أثار صدور الكتاب الجديد للكاتبة الجزائرية هادية بنساحلي، الذي يحمل عنوان "الجزائر اليهودية"، جدلاً واسعاً في الجزائر.
فالكتاب الصادر عن دار نشر "فرانز فانون" باللغة الفرنسية، وقد وُضعت مقدمته الكاتبة الفرنسية فاليري زيناتي (تقول مصادر إنها كانت مجندة في الجيش الإسرائيلي)، اعتبر في الجزائر دعاية سياسية ماكرة في خدمة الصهيونية، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون في غزة حرب إبادة صهيونية متواصلة منذ أكثر من عام، وقد توسع العدوان الصهيوني ليشمل لبنان منذ أواخر شهر سبتمبر من العام الجاري دون توقف.
ووجه نقاد جزائريون تهمة صريحة إلى صاحبة الكتاب الجديد بأنها تسعى، من خلال الأسلوب الذي يقوم على سرد بعض الأحداث الهامشية، إلى خلخلة الذاكرة الوطنية الجزائرية وإيهام الجزائريين بوجود عنصر أساسي مكون للشخصية الجزائرية وهو عنصر اليهودية. خاصة أن الكاتبة ذيلت الصفحة الأولى بعنوان ثانٍ "الأنا الآخر الذي بالكاد أعرفه"، وطالبوا باتخاذ إجراءات تحول دون توزيع الكتاب في الجزائر.
والحقيقة أن الكاتبة الجزائرية ليست الأولى التي تخلق مثل هذا الجدل، بل يمكننا القول إن أسهل طريقة للانتشار اليوم في الساحة الأدبية والثقافية الغربية بالنسبة للكتاب العرب أو أصيلي المنطقة العربية هي الرواية التاريخية "الجريئة" وفق وصف النقاد الغربيين، والتي تقدم سردية مختلفة لما تناقله رجالات التاريخ والرواة عن أبرز أحداث التاريخ العربي والإسلامي. وأصبح هذا النوع من السرد الأدبي مغريًا للكثيرين، ومن بينهم من نجح في الانتشار عالميًا بفضل صياغة نصوص تنطلق من التاريخ العربي الإسلامي وتعيد قولبته وترتيبه والتصرف فيه أحيانًا وفق ما يخدم التوجهات الداعية إلى إعادة النظر في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية لأغراض معروفة، من بينها التشكيك والقدح في الصفحات الإيجابية منه.
لكن المثير أكثر في قضية الحال هو التوقيت الذي صدرت فيه الرواية عن دار نشر جزائرية (لقد وقع منع نشر الكتاب في الجزائر وفق مصادر إعلامية جزائرية، كما مُنعت الكاتبة من عقد جلسات توقيع ونقاش). فقد صدرت الرواية في وقت يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى توسيع هيمنته في منطقة الشرق الأوسط، وفي فترة تتم فيها إبادة الشعب الفلسطيني، وفي زمن يحاول فيه الصهاينة -باستعمال القوة- تحقيق حلم تأسيس "إسرائيل الكبرى".
وبما أن توقيت صدور الكتاب يثير الفضول، خاصة مع إصرار الكاتبة على ترويجه والتعريف به في ذروة العدوان على غزة، ومحاولتها –لا نتصور أنها لا تعرف موقف الجزائريين الرافض كليًا للتطبيع مع العدو الصهيوني- تنظيم جلسات لتوقيع الكتاب في الجزائر بالذات، فإنه من حقنا أن نتساءل عن الأسباب. هل إن نشر كتاب يذكر بأن بعض اليهود عاشوا في فترة ما في الجزائر، وهي مسألة عادية حيث التجأ اليهود إلى بلدان شمال إفريقيا، من بينها تونس والجزائر، وتعايشوا مع المسلمين بعد طردهم مع المسلمين من الأندلس (بعد سبعمائة سنة من الحكم العربي الإسلامي)، ضروري اليوم بالذات، وفي وقت تبحث فيه دولة الاحتلال العبرية عن أي تعلة لتبرير محاولاتها التوسعية؟
ألا يسمح نشر الكتاب في هذا التوقيت بالذات بالخروج باستنتاجات تجعلنا نتصور أن الأهداف تتجاوز الجوانب الأدبية والإبداعية، وربما تكون هناك محاولة لاستمالة جهات معينة قصد الانتشار، أو ربما تكون هناك رغبة في تقديم خدمة دعائية إما عن قناعة أو ربما من أجل أهداف ربحية أو غيرها. ثم لماذا تتولى كاتبة فرنسية إسرائيلية تقديم الكتاب؟ أليس في هذا محاولة لاستفزاز القارئ الجزائري في وقت يُقتل فيه الإسرائيليون بدون تردد، ويسفكون دم الفلسطينيين واللبنانيين، وقد لا يقفون عند حدود لبنان وفلسطين، إن وجدوا الإمكانيات والفرصة؟ ثم ما الهدف اليوم من نشر كتاب حول "يهود الجزائر" في زمن تتغول فيه إسرائيل على البلدان العربية وتقتل العرب بدون حساب؟؟؟
حياة السايب
أثار صدور الكتاب الجديد للكاتبة الجزائرية هادية بنساحلي، الذي يحمل عنوان "الجزائر اليهودية"، جدلاً واسعاً في الجزائر.
فالكتاب الصادر عن دار نشر "فرانز فانون" باللغة الفرنسية، وقد وُضعت مقدمته الكاتبة الفرنسية فاليري زيناتي (تقول مصادر إنها كانت مجندة في الجيش الإسرائيلي)، اعتبر في الجزائر دعاية سياسية ماكرة في خدمة الصهيونية، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون في غزة حرب إبادة صهيونية متواصلة منذ أكثر من عام، وقد توسع العدوان الصهيوني ليشمل لبنان منذ أواخر شهر سبتمبر من العام الجاري دون توقف.
ووجه نقاد جزائريون تهمة صريحة إلى صاحبة الكتاب الجديد بأنها تسعى، من خلال الأسلوب الذي يقوم على سرد بعض الأحداث الهامشية، إلى خلخلة الذاكرة الوطنية الجزائرية وإيهام الجزائريين بوجود عنصر أساسي مكون للشخصية الجزائرية وهو عنصر اليهودية. خاصة أن الكاتبة ذيلت الصفحة الأولى بعنوان ثانٍ "الأنا الآخر الذي بالكاد أعرفه"، وطالبوا باتخاذ إجراءات تحول دون توزيع الكتاب في الجزائر.
والحقيقة أن الكاتبة الجزائرية ليست الأولى التي تخلق مثل هذا الجدل، بل يمكننا القول إن أسهل طريقة للانتشار اليوم في الساحة الأدبية والثقافية الغربية بالنسبة للكتاب العرب أو أصيلي المنطقة العربية هي الرواية التاريخية "الجريئة" وفق وصف النقاد الغربيين، والتي تقدم سردية مختلفة لما تناقله رجالات التاريخ والرواة عن أبرز أحداث التاريخ العربي والإسلامي. وأصبح هذا النوع من السرد الأدبي مغريًا للكثيرين، ومن بينهم من نجح في الانتشار عالميًا بفضل صياغة نصوص تنطلق من التاريخ العربي الإسلامي وتعيد قولبته وترتيبه والتصرف فيه أحيانًا وفق ما يخدم التوجهات الداعية إلى إعادة النظر في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية لأغراض معروفة، من بينها التشكيك والقدح في الصفحات الإيجابية منه.
لكن المثير أكثر في قضية الحال هو التوقيت الذي صدرت فيه الرواية عن دار نشر جزائرية (لقد وقع منع نشر الكتاب في الجزائر وفق مصادر إعلامية جزائرية، كما مُنعت الكاتبة من عقد جلسات توقيع ونقاش). فقد صدرت الرواية في وقت يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى توسيع هيمنته في منطقة الشرق الأوسط، وفي فترة تتم فيها إبادة الشعب الفلسطيني، وفي زمن يحاول فيه الصهاينة -باستعمال القوة- تحقيق حلم تأسيس "إسرائيل الكبرى".
وبما أن توقيت صدور الكتاب يثير الفضول، خاصة مع إصرار الكاتبة على ترويجه والتعريف به في ذروة العدوان على غزة، ومحاولتها –لا نتصور أنها لا تعرف موقف الجزائريين الرافض كليًا للتطبيع مع العدو الصهيوني- تنظيم جلسات لتوقيع الكتاب في الجزائر بالذات، فإنه من حقنا أن نتساءل عن الأسباب. هل إن نشر كتاب يذكر بأن بعض اليهود عاشوا في فترة ما في الجزائر، وهي مسألة عادية حيث التجأ اليهود إلى بلدان شمال إفريقيا، من بينها تونس والجزائر، وتعايشوا مع المسلمين بعد طردهم مع المسلمين من الأندلس (بعد سبعمائة سنة من الحكم العربي الإسلامي)، ضروري اليوم بالذات، وفي وقت تبحث فيه دولة الاحتلال العبرية عن أي تعلة لتبرير محاولاتها التوسعية؟
ألا يسمح نشر الكتاب في هذا التوقيت بالذات بالخروج باستنتاجات تجعلنا نتصور أن الأهداف تتجاوز الجوانب الأدبية والإبداعية، وربما تكون هناك محاولة لاستمالة جهات معينة قصد الانتشار، أو ربما تكون هناك رغبة في تقديم خدمة دعائية إما عن قناعة أو ربما من أجل أهداف ربحية أو غيرها. ثم لماذا تتولى كاتبة فرنسية إسرائيلية تقديم الكتاب؟ أليس في هذا محاولة لاستفزاز القارئ الجزائري في وقت يُقتل فيه الإسرائيليون بدون تردد، ويسفكون دم الفلسطينيين واللبنانيين، وقد لا يقفون عند حدود لبنان وفلسطين، إن وجدوا الإمكانيات والفرصة؟ ثم ما الهدف اليوم من نشر كتاب حول "يهود الجزائر" في زمن تتغول فيه إسرائيل على البلدان العربية وتقتل العرب بدون حساب؟؟؟