إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في نقاش مشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.. برمجة إنجاز 5 سدود.. و تنقيح مجلتي المياه والغابات

تونس-الصباح

قدم عز الدين بن الشيخ وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أمس بقصر باردو خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2025، أما النواب فقد أثاروا العديد من الإشكاليات التي يعاني منها الفلاحون والبحارة وتطرقوا بالخصوص إلى معضلة شح المياه وطالبوا بتوفير الماء الصالح للشرب لمتساكني المناطق الريفية بجهاتهم.

وبين الوزير أن مشروع مهمة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 يندرج في إطار تجسيم الخطة الإستراتيجية للتنمية  الفلاحية إلى أفق 2035 وأن هذه الخطة تعتبر تحولا حاسما في مسار السياسات العمومية الفلاحية نتيجة تنامي الوعي بضرورة تعديل المنوال التنموي الذي أظهر محدوديته في مجابهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي اشتدت حدتها منذ سنوات لتبلغ ذروتها إبان جائحة كوفيد ثم الحرب الأوكرانية الروسية.

وقال إن القطاع الفلاحي يعتبر ضمن البرامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني لقدرته على الصمود فهو من أهم القطاعات المكونة للناتج المحلي وذلك بنسبة تناهز 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، كما يعتبر مصدرا أساسيا لتوفير المواد الأولوية والاحتياجات الغذائية للمواطن التونسي وتحقيق أمنه الغذائي وهو يوفر مواطن شغل لمختلف الفئات الاجتماعية خاصة في المناطق الريفية، وفضلا عن ذلك فله دور هام في الصادرات الوطنية وذلك بنسبة 12 بالمائة بما يخفف عجز الميزان التجاري.

وفسر الوزير أن الخطة الإستراتيجية الرامية لتطوير مختلف منظومات القطاع الفلاحي وتحديثها، تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي وديمومته، وذلك بالمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها وحسن توظيفها ومتابعة كافة منظومات الإنتاج وحلقاته مع الحرص على تنويعه اعتمادا على تثمين نتائج البحث العلمي في المجال الفلاحي.

وبين أنه لتعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها منذ 25 جويلية في إطار أحكام الدستور الجديد، ومواكبة للتحولات الاقتصادية والرقمنة في ظل التغيرات المناخية ضمن رؤية القطاع والمتمثلة في فلاحة صامدة ودامجة ومستدامة مساندة للأمن الغذائي والمائي، تحرص الوزارة على اعتماد محاور الإستراتيجية المضمنة بالخطط التنموي 2023ـ 2025. وترتكز هذه الإستراتيجية  أساسا على حماية المواد الطبيعية وترشيد استغلالها عبر توفير مصادر مياه غير تقليدية، وحماية التنوع البيولوجي والحد من تأثير التغيرات المناخية، والحفاظ على ديمومة المنظومات الفلاحية، والنهوض بالاستثمار وتعصير المستغلات الفلاحية، ورقمنة القطاع الفلاحي، والحفاظ على مواطن الشغل وتحسين دخل الفلاح باعتماد مقاربة تنموية شاملة ودامجة لمختلف الشرائح خاصة صغار الفلاحين والشباب والمرأة في الوسط الريفي، وكل ذلك في ظل التحديات الصعبة التي يجابهها القطاع على غرار تواصل انحباس الأمطار لخمسة مواسم متتالية وارتفاع كلفة المواد الأولوية والمنتوجات الأساسية الموردة بما أثر على مردودية المنظومات الفلاحية وارتفاع كلفة الإنتاج إلى جانب محدودية آليات التمويل اللازمة لمواصلة النشاط الفلاحي فنسبة التمويل البنكي للمشاريع الفلاحية لا تتجاوز 7 بالمائة، في ظل عدم ملاءمة بعض التشريعات الحالية لتطوير أداء القطاع وتحسين حوكمته مع المحافظة على الموارد الطبيعية من مياه وغابات وضعف نسق رقمنة المنظومات الفلاحية وغياب إحصائيات هيكلية دقيقة ومحيّنة حول المستغلات الفلاحية.

سياسة تنموية

تحدث الوزير عز الدين بن الشيخ عن ركائز السياسة التنموية التي سيتم إتباعها بداية من سنة 2025 في القطاع الفلاحي وقال إنه بالنسبة للإنتاج الفلاحي سيتم العمل على المحافظة على توازن منظومات الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي والمائي مع المحافظة على استدامة الموارد الطبيعية. وبين أنه اعتبارا لأهمية الفلاحة المطرية بالنسبة لعديد القطاعات الإستراتجية مثل الحبوب وزيت الزيتون والتمور سيتم العمل على إفرادها ببرامج خصوصية ترتكز بالأساس على مستجدات البحث العلمي بهدف الحد من الإشكاليات التي تواجهها والتشجيع على نظم الإنتاج التي تعتمد على المحافظة على مقومات الخصوبة الطبيعية للأرض وقدراتها على اختزان مياه الأمطار وتثمينها. وذكر أنه سيتواصل العمل على تحسين القطاع السقوي على غرار التمور والقوارص من خلال التوسع المدروس في المناطق السقوية واستغلال المياه المعالجة المتوفرة.

وأضاف أنه بالنظر إلى أهمية المواد الأساسية من حبوب وألبان ومنتوجات الدواجن وغيرها في مجال الأمن الغذائي فإن سياسة التنمية الفلاحية سترتكز على مزيد العناية بهذه المنظومات من خلال إفرادها بسياسة دعم تمكن من تحسين مردوديتها والرفع من قدرتها على الاستجابة للحاجيات الداخلية للتوقي من مخاطر اضطرابات التزود وتذبذب الأسعار من خلال دعم منظومة الحبوب وتحسين المردودية وتنمية منظومة الأعلاف وإعادة التوازن لمنظومة تربية الماشية والعمل على المحافظة على جودة المنتجات وحماية المنظومات الفلاحية والتوقي من خطر الآفات الزراعية والأمراض الحيوانية.

وبين أنه في مجال الإنتاج الفلاحي سيتواصل العمل على دعم قدرات القطاع الفلاحي على التأقلم والحد من التأثيرات المناخية من خلال التشجيع على النظم الزراعية المحافظة على الموارد الطبيعية والقادرة على التأقلم، فضلا عن العمل على النهوض بسلاسل القيمة ودعم قدراتها التنفسية وتعزيز فرص التصدير من خلال دفع تموقع الفلاحة البيولوجية في الاقتصاد المحلي والعالمي وتطوير قطاع السياحة الإيكولوجية.

أما بالنسب للصيد البحري والأحياء المائية فسيتم العمل خلال السنة القادمة حسب ما أشار إليه الوزير، على التصدي لكل مظاهر الصيد العشوائي خاصة الصيد بالكيس مع تنقيح النصوص القانونية في اتجاه تشديد العقوبات، وتعميم برامج تحيين وتقييم مخزونات الأصناف البحرية بصفة دورية خاصة بعد اقتناء مركب صيد مجهز لتنفيذ هذه المهمة البحثية ، وتنظيم المهنة وتعديل السوق لمنتوجات الصيد البحري ومواصلة دعم منحة المحروقات.

ولاحظ بن الشيخ أن مختلف هذه الإجراءات تهدف إلى المحافظة على ديمومة المخزون السمكي ومكافحة الصيد العشوائي والجائر وتطوير منظومات الإنتاج والرفع من قدراتها التنافسية، واكتساح أسواق تصديرية جديدة وهو ما يتطلب مساهمة مختلف المتدخلين في القطاع. وأشار إلى أنه خلال سنة 2025 سيتواصل العمل على تكثيف الرقابة والترفيع في المساحات البحرية التي تمت حمايتها بالأرصفة الاصطناعية ودعم نشاط تربية الأحياء المائية عبر الترفيع في نسبة الإنتاج المحلي وإدخال أنواع وتقنيات جديدة مع دعم البحث العلمي وتثمين نتائجه في هذا المجال.

ولدى حديثه عن سياسة تنمية قطاع المياه، أكد الوزير أن جهود الوزارة خلال السنة القادمة سترتكز على انجاز العديد من المنشآت المائية من خلال دعم تحويل المياه والرفع من طاقة خزن السدود وحمايتها من الترسبات التي أصبحت تهدد استدامتها واعتماد التقنيات الملائمة التي تتماشى مع المحيط الطبيعي بهذه السدود ومراقبة أحواضها. وذكر أنه من المنتظر أيضا مواصلة تعبئة الموارد المائية السطحية لبلوغ نسبة تقدر بـ 95 بالمائة مقابل 92 بالمائة حاليا. وأضاف أن جهود الوزارة تتجه إلى مواصلة انجاز مشروع ربط سد سيدي سعد بسد الهوارب بالقيروان وسد الرغاي ومشروع الحماية من الفيضانات بوادي مجردة المنطقة السفلى 2 ومواصلة مشروع رفع طاقة خزن سد بوهرتمة ومشروع تحديث قنال مجردة بالوطن القبلي وتحويل مياه سد سيدي البراق وبجاوة ومشروع خزاني السعيدة والقلعة الكبرى. كما سيتم حسب قوله الانتهاء من انجاز سد ملاق العلوي والانطلاق الفعلي في انجاز سد تاسة بطاقة استيعاب تقدر بنحو 44 مليون متر مكعب، والانطلاق في إعداد الدراسات التفصيلية لمشروع حماية سد سيدي سالم من الترسبات ومشروع الحماية من الفيضانات للمنطقة السفلى الأولى الممتدة من سد سيدي سالم إلى سد العروسية. وأكد أنه خلال السنة القادمة سيتواصل العمل على تحقيق التوازن بين احتياجات الماء الصالح للشرب واحتياجات القطاعات الاقتصادية من خلال الحد من الفاقد في التوزيع عبر تحسين كفاءة الشبكات والتقليص في نسبة الفاقد عند المستثمرين من خلال برامج إرشادية وتوعوية، إضافة إلى مواصلة العمل على تطوير تعبئة الموارد المائية غير التقليدية لمجابهة التغيرات المناخية، وبرمجة توسعة محطات تحلية مياه البحر في المدن الساحلية الكبرى، وتقليل كميات المياه المهدورة بصيانة المنشآت المائية وتعهدها وتجديد ثلاث مائة كلم من القنوات المتقادمة، وتثمين الموارد المائية المتاحة من خلال إنشاء خزانات جديدة وتدعيم التحويل وتأمين تزويد مناطق الطلب على المياه بإعطاء الأولوية لمياه الشرب من خلال ربط السدود ونقل فائض المياه من مناطق الشمال إلى الوسط والجنوب، واستكمال مشاريع تحسين نسبة التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي وتعزيز الموارد المائية بانجاز الآبار العميقة وربطها بالشبكة وتجهيزها وكهربتها.

الغابات والأراضي الفلاحية

وتطرق الوزير عز الدين بالشيخ إلى برامج وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية لسنة 2025 في قطاع الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية، وأكد على مواصلة العمل على تجسيم الإستراتجيات والبرامج التي تم وضعها في المخطط الثلاثي 2023ـ 2025 أو في إطار الاستراتجيات القطاعية وتهم بالخصوص المجالات الآتي ذكرها: تثبيت الغطاء الغابي والرعوي والترفيع في نسبته، ودعم الوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئة للغابات، وترتيب الأولويات في علاقة بالاستثمار، وضبط برامج التنمية حسب خصوصيات الجهات ومتطلباتها مع دعم اللامركزية في مجال اتخاذ القرارات وتنفيذها، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص في مجال تنمية الثروة الغابية والرعوية، والتنظيم المهني والاجتماعي للمستغلين في إطار مجامع تنموية للمساهمة في تأطيرهم عند انجاز الأشغال المتعلقة بالمحافظة على المياه والتربة وعمليات الإحياء والاستغلال وعمليات الصيانة للمنشآت، وتكثيف عمليات الإحياء بالمناطق المهيأة وذلك بإعطائها الأولوية ضمن برامج تنموية، وتكثيف عمليات استغلال المياه المجمعة بالبحيرات وذلك بمواصلة تجهيز جميع البحيرات القابلة للاستغلال الفلاحي، ومواصلة التشجيع على إحداث مقاولات خاصة للمساهمة في انجاز برامج المحافظة على المياه والتربة، واعتماد طريقة التهيئة الشاملة والمتكاملة للمصبات وذلك لإعطاء جدوى أكبر للمشاريع المنجزة والابتعاد قدر المستطاع عن التدخلات المتشتتة.

أرقام الميزانية

واستعرض الوزير عز الدين بن الشيخ خلال الجلسة البرلمانية أبرز الأرقام الواردة في مشروع ميزانية مهمة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 والذي تم إعداده في إطار مقتضيات القانون الأساسي للميزانية والتوجهات الواردة في منشور رئيس الحكومة بتاريخ 29 مارس 2024 وبالاعتماد على منهجية التصرف في الميزانية حسب الأهداف.

وقال إن اعتمادات الدفع قدرت بـ2279  مليار أي بنسبة تطور قدرها 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية. وتتوزع هذه الاعتمادات حسب الأقسام كما يلي: قسم التأجير 702 مليون دينار، وقسم التسيير 41 فاصل 9 مليون دينار، وقسم التدخل  867 فاصل 8 مليون دينار، وقسم الاستثمارات 667 فاصل 367 مليون دينار. وتتوزع الاعتمادات حسب البرامج على النحو التالي: برنامج الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتوجات الفلاحية والغذائية 465 فاصل 795 مليون دينار وهو ما يمثل 20 بالمائة من الميزانية، وبرنامج الصيد البحري وتربية الأحياء المائية 143 مليون دينار أي بنسبة 6 بالمائة من الميزانية، وبرنامج المياه 850 فاصل 772 مليون دينار وهو ما يمثل 37 بالمائة من الميزانية، وبرنامج الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية 371 فاصل 790 مليون دينار وهو ما يمثل 16 بالمائة من الميزانية، وبرنامج التعليم العالي والبحث والتكوين والإرشاد الفلاحي 229 فاصل 730 مليون دينار وهو ما يمثل 10 بالمائة من مشروع الميزانية، وبرنامج القيادة والمساندة حوالي 218 مليون دينار وهو ما يمثل 10 بالمائة من مشروع الميزانية.

وخلص الوزير إلى أن أهم نسبة من النفقات المبرمجة في مشروع الميزانية المقترحة لسنة 2025 خصصت للمياه، وفي المرتبة الثانية برنامج الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتوجات الفلاحية والغذائية وهو ما يعكس التمشي القائم على ضمان الأمن المائي والغذائي من خلال التصرف المحكم في الموارد المائية لمجابهة الطلب خلال فترات الجفاف المتتالية مع تحفيز الاستثمار لقطاعات الإنتاج ومنح الأهمية اللازمة للمشاريع المعطلة التي تشهد صعوبات في تنفيذها.

وقال إن تونس تتطلع للمرور من مفهوم الأمن الغذائي الذي يمكن تحقيقه حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى التوريد وما يمثله من عبء على ميزانية الدولة والميزان التجاري الغذائي في ظل الارتفاع المشط لأسعار المنتوجات الفلاحي،  إلى مفهوم السيادة الغذائية التي تتطلب مزيد المراهنة على المنتوج الوطني، ويرى الوزير أن تحقيق هذا الهدف الطموح يتطلب تعديل الخارطة الفلاحية بما يتماشى مع الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية المتاحة والحد من ضياع المنتوجات الفلاحية من مرحلة الجني والحصاد إلى الاستهلاك فضلا عن مراجعة عميقة للتقاليد الغذائية. وذكر أن التحدي الكبير الذي يواجه القطاع الفلاحي يتمثل في الرفع في طاقة الإنتاج لتوفير الغذاء وذلك في ظل تزايد عدد السكان مقابل تقلص الموارد المائية وتراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة جراء الزحف العمراني والانجراف والتملح والتلوث إلى جانب تنامي التهديد البيولوجي بسبب التغيرات المناخية وما يتبعه من آفات جديدة تهدد المحاصيل، ويرى أن الملاذ الوحيد لتحقيق الأمن الغذائي يتمثل في المراهنة على الطاقات البشرية والمائية المتوفرة مع الحرص على الاستغلال الأمثل للمعرفة وتوظيف كل الموارد الطبيعية المتاحة من تحلية للمياه المالحة ولمياه البحر واستعمال المياه المعالجة وتثمين الموارد الجينية المحلية.

وأكد بن الشيخ أن وزارته حريصة على التفاعل الإيجابي مع توصيات النواب ومقترحاتهم بما يخدم الأمن الغذائي المستدام.

توصيات النواب

خلال النقاش العام لمشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 أوصى نواب الشعب بالتسريع في إحالة مشروع مجلة المياه على البرلمان، ومعالجة المشاكل الناجمة من نقص الموارد المائية خاصة في فصل الصيف وترشيد الاستهلاك والحد من الانقطاعات المتكررة، وتجديد الشبكات للتقليص من كمية المياه المهدورة وإنشاء السدود ومحطات تحلية مياه البحر والحد من الحفر العشوائي للآبار وإيجاد حلول لمشاكل الجمعيات المائية، كما تطرقوا إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجه قطاع الفلاحة بسبب تتالي سنوات الجفاف ونقص البذور والأعلاف وغلاء  الأسعار، وشددوا على ضرورة العناية بتصدير المنتوجات الفلاحية  وبحث أسواق جديدة لترويجها وعدم الاقتصار على الأسواق التقليدية.

عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة لينتصر الشعب نجيب العكرمي بين أن تونس مرت تاريخيا من مرحلة تأميم الأراضي الزراعية من الاستعمار إلى مرحلة تأمين الأراضي التونسية من لوبيات الفساد أما اليوم فتونس في مرحلة التحرير وعلى الوزارة استرجاع الأراضي الدولية التي استولت عليها اللوبيات. وطالب النائب بإعادة هيكلة المندوبيات الجهوية، وتثمين شهادات التكوين المهني الفلاحي، والحفاظ على المشاتل الأصلية والبذور وتلافي التبعية للخارج، وتنقيح مجلة المياه وقال إنه لا يعقل تحجير حفر الآبار في قفصة خاصة في سيدي يعيش وزانوش بما أدى إلى تعطيل مشاريع صغار الفلاحين والشباب، ودعا إلى توفير ماء الشرب لمتساكني العبابسة الجبل وحاج بوعلاق وأولاد بن سعد وأولاد وهيبة وباطن زانوش والبهلولة والسند والدبايبية والنوامر والبياضة وبلخير والحوض المنجمي والسقدود والرديف وسيدي بوبكر.

السيادة الغذائية

وقالت دلال اللموشي النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم إن أبرز شعارات مسار 25 جويلية هو السيادة الوطنية، ولكن لا سيادة وطنية دون سيادة غذائية ولا سيادة غذائية دون تركيز مقومات إصلاح زراعي شامل، ولا إصلاح زراعي في ظل وجود مئات الآلاف من الهكتارات وعشرات الضيعات الفلاحية الدولية موزعة حسب الولاءات والمحاباة في إطار اقتصاد رجعي فاسد، مقابل حرمان الشباب والعاطلين عن العمل والمزارعين الصغار من استغلال هذه الثروات الوطنية في إطار اقتصاد أهلي يقوم على قيم العمل والتضامن وتكثيف الإنتاج وتحقيق الوفرة وتقاسم الخيرات والمنافع والإشعاع على المحيط الخارجي وتكريس المسؤولية المجتمعية. وتساءلت اللموشي هل تم التفكير في إعداد خارطة مناخية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية والمعدلات المطرية وعلى أساسها يتم تعديل الخارطة الفلاحية. وقالت إن الوزير السابق كان قد تحدث عن توجه لدعم إنتاج الزياتين بهدف بلوغ مليون طن من الزيت للاستهلاك الداخلي وتوجيه الفائض للأسواق العالمية وتوفير عائدات من العملة الأجنبية يتم من خلالها تغطية عجز ميزان المبادلات الغذائية.. وتحدثت النائبة عن تعطل مشروع سد سرات ودعت إلى استكماله وإلى تنمية الزراعات السقوية وإنجاز مشروع تهيئة حوض واد تاسة الذي سيمس نبر والكاف الشرقية والسرس والدهماني والقصور. وتطرقت للمشاكل التي يعاني منها صغار الفلاحين في الكاف بسبب المديونية وتساءلت متى سيقع تفعيل صندوق الجوائح وتعويض الفلاحين المتضررين، ودعت إلى اعتماد حوكمة جديدة للجمعيات المائية وعبرت عن رغبتها في التدخل العاجل لإنقاذ الموسم الفلاحي بباجة.

انطلاقة سيئة

وصف صلاح الفرشيشي عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة الأمانة انطلاقة الموسم الفلاحي بالبطيئة والسيئة بسبب نقص البذور وأحيانا انعدامها ونقص الأسمدة وتأخر إصدار الأمر المتعلق بالمناطق المجاحة والاضطراب غير المسبوق في قطاع الدواجن، واضطراب في قطاع الزيت، ونقص المياه في المناطق السقوية لتصبح هذه المناطق بعلية، ونقص إنتاج الخضروات خاصة البطاطا وذكر أن هذا النقص ليس مرده الاحتكار فقط بل هو نتيجة نقص الإنتاج جراء الخسائر التي تكبدها الفلاحون خلال الموسم الماضي كما أن مربي الأبقار يتكبدون خسائر كبيرة من أجل المحافظة على القطيع على أمل مساندتهم من قبل الدولة خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف . ودعا النائب إلى برمجة مشروع تزويد منطقتي عين الحاج من عمادة العواوضة وعمادة بني محمد ببلطة بوعوان بالماء الصالح للشرب، وإنجاز المشاريع المعطلة المتعلقة بتزويد منطقتي الشواولة والمنقوش بالماء.

صندوق الجوائح

عبد الرؤوف كلاعي النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار إلى أن القطاع الفلاحي يعد من أهم القطاعات لكنه يعاني حاليا للعديد من الكثير من النقائص أهمها فقدان البذور في العديد من الولايات رغم انطلاق موسم الزراعات الكبرى، كما هناك من الفلاحين من تحصلوا على موافقة على المنحة لكن وكالة النهوض بالاستثمار تخلفت عن تقديم المنحة فوجدوا صعوبات مع البنك الفلاحي. وذكر أنه يوجد مشكل آخر في علاقة بصندوق الجوائح نظرا للتأخير في إسناد التعويضات للمتضررين. وطالب الكلاعي بانجاز جسر فوق سد سرات.

نقص الأعلاف

ريم المعشاوي النائبة عن كتلة صوت الجمهورية بينت أن منظومات الألبان واللحوم الحمراء وتربية الماشية قطاعات تمر جميعها بأزمة واستفسرت عن حلول وزارة الفلاحة لدعمها، وذكرت أنه يجب توجيه الدعم للفلاح وليس للمصنع، وتحدث عن معاناة مربي الأبقار وظاهرة تهريب القطيع والنقص الكبير في الأعلاف المدعمة. ولاحظت تراجع سعر الزيتون في الأسواق، وطالبت ديوان الزيت بلعب دوره وشراء المنتوج من الفلاحين بسعر مقبول، كما طالبت بتوفير نقاط بيع الخضروات والغلال من المنتج إلى المستهلك في جميع الولايات بما يساعد على تعديل الأسعار،  وتساءلت أين دور ديوان الأراضي الدولية في إنتاج الخضروات والغلال وهل هناك برنامج لإعادة تأهيله والحيلولة دون الاحتكار. ودعت المعشاوي الوزارة إلى تمكين الباعثين الشبان من مهندسين وفنيين ومعطلين عن العمل من التمويل اللازم لبعث مشاريع فلاحية. وذكرت أن الفلاحين تعودوا على التعامل بالشيك وخلاص التجار بعد بيع المنتوج أما اليوم فلم تعد هذه الإمكانية متاحة وتساءلت ما الحل. وأضافت أن أكثر من 60 بالمائة من أراضي الكاف مهددة بالانجراف وهو ما يتطلب تغيير منوالها التنموي الفلاحي وإعادة هيكلة الزراعات الكبرى وتوفير الماء الصالح للشراب لهذه الجهة المهددة بالعطش لأنها تعتمد على المياه الجوفية فقط.

تعطل انجاز السدود

ولاحظ لطفي الطاهر النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن وزارة الفلاحة تلعب دورا حيويا في الاقتصاد الوطني لأنها تشرف على قطاع يمثل ركيزة أساسية في الأمن الغذائية والتنمية الاقتصادية. وتساءل عن أسباب تعطيل انجاز بعض السدود والبحيرات الجبلية بسليانة كسد تاسة وسد واد وزافة، واستفسر عن أسباب تعطيل سد واد أركو بالكريب إذ لم يقع استغلاله منذ 2005 وطالب بصيانة بعض المناطق السقوية ومنها المنطقة السقوية بالخروبة والمنطقة السقوية فوار السنوسي بسيدي حمادة. واستفسر النائب عن موعد الترفيع في طاقة استيعاب سد سليانة ودعا إلى العناية بسد الخماس وبمحمية سيدي حمادة التي تشكو من نقص العملة وضعف المراقبة وطالب بتوجيه بعض أنواع البذور التي لا تتماشى مع طبيعة المنطقة ونقص كميات البذور ونقص في الأسمدة والتمويل وطالب بإعادة هيكلة ديوان الأراضي الدولية.

تنويع المنتوج

وتعقيبا على استفسارات عدد كبير من النواب قدم وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عز الدين بن الشيخ مساء أمس معطيات حول مساهمة قطاع الفلاحة والصيد البحري في الاقتصاد والتشغيل وركائز سياسة تنمية القطاع. وتفاعلا مع مطلب تأمين السيادة الغذائية، بين أن القطاع الفلاحي يسعى لتحقيق السيادة الغذائية وفق الرؤية الإستراتجية لهذا القطاع في أفق 2035 حيث يتمثل الرهان الأكبر في توفير منتجات فلاحية متنوعة وذات قيمة مضافة عالية ومثمنة للموارد الطبيعية وقادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وتساهم في تأمين جزء هام من الحاجيات الوطنية من مواد غذائية من خلال تحسين مردودية المنظومات الفلاحية والرفع من نسبة تغطية الحاجيات الوطنية من المواد الأساسية بالتوازي مع تطوير أنظمة استهلاكية مستدامة، ودعم الصحة النباتية والحيوانية، وتشجيع نظم الإنتاج التي تحافظ على مقومات الخصوبة الطبيعية للأراضي وقدرتها على تخزين مياه الأمطار، وتعزيز تموقع الفلاحة البيولوجية ونظام المراقبة. وقال إنه بالتوازي سيتم العمل على تطوير النصوص القانونية والترتيبية لتحسين الخدمات العمومية في القطاع الفلاحي.. وذكر انه تم الشروع فعليا في رقمنة المنظومات الفلاحية مثل منظومة الحبوب.

وردا على النواب الذين طالبوا بإقامة السدود والبحيرات الجبلية بين الوزير أنه سيواصل تنفيذ البرنامج الوطني لتحسين نسبة تعبئة الموارد المائية السطحية والمقرة حاليا بـ93 بالمائة وذلك باستكمال انجاز خمسة سدود وبرمجة انجاز خمسة سدود أخرى وهي تاسة والراغي والمالح العلوي وسليانة واحد وبولعابة، وسيتم إنجاز مشاريع تحويل المياه والترفيع في طاقة السدود كتعلية سد نبهانة وسد سليانة ونقل مياه سد بربرة الى الكاف وسليانة.

وبخصوص المجامع المائية بين أن نسبة التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بلغت 95 فاصل 2 بالمائة في نهاية 2023 و54 فاصل 6 بالمائة منها عن طريق "الصوناد" وتشمل ما يزيد عن 2400 مؤسسة عمومية من مدارس ومستوصفات ومساجد، ويبلغ عدد المجامع المكلفة بالتزويد بالماء الصالح للشرب حاليا 1450 مجمعا. وقال إن منظومة المجامع تشهد عدة صعوبات لذلك انطلقت الوزارة منذ 2006 في إحالة المنظومات المائية المعقدة للصوناد، وأضاف أنه تمت برمجة توجيه إحالة 23 منظومة مائية معقدة بولايات القصرين والقيروان وسيدي بوزيد وأريانة وبن عروس ونابل وسليانة وجندوبة خلال سنوات 2026 ـ 2030. وأكد الحرص على إعادة تنشيط المجامع المائية وبالتوازي سيتم إيجاد حلول بدليلة لإدارة المياه في الوسط الريفي.

وبخصوص التزود بمياه الشرب عن طريق الصوناد بين أن الجفاف أدى إلى تراجع مخزون السدود والموائد بما تسبب في اضطرابات في التزود بالماء في الساحل والوطن القبلي والكاف وزغوان وتطاوين وسليانة وصفاقس لذلك تم إعداد برامج لمجابهة ذروة الاستهلاك وقدم الوزير معطيات ضافية عن هذا البرنامج.. وفي علاقة بمشكل نقص مياه الري بين أنه تم اعتماد نظام الحصص والتشجيع على استعمال المياه المعالجة. وتطرق بن الشيخ إلى مشاريع تطوير المناطق السقوية والجهود المبذولة للحد من الحفر العشوائي للآبار.

تنقيح النصوص القانونية

ولدى حديثه عن مجلة المياه قال الوزير إنها لم تعد تتلاءم مع الدستور وتطلب الأمر مراجعتها ونص مشروع القانون الجديد على الترفيع في عقوبات الاعتداءات على الملك العمومي للمياه بما يتلاءم مع الجريمة المرتكبة وهذا المشروع في مرحلته الأخيرة قبل تمريره على مجلس الوزراء وإحالته إلى المجلسين النيابيين.

وبالنسبة إلى مشروع مجلة الغابات فنص على تخصيص نسبة 20 بالمائة من المنتوجات المعروضة للبيع عن طريق البتات لفائدة الشركات الأهلية والشركات التعاونية للخدمات الفلاحية والباعثين الشبان باستثناء الخشب والفلين، كما نص على إعادة هيكلة سكان الغابات وتنظيمهم صلب هياكل محلية لتنمية الغابات والمراعي، وإقرار إمكانية إبرام اتفاقيات بين الوزارة والهياكل المحلية لتنمية الغابات والمراعي، وسحب التدابير التشجيعية التي تتخذها الدولة في نطاق مجلة الغابات والمراعي على المنتوجات غير الخشبية، واقتراح التمديد في المدة القصوى للإشغال الوقتي من 5 إلى 10 سنوات، والترفيع في قيمة الخطايا المستوجبة للمخالفات الغابية والجرائم لتعزيز الجانب الردعي وحماية الثورة الغابية. وقال إن مشروع تنقيح مجلة الغابات وإتمامها بصدد الإحالة لمصالح رئاسة الحكومة.

وقدم الوزير للنواب معطيات حول مشاريع ترمي لدعم قطاع الصيد البحري وتحدث عن الجهود المبذولة للتصدي للصيد العشوائي وقال إن الوزارة تعمل على تعديل بعض النصوص الترتيبية ذات العلاقة بهذا القطاع. وردا على النواب الذين طالبوا بتوفير البذور بين أن كمية البذور المثبتة الموضوعة في الجهات بلغت 180 ألف قنطار وهو ما يمثل 70 من الكميات المبرمجة. أما البذور المراقبة فبلغت كميات بذور الشعير 70 ألف قنطار، وبخصوص الأعلاف بين أنه رغم استقرار كلفة الإنتاج يبقى وضع منظومة الألبان هشا لذلك تم اتخاذ إجراءات للضغط على كلفة الإنتاج من خلال إحداث ديوان وطني للأعلاف وعدد الوزير التدخلات التي أمنها هذا الديوان. كما قدم  للنواب أرقاما تتعلق بموسم جني الزيتون وهو موسم واعد من حيث الإنتاج والتصدير رغم تراجع الأسعار على الصعيدين الداخلي والعالمي. وبين أن السعر الحالي في السوق التونسية في حدود 14 دينار و400 مليم. واستعرض التدخلات التي سيقوم بها ديوان الزيت وذكر أنه سيتم إقرار برنامج لتخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين الخواص  في صورة تواصل تراجع الأسعار..

سعيدة بوهلال

في نقاش مشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري..   برمجة إنجاز 5 سدود.. و تنقيح مجلتي المياه والغابات

تونس-الصباح

قدم عز الدين بن الشيخ وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أمس بقصر باردو خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2025، أما النواب فقد أثاروا العديد من الإشكاليات التي يعاني منها الفلاحون والبحارة وتطرقوا بالخصوص إلى معضلة شح المياه وطالبوا بتوفير الماء الصالح للشرب لمتساكني المناطق الريفية بجهاتهم.

وبين الوزير أن مشروع مهمة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 يندرج في إطار تجسيم الخطة الإستراتيجية للتنمية  الفلاحية إلى أفق 2035 وأن هذه الخطة تعتبر تحولا حاسما في مسار السياسات العمومية الفلاحية نتيجة تنامي الوعي بضرورة تعديل المنوال التنموي الذي أظهر محدوديته في مجابهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي اشتدت حدتها منذ سنوات لتبلغ ذروتها إبان جائحة كوفيد ثم الحرب الأوكرانية الروسية.

وقال إن القطاع الفلاحي يعتبر ضمن البرامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني لقدرته على الصمود فهو من أهم القطاعات المكونة للناتج المحلي وذلك بنسبة تناهز 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، كما يعتبر مصدرا أساسيا لتوفير المواد الأولوية والاحتياجات الغذائية للمواطن التونسي وتحقيق أمنه الغذائي وهو يوفر مواطن شغل لمختلف الفئات الاجتماعية خاصة في المناطق الريفية، وفضلا عن ذلك فله دور هام في الصادرات الوطنية وذلك بنسبة 12 بالمائة بما يخفف عجز الميزان التجاري.

وفسر الوزير أن الخطة الإستراتيجية الرامية لتطوير مختلف منظومات القطاع الفلاحي وتحديثها، تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي وديمومته، وذلك بالمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها وحسن توظيفها ومتابعة كافة منظومات الإنتاج وحلقاته مع الحرص على تنويعه اعتمادا على تثمين نتائج البحث العلمي في المجال الفلاحي.

وبين أنه لتعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها منذ 25 جويلية في إطار أحكام الدستور الجديد، ومواكبة للتحولات الاقتصادية والرقمنة في ظل التغيرات المناخية ضمن رؤية القطاع والمتمثلة في فلاحة صامدة ودامجة ومستدامة مساندة للأمن الغذائي والمائي، تحرص الوزارة على اعتماد محاور الإستراتيجية المضمنة بالخطط التنموي 2023ـ 2025. وترتكز هذه الإستراتيجية  أساسا على حماية المواد الطبيعية وترشيد استغلالها عبر توفير مصادر مياه غير تقليدية، وحماية التنوع البيولوجي والحد من تأثير التغيرات المناخية، والحفاظ على ديمومة المنظومات الفلاحية، والنهوض بالاستثمار وتعصير المستغلات الفلاحية، ورقمنة القطاع الفلاحي، والحفاظ على مواطن الشغل وتحسين دخل الفلاح باعتماد مقاربة تنموية شاملة ودامجة لمختلف الشرائح خاصة صغار الفلاحين والشباب والمرأة في الوسط الريفي، وكل ذلك في ظل التحديات الصعبة التي يجابهها القطاع على غرار تواصل انحباس الأمطار لخمسة مواسم متتالية وارتفاع كلفة المواد الأولوية والمنتوجات الأساسية الموردة بما أثر على مردودية المنظومات الفلاحية وارتفاع كلفة الإنتاج إلى جانب محدودية آليات التمويل اللازمة لمواصلة النشاط الفلاحي فنسبة التمويل البنكي للمشاريع الفلاحية لا تتجاوز 7 بالمائة، في ظل عدم ملاءمة بعض التشريعات الحالية لتطوير أداء القطاع وتحسين حوكمته مع المحافظة على الموارد الطبيعية من مياه وغابات وضعف نسق رقمنة المنظومات الفلاحية وغياب إحصائيات هيكلية دقيقة ومحيّنة حول المستغلات الفلاحية.

سياسة تنموية

تحدث الوزير عز الدين بن الشيخ عن ركائز السياسة التنموية التي سيتم إتباعها بداية من سنة 2025 في القطاع الفلاحي وقال إنه بالنسبة للإنتاج الفلاحي سيتم العمل على المحافظة على توازن منظومات الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي والمائي مع المحافظة على استدامة الموارد الطبيعية. وبين أنه اعتبارا لأهمية الفلاحة المطرية بالنسبة لعديد القطاعات الإستراتجية مثل الحبوب وزيت الزيتون والتمور سيتم العمل على إفرادها ببرامج خصوصية ترتكز بالأساس على مستجدات البحث العلمي بهدف الحد من الإشكاليات التي تواجهها والتشجيع على نظم الإنتاج التي تعتمد على المحافظة على مقومات الخصوبة الطبيعية للأرض وقدراتها على اختزان مياه الأمطار وتثمينها. وذكر أنه سيتواصل العمل على تحسين القطاع السقوي على غرار التمور والقوارص من خلال التوسع المدروس في المناطق السقوية واستغلال المياه المعالجة المتوفرة.

وأضاف أنه بالنظر إلى أهمية المواد الأساسية من حبوب وألبان ومنتوجات الدواجن وغيرها في مجال الأمن الغذائي فإن سياسة التنمية الفلاحية سترتكز على مزيد العناية بهذه المنظومات من خلال إفرادها بسياسة دعم تمكن من تحسين مردوديتها والرفع من قدرتها على الاستجابة للحاجيات الداخلية للتوقي من مخاطر اضطرابات التزود وتذبذب الأسعار من خلال دعم منظومة الحبوب وتحسين المردودية وتنمية منظومة الأعلاف وإعادة التوازن لمنظومة تربية الماشية والعمل على المحافظة على جودة المنتجات وحماية المنظومات الفلاحية والتوقي من خطر الآفات الزراعية والأمراض الحيوانية.

وبين أنه في مجال الإنتاج الفلاحي سيتواصل العمل على دعم قدرات القطاع الفلاحي على التأقلم والحد من التأثيرات المناخية من خلال التشجيع على النظم الزراعية المحافظة على الموارد الطبيعية والقادرة على التأقلم، فضلا عن العمل على النهوض بسلاسل القيمة ودعم قدراتها التنفسية وتعزيز فرص التصدير من خلال دفع تموقع الفلاحة البيولوجية في الاقتصاد المحلي والعالمي وتطوير قطاع السياحة الإيكولوجية.

أما بالنسب للصيد البحري والأحياء المائية فسيتم العمل خلال السنة القادمة حسب ما أشار إليه الوزير، على التصدي لكل مظاهر الصيد العشوائي خاصة الصيد بالكيس مع تنقيح النصوص القانونية في اتجاه تشديد العقوبات، وتعميم برامج تحيين وتقييم مخزونات الأصناف البحرية بصفة دورية خاصة بعد اقتناء مركب صيد مجهز لتنفيذ هذه المهمة البحثية ، وتنظيم المهنة وتعديل السوق لمنتوجات الصيد البحري ومواصلة دعم منحة المحروقات.

ولاحظ بن الشيخ أن مختلف هذه الإجراءات تهدف إلى المحافظة على ديمومة المخزون السمكي ومكافحة الصيد العشوائي والجائر وتطوير منظومات الإنتاج والرفع من قدراتها التنافسية، واكتساح أسواق تصديرية جديدة وهو ما يتطلب مساهمة مختلف المتدخلين في القطاع. وأشار إلى أنه خلال سنة 2025 سيتواصل العمل على تكثيف الرقابة والترفيع في المساحات البحرية التي تمت حمايتها بالأرصفة الاصطناعية ودعم نشاط تربية الأحياء المائية عبر الترفيع في نسبة الإنتاج المحلي وإدخال أنواع وتقنيات جديدة مع دعم البحث العلمي وتثمين نتائجه في هذا المجال.

ولدى حديثه عن سياسة تنمية قطاع المياه، أكد الوزير أن جهود الوزارة خلال السنة القادمة سترتكز على انجاز العديد من المنشآت المائية من خلال دعم تحويل المياه والرفع من طاقة خزن السدود وحمايتها من الترسبات التي أصبحت تهدد استدامتها واعتماد التقنيات الملائمة التي تتماشى مع المحيط الطبيعي بهذه السدود ومراقبة أحواضها. وذكر أنه من المنتظر أيضا مواصلة تعبئة الموارد المائية السطحية لبلوغ نسبة تقدر بـ 95 بالمائة مقابل 92 بالمائة حاليا. وأضاف أن جهود الوزارة تتجه إلى مواصلة انجاز مشروع ربط سد سيدي سعد بسد الهوارب بالقيروان وسد الرغاي ومشروع الحماية من الفيضانات بوادي مجردة المنطقة السفلى 2 ومواصلة مشروع رفع طاقة خزن سد بوهرتمة ومشروع تحديث قنال مجردة بالوطن القبلي وتحويل مياه سد سيدي البراق وبجاوة ومشروع خزاني السعيدة والقلعة الكبرى. كما سيتم حسب قوله الانتهاء من انجاز سد ملاق العلوي والانطلاق الفعلي في انجاز سد تاسة بطاقة استيعاب تقدر بنحو 44 مليون متر مكعب، والانطلاق في إعداد الدراسات التفصيلية لمشروع حماية سد سيدي سالم من الترسبات ومشروع الحماية من الفيضانات للمنطقة السفلى الأولى الممتدة من سد سيدي سالم إلى سد العروسية. وأكد أنه خلال السنة القادمة سيتواصل العمل على تحقيق التوازن بين احتياجات الماء الصالح للشرب واحتياجات القطاعات الاقتصادية من خلال الحد من الفاقد في التوزيع عبر تحسين كفاءة الشبكات والتقليص في نسبة الفاقد عند المستثمرين من خلال برامج إرشادية وتوعوية، إضافة إلى مواصلة العمل على تطوير تعبئة الموارد المائية غير التقليدية لمجابهة التغيرات المناخية، وبرمجة توسعة محطات تحلية مياه البحر في المدن الساحلية الكبرى، وتقليل كميات المياه المهدورة بصيانة المنشآت المائية وتعهدها وتجديد ثلاث مائة كلم من القنوات المتقادمة، وتثمين الموارد المائية المتاحة من خلال إنشاء خزانات جديدة وتدعيم التحويل وتأمين تزويد مناطق الطلب على المياه بإعطاء الأولوية لمياه الشرب من خلال ربط السدود ونقل فائض المياه من مناطق الشمال إلى الوسط والجنوب، واستكمال مشاريع تحسين نسبة التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي وتعزيز الموارد المائية بانجاز الآبار العميقة وربطها بالشبكة وتجهيزها وكهربتها.

الغابات والأراضي الفلاحية

وتطرق الوزير عز الدين بالشيخ إلى برامج وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية لسنة 2025 في قطاع الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية، وأكد على مواصلة العمل على تجسيم الإستراتجيات والبرامج التي تم وضعها في المخطط الثلاثي 2023ـ 2025 أو في إطار الاستراتجيات القطاعية وتهم بالخصوص المجالات الآتي ذكرها: تثبيت الغطاء الغابي والرعوي والترفيع في نسبته، ودعم الوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئة للغابات، وترتيب الأولويات في علاقة بالاستثمار، وضبط برامج التنمية حسب خصوصيات الجهات ومتطلباتها مع دعم اللامركزية في مجال اتخاذ القرارات وتنفيذها، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص في مجال تنمية الثروة الغابية والرعوية، والتنظيم المهني والاجتماعي للمستغلين في إطار مجامع تنموية للمساهمة في تأطيرهم عند انجاز الأشغال المتعلقة بالمحافظة على المياه والتربة وعمليات الإحياء والاستغلال وعمليات الصيانة للمنشآت، وتكثيف عمليات الإحياء بالمناطق المهيأة وذلك بإعطائها الأولوية ضمن برامج تنموية، وتكثيف عمليات استغلال المياه المجمعة بالبحيرات وذلك بمواصلة تجهيز جميع البحيرات القابلة للاستغلال الفلاحي، ومواصلة التشجيع على إحداث مقاولات خاصة للمساهمة في انجاز برامج المحافظة على المياه والتربة، واعتماد طريقة التهيئة الشاملة والمتكاملة للمصبات وذلك لإعطاء جدوى أكبر للمشاريع المنجزة والابتعاد قدر المستطاع عن التدخلات المتشتتة.

أرقام الميزانية

واستعرض الوزير عز الدين بن الشيخ خلال الجلسة البرلمانية أبرز الأرقام الواردة في مشروع ميزانية مهمة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 والذي تم إعداده في إطار مقتضيات القانون الأساسي للميزانية والتوجهات الواردة في منشور رئيس الحكومة بتاريخ 29 مارس 2024 وبالاعتماد على منهجية التصرف في الميزانية حسب الأهداف.

وقال إن اعتمادات الدفع قدرت بـ2279  مليار أي بنسبة تطور قدرها 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية. وتتوزع هذه الاعتمادات حسب الأقسام كما يلي: قسم التأجير 702 مليون دينار، وقسم التسيير 41 فاصل 9 مليون دينار، وقسم التدخل  867 فاصل 8 مليون دينار، وقسم الاستثمارات 667 فاصل 367 مليون دينار. وتتوزع الاعتمادات حسب البرامج على النحو التالي: برنامج الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتوجات الفلاحية والغذائية 465 فاصل 795 مليون دينار وهو ما يمثل 20 بالمائة من الميزانية، وبرنامج الصيد البحري وتربية الأحياء المائية 143 مليون دينار أي بنسبة 6 بالمائة من الميزانية، وبرنامج المياه 850 فاصل 772 مليون دينار وهو ما يمثل 37 بالمائة من الميزانية، وبرنامج الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية 371 فاصل 790 مليون دينار وهو ما يمثل 16 بالمائة من الميزانية، وبرنامج التعليم العالي والبحث والتكوين والإرشاد الفلاحي 229 فاصل 730 مليون دينار وهو ما يمثل 10 بالمائة من مشروع الميزانية، وبرنامج القيادة والمساندة حوالي 218 مليون دينار وهو ما يمثل 10 بالمائة من مشروع الميزانية.

وخلص الوزير إلى أن أهم نسبة من النفقات المبرمجة في مشروع الميزانية المقترحة لسنة 2025 خصصت للمياه، وفي المرتبة الثانية برنامج الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتوجات الفلاحية والغذائية وهو ما يعكس التمشي القائم على ضمان الأمن المائي والغذائي من خلال التصرف المحكم في الموارد المائية لمجابهة الطلب خلال فترات الجفاف المتتالية مع تحفيز الاستثمار لقطاعات الإنتاج ومنح الأهمية اللازمة للمشاريع المعطلة التي تشهد صعوبات في تنفيذها.

وقال إن تونس تتطلع للمرور من مفهوم الأمن الغذائي الذي يمكن تحقيقه حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى التوريد وما يمثله من عبء على ميزانية الدولة والميزان التجاري الغذائي في ظل الارتفاع المشط لأسعار المنتوجات الفلاحي،  إلى مفهوم السيادة الغذائية التي تتطلب مزيد المراهنة على المنتوج الوطني، ويرى الوزير أن تحقيق هذا الهدف الطموح يتطلب تعديل الخارطة الفلاحية بما يتماشى مع الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية المتاحة والحد من ضياع المنتوجات الفلاحية من مرحلة الجني والحصاد إلى الاستهلاك فضلا عن مراجعة عميقة للتقاليد الغذائية. وذكر أن التحدي الكبير الذي يواجه القطاع الفلاحي يتمثل في الرفع في طاقة الإنتاج لتوفير الغذاء وذلك في ظل تزايد عدد السكان مقابل تقلص الموارد المائية وتراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة جراء الزحف العمراني والانجراف والتملح والتلوث إلى جانب تنامي التهديد البيولوجي بسبب التغيرات المناخية وما يتبعه من آفات جديدة تهدد المحاصيل، ويرى أن الملاذ الوحيد لتحقيق الأمن الغذائي يتمثل في المراهنة على الطاقات البشرية والمائية المتوفرة مع الحرص على الاستغلال الأمثل للمعرفة وتوظيف كل الموارد الطبيعية المتاحة من تحلية للمياه المالحة ولمياه البحر واستعمال المياه المعالجة وتثمين الموارد الجينية المحلية.

وأكد بن الشيخ أن وزارته حريصة على التفاعل الإيجابي مع توصيات النواب ومقترحاتهم بما يخدم الأمن الغذائي المستدام.

توصيات النواب

خلال النقاش العام لمشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2025 أوصى نواب الشعب بالتسريع في إحالة مشروع مجلة المياه على البرلمان، ومعالجة المشاكل الناجمة من نقص الموارد المائية خاصة في فصل الصيف وترشيد الاستهلاك والحد من الانقطاعات المتكررة، وتجديد الشبكات للتقليص من كمية المياه المهدورة وإنشاء السدود ومحطات تحلية مياه البحر والحد من الحفر العشوائي للآبار وإيجاد حلول لمشاكل الجمعيات المائية، كما تطرقوا إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجه قطاع الفلاحة بسبب تتالي سنوات الجفاف ونقص البذور والأعلاف وغلاء  الأسعار، وشددوا على ضرورة العناية بتصدير المنتوجات الفلاحية  وبحث أسواق جديدة لترويجها وعدم الاقتصار على الأسواق التقليدية.

عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة لينتصر الشعب نجيب العكرمي بين أن تونس مرت تاريخيا من مرحلة تأميم الأراضي الزراعية من الاستعمار إلى مرحلة تأمين الأراضي التونسية من لوبيات الفساد أما اليوم فتونس في مرحلة التحرير وعلى الوزارة استرجاع الأراضي الدولية التي استولت عليها اللوبيات. وطالب النائب بإعادة هيكلة المندوبيات الجهوية، وتثمين شهادات التكوين المهني الفلاحي، والحفاظ على المشاتل الأصلية والبذور وتلافي التبعية للخارج، وتنقيح مجلة المياه وقال إنه لا يعقل تحجير حفر الآبار في قفصة خاصة في سيدي يعيش وزانوش بما أدى إلى تعطيل مشاريع صغار الفلاحين والشباب، ودعا إلى توفير ماء الشرب لمتساكني العبابسة الجبل وحاج بوعلاق وأولاد بن سعد وأولاد وهيبة وباطن زانوش والبهلولة والسند والدبايبية والنوامر والبياضة وبلخير والحوض المنجمي والسقدود والرديف وسيدي بوبكر.

السيادة الغذائية

وقالت دلال اللموشي النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم إن أبرز شعارات مسار 25 جويلية هو السيادة الوطنية، ولكن لا سيادة وطنية دون سيادة غذائية ولا سيادة غذائية دون تركيز مقومات إصلاح زراعي شامل، ولا إصلاح زراعي في ظل وجود مئات الآلاف من الهكتارات وعشرات الضيعات الفلاحية الدولية موزعة حسب الولاءات والمحاباة في إطار اقتصاد رجعي فاسد، مقابل حرمان الشباب والعاطلين عن العمل والمزارعين الصغار من استغلال هذه الثروات الوطنية في إطار اقتصاد أهلي يقوم على قيم العمل والتضامن وتكثيف الإنتاج وتحقيق الوفرة وتقاسم الخيرات والمنافع والإشعاع على المحيط الخارجي وتكريس المسؤولية المجتمعية. وتساءلت اللموشي هل تم التفكير في إعداد خارطة مناخية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية والمعدلات المطرية وعلى أساسها يتم تعديل الخارطة الفلاحية. وقالت إن الوزير السابق كان قد تحدث عن توجه لدعم إنتاج الزياتين بهدف بلوغ مليون طن من الزيت للاستهلاك الداخلي وتوجيه الفائض للأسواق العالمية وتوفير عائدات من العملة الأجنبية يتم من خلالها تغطية عجز ميزان المبادلات الغذائية.. وتحدثت النائبة عن تعطل مشروع سد سرات ودعت إلى استكماله وإلى تنمية الزراعات السقوية وإنجاز مشروع تهيئة حوض واد تاسة الذي سيمس نبر والكاف الشرقية والسرس والدهماني والقصور. وتطرقت للمشاكل التي يعاني منها صغار الفلاحين في الكاف بسبب المديونية وتساءلت متى سيقع تفعيل صندوق الجوائح وتعويض الفلاحين المتضررين، ودعت إلى اعتماد حوكمة جديدة للجمعيات المائية وعبرت عن رغبتها في التدخل العاجل لإنقاذ الموسم الفلاحي بباجة.

انطلاقة سيئة

وصف صلاح الفرشيشي عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة الأمانة انطلاقة الموسم الفلاحي بالبطيئة والسيئة بسبب نقص البذور وأحيانا انعدامها ونقص الأسمدة وتأخر إصدار الأمر المتعلق بالمناطق المجاحة والاضطراب غير المسبوق في قطاع الدواجن، واضطراب في قطاع الزيت، ونقص المياه في المناطق السقوية لتصبح هذه المناطق بعلية، ونقص إنتاج الخضروات خاصة البطاطا وذكر أن هذا النقص ليس مرده الاحتكار فقط بل هو نتيجة نقص الإنتاج جراء الخسائر التي تكبدها الفلاحون خلال الموسم الماضي كما أن مربي الأبقار يتكبدون خسائر كبيرة من أجل المحافظة على القطيع على أمل مساندتهم من قبل الدولة خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف . ودعا النائب إلى برمجة مشروع تزويد منطقتي عين الحاج من عمادة العواوضة وعمادة بني محمد ببلطة بوعوان بالماء الصالح للشرب، وإنجاز المشاريع المعطلة المتعلقة بتزويد منطقتي الشواولة والمنقوش بالماء.

صندوق الجوائح

عبد الرؤوف كلاعي النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار إلى أن القطاع الفلاحي يعد من أهم القطاعات لكنه يعاني حاليا للعديد من الكثير من النقائص أهمها فقدان البذور في العديد من الولايات رغم انطلاق موسم الزراعات الكبرى، كما هناك من الفلاحين من تحصلوا على موافقة على المنحة لكن وكالة النهوض بالاستثمار تخلفت عن تقديم المنحة فوجدوا صعوبات مع البنك الفلاحي. وذكر أنه يوجد مشكل آخر في علاقة بصندوق الجوائح نظرا للتأخير في إسناد التعويضات للمتضررين. وطالب الكلاعي بانجاز جسر فوق سد سرات.

نقص الأعلاف

ريم المعشاوي النائبة عن كتلة صوت الجمهورية بينت أن منظومات الألبان واللحوم الحمراء وتربية الماشية قطاعات تمر جميعها بأزمة واستفسرت عن حلول وزارة الفلاحة لدعمها، وذكرت أنه يجب توجيه الدعم للفلاح وليس للمصنع، وتحدث عن معاناة مربي الأبقار وظاهرة تهريب القطيع والنقص الكبير في الأعلاف المدعمة. ولاحظت تراجع سعر الزيتون في الأسواق، وطالبت ديوان الزيت بلعب دوره وشراء المنتوج من الفلاحين بسعر مقبول، كما طالبت بتوفير نقاط بيع الخضروات والغلال من المنتج إلى المستهلك في جميع الولايات بما يساعد على تعديل الأسعار،  وتساءلت أين دور ديوان الأراضي الدولية في إنتاج الخضروات والغلال وهل هناك برنامج لإعادة تأهيله والحيلولة دون الاحتكار. ودعت المعشاوي الوزارة إلى تمكين الباعثين الشبان من مهندسين وفنيين ومعطلين عن العمل من التمويل اللازم لبعث مشاريع فلاحية. وذكرت أن الفلاحين تعودوا على التعامل بالشيك وخلاص التجار بعد بيع المنتوج أما اليوم فلم تعد هذه الإمكانية متاحة وتساءلت ما الحل. وأضافت أن أكثر من 60 بالمائة من أراضي الكاف مهددة بالانجراف وهو ما يتطلب تغيير منوالها التنموي الفلاحي وإعادة هيكلة الزراعات الكبرى وتوفير الماء الصالح للشراب لهذه الجهة المهددة بالعطش لأنها تعتمد على المياه الجوفية فقط.

تعطل انجاز السدود

ولاحظ لطفي الطاهر النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن وزارة الفلاحة تلعب دورا حيويا في الاقتصاد الوطني لأنها تشرف على قطاع يمثل ركيزة أساسية في الأمن الغذائية والتنمية الاقتصادية. وتساءل عن أسباب تعطيل انجاز بعض السدود والبحيرات الجبلية بسليانة كسد تاسة وسد واد وزافة، واستفسر عن أسباب تعطيل سد واد أركو بالكريب إذ لم يقع استغلاله منذ 2005 وطالب بصيانة بعض المناطق السقوية ومنها المنطقة السقوية بالخروبة والمنطقة السقوية فوار السنوسي بسيدي حمادة. واستفسر النائب عن موعد الترفيع في طاقة استيعاب سد سليانة ودعا إلى العناية بسد الخماس وبمحمية سيدي حمادة التي تشكو من نقص العملة وضعف المراقبة وطالب بتوجيه بعض أنواع البذور التي لا تتماشى مع طبيعة المنطقة ونقص كميات البذور ونقص في الأسمدة والتمويل وطالب بإعادة هيكلة ديوان الأراضي الدولية.

تنويع المنتوج

وتعقيبا على استفسارات عدد كبير من النواب قدم وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عز الدين بن الشيخ مساء أمس معطيات حول مساهمة قطاع الفلاحة والصيد البحري في الاقتصاد والتشغيل وركائز سياسة تنمية القطاع. وتفاعلا مع مطلب تأمين السيادة الغذائية، بين أن القطاع الفلاحي يسعى لتحقيق السيادة الغذائية وفق الرؤية الإستراتجية لهذا القطاع في أفق 2035 حيث يتمثل الرهان الأكبر في توفير منتجات فلاحية متنوعة وذات قيمة مضافة عالية ومثمنة للموارد الطبيعية وقادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وتساهم في تأمين جزء هام من الحاجيات الوطنية من مواد غذائية من خلال تحسين مردودية المنظومات الفلاحية والرفع من نسبة تغطية الحاجيات الوطنية من المواد الأساسية بالتوازي مع تطوير أنظمة استهلاكية مستدامة، ودعم الصحة النباتية والحيوانية، وتشجيع نظم الإنتاج التي تحافظ على مقومات الخصوبة الطبيعية للأراضي وقدرتها على تخزين مياه الأمطار، وتعزيز تموقع الفلاحة البيولوجية ونظام المراقبة. وقال إنه بالتوازي سيتم العمل على تطوير النصوص القانونية والترتيبية لتحسين الخدمات العمومية في القطاع الفلاحي.. وذكر انه تم الشروع فعليا في رقمنة المنظومات الفلاحية مثل منظومة الحبوب.

وردا على النواب الذين طالبوا بإقامة السدود والبحيرات الجبلية بين الوزير أنه سيواصل تنفيذ البرنامج الوطني لتحسين نسبة تعبئة الموارد المائية السطحية والمقرة حاليا بـ93 بالمائة وذلك باستكمال انجاز خمسة سدود وبرمجة انجاز خمسة سدود أخرى وهي تاسة والراغي والمالح العلوي وسليانة واحد وبولعابة، وسيتم إنجاز مشاريع تحويل المياه والترفيع في طاقة السدود كتعلية سد نبهانة وسد سليانة ونقل مياه سد بربرة الى الكاف وسليانة.

وبخصوص المجامع المائية بين أن نسبة التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بلغت 95 فاصل 2 بالمائة في نهاية 2023 و54 فاصل 6 بالمائة منها عن طريق "الصوناد" وتشمل ما يزيد عن 2400 مؤسسة عمومية من مدارس ومستوصفات ومساجد، ويبلغ عدد المجامع المكلفة بالتزويد بالماء الصالح للشرب حاليا 1450 مجمعا. وقال إن منظومة المجامع تشهد عدة صعوبات لذلك انطلقت الوزارة منذ 2006 في إحالة المنظومات المائية المعقدة للصوناد، وأضاف أنه تمت برمجة توجيه إحالة 23 منظومة مائية معقدة بولايات القصرين والقيروان وسيدي بوزيد وأريانة وبن عروس ونابل وسليانة وجندوبة خلال سنوات 2026 ـ 2030. وأكد الحرص على إعادة تنشيط المجامع المائية وبالتوازي سيتم إيجاد حلول بدليلة لإدارة المياه في الوسط الريفي.

وبخصوص التزود بمياه الشرب عن طريق الصوناد بين أن الجفاف أدى إلى تراجع مخزون السدود والموائد بما تسبب في اضطرابات في التزود بالماء في الساحل والوطن القبلي والكاف وزغوان وتطاوين وسليانة وصفاقس لذلك تم إعداد برامج لمجابهة ذروة الاستهلاك وقدم الوزير معطيات ضافية عن هذا البرنامج.. وفي علاقة بمشكل نقص مياه الري بين أنه تم اعتماد نظام الحصص والتشجيع على استعمال المياه المعالجة. وتطرق بن الشيخ إلى مشاريع تطوير المناطق السقوية والجهود المبذولة للحد من الحفر العشوائي للآبار.

تنقيح النصوص القانونية

ولدى حديثه عن مجلة المياه قال الوزير إنها لم تعد تتلاءم مع الدستور وتطلب الأمر مراجعتها ونص مشروع القانون الجديد على الترفيع في عقوبات الاعتداءات على الملك العمومي للمياه بما يتلاءم مع الجريمة المرتكبة وهذا المشروع في مرحلته الأخيرة قبل تمريره على مجلس الوزراء وإحالته إلى المجلسين النيابيين.

وبالنسبة إلى مشروع مجلة الغابات فنص على تخصيص نسبة 20 بالمائة من المنتوجات المعروضة للبيع عن طريق البتات لفائدة الشركات الأهلية والشركات التعاونية للخدمات الفلاحية والباعثين الشبان باستثناء الخشب والفلين، كما نص على إعادة هيكلة سكان الغابات وتنظيمهم صلب هياكل محلية لتنمية الغابات والمراعي، وإقرار إمكانية إبرام اتفاقيات بين الوزارة والهياكل المحلية لتنمية الغابات والمراعي، وسحب التدابير التشجيعية التي تتخذها الدولة في نطاق مجلة الغابات والمراعي على المنتوجات غير الخشبية، واقتراح التمديد في المدة القصوى للإشغال الوقتي من 5 إلى 10 سنوات، والترفيع في قيمة الخطايا المستوجبة للمخالفات الغابية والجرائم لتعزيز الجانب الردعي وحماية الثورة الغابية. وقال إن مشروع تنقيح مجلة الغابات وإتمامها بصدد الإحالة لمصالح رئاسة الحكومة.

وقدم الوزير للنواب معطيات حول مشاريع ترمي لدعم قطاع الصيد البحري وتحدث عن الجهود المبذولة للتصدي للصيد العشوائي وقال إن الوزارة تعمل على تعديل بعض النصوص الترتيبية ذات العلاقة بهذا القطاع. وردا على النواب الذين طالبوا بتوفير البذور بين أن كمية البذور المثبتة الموضوعة في الجهات بلغت 180 ألف قنطار وهو ما يمثل 70 من الكميات المبرمجة. أما البذور المراقبة فبلغت كميات بذور الشعير 70 ألف قنطار، وبخصوص الأعلاف بين أنه رغم استقرار كلفة الإنتاج يبقى وضع منظومة الألبان هشا لذلك تم اتخاذ إجراءات للضغط على كلفة الإنتاج من خلال إحداث ديوان وطني للأعلاف وعدد الوزير التدخلات التي أمنها هذا الديوان. كما قدم  للنواب أرقاما تتعلق بموسم جني الزيتون وهو موسم واعد من حيث الإنتاج والتصدير رغم تراجع الأسعار على الصعيدين الداخلي والعالمي. وبين أن السعر الحالي في السوق التونسية في حدود 14 دينار و400 مليم. واستعرض التدخلات التي سيقوم بها ديوان الزيت وذكر أنه سيتم إقرار برنامج لتخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين الخواص  في صورة تواصل تراجع الأسعار..

سعيدة بوهلال