+ مخطط تنموي واستثماري لكل إقليم من أبرز مميزات المخطط التنموي للفترة المقبلة
تونس- الصباح
تزامنا مع انطلاق مناقشة مشروعي ميزانية الدولة وقانون المالية للسنة المقبلة، وذلك لأول مرة بصفة مشتركة بين الغرفتين البرلمانيتين بعد استكمال انتخاب وتأسيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بدأت ملامح منوال تنمية جديد بصدد التشكل في تونس. وهو من بين أبرز الرهانات التي يعمل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال الفترة المقبلة، يستند على مبادئ العدالة الاجتماعية، خلق الثروة، والإدماج الاجتماعي للفئات الفقيرة والمهمّشة..
وتعمل الحكومة على بلورة توجه جديد للتنمية، قائم على مرجعيات تشريعية جديدة، وتصورات اقتصادية وتنموية تقطع تدريجيا مع المنوال الحالي (قائم على الاقتصاد الريعي) تستند إلى التوزيع العادل للثروات، وتحفيز الاستثمار والتشجيع على المبادرة الحرة، وعلى محركات تنمية محلية وجهوية ووطنية ترتكز أساسا على نواة من الشركات الأهلية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، والاقتصاد الاجتماعي التضامني..
ومن أدوات المنهج التنموي الجديد هي: الدولة باعتبار دورها في تحقيق الاندماج بين مكوناتها والتوزيع العادل للثروة للاستثمار والتنمية بين الجهات والفئات، والشركات الأهلية كمكون من مكونات الاقتصاد الاجتماعي التضامني، والتي ستساهم في خلق الثروة، ومجلس الجهات والأقاليم الذي سيعمل عل تشريك المناطق المهمشة في صنع القرار التنموي والاقتصادي..
ورغم أنه من المبكر الحديث عن تشكل هذا المنوال التنموي المنشود، إلا أنه ومن خلال العودة إلى ملامح مخطط التنمية 2026/2030 وتتبع تصريحات بعض الوزراء في هذا المجال، يمكن القول أن الحكومة تراهن في الفترة المقبلة على وضع تصور جديد للتنمية المحلية والجهوية يستند إلى خارطة الأقاليم الجديدة المعتمدة، بمعنى أن التأسيس لمخطط استثماري وتنموي لكل إقليم وفقا لخصوصياته الاقتصادية..
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن الرهان على تحقيق منوال تنموي جديد قادر على خلق الثروة وحفز التنمية ونمو الاقتصاد، من أبرز المحاور التي تعهد بالعمل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال الفترة المقبلة، وأشار إليها في خطابه الذي ألقاه أمام البرلمان بمناسبة أدائه اليمين الدستورية لعهدة رئاسية جديدة يوم 14 أكتوبر الماضي، وعددها كأولوية..
وقال الرئيس سعيد في هذا الاتجاه أن من الأولويات التي سيعمل عليها هي "فتح طريق أمام العاطلين عن العمل خاصة فئة الشباب والسعي إلى بناء اقتصادي وطني يرتكز على خلق الثروة بخيارات وطنية خالصة تنبع من الشعب"، الذي قال عنه أنه القادر على صياغة منواله الاقتصادي بعيدا عن المفاهيم والمقولات البالية..
ويرى أن وضع منوال اقتصادي جديد يستوجب استنباط حلول جديدة على غرار حل الشركات الأهلية يهدف إلى خلق الثروة بعيدا عن التصورات الليبرالية التي تقوم على قياس نسب النمو دون الأخذ بعين الاعتبار الجانب البشري، وذلك من أجل وضع أطر اقتصاد يخدم الشعب باعتباره صاحب السيادة..
اللافت للنظر أن رئيس الدولة طالما انتقد منوال التنمية المعتمد منذ عقود في تونس وكيف عجز عن تحقيق التنمية الحقيقية في البلاد ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، محملا مسؤولية هذا الفشل إلى من تداولوا على الحكم طيلة العقود الماضية..
توجه تنموي جديد
وبالعودة إلى النقاشات التي انطلقت داخل قبة البرلمان وأيضا بمجلس الجهات والأقاليم، بخصوص مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة، تعرض وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، مؤخرا إلى ملامح هذا التوجه التنموي الجديد.
فقد أعلن خلال حضوره لجلسة انطلاق الدورة النيابية العادية الثانية لمجلس الجهات والأقاليم أن الوزارة تعكف حالياً على إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم بهدف تحقيق التوازن بين مختلف الجهات.
وأوضح عبد الحفيظ، أن النهوض بالاستثمار وتطويره يعد محوراً أساسياً في عمل الوزارة بالتنسيق مع بقية الوزارات، مشيرا إلى استعداد الوزارة وهياكلها للتعاون مع الغرفة الثانية في منهجية إعداد المخطط التنموي الجديد ضمن مسار تشاركي وتفاعل مع التقسيم الإداري الجديد للبلاد.
وكشف أنه تجري، حالياً، إعادة هيكلة مؤسسات الوزارة مع إعادة هيكلة دواوين التنمية في اتجاه مساندة المجالس المحلية ومتابعة المخططات التنمية. وأكد أن تنفيذ البرامج الخصوصية للتنمية يتم باعتماد مؤشرات موضوعية وواقعية، وأن الدولة حريصة على تكريس التوازن ضمن مختلف المخططات والبرامج التنموية..
مخطط لكل إقليم
وفي هذا الصدد، وجبت الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والتخطيط، سبق أن أعلنت أنها شرعت في إعداد المخطط الخماسي للتنمية 2026 -2030 وفق مقاربة تراعي التقسيم الترابي الجديد للبلاد (نظام الأقاليم الخمسة) وذلك من خلال وضع مخطط تنموي لكل إقليم، باعتماد منهجية جديدة تركز على الأهداف النوعية مع الحرص على تناغمها مع أهداف التنمية المستدامة.
وتتقاطع تصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط، مع تصريح لافت أدلى به رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، محمد الكو، في تصريح لراديو "موزاييك"، أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يعمل على وضع منوال تنمية جديد للفترة 2026-2030، يركز على الجهات المحرومة والمناطق المهمشة، في ظل استمرار مشكلات التنمية بشكل عام في كل الجهات.
وقال: "نحن بحاجة إلى ثورة تشريعية، لأن تحقيق التنمية في الجهات مرتبط بوضع تشريعات ملائمة".
يذكر أن من أبرز محاور المخطط التنموي وتوجهاته الكبرى، التقدم في مسار الانتقال الطاقي ومجابهة تأثيرات التغيرات المناخية لاسيما على مستوى الموارد المائية، ومزيد تطوير البنية الأساسية، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ورقمنة الخدمات الإدارية وتبسيطها، وتحرير المبادرة بالإضافة إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية..
ومن أبرز مميزات مشروع مخطط التنمية للخماسية المقبلة، أنه سيخصص محاور وأهداف ومشاريع تنموية خاصة بكل إقليم من الأقاليم الخمسة للجمهورية التونسية.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أصدر بتاريخ 22 سبتمبر 2023 أمرا رئاسيا يقضي بتقسيم البلاد إلى خمسة أقاليم.
وضبط الأمر الرئاسي حدود هذه الأقاليم، حيث ضم الإقليم الأول ولايات بنزرت وباجة وجندوبة والكاف، وضم الإقليم الثاني ولايات تونس وأريانة وبن عروس وزغوان ومنوبة ونابل. أما الإقليم الثالث فضم ولايات سليانة وسوسة والقصرين والقيروان والمنستير والمهدية، والإقليم الرابع ولايات توزر وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة، بينما ضم الإقليم الخامس ولايات تطاوين وقابس وقبلي ومدنين.
منوال تنموي هجين
ومهما يكن من أمر، فإن خبراء الاقتصاد والتنمية ولئن اختلفوا في تقييم المنوال التنموي المعتمد حاليا في تونس، إلا أنهم يتفقون تقريبا على ضرورة تطويره واستبداله تدريجيا بمنوال جديد قادر على خلق الثروة والنمو الاقتصادي مع شرط تحقيق التوازن التنموي بين الجهات وتكريس أسس العدالة الاجتماعية بين جميع الفئات الاجتماعية.
علما أن منوال التنمية الحالي خليط بين مقاربات اقتصادية مختلفة مزجت بين اقتصاد السوق الحر الليبرالي المنفتح على العولمة، والاقتصاد الاشتراكي، والاقتصاد المرتكز على التبادل الحر مع سيطرة الدولة على القطاعات الحيوية، واقتصاد خاص يغلب عليه الطابع الريعي مع نشأة قوية للاقتصاد الموازي.
ويرى البعض أن المنوال الذي انخرطت فيه تونس منذ أواسط الثمانينات مع برنامج الإصلاح الهيكلي تسبب في ارتهان الاقتصاد التونسي للأقطاب الاقتصادية العالمية وللمؤسسات المالية الدولية، وأفرز تفاوتا في نسق التطور الاقتصادي والاجتماعي نتج عنه ضغطا على سوق الشغل وبطالة مرتفعة وتآكلا للطبقة الوسطى..
والملاحظ أن جل الحكومات ما بعد 2011 وعدت بمراجعة منوال التنمية، دون أن تحدد ملامحه ومفهومه وأهدافه وطبيعة الخيارات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي تريد تحقيقها..
رفيق بن عبد الله
+ مخطط تنموي واستثماري لكل إقليم من أبرز مميزات المخطط التنموي للفترة المقبلة
تونس- الصباح
تزامنا مع انطلاق مناقشة مشروعي ميزانية الدولة وقانون المالية للسنة المقبلة، وذلك لأول مرة بصفة مشتركة بين الغرفتين البرلمانيتين بعد استكمال انتخاب وتأسيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بدأت ملامح منوال تنمية جديد بصدد التشكل في تونس. وهو من بين أبرز الرهانات التي يعمل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال الفترة المقبلة، يستند على مبادئ العدالة الاجتماعية، خلق الثروة، والإدماج الاجتماعي للفئات الفقيرة والمهمّشة..
وتعمل الحكومة على بلورة توجه جديد للتنمية، قائم على مرجعيات تشريعية جديدة، وتصورات اقتصادية وتنموية تقطع تدريجيا مع المنوال الحالي (قائم على الاقتصاد الريعي) تستند إلى التوزيع العادل للثروات، وتحفيز الاستثمار والتشجيع على المبادرة الحرة، وعلى محركات تنمية محلية وجهوية ووطنية ترتكز أساسا على نواة من الشركات الأهلية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، والاقتصاد الاجتماعي التضامني..
ومن أدوات المنهج التنموي الجديد هي: الدولة باعتبار دورها في تحقيق الاندماج بين مكوناتها والتوزيع العادل للثروة للاستثمار والتنمية بين الجهات والفئات، والشركات الأهلية كمكون من مكونات الاقتصاد الاجتماعي التضامني، والتي ستساهم في خلق الثروة، ومجلس الجهات والأقاليم الذي سيعمل عل تشريك المناطق المهمشة في صنع القرار التنموي والاقتصادي..
ورغم أنه من المبكر الحديث عن تشكل هذا المنوال التنموي المنشود، إلا أنه ومن خلال العودة إلى ملامح مخطط التنمية 2026/2030 وتتبع تصريحات بعض الوزراء في هذا المجال، يمكن القول أن الحكومة تراهن في الفترة المقبلة على وضع تصور جديد للتنمية المحلية والجهوية يستند إلى خارطة الأقاليم الجديدة المعتمدة، بمعنى أن التأسيس لمخطط استثماري وتنموي لكل إقليم وفقا لخصوصياته الاقتصادية..
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن الرهان على تحقيق منوال تنموي جديد قادر على خلق الثروة وحفز التنمية ونمو الاقتصاد، من أبرز المحاور التي تعهد بالعمل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال الفترة المقبلة، وأشار إليها في خطابه الذي ألقاه أمام البرلمان بمناسبة أدائه اليمين الدستورية لعهدة رئاسية جديدة يوم 14 أكتوبر الماضي، وعددها كأولوية..
وقال الرئيس سعيد في هذا الاتجاه أن من الأولويات التي سيعمل عليها هي "فتح طريق أمام العاطلين عن العمل خاصة فئة الشباب والسعي إلى بناء اقتصادي وطني يرتكز على خلق الثروة بخيارات وطنية خالصة تنبع من الشعب"، الذي قال عنه أنه القادر على صياغة منواله الاقتصادي بعيدا عن المفاهيم والمقولات البالية..
ويرى أن وضع منوال اقتصادي جديد يستوجب استنباط حلول جديدة على غرار حل الشركات الأهلية يهدف إلى خلق الثروة بعيدا عن التصورات الليبرالية التي تقوم على قياس نسب النمو دون الأخذ بعين الاعتبار الجانب البشري، وذلك من أجل وضع أطر اقتصاد يخدم الشعب باعتباره صاحب السيادة..
اللافت للنظر أن رئيس الدولة طالما انتقد منوال التنمية المعتمد منذ عقود في تونس وكيف عجز عن تحقيق التنمية الحقيقية في البلاد ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، محملا مسؤولية هذا الفشل إلى من تداولوا على الحكم طيلة العقود الماضية..
توجه تنموي جديد
وبالعودة إلى النقاشات التي انطلقت داخل قبة البرلمان وأيضا بمجلس الجهات والأقاليم، بخصوص مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة، تعرض وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، مؤخرا إلى ملامح هذا التوجه التنموي الجديد.
فقد أعلن خلال حضوره لجلسة انطلاق الدورة النيابية العادية الثانية لمجلس الجهات والأقاليم أن الوزارة تعكف حالياً على إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم بهدف تحقيق التوازن بين مختلف الجهات.
وأوضح عبد الحفيظ، أن النهوض بالاستثمار وتطويره يعد محوراً أساسياً في عمل الوزارة بالتنسيق مع بقية الوزارات، مشيرا إلى استعداد الوزارة وهياكلها للتعاون مع الغرفة الثانية في منهجية إعداد المخطط التنموي الجديد ضمن مسار تشاركي وتفاعل مع التقسيم الإداري الجديد للبلاد.
وكشف أنه تجري، حالياً، إعادة هيكلة مؤسسات الوزارة مع إعادة هيكلة دواوين التنمية في اتجاه مساندة المجالس المحلية ومتابعة المخططات التنمية. وأكد أن تنفيذ البرامج الخصوصية للتنمية يتم باعتماد مؤشرات موضوعية وواقعية، وأن الدولة حريصة على تكريس التوازن ضمن مختلف المخططات والبرامج التنموية..
مخطط لكل إقليم
وفي هذا الصدد، وجبت الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والتخطيط، سبق أن أعلنت أنها شرعت في إعداد المخطط الخماسي للتنمية 2026 -2030 وفق مقاربة تراعي التقسيم الترابي الجديد للبلاد (نظام الأقاليم الخمسة) وذلك من خلال وضع مخطط تنموي لكل إقليم، باعتماد منهجية جديدة تركز على الأهداف النوعية مع الحرص على تناغمها مع أهداف التنمية المستدامة.
وتتقاطع تصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط، مع تصريح لافت أدلى به رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، محمد الكو، في تصريح لراديو "موزاييك"، أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يعمل على وضع منوال تنمية جديد للفترة 2026-2030، يركز على الجهات المحرومة والمناطق المهمشة، في ظل استمرار مشكلات التنمية بشكل عام في كل الجهات.
وقال: "نحن بحاجة إلى ثورة تشريعية، لأن تحقيق التنمية في الجهات مرتبط بوضع تشريعات ملائمة".
يذكر أن من أبرز محاور المخطط التنموي وتوجهاته الكبرى، التقدم في مسار الانتقال الطاقي ومجابهة تأثيرات التغيرات المناخية لاسيما على مستوى الموارد المائية، ومزيد تطوير البنية الأساسية، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ورقمنة الخدمات الإدارية وتبسيطها، وتحرير المبادرة بالإضافة إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية..
ومن أبرز مميزات مشروع مخطط التنمية للخماسية المقبلة، أنه سيخصص محاور وأهداف ومشاريع تنموية خاصة بكل إقليم من الأقاليم الخمسة للجمهورية التونسية.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أصدر بتاريخ 22 سبتمبر 2023 أمرا رئاسيا يقضي بتقسيم البلاد إلى خمسة أقاليم.
وضبط الأمر الرئاسي حدود هذه الأقاليم، حيث ضم الإقليم الأول ولايات بنزرت وباجة وجندوبة والكاف، وضم الإقليم الثاني ولايات تونس وأريانة وبن عروس وزغوان ومنوبة ونابل. أما الإقليم الثالث فضم ولايات سليانة وسوسة والقصرين والقيروان والمنستير والمهدية، والإقليم الرابع ولايات توزر وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة، بينما ضم الإقليم الخامس ولايات تطاوين وقابس وقبلي ومدنين.
منوال تنموي هجين
ومهما يكن من أمر، فإن خبراء الاقتصاد والتنمية ولئن اختلفوا في تقييم المنوال التنموي المعتمد حاليا في تونس، إلا أنهم يتفقون تقريبا على ضرورة تطويره واستبداله تدريجيا بمنوال جديد قادر على خلق الثروة والنمو الاقتصادي مع شرط تحقيق التوازن التنموي بين الجهات وتكريس أسس العدالة الاجتماعية بين جميع الفئات الاجتماعية.
علما أن منوال التنمية الحالي خليط بين مقاربات اقتصادية مختلفة مزجت بين اقتصاد السوق الحر الليبرالي المنفتح على العولمة، والاقتصاد الاشتراكي، والاقتصاد المرتكز على التبادل الحر مع سيطرة الدولة على القطاعات الحيوية، واقتصاد خاص يغلب عليه الطابع الريعي مع نشأة قوية للاقتصاد الموازي.
ويرى البعض أن المنوال الذي انخرطت فيه تونس منذ أواسط الثمانينات مع برنامج الإصلاح الهيكلي تسبب في ارتهان الاقتصاد التونسي للأقطاب الاقتصادية العالمية وللمؤسسات المالية الدولية، وأفرز تفاوتا في نسق التطور الاقتصادي والاجتماعي نتج عنه ضغطا على سوق الشغل وبطالة مرتفعة وتآكلا للطبقة الوسطى..
والملاحظ أن جل الحكومات ما بعد 2011 وعدت بمراجعة منوال التنمية، دون أن تحدد ملامحه ومفهومه وأهدافه وطبيعة الخيارات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي تريد تحقيقها..