إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تنتعش وينتعش معها التحيّل والغشّ.. "دكاكين افتراضية" استفادت من غياب الرقابة وملايين المتابعين "الملهوفين" !

 

تونس – الصباح

تضجّ مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل يومي بعروض البيع الالكتروني لمنتوجات في أغلبها مجهولة المصدر والمكوّنات سواء كانت منتوجات استهلاكية أو تجميلية أو لمعالجة بعض الأمراض من خلال خلطات غريبة لأعشاب معينة أو مراهم وفي أحيان أخرى يكون المنتوج على شكل أقراص مجهولة التركيبة ويمكن أن تكون لها تبعات صحية مدمّرة، هذه المنتوجات التي يتم التسويق لها بأشكال مختلفة عبر مواقع التواصل، يتم بيعها الكترونيا وفق نظام التوصيل، وعادة لا يتم تسليم المنتج إلا بعد دفع الثمن لعون التوصيل وإذا اكتشف الحريف لاحقا انه كان ضحية عملية غشّ وتحيل سواء من خلال منتج غير مطابق للإشهار أو تركيبته مجهولة أو تسبب في أعراض صحية خطيرة، فإن الصفحة التي ابتاع منها المنتج تتجاهله أو تختفي تماما بعد أن تكون قد أدت مهمتها في استقطاب اكبر عدد من المشترين لمنتج دون فائدة !

وتعمد بعض صفحات البيع الالكتروني الى الاستعانة ببعض المشاهير على السوشيال ميديا لاستقطاب الجمهور وإضفاء نوع من المصداقية على منتوجاتها إلا أن بعض هؤلاء يكونون بدورهم شركاء في جريمة الغشّ والتحيّل لأنهم في الغالب يعلمون بأعطاب المنتج وأضراره ولكن يستغفلون الجمهور عند التسويق للمنتج بالكذب وتضخيم خصائصه ولكن عند الاستعمال يتم اكتشاف زيف تلك المعلومات والخداع الكبير لتسويقه.. وباتت جودة تلك المنتوجات التي يتم بيعها الكترونيا محلّ جدل كبير خاصة مع الشكايات المتواترة من المستهلكين واستيائهم من وقوعهم ضحية تلاعب وتضليل وتحيّل جعلتهم يدفعون المال مقابل أشياء ضارّة أو دون جودة أو مجهولة التركيبة وخطرة..

وأمام هذه التجاوزات الخطيرة وتسويق وترويج بعض المنتجات الضارّة دون رقابة من وزارة الصحة أو وزارة التجارة بات اليوم ضروريا القطع مع حالة الفراغ التشريعي السائدة وتقنين البيع الالكتروني عبر قانون يضمن جودة المنتج ويقطع الطريق أمام كل عمليات الغشّ والتحيّل ويحمي المستهلك..

منظمة الدفاع عن المستهلك تحذّر..

تعتبر السوق "الافتراضية" في تونس، سوقا هامة ويمكن استغلالها بشكل كبير في التجارة الالكترونية من خلال البيع الالكتروني والتي بدأت تفرض نفسها بقوة منذ جائحة كورنا حيث انتعش البيع الالكتروني بشكل كبير، مع وجود ذلك العدد الكبير والهام من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي حيث يوجد حوالي 7 مليون تونسي على موقع الفايس بوك ويبلغ عدد مستعملي "ماسنجر" أكثر من 5 مليون مستخدم في حين يبلغ عدد روّاد "انستغرام" 2.9 مليون تونسي وذلك حسب آخر بيانات رسمية صادرة عن وزارة تكنولوجيات الاتصال. وهذا العدد الكبير من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مع الناشطين على "التيك توك" سمح بوجود قاعدة استهلاكية ضخمة للتسويق الالكتروني والبيع الافتراضي رغم غياب إحصائيات ومعطيات رسمية وموثوقة حول حجم وقيمة المعاملات في هذه السوق الالكترونية سواء كانت تجارة منظمة أو غير منظمة إلا أن الغرفة النقابية للتجارة الالكترونية قالت منذ أشهر إن تقديراتها لحجم معاملات هذا السوق يصل الى 1.5 مليار دينار في العام غير أن 70 بالمائة من هذه المعاملات تتم في السوق الموازية التي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي .

وفي الأيام الأخير كشف تقرير صادر عن منظمة الدفاع عن المستهلك أرقاما هامة يجب أخذها بعين الاعتبار في تقييم حجم التجاوزات والخروقات في عمليات البيع الالكتروني التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث أكدت المنظمة أن المتابعة اليومية لشكايات المستهلكين التي ترد على المنظمة بلغت معدل 5 شكايات في اليوم و25 شكاية في الأسبوع وأكدت المنظمة أن أكبر نسبة من التحيل الإلكتروني على المستهلكين موجودة ضمن البيع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي"الفايسبوك" بالأساس حيث تم تسجيل231 شكوى من مجموع 540 شكوى واحتلت منصّة الفايس بوك 43 بالمائة من نسبة الشكايات على منصة "الفايسبوك".. كما أشارت المنظمة الى أنها تفطّنت لوجود أشكال من التحيل تكتسي خطورة على صحة المستهلك تتمثل في الغش في مجال المواد شبه الطبية والمواد الغذائية التي من شأنها أن تسبب مخلفات صحية خطيرة على المستهلك. منظمة الدفاع عن المستهلك أشارت أيضا الى أن عمليات التحيّل بالبيع الالكتروني تتم عن طريق استعمال مواقع التواصل الاجتماعي أو البيع عن طريق القنوات التلفزية.

وما قدّمته منظمة الدفاع عن المستهلك ليس إلا جزء من الحقيقة بالنسبة للمستهلكين الذين بلغوا عن تعرّضهم لعمليات تحيّل حيث انه حسب توقعات عدة مختصين تتضاعف هذه النسبة مرّات ومرّات في الواقع خاصة وأن البيع الالكتروني تحوّل في السنوات الأخيرة إلى نشاط تجاري قائم بذاته وتدور حوله عدة أنشطة أخرى مثل شركات التوصيل التي انتعشت وباتت تعدّ بالعشرات وتشتغل على كامل تراب الجمهورية دون وجود إطار تشريعي واضح ينظم كل هذه العملية.

فراغ تشريعي ..

رغم وجود قانون يعود الى سنة 2000 يقنّن المبادلات ويحدد طريقة التعامل حيث يفرض على البائع عبر الانترنات تقديم شروط لعملية التبادل والبيع كما ينص على تحديد طريقة الدفع منذ البداية وأيضا يحدد مختلف الأطر لتكون عملية البيع قانونية وتضمن حقوق الطرفين إلا أن هذا الإطار التشريعي بات اليوم لا يستوعب كل عمليات البيع الافتراضية التي تشهد ارتفاعا ملحوظا وخاصة بالنسبة للأنشطة الموازية التي تتم خارج القانون حيث أشارت مؤخرا إحصائيات البنك المركزي إلى وجود 1199 موقع عبر الانترنت يعطي إمكانية الدفع الالكتروني ولكن هذا ينسحب على القطاع القانوني والمنظم فقط .

وأمام هذه الفوضى التي باتت تحكم قطاع البيع الالكتروني طرحت منظمة الدفاع عن المستهلك جملة من التوصيات من أهمها الإسراع بوضع آليات لرصد مواقع التجارة الإلكترونية القانونية منها وغير القانونية واتخاذ الإجراءات الضرورية ضد المخالفين، الى جانب الاستعجال في وضع إطار قانوني خاص بالتجارة الإلكترونية وبالتجارة التي تستعمل مواقع التواصل الاجتماعي وإخضاعها لقواعد التجارة من إشهار الأسعار والضمان ومصلحة ما بعد البيع، مع توضيح دور البائع ودور القائم بتوصيل البضاعة وتمكين المستهلك من حق التقليب والاختيار ورفض الشراء عند عدم اقتناعه بالمنتوج. وفي ذات السياق كان رئيس الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص قد أكّد في تصريح سابق أنه "سيكون من المهم جدا حوكمة التجارة على وسائل التواصل الاجتماعي التي انفجرت في السنوات الأخيرة مستفيدة من ضعف الإطار التشريعي الذي ينظمها" .

وانطلق نقاش في مجلس نواب الشعب قبل العطلة البرلمانية الماضية حول ضرورة طرح مبادرة لمشروع قانون جديد ينظم التجارة على مواقع التواصل الاجتماعي وكان هناك اقتراح على ضرورة سحب كراس شروط من وزارة التجارة لممارسة هذا النشاط التجاري خاصة وأن هذه التجارة تدرّ اليوم أرباحا لأصحاب المحلات الافتراضية المنتصبة على "الفيس بوك" و"انستغرام" و"التيك توك" والتي تنافس القطاعات المنظمة منافسة غير شريفة ولا تتحمّل أي أعباء ضريبية.

منية العرفاوي

تنتعش وينتعش معها التحيّل والغشّ..   "دكاكين افتراضية" استفادت من غياب الرقابة وملايين المتابعين "الملهوفين" !

 

تونس – الصباح

تضجّ مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل يومي بعروض البيع الالكتروني لمنتوجات في أغلبها مجهولة المصدر والمكوّنات سواء كانت منتوجات استهلاكية أو تجميلية أو لمعالجة بعض الأمراض من خلال خلطات غريبة لأعشاب معينة أو مراهم وفي أحيان أخرى يكون المنتوج على شكل أقراص مجهولة التركيبة ويمكن أن تكون لها تبعات صحية مدمّرة، هذه المنتوجات التي يتم التسويق لها بأشكال مختلفة عبر مواقع التواصل، يتم بيعها الكترونيا وفق نظام التوصيل، وعادة لا يتم تسليم المنتج إلا بعد دفع الثمن لعون التوصيل وإذا اكتشف الحريف لاحقا انه كان ضحية عملية غشّ وتحيل سواء من خلال منتج غير مطابق للإشهار أو تركيبته مجهولة أو تسبب في أعراض صحية خطيرة، فإن الصفحة التي ابتاع منها المنتج تتجاهله أو تختفي تماما بعد أن تكون قد أدت مهمتها في استقطاب اكبر عدد من المشترين لمنتج دون فائدة !

وتعمد بعض صفحات البيع الالكتروني الى الاستعانة ببعض المشاهير على السوشيال ميديا لاستقطاب الجمهور وإضفاء نوع من المصداقية على منتوجاتها إلا أن بعض هؤلاء يكونون بدورهم شركاء في جريمة الغشّ والتحيّل لأنهم في الغالب يعلمون بأعطاب المنتج وأضراره ولكن يستغفلون الجمهور عند التسويق للمنتج بالكذب وتضخيم خصائصه ولكن عند الاستعمال يتم اكتشاف زيف تلك المعلومات والخداع الكبير لتسويقه.. وباتت جودة تلك المنتوجات التي يتم بيعها الكترونيا محلّ جدل كبير خاصة مع الشكايات المتواترة من المستهلكين واستيائهم من وقوعهم ضحية تلاعب وتضليل وتحيّل جعلتهم يدفعون المال مقابل أشياء ضارّة أو دون جودة أو مجهولة التركيبة وخطرة..

وأمام هذه التجاوزات الخطيرة وتسويق وترويج بعض المنتجات الضارّة دون رقابة من وزارة الصحة أو وزارة التجارة بات اليوم ضروريا القطع مع حالة الفراغ التشريعي السائدة وتقنين البيع الالكتروني عبر قانون يضمن جودة المنتج ويقطع الطريق أمام كل عمليات الغشّ والتحيّل ويحمي المستهلك..

منظمة الدفاع عن المستهلك تحذّر..

تعتبر السوق "الافتراضية" في تونس، سوقا هامة ويمكن استغلالها بشكل كبير في التجارة الالكترونية من خلال البيع الالكتروني والتي بدأت تفرض نفسها بقوة منذ جائحة كورنا حيث انتعش البيع الالكتروني بشكل كبير، مع وجود ذلك العدد الكبير والهام من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي حيث يوجد حوالي 7 مليون تونسي على موقع الفايس بوك ويبلغ عدد مستعملي "ماسنجر" أكثر من 5 مليون مستخدم في حين يبلغ عدد روّاد "انستغرام" 2.9 مليون تونسي وذلك حسب آخر بيانات رسمية صادرة عن وزارة تكنولوجيات الاتصال. وهذا العدد الكبير من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مع الناشطين على "التيك توك" سمح بوجود قاعدة استهلاكية ضخمة للتسويق الالكتروني والبيع الافتراضي رغم غياب إحصائيات ومعطيات رسمية وموثوقة حول حجم وقيمة المعاملات في هذه السوق الالكترونية سواء كانت تجارة منظمة أو غير منظمة إلا أن الغرفة النقابية للتجارة الالكترونية قالت منذ أشهر إن تقديراتها لحجم معاملات هذا السوق يصل الى 1.5 مليار دينار في العام غير أن 70 بالمائة من هذه المعاملات تتم في السوق الموازية التي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي .

وفي الأيام الأخير كشف تقرير صادر عن منظمة الدفاع عن المستهلك أرقاما هامة يجب أخذها بعين الاعتبار في تقييم حجم التجاوزات والخروقات في عمليات البيع الالكتروني التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث أكدت المنظمة أن المتابعة اليومية لشكايات المستهلكين التي ترد على المنظمة بلغت معدل 5 شكايات في اليوم و25 شكاية في الأسبوع وأكدت المنظمة أن أكبر نسبة من التحيل الإلكتروني على المستهلكين موجودة ضمن البيع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي"الفايسبوك" بالأساس حيث تم تسجيل231 شكوى من مجموع 540 شكوى واحتلت منصّة الفايس بوك 43 بالمائة من نسبة الشكايات على منصة "الفايسبوك".. كما أشارت المنظمة الى أنها تفطّنت لوجود أشكال من التحيل تكتسي خطورة على صحة المستهلك تتمثل في الغش في مجال المواد شبه الطبية والمواد الغذائية التي من شأنها أن تسبب مخلفات صحية خطيرة على المستهلك. منظمة الدفاع عن المستهلك أشارت أيضا الى أن عمليات التحيّل بالبيع الالكتروني تتم عن طريق استعمال مواقع التواصل الاجتماعي أو البيع عن طريق القنوات التلفزية.

وما قدّمته منظمة الدفاع عن المستهلك ليس إلا جزء من الحقيقة بالنسبة للمستهلكين الذين بلغوا عن تعرّضهم لعمليات تحيّل حيث انه حسب توقعات عدة مختصين تتضاعف هذه النسبة مرّات ومرّات في الواقع خاصة وأن البيع الالكتروني تحوّل في السنوات الأخيرة إلى نشاط تجاري قائم بذاته وتدور حوله عدة أنشطة أخرى مثل شركات التوصيل التي انتعشت وباتت تعدّ بالعشرات وتشتغل على كامل تراب الجمهورية دون وجود إطار تشريعي واضح ينظم كل هذه العملية.

فراغ تشريعي ..

رغم وجود قانون يعود الى سنة 2000 يقنّن المبادلات ويحدد طريقة التعامل حيث يفرض على البائع عبر الانترنات تقديم شروط لعملية التبادل والبيع كما ينص على تحديد طريقة الدفع منذ البداية وأيضا يحدد مختلف الأطر لتكون عملية البيع قانونية وتضمن حقوق الطرفين إلا أن هذا الإطار التشريعي بات اليوم لا يستوعب كل عمليات البيع الافتراضية التي تشهد ارتفاعا ملحوظا وخاصة بالنسبة للأنشطة الموازية التي تتم خارج القانون حيث أشارت مؤخرا إحصائيات البنك المركزي إلى وجود 1199 موقع عبر الانترنت يعطي إمكانية الدفع الالكتروني ولكن هذا ينسحب على القطاع القانوني والمنظم فقط .

وأمام هذه الفوضى التي باتت تحكم قطاع البيع الالكتروني طرحت منظمة الدفاع عن المستهلك جملة من التوصيات من أهمها الإسراع بوضع آليات لرصد مواقع التجارة الإلكترونية القانونية منها وغير القانونية واتخاذ الإجراءات الضرورية ضد المخالفين، الى جانب الاستعجال في وضع إطار قانوني خاص بالتجارة الإلكترونية وبالتجارة التي تستعمل مواقع التواصل الاجتماعي وإخضاعها لقواعد التجارة من إشهار الأسعار والضمان ومصلحة ما بعد البيع، مع توضيح دور البائع ودور القائم بتوصيل البضاعة وتمكين المستهلك من حق التقليب والاختيار ورفض الشراء عند عدم اقتناعه بالمنتوج. وفي ذات السياق كان رئيس الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص قد أكّد في تصريح سابق أنه "سيكون من المهم جدا حوكمة التجارة على وسائل التواصل الاجتماعي التي انفجرت في السنوات الأخيرة مستفيدة من ضعف الإطار التشريعي الذي ينظمها" .

وانطلق نقاش في مجلس نواب الشعب قبل العطلة البرلمانية الماضية حول ضرورة طرح مبادرة لمشروع قانون جديد ينظم التجارة على مواقع التواصل الاجتماعي وكان هناك اقتراح على ضرورة سحب كراس شروط من وزارة التجارة لممارسة هذا النشاط التجاري خاصة وأن هذه التجارة تدرّ اليوم أرباحا لأصحاب المحلات الافتراضية المنتصبة على "الفيس بوك" و"انستغرام" و"التيك توك" والتي تنافس القطاعات المنظمة منافسة غير شريفة ولا تتحمّل أي أعباء ضريبية.

منية العرفاوي