطار خطة إستراتيجية بين إسرائيل وتركيا، بدعم من الولايات المتحدة، لقطع طريق الإمداد من إيران إلى حزب الله، وتهديد استقرار أو إسقاط نظام الأسد، مما يضطر روسيا إلى تحويل مواردها من أوكرانيا التي قدمت مستشارين لجماعات المعارضة السورية الى سوريا للحفاظ على نفوذها فيها. وبغض النظر عن وجاهة طرح ريتر لأسباب تحرك المعارضة السورية الذي يضعه في سياق الضغط على روسيا لتخفيف ضغطها على أوكرانيا، فإن إسقاط النظام السوري وإخراج روسيا من سوريا وإعادة رسم جغرافية الإقليم السياسية، يعتبر من الناحية الجيوسياسية بالنسبة لأمريكا أهم بكثير من كسب الحرب بأوكرانيا، بل إن المحافظة على ربط أوروبا بنفط الشرق الأوسط وعزل محاولات موسكو لاختراق أوروبا أكثر جدوى في إطار إستراتيجيتها لاحتواء النفوذ الصيني فضلا عن الروسي من كسب الحرب في أوكرانيا. وعليه فقد لا نجانب الصواب إن قلنا إن قرار الحزب بوقف إطلاق النار جاء في توقيت خاطئ أو غير دقيق، وانه لن يجنب الحزب محاولات القضاء عليه، كما انه لن يجنب إيران نفس المحاولة وأن القتال هذه المرة سينتقل الى الجبهة التي قد لا تتألم فيها إسرائيل وتكون الكلفة فيها اقل بكثير مما كانت عليه، مع بقاء نفس الأهداف وثباتها لان المواجهة ابعد نطاقا من كل الإقليم.
*أستاذ الجيوبوليتيك والعلاقات الدولية في جامعة منوبة
بقلم: هاني مبارك
الآن وقد توقفت الحرب على الجبهة الشمالية، بين حزب الله وإسرائيل التي حققت لهذه الأخيرة هدفها، بالفصل بين الجبهتين الشمالية والجنوبية، دون أن يلوح في أفق الاتفاق الثنائي ما يفيد بإمكانية إحداث تغيير في الأهداف الإسرائيلية على الجبهة الجنوبية، بل بالعكس فإن كل التوقعات تؤكد أن ذلك سيسمح لإسرائيل بالتفرغ التام للتعامل معها بأريحية أكبر من ذي قبل، فإن السؤال الذي يدور على كل لسان، هو هل أن حزب الله قد استنفد فعلا كل الوقت الممكن لاستمرار مناورته العسكرية، وخرج في اللحظة المناسبة قبل الانهيار أو الهزيمة الكبرى، أم أنه أخطأ حساب توقيت الخروج، كما أخطأ في حسابات الانخراط بها زمنيا وفي الأسلوب ؟؟؟
بداية لا يمكن لأي كان أن يزايد على الحزب الذي قدم خيرة أبناء صفه القيادي الأول وصفوة قيادته العسكرية شهداء في هذه المعركة في الوقت الذي لاذ فيه الجميع بالفرار، وسطر مقاتلوه في الجنوب أروع آيات الشجاعة والإقدام ولقنوا الجيش الإسرائيلي الذي يعد أحد أحدث جيوش العالم تسليحا وتدريبا دروسا في القتال والمواجهة والشجاعة وانتصروا عليه بكافة المقاييس بعد أن كبدوه خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
والمرء لا يستطيع أن يختلف مع الشيخ نعيم قاسم في ما قرره من أن الحزب يقف اليوم أمام انتصار أكبر من انتصار حرب 2006، خاصة وأنه أحبط إستراتيجية الصدمة والرعب التي توختها القيادة العسكرية الإسرائيلية بالضغط على الرأس لتحطيمه قبل النزول لتفتيت الأطراف، وتمكن، في زمن فائق السرعة، من استيعاب الضربة القاتلة التي تلقاها قبل بداية الهجوم البري، واستعاد، بعد نحو أسبوع، توازنه ثم تولى زمام المبادرة في توجيه مسارات الحرب التي أرغمت في النهاية نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار دون أن يحقق بقية أهدافه التي كان قد أعلن عنها في وقت سابق قبل اندلاع المواجهة الواسعة مع الحزب.
نعم وباعتراف كل الأوساط السياسية والعسكرية، فإن ذهاب إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار كان سببه الرئيسي هو تحكم حزب الله في مسارات المواجهة، وفرض نسق من الاشتباك لم يكن بوسع الجيش الذي أنهكته جبهة الجنوب أن يواكبه كما أكدت صحيفة "لوفيغارو" ذلك نقلا عن ديفيد حلفا المدير المشارك لمرصد شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والمسؤول عن "الاجتماعات الجيوسياسية" لمؤسسة جان جوريس، حسب تقرير كلوتيلد جيغوس للصحيفة، ووضعت تل أبيب وكافة كبريات المدن الفلسطينية المحتلة تحت النار والاتجاه نحو قصف مراكز حيوية وإلحاق خسائر ضخمة فيها، وان ضغط بايدن لم يكن أكثر من إطلاق نيران لتغطية الانسحاب الإسرائيلي، ومن هنا يأتي السؤال عن السبب الذي دفع حزب الله للخروج من المواجهة في مثل هذا التوقيت، وفيما إذا كان ذلك ناجما عن خطأ في التقديرات والحسابات، ثم ما هي هذه الحسابات غير تلك التي يفرزها الميدان على حد تعبير الأمين العام للحزب الحالي والأمين العام السابق سماحة الشيخ الشهيد حسن نصر الله؟؟ الذي لم يفرز سوى مزيدا من الوهم والسراب لإسرائيل وفقا للكاتب حسين أبيش في "هآرتس" كما أنه لم يتم خلال هذه الحرب حل أي من الأسباب الأساسية للصراع بأي حال من الأحوال. ولأن أيّا من التفسيرات التي تستند الى بعض من جزئيات التاريخ أو الأبعاد العقائدية والإيديولوجية قد لا تكون كافية لفهم مجريات الصراعات الكبرى والمصيرية - وان لم يكن من المنطق بشيء تغييبها نهائيا - فإن موازين القوى والمصالح وحسابات الاقتصاد باستعمال القوة، في سياق فهم دقيق لطبيعة الصراع وحده تبقى هي أساس اتخاذ القرار بغض النظر عن صحته لأن الأمر يتوقف على عمق ذلك الفهم، وهذا على الأرجح ما يفسر قرار الحزب وحلفائه بوقف الحرب، في توقيت قد يبقى مثار خلاف ونقاش لفترة طويلة. وما يعزز مثل هذا الاعتقاد هو أن نتائج حسابات القوة المجردة، سواء منها القائم أو المحتمل في المدى المنظور، هي بصورة مطلقة ستكون لصالح إسرائيل خاصة وأن الإعلام الأمريكي والعربي دفع باتجاه الرفع من منسوب الخوف مع عودة ترامب للبيت الأبيض ونيته - على الأقل وفقا لخطابه الانتخابي- الوقوف غير المشروط مع إسرائيل، والذي يرى ضرورة إعادة النظر في حجمها وجغرافيتها، الى جانب عدائه السافر لإيران، وأن السبيل الأنجع لمواجهة ذلك يكون بالانحناء للعاصفة ومحاولة كسب مزيد من الوقت لإعادة ترميم القوة قبل انفتاح أبواب المواجهة الشاملة على مصراعيها من جديد.
وحتى لا نخوض في نقاش طويل وقد يبدو عقيما في تفسير دوافع القبول باتفاق وقف إطلاق النار، سنقفر الى القول بأنه كان قرارا خاطئا ناجما عن عدم دقة في الحسابات التي على أساسها اتخذ، إذ قبل أن يجف الحبر الذي كتب به، جرت المسارعة لتحريك ما يسمى بالمعارضة السورية التي شنت هجوما واسع النطاق على مناطق ريف حلب، امتد بسرعة فائقة باتجاه إدلب وغيرها من مناطق سيطرة النظام السوري، الذي وجه له نتنياهو تهديدا صريحا في كلمته التي ألقاها للإعلان عن قبول إسرائيل بقرار وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق لا يمكن النظر في التداعيات التي سيتركها تحرك المعارضة السورية بهذه السرعة وعلى أقل أوجه التقدير، بعد سلسلة الغارات الجوية التي تعرضت لها سوريا وقيل حينها إنها تستهدف مواقع إيرانية ومراكز نقل أسلحة لحزب الله على امتداد العام المنصرم إلا أنها ستوفر لإسرائيل حرية عمل أوسع في الساحة السورية، وأنها ستضع النظام هناك في حالة من التهديد الوجودي، ستدفع حزب الله للانخراط فيها مجددا، لإشغاله عن الجبهة الشمالية تماما وإنهاكه والقضاء عليه لاحقا كلاعب في المعادلة اللبنانية، وإنهاء دوره في معادلة إيران الإقليمية، كما أنها ستغري إسرائيل للذهاب أبعد في محاولة إسقاط النظام السوري نفسه بعد أن تتأكد من القدرة على احتواء تداعيات ذلك، إذ تتخوف الأوساط الأمنية الإسرائيلية من أن تؤدي المبالغة في الإسراع بإسقاط بشار الأسد الى فوضى قد تشكل على المدى البعيد تهديدا أمنيا لإسرائيل. من هنا فإننا نختلف مع سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي قال في خطاب إعلان النصر، أن موافقة الحزب على وقف إطلاق النار قد أسقطت مخططات نتنياهو لتغير خارطة الشرق الأوسط، ونميل أكثر لرؤية سكوت ريتر ضابط المخابرات الأمريكية السابق الذي نشر على صفحته في منصة "أكس" أن الهجوم على حلب الذي نفذته جماعات إسلامية متحالفة مع تركيا جاء في إطار خطة إستراتيجية بين إسرائيل وتركيا، بدعم من الولايات المتحدة، لقطع طريق الإمداد من إيران إلى حزب الله، وتهديد استقرار أو إسقاط نظام الأسد، مما يضطر روسيا إلى تحويل مواردها من أوكرانيا التي قدمت مستشارين لجماعات المعارضة السورية الى سوريا للحفاظ على نفوذها فيها. وبغض النظر عن وجاهة طرح ريتر لأسباب تحرك المعارضة السورية الذي يضعه في سياق الضغط على روسيا لتخفيف ضغطها على أوكرانيا، فإن إسقاط النظام السوري وإخراج روسيا من سوريا وإعادة رسم جغرافية الإقليم السياسية، يعتبر من الناحية الجيوسياسية بالنسبة لأمريكا أهم بكثير من كسب الحرب بأوكرانيا، بل إن المحافظة على ربط أوروبا بنفط الشرق الأوسط وعزل محاولات موسكو لاختراق أوروبا أكثر جدوى في إطار إستراتيجيتها لاحتواء النفوذ الصيني فضلا عن الروسي من كسب الحرب في أوكرانيا. وعليه فقد لا نجانب الصواب إن قلنا إن قرار الحزب بوقف إطلاق النار جاء في توقيت خاطئ أو غير دقيق، وانه لن يجنب الحزب محاولات القضاء عليه، كما انه لن يجنب إيران نفس المحاولة وأن القتال هذه المرة سينتقل الى الجبهة التي قد لا تتألم فيها إسرائيل وتكون الكلفة فيها اقل بكثير مما كانت عليه، مع بقاء نفس الأهداف وثباتها لان المواجهة ابعد نطاقا من كل الإقليم.
*أستاذ الجيوبوليتيك والعلاقات الدولية في جامعة منوبة