في الوقت الذي انتظر فيه المتابعون للشأن المالي والاقتصادي إقرار البنك المركزي التونسي التخفيض في نسبة الفائدة المديرية، تماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للبنوك المركزية العالمية في اتجاه منح جرعة أكسجين لاقتصاديات العالم، أعلن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي في بيان صادر عنه يوم 28 نوفمبر 2024 عن الإبقاء على نسبة الفائدة المديرية عند مستوى 8 % دون تغيير، وعلل البنك الإبقاء على نسبة الفائدة عند هذا المستوى بمواصلة تطبيق سياسة نقدية حذرة للتعامل مع المخاطر التضخمية.
وللوقوف على هذا القرار تحدثت "الصباح" مع الخبير الاقتصادي المختص في السياسات المالية الدولية عربي بنبوهالي الذي أفادنا أن أسعار الفائدة سيف ذو حدين.
قرار صائب
واعتبر الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي التونسي اتخذ القرار الصحيح بالإبقاء على نسبة الفائدة المديرية عند 8% .
مؤكدا أن الإبقاء على نسبة الفائدة له تداعيات ايجابية اذ يساهم من جهة في خفض او استقرار التضخم وحماية الدينار من اي اهتزازات اقتصادية. إلا انه استدرك بالقول ان الحفاظ على نسبة الفائدة له تداعيات سلبية اذ يتسبب في تباطؤ الاقتصاد وزيادة تكلفة الاقتراض وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
واعتبر الخبير الاقتصادي انه وفي بيئة مرتفعة التضخم، من المستحيل إبقاء الجميع سعداء في إشارة إلى تداعيات القرار الإيجابية من جهة والسلبية من جهة أخرى.
وحول ما اذا كانت أسعار الفائدة المنخفضة تساعد في كل الحالات على نمو الاقتصاد، قال عربي بنبوهالي المختص في السياسات المالية الدولية: "اليوم هناك من الأدلة والبيانات التي تثبت أن خفض أسعار الفائدة ليس دائما في صالح الاقتصاد". وبين أن تخفيض البنك المركزي الأوروبي في أسعار الفائدة هذا العام 3 مرات لتبلغ 3.25 % لم يكن ذا جدوى اذ ان الاقتصاد الأوروبي لا يزال في حالة ركود عميق للغاية، كما ان نسبة التضخم عادت إلى الارتفاع في منطقة اليورو، لأول مرة منذ 85 عامًا.
مشيرا أنه ولأول مرة تقوم شركات ألمانية بغلق مصانع السيارات، كما ان ديون فرنسا ارتفعت بشكل كبير، كذلك الشأن لإيطاليا التي باتت تعاني من ارتفاع تكلفة الديون والإنتاجية الصفرية وانخفاض النمو الاقتصادي. وواصل مبينا ان الصين قد خفضت في أسعار الفائدة إلى 3.6% هذا العام، إلا ان الاقتصاد مازال يعيش على وقع تباطؤ ملحوظ مع تواصل ارتفاع نسبة والبطالة.
وبين محدثنا ان خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة إلى 4.75 % هذا العام، لم يكن كافيا حيث واصل الاقتصاد انزلاقه إلى حد الركود كما ان الديون اتجهت ايضا إلى الارتفاع لتبلغ 37 تريليون دولار مع زيادة واضحة في مؤشرات التضخم الأساسي.
وأردف الخبير الاقتصادي مبينا ان بنك اليابان قد عمد هذا العام الى الزيادة في سعر الفائدة إلى 0.25 % للمرة الأولى منذ 17 عامًا لحماية الين الياباني وإبطاء نسبة التضخم، مؤكدا أن السلطات النقدية اليابانية – البنك المركزي الياباني_ في طريقها إلى مزيد تشديد سياساتها المالية مع رفع سعر الفائدة مع بداية العام المقبل.
البنك المركزي يطبق سياسات الدولة
واعتبر الخبير الاقتصادي ان سياسات البنك المركزي التونسي تتماشى اليوم مع سياسات الدولة، اي سياسات رئيس الجمهورية، الذي يؤكد في كل مرة على ضرورة الحفاظ على انخفاض الأسعار، وهو ما يجعل البنك في موقف صعب للغاية، وفق تعبيره.
ووفق عربي بنبوهالي انه اذا ما تغيرت الرؤية في قرطاج فإن البنك المركزي سيقوم بالضرورة بتخفيض سعر الفائدة، مبينا ان البنك المركزي التونسي دعا الحكومة الى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية بشكل عاجل حيث أوصي باستثمار ما يعادل 25 % من الناتج المحلي الإجمالي كل عام وخفض الضرائب على الشركات مع خفض الضرائب على الدخل لتحفيز القدرة الإنتاجية والتشجيع على الاستهلاك والإنفاق، مؤكدا ان كل هذه الإجراءات ستجعل مهمة البنك أكثر سهولة كما ستعطي الاقتصاد جرعة أكسجين في اتجاه دفع محركات النمو.
حنان قيراط
تونس-الصباح
في الوقت الذي انتظر فيه المتابعون للشأن المالي والاقتصادي إقرار البنك المركزي التونسي التخفيض في نسبة الفائدة المديرية، تماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للبنوك المركزية العالمية في اتجاه منح جرعة أكسجين لاقتصاديات العالم، أعلن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي في بيان صادر عنه يوم 28 نوفمبر 2024 عن الإبقاء على نسبة الفائدة المديرية عند مستوى 8 % دون تغيير، وعلل البنك الإبقاء على نسبة الفائدة عند هذا المستوى بمواصلة تطبيق سياسة نقدية حذرة للتعامل مع المخاطر التضخمية.
وللوقوف على هذا القرار تحدثت "الصباح" مع الخبير الاقتصادي المختص في السياسات المالية الدولية عربي بنبوهالي الذي أفادنا أن أسعار الفائدة سيف ذو حدين.
قرار صائب
واعتبر الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي التونسي اتخذ القرار الصحيح بالإبقاء على نسبة الفائدة المديرية عند 8% .
مؤكدا أن الإبقاء على نسبة الفائدة له تداعيات ايجابية اذ يساهم من جهة في خفض او استقرار التضخم وحماية الدينار من اي اهتزازات اقتصادية. إلا انه استدرك بالقول ان الحفاظ على نسبة الفائدة له تداعيات سلبية اذ يتسبب في تباطؤ الاقتصاد وزيادة تكلفة الاقتراض وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
واعتبر الخبير الاقتصادي انه وفي بيئة مرتفعة التضخم، من المستحيل إبقاء الجميع سعداء في إشارة إلى تداعيات القرار الإيجابية من جهة والسلبية من جهة أخرى.
وحول ما اذا كانت أسعار الفائدة المنخفضة تساعد في كل الحالات على نمو الاقتصاد، قال عربي بنبوهالي المختص في السياسات المالية الدولية: "اليوم هناك من الأدلة والبيانات التي تثبت أن خفض أسعار الفائدة ليس دائما في صالح الاقتصاد". وبين أن تخفيض البنك المركزي الأوروبي في أسعار الفائدة هذا العام 3 مرات لتبلغ 3.25 % لم يكن ذا جدوى اذ ان الاقتصاد الأوروبي لا يزال في حالة ركود عميق للغاية، كما ان نسبة التضخم عادت إلى الارتفاع في منطقة اليورو، لأول مرة منذ 85 عامًا.
مشيرا أنه ولأول مرة تقوم شركات ألمانية بغلق مصانع السيارات، كما ان ديون فرنسا ارتفعت بشكل كبير، كذلك الشأن لإيطاليا التي باتت تعاني من ارتفاع تكلفة الديون والإنتاجية الصفرية وانخفاض النمو الاقتصادي. وواصل مبينا ان الصين قد خفضت في أسعار الفائدة إلى 3.6% هذا العام، إلا ان الاقتصاد مازال يعيش على وقع تباطؤ ملحوظ مع تواصل ارتفاع نسبة والبطالة.
وبين محدثنا ان خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة إلى 4.75 % هذا العام، لم يكن كافيا حيث واصل الاقتصاد انزلاقه إلى حد الركود كما ان الديون اتجهت ايضا إلى الارتفاع لتبلغ 37 تريليون دولار مع زيادة واضحة في مؤشرات التضخم الأساسي.
وأردف الخبير الاقتصادي مبينا ان بنك اليابان قد عمد هذا العام الى الزيادة في سعر الفائدة إلى 0.25 % للمرة الأولى منذ 17 عامًا لحماية الين الياباني وإبطاء نسبة التضخم، مؤكدا أن السلطات النقدية اليابانية – البنك المركزي الياباني_ في طريقها إلى مزيد تشديد سياساتها المالية مع رفع سعر الفائدة مع بداية العام المقبل.
البنك المركزي يطبق سياسات الدولة
واعتبر الخبير الاقتصادي ان سياسات البنك المركزي التونسي تتماشى اليوم مع سياسات الدولة، اي سياسات رئيس الجمهورية، الذي يؤكد في كل مرة على ضرورة الحفاظ على انخفاض الأسعار، وهو ما يجعل البنك في موقف صعب للغاية، وفق تعبيره.
ووفق عربي بنبوهالي انه اذا ما تغيرت الرؤية في قرطاج فإن البنك المركزي سيقوم بالضرورة بتخفيض سعر الفائدة، مبينا ان البنك المركزي التونسي دعا الحكومة الى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية بشكل عاجل حيث أوصي باستثمار ما يعادل 25 % من الناتج المحلي الإجمالي كل عام وخفض الضرائب على الشركات مع خفض الضرائب على الدخل لتحفيز القدرة الإنتاجية والتشجيع على الاستهلاك والإنفاق، مؤكدا ان كل هذه الإجراءات ستجعل مهمة البنك أكثر سهولة كما ستعطي الاقتصاد جرعة أكسجين في اتجاه دفع محركات النمو.