تغنى بها ابنها البار الفنان الخالد يوسف التميمي: "قالوا لي قالوا لي ع الشهلة تغني وإلا بحب الغنجة تهيم، قلت لهم غنايا وفني على بلادي منزل تميم..." هكذا كانت وستبقى منزل تميم مدينة الخضرة والبحر والفن... مدينة الابتكار والمواهب في مختلف المجالات الإبداعية.
في ربيع 1987، كان الموعد مع الدورة التأسيسية للمهرجان الوطني للموسيقيين الهواة بمنزل تميم... مهرجان سعى مؤسِّسوه أن يكون حاضناً للأصوات العاشقة للموسيقى والغناء، في دعم ومتابعة من وزارة الثقافة. بدأ حلماً وأصبح فعلاً إبداعياً جاداً، ورافداً أساسياً ومغذّياً رئيسياً للساحة الغنائية التونسية بأصواته، إنتاجه، وإبداعه الموسيقي.
فهذا المهرجان الذي اختار فصل الربيع موعداً سنوياً لاحتضان المواهب الفنية (إلا في حالات استثنائية)، استطاع على امتداد مختلف دوراته أن يكتب أحلى صفحات الموسيقى ويؤسس لأجيال فنية متعاقبة.
جاء هذا المهرجان ببادرة وبرغبة شديدة من ذوي النفوس العزيزة من أهل الفكر والثقافة في مدينة منزل تميم، لتأسيس فعل إبداعي جاد. الصادق شرف، عبد الكريم بونقيشة، عبد الملك الأهواق، حكيم الصغير، الراحل عبد الرحمن باشا، عبد الكريم المدب، الراحل محمد الغزي، الراحل كمال العناني، ساسي حمام... والقائمة طويلة من الذين عملوا وجاهدوا واجتهدوا حتى يحقق هذا المهرجان المبتغى: تمكين المواهب من فرصة التعبير عن الذات والانطلاق في الأفق الرحب، تأسيساً وتأثيثاً لمسيرة فنية لها خصوصياتها، وحضورها الفاعل في المشهد الموسيقي التونسي.
أسماء صنعها المهرجان
المتصفح لمدونة المهرجان منذ تأسيسه يكتشف أن فرقاً موسيقية وأسماء غنائية صنعت مجدها انطلاقاً من هذه التظاهرة... بل مثلت (التظاهرة) نقطة الانطلاق ومحطة البداية للعديد من الأسماء، منها على سبيل الذكر لا الحصر: أماني السويسي، ألفة بن رمضان، منير الطرودي، أسامة القاسمي، حيدر أمير، محسن الشريف، هندة الصفاقسي، يسرى الحمزاوي، نصر بوراوي، هالة المالكي، سامي الرزقي، إلى جانب أسماء أخرى اختارت الهجرة مثل سماح البرهومي، ألفة بن فرج، سنية العرائسي وغيرها كثير.
ومن المجموعات والفرق الموسيقية نذكر فرقة "آرابيسك" للموسيقى العربية بقيادة الفنان الطاهر القيزاني، المدير الحالي لمهرجان الأغنية التونسية، وفرقة نادي دار الشباب للموسيقى بالمنستير، وغيرها من الفرق الموسيقية التي انطلقت من مهرجان الهواة بمنزل تميم لتعانق الاحتراف الفني.
مر المهرجان على امتداد الدورات الأخيرة قبل الثورة بصعوبات كبيرة على أكثر من مستوى، وعرف خفوتاً واضحاً لبريقه وإشعاعه الذي كان من مميزاته من خلال "حرارة" مسابقاته، والحضور الجماهيري الكبير، والأسماء الفنية البارزة التي تحضره وتساهم في تأثيث سهراته.
ازدادت صعوباته بعد الثورة بشكل لافت، ليطويه النسيان نتيجة ما عاشه من تجاذبات سياسية ومحاولات هنا وهناك للسيطرة عليه، ليصل الأمر إلى القضاء فالاضمحلال.
هل 2025 سنة عودة البريق؟
استبشرت الساحة الفنية بتعيين السيدة أمينة الصرارفي على رأس وزارة الشؤون الثقافية، فهي موسيقية بدرجة أولى، عارفة ومتشبعة بكل ما له علاقة بالشأن الموسيقي بمختلف تفرعاته. والأمل معقود عليها أكثر من أي وقت مضى لفتح ملف التظاهرات الفنية المنتشرة هنا وهناك (مهرجان منزل تميم - مهرجان صليحة بالكاف - مهرجان الشاذلي أنور بمساكن)... وبمثل هذه المهرجانات، تستعيد الأغنية التونسية بكل خصوصياتها الريادة في المشهد الغنائي التونسي الأصيل، الذي أصبح مهدداً بشكل كبير في وجوده.
كل المؤشرات تدل على أن 2025 ستكون سنة إعادة البريق لهذا الصرح الفني العريق... فهل سيكون ذلك كذلك؟
محسن بن أحمد
تونس - الصباح
تغنى بها ابنها البار الفنان الخالد يوسف التميمي: "قالوا لي قالوا لي ع الشهلة تغني وإلا بحب الغنجة تهيم، قلت لهم غنايا وفني على بلادي منزل تميم..." هكذا كانت وستبقى منزل تميم مدينة الخضرة والبحر والفن... مدينة الابتكار والمواهب في مختلف المجالات الإبداعية.
في ربيع 1987، كان الموعد مع الدورة التأسيسية للمهرجان الوطني للموسيقيين الهواة بمنزل تميم... مهرجان سعى مؤسِّسوه أن يكون حاضناً للأصوات العاشقة للموسيقى والغناء، في دعم ومتابعة من وزارة الثقافة. بدأ حلماً وأصبح فعلاً إبداعياً جاداً، ورافداً أساسياً ومغذّياً رئيسياً للساحة الغنائية التونسية بأصواته، إنتاجه، وإبداعه الموسيقي.
فهذا المهرجان الذي اختار فصل الربيع موعداً سنوياً لاحتضان المواهب الفنية (إلا في حالات استثنائية)، استطاع على امتداد مختلف دوراته أن يكتب أحلى صفحات الموسيقى ويؤسس لأجيال فنية متعاقبة.
جاء هذا المهرجان ببادرة وبرغبة شديدة من ذوي النفوس العزيزة من أهل الفكر والثقافة في مدينة منزل تميم، لتأسيس فعل إبداعي جاد. الصادق شرف، عبد الكريم بونقيشة، عبد الملك الأهواق، حكيم الصغير، الراحل عبد الرحمن باشا، عبد الكريم المدب، الراحل محمد الغزي، الراحل كمال العناني، ساسي حمام... والقائمة طويلة من الذين عملوا وجاهدوا واجتهدوا حتى يحقق هذا المهرجان المبتغى: تمكين المواهب من فرصة التعبير عن الذات والانطلاق في الأفق الرحب، تأسيساً وتأثيثاً لمسيرة فنية لها خصوصياتها، وحضورها الفاعل في المشهد الموسيقي التونسي.
أسماء صنعها المهرجان
المتصفح لمدونة المهرجان منذ تأسيسه يكتشف أن فرقاً موسيقية وأسماء غنائية صنعت مجدها انطلاقاً من هذه التظاهرة... بل مثلت (التظاهرة) نقطة الانطلاق ومحطة البداية للعديد من الأسماء، منها على سبيل الذكر لا الحصر: أماني السويسي، ألفة بن رمضان، منير الطرودي، أسامة القاسمي، حيدر أمير، محسن الشريف، هندة الصفاقسي، يسرى الحمزاوي، نصر بوراوي، هالة المالكي، سامي الرزقي، إلى جانب أسماء أخرى اختارت الهجرة مثل سماح البرهومي، ألفة بن فرج، سنية العرائسي وغيرها كثير.
ومن المجموعات والفرق الموسيقية نذكر فرقة "آرابيسك" للموسيقى العربية بقيادة الفنان الطاهر القيزاني، المدير الحالي لمهرجان الأغنية التونسية، وفرقة نادي دار الشباب للموسيقى بالمنستير، وغيرها من الفرق الموسيقية التي انطلقت من مهرجان الهواة بمنزل تميم لتعانق الاحتراف الفني.
مر المهرجان على امتداد الدورات الأخيرة قبل الثورة بصعوبات كبيرة على أكثر من مستوى، وعرف خفوتاً واضحاً لبريقه وإشعاعه الذي كان من مميزاته من خلال "حرارة" مسابقاته، والحضور الجماهيري الكبير، والأسماء الفنية البارزة التي تحضره وتساهم في تأثيث سهراته.
ازدادت صعوباته بعد الثورة بشكل لافت، ليطويه النسيان نتيجة ما عاشه من تجاذبات سياسية ومحاولات هنا وهناك للسيطرة عليه، ليصل الأمر إلى القضاء فالاضمحلال.
هل 2025 سنة عودة البريق؟
استبشرت الساحة الفنية بتعيين السيدة أمينة الصرارفي على رأس وزارة الشؤون الثقافية، فهي موسيقية بدرجة أولى، عارفة ومتشبعة بكل ما له علاقة بالشأن الموسيقي بمختلف تفرعاته. والأمل معقود عليها أكثر من أي وقت مضى لفتح ملف التظاهرات الفنية المنتشرة هنا وهناك (مهرجان منزل تميم - مهرجان صليحة بالكاف - مهرجان الشاذلي أنور بمساكن)... وبمثل هذه المهرجانات، تستعيد الأغنية التونسية بكل خصوصياتها الريادة في المشهد الغنائي التونسي الأصيل، الذي أصبح مهدداً بشكل كبير في وجوده.
كل المؤشرات تدل على أن 2025 ستكون سنة إعادة البريق لهذا الصرح الفني العريق... فهل سيكون ذلك كذلك؟