محاولة قتل أخرى، وفصل جديد من العنف الزوجي كاد ينتهي بمأساة جديدة وامرأة أخرى كادت أن تفقد حياتها مع ابنتها وهي اليوم ترقد بحالة حرجة بالمستشفى الجهوي بالقصرين لتلقي العلاج، في تمدّد مخيف لظاهرة تقتيل النساء أو محاولات قتلهنّ من طرف أزواجهن، حيث كل أسبوع قصّة للعنف المسلّط ضدّ النساء وكل فترة فاجعة موت لإحدى الضحايا على يدّ زوجها..
اليوم وقصّة رفقة الشارني الذي قتلها زوجها عون الأمن بالسلاح الوظيفي، ما زالت في الأذهان، بعد رحيلها بتلك الطريقة البشعة وتركها لطفلها يتيما دون أم ولا أب حيث تم الحكم على الزوج القاتل بأربعين سنة سجنا، يفاجأ الرأي العام بجريمة فريانة حيث أن القاسم المشترك بين الجريمتين هو صفة المعتدي الذي هو عون أمن، بما يطرح أسئلة بشأن استعمالات السلاح الوظيفي خارج أوقات العمل، حيث أن تكرر الأمر يدعو للانتباه إلى هذه النقطة بالذات ومعالجتها.
كما أن استشراء العنف الزوجي واتخاذه لأشكال على غاية من الوحشية يفترض تدخّلا حاسما من كل الأطراف لإنقاذ النساء المعنّفات من موت محتمل! ولعلّ أكثر ما يثير الاستغراب في هذا الملف الخطير أن وتيرة العنف زادت بشكل مفزع بعد صدور القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلّط على النساء، بما يستدعي اليوم وبعد كل هذه السنوات من دخوله حيز النفاذ، وقفة تقييمية لهذا القانون ومدى نجاعته أو الظروف التي حالت دون أن يكون ناجعا !
إحصائيات وتقارير صادمة
جريمة فريانة التي عمد فيها المُعتدي قبل الاحتفاظ به من طرف النيابة العمومية من أجل محاولة القتل العمد إلى إطلاق النار على زوجته وابنته وإصابة الزوجة برصاصة على مستوى الجانب الأيمن وإصابة الطفلة على مستوى الذراع، ليست الجريمة مجرّد جريمة معزولة بل هي جريمة متكرّرة منذ سنوات، حيث تعرّضت عشرات الزوجات إلى محاولات قتل أو إلى القتل بشكل فعلي من طرف أزواجهن وبطرق مختلفة إما بسبب العنف الشديد والوحشي الذي ينتج عنه الموت أو الطعن بآلة حادة أو الخنق حدّ الموت أو الذبح بآلة حادة أو باستعمال سلاح ناري، حيث كان هناك كل مرة تفنّن في استعمال أشكال ووسائل القتل .
ووفق تقارير رسمية صادرة عن وزارة المرأة فقد شهدت ظاهرة قتل النساء في تونس ارتفاعا متزايدا في عدد الضحايا في مفارقة غريبة مع إصدار القانون 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء عام 2017، والذي دخل حيّز التنفيذ في 2018 إذ أحصت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن 69 جريمة قتل ارتُكبت في 19 ولاية تونسية في الفترة الممتدة ما بين جانفي 2018 و30 جوان 2023، وهو ما يشير إلى تضاعف الجرائم أربع مرات خلال هذه الفترة، كما أن جرائم قتل النساء تمت في المنزل بنسبة 93 في المائة خلال 2021 وكان الزوج هو القائم بالجريمة في 71 في المائة من الحالات.
وفي ماي الماضي قدمت مجموعات من الجمعيات وهي جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف تقريرا بعنوان «تقتيل النساء الظاهرة المسكوت عنها» ذكرت فيه انه تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء في 2023 من بينهن 13 ضحية قُتلن على يد أزواجهن و3 نساء من طرف آبائهن و4 نساء من أقاربهن و5 ضحايا قتلن من طرف مجهول. وحول طريقة القتل تبين أن 7 نساء قُتلن طعنا بآلات حادة وثلاث نساء ذبحا و6 خنقا و4 نساء قُتلن نتيجة الضرب على الرأس.
كما سجّل تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان سنة 2022 عدة حالات لجرائم قتل النساء بتونس سواء كنّ أمهات أو قاصرات أو راشدات أو حتى مسنات على يد أب أو أخ أو أي من ذكور العائلة أو دائرة الأصدقاء. وقد أحصى التقرير وقوع 5 جرائم قتل للنساء في 48 ساعة فقط سنة 2019 فيما ذهبت بعض التقديرات من بعض الخبراء إلى أن هناك حالات قتل بقيت خارج عملية الإحصاء وتمت بطرق مختلفة ربما لم يتم التفطّن لها .
وحذر تقرير حقوقي مؤخرا من أن تونس شهدت "موجة مفزعة من جرائم قتل النساء" خلال العام الماضي، مؤكدة أن عدد جرائم قتل النساء تضاعف أربع مرات منذ عام 2018.
وقد حذّرت مختلف هذه التقارير من هذه الموجة المفزعة لتقتيل النساء والتي تقتضي وقفة حازمة من الدولة ومن الهياكل المعنية ومراجعة للآليات التي وضعها القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلّط على النساء والتي لم تستطع والى اليوم وبعد 6 سنوات من دخول هذا القانون حيز التنفيذ التحكّم في موجة العنف وكبح جماح جريمة قتل النساء، وهو ما يؤشّر إلى وجود خلل ما عند تطبيق القانون وهذا الخلل يجب معالجته بصفة عاجلة وسريعة حتى يوضع حدّ لهذه المآسي المتكرّرة والتي تؤثر على استقرار الأسرة والمجتمع وتؤثر بشكل سلبي جدا على توازن الأبناء النفسي والاجتماعي وعلى مصيرهم ككل .
منية العرفاوي
تونس – الصباح
محاولة قتل أخرى، وفصل جديد من العنف الزوجي كاد ينتهي بمأساة جديدة وامرأة أخرى كادت أن تفقد حياتها مع ابنتها وهي اليوم ترقد بحالة حرجة بالمستشفى الجهوي بالقصرين لتلقي العلاج، في تمدّد مخيف لظاهرة تقتيل النساء أو محاولات قتلهنّ من طرف أزواجهن، حيث كل أسبوع قصّة للعنف المسلّط ضدّ النساء وكل فترة فاجعة موت لإحدى الضحايا على يدّ زوجها..
اليوم وقصّة رفقة الشارني الذي قتلها زوجها عون الأمن بالسلاح الوظيفي، ما زالت في الأذهان، بعد رحيلها بتلك الطريقة البشعة وتركها لطفلها يتيما دون أم ولا أب حيث تم الحكم على الزوج القاتل بأربعين سنة سجنا، يفاجأ الرأي العام بجريمة فريانة حيث أن القاسم المشترك بين الجريمتين هو صفة المعتدي الذي هو عون أمن، بما يطرح أسئلة بشأن استعمالات السلاح الوظيفي خارج أوقات العمل، حيث أن تكرر الأمر يدعو للانتباه إلى هذه النقطة بالذات ومعالجتها.
كما أن استشراء العنف الزوجي واتخاذه لأشكال على غاية من الوحشية يفترض تدخّلا حاسما من كل الأطراف لإنقاذ النساء المعنّفات من موت محتمل! ولعلّ أكثر ما يثير الاستغراب في هذا الملف الخطير أن وتيرة العنف زادت بشكل مفزع بعد صدور القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلّط على النساء، بما يستدعي اليوم وبعد كل هذه السنوات من دخوله حيز النفاذ، وقفة تقييمية لهذا القانون ومدى نجاعته أو الظروف التي حالت دون أن يكون ناجعا !
إحصائيات وتقارير صادمة
جريمة فريانة التي عمد فيها المُعتدي قبل الاحتفاظ به من طرف النيابة العمومية من أجل محاولة القتل العمد إلى إطلاق النار على زوجته وابنته وإصابة الزوجة برصاصة على مستوى الجانب الأيمن وإصابة الطفلة على مستوى الذراع، ليست الجريمة مجرّد جريمة معزولة بل هي جريمة متكرّرة منذ سنوات، حيث تعرّضت عشرات الزوجات إلى محاولات قتل أو إلى القتل بشكل فعلي من طرف أزواجهن وبطرق مختلفة إما بسبب العنف الشديد والوحشي الذي ينتج عنه الموت أو الطعن بآلة حادة أو الخنق حدّ الموت أو الذبح بآلة حادة أو باستعمال سلاح ناري، حيث كان هناك كل مرة تفنّن في استعمال أشكال ووسائل القتل .
ووفق تقارير رسمية صادرة عن وزارة المرأة فقد شهدت ظاهرة قتل النساء في تونس ارتفاعا متزايدا في عدد الضحايا في مفارقة غريبة مع إصدار القانون 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء عام 2017، والذي دخل حيّز التنفيذ في 2018 إذ أحصت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن 69 جريمة قتل ارتُكبت في 19 ولاية تونسية في الفترة الممتدة ما بين جانفي 2018 و30 جوان 2023، وهو ما يشير إلى تضاعف الجرائم أربع مرات خلال هذه الفترة، كما أن جرائم قتل النساء تمت في المنزل بنسبة 93 في المائة خلال 2021 وكان الزوج هو القائم بالجريمة في 71 في المائة من الحالات.
وفي ماي الماضي قدمت مجموعات من الجمعيات وهي جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف تقريرا بعنوان «تقتيل النساء الظاهرة المسكوت عنها» ذكرت فيه انه تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء في 2023 من بينهن 13 ضحية قُتلن على يد أزواجهن و3 نساء من طرف آبائهن و4 نساء من أقاربهن و5 ضحايا قتلن من طرف مجهول. وحول طريقة القتل تبين أن 7 نساء قُتلن طعنا بآلات حادة وثلاث نساء ذبحا و6 خنقا و4 نساء قُتلن نتيجة الضرب على الرأس.
كما سجّل تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان سنة 2022 عدة حالات لجرائم قتل النساء بتونس سواء كنّ أمهات أو قاصرات أو راشدات أو حتى مسنات على يد أب أو أخ أو أي من ذكور العائلة أو دائرة الأصدقاء. وقد أحصى التقرير وقوع 5 جرائم قتل للنساء في 48 ساعة فقط سنة 2019 فيما ذهبت بعض التقديرات من بعض الخبراء إلى أن هناك حالات قتل بقيت خارج عملية الإحصاء وتمت بطرق مختلفة ربما لم يتم التفطّن لها .
وحذر تقرير حقوقي مؤخرا من أن تونس شهدت "موجة مفزعة من جرائم قتل النساء" خلال العام الماضي، مؤكدة أن عدد جرائم قتل النساء تضاعف أربع مرات منذ عام 2018.
وقد حذّرت مختلف هذه التقارير من هذه الموجة المفزعة لتقتيل النساء والتي تقتضي وقفة حازمة من الدولة ومن الهياكل المعنية ومراجعة للآليات التي وضعها القانون عدد 58 لمناهضة العنف المسلّط على النساء والتي لم تستطع والى اليوم وبعد 6 سنوات من دخول هذا القانون حيز التنفيذ التحكّم في موجة العنف وكبح جماح جريمة قتل النساء، وهو ما يؤشّر إلى وجود خلل ما عند تطبيق القانون وهذا الخلل يجب معالجته بصفة عاجلة وسريعة حتى يوضع حدّ لهذه المآسي المتكرّرة والتي تؤثر على استقرار الأسرة والمجتمع وتؤثر بشكل سلبي جدا على توازن الأبناء النفسي والاجتماعي وعلى مصيرهم ككل .