العرض كان مسبوقًا بلقاء جماهيري مع الفنان المصري بإدارة الإعلامية وفاء الشاذلي
تونس - الصباح
استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الجديدة (الـ43) المتواصلة إلى غاية يوم الغد 17 نوفمبر الجاري الفنان الكبير والعازف والملحن ومؤلف شارات العديد من المسلسلات والأفلام والتظاهرات المصرية والعربية، عمر خيرت.
وقد كان لزوار المعرض لقاءان مع الفنان المصري الشهير. اللقاء الأول كان يوم 8 نوفمبر حضره جمهور كبير، حتى أنه انتظم في قاعة الحفلات التي تخصص للأحداث الكبرى في فضاء "إكسبو" الذي يحتضن معرض الشارقة الدولي للكتاب. وقد أدارت اللقاء الإعلامية المعروفة وفاء الشاذلي. تحدث عمر خيرت عن اختياراته الموسيقية، مشيرًا إلى أن عائلته، وخاصة عمه الموسيقي الشهير أبو بكر خيرت، مؤسس "الكونسرفاتوار" المصري، لم يسعوا إلى التأثير في توجهاته وفهموا أنه وفقًا لقوله "يريد أن يقدم شيئًا مختلفًا". فقد جرت العادة في العائلة (عائلة فنية عريقة) وفق ما تحدث عنه عمر خيرت في اللقاء المذكور، أن لا يكون الفرد متخصصًا في الفن، فالجد كان محاميًا معروفًا، والوالد وكذلك العم كانا مهندسين معماريين (وقال مازحًا: "كل العائلة تقريبًا مهندسون")، وهم يمارسون الفن بالتوازي مع ذلك. إلا أن عمر خيرت أراد أن يكون متفرغًا للفن، وأن يكون الفن مهنته وصناعته الوحيدة. وهو ما كان له بالفعل. فعمر خيرت الذي يعزف على آلة البيانو وعلى آلات موسيقية متنوعة أخرى، له اليوم تجربة طويلة جدًا في الفن، ورصيده الفني حافل ومتنوع، إذ ألّف عمر خيرت عشرات شارات الأفلام والمسلسلات، وأحيا عددًا كبيرًا من الحفلات في العالم. وهو حائز على العديد من الجوائز القيمة، والأهم من ذلك أن مسيرته مستمرة رغم بلوغ الرجل 77 عامًا (من مواليد 1947 بالقاهرة). وهو ينحدر، كما سبق وذكرنا، من عائلة مثقفة تتكون من موسيقيين وشعراء ورسامين، ورث منها الجينات الفنية، واستفاد من المناخ المساعد على الإبداع.
وكان اللقاء الثاني في اليوم التالي، في سهرة انطلقت حوالي التاسعة مساءً، حضرها جمهور غفير تفاعل بشكل ملفت للانتباه مع كل فقرات العرض، وصفق مطولًا على أنغام بعض المقطوعات المعروفة، وأساسًا "ليلة القبض على فاطمة" (فيلم من إخراج هنري بركات وبطولة فاتن حمامة وشكري سرحان، تدور أحداثه حول علاقة تقوم على نكران الجميل بين أخ وأخته)، التي كانت نقطة البداية على طريق الشهرة الطويل.
كان عمر خيرت مصحوبًا بفرقة موسيقية تضم عازفين على آلات الكمان والعود والهارب وآلات الإيقاع (الطبلة)، وآلات نفخ مزجت بين ألحانها فخلقت سمفونية جميلة طرب لها الجمهور، وعبر عن ذلك بالهتافات المشجعة والتصفيق الحار. وكان الفنان الكبير يتصدر الركح وراء البيانو الضخم. ومنذ "النوتات" الأولى، فهم الجمهور أنه على موعد مع حدث فني نادر، خاصة في البيئة العربية التي تهتم بالغناء والكلمات أكثر بكثير من العزف الأوركسترالي.
ربما استفاد عمر خيرت من تلحينه لشارات مسلسلات وأفلام شهيرة، جعلته لا يبدو غريبًا في الساحة الفنية العربية، خلافًا لآخرين لم يحالفهم نفس الحظ وظلوا في العتمة. لكن ذلك لا ينقص من قيمة عروضه شيئًا. يكفي أنه يستطيع بنقره على البيانو أن يثير شجن الجمهور، وأن يستفز فيه الرغبة في المغامرة في عالم الموسيقى الخالصة حتى نقر بقيمة الفنان وبدوره في تطوير الذائقة الفنية العربية، وليست المصرية فحسب. فهو من أكثر الفنانين الذين يحفظ لهم الشباب مقطوعات كاملة من أعماله، وليس فقط في مصر التي يقيم فيها باستمرار حفلات، وتحديدًا بدار الأوبرا المصرية.
إضافة إلى "ليلة القبض على فاطمة"، قدم عمر خيرت مقطوعة "قضية عم أحمد" ومقطوعة "خلي بالك من عقلك" ومقطوعة "اللقاء الثاني" والكثير الكثير من المقطوعات التي تجاوب معها الجمهور، الذي كشف من خلال ترديده لبعض الألحان أنه ملم بمسيرة الفنان عمر خيرت ومطلع اطلاعا دقيقًا على رصيده من الأغاني.
ومعروف عن عمر خيرت أنه يقوم بإعادة توزيع الأعمال بطريقة ناجحة، حتى أنه ذكر في اللقاء الذي انتظم معه في المعرض كيف أن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب قد أثنى على إعادة توزيعه لبعض ألحانه الشهيرة. وقد قدم في السهرة توزيعًا جديدًا لبعض مقطوعاته المعروفة، حظي بدوره بالثناء الذي عبر عنه الجمهور بالتصفيق الحار.
وقد منحت فقرة الأداء المنفرد لعدد من الموسيقيين والارتجالات على بعض الآلات مثل العود والكمان وآلات إيقاعية نكهة خاصة للعرض، لاسيما أن الفرقة الموسيقية تضم أسماء شابة متحمسة جدًا، وبلغ الجمهور درجة عالية من الانتشاء بالحوارات بين الآلات مثل "الهارب" والبيانو، قبل العودة إلى العزف الجماعي وإلى التوليفات الموسيقية الساحرة التي تأخذ الجمهور في رحلة استثنائية صعودًا وهبوطًا، قبل أن يعيد عمر خيرت الكرة ويستدرج الجمهور في حباله، حيث كلما تقدم العرض، كلما استزاد الجمهور من الألحان والمعزوفات، لتمتزج في السهرة التي استمرت أكثر من ساعة ونصف الروح الشرقية بكلاسيكيات الفن الغربي. كانت سهرة من طينة السهرات التي من الصعب أن تُنسى.
حياة السايب
العرض كان مسبوقًا بلقاء جماهيري مع الفنان المصري بإدارة الإعلامية وفاء الشاذلي
تونس - الصباح
استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الجديدة (الـ43) المتواصلة إلى غاية يوم الغد 17 نوفمبر الجاري الفنان الكبير والعازف والملحن ومؤلف شارات العديد من المسلسلات والأفلام والتظاهرات المصرية والعربية، عمر خيرت.
وقد كان لزوار المعرض لقاءان مع الفنان المصري الشهير. اللقاء الأول كان يوم 8 نوفمبر حضره جمهور كبير، حتى أنه انتظم في قاعة الحفلات التي تخصص للأحداث الكبرى في فضاء "إكسبو" الذي يحتضن معرض الشارقة الدولي للكتاب. وقد أدارت اللقاء الإعلامية المعروفة وفاء الشاذلي. تحدث عمر خيرت عن اختياراته الموسيقية، مشيرًا إلى أن عائلته، وخاصة عمه الموسيقي الشهير أبو بكر خيرت، مؤسس "الكونسرفاتوار" المصري، لم يسعوا إلى التأثير في توجهاته وفهموا أنه وفقًا لقوله "يريد أن يقدم شيئًا مختلفًا". فقد جرت العادة في العائلة (عائلة فنية عريقة) وفق ما تحدث عنه عمر خيرت في اللقاء المذكور، أن لا يكون الفرد متخصصًا في الفن، فالجد كان محاميًا معروفًا، والوالد وكذلك العم كانا مهندسين معماريين (وقال مازحًا: "كل العائلة تقريبًا مهندسون")، وهم يمارسون الفن بالتوازي مع ذلك. إلا أن عمر خيرت أراد أن يكون متفرغًا للفن، وأن يكون الفن مهنته وصناعته الوحيدة. وهو ما كان له بالفعل. فعمر خيرت الذي يعزف على آلة البيانو وعلى آلات موسيقية متنوعة أخرى، له اليوم تجربة طويلة جدًا في الفن، ورصيده الفني حافل ومتنوع، إذ ألّف عمر خيرت عشرات شارات الأفلام والمسلسلات، وأحيا عددًا كبيرًا من الحفلات في العالم. وهو حائز على العديد من الجوائز القيمة، والأهم من ذلك أن مسيرته مستمرة رغم بلوغ الرجل 77 عامًا (من مواليد 1947 بالقاهرة). وهو ينحدر، كما سبق وذكرنا، من عائلة مثقفة تتكون من موسيقيين وشعراء ورسامين، ورث منها الجينات الفنية، واستفاد من المناخ المساعد على الإبداع.
وكان اللقاء الثاني في اليوم التالي، في سهرة انطلقت حوالي التاسعة مساءً، حضرها جمهور غفير تفاعل بشكل ملفت للانتباه مع كل فقرات العرض، وصفق مطولًا على أنغام بعض المقطوعات المعروفة، وأساسًا "ليلة القبض على فاطمة" (فيلم من إخراج هنري بركات وبطولة فاتن حمامة وشكري سرحان، تدور أحداثه حول علاقة تقوم على نكران الجميل بين أخ وأخته)، التي كانت نقطة البداية على طريق الشهرة الطويل.
كان عمر خيرت مصحوبًا بفرقة موسيقية تضم عازفين على آلات الكمان والعود والهارب وآلات الإيقاع (الطبلة)، وآلات نفخ مزجت بين ألحانها فخلقت سمفونية جميلة طرب لها الجمهور، وعبر عن ذلك بالهتافات المشجعة والتصفيق الحار. وكان الفنان الكبير يتصدر الركح وراء البيانو الضخم. ومنذ "النوتات" الأولى، فهم الجمهور أنه على موعد مع حدث فني نادر، خاصة في البيئة العربية التي تهتم بالغناء والكلمات أكثر بكثير من العزف الأوركسترالي.
ربما استفاد عمر خيرت من تلحينه لشارات مسلسلات وأفلام شهيرة، جعلته لا يبدو غريبًا في الساحة الفنية العربية، خلافًا لآخرين لم يحالفهم نفس الحظ وظلوا في العتمة. لكن ذلك لا ينقص من قيمة عروضه شيئًا. يكفي أنه يستطيع بنقره على البيانو أن يثير شجن الجمهور، وأن يستفز فيه الرغبة في المغامرة في عالم الموسيقى الخالصة حتى نقر بقيمة الفنان وبدوره في تطوير الذائقة الفنية العربية، وليست المصرية فحسب. فهو من أكثر الفنانين الذين يحفظ لهم الشباب مقطوعات كاملة من أعماله، وليس فقط في مصر التي يقيم فيها باستمرار حفلات، وتحديدًا بدار الأوبرا المصرية.
إضافة إلى "ليلة القبض على فاطمة"، قدم عمر خيرت مقطوعة "قضية عم أحمد" ومقطوعة "خلي بالك من عقلك" ومقطوعة "اللقاء الثاني" والكثير الكثير من المقطوعات التي تجاوب معها الجمهور، الذي كشف من خلال ترديده لبعض الألحان أنه ملم بمسيرة الفنان عمر خيرت ومطلع اطلاعا دقيقًا على رصيده من الأغاني.
ومعروف عن عمر خيرت أنه يقوم بإعادة توزيع الأعمال بطريقة ناجحة، حتى أنه ذكر في اللقاء الذي انتظم معه في المعرض كيف أن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب قد أثنى على إعادة توزيعه لبعض ألحانه الشهيرة. وقد قدم في السهرة توزيعًا جديدًا لبعض مقطوعاته المعروفة، حظي بدوره بالثناء الذي عبر عنه الجمهور بالتصفيق الحار.
وقد منحت فقرة الأداء المنفرد لعدد من الموسيقيين والارتجالات على بعض الآلات مثل العود والكمان وآلات إيقاعية نكهة خاصة للعرض، لاسيما أن الفرقة الموسيقية تضم أسماء شابة متحمسة جدًا، وبلغ الجمهور درجة عالية من الانتشاء بالحوارات بين الآلات مثل "الهارب" والبيانو، قبل العودة إلى العزف الجماعي وإلى التوليفات الموسيقية الساحرة التي تأخذ الجمهور في رحلة استثنائية صعودًا وهبوطًا، قبل أن يعيد عمر خيرت الكرة ويستدرج الجمهور في حباله، حيث كلما تقدم العرض، كلما استزاد الجمهور من الألحان والمعزوفات، لتمتزج في السهرة التي استمرت أكثر من ساعة ونصف الروح الشرقية بكلاسيكيات الفن الغربي. كانت سهرة من طينة السهرات التي من الصعب أن تُنسى.