إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. التكنولوجيا المالية لدفع الاستثمار

 

"تكريسا لمبدأ حرّية الاستثمار ودفعه، تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط على رفع القيود على الاستثمار وتسهيل النفاذ إلى السوق ومقاومة الاقتصاد الريعي، وذلك من خلال الحذف التدريجي للتراخيص الإدارية والاقتصادية".. هذا ما أكدّه وزير الاقتصاد أمام نواب مجلسي الشعب والأقاليم والجهات، وهذا ما كنا وكان الخبراء يدعون إليه منذ سنوات، لكن البيروقراطية والتكبيل بالإجراءات كانت دائما هي الغالبة.

اليوم تحاول الحكومة التونسية العمل والسير نحو تيسير الإجراءات أمام المستثمرين، من أجل خلق بيئة استثمارية جاذبة، وهو ما تفطنت له عديد الدول، ومنها القريبة منا التي أصبحت جد منافسة لنا، بفضل الخيارات والتوجه المعتمد من قبلها في تأسيس وتكوين الشركات والاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال وتقديم كل التسهيلات الممكنة لهم، في الوقت الذي نفرت فيه تشريعاتنا وإداراتنا وموظفونا وبنوكنا ومعاملاتنا المالية المستثمرين المحليين والأجانب من المساهمة في دفع الاقتصاد وتطويره وتعزيز التنمية.

هذا الأمر يتطلب اليوم مراجعة كلية وعميقة لإجراءات الاستثمار ومعضلة التراخيص وتهيئة بيئة استثمارية داعمة لخطوات جريئة وشاملة على مستوى التشريعات والبنية التحتية وأهم شيء هو التغيير الكلي للسياسة المالية والتعاملات المصرفية والتحويلات الخاصة بالمستثمرين. من ذلك ضرورة تطوير نظم دفع رقمية متقدمة عبر الاستثمار في التكنولوجيا المالية "الفنتك" (Fintech) وهي خطوة أساسية لتسهيل عمليات الدفع، مع توفير حلول دفع رقمية مبتكرة، مثل المحافظ الإلكترونية والتحويلات السريعة، ممّا يسهم في جعل المبادلات المالية أكثر سلاسة وأمانًا. فمن الضروري أولا وقبل كل شيء، تحديث التشريعات المالية باعتبار أن المستثمر يحتاج إلى قوانين مالية محدثة تتيح له تحويل الأموال بسهولة وتضمن له حقوقه في حال حدوث نزاعات. وفي نفس الإطار، من الواجب دفع الاستثمارات، من خلال توفير خيارات مالية متعددة مثل الدفع عبر العملات الأجنبية، أو العملات المشفرة، أو عبر التسهيلات الائتمانية الميسرة وهي خيارات تجعل من عملية الدفع أكثر مرونة وتساعد وتشجع المستثمرين التونسيين والأجانب.

الواقع والتحولات والتطور الذي نشهده، يفرض كذلك تحفيز الشراكات مع البنوك والمؤسسات المالية العالمية وهي وسيلة فعالة لتسهيل ودفع الاستثمار، إذ تسهم هذه المؤسسات في توفير أدوات مالية متقدمة تساعد على تسريع التحويلات المالية وخفض تكاليف المعاملات المالية وجعلها أكثر سهولة. هذا الى جانب كون نظم الدفع الحديثة توفر مستوى عاليًا من الشفافية والأمان، مما يعزز ثقة المستثمرين. فالأنظمة التي تقدم معايير حماية مالية عالية تمنح المستثمرين أمانًا أكبر، وتقلل من المخاطر المالية المرتبطة بتحويل الأموال.

هذه الفوائد المتعددة لتسهيل الدفع، وجب استغلالها بشكل جيد واعتمادها ووضع تشريعات لها حتى يسهل استقدام وجلب المستثمرين بالرغم من التحديات التي قد تعيق تحقيق هذه الغاية والتي وجب التعامل معها بكل ليونة ومعرفة. ومن أبرز هذه التحديات نذكر خاصة الأمن السيبراني، فمع تزايد الاعتماد على الأنظمة الرقمية، تظهر الحاجة إلى تأمين المعلومات المالية. لذلك، يجب على المؤسسات المالية الاستثمار في نظم حماية متقدمة لحماية بيانات المستثمرين. وكذلك التحديات التشريعية حيث تتطلب عملية تيسير الدفع تعاونًا بين السلطات التشريعية والبنوك المركزية لضمان استقرار السوق المالية وحماية المستثمرين.

ومن المؤكد أن تيسير عمليات الدفع والمعاملات المالية يعد أحد أبرز العوامل الجاذبة للاستثمار والمحفزة للنمو الاقتصادي. والثابت أن الجهود المبذولة من قبل حكومتنا ومساعيها لتحديث التشريعات، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز الشفافية، ستساهم عاجلا في خلق بيئة استثمارية أفضل وأكثر جاذبية واستدامة تخدم الاقتصاد وتدفع النمو المنشود.

سفيان رجب

 

 

 

 

 

"تكريسا لمبدأ حرّية الاستثمار ودفعه، تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط على رفع القيود على الاستثمار وتسهيل النفاذ إلى السوق ومقاومة الاقتصاد الريعي، وذلك من خلال الحذف التدريجي للتراخيص الإدارية والاقتصادية".. هذا ما أكدّه وزير الاقتصاد أمام نواب مجلسي الشعب والأقاليم والجهات، وهذا ما كنا وكان الخبراء يدعون إليه منذ سنوات، لكن البيروقراطية والتكبيل بالإجراءات كانت دائما هي الغالبة.

اليوم تحاول الحكومة التونسية العمل والسير نحو تيسير الإجراءات أمام المستثمرين، من أجل خلق بيئة استثمارية جاذبة، وهو ما تفطنت له عديد الدول، ومنها القريبة منا التي أصبحت جد منافسة لنا، بفضل الخيارات والتوجه المعتمد من قبلها في تأسيس وتكوين الشركات والاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال وتقديم كل التسهيلات الممكنة لهم، في الوقت الذي نفرت فيه تشريعاتنا وإداراتنا وموظفونا وبنوكنا ومعاملاتنا المالية المستثمرين المحليين والأجانب من المساهمة في دفع الاقتصاد وتطويره وتعزيز التنمية.

هذا الأمر يتطلب اليوم مراجعة كلية وعميقة لإجراءات الاستثمار ومعضلة التراخيص وتهيئة بيئة استثمارية داعمة لخطوات جريئة وشاملة على مستوى التشريعات والبنية التحتية وأهم شيء هو التغيير الكلي للسياسة المالية والتعاملات المصرفية والتحويلات الخاصة بالمستثمرين. من ذلك ضرورة تطوير نظم دفع رقمية متقدمة عبر الاستثمار في التكنولوجيا المالية "الفنتك" (Fintech) وهي خطوة أساسية لتسهيل عمليات الدفع، مع توفير حلول دفع رقمية مبتكرة، مثل المحافظ الإلكترونية والتحويلات السريعة، ممّا يسهم في جعل المبادلات المالية أكثر سلاسة وأمانًا. فمن الضروري أولا وقبل كل شيء، تحديث التشريعات المالية باعتبار أن المستثمر يحتاج إلى قوانين مالية محدثة تتيح له تحويل الأموال بسهولة وتضمن له حقوقه في حال حدوث نزاعات. وفي نفس الإطار، من الواجب دفع الاستثمارات، من خلال توفير خيارات مالية متعددة مثل الدفع عبر العملات الأجنبية، أو العملات المشفرة، أو عبر التسهيلات الائتمانية الميسرة وهي خيارات تجعل من عملية الدفع أكثر مرونة وتساعد وتشجع المستثمرين التونسيين والأجانب.

الواقع والتحولات والتطور الذي نشهده، يفرض كذلك تحفيز الشراكات مع البنوك والمؤسسات المالية العالمية وهي وسيلة فعالة لتسهيل ودفع الاستثمار، إذ تسهم هذه المؤسسات في توفير أدوات مالية متقدمة تساعد على تسريع التحويلات المالية وخفض تكاليف المعاملات المالية وجعلها أكثر سهولة. هذا الى جانب كون نظم الدفع الحديثة توفر مستوى عاليًا من الشفافية والأمان، مما يعزز ثقة المستثمرين. فالأنظمة التي تقدم معايير حماية مالية عالية تمنح المستثمرين أمانًا أكبر، وتقلل من المخاطر المالية المرتبطة بتحويل الأموال.

هذه الفوائد المتعددة لتسهيل الدفع، وجب استغلالها بشكل جيد واعتمادها ووضع تشريعات لها حتى يسهل استقدام وجلب المستثمرين بالرغم من التحديات التي قد تعيق تحقيق هذه الغاية والتي وجب التعامل معها بكل ليونة ومعرفة. ومن أبرز هذه التحديات نذكر خاصة الأمن السيبراني، فمع تزايد الاعتماد على الأنظمة الرقمية، تظهر الحاجة إلى تأمين المعلومات المالية. لذلك، يجب على المؤسسات المالية الاستثمار في نظم حماية متقدمة لحماية بيانات المستثمرين. وكذلك التحديات التشريعية حيث تتطلب عملية تيسير الدفع تعاونًا بين السلطات التشريعية والبنوك المركزية لضمان استقرار السوق المالية وحماية المستثمرين.

ومن المؤكد أن تيسير عمليات الدفع والمعاملات المالية يعد أحد أبرز العوامل الجاذبة للاستثمار والمحفزة للنمو الاقتصادي. والثابت أن الجهود المبذولة من قبل حكومتنا ومساعيها لتحديث التشريعات، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز الشفافية، ستساهم عاجلا في خلق بيئة استثمارية أفضل وأكثر جاذبية واستدامة تخدم الاقتصاد وتدفع النمو المنشود.

سفيان رجب