إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مؤتمر طبي احتضنته القاهرة.. تدخل الذكاء الاصطناعي في اختصاصات الطبيب.. أي مجالات وأي حدود؟

 

القاهرة-الصباح- من مبعوثتنا وفاء بن محمد

هل إن الذكاء الاصطناعي بإمكانه تعويض الفرق الطبية وشبه الطبية ويحل محلهما في جميع المراحل العلاجية؟ سؤال تم طرحه وتناوله بالنقاش والتحليل، خلال مؤتمر صحي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة هذا الأسبوع، نظمه أحد المخابر العالمية، في إطار بحوثه المتعلقة بالبحث عن حلول علاجية للأمراض السرطانية وخاصة منها المتعلقة بالأورام التي تصيب النساء، والذي حضره عدد كبير من الخبراء والإعلاميين من دول شمال إفريقيا.

خلال المؤتمر، أجمع الحضور على أن الذكاء الاصطناعي (AI) أصبح جزءًا لا يتجزأ من العديد من مجالات الحياة اليومية للإنسان، بما في ذلك الرعاية الصحية والطبية ومختلف المراحل العلاجية، بما في ذلك المعقدة جدا. ومع ذلك، تبقى فكرة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعوض الطبيب وفريقه الصحي بالكامل تثير نقاشًا معقدًا يتطلب فهمًا واضحًا لما يمكن للتكنولوجيا تحقيقه من قيمة مضافة، فيما يظل دور الإنسان فيه لا غنى عنه.

 دور الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي

الواضح ومنذ سنوات، أن القطاع الصحي شهد تطورا تكنولوجيا كبيرا فسح المجال لـ"الروبوتات" والآلة والتكنولوجيا والتطور العلمي ليكون لها دور في التدخلات العلاجية وحتى الجراحية ومنها الأكثر تعقيدا، ليأتي الدور لاحقا على الذكاء الاصطناعي الذي ثبتت، دون مجال للشك، قدرته على أداء مجموعة واسعة من المهام الطبية التي تعزز دور الطبيب وتزيد من دقة التشخيص والعلاج. حيث أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل الصور الطبية (مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي) بدقة كبيرة، مما يساعد في اكتشاف أمراض مثل السرطان وغيره في مراحل مبكرة. كذلك تمكّن الذكاء الاصطناعي وتقنياته من التنبؤ بالمخاطر الصحية حيث أصبح بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المرضى لتحديد مخاطر الإصابة بأمراض معينة بناءً على أنماط صحية وسجلات طبية خاصة بالمريض أو حتى أقربائه. إلى جانب إدارة البيانات الطبية حيث يقوم الذكاء الاصطناعي اليوم بتنظيم البيانات الصحية واستخدامها لتحسين العلاج واتخاذ القرارات السريرية بسرعة.

هذا الى جانب العلاج الشخصي وتطوير الخطط العلاجية المخصصة بناءً على تحليل شامل لبيانات المريض. وحتى في المساعدة في الجراحات، أصبحت الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضرورة تُستخدم في الجراحات الدقيقة، ومنها التي تقام عن بعد تفصل فيها بين الطبيب الجراح ومريضه آلاف الكيلومترات، مما يقلل من الأخطاء البشرية الممكنة.

أي حدود للذكاء الاصطناعي؟

وعلى الرغم من هذه الإمكانيات وهذا التطور المذهل والمتسارع، يحصل الإجماع حاليا على أنه لا يمكن للذكاء الاصطناعي تعويض الطبيب البشري بالكامل لعدة أسباب منها خاصة الجانب الإنساني باعتبار أن جزءا من عمل الطبيب هو تقديم الدعم النفسي والعاطفي للمرضى، وهو جانب لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه. فالقدرة على التعاطف مع المريض وفهم احتياجاته النفسية والاجتماعية تظل عنصرًا إنسانيًا فريدًا وحصريا لدى البشر الممثل في هذه الحال بالطبيب.

كما أن بعض الحالات الطبية تتطلب تفاعلاً مباشرًا وحوارًا مستمرًا بين الطبيب والمريض، وهو أمر يصعب على الذكاء الاصطناعي تحقيقه وإن قام بذلك فلن يكون بالفاعلية والنجاعة المطلوبة والمتوفرة لدى الطبيب وإطاره المساعد.

كذلك، والى جانب العنصر الإنساني، فإن القرارات والمعاملات الأخلاقية تبقى حكرا على البشر أي الطبيب ففي بعض الحالات، تتطلب القرارات الطبية مراعاة عوامل أخلاقية وقيم مجتمعية، وهي أمور لا يمكن للذكاء الاصطناعي معالجتها بشكل مستقل. كذلك لا يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع الحالات المعقدة وغير النمطية فهو يعتمد على البيانات والأنماط السابقة. وإذا واجه حالة جديدة أو معقدة لا توجد بيانات كافية حولها، قد يعجز أو في أحسن الحالات يكون أداؤه محدودًا.

الذكاء الاصطناعي بديل أم مكمّل؟

في ظل هذا التداخل بين البشري والآلي وبين الإنسان والتكنولوجيا، يبقى السؤال المطروح حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالإطار الطبي هل هو بديل له أم مكمل؟ والواضح أن كل المتدخلين في لقاء القاهرة أجمعوا على أنه لا يجب أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل للطبيب، بل كأداة قوية تساعد الأطباء على أداء مهامهم بشكل أفضل وأسرع. فالهدف ليس استبدال الأطباء، بل تعزيز قدراتهم وتحسين جودة الرعاية الصحية.

والواضح أن المستقبل سيكون للعمل المشترك، سيكون فيه التعاون بين الأطباء والذكاء الاصطناعي مفتاحًا لتحقيق تقدم كبير في الطب. وسيظل الطبيب هو القائد وهو المتحكم والمسيطر على العملية الطبية وعلى الفريق الطبي وصاحب القرار النهائي، بينما يوفر الذكاء الاصطناعي الدعم اللازم له من خلال تقديم تحليلات دقيقة ومعطيات تسهم في تحسين التشخيص والعلاج.

وقد ختمت ندوة القاهرة التي تركزت أساسا على أمراض السرطان وخاصة عند النساء بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه تعويض الطبيب بالكامل، لكنه يشكل أداة ثورية تدعم الأطباء وتمكنهم من تقديم رعاية صحية أكثر دقة وفعالية. فالإنسان سيظل دائمًا جزءًا أساسيًا من المعادلة، ليس فقط بسبب مهاراته التقنية، ولكن أيضًا بسبب قدرته على التواصل الإنساني والتعاطف مع المرضى والدعم النفسي والبسيكولوجي الذي لا يمكن للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا تقديمه.. فالجانب النفسي والمعنوي أحيانا يكون له الدور الأكبر في شفاء المريض ومساعدته وبالتأكيد لا يمكن لغير العنصر البشري أن يوفر هذا الدعم لذلك سيبقى الطبيب اليوم وغدا هو سيد العملية الطبية والعلاجية حتى وإن حاز الذكاء الاصطناعي على جزء ونسبة هامة من مراحل وسلسلة العلاج.

في مؤتمر طبي احتضنته القاهرة..   تدخل الذكاء الاصطناعي في اختصاصات الطبيب.. أي مجالات وأي حدود؟

 

القاهرة-الصباح- من مبعوثتنا وفاء بن محمد

هل إن الذكاء الاصطناعي بإمكانه تعويض الفرق الطبية وشبه الطبية ويحل محلهما في جميع المراحل العلاجية؟ سؤال تم طرحه وتناوله بالنقاش والتحليل، خلال مؤتمر صحي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة هذا الأسبوع، نظمه أحد المخابر العالمية، في إطار بحوثه المتعلقة بالبحث عن حلول علاجية للأمراض السرطانية وخاصة منها المتعلقة بالأورام التي تصيب النساء، والذي حضره عدد كبير من الخبراء والإعلاميين من دول شمال إفريقيا.

خلال المؤتمر، أجمع الحضور على أن الذكاء الاصطناعي (AI) أصبح جزءًا لا يتجزأ من العديد من مجالات الحياة اليومية للإنسان، بما في ذلك الرعاية الصحية والطبية ومختلف المراحل العلاجية، بما في ذلك المعقدة جدا. ومع ذلك، تبقى فكرة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعوض الطبيب وفريقه الصحي بالكامل تثير نقاشًا معقدًا يتطلب فهمًا واضحًا لما يمكن للتكنولوجيا تحقيقه من قيمة مضافة، فيما يظل دور الإنسان فيه لا غنى عنه.

 دور الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي

الواضح ومنذ سنوات، أن القطاع الصحي شهد تطورا تكنولوجيا كبيرا فسح المجال لـ"الروبوتات" والآلة والتكنولوجيا والتطور العلمي ليكون لها دور في التدخلات العلاجية وحتى الجراحية ومنها الأكثر تعقيدا، ليأتي الدور لاحقا على الذكاء الاصطناعي الذي ثبتت، دون مجال للشك، قدرته على أداء مجموعة واسعة من المهام الطبية التي تعزز دور الطبيب وتزيد من دقة التشخيص والعلاج. حيث أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل الصور الطبية (مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي) بدقة كبيرة، مما يساعد في اكتشاف أمراض مثل السرطان وغيره في مراحل مبكرة. كذلك تمكّن الذكاء الاصطناعي وتقنياته من التنبؤ بالمخاطر الصحية حيث أصبح بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المرضى لتحديد مخاطر الإصابة بأمراض معينة بناءً على أنماط صحية وسجلات طبية خاصة بالمريض أو حتى أقربائه. إلى جانب إدارة البيانات الطبية حيث يقوم الذكاء الاصطناعي اليوم بتنظيم البيانات الصحية واستخدامها لتحسين العلاج واتخاذ القرارات السريرية بسرعة.

هذا الى جانب العلاج الشخصي وتطوير الخطط العلاجية المخصصة بناءً على تحليل شامل لبيانات المريض. وحتى في المساعدة في الجراحات، أصبحت الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضرورة تُستخدم في الجراحات الدقيقة، ومنها التي تقام عن بعد تفصل فيها بين الطبيب الجراح ومريضه آلاف الكيلومترات، مما يقلل من الأخطاء البشرية الممكنة.

أي حدود للذكاء الاصطناعي؟

وعلى الرغم من هذه الإمكانيات وهذا التطور المذهل والمتسارع، يحصل الإجماع حاليا على أنه لا يمكن للذكاء الاصطناعي تعويض الطبيب البشري بالكامل لعدة أسباب منها خاصة الجانب الإنساني باعتبار أن جزءا من عمل الطبيب هو تقديم الدعم النفسي والعاطفي للمرضى، وهو جانب لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه. فالقدرة على التعاطف مع المريض وفهم احتياجاته النفسية والاجتماعية تظل عنصرًا إنسانيًا فريدًا وحصريا لدى البشر الممثل في هذه الحال بالطبيب.

كما أن بعض الحالات الطبية تتطلب تفاعلاً مباشرًا وحوارًا مستمرًا بين الطبيب والمريض، وهو أمر يصعب على الذكاء الاصطناعي تحقيقه وإن قام بذلك فلن يكون بالفاعلية والنجاعة المطلوبة والمتوفرة لدى الطبيب وإطاره المساعد.

كذلك، والى جانب العنصر الإنساني، فإن القرارات والمعاملات الأخلاقية تبقى حكرا على البشر أي الطبيب ففي بعض الحالات، تتطلب القرارات الطبية مراعاة عوامل أخلاقية وقيم مجتمعية، وهي أمور لا يمكن للذكاء الاصطناعي معالجتها بشكل مستقل. كذلك لا يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع الحالات المعقدة وغير النمطية فهو يعتمد على البيانات والأنماط السابقة. وإذا واجه حالة جديدة أو معقدة لا توجد بيانات كافية حولها، قد يعجز أو في أحسن الحالات يكون أداؤه محدودًا.

الذكاء الاصطناعي بديل أم مكمّل؟

في ظل هذا التداخل بين البشري والآلي وبين الإنسان والتكنولوجيا، يبقى السؤال المطروح حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالإطار الطبي هل هو بديل له أم مكمل؟ والواضح أن كل المتدخلين في لقاء القاهرة أجمعوا على أنه لا يجب أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل للطبيب، بل كأداة قوية تساعد الأطباء على أداء مهامهم بشكل أفضل وأسرع. فالهدف ليس استبدال الأطباء، بل تعزيز قدراتهم وتحسين جودة الرعاية الصحية.

والواضح أن المستقبل سيكون للعمل المشترك، سيكون فيه التعاون بين الأطباء والذكاء الاصطناعي مفتاحًا لتحقيق تقدم كبير في الطب. وسيظل الطبيب هو القائد وهو المتحكم والمسيطر على العملية الطبية وعلى الفريق الطبي وصاحب القرار النهائي، بينما يوفر الذكاء الاصطناعي الدعم اللازم له من خلال تقديم تحليلات دقيقة ومعطيات تسهم في تحسين التشخيص والعلاج.

وقد ختمت ندوة القاهرة التي تركزت أساسا على أمراض السرطان وخاصة عند النساء بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه تعويض الطبيب بالكامل، لكنه يشكل أداة ثورية تدعم الأطباء وتمكنهم من تقديم رعاية صحية أكثر دقة وفعالية. فالإنسان سيظل دائمًا جزءًا أساسيًا من المعادلة، ليس فقط بسبب مهاراته التقنية، ولكن أيضًا بسبب قدرته على التواصل الإنساني والتعاطف مع المرضى والدعم النفسي والبسيكولوجي الذي لا يمكن للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا تقديمه.. فالجانب النفسي والمعنوي أحيانا يكون له الدور الأكبر في شفاء المريض ومساعدته وبالتأكيد لا يمكن لغير العنصر البشري أن يوفر هذا الدعم لذلك سيبقى الطبيب اليوم وغدا هو سيد العملية الطبية والعلاجية حتى وإن حاز الذكاء الاصطناعي على جزء ونسبة هامة من مراحل وسلسلة العلاج.