إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مناقشة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في البرلمان.. مطالبة بمراجعة الخارطة الجامعية ومكافحة الفساد في المناظرات والترقيات

 

 

وزير التعليم العالي والبحث العلمي:   قررنا القيام بإصلاحات عاجلة لنظام "إمد"

  • دعم ثقافة المبادرة عبر تعميم أقطاب الطالب المبادر في جميع الجامعات

ـ النواب يطالبون بالحد من نزيف هجرة الأدمغة وانتداب الدكاترة المعطلين عن العمل وتوسيع قاعدة المنتفعين بالمنح الجامعية

تونس: الصباح

قال منذر بلعيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي إنه في إطار تنفيذ سياسة الدولة في إصلاح التربية والتعليم قررت الوزارة القيام بإصلاحات عاجلة لنظام "إمد". وأضاف أمس خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم انعقدت بقصر باردو للنظر في مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2025 أنه تم القيام بإعادة صياغة محتوى التكوين في اتجاه تجاوز النقائص التي تمت ملاحظتها في هذا النظام، وبين أنه يجري العمل حاليا على مراجعة المواد الأفقية الموجودة في الإجازة بإدراج وحدات تمكن الطلبة من مهارات إضافية وتدعم فرص التشغيل لديهم وذكر أنه تم القيام بدارسة معمقة ذات طابع كمي ونوعي لنظام "إمد".

 وطالب العديد من نواب الغرفتين بإصلاح نظام "إمد" وتطوير التكوين الجامعي وملامته مع متطلبات سوق الشغل ودعم انفتاح الجامعية التونسية على محيطها الاقتصادي والعمل على تحسين مهارات الطلبة والارتقاء بجودة الخدمات الجامعية والترفيع في نسبة الطلبة المتمتعين بالسكن الجامعي والمنح، ومراجعة الخارطة الجامعية وتقييم تشغيلية الاختصاصات المتوفرة وإيجاد حلول عاجلة لظاهرة هجرة الأدمغة وفتح مناظرات لانتداب الدكاترة المعطلين عن العمل ودعم مخابر البحت العلمي وتقييم منظومة التعليم العالي الخاص وتحسين أجور الجامعيين ومكافحة الفساد في مناظرات الانتداب والترقيات والإنصات للهياكل النقابية..  

توجهات كبرى

وقبل نقاش مشروع الميزانية أشار الوزير منذر بلعيد إلى أن أهم توجهات قطاع التعليم العالي والبحث العملي اليوم، تتمثل في توفير الإمكانيات الضرورية لتحسين جودة التعليم وتطوير البحث العلمي طبقا لمقتضيات الفصلين 44 و45 من الدستور، ومجابهة مرحلة تتسم بالعديد من الضغوطات والتحديات ذات الصلة بمحدودية الموارد، وتفاوت جاذبية التكوين، وضعف نسبة التشغيل. وذكر أنه من الضروري أن يعمل  الجميع على كسب الرهانات عبر مواصلة النهوض بالقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي والرفع من طاقته التشغيلية. ولاحظ أن استراتيجيات الدولة خلال هذه الفترة ترتكز على مزيد تحسين مناخ الأعمال واعتماد اليقظة المستمرة في متابعة موقع تونس في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والتجديد التكنولوجي والسعي لمزيد الأخذ بناصية العلوم وتملك التقنيات الحديثة.

وقدّم الوزير منذر بلعيد في بداية الجلسة العامة الملامح الكبرى لمشروع ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي للسنة القادمة والمتكونة من 4 برامج وهي: برنامج التعليم العالي الذي يرمي إلى إرساء منظومة تكوين متطورة تستجيب للمعايير الدولية ويكون لها دور ريادي في التنمية المجتمعية، وبرنامج البحث العلمي الذي يهدف إلى إرساء منظومة بحث وتجديد متطورة تستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة واقتصاد المعرفة، وبرنامج الخدمات الجامعية الذي يهدف حسب وصفه إلى بناء حياة جامعية معززة للتنمية الذاتية للطالب وحاضنة للإبداع، وأخيرا برنامج القيادة والساندة الذي يعنى بإضفاء مزيد من الحوكمة على الإجراءات ومختلف أوجه التصرف عبر الرقمنة بما يسمح بمكافحة الفساد.

أرقام الميزانية

وبين وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن تقديرات مشروع ميزانية الوزارة بلغت 2293 مليونا و393 ألف دينار مقابل 2277 مليونا و238 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها 16 مليونا و155 ألف دينار. وأضاف أن اعتمادات قسم التأجير تمثل 71 فاصل 13 بالمائة، أما اعتمادات قسم التسيير فتمثل 5 بالمائة، واعتمادات التدخلات تمثل 12 فاصل 45 بالمائة، واعتمادات قسم الاستثمار تمثل 11 فاصل 38 بالمائة. وذكر أن برنامج التعليم العالي يرمي إلى إرساء منظومة تكوين متطورة تستجيب للمعايير الدولية ولها دور ريادي في التنمية المجتمعية عبر تطوير جودة التكوين الجامعي ودعم تشغيلية الخريجين مع مزيد حوكمة القطاع الخاص ومتابعته. وأشار إلى أنه انطلاقا من الترابط العضوي بين جودة التكوين والتشغيل سيتم التركيز على مواصلة التمشي الرامي إلى إصلاح التكوين الجامعي وتطويره ودعم تشغيلية خرجي التعليم العالي والذي أفضى إلى إعداد دليل مرجعي جديد للتأهيل يمكّن من إعادة صياغة جملة عروض التكوين بما يتماشى مع نموذج مجدد قادر على التجميع والتحول والتأثير، ويمكّن من تحسين الجودة بشكل ملموس من خلال دعم تمكين كل خريج من المهارات الوظيفية والذاتية التي ستساعده على الاندماج المهني السليم، وإعادة صياغة محتوى التكوين بالاعتماد على طرق تعليمية مرتبطة بشكل وثيق بالمهارات الأساسية للاختصاص والمهارات الأفقية واتخاذ هندسة التكوين كوسيلة منهجية علمية ناجعة تربط أهداف عرض التكوين بمتطلبات المهنة المستهدفة، مع التوجه نحو دعم المجالات الواعدة بما يسمح بالترفيع في نسب تشغيلية خريجي التعليم العالي ضمن منوال تنموي يتجه بالأساس للاستثمار في المعرفة. وأشار إلى أنه في نفس الإطار يتم العمل على تطوير شبكة مراكز المهن وإشهاد الكفاءات المحدثة بمختلف المؤسسات الجامعية. وبين أن الجهود ستتركز أيضا على دعم ثقافة المبادرة عبر تعميم أقطاب الطالب المبادر في جميع الجامعات وسيتم بالتوازي مع ذلك تحيين نظام الطالب المبادر، وتدعيم دور الجامعة في بعث المشاريع وتجديدها بهدف تجسيم مفهوم الجامعة المبادرة.

استبيان

وأشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد إلى أنه بهدف تفعيل مساهمة القطاع في تنمية الموارد البشرية تم مؤخرا الانتهاء من انجاز استبيان لدى حاملي شهادة الباكالوريا لسنة 2024 لمعرفة المعارف المكتسبة، بما يمكّن من تطوير المهارات ومراجعة المواد الأفقية المدرجة صلب مسالك الإجازة في سبيل دعم المهارات الذاتية للطلبة وتنمية فرص التشغيل لديهم، وسيتواصل العمل على تنظيم دورات لتكوين المكونين في مجال المبادرة خاصة بعد أن لمست الوزارة تحقيق نتائج واضحة على مستوى جاذبية التكوين الأفقي المقدم في مجال المبادرة لدعم التشغيلية.

 وقال الوزير إنه من حيث ترسيخ ثقافة الجودة والاعتماد، وإثر العمل على توحيد نظام للتقييم والاعتماد بالتعليم العالي والبحث العلمي والذي أفضى لإحداث الوكالة التونسية للتقييم والاعتماد في التعليم العالي والبحث العلمي كهيكل وحيد يتولى هذه المهام، فإن الوزارة ستحرص على تفعيل هياكل الوكالة سواء العلمية منها أو المتصلة بالتسيير والحوكمة بما يسمح بمباشرة الأعمال الموكلة لها في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى الدفع في اتجاه مزيد الانخراط في مسار الاعتماد الأكاديمي الدولي والمحلي وفسر أن أغلب الجامعات انخرطت في هذا المسار وتحصلت جميع كليات الطب وعدة مسالك تكوين هندسي على الاعتماد الأكاديمي الدولي.

التعليم الخاص

ولدى حديثه عن التعليم العالي الخاص بين وزير التعليم العالي والبحث العملي منذر بلعيد أنه سيتم استحداث الأطر القانونية والترتيبية، ومزيد التنسيق مع الوزارات الشريكة بما يسمح بإعداد دراسة تضبط بدقة الحاجيات من التكوين، وتمكّن من تجاوز مختلف الإشكاليات العالقة، وقال إن هاجس الوزارة في علاقة بقطاع التعليم العالي سواء العمومي أو الخاص يبقى ضمان إشعاع الشهادات الوطنية على المستوى الدولي واستعادة صورة تونس كمنارة علمية في إطار مسار التصحيح والبناء. وذكر أنه لبلوغ هذه الأهداف وانجاز المشاريع المبرمجة فقد تم اقتراح تخصيص إعتمادات دفع بعنوان سنة 2025 لبرنامج التعليم العالي قدرها 1563 مليونا و492 ألف دينار مقابل 1528 مليونا و772 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها 2 فاصل 27 بالمائة. وذكر أن الميزانية المخصصة لبرنامج التعليم العالي تمثل 68 بالمائة، وسيتم تخصيص 59 مليون دينار لتحسين البنية التحتية لمؤسسات التعليم العالي و12 مليون دينار لاقتناء تجهيزات علمية لفائدة المؤسسات الجامعية.

اقتصاد المعرفة 

وأشار الوزير منذر بلعيد إلى أن جهود التعليم العالي تتكامل مع خيار دعم البحث العلمي وتثمين نتائجه بما يسمح بإرساء اقتصاد المعرفة، خاصة وأن تونس تزخر بالكفاءات والهياكل والمؤسسات. ويتمثل الهدف الاستراتجي للبحث العلمي حسب قوله في بناء منظومة بحث وتجديد متطورة تستجيب لأولويات التنمية المستدامة ومقتضيات اقتصاد المعرفة وذلك عبر تركيز الجهود على ضبط إستراتيجية قائمة على الدراسات الإستشرافية واليقظة التكنولوجية والقدرة على التقييم الذاتي الذي يسمح بإحكام توجيه البحث العلمي نحو الأولويات الوطنية وتثمين نتائجه مع تنسيق الجهود وتجنب التشتت والحرص على تأسيس مجمعات بحثية وهو توجه يساعد على تحقيق التشبيك المجدي للقدرات البحثية، ويخول ترشيد استعمال الموارد المتوفرة، وضمان تقاسمها على أوسع نطاق، كما تهدف الإستراتيجية إلى دعم ثقافة الجودة وتجذير ثقافة الملكية الفكرية والبراءات التي تعتبر من أبرز الأولويات بما يسمح بحماية نتائج البحث، وتعزيز الشراكة مع مراكز الامتياز على المستوى الدولي، وتعزيز مرونة التصرف والتمويل حسب الأهداف كأساس للأنشطة البحثية، ودعم الشراكة مع المؤسسات الصناعية والاقتصادية. وفسر الوزير أن المقاربة المعتمدة، قائمة على رأس المالي البشري. وأضاف أنه في نفس السياق تم الشروع في إعداد تصور متكامل لتطوير دراسات الدكتوراه بالاعتماد على منهجية تشاركية بما يمكن من تقديم مقترحات تساهم في الرفع من جودتها وتعزيز دورها في البحث العملي اعترافا بمكانتها في تكوين الكفاءات التونسية، إضافة إلى التفكير في آليات تشجيع الباحثين أدبيا وماديا على العمل والابتكار والمبادرة بالاستئناس بالتجارب الرائدة في مجال البحوث التشاركية، والإطلاع على النماذج المعتمدة في انجاز أطروحات الدكتوراه لتمويل المؤسسات، ومراجعة منظومة المنح المسندة.

 وبين بلعيد أنه سيتم العمل أيضا على دعم الآليات المعتمدة لتطوير البحث العلمي بما يسمح بتلبية الحاجيات الوطنية في إطار البرامج المتوفرة والتي تهدف إلى تطوير الجوانب التطبيقية للبحث العملي وإحداث المؤسسات المجددة مع التوجه نحو تصور مشاريع جديدة تهدف إلى تثمين نتائج البحوث الوطنية بالإضافة إلى تنمية الشراكات وتنويعها وتوجيهها نحو الأولويات الوطنية مع الاستفادة من الكفاءات التونسية بالخارج. وأضاف الوزير أنه  لانجاز المشاريع والبرامج المقترحة تم ضبط ميزانية البحث العملي في حدود 204 ملايين و787 ألف دينار وهو ما يمثل 9 بالمائة من مجموع ميزانية الوزارة وأكثر من 46 بالمائة من نفقات قسم الاستثمار. وستخصص الاعتمادات المقترحة حسب قوله لتنمية هياكل البحث بكلفة قدرها 38 مليونا فاصل 7 دينار وهو تمويل مبني على تقييم الأداء بالاعتماد على معايير علمية تركز على الإنتاج العملي والتفتح على المحيط، كما يقترح صلب مشروع ميزانية الوزارة  تخصيص اعتمادات جملية بخمسين مليون دينار لتنمية مشاريع البحث العلمي وتثمين نتائج البحث، وتخصيص اعتمادات قدرها 8 فاصل 5 ملايين دينار لتطوير البنية التحتية لمراكز البحث. ولاحظ أن الاعتمادات المخصصة لهياكل البحث العملي شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا بنسبة فاقت  32 بالمائة وذلك رغم الإكراهات المالية.

ويرى الوزير أنه بالنظر إلى الجهود المبذولة من قبل الجامعات وهياكل البحث والكفاءات فإنه مقتنع بأن تحقيق النقلة المنشودة أمر ممكن وفي المتناول، وهو ما يتجلى في ترتيب الجامعات التونسية في مراكز متقدمة حسب المؤشر العالمي للابتكار ومنها المرتبة العاشرة ضمن 132 دولة من حيث عدد المقالات العملية والتقنية، والمرتبة الخامسة دوليا من حيث عدد الحاصلين على الشهادات الجامعية في العلوم والدراسات الهندسية، والمرتبة 37 دوليا في مجال خلق المعرفة، كما حافظت تونس باعتبارها البلد العربي والإفريقي الوحيد على صفة البلد الشريك في أكبر البرامج البحثية العالمية وأضخمها تمويلا وهو مؤشر تميز واعتراف دولي بجودة منظومة البحث العملي التونسي، حسب قوله.

وأقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي بأن هذه النتائج الايجابية لا تخفي بعض النقائص في علاقة بتثمين نتائج البحث ونقل التكنولوجيا وهو يستوجب تحسين فاعلية تأثير البحث العملي ومزيد التعاون والتفاعل مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي.

الخدمات الجامعية

تطرق الوزير منذر بلعيد إلى ملف الخدمات الجامعية وأكد على أن الطلبة هم محور المنظومة الجامعية والبحثية ولهذا الغرض تضمن برنامج الخدمات الجامعية أهدافا ترمي لتطوير الحياة الجامعية من خلال تحسين مؤشرات أنشطة التكفل بالطالب داخل المحيط الجامعي على مستوى ظروف الإيواء والإعاشة وتمكينه من منح وقروض ومساعدات اجتماعية،إلى جانب التكفل به صحيا وتعزيز صحته النفسية وتمكينه من فرص لصقل شخصيته وتنمية مواهبه داخل الفضاءات الجامعية.

 وذكر أنه تم تخصيص 54 بالمائة من ميزانية الوزارة دون اعتبار التأجير، لبرنامج الخدمات الجامعية. وهو ما يؤكد حسب رأيه المجهود الذي تبذله الدولة لتوفير الظروف الملائمة لدراسة الطالب بما يكفل له حق التعليم خاصة بالنسبة للطلبة من الفئات الضعيفة والمتوسطة. وذكر أنه في إطار الإحاطة الاجتماعية بالطلبة تم تمكين أكثر 142 ألف طالب من المنح والقروض والمساعدات الجامعية بعنوان السنة الجامعية الفارطة أي بنسبة 53 فاصل 25 بالمائة من مجموع الطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية، أما في مجال السكن الجامعي فرغم تزايد الطلب على السكن العمومي ومحدودية طاقة الإيواء ببعض الجهات، توفر الوزارة حاليا قرابة 64 ألف سرير وتبلغ نسبة الإيواء 22 فاصل 47 بالمائة من الطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية بما في ذلك طالبي السكن الاستثنائي، ويتواصل تمكين مكفولي الدولة بالتمتع الآلي بالسكن الجامعي طيلة فترة دراستهم مع إفراد ذوي الإعاقة بظروف رعاية خاصة داخل مؤسسات الإيواء والإطعام وفي هذا السياق تم مؤخرا إصدار منشور تضمن إجراءات خاصة بالطالبة ذوي الإعاقة. وذكر أنه على مستوى الإطعام الجامعي يتم توفير أكثر من 14 مليون أكلة سنويا ورغم ارتفاع الكلفة فقد حافظت الدولة على معلوم مساهمة الطلبة فيها وقدره 200 مليم للوجبة.

الإحاطة النفسية بالطلبة

أما على مستوى الإحاطة النفسية فسيتم العمل حسب قول الوزير منذر بلعيد، على توسيع دائرة الطلبة المستفيدين من خلال القيام بانتدابات جديدة للأخصائيين النفسانيين بالجامعات والمؤسسات ودواوين الخدمات الجامعية، إلى جانب استغلال المنصة الرقمية لتقديم خدمات الإحاطة النفسية عن بعد من عيادات علاجية أو إرشاد وتوجيه .

وبين أنه في مجال الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية يتم العمل على تكثيف التظاهرات الثقافية والرياضية وإحكام تنظيمها بما يعزز الفكر الحر لدى الطالب ويساهم في مكافحة التطرف والاستلاب الفكري. وفسر أنه لبلوغ الهدف المرسوم لهذا البرنامج، تم اقتراح ترسيم إعتمادات جملية لسنة 2025 قدرت بنحو 479 مليونا و589 ألف دينار مقابل 470 مليونا و491 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها واحد فاصل 93 بالمائة موجهة أساسا لدعم نفقات التسيير لمواجهة ارتفاع كلفة الإطعام الجامعي والمناولة في السكن لمجابهة النقص في طاقة استيعاب، وذكر أنه سيتم تخصيص 223 مليون دينار بعنوان المنح الجامعية لفائدة الطلبة أما الاعتمادات المقترحة في قسم الاستثمار فستخصص لتحسين البنية التحتية لمؤسسات الخدمات الجامعية بكلفة جملية قدرها 51 مليونا و420 ألف دينار.

الانتقال الرقمي

وخلال حديثه عن برنامج القيادة والمساندة في مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أشار الوزير خلال الجلسة البرلمانية إلى أن هذا البرنامج يهدف إلى تحسين مختلف أوجه التصرف وإضفاء المزيد من الحوكمة الناجعة من خلال ضمان الجودة والانتقال الرقمي. وبين أن الجهود المبذولة في هذا الإطار أفضت إلى الانخراط في المشاريع الوطنية ذات العلاقة بمراجعة الإجراءات الإدارية لتبسيط علاقة المواطن بالإدارة والتي ستعمل الوزارة على تفعيل مخرجاتها عبر التسريع في إنجاز مشاريع رقمنة الخدمات الإدارية، وتركز منظومة السحاب الرقمي لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي والتي يتم العمل على دعمها بما يسمح بضمان ديمومتها والاستجابة الفعّالة لطلبات مختلف المتدخلين، وإرساء نظام معلوماتي قطاعي مندمج باعتباره أداة هامة للحوكمة والتخطيط والبرمجة والتي ستعمل الوزارة على الانتهاء من بلورته والمرور في أقرب الآجال لمرحلة التنفيذ والانجاز، كما يتواصل العمل على  دعم انخراط الجامعات والمؤسسات  الجامعية ودواوين الخدمات الجامعية والمطاعم الجامعية في تركيز أنظمة الجودة المطابقة للمعايير الدولية، والعمل على استكمال الأطر الترتيبية اللازمة للنظام القانوني الخاص بالمؤسسات الأممية ذات الصبغة العلمية والتكنولوجية بما يسمح بتعميم الانخراط في مسار تحرير النظام القانوني وتعزيز استقلالية هذه المؤسسات وإكسابها لمرونة التصرف. وذكر أنه لتحقيق الأهداف المرسومة لهذا البرامج تم اقتراح ترسيم مبلغ قدره 45 مليونا و525 ألف دينار.

الانتداب في القطاع الخاص

وخلال النقاش أشار فخر الدين فضلون النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة ورئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة إلى أن تونس وصفت بمنارة المعرفة ولم يكن ذلك من فراغ لأن أول جامعة في العالم تأسست في تونس وهي جامعة الزيتونة، لكن للأسف التعليم العالي والبحث العلمي ليس في أفضل الحالات على حد اعتقاده، ومرد ذلك السياسات المرتجلة. وذكر أنه لا يمكن الحديث عن البحث العلمي في وقت يدرّس فيه الأستاذ الجامعي خمس ساعات فقط أسبوعيا وكان من المفروض أن يتم تسخير الوقت المتبقي للبحث العملي وتأطير الطلبة. وأضاف أنه يجب إيجاد حل لتشغيل الدكاترة العاطلين وبين أن النواب قدموا مبادرة تشريعية لتشغيل الدكاترة في الجامعات الخاصة ولكن هذا لا يكفي بل يجب انتدابهم في الوزارات وتشجيعهم على بعث مشاريع خاصة مع منحهم التمويلات اللازمة وإقرار امتيازات للقطاع الخاص لانتداب الدكاترة. وأثار فضلون المشاكل التي ترتبت عن غلق وحدة بحث بالمهدية حيث تم إتلاف العينات التي اشتغل عليها أكثر من 60 باحثا وتساءل عن مآل هذا الملف، وطالب النائب بدعم الرقمنة والترسيم عن بعد والتخلي عن الورق. وقال إن قصر هلال هي عاصمة النسيج لكن المعهد العالي للدراسات التكنولوجية لا علاقة له بالنسيج.

الخدمات الجامعية

 أما النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم علاء غزواني فأشار إلى أن الطلبة يواجهون تحديات كبيرة للحصول على حقهم في التعليم وبين أن هذا الحق في جندوبة يهدر ويبقى في غياهب النسيان. ولاحظ وجود أزمة حقيقية في التعليم العالي وهي حسب رأيه لا تقتصر على البنية التحتية بل تشمل جميع جوانب الحياة الجامعية. ونبه النائب إلى وجود أكثر من 500 طالب في جندوبة لم يتمكنوا هذه السنة الجامعية من الحصول على سكن جامعي، وبين أن مبيتات الجهة متهالكة ولا بد من تشييد مبيتات جديدة وتوسعة المبيتات القديمة. ودعا إلى التسريع في إنجاز مشروع توسعة مبيت المسعدي ومشروع إنشاء مبيت للذكور. وذكر أن المطاعم الجامعية في تونس ومنها مطعم علي بلهوان بجندوبة يعاني فيها الطلبة من تردي جودة الأكلة الجامعية ودعا إلى إعادة تأهيل المطاعم الجامعية وتعيين مشرفين مؤهلين على رأسها لكي يقع تحسين خدماتها. ولاحظ النائب وجود نقص في عدد أساتذة الاختصاص في جامعة جندوبة وطالب بتمكين طلبتها من  دراسة الفلسفة وعلوم الصحة ومناقشة أطروحة الدكتوراه في مختلف الاختصاصات، ودعا إلى تجهيز البنية التحتية ومعالجة مشاكل النقل الجامعي ودعم المؤسسات العلمية والتكنولوجية وبعث مؤسسات جامعية متخصصة في علوم التكنولوجيا. ويرى غزواني أن مدرسة العلوم وتقنيات الصحة في جندوبة يمكن أن تحدث ثورة في المجال الصحي على مستوى الإقليم. وأثار النائب المشاكل التي تواجه الطلبة ذوي الإعاقة ودعا إلى توفير بيئة تعليمة لائقة بالطالب التونسي وتطوير مؤسسات التعليم العالي والبحث العملي ودعم الاستثمار في هذا القطاع.   

بطالة الدكاترة

النائب عن كتلة "لينتصر الشعب" لطفي السعداوي أطنب في الحديث عن ملف الدكاترة المعطلين عن العمل. وبين أن جودة التعليم العالي تعني جودة الصناعة والزراعة وهي تفضي إلى اقتصاد المعرفة، لكن في تونس للأسف مازالت هناك مشكل بطالة الدكاترة وآليات التشغيل الهش إذ تمثل الساعات العرضية آلية من آليات تشغيلهم وهم يحصلون على رواتب تقل عن منحة العائلات المعوزة وفي أغلب الأحيان لا يقع خلاصهم إلا بعد سنتين أو أكثر، كما تم تسقيف عقود الدكاترة بثلاث سنوات كأقصى تقدير . وتساءل النائب كيف لدولة ترفع شعار التعويل على الذات، أن لا تحترم دورية المناظرات فمناظرة 2019 فتحت سنة 2021 ومناظرة 2020 نزّلت سنة 2024 وهو ما راكم عدد الدكاترة، ثم عدد الخطط المفتوحة صغير جدا وهناك اختصاصات لم تشملها المناظرات. ولاحظ أن الدكتور المتعاقد يدرّس ويؤطر ويشرف على نقاش رسائل التخرج ويعدّ الامتحانات ويصلحها لكن عند فتح المناظرة يقع التشكيك في كفاءته. ويرى النائب أنه من الأفضل تحويل الساعات العرضية والإضافية والعقود الهشة إلى خطط انتداب. وتساءل عن سبب حرمان الدكتور الباحث المعطل  من منحة التحفيز على البحث، ولماذا يسقف عقده ليجد نفسه خارج أسوار الجامعة ثم يطلب منه إعداد ملف علمي لكي يشارك في المناظرة ويدخل في منافسة غير عادلة مع مبرّز يشتغل بكلية ومع ملحق وأستاذ ثانوي. وبين أنه ليست هناك حاجة للإلحاق في ظل وجود تخمة من الدكاترة في كل الاختصاصات، واستفسر عن سبب اعتماد الوزارة آلية الفرز في مناظرة الأساتذة المساعدين بعد أن تكبد الدكاترة كلفة إعداد الملف الورقي والتي تصل إلى ألف دينار ثم يجد الدكتور نفسه مفروزا قبل التناظر، ولماذا انتفت عن المناظرات صفة الدورية، وما الداعي لإرجاع 56 خطة في مناظرة 2019 و35 خطة في مناظرة 2020، ووصف النائب ما يتعرض له الدكاترة بالعبودية لأن الجامعة تستغل الباحثين منهم في التدريس بنظام الساعات العرضية وتسقف لهم عقود التدريس ولا يتجاوز أجر الدكتور الباحث الشهري الصافي 1160 دينارا ولا يتم صرفه في الآجال. وذكر أنه رغم ما آلت إليه وضعية الدكاترة من تهميش وما حف بمناظرة انتداب الأساتذة المساعدين من شبهات فساد ومحاباة، فإن الوزارة تقدمها كحل سحري لمشكل البطالة والحال أن هذه المناظرة هي نكبة بالنسبة للدكاترة المعطلين.

 كما تحدث النائب عن منصة قاعدة البيانات للدكاترة الباحثين التي فتحتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يوم 25 أكتوبر الماضي. وبين أنه كان من الأفضل ألا تتجاوز مدة التسجيل فيها 10 أيام لكن التسجيل سيتواصل إلى موفى شهر نوفمبر الجاري، وتساءل ماذا سيتم بعد انتهاء فترة التسجيل في تلك المنصة لأن الدكاترة يطالبون بتشغيلهم ويريدون أن يقع عقد مجلس وزراء لهذا الغرض.  واستفسر النائب عن مآل انتداب 600 خطة في إطار اتفاقية سنة 2021 وعن 800 خطة انتداب في وزارة التعليم العالي ولماذا لم يقع تفعيلها ضمن ميزانية 2025 واعتبر ما يحدث في الوزارة في علاقة بملف الدكاترة غير مطمئن. 

تكوين إضافي

وتحدثت نائبة رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم زكية المعروفي عن عدم تكافؤ الفرص بين طلبة الجامعات العمومية وطلبة مؤسسات التعليم العالي الخاص وتساءلت عن سبب تواصل اعتماد دليل التوجيه الجامعي وطالبت بدعم المؤسسات العمومية لأنها أصبحت في طريق الاندثار وقالت إنه من غير المنطقي الاقتصار على تدريس الاختصاصات التقليدية ويجب تمتيع الطلبة بتكوين إضافي لدعم مهاراتهم وفتح آفاق جديدة أمامهم..   

هندسة النخيل

وبين النائب عن كتلة "الخط الوطني السيادي" الطاهر منصور أن ولاية قبلي رغم مساهمتها في الاستثمار ليس فيها سوى مؤسسة تعليم عال وحيدة في بناية شاسعة لكن لم يقع تثمينها على الوجه الأكمل. ودعا إلى إحداث معهد عال للفلاحة الواحية والصحراوية في قبلي، ودعم البحث العلمي في التمور، وبعث اختصاص هندسة النخيل بالاستئناس بالتجارب المقارنة. وأضاف أنه يجب دعم البحث في مجال الطاقات المتجددة والطاقة الكهربائية وتساءل عن سبب العدول عن إحداث فرع لمدينة العلوم في قبلي وطالب بتركيز هذا الفرع.

الجامعات الخاصة

ودعت هدى الجلاصي النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى تحسين الخدمات الجامعية من بنية تحتية ومرافق داخل المؤسسات الجامعية وإضافة مواد تدريس جديدة تواكب العصر، والاهتمام بمنظومة البحث العلم وتفعيل مخرجاتها من خلال التعاون مع القطاع الخاص، والتفكير في استحداث جامعات تكنولوجية مزودة بمصانع وورش عمل مجهزة بأحدث الوسائط التكنولوجية وأحدث النظم العالمية والمراوحة فيها بين التكوين النظري والتطبيقي، ودعم النقل الجامعي. ولاحظت الجلاصي أن قطاع التعليم الخاص يحقق أرباحا طائلة ويمنح خريجيه امتيازات تضاهي خريجي الجامعات العمومية ومنها المشاركة في المناظرات بعد الحصول على معادلة وتساءلت عن الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة وخطتها الرقابية لضمان جودة التعليم العالي الخاص وضمان تكافؤ الفرص بين خريجي الجامعات العمومية ونظرائهم في الجامعات الخاصة في ظل اختلاف الإمكانيات المتوفرة.  

كتاب أبيض              

وإضافة إلى حديثه عن إصلاح نظام "إمد"، وتعقيبا على مداخلات أعضاء الغرفتين النيابيتين تطرق وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى التكوين الجامعي ودعم التشغيلية، والبحث العلمي والتجديد، والخدمات الجامعية. وفي علاقة بالتكوين الهندسي بين أنه سيتم قريبا نشر الكتاب الأبيض الذي يتضمن إستراتيجية الوزارة في التكوين الهندسي في القطاعين . وبخصوص الاستشارة الوطنية للتربية والتعليم بين أن اللجنة التي تم إحداثها تعمل حاليا على صياغة التقرير النهائي لضبط التوجهات المستقبلية وتحديد أرضية عمل المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

أما بالنسبة للخدمات الجامعية فأشار إلى أن الوزارة تعمل على تحسين مضامين الأمر المنظم للهياكل الجامعية وستشمل التنقيحات عدد التسجيلات المخولة للطلبة في حق السكن، ومراجعة النصوص المنظمة لإسناد المنح. وبخصوص المشاريع المبرمجة في جندوبة فهي تتمثل في توسعة مبيت المسعدي وتهيئة مبيت بلاريجيا وتهيئة المطعم الجامعي علي بلهوان. وبين الوزير أن المطاعم الجامعية تقدم أكلة صحية وأكد على وجود رقابة مستمرة لهده المطاعم. وردا على النواب الراغبين في توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح الجامعية بين أن الوزارة واعية بمراجعة الإطار الترتيبي ويجري العمل على إعداد مشروع يولي الأولوية لأبناء العائلات محدودة الدخل وذوي الحاجيات الخصوصية.

منصة رقمية

وأجاب الوزير عن أسئلة كثيرة تعلقت بالدكاترة المعطلين عن العمل وبين أنه لمعالجة هذا الملف تم إنشاء منصة رقمية لتحديد عددهم بدقة وحصر الاختصاصات والإطلاع على وضعيتهم الاجتماعية بما سيمكن من إيجاد الحلول القابلة للتفعيل خاصة الانصهار في المؤسسات التي تتولى تأمين مهام البحث والتجديد. ويتم العمل على إعداد مشروع أمر حكومي يتعلق بأحكام خاصة بالهياكل المكلفة بالبحوث والدراسات بالإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية وتنقيح الأمر عدد 4259 لينة 2013 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بسلك الباحثين التابعين للمؤسسات العمومية للبحث العملي لفتح المجال أمام حاملي شهادات الدكتوراه للانتداب والاستفادة من قدراتهم البحثية في المؤسسات العمومية والمنشآت والوزارات بصفة باحث.

وبخصوص الفساد في المنظرات قال انه تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لدعم الشفافية منها إعداد شبكة تقييم بصفة مسبقة وقبل نظر اللجان في الملفات. وأكد بلعيد على عزم الوزارة على تطبيق مبادئ العدالة والنزاهة في كافة المناظرات وقال بعبارات قاطعة لن نسمح بارتكاب تجاوزات. ولوح باتخاذ إجراءات ردعية ضد كل من يتورط في أعمال فساد وأكد على مواصلة تعزيز النزاهة بالاعتماد على منظومات رقمية.

وفي علاقة بالبحث العملي بين الوزير أنه تم الشروع في إعداد إستراتيجية وطنية في الغرض ووضع تصور حول حوكمة هياكل البحث وتشريك الكفاءات التونسية بالخارج في تطوير البحث والإسهام في تأطير الطلبة.

سعيدة بوهلال     

في مناقشة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في البرلمان..   مطالبة بمراجعة الخارطة الجامعية ومكافحة الفساد في المناظرات والترقيات

 

 

وزير التعليم العالي والبحث العلمي:   قررنا القيام بإصلاحات عاجلة لنظام "إمد"

  • دعم ثقافة المبادرة عبر تعميم أقطاب الطالب المبادر في جميع الجامعات

ـ النواب يطالبون بالحد من نزيف هجرة الأدمغة وانتداب الدكاترة المعطلين عن العمل وتوسيع قاعدة المنتفعين بالمنح الجامعية

تونس: الصباح

قال منذر بلعيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي إنه في إطار تنفيذ سياسة الدولة في إصلاح التربية والتعليم قررت الوزارة القيام بإصلاحات عاجلة لنظام "إمد". وأضاف أمس خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم انعقدت بقصر باردو للنظر في مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2025 أنه تم القيام بإعادة صياغة محتوى التكوين في اتجاه تجاوز النقائص التي تمت ملاحظتها في هذا النظام، وبين أنه يجري العمل حاليا على مراجعة المواد الأفقية الموجودة في الإجازة بإدراج وحدات تمكن الطلبة من مهارات إضافية وتدعم فرص التشغيل لديهم وذكر أنه تم القيام بدارسة معمقة ذات طابع كمي ونوعي لنظام "إمد".

 وطالب العديد من نواب الغرفتين بإصلاح نظام "إمد" وتطوير التكوين الجامعي وملامته مع متطلبات سوق الشغل ودعم انفتاح الجامعية التونسية على محيطها الاقتصادي والعمل على تحسين مهارات الطلبة والارتقاء بجودة الخدمات الجامعية والترفيع في نسبة الطلبة المتمتعين بالسكن الجامعي والمنح، ومراجعة الخارطة الجامعية وتقييم تشغيلية الاختصاصات المتوفرة وإيجاد حلول عاجلة لظاهرة هجرة الأدمغة وفتح مناظرات لانتداب الدكاترة المعطلين عن العمل ودعم مخابر البحت العلمي وتقييم منظومة التعليم العالي الخاص وتحسين أجور الجامعيين ومكافحة الفساد في مناظرات الانتداب والترقيات والإنصات للهياكل النقابية..  

توجهات كبرى

وقبل نقاش مشروع الميزانية أشار الوزير منذر بلعيد إلى أن أهم توجهات قطاع التعليم العالي والبحث العملي اليوم، تتمثل في توفير الإمكانيات الضرورية لتحسين جودة التعليم وتطوير البحث العلمي طبقا لمقتضيات الفصلين 44 و45 من الدستور، ومجابهة مرحلة تتسم بالعديد من الضغوطات والتحديات ذات الصلة بمحدودية الموارد، وتفاوت جاذبية التكوين، وضعف نسبة التشغيل. وذكر أنه من الضروري أن يعمل  الجميع على كسب الرهانات عبر مواصلة النهوض بالقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي والرفع من طاقته التشغيلية. ولاحظ أن استراتيجيات الدولة خلال هذه الفترة ترتكز على مزيد تحسين مناخ الأعمال واعتماد اليقظة المستمرة في متابعة موقع تونس في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والتجديد التكنولوجي والسعي لمزيد الأخذ بناصية العلوم وتملك التقنيات الحديثة.

وقدّم الوزير منذر بلعيد في بداية الجلسة العامة الملامح الكبرى لمشروع ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي للسنة القادمة والمتكونة من 4 برامج وهي: برنامج التعليم العالي الذي يرمي إلى إرساء منظومة تكوين متطورة تستجيب للمعايير الدولية ويكون لها دور ريادي في التنمية المجتمعية، وبرنامج البحث العلمي الذي يهدف إلى إرساء منظومة بحث وتجديد متطورة تستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة واقتصاد المعرفة، وبرنامج الخدمات الجامعية الذي يهدف حسب وصفه إلى بناء حياة جامعية معززة للتنمية الذاتية للطالب وحاضنة للإبداع، وأخيرا برنامج القيادة والساندة الذي يعنى بإضفاء مزيد من الحوكمة على الإجراءات ومختلف أوجه التصرف عبر الرقمنة بما يسمح بمكافحة الفساد.

أرقام الميزانية

وبين وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن تقديرات مشروع ميزانية الوزارة بلغت 2293 مليونا و393 ألف دينار مقابل 2277 مليونا و238 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها 16 مليونا و155 ألف دينار. وأضاف أن اعتمادات قسم التأجير تمثل 71 فاصل 13 بالمائة، أما اعتمادات قسم التسيير فتمثل 5 بالمائة، واعتمادات التدخلات تمثل 12 فاصل 45 بالمائة، واعتمادات قسم الاستثمار تمثل 11 فاصل 38 بالمائة. وذكر أن برنامج التعليم العالي يرمي إلى إرساء منظومة تكوين متطورة تستجيب للمعايير الدولية ولها دور ريادي في التنمية المجتمعية عبر تطوير جودة التكوين الجامعي ودعم تشغيلية الخريجين مع مزيد حوكمة القطاع الخاص ومتابعته. وأشار إلى أنه انطلاقا من الترابط العضوي بين جودة التكوين والتشغيل سيتم التركيز على مواصلة التمشي الرامي إلى إصلاح التكوين الجامعي وتطويره ودعم تشغيلية خرجي التعليم العالي والذي أفضى إلى إعداد دليل مرجعي جديد للتأهيل يمكّن من إعادة صياغة جملة عروض التكوين بما يتماشى مع نموذج مجدد قادر على التجميع والتحول والتأثير، ويمكّن من تحسين الجودة بشكل ملموس من خلال دعم تمكين كل خريج من المهارات الوظيفية والذاتية التي ستساعده على الاندماج المهني السليم، وإعادة صياغة محتوى التكوين بالاعتماد على طرق تعليمية مرتبطة بشكل وثيق بالمهارات الأساسية للاختصاص والمهارات الأفقية واتخاذ هندسة التكوين كوسيلة منهجية علمية ناجعة تربط أهداف عرض التكوين بمتطلبات المهنة المستهدفة، مع التوجه نحو دعم المجالات الواعدة بما يسمح بالترفيع في نسب تشغيلية خريجي التعليم العالي ضمن منوال تنموي يتجه بالأساس للاستثمار في المعرفة. وأشار إلى أنه في نفس الإطار يتم العمل على تطوير شبكة مراكز المهن وإشهاد الكفاءات المحدثة بمختلف المؤسسات الجامعية. وبين أن الجهود ستتركز أيضا على دعم ثقافة المبادرة عبر تعميم أقطاب الطالب المبادر في جميع الجامعات وسيتم بالتوازي مع ذلك تحيين نظام الطالب المبادر، وتدعيم دور الجامعة في بعث المشاريع وتجديدها بهدف تجسيم مفهوم الجامعة المبادرة.

استبيان

وأشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد إلى أنه بهدف تفعيل مساهمة القطاع في تنمية الموارد البشرية تم مؤخرا الانتهاء من انجاز استبيان لدى حاملي شهادة الباكالوريا لسنة 2024 لمعرفة المعارف المكتسبة، بما يمكّن من تطوير المهارات ومراجعة المواد الأفقية المدرجة صلب مسالك الإجازة في سبيل دعم المهارات الذاتية للطلبة وتنمية فرص التشغيل لديهم، وسيتواصل العمل على تنظيم دورات لتكوين المكونين في مجال المبادرة خاصة بعد أن لمست الوزارة تحقيق نتائج واضحة على مستوى جاذبية التكوين الأفقي المقدم في مجال المبادرة لدعم التشغيلية.

 وقال الوزير إنه من حيث ترسيخ ثقافة الجودة والاعتماد، وإثر العمل على توحيد نظام للتقييم والاعتماد بالتعليم العالي والبحث العلمي والذي أفضى لإحداث الوكالة التونسية للتقييم والاعتماد في التعليم العالي والبحث العلمي كهيكل وحيد يتولى هذه المهام، فإن الوزارة ستحرص على تفعيل هياكل الوكالة سواء العلمية منها أو المتصلة بالتسيير والحوكمة بما يسمح بمباشرة الأعمال الموكلة لها في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى الدفع في اتجاه مزيد الانخراط في مسار الاعتماد الأكاديمي الدولي والمحلي وفسر أن أغلب الجامعات انخرطت في هذا المسار وتحصلت جميع كليات الطب وعدة مسالك تكوين هندسي على الاعتماد الأكاديمي الدولي.

التعليم الخاص

ولدى حديثه عن التعليم العالي الخاص بين وزير التعليم العالي والبحث العملي منذر بلعيد أنه سيتم استحداث الأطر القانونية والترتيبية، ومزيد التنسيق مع الوزارات الشريكة بما يسمح بإعداد دراسة تضبط بدقة الحاجيات من التكوين، وتمكّن من تجاوز مختلف الإشكاليات العالقة، وقال إن هاجس الوزارة في علاقة بقطاع التعليم العالي سواء العمومي أو الخاص يبقى ضمان إشعاع الشهادات الوطنية على المستوى الدولي واستعادة صورة تونس كمنارة علمية في إطار مسار التصحيح والبناء. وذكر أنه لبلوغ هذه الأهداف وانجاز المشاريع المبرمجة فقد تم اقتراح تخصيص إعتمادات دفع بعنوان سنة 2025 لبرنامج التعليم العالي قدرها 1563 مليونا و492 ألف دينار مقابل 1528 مليونا و772 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها 2 فاصل 27 بالمائة. وذكر أن الميزانية المخصصة لبرنامج التعليم العالي تمثل 68 بالمائة، وسيتم تخصيص 59 مليون دينار لتحسين البنية التحتية لمؤسسات التعليم العالي و12 مليون دينار لاقتناء تجهيزات علمية لفائدة المؤسسات الجامعية.

اقتصاد المعرفة 

وأشار الوزير منذر بلعيد إلى أن جهود التعليم العالي تتكامل مع خيار دعم البحث العلمي وتثمين نتائجه بما يسمح بإرساء اقتصاد المعرفة، خاصة وأن تونس تزخر بالكفاءات والهياكل والمؤسسات. ويتمثل الهدف الاستراتجي للبحث العلمي حسب قوله في بناء منظومة بحث وتجديد متطورة تستجيب لأولويات التنمية المستدامة ومقتضيات اقتصاد المعرفة وذلك عبر تركيز الجهود على ضبط إستراتيجية قائمة على الدراسات الإستشرافية واليقظة التكنولوجية والقدرة على التقييم الذاتي الذي يسمح بإحكام توجيه البحث العلمي نحو الأولويات الوطنية وتثمين نتائجه مع تنسيق الجهود وتجنب التشتت والحرص على تأسيس مجمعات بحثية وهو توجه يساعد على تحقيق التشبيك المجدي للقدرات البحثية، ويخول ترشيد استعمال الموارد المتوفرة، وضمان تقاسمها على أوسع نطاق، كما تهدف الإستراتيجية إلى دعم ثقافة الجودة وتجذير ثقافة الملكية الفكرية والبراءات التي تعتبر من أبرز الأولويات بما يسمح بحماية نتائج البحث، وتعزيز الشراكة مع مراكز الامتياز على المستوى الدولي، وتعزيز مرونة التصرف والتمويل حسب الأهداف كأساس للأنشطة البحثية، ودعم الشراكة مع المؤسسات الصناعية والاقتصادية. وفسر الوزير أن المقاربة المعتمدة، قائمة على رأس المالي البشري. وأضاف أنه في نفس السياق تم الشروع في إعداد تصور متكامل لتطوير دراسات الدكتوراه بالاعتماد على منهجية تشاركية بما يمكن من تقديم مقترحات تساهم في الرفع من جودتها وتعزيز دورها في البحث العملي اعترافا بمكانتها في تكوين الكفاءات التونسية، إضافة إلى التفكير في آليات تشجيع الباحثين أدبيا وماديا على العمل والابتكار والمبادرة بالاستئناس بالتجارب الرائدة في مجال البحوث التشاركية، والإطلاع على النماذج المعتمدة في انجاز أطروحات الدكتوراه لتمويل المؤسسات، ومراجعة منظومة المنح المسندة.

 وبين بلعيد أنه سيتم العمل أيضا على دعم الآليات المعتمدة لتطوير البحث العلمي بما يسمح بتلبية الحاجيات الوطنية في إطار البرامج المتوفرة والتي تهدف إلى تطوير الجوانب التطبيقية للبحث العملي وإحداث المؤسسات المجددة مع التوجه نحو تصور مشاريع جديدة تهدف إلى تثمين نتائج البحوث الوطنية بالإضافة إلى تنمية الشراكات وتنويعها وتوجيهها نحو الأولويات الوطنية مع الاستفادة من الكفاءات التونسية بالخارج. وأضاف الوزير أنه  لانجاز المشاريع والبرامج المقترحة تم ضبط ميزانية البحث العملي في حدود 204 ملايين و787 ألف دينار وهو ما يمثل 9 بالمائة من مجموع ميزانية الوزارة وأكثر من 46 بالمائة من نفقات قسم الاستثمار. وستخصص الاعتمادات المقترحة حسب قوله لتنمية هياكل البحث بكلفة قدرها 38 مليونا فاصل 7 دينار وهو تمويل مبني على تقييم الأداء بالاعتماد على معايير علمية تركز على الإنتاج العملي والتفتح على المحيط، كما يقترح صلب مشروع ميزانية الوزارة  تخصيص اعتمادات جملية بخمسين مليون دينار لتنمية مشاريع البحث العلمي وتثمين نتائج البحث، وتخصيص اعتمادات قدرها 8 فاصل 5 ملايين دينار لتطوير البنية التحتية لمراكز البحث. ولاحظ أن الاعتمادات المخصصة لهياكل البحث العملي شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا بنسبة فاقت  32 بالمائة وذلك رغم الإكراهات المالية.

ويرى الوزير أنه بالنظر إلى الجهود المبذولة من قبل الجامعات وهياكل البحث والكفاءات فإنه مقتنع بأن تحقيق النقلة المنشودة أمر ممكن وفي المتناول، وهو ما يتجلى في ترتيب الجامعات التونسية في مراكز متقدمة حسب المؤشر العالمي للابتكار ومنها المرتبة العاشرة ضمن 132 دولة من حيث عدد المقالات العملية والتقنية، والمرتبة الخامسة دوليا من حيث عدد الحاصلين على الشهادات الجامعية في العلوم والدراسات الهندسية، والمرتبة 37 دوليا في مجال خلق المعرفة، كما حافظت تونس باعتبارها البلد العربي والإفريقي الوحيد على صفة البلد الشريك في أكبر البرامج البحثية العالمية وأضخمها تمويلا وهو مؤشر تميز واعتراف دولي بجودة منظومة البحث العملي التونسي، حسب قوله.

وأقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي بأن هذه النتائج الايجابية لا تخفي بعض النقائص في علاقة بتثمين نتائج البحث ونقل التكنولوجيا وهو يستوجب تحسين فاعلية تأثير البحث العملي ومزيد التعاون والتفاعل مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي.

الخدمات الجامعية

تطرق الوزير منذر بلعيد إلى ملف الخدمات الجامعية وأكد على أن الطلبة هم محور المنظومة الجامعية والبحثية ولهذا الغرض تضمن برنامج الخدمات الجامعية أهدافا ترمي لتطوير الحياة الجامعية من خلال تحسين مؤشرات أنشطة التكفل بالطالب داخل المحيط الجامعي على مستوى ظروف الإيواء والإعاشة وتمكينه من منح وقروض ومساعدات اجتماعية،إلى جانب التكفل به صحيا وتعزيز صحته النفسية وتمكينه من فرص لصقل شخصيته وتنمية مواهبه داخل الفضاءات الجامعية.

 وذكر أنه تم تخصيص 54 بالمائة من ميزانية الوزارة دون اعتبار التأجير، لبرنامج الخدمات الجامعية. وهو ما يؤكد حسب رأيه المجهود الذي تبذله الدولة لتوفير الظروف الملائمة لدراسة الطالب بما يكفل له حق التعليم خاصة بالنسبة للطلبة من الفئات الضعيفة والمتوسطة. وذكر أنه في إطار الإحاطة الاجتماعية بالطلبة تم تمكين أكثر 142 ألف طالب من المنح والقروض والمساعدات الجامعية بعنوان السنة الجامعية الفارطة أي بنسبة 53 فاصل 25 بالمائة من مجموع الطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية، أما في مجال السكن الجامعي فرغم تزايد الطلب على السكن العمومي ومحدودية طاقة الإيواء ببعض الجهات، توفر الوزارة حاليا قرابة 64 ألف سرير وتبلغ نسبة الإيواء 22 فاصل 47 بالمائة من الطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية بما في ذلك طالبي السكن الاستثنائي، ويتواصل تمكين مكفولي الدولة بالتمتع الآلي بالسكن الجامعي طيلة فترة دراستهم مع إفراد ذوي الإعاقة بظروف رعاية خاصة داخل مؤسسات الإيواء والإطعام وفي هذا السياق تم مؤخرا إصدار منشور تضمن إجراءات خاصة بالطالبة ذوي الإعاقة. وذكر أنه على مستوى الإطعام الجامعي يتم توفير أكثر من 14 مليون أكلة سنويا ورغم ارتفاع الكلفة فقد حافظت الدولة على معلوم مساهمة الطلبة فيها وقدره 200 مليم للوجبة.

الإحاطة النفسية بالطلبة

أما على مستوى الإحاطة النفسية فسيتم العمل حسب قول الوزير منذر بلعيد، على توسيع دائرة الطلبة المستفيدين من خلال القيام بانتدابات جديدة للأخصائيين النفسانيين بالجامعات والمؤسسات ودواوين الخدمات الجامعية، إلى جانب استغلال المنصة الرقمية لتقديم خدمات الإحاطة النفسية عن بعد من عيادات علاجية أو إرشاد وتوجيه .

وبين أنه في مجال الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية يتم العمل على تكثيف التظاهرات الثقافية والرياضية وإحكام تنظيمها بما يعزز الفكر الحر لدى الطالب ويساهم في مكافحة التطرف والاستلاب الفكري. وفسر أنه لبلوغ الهدف المرسوم لهذا البرنامج، تم اقتراح ترسيم إعتمادات جملية لسنة 2025 قدرت بنحو 479 مليونا و589 ألف دينار مقابل 470 مليونا و491 ألف دينار سنة 2024 أي بزيادة قدرها واحد فاصل 93 بالمائة موجهة أساسا لدعم نفقات التسيير لمواجهة ارتفاع كلفة الإطعام الجامعي والمناولة في السكن لمجابهة النقص في طاقة استيعاب، وذكر أنه سيتم تخصيص 223 مليون دينار بعنوان المنح الجامعية لفائدة الطلبة أما الاعتمادات المقترحة في قسم الاستثمار فستخصص لتحسين البنية التحتية لمؤسسات الخدمات الجامعية بكلفة جملية قدرها 51 مليونا و420 ألف دينار.

الانتقال الرقمي

وخلال حديثه عن برنامج القيادة والمساندة في مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أشار الوزير خلال الجلسة البرلمانية إلى أن هذا البرنامج يهدف إلى تحسين مختلف أوجه التصرف وإضفاء المزيد من الحوكمة الناجعة من خلال ضمان الجودة والانتقال الرقمي. وبين أن الجهود المبذولة في هذا الإطار أفضت إلى الانخراط في المشاريع الوطنية ذات العلاقة بمراجعة الإجراءات الإدارية لتبسيط علاقة المواطن بالإدارة والتي ستعمل الوزارة على تفعيل مخرجاتها عبر التسريع في إنجاز مشاريع رقمنة الخدمات الإدارية، وتركز منظومة السحاب الرقمي لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي والتي يتم العمل على دعمها بما يسمح بضمان ديمومتها والاستجابة الفعّالة لطلبات مختلف المتدخلين، وإرساء نظام معلوماتي قطاعي مندمج باعتباره أداة هامة للحوكمة والتخطيط والبرمجة والتي ستعمل الوزارة على الانتهاء من بلورته والمرور في أقرب الآجال لمرحلة التنفيذ والانجاز، كما يتواصل العمل على  دعم انخراط الجامعات والمؤسسات  الجامعية ودواوين الخدمات الجامعية والمطاعم الجامعية في تركيز أنظمة الجودة المطابقة للمعايير الدولية، والعمل على استكمال الأطر الترتيبية اللازمة للنظام القانوني الخاص بالمؤسسات الأممية ذات الصبغة العلمية والتكنولوجية بما يسمح بتعميم الانخراط في مسار تحرير النظام القانوني وتعزيز استقلالية هذه المؤسسات وإكسابها لمرونة التصرف. وذكر أنه لتحقيق الأهداف المرسومة لهذا البرامج تم اقتراح ترسيم مبلغ قدره 45 مليونا و525 ألف دينار.

الانتداب في القطاع الخاص

وخلال النقاش أشار فخر الدين فضلون النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة ورئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة إلى أن تونس وصفت بمنارة المعرفة ولم يكن ذلك من فراغ لأن أول جامعة في العالم تأسست في تونس وهي جامعة الزيتونة، لكن للأسف التعليم العالي والبحث العلمي ليس في أفضل الحالات على حد اعتقاده، ومرد ذلك السياسات المرتجلة. وذكر أنه لا يمكن الحديث عن البحث العلمي في وقت يدرّس فيه الأستاذ الجامعي خمس ساعات فقط أسبوعيا وكان من المفروض أن يتم تسخير الوقت المتبقي للبحث العملي وتأطير الطلبة. وأضاف أنه يجب إيجاد حل لتشغيل الدكاترة العاطلين وبين أن النواب قدموا مبادرة تشريعية لتشغيل الدكاترة في الجامعات الخاصة ولكن هذا لا يكفي بل يجب انتدابهم في الوزارات وتشجيعهم على بعث مشاريع خاصة مع منحهم التمويلات اللازمة وإقرار امتيازات للقطاع الخاص لانتداب الدكاترة. وأثار فضلون المشاكل التي ترتبت عن غلق وحدة بحث بالمهدية حيث تم إتلاف العينات التي اشتغل عليها أكثر من 60 باحثا وتساءل عن مآل هذا الملف، وطالب النائب بدعم الرقمنة والترسيم عن بعد والتخلي عن الورق. وقال إن قصر هلال هي عاصمة النسيج لكن المعهد العالي للدراسات التكنولوجية لا علاقة له بالنسيج.

الخدمات الجامعية

 أما النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم علاء غزواني فأشار إلى أن الطلبة يواجهون تحديات كبيرة للحصول على حقهم في التعليم وبين أن هذا الحق في جندوبة يهدر ويبقى في غياهب النسيان. ولاحظ وجود أزمة حقيقية في التعليم العالي وهي حسب رأيه لا تقتصر على البنية التحتية بل تشمل جميع جوانب الحياة الجامعية. ونبه النائب إلى وجود أكثر من 500 طالب في جندوبة لم يتمكنوا هذه السنة الجامعية من الحصول على سكن جامعي، وبين أن مبيتات الجهة متهالكة ولا بد من تشييد مبيتات جديدة وتوسعة المبيتات القديمة. ودعا إلى التسريع في إنجاز مشروع توسعة مبيت المسعدي ومشروع إنشاء مبيت للذكور. وذكر أن المطاعم الجامعية في تونس ومنها مطعم علي بلهوان بجندوبة يعاني فيها الطلبة من تردي جودة الأكلة الجامعية ودعا إلى إعادة تأهيل المطاعم الجامعية وتعيين مشرفين مؤهلين على رأسها لكي يقع تحسين خدماتها. ولاحظ النائب وجود نقص في عدد أساتذة الاختصاص في جامعة جندوبة وطالب بتمكين طلبتها من  دراسة الفلسفة وعلوم الصحة ومناقشة أطروحة الدكتوراه في مختلف الاختصاصات، ودعا إلى تجهيز البنية التحتية ومعالجة مشاكل النقل الجامعي ودعم المؤسسات العلمية والتكنولوجية وبعث مؤسسات جامعية متخصصة في علوم التكنولوجيا. ويرى غزواني أن مدرسة العلوم وتقنيات الصحة في جندوبة يمكن أن تحدث ثورة في المجال الصحي على مستوى الإقليم. وأثار النائب المشاكل التي تواجه الطلبة ذوي الإعاقة ودعا إلى توفير بيئة تعليمة لائقة بالطالب التونسي وتطوير مؤسسات التعليم العالي والبحث العملي ودعم الاستثمار في هذا القطاع.   

بطالة الدكاترة

النائب عن كتلة "لينتصر الشعب" لطفي السعداوي أطنب في الحديث عن ملف الدكاترة المعطلين عن العمل. وبين أن جودة التعليم العالي تعني جودة الصناعة والزراعة وهي تفضي إلى اقتصاد المعرفة، لكن في تونس للأسف مازالت هناك مشكل بطالة الدكاترة وآليات التشغيل الهش إذ تمثل الساعات العرضية آلية من آليات تشغيلهم وهم يحصلون على رواتب تقل عن منحة العائلات المعوزة وفي أغلب الأحيان لا يقع خلاصهم إلا بعد سنتين أو أكثر، كما تم تسقيف عقود الدكاترة بثلاث سنوات كأقصى تقدير . وتساءل النائب كيف لدولة ترفع شعار التعويل على الذات، أن لا تحترم دورية المناظرات فمناظرة 2019 فتحت سنة 2021 ومناظرة 2020 نزّلت سنة 2024 وهو ما راكم عدد الدكاترة، ثم عدد الخطط المفتوحة صغير جدا وهناك اختصاصات لم تشملها المناظرات. ولاحظ أن الدكتور المتعاقد يدرّس ويؤطر ويشرف على نقاش رسائل التخرج ويعدّ الامتحانات ويصلحها لكن عند فتح المناظرة يقع التشكيك في كفاءته. ويرى النائب أنه من الأفضل تحويل الساعات العرضية والإضافية والعقود الهشة إلى خطط انتداب. وتساءل عن سبب حرمان الدكتور الباحث المعطل  من منحة التحفيز على البحث، ولماذا يسقف عقده ليجد نفسه خارج أسوار الجامعة ثم يطلب منه إعداد ملف علمي لكي يشارك في المناظرة ويدخل في منافسة غير عادلة مع مبرّز يشتغل بكلية ومع ملحق وأستاذ ثانوي. وبين أنه ليست هناك حاجة للإلحاق في ظل وجود تخمة من الدكاترة في كل الاختصاصات، واستفسر عن سبب اعتماد الوزارة آلية الفرز في مناظرة الأساتذة المساعدين بعد أن تكبد الدكاترة كلفة إعداد الملف الورقي والتي تصل إلى ألف دينار ثم يجد الدكتور نفسه مفروزا قبل التناظر، ولماذا انتفت عن المناظرات صفة الدورية، وما الداعي لإرجاع 56 خطة في مناظرة 2019 و35 خطة في مناظرة 2020، ووصف النائب ما يتعرض له الدكاترة بالعبودية لأن الجامعة تستغل الباحثين منهم في التدريس بنظام الساعات العرضية وتسقف لهم عقود التدريس ولا يتجاوز أجر الدكتور الباحث الشهري الصافي 1160 دينارا ولا يتم صرفه في الآجال. وذكر أنه رغم ما آلت إليه وضعية الدكاترة من تهميش وما حف بمناظرة انتداب الأساتذة المساعدين من شبهات فساد ومحاباة، فإن الوزارة تقدمها كحل سحري لمشكل البطالة والحال أن هذه المناظرة هي نكبة بالنسبة للدكاترة المعطلين.

 كما تحدث النائب عن منصة قاعدة البيانات للدكاترة الباحثين التي فتحتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يوم 25 أكتوبر الماضي. وبين أنه كان من الأفضل ألا تتجاوز مدة التسجيل فيها 10 أيام لكن التسجيل سيتواصل إلى موفى شهر نوفمبر الجاري، وتساءل ماذا سيتم بعد انتهاء فترة التسجيل في تلك المنصة لأن الدكاترة يطالبون بتشغيلهم ويريدون أن يقع عقد مجلس وزراء لهذا الغرض.  واستفسر النائب عن مآل انتداب 600 خطة في إطار اتفاقية سنة 2021 وعن 800 خطة انتداب في وزارة التعليم العالي ولماذا لم يقع تفعيلها ضمن ميزانية 2025 واعتبر ما يحدث في الوزارة في علاقة بملف الدكاترة غير مطمئن. 

تكوين إضافي

وتحدثت نائبة رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم زكية المعروفي عن عدم تكافؤ الفرص بين طلبة الجامعات العمومية وطلبة مؤسسات التعليم العالي الخاص وتساءلت عن سبب تواصل اعتماد دليل التوجيه الجامعي وطالبت بدعم المؤسسات العمومية لأنها أصبحت في طريق الاندثار وقالت إنه من غير المنطقي الاقتصار على تدريس الاختصاصات التقليدية ويجب تمتيع الطلبة بتكوين إضافي لدعم مهاراتهم وفتح آفاق جديدة أمامهم..   

هندسة النخيل

وبين النائب عن كتلة "الخط الوطني السيادي" الطاهر منصور أن ولاية قبلي رغم مساهمتها في الاستثمار ليس فيها سوى مؤسسة تعليم عال وحيدة في بناية شاسعة لكن لم يقع تثمينها على الوجه الأكمل. ودعا إلى إحداث معهد عال للفلاحة الواحية والصحراوية في قبلي، ودعم البحث العلمي في التمور، وبعث اختصاص هندسة النخيل بالاستئناس بالتجارب المقارنة. وأضاف أنه يجب دعم البحث في مجال الطاقات المتجددة والطاقة الكهربائية وتساءل عن سبب العدول عن إحداث فرع لمدينة العلوم في قبلي وطالب بتركيز هذا الفرع.

الجامعات الخاصة

ودعت هدى الجلاصي النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى تحسين الخدمات الجامعية من بنية تحتية ومرافق داخل المؤسسات الجامعية وإضافة مواد تدريس جديدة تواكب العصر، والاهتمام بمنظومة البحث العلم وتفعيل مخرجاتها من خلال التعاون مع القطاع الخاص، والتفكير في استحداث جامعات تكنولوجية مزودة بمصانع وورش عمل مجهزة بأحدث الوسائط التكنولوجية وأحدث النظم العالمية والمراوحة فيها بين التكوين النظري والتطبيقي، ودعم النقل الجامعي. ولاحظت الجلاصي أن قطاع التعليم الخاص يحقق أرباحا طائلة ويمنح خريجيه امتيازات تضاهي خريجي الجامعات العمومية ومنها المشاركة في المناظرات بعد الحصول على معادلة وتساءلت عن الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة وخطتها الرقابية لضمان جودة التعليم العالي الخاص وضمان تكافؤ الفرص بين خريجي الجامعات العمومية ونظرائهم في الجامعات الخاصة في ظل اختلاف الإمكانيات المتوفرة.  

كتاب أبيض              

وإضافة إلى حديثه عن إصلاح نظام "إمد"، وتعقيبا على مداخلات أعضاء الغرفتين النيابيتين تطرق وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى التكوين الجامعي ودعم التشغيلية، والبحث العلمي والتجديد، والخدمات الجامعية. وفي علاقة بالتكوين الهندسي بين أنه سيتم قريبا نشر الكتاب الأبيض الذي يتضمن إستراتيجية الوزارة في التكوين الهندسي في القطاعين . وبخصوص الاستشارة الوطنية للتربية والتعليم بين أن اللجنة التي تم إحداثها تعمل حاليا على صياغة التقرير النهائي لضبط التوجهات المستقبلية وتحديد أرضية عمل المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

أما بالنسبة للخدمات الجامعية فأشار إلى أن الوزارة تعمل على تحسين مضامين الأمر المنظم للهياكل الجامعية وستشمل التنقيحات عدد التسجيلات المخولة للطلبة في حق السكن، ومراجعة النصوص المنظمة لإسناد المنح. وبخصوص المشاريع المبرمجة في جندوبة فهي تتمثل في توسعة مبيت المسعدي وتهيئة مبيت بلاريجيا وتهيئة المطعم الجامعي علي بلهوان. وبين الوزير أن المطاعم الجامعية تقدم أكلة صحية وأكد على وجود رقابة مستمرة لهده المطاعم. وردا على النواب الراغبين في توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح الجامعية بين أن الوزارة واعية بمراجعة الإطار الترتيبي ويجري العمل على إعداد مشروع يولي الأولوية لأبناء العائلات محدودة الدخل وذوي الحاجيات الخصوصية.

منصة رقمية

وأجاب الوزير عن أسئلة كثيرة تعلقت بالدكاترة المعطلين عن العمل وبين أنه لمعالجة هذا الملف تم إنشاء منصة رقمية لتحديد عددهم بدقة وحصر الاختصاصات والإطلاع على وضعيتهم الاجتماعية بما سيمكن من إيجاد الحلول القابلة للتفعيل خاصة الانصهار في المؤسسات التي تتولى تأمين مهام البحث والتجديد. ويتم العمل على إعداد مشروع أمر حكومي يتعلق بأحكام خاصة بالهياكل المكلفة بالبحوث والدراسات بالإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية وتنقيح الأمر عدد 4259 لينة 2013 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بسلك الباحثين التابعين للمؤسسات العمومية للبحث العملي لفتح المجال أمام حاملي شهادات الدكتوراه للانتداب والاستفادة من قدراتهم البحثية في المؤسسات العمومية والمنشآت والوزارات بصفة باحث.

وبخصوص الفساد في المنظرات قال انه تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لدعم الشفافية منها إعداد شبكة تقييم بصفة مسبقة وقبل نظر اللجان في الملفات. وأكد بلعيد على عزم الوزارة على تطبيق مبادئ العدالة والنزاهة في كافة المناظرات وقال بعبارات قاطعة لن نسمح بارتكاب تجاوزات. ولوح باتخاذ إجراءات ردعية ضد كل من يتورط في أعمال فساد وأكد على مواصلة تعزيز النزاهة بالاعتماد على منظومات رقمية.

وفي علاقة بالبحث العملي بين الوزير أنه تم الشروع في إعداد إستراتيجية وطنية في الغرض ووضع تصور حول حوكمة هياكل البحث وتشريك الكفاءات التونسية بالخارج في تطوير البحث والإسهام في تأطير الطلبة.

سعيدة بوهلال