إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

واقع القطاع لم يعد يحتمل المسكنات.. إجراءات واتفاقيات.. هل تعالج "أمراض" الصحة العمومية؟

 

تونس-الصباح

لا أحد ينكر واقع الصحة العمومية في تونس وحجم التحديات المطروحة منذ سنوات ولم تعد تحتمل مسكنات بل تحتاج إلى رؤية كاملة وإصلاحات بالجملة على أكثر من صعيد. ويبدو أن هذا هو التوجه الحالي والمستقبلي للحكومة في التعاطي مع أزمة قطاع الصحة العمومية.

الثابت أيضا أن أزمة القطاع الصحي تتضاعف في الجهات الداخلية التي تشكو عدم توفّر المعدّات والآلات الطبّية والنقص في الإطار الطبي لاسيما طب الاختصاص، وحتى إذا ما توفرت البينية التحتية والمعدات لا تجد الإطار الطبي وشبه الطبي القادر على تأمين الخدمات الصحية في حدها الأدنى. وتكفي هنا الإشارة إلى مؤشر وحيد كفيل بتشخيص الوضع، إذ تؤكد  دراسة صادرة عن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية في مارس الفارط   تحت عنوان:“هجرة مهنيي الصحّة: تحديّات لمنظومة الصحّة التونسية؟”، أنه" في سنة 2021 تبيّن وجود 1160 طبيبا عامّا لكلّ 10 ملايين ساكن في ولاية تونس مقابل 171 طبيبا لذات العدد من السكّان في ولاية سيدي بوزيد".

التغطية الصحية

الحكومة تعي جيدا ومن خلفها رئاسة الجمهورية أن العهدة الرئاسية الجديدة تحتاج إلى "المنجز" على أرض الواقع القادر على تغيير عيش التونسيين نحو الأفضل، والمؤكد أن التغطية الصحية والخدمات الطبية خاصة في المستشفيات العمومية تعد أبرز الأوليات والتحديات المطروحة، ولعلها المحرار الرئيسي في تقييم مدى نجاعة العمل الحكومي في عهدته الجديدة.

وما رشح مؤخرا عن النشاط الحكومي وكذلك عمل وزارة الصحة من اتفاقيات وإجراءات وأيضا ما يتواتر ضمن أنشطة رئيس الجمهورية من تركيز على المشاريع ذات الطابع الاجتماعي الصحي على غرار القطب الصحي بالقيروان، يؤكد هذا التوجه.

فقد أشرف رئيس الحكومة السيّد كمال المدّوري مؤخرا بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري مضيّق خصّص للنظر في جملة من الملفّات المتعلّقة بالقطاع الصحّي والتغطية الصحيّة، وأقرّ المجلس جملة من القرارات ذات الصبغة الاستعجاليّة أتت على أكثر من إشكال وتحدى يواجه القطاع الصحي ومنها :

- تعزيز الموارد الماليّة بصفة فوريّة لفائدة الصيدليّة المركزيّة من خلال تخصيص مبالغ إضافيّة إلى جانب التحويلات الشهريّة من الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

- ضمان اقتطاع وتحويل مستحقّات الصّناديق الاجتماعيّة العالقة لدى عدد من الهياكل العموميّة ليتسنى خلاص مستحقّات الصيدليّة المركزيّة والهياكل العموميّة للصحّة.

- اتخاذ جملة من الآليّات والإجراءات الرّامية إلى مزيد حوكمة التصرف في منظومة الأدوية والتكفّل بها.

- إحكام التّنسيق بين وزارة الصحّة والصّندوق الوطني للتأمين على المرض لتطوير شروط وإجراءات التكفّل بالخدمات الصحيّة طبقا للمقاييس المثلى والممارسات الفضلى المعتمدة دوليّا ضمن لجنة فنيّة مشتركة.

- إحداث لجنة موحّدة لتحديد أسعار الأدوية بصفة دوريّة تحت إشراف الوكالة الوطنيّة للدواء ومواد الصحّة بمشاركة الوزارات المعنيّة.

- الإذن بمراجعة شاملة لمنظومة التأمين على المرض بالاستئناس بالدّراسات التّقييميّة المنجزة وآراء ومقترحات الأطراف المتدخّلة في هذه المنظومة.

- تكوين لجنة قيادة تضمّ ممثّلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الصحّة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية ومهنيي الصحّة تعهد لها مهمّة وضع نظام للرفع من جاذبية الهياكل العموميّة للصحّة والتوظيف الأمثل للكفاءات والتّجهيزات الطبيّة وتوفير مقوّمات العمل اللائق للإطارات الطبيّة وشبه الطبيّة بما يضمن تحفيزهم والمحافظة على مرجعيّة القطاع العمومي.

- مزيد تعزيز آليات الحوكمة وتحقيق التحول الرقمي الشامل وتكثيف المراقبة وتحسين نجاعة التصرّف على مستوى الهياكل العموميّة للصحّة.

- الإسراع في عرض مشروع الأمر المتعلق بنظام التبادل الالكتروني للمعطيات بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومسدي الخدمات الصحيّة في القطاعين العمومي والخاص وتوفير كل المتطلّبات لتعميم استعمال بطاقة العلاج الإلكتروني وذلك بعد استكمال توزيعها على المضمونين الاجتماعيين.

اتفاقية وتعزيز لخدمات المستشفيات

من جهتها نشرت وزارة الصحة الاثنين الماضي فحوى زيارة وفد من البنك الدولي  إلى تونس، تتواصل إلى غاية اليوم 8 نوفمبر  الجاري لبحث مشروع تعاون جديد بقيمة 25 مليون دولار، يهدف إلى تعزيز النظام الصحي الوطني، بدعم من الصندوق العالمي للأوبئة، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الصحة.

وقد اتّخذ خلال اجتماع وزير الصحة مصطفى الفرجاني، بوفد البنك الدولي  جملة من قرارات للشروع في تنفيذ مشروع التعاون بداية من سنة 2025.

حيث يرتكز مشروع التعاون الجديد على "ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق أولها بالاستعداد للطوارئ الصحية والأوبئة من خلال دعم قدرات مركز العمليات الإستراتيجية بوزارة الصحة وتحسين مراقبة الأوبئة من خلال نظام حديث لجمع وتحليل المعلومات وتطوير إدارة البيانات الصحية إضافة إلى تحسين حوكمة الموارد البشرية في القطاع الصحي، فيما يتصل الثاني بتعزيز فرق الاستجابة السريعة ودعم قدرات المخابر وإنشاء مخابر مرجعية للتشخيص.

ويركز المحور الثالث من المشروع على تعزيز خدمات المستشفيات والطوارئ وتوسيع أقسام الطوارئ المتنقلة وتوفير سيارات إسعاف مجهزة إضافة إلى إدارة وصيانة المعدات الطبية المتطورة وإنشاء نظام معلوماتي شامل للمستشفيات".

كما يهدف المشروع إلى "تطوير الرعاية الصحية الأساسية عن طريق تنفيذ خطة لإعادة هيكلة الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية وتعزيز برامج الوقاية والكشف المبكر وتحديث مراكز الصحة الأساسية وتعميم الرقمنة لتحسين التنسيق والمتابعة، فضلا عن تجهيز المراكز في المناطق ذات الأولوية بمرافق جاهزة تعمل بالطاقة الشمسية".

م.ي

واقع القطاع لم يعد يحتمل المسكنات..   إجراءات واتفاقيات.. هل تعالج "أمراض" الصحة العمومية؟

 

تونس-الصباح

لا أحد ينكر واقع الصحة العمومية في تونس وحجم التحديات المطروحة منذ سنوات ولم تعد تحتمل مسكنات بل تحتاج إلى رؤية كاملة وإصلاحات بالجملة على أكثر من صعيد. ويبدو أن هذا هو التوجه الحالي والمستقبلي للحكومة في التعاطي مع أزمة قطاع الصحة العمومية.

الثابت أيضا أن أزمة القطاع الصحي تتضاعف في الجهات الداخلية التي تشكو عدم توفّر المعدّات والآلات الطبّية والنقص في الإطار الطبي لاسيما طب الاختصاص، وحتى إذا ما توفرت البينية التحتية والمعدات لا تجد الإطار الطبي وشبه الطبي القادر على تأمين الخدمات الصحية في حدها الأدنى. وتكفي هنا الإشارة إلى مؤشر وحيد كفيل بتشخيص الوضع، إذ تؤكد  دراسة صادرة عن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية في مارس الفارط   تحت عنوان:“هجرة مهنيي الصحّة: تحديّات لمنظومة الصحّة التونسية؟”، أنه" في سنة 2021 تبيّن وجود 1160 طبيبا عامّا لكلّ 10 ملايين ساكن في ولاية تونس مقابل 171 طبيبا لذات العدد من السكّان في ولاية سيدي بوزيد".

التغطية الصحية

الحكومة تعي جيدا ومن خلفها رئاسة الجمهورية أن العهدة الرئاسية الجديدة تحتاج إلى "المنجز" على أرض الواقع القادر على تغيير عيش التونسيين نحو الأفضل، والمؤكد أن التغطية الصحية والخدمات الطبية خاصة في المستشفيات العمومية تعد أبرز الأوليات والتحديات المطروحة، ولعلها المحرار الرئيسي في تقييم مدى نجاعة العمل الحكومي في عهدته الجديدة.

وما رشح مؤخرا عن النشاط الحكومي وكذلك عمل وزارة الصحة من اتفاقيات وإجراءات وأيضا ما يتواتر ضمن أنشطة رئيس الجمهورية من تركيز على المشاريع ذات الطابع الاجتماعي الصحي على غرار القطب الصحي بالقيروان، يؤكد هذا التوجه.

فقد أشرف رئيس الحكومة السيّد كمال المدّوري مؤخرا بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري مضيّق خصّص للنظر في جملة من الملفّات المتعلّقة بالقطاع الصحّي والتغطية الصحيّة، وأقرّ المجلس جملة من القرارات ذات الصبغة الاستعجاليّة أتت على أكثر من إشكال وتحدى يواجه القطاع الصحي ومنها :

- تعزيز الموارد الماليّة بصفة فوريّة لفائدة الصيدليّة المركزيّة من خلال تخصيص مبالغ إضافيّة إلى جانب التحويلات الشهريّة من الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

- ضمان اقتطاع وتحويل مستحقّات الصّناديق الاجتماعيّة العالقة لدى عدد من الهياكل العموميّة ليتسنى خلاص مستحقّات الصيدليّة المركزيّة والهياكل العموميّة للصحّة.

- اتخاذ جملة من الآليّات والإجراءات الرّامية إلى مزيد حوكمة التصرف في منظومة الأدوية والتكفّل بها.

- إحكام التّنسيق بين وزارة الصحّة والصّندوق الوطني للتأمين على المرض لتطوير شروط وإجراءات التكفّل بالخدمات الصحيّة طبقا للمقاييس المثلى والممارسات الفضلى المعتمدة دوليّا ضمن لجنة فنيّة مشتركة.

- إحداث لجنة موحّدة لتحديد أسعار الأدوية بصفة دوريّة تحت إشراف الوكالة الوطنيّة للدواء ومواد الصحّة بمشاركة الوزارات المعنيّة.

- الإذن بمراجعة شاملة لمنظومة التأمين على المرض بالاستئناس بالدّراسات التّقييميّة المنجزة وآراء ومقترحات الأطراف المتدخّلة في هذه المنظومة.

- تكوين لجنة قيادة تضمّ ممثّلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الصحّة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية ومهنيي الصحّة تعهد لها مهمّة وضع نظام للرفع من جاذبية الهياكل العموميّة للصحّة والتوظيف الأمثل للكفاءات والتّجهيزات الطبيّة وتوفير مقوّمات العمل اللائق للإطارات الطبيّة وشبه الطبيّة بما يضمن تحفيزهم والمحافظة على مرجعيّة القطاع العمومي.

- مزيد تعزيز آليات الحوكمة وتحقيق التحول الرقمي الشامل وتكثيف المراقبة وتحسين نجاعة التصرّف على مستوى الهياكل العموميّة للصحّة.

- الإسراع في عرض مشروع الأمر المتعلق بنظام التبادل الالكتروني للمعطيات بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومسدي الخدمات الصحيّة في القطاعين العمومي والخاص وتوفير كل المتطلّبات لتعميم استعمال بطاقة العلاج الإلكتروني وذلك بعد استكمال توزيعها على المضمونين الاجتماعيين.

اتفاقية وتعزيز لخدمات المستشفيات

من جهتها نشرت وزارة الصحة الاثنين الماضي فحوى زيارة وفد من البنك الدولي  إلى تونس، تتواصل إلى غاية اليوم 8 نوفمبر  الجاري لبحث مشروع تعاون جديد بقيمة 25 مليون دولار، يهدف إلى تعزيز النظام الصحي الوطني، بدعم من الصندوق العالمي للأوبئة، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الصحة.

وقد اتّخذ خلال اجتماع وزير الصحة مصطفى الفرجاني، بوفد البنك الدولي  جملة من قرارات للشروع في تنفيذ مشروع التعاون بداية من سنة 2025.

حيث يرتكز مشروع التعاون الجديد على "ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق أولها بالاستعداد للطوارئ الصحية والأوبئة من خلال دعم قدرات مركز العمليات الإستراتيجية بوزارة الصحة وتحسين مراقبة الأوبئة من خلال نظام حديث لجمع وتحليل المعلومات وتطوير إدارة البيانات الصحية إضافة إلى تحسين حوكمة الموارد البشرية في القطاع الصحي، فيما يتصل الثاني بتعزيز فرق الاستجابة السريعة ودعم قدرات المخابر وإنشاء مخابر مرجعية للتشخيص.

ويركز المحور الثالث من المشروع على تعزيز خدمات المستشفيات والطوارئ وتوسيع أقسام الطوارئ المتنقلة وتوفير سيارات إسعاف مجهزة إضافة إلى إدارة وصيانة المعدات الطبية المتطورة وإنشاء نظام معلوماتي شامل للمستشفيات".

كما يهدف المشروع إلى "تطوير الرعاية الصحية الأساسية عن طريق تنفيذ خطة لإعادة هيكلة الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية وتعزيز برامج الوقاية والكشف المبكر وتحديث مراكز الصحة الأساسية وتعميم الرقمنة لتحسين التنسيق والمتابعة، فضلا عن تجهيز المراكز في المناطق ذات الأولوية بمرافق جاهزة تعمل بالطاقة الشمسية".

م.ي